الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني والستون في وفود بني عامر بن صعصعة إليه صلى الله عليه وسلم وقصة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس
.
روى ابن المنذر، وابن حاتم، وأبو نعيم، وابن مردويه، والبيهقي عن موله بن [كثيف] ابن حمل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، والحاكم عن سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه، وأبو نعيم عن عروة، والبيهقي عن ابن إسحاق.
قال ابن إسحاق: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر، فيهم عامر بن الطفيل، وأربد ابن قيس، وجبّار بن سلمى، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم [فقدم عامر بن الطفيل عدوّ الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد الغدر به]- قلت وجبّار بن سلمى هذا هو قاتل عامر بن فهيرة ببئر معونة وأسلم مع من أسلم من بني عامر والله أعلم- وقد قال لعامر بن الطّفيل قومه:
يا عامر إن الناس قد أسلموا فأسلم. قال: والله لقد كنت آليت ألا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأتبع عقب هذا الفتى من قريش؟ ثم قال الأربد: إذا قدمنا على الرجل فسأشغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسّيف.
وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فإن الناس إذا قتلت محمدا لم تزد على أن تلتزم بالدّية وتكره الحرب فسنعطيهم الدية، قال أربد: افعل. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: وانتهى إليه عامر وأربد، فجلسا بين يديه.
قال ابن إسحاق.
قال عامر بن الطفيل: يا محمد خالني. قال: «لا والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له»
قال: يا محمد خالّني، وجعل يكلّمه وينتظر من أربد ما كان أمره به. لعل أربد لا يحير شيئا. وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن يد أربد يبست على السيف فلم يستطع سلّه.
قال ابن إسحاق: فلما رأى عامر أربد ما يصنع شيئا قال: يا محمد خالني. قال: «لا والله حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له» .
وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فقال عامر: ما تجعل لي يا محمد إن أسلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم» . قال عامر: أتجعل لي الأمر بعدك إن أسلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس ذلك لك ولا لقومك ولكن لك أعنّة الخيل» . قال: أنا الآن في أعنّة خيل نجد، أتجعل لي الوبر ولك المدر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا» . فلما قاما عنه قال عامر: أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمنعك الله عز وجل [ (1) ] » .
[ (1) ] أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 5/ 319 وذكره ابن كثير في البداية 5/ 57 والهيثمي في المجمع 7/ 44 وعزاه للطبراني في الأوسط والكبير بنحوه.
وفي حديث موله بن [كثيف] بن حمل: والله يا محمد لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا ولأربطنّ بكل نخلة فرسا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اكفني عامرا» [ (1) ] .
زاد موله: «واهد قومه» .
قال ابن إسحاق: فلما خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر لأربد: ويلك يا إربد:
أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك وأيم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا. قال: لا أبالك لا تعجل علي، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟.
وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فلما خرج أربد وعامر من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بجرّة وأقم نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير فقالا: أشخصا يا عدوّا الله عز وجل لعنكما الله. فقال عامر: من هذا يا أربد؟ قال: هذا أسيد بن الحضير، فخرجا.
وروى البيهقي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة رحمه الله، قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على عامر بن الطفيل ثلاثين صباحا: «اللهم اكفني عامر بن الطفيل بما شئت وابعث عليه داء يقتله» .
حتى إذا كان بالرّقم بعث الله تعالى على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول. فجعل يمسّ فرحته في حلقه ويقول يا بني عامر أغدّة كغدّة البكر في بيت امرأة من بني سلول [ (2) ] ؟.
زاد ابن عباس: يرغب أن يموت في بيتها. ثم ركب فرسه فأحضرها وأخذ رمحه وأقبل يجول، فلم تزل تلك حاله حتى سقط فرسه ميتا. قال ابن إسحاق: ثم خرج أصحابه حين واروه حتى قدموا أرض بني عامر شانّين. فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ قال: لا شيء والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بالنّبل حتى أقتله. فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه، فأرسل الله عز وجل عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما. وفي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: حتى إذا كان بالرّقم أرسل الله تعالى عليه صاعقة فقتلته.
قال ابن عباس وابن إسحاق: وأنزل الله عز وجل في عامر وأربد: اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى [الرعد 8] من ذكر وأنثى وواحد ومتعدّد وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ أي ما
[ (1) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 5/ 321 والطبراني في الكبير 6/ 155 وذكره الهيثمي في المجمع 6/ 126 وابن كثير في البداية 5/ 57.
[ (2) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 5/ 319.