الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس والتسعون في وفود واثلة بن الأسقع إليه صلى الله عليه وسلم
روى ابن جرير عن واثلة بن الأسقع رضي الله تعالى عنه قال: خرجت من أهلي أريد الإسلام فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فوقفت في آخر الصفوف وصلّيت بصلاتهم. فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة انتهى إليّ وأنا في آخر الصلاة. فقال: «ما حاجتك؟» قلت: الإسلام. قال: «هو خير لك» ثم قال: «وتهاجر» قلت: نعم. قال: «هجرة البادي أو هجرة الباني؟» قلت: أيهما خير. قال: «هجرة الباني أن يثبت مع النبي وهجرة البادي أن يرجع إلى باديته» . وقال: «عليك بالطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك» قلت:
نعم، فقدّم يده وقدّمت يدي. فلما رآني لا أستثني لنفسي شيئا، قال:«فما استطعت» . فقلت:
فيما استطعت فضرب على يدي [ (1) ] .
الباب السابع والتسعون في وفود الجن إليه صلى الله عليه وسلم
قال الحافظ أبو نعيم رحمه الله تعالى: كان إسلام الجنّ ووفادتهم على النبي صلى الله عليه وسلم كوفادة الإنس فوجا بعد فوج وقبيلة بعد قبيلة بمكة وبعد الهجرة. وروى أبو نعيم من طريق عمرو بن غيلان الثّقفي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: إن أهل الصّفّة أخذ كل رجل منهم رجلا وتركت فأخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى إلى حجرة أم سلمة، ثم انطلق بي حتى أتينا بقيع الغرقد، فخطّ بعصاه خطّا ثم قال:«اجلس فيها ولا تبرح حتى آتيك» . ثم انطلق يمشي وأنا أنظر إليه من خلال الشّجر، حتى إذا كان من حيث أراه ثارت مثل العجاجة السوداء، فقلت: ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أظن هذه هوازن مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه فأسعى إلى البيوت فأستغيث بالناس،
فذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني ألا أبرح مكاني الذي أنا فيه. فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعهم بعصاه ويقول: «اجلسوا» . فجلسوا حتى كاد ينشقّ عمود الصّبح ثم ثاروا وذهبوا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أولئك وفد الجنّ سألوني المتاع والزاد فمتّعهم بكل عظم حائل وروثة وبعرة فلا يجدون عظما إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يومن أكل ولا روثة إلّا وجدوا عليها حبّها الذي كان يوم أكلت» [ (2) ] .
[ (1) ] ذكره الهيثمي في المجمع 5/ 255 وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
[ (2) ] انظر نصب الراية 1/ 145 تفسير ابن كثير 7/ 282.
قصة أخرى:
روى أبو نعيم عن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قال: «أيّكم يتبعني إلى وفد الجنّ الليلة؟» فخرجت معه حتى خنست عنا جبال المدينة كلها وأفضينا إلى أرض فإذا رجال طوال كأنهم الرماح مستثفرين ثيابهم من بين أرجلهم. فلما رأيتهم غشيتني رعدة شديدة حتى ما تحملني رجلاي من الفرق، فلما دنونا منهم خطّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبهام رجله خطّا.
فقال: «اقعد في وسطه» فلما جلست ذهب عني كل شيء كنت أجده من ريبة، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينهم، فتلا قرآنا وبقوا حتى طلع الفجر ثم أقبل. فقال:«الحقني» .
فمشيت معه فمضينا غير بعيد فقال لي: «التفت وانظر هل ترى حيث كان أولئك من أحد؟» فخفض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأرض عظما وروثة ثم رمى بهما وقال: «إنهم سألوا الزاد فقلت لهم لكم كل عظيم وروثة» [ (1) ] .
قصة أخرى: روى الإمام أحمد والترمذي ومسلم عن علقمة قال: قلت لابن مسعود رضي الله تعالى عنه: هل صحب النبي صلى الله عليه وسلم من أحد ليلة الجنّ؟ قلت: ما صحبه منا أحد ولكن فقدناه ذات ليلة فالتمسناه في الأودية وفي الشّعاب فقلنا: اغتيل؟ استطير؟ ما فعل؟ فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم. فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء.
فقلنا: يا رسول الله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم، فقال:«إنه أتاني داعي الجنّ فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن. قال: فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وسألوه الزّاد فقال: «لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما وكل بعرة أو روثة علف لدوابّكم» ، قال:«فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم من الجنّ»
وقال الشعبي رحمه الله تعالى: وكانوا من جن الجزيرة.
وفي رواية ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بت الليلة أقرأ على الجنّ واقفا بالحجون»
[ (2) ] . وقوله أنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم أصحّ مما
رواه ابن جرير على الزهري قال: أخبرنا أبو عثمان بن سنّة- بفتح المهملة وتشديد النون- الخزاعي أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه وهو بمكة: «من أحبّ منكم أن يحضر الليلة أثر الجنّ فليفعل» .
فلم يحضر معهم أحد غيري. قال: فانطلقنا فإذا كنا بأعلى مكة خطّ لي برجله خطّأ ثم أمرني أن أجلس فيه، ثم انطلق حتى إذا قام فافتتح القرآن
[ (1) ] ذكره الهيثمي في المجمع 1/ 215 وقال: رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن ليس فيه غير بقية وقد صرح بالتحديث.
[ (2) ] أخرجه الطبري في التفسير 26/ 21 وأحمد في المسند 1/ 416 وذكره ابن كثير في التفسير 7/ 275.