الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغدروا بهم. قال ابن إسحاق: «إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النّجار فإنهم تركوه وبه رمق فارتثّ من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا» .
وقال محمد بن عمر: وبقي المنذر بن عمرو فقالوا له: إن شئت آمنّاك. فقال: لن أعطي بيدي ولن أقبل لكم أمانا حتى آتي مقتل حرام [ثم برئ مني جواركم، فآمنوه حتى أتى مصرع حرام] ثم برئوا إليه من جوارهم. ثم قاتلهم حتى قتل. فذلك قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «أعنق ليموت» . وأقبل المنذر بن محمد بن عقبة كما ذكره ابن إسحاق وغيره. وقال ابن عمر:
الحارث ابن الصّمّة، وعمرو بن أمية بالسّرح، وقد ارتابا بعكوف الطير على منزلهم [أو قريب من منزلهم] فجعلا يقولان: قتل واللَّه أصحابنا فأوفيا على نشز من الأرض، فإذا أصحابهما مقتولون وإذا الخيل واقفة. فقال المنذر بن محمد بن عقبة أو الحارث بن الصّمّة [لعمرو بن أمية] :«ما ترى؟» قال: «أرى أن نلحق برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر» . فقال الآخر: «ما كنت لأتأخر عن موطن قتل فيه المنذر، ما كنت لتخبرني عنه الرجال» . فأقبلا فلقيا القوم فقاتلهم الحارث حتى قتل منهم اثنين، ثم أخذوه فأسروه وأسروا عمرو بن أمية. وقالوا للحارث:«ما تحب أن نصنع بك؟ فإنا لا نحب قتلك» . قال: «أبلغوني مصرع المنذر بن عمرو، وحرام بن ملحان ثم برئت مني ذمتكم» . قالوا: «نفعل» . فبلغوا به ثم أرسلوه فقاتلهم فقتل منهم اثنين، ثم قتل، وما قتلوه حتى شرعوا له الرماح فنظموه فيها. وأخبرهم عمرو بن أمية وهو أسير في أيديهم إنه من مضر ولم يقاتل، فقال عامر بن الطفيل:«أنه قد كان على أمّي نسمة فأنت حرّ عنها» .
وجزّ ناصيته.
ذكر مقتل عامر بن فهيرة وما وقع في ذلك من الآيات
روى البخاري من طريق هشام بن عروة قال أخبرني أبي قال: «لما قتل الذين قتلوا ببئر معونة وأسر عمرو بن أمية، قال عامر بن الطفيل لعمرو من هذا؟ وأشار إلى قتيل فقال هذا عامر بن فهيرة فقال: لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ثم وضع» .
وروى محمد بن عمر عن أبي الأسود عن عروة أن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية:
هل تعرف أصحابك؟ قال: نعم، قال فطاف في القتلى وجعل يسأله عن أنسابهم. فقال: هل تفقد منهم أحدا؟ قال: أفقد مولى لأبي بكر يقال له عامر بن فهيرة فقال: كيف كان فيكم؟
قال: قلت: كان من أفضلنا ومن أول أصحاب نبينا فقال: ألا أخبرك خبره؟ وأشار إلى رجل فقال هذا طعنه برمحه ثم انتزع رمحه فذهب بالرجل علوا في السماء حتى ما أراه. وكان الذي طعنه رجل من بني كلاب يقال له جبّار بن سلمى وأسلم بعد ذلك. وذكر أبو عمر في الاستيعاب
في ترجمة عامر بن فهيرة أن عامر بن الطفيل قتله، مع ذكره في ترجمة جبّار أنه هو الذي قتل ابن فهيرة واللَّه أعلم.
وروى البيهقي عنه أنه قال لما طعنته: فزت ورب الكعبة، قلت في قلبي: ما معنى قوله:
«فزت» ، أليس قد قتلته؟ قال: فأتيت الضحّاك بن سفيان الكلابي، فأخبرته بما كان وسألته عن قوله فزت، فقال بالجنة. فقلت ففاز لعمر اللَّه. قال وعرض عليّ الإسلام فأسلمت ودعاني إلى الإسلام ما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة من رفعه إلى السماء علوا. وكتب الضحّاك بن سفيان إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخبره بإسلامي وما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
«إن الملائكة وارت جثته وأنزل علّيّين»
[ (1) ] قال البيهقي رحمه اللَّه تعالى: يحتمل أنه رفع ثم وضع ثم فقد بعد ذلك، ليجتمع مع رواية البخاري السابقة عن عروة، فإن فيها ثم وضع، فقد رويناه في مغازي موسى بن عقبة في هذه القصة. قال فقال عروة لم يوجد جسد عامر، يروون أن الملائكة وارته. ثم رواه البيهقي عن عائشة موصولا بلفظ (لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى أني لا نظر إلى السماء بينه وبين الأرض) [ (2) ] ولم يذكر فيها ثم وضع. قال الشيخ رحمه اللَّه تعالى: فقويت الطرق وتعددت لمواراته في السماء.
وقال ابن سعد: أخبرنا الواقدي حدثني محمد بن عبد اللَّه عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنهم: قالت: «رفع عامر بن فهيرة إلى السماء ثم لم توجد جثته يروون أن الملائكة وارته ورواه ابن المبارك عن يونس عن ابن شهاب الزهري عن عروة.
ذكر إعلام اللَّه تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بخبر أصحابه وما نزل في ذلك من القرآن ووجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليهم.
روى الشيخان والإمام أحمد والبيهقي عن أنس، والبيهقي عن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنهم، والبخاري عن عروة أن ناسا جاءوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجالا يعلّمونا القرآن والسنة. فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لها القراء، فتعرضوا لهم وقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان. قالوا:«اللهم بلغ عنا نبينا- وفي لفظ إخواننا- إنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا» فأخبرنا جبرئيل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذلك فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فحمد اللَّه وأثنى عليه فقال: «إن إخوانكم قد لقوا المشركين واقتطعوهم فلم يبق منهم أحد، وإنهم قالوا: ربنا بلغ قومنا إنا قد رضينا ورضي عنا وأنا رسولهم إليكم إنهم قد رضوا ورضي عنهم» .
قال أنس: فكنا نقرأ أن بلّغوا قومنا عنا أن قد لقينا ربّنا فرضي عنا وأرضانا ثم نسخ بعد،
[ (1) ] أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 1/ 37.
[ (2) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق من كتاب المغازي باب غزوة الرجيع.