الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: قلت: نحلّ منها حيث شئنا ولا يجني على امرئ إلا نفسه؟ فبسط إليّ يده وقال:
«ذلك لك، تحلّ حيث شئت ولا يجزي عنك إلا نفسك» . قال: فانصرفنا عنه. فقال: «ها إن ذين ها إن ذين، مرّتين، من أتقى الناس في الأولى والآخرة» . فقال له كعب بن الخداريّة، أحد بني بكر بن كلاب: من هم يا رسول الله؟ قال: «بنو المنتفق أهل ذلك منهم» . قال: فانصرفنا وأقبلت عليه فقلت: يا رسول الله، هل لأحد ممّن مضى من خير في جاهليتهم؟ فقال رجل من عرض قريش: والله إن أباك المنتفق لفي النار، قال: فلكأنّه وقع حرّ بين جلدة وجهي ولحمه مما قال لأبي، على رؤوس الناس، فهممت أن أقول وأبوك يا رسول الله، ثم إذا الأخرى أجمل، فقلت: يا رسول الله وأهلك. قال: «وأهلي لعمر الله حيث ما أتيت على قبر عامري أن قرشي أو دوسيّ قل أرسلني إليك محمد فأبشر بما يسؤك تجرّ على وجهك وبطنك في النار» .
قال: قلت: يا رسول الله وما فعل بهم ذلك؟ وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه وكانوا يحسبون أنهم مصلحون. قال صلى الله عليه وسلم: «ذلك بأن الله تعالى بعث في آخر كل سبع أمم نبيا، فمن عصى نبيّه كان من الضالّين ومن أطاع نبيّه كان من المهتدين» .
رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند، والطبراني. وقال الحافظ أبو الحسن الهيثمي رحمه الله تعالى: أسنادها متصلة ورجالها ثقات. وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط. وقال في زاد المعاد: «هذا حديث كبير جليل تنادى جلالته وفخامته وعظمته على أنه خرج من مشكاة النّبوّة، رواه أئمة السّنّة في كتبهم وتلقوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه ولا في أحد من رواته» . وسرد [ابن القيّم] من رواه من الأئمة، منهم البيهقي في كتاب البعث.
تنبيهات
الأول: قال في زاد المعاد: «
قوله عليه الصلاة والسلام: «فيظلّ يضحك» ،
هذا من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا يشبهه فيها شيء من مخلوقاته كصفات ذاته، وقد وردت هذه القصة في أحاديث كثيرة لا سبيل إلى ردّها، كما لا سبيل إلى تشبيهها وتحريفها وكذلك
قوله: «فأصبح ربّك يطوف في الأرض» ،
هو من صفات أفعاله كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر 22]، وقوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ [الأنعام 158] . وينزل ربّنا كل ليلة إلى السماء الدنيا [ويدنو عشيّة عرفة فيباهي بأهل الموقف الملائكة] ، والكلام في الجميع صراط واحد مستقيم، إثبات بلا تمثيل وتشبيه، وتنزيه بلا تحريف وتعطيل.
الثاني:
قوله: «ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات والملائكة الذين مع ربّك» ،
قال في زاد المعاد: لا أعلم موت الملائكة جاء في حديث صريح إلا في هذا الحديث، وحديث إسماعيل بن رافع الطويل وهو حديث الصّور، وقد يستدلّ عليه بقوله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ [الزمر 68] .
الثالث:
قوله: «فلعمر إلهك» ،
هو قسم بحياة الله تعالى، وفيه دليل على جواز الإقسام بصفاته، وانعقاد اليمين بها وأنها قديمة وإنه يطلق عليه منها أسماء المصادر، ويوصف بها، وذلك قدر زائد على مجرّد الأسماء وأن الأسماء الحسنى مشتقّة من هذه المصادر دالة عليها.
الرابع: في بيان غريب ما سبق:
لقيط: بلام مفتوحة فقاف مكسورة فتحتية ساكنة فطاء مهملة.
نهيك: بفتح النون وكسر الهاء وسكون التحتية وكاف.
السقط من القول بسين مهملة فقاف مفتوحتين فطاء مهملة: رديئة.
ضنّ ربّك: بضاد معجمة فنون مفتوحتين أي لم يطّلع غيره عليها.
يشرف عليكم: بتحتية مضمومة فشين معجمة ساكنة فراء مكسورة ففاء.
آزلين: بهمزة مفتوحة فزاي مكسورة فلام فتحتية ساكنة فنون، من الأزل الشّدة والضيق.
مشفقين: بميم مضمومة فشين معجمة ساكنة ففاء مكسورة فقاف فتحتية ساكنة فنون، أي خائفين من الإشفاق وهو الخوف.
إن غوثكم قريب: بغين معجمة مفتوحة فواو ساكنة فثاء مثلثة: أي إعانتكم.
خثعم: بخاء معجمة مفتوحة فمثلثة ساكنة فعين مهملة مفتوحة فميم.
تهضب: بمثناة فوقية مفتوحة فهاء ساكنة فضاد معجمة مكسورة فموحدة: مطرت.
تخلفه من قبل رأسه: بفتح المثناة الفوقية وسكون الخاء المعجمة فلام مضمومة ففاء، أي تبقى بعده، من الخلف بالتحريك والسكون وهو كل من يجيء بعد من مضى إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشّر.
مهيم: بميم مفتوحة فهاء ساكنة فتحتية مفتوحة فميم، كلمة يمانية معناها ما الأمر وما الشأن؟.
أنبئك: بهمزة مضمومة فنون ساكنة فموحدة فهمزة: أخبرك.
آلاء الله: بألف فهمزة فلام مفتوحتين فهمزة أي نعمه.
مذرة: بميم مفتوحة فذال معجمة مكسورة فراء فتاء تأنيث، أي فاسدة بالية.
شربة واحدة: قال القتيبي: إن كان بالسكون فإنه أراد أن الماء قد كثر فمن حيث أردت أن تشرب شربت.
الأصواء: بالهمزة المفتوحة والصاد المهملة: القبور.
لا تضامّون في رؤيتهما: بفتح المثناة الفوقية والضاد المعجمة فألف فميم فواو فنون.
صفحاتكم: جمع صفحة وهي أحد جانبي الوجه، وهي بصاد مهملة ففاء فحاء مهملة مفتوحات جمع صفحة.
ينضخ: بتحتية مفتوحة فنون ساكنة فضاد معجمة فخاء معجمة: أي يرش قليلا من الماء.
الرّيطة: براء مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فطاء مهملة فتاء تأنيث: كل ملاءة ليست بلفقين وقيل: كل ثوب رقيق ليّن.
الحميم الأسود: دخان أسود.
الجسر: الصّراط.
حسّ: بحاء مكسورة فسين مشددة مهملتين: كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مضّه وأحرقه غفلة كالجمرة والضّربة ونحوهما.
فيقول ربّك عز وجل: أو إنه: [أي وإنّه كذلك أو إنه على ما تقول وقيل إن بمعنى نعم والهاء للوقف] .