الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس عشر في سرية الرجيع
كانت في صفر سنة ثلاث. واختلف في سببها وفي عدد رجالها فقال أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه كما في الصحيح وعروة، وابن عقبة كما رواه البيهقي عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث عشرة عيونا إلى مكة ليأتوه بخبر قريش وجزم ابن سعد بأنهم عشرة وسمى منهم سبعة:
1-
عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح.
2-
ومرثد بن أبي مرثد [ (1) ] كنّاز بن [حصين بن يربوع بن طريف الغنوي] .
3-
وعبد اللَّه بن طارق [حليف بني ظفر] .
4-
وخبيب بن عديّ [ (2) ][أحد بني جحجبي بن كلفة بن عمرو بن عوف] .
5-
وزيد بن الدثنة [ (3) ][بن معاوية أخو بني بياضة بن عمرو بن زريق] .
6-
وخالد بن البكير [ (4) ][الليثي] .
7-
ومعتّب بن عبيد ويقال ابن عوف.
وذكرهم محمد بن عمر رحمه اللَّه تعالى ثم قال: «ويقال كانوا عشرة» . انتهى. والظاهر أن الثلاثة كانوا تبعا فلم يحصل الاعتناء بتسميتهم. وذكر ابن إسحاق أنهم كانوا ستة وهم [من ذكرنا] ما عدا معتّب. وذكر ابن عقبة، وابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد وغيرهم، ولفظ محمد بن عمر أحسن سياقا.
[ (1) ](مرثد) بن أبي مرثد الغنوي
…
صحابي وأبوه صحابي واسمه كناز- بنون- ثقيلة وزاي- ابن الحصين وهما ممن شهد بدرا
قال ابن إسحاق: استشهد مرثد في صفر سنة ثلاث في غزاة الرجيع وجاءت عنه رواية عند أحمد بن سنان القطان في مسنده والبغوي والحاكم في مستدركه والطبراني في الأوسط من طريق القاسم بن أبي عبد الرحمن السامي عن مرثد بن أبي مرثد وكان بدريا قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «ان سركم أن تقبل منكم صلاتكم فليؤمكم خياركم»
وفي رواية الطبراني: فليؤمكم علماؤكم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم»
قال ابن عبد البر قال القاسم السامي في حديثه:
حدثني أبو مرثد وهو وهم لأن من يقتل في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يدركه القاسم وإنما هو مرسل قلت: الوهم ممن قال عن القاسم حدثني مرثد وإنما الصواب أنه قال عن مرثد كذا عند جمهور من أخرج الحديث المذكور بالعنعنة واللَّه تعالى أعلم قاله الحافظ في الإصابة 6/ 78.
[ (2) ] خبيب بن عدي بن مالك بن عامر بن مجدعة بن جحجي بن عوف بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي شهد بدرا واستشهد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذكر القيرواني من حلى العلي أن خبيبا لما قتل جعلوا وجهه إلى غير القبلة فوجدوه مستقبل القبلة فأدركوه مرارا ثم عجزوا فتركوه. الإصابة 2/ 103.
[ (3) ] زيد بن الدثنة- بفتح الدال وكسر المثلثة بعدها نون- ابن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي.. شهد بدرا وأحدا وكان في غزوة بئر معونة فأسره المشركون وقتلته قريش بالتنعيم انظر الإصابة 3/ 27.
[ (4) ] خالد بن البكير بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن بكر بن ليث بن عبد مناة الليثي.. حليف بن عدي بن كعب مشهور من السابقين وشهد بدرا وهو أحد الإخوة الإصابة 2/ 86.
قال نقلا عن شيوخه: «مشت بنو لحيان من هذيل، بعد قتل سفيان [بن خالد] بن نبيح الهذلي إلى عضل والقارة، وهما حيّان، فجعلوا لهم فرائض أن يقدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيكلّموه فيخرج إليهم نفرا من أصحابه يدعونهم إلى الإسلام. قالوا: فنقتل من أردنا ونسير بهم إلى قريش بمكة، فنصيب بهم ثمنا، فإنه ليس شيء أحب إليهم من أن يؤتوا بأحد من أصحاب محمد يمثلون به ويقتلونه بمن قتل منهم ببدر. فقدم سبعة نفر من عضل والقارة [وهما حيّان إلى خزيمة] مقرّين بالإسلام. فقالوا:(يا رسول اللَّه، إن فينا إسلاما فاشيا، فابعث معنا نفرا من أصحابك يقرئوننا القرآن ويفقّهوننا في الإسلام) . فبعث معهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبعة نفر، وأمّر عليهم مرثد بن أبي مرثد، ويقال عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح. قلت وهو الصحيح، فقد رواه البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه. فخرجوا مع القوم حتى إذا كانوا بالهدّة- وفي رواية بالهدأة بين عسفان ومكة.
قال أبو هريرة وعروة وابن عقبة: فغدروا بهم فنفروا لهم، وفي لفظ، فاستصرخوا عليهم قريبا من مائة رام، وفي رواية في الصحيح في الجهاد:«فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل» .
والجمع واضح بأن تكون المائة الأخرى غير رماة. وذكر أبو معشر في مغازيه أن الصحابة رضي اللَّه تعالى عنهم نزلوا بالرجيع سحرا، فأكلوا تمر عجوة فسقط نواة في الأرض وكانوا يسيرون بالليل ويكمنون النهار. فجاءت امرأة من هذيل ترعى غنما فرأت النّويّ فأنكرت صغرهن، وقالت هذا تمر يثرب، فصاحت في قومها: «قد أتيتم، فاقتصوا آثارهم حتى نزلوا منزلا فوجدوا فيه نوى تمر تزوّدوه من المدينة فجاءوا في طلبهم فوجدوهم قد ركنوا في الجبل، انتهى. فلم يرع القوم إلا بالرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم. فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، وفي لفظ قردد، بواد يقال له غران.
وجاء القوم فأحاطوا بهم فقالوا: «لكم العهد والميثاق أن نزلتم إلينا ألّا نقتل منكم رجلا، إنّا واللَّه لا نريد قتلكم، إنما نريد أن نصيب منكم شيئا من أهل مكة» . فقال عاصم: «أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم إني أحمي لك اليوم دينك فاحم لحمي، اللهم أخبر عنا رسولك» .
قال إبراهيم بن سعد كما رواه أبو داود الطيالسي: «فاستجاب اللَّه تعالى لعاصم فأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خبره وخبر أصحابه بذلك يوم أصيبوا» . وفي حديث أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه كما في الصحيح: [ (1) ] وأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أصيبوا خبرهم، فقاتلوهم فرموهم حتى قتلوا عاصما في سبعة [في نفر النّبل] . وبقي خبيب، وزيد، وعبد اللَّه بن طارق كما عند ابن
[ (1) ] أخرجه البخاري 7/ 437 (4086) .
إسحاق. قال ابن إسحاق وغيره: «فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد [بن شهيد] ، وأسلمت بعد ذلك، وكانت قد نذرت حين قتل ابنيها مسافع والجلاس ابني طلحة بن أبي طلحة العبدري، وكان عاصم قتلهما يوم أحد، لئن قدرت على رأس عاصم لتشربنّ الخمر في قحفه، وجعلت لمن جاء به مائة ناقة، فمنعته الدّبر. وفي حديث أبي هريرة في الصحيح: «وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده يعرفونه، وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر» ، قال الحافظ:«لعله عقبة بن أبي معيط فإن عاصما قتله صبرا بإذن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، بعد أن انصرفوا من بدر، وكأن قريشا لم تشعر بما جرى لهذيل من منع الدّبر لها من أخذ رأس عاصم، فأرسلت من يأخذه أو عرفوا بذلك ورجوا أن تكون الدّبر تركته فيتمكنوا من أخذه» . انتهى.
فبعث اللَّه عليه مثل الظلة من الدّبر يطير في وجوههم ويلدغهم فحمته من رسلهم فلم يقدروا منه على شيء. انتهى. فلما حالت بينهم وبينه، قالوا دعوه حتى يمسي فتذهب عنه فنأخذه، فبعث اللَّه تبارك وتعالى الوادي فاحتمله فذهب به. وكان عاصم رضي اللَّه تعالى عنه قد أعطى اللَّه عهدا ألّا يمس مشركا ولا يمسّه مشرك، فبرّ اللَّه عز وجل قسمه، فلم يروه ولا وصلوا منه إلى شيء.
وكان عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه يقول حين بلغه خبره: «يحفظ اللَّه تبارك وتعالى العبد المؤمن بعد وفاته كما يحفظه في حياته» . وصعد خبيب وزيد، وعبد اللَّه الجبل، فلم يقدروا عليهم حتى أعطوهم العهد والميثاق، فنزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال عبد اللَّه بن طارق:«هذا أول الغدر واللَّه لا أصحبكم إن لي بهؤلاء القتلى أسوة» فجرّروه وعالجوه على أن يصحبهم فلم يفعل فقتلوه، كذا في الصحيح [ (1) ] .
وعند ابن إسحاق. وأما زيد بن الدّثنة وخبيب بن عديّ وعبد اللَّه بن طارق فلانوا ورقّوا ورغبوا في الحياة فأعطوا بأيديهم فأسروهم ثم خرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها حتى إذا كانوا بالظّهران انتزع عبد اللَّه بن طارق يده من القران، ثم أخذ سيفه واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه فقبروه بالظّهران، وانطلقوا بزيد وخبيب فباعوهما بمكة، قال والذي باعهما زهير، وجامع الهذليّان. قال ابن هشام باعوهما بأسيرين من هذيل [كانا بمكة] وقال محمد بن عمر: بيع الأول بمثقال ذهبا ويقال بخمسين فريضة، وبيع الثاني بخمسين فريضة ويقال اشترك فيه ناس من قريش ودخلوا بهما في شهر حرام في ذي القعدة فحبسوهما حتى خرجت الأشهر الحرم.
[ (1) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق.