الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيهات
الأول: مؤتة: بضم الميم وسكون الواو وبغير همز لأكثر رواة الصحيح وبه جزم المبرّد، ومنهم من همز وبه جزم ثعلب، والجوهري، وابن فارس، وحكى صاحب الوافي الوجهين. وأما الموتة التي وردت الاستعاذة منها وفسّرت بالجنون فهي بغير همز والأولى قرية من قرى البلقاء وهي كورة من أعمال دمشق.
الثاني: المعروف بين أهل المغازي أن مسيرة مؤتة كانت سنة ثمان لا يختلفون في ذلك إلا ما ذكر خليفة بن خياط- بالخاء المعجمة وتشديد التحتية- في تاريخه أنها سنة سبع.
الثالث: وقع في جامع الترمذي في الاستئذان وفي الأدب في باب ما جاء في إنشاد الشعر أن غزوة مؤتة كانت قبل عمرة القضاء، قال في النور: وهذا غلط لا شك فيه. قلت:
وتقدم بيان ذلك مبسوطا في عمرة القضاء.
الرابع: عقر جعفر رضي اللَّه تعالى عنه فرسه، رواه أبو داود من طريق محمد بن سلمة عن ابن إسحاق قال عن يحيى بن عبّاد عن أبيه عباد بن عبد اللَّه بن الزبير قال حدثني أبي الذي أرضعني فذكره وقال: ليس هذا الحديث بالقوي. وقد جاء نهي كثير من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، [عن تعذيب البهائم وقتلها عبثا] كذا قال أبو داود: إنه ليس بقوي وابن إسحاق حسن الحديث وقد صرح بالتحديث في رواية زياد البكّائي فقال حدثني يحيى بن عبّاد، ويحيى وأبوه ثقتان، وجهالة اسم الصحابي لا تضرّ، ورواه أيضاً عن ابن إسحاق عبد اللَّه بن إدريس الأودي كما في مستدرك الحاكم فسند الحديث قوي. وإنما عقره لئلا يظفر به العدوّ فيتقوى به على قتال المسلمين. واختلف العلماء في الفرس يعقره صاحبه لئلا يظفر به العدو، فرخصّ فيه مالك وكره ذلك الأوزاعي والشافعي، واحتجّ الشافعي
بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل عصفورا فما فوقه بغير حقّه يسأله اللَّه تعالى عن قتله» .
واحتجّ بنهيه صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيوان إلا لمأكلة. قال: وأما أن يعقر الفرس من المشركين فله ذلك لأن ذلك أمر يجد به السبيل إلى قتل من أمر بقتله.
الخامس: في رواية سعيد بن أبي هلال كما في الصحيح عن أبي معشر كما في سنن سعيد بن منصور عن نافع عن ابن عمر أنه أخبره «أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها- أو قال فيها- شيء في دبره» .
وفي رواية عبد الله بن سعيد بن أبي هند الفزاري كما في الصحيح والعمري كما عند
ابن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: «التمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى في جسده بضع وتسعون من طعنة ورمية» . فظهر ذلك التخالف، قال الحافظ: ويجمع بأن العدد قد لا يكون له مفهوم أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام فإن ذلك لم يذكر في الرواية الأولى أو الخمسين مقيّدة بكونها ليس فيها شيء في دبره أي ظهره، فقد يكون الباقي في بقية جسده، ولا يستلزم ذلك أنه ولّي دبره، وإنما هو محمول على أن الرّمي جاءه من جهة قفاه أو جانبيه، ولكن يريد الأول أن في رواية العمري عن نافع: فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده بعد أن ذكر العدد بضعا وتسعين. ووقع في رواية البيهقي في الدلائل بضع وسبعون- بتقديم السين على الموحدة- وأشار أن بضعا وتسعين بتقديم الفوقية على السين أثبت.
السادس: قوله: «فأثابه اللَّه تعالى جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء» . أي عوّضه اللَّه تعالى جناحين عن قطع يديه في تلك الوقعة حيث أخذ اللواء بيمينه فقطعت، ثم أخذه بشماله فقطعت ثم احتضنه فقتل. وروى البيهقي أحد رواة الصحيح عن البخاري أنه قال: يقال لكل ذي ناحتين جناحان، أشار بذلك إلى أن الجناحين ليس على ظاهرهما. وقال السهيلي:
« [ومما ينبغي الوقوف عليه في معنى الجناحين أنهما] ليسا كما يسبق إلى الوهم على مثل جناحي الطائر وريشه، لأن الصورة الآدمية أشرف الصور وأكملها
…
فالمراد بالجناحين صفة ملكيّة وقوة روحانية أعطيها جعفر [كما أعطيتها الملائكة] وقد عبر القرآن عن العضد بالجناح توسعا في قوله تعالى: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى [طه 22] وقال العلماء في أجنحة الملائكة إنها ليست كما يتوهم من أجنحة الطير ولكنها صفات ملكّية لا تفهم إلا بالمعانية. فقد ثبت أن لجبريل ستمائة جناح ولا يعد للطائر ثلاثة أجنحة فضلا عن أكثر من ذلك، وإذا لم يثبت خبر في بيان كيفيتها فيؤمن بها من غير بحث عن حقيقتها» . انتهى.
قال الحافظ: «وهذا الذي جزم به في مقام المنع والذي نقله عن العلماء ليس صريحا في الدلالة على ما ادعاه ولا مانع من الحمل على الظاهر إلا من جهة ما ذكره من المعهود وهو من قياس الغائب على الشاهد وهو ضعيف وكون الصورة البشرية أشرف الصور لا يمنع من حمل الخبر على ظاهره لأن الصورة باقية» ، وقد روى البيهقي في الدلائل من مرسل عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري أن جناحي جعفر من ياقوت وجاء في جناحي جبرئيل أنهما من لؤلؤ، أخرجه ابن مندة في ترجمة ورقة بن نوفل من كتاب المعرفة.
السابع: أكثر الآثار تدل على أن المسلمين هزموا المشركين، وفي بعضها أن خالدا انحاز بالمسلمين، وقد تقدم بيان ذلك. قال الحافظ: ويمكن الجمع بأن يكون المسلمون
هزموا جانبا من المشركين وخشي خالد أن يتكاثر الكفّار عليهم. فقد مرّ أنهم كانوا أكثر من مائتي ألف، فانحاز عنهم حتى رجع بالمسلمين إلى المدينة.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية يمكن الجمع بأن خالدا لما انحاز بالمسلمين بات ثم أصبح وقد غيّر بقيّة العسكر كما تقدم، وتوهم العدوّ أنهم قد جاءهم مدد، حمل عليهم خالد حينئذ فولّوا فلم يتبعهم، ورأى الرجوع بالمسلمين مع الغنيمة الكبرى.
الثامن: إنما ردّ صلى الله عليه وسلم السّلب إلى خالد بعد الأمر الأول بإعطائه للقاتل نوعا من النكير، ودعا له، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة، وكان خالد مجتهدا في صنيعه ذلك، فأمضي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اجتهاده لما رأى في ذلك من المصلحة العامة بعد أن خطّأه في رأيه الأول، ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم عوّض المدديّ من الخمس الذي هو له وأرضى خالدا بالصفح عنه وتسليم الحكم له في السّلب.
التاسع: في بيان غريب ما سبق:
أدنى البلقاء من أرض الشام: أي أقرب.
البلقاء: بفتح الموحدة وسكون اللام وبالقاف وألف تأنيث مقصورة كورة ذات قرى ومزارع من أعمال دمشق.
لهب: بكسر اللام وسكون الهاء وبالموحدة: بطن من الأزد.
تلك بصرى: اسمه: [الحارث بن أبي شمر الغسّاني] .
غرض له: تصدّي له ومنعه من الذهاب.
شرحبيل: بضم الشين المعجمة وفتح الراء وسكون الحاء المهملة وكسر الموحدة: اسم أعجمي لا ينصرف.
الغسّاني: بفتح الغين المعجمة وبالسين المهملة المشددة.
قتل صبرا: أمسك حيّا ثم رمي بشيء حتى مات.
ندب الناس: دعاهم.
الجرف: بضم الجيم والراء كما قال الحازمي وأبو عبيد البكري والقاضي وقال ياقوت وتبعه المجد اللغوي بالضم فالسكون: على ثلاثة أميال من المدينة لجهة الشام.
رواحة: بفتح الراء وتخفيف الواو وبالحاء المهملة.