الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني في أي وقت كان يبعث سراياه ووداعه بعضهم ومشيه مع بعضهم وهو راكب إلى خارج المدينة ووصيته صلى الله عليه وسلم لأمراء السرايا وفيه أنواع:
الأول: في أي وقت كان يبعث سراياه،
عن صخر- بصاد مهملة فخاء معجمة- ابن وداعة- بفتح الواو والدال المهملة- الغامدي- بغين معجمة فألف فميم مكسورة فدال مهملة فياء نسب- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها»
[ (1) ] . قال:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية بعثها أول النهار، وكان صخر رجلا تاجرا وكان لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار فكثر ماله حتى لا يدرى أين يضع ماله. رواه الإمام أحمد والثلاثة وحسّنة الترمذي.
وعن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية أغزاها أول النهار وقال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» . رواه الطبراني.
الثاني: في وداعه صلى الله عليه وسلم بعض سراياه.
روى الإمام أحمد عن البراء بن عازب، والإمام أحمد وأبو يعلى بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى مع الذين وجهّهم لقتل كعب بن الأشرف إلى بقيع الغرقد. ثم وجههم وقال:«انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم» [ (2) ] ثم رجع.
البقيع بفتح الموحدة وكسر القاف وسكون التحتية وبالعين المهملة والغرقد بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح القاف وبالدال المهملة. من شجر العضاة أو العوسج أو العظام منه.
وعن عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شيّع جيشا فبلغ عقبة الوداع قال: «أستودع الله تعالى دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم» [ (3) ] الحديث رواه ابن أبي شيبة رحمه الله.
الثالث: في مشيه صلى الله عليه وسلم مع بعض أمراء سراياه، وذلك البعض راكب.
عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن خرج معه يوصيه، ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت ظل راحلته، فلما فرغ قال: «يا معاذ إنّك عسى ألّا تلقاني بعد
[ (1) ] أخرجه الترمذي (1212) وأبو داود (2606) وابن ماجة (236) وأخرجه أحمد في المسند 3/ 416- 417 والطبراني في الكبير 8/ 28، 10/ 257.
[ (2) ] أخرجه أحمد في المسند 1/ 66 حاكم 2/ 9 والطبراني في الكبير 11/ 221 وانظر البداية والنهاية 4/ 7.
[ (3) ] أخرجه أبو داود (2601) والحاكم 2/ 97 وذكره ابن حجر في المطالب (3194) والمتقي الهندي في الكنز (18136) .
عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري» فبكى معاذ رضي الله عنه جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث [ (1) ] ، رواه الإمام أحمد وأبو يعلى برجال ثقات
وسيأتي بتمامه في موضعه من السرايا والبعوث.
جشعا بفتح الجيم وكسر الشين المعجمة وبالعين المهملة أي جزعا لفراقه صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن عساكر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى معه ميلا ومعاذ راكب لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك.
النوع الرابع: في وصيته صلى الله عليه وسلم لأمراء السراياء.
عن بريدة بالموحدة والتصغير رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصّته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال: «اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدروا [ولا تمثلوا] ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم وادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم، أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المؤمنين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، فإن هم أبوا فاستعن عليهم بالله وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمة نبيه. ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم وإن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمّة الله وذمّة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا. ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم» [ (2) ] رواه مسلم وأبو داود والترمذي واللفظ لمسلم ورواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه
[ (1) ] أخرجه أحمد في المسند 5/ 235 والبيهقي في السنن 9/ 86 والبيهقي في الدلائل 5/ 404 وابن حبان (2504) وذكره الهيثمي في المجمع 3/ 36.
[ (2) ] أخرجه مسلم في كتاب الجهاد (3) وأبو داود (2613) وابن ماجة (2858) والترمذي (1408) وأحمد في المسند 4/ 240 والبيهقي في السنن 9/ 49 والحاكم في المستدرك 4/ 541 وعبد الرزاق (9428) وابن أبي شيبة في المصنف 12/ 362.
قال: «اخرجوا باسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلّوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الوالدين ولا أصحاب الصوامع» . [ (1) ] رواه ابن أبي شيبة والإمام أحمد وأبو يعلى.
وعن عبد الرحمن بن عائذ- رحمه الله تعالى- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا قال: «تألّفوا الناس وتأتّوهم ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم إلى الإسلام فما على الأرض من أهل بيت مدر ولا وبر إلا تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تقتلوا رجالهم وتأتوني بنسائهم» [ (2) ] . رواه مسدّد والحارث بن أبي أسامة مرسلا.
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وجها، ثم قال لرجل الحقه ولا تدعه من خلفه فقل له: أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تنتظره وقل له: «لا تقاتل قوما حتى تدعوهم» [ (3) ] . رواه إسحاق بن راهويه بسند فيه انقطاع.
وعن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال: «بشّروا ولا تنفّروا ويسّروا ولا تعسّروا» [ (4) ] رواه مسلم.
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا قال: «انطلقوا باسم الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة، ولا تغلّوا، وضمّوا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحبّ المحسنين» [ (5) ] رواه أبو داود والترمذي.
وعن ابن عصام المزني- بالزاي والنون- رضي الله عنه عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشا أو سرية يقول: «إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا» [ (6) ] . رواه أبو داود والترمذي.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل معاذا وأبا موسى فقال: «تشاورا وتطاوعا ويسّرا ولا تعسّرا وبشّرا ولا تنفّرا» [ (7) ] رواه البزار.
[ (1) ] أخرجه أبو يعلى في المسند 4/ 423 (222- 2549) وأحمد في المسند 1/ 300 والبيهقي 9/ 90 والبزار (1677) والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 220 وذكره الهيثمي في المجمع 5/ 316 وعزاه لأحمد وأبي يعلى والبزار والطبراني في الكبير والأوسط وقال: وفي رجال البزار وإبراهيم بن إسماعيل بن حبيبة وثقه أحمد وضعفه الجمهور.
[ (2) ] ذكره ابن حجر في المطالب (1962- 1963) .
[ (3) ] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 12/ 363 والبخاري في التاريخ 3/ 377 وذكره في المجمع 5/ 305.
[ (4) ] أخرجه البخاري 1/ 27 ومسلم في كتاب الجهاد (6) وأبو داود (4835) وأحمد في المسند 4/ 399.
[ (5) ] أخرجه أبو داود (2614) والبيهقي في السنن 9/ 60 وعبد الرزاق (9430) .
[ (6) ] أخرجه أبو داود (2635) والترمذي (1549) وأحمد في المسند 3/ 448 وذكره الهيثمي في المجمع 6/ 210.
[ (7) ] ذكره الهيثمي في المجمع 5/ 260 وعزاه للبزار وقال: وفيه عمرو بن أبي خليفة العبدي ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح، والحديث في مسلم بنحوه.