الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حوادث السّنة السَّابِعَة)
فِيهَا غَزْوَة خَيْبَر فِي جُمَادَى الأولى وَقَاتل بهَا
أَشد الْقِتَال وَقتل من أَصْحَابه خَمْسَة وَمن الْيَهُود ثَلَاثَة وَتسْعُونَ وَفتحهَا الله عَلَيْهِ حصناً حصناً وفيهَا حرم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَنهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَعَن بيع الْمَغَانِم حَتَّى تقسم وَألا تُوطأ جَارِيَة حَتَّى تستبرأ وَعَن مُتْعَة النِّسَاء وَوضعت لَهُ السم فِي الشَّاة زَيْنَب بنت الْحَارِث امْرَأَة سَلام بن مشْكم فَأَخْبَرته الذِّرَاع بذلك وَفتح وَادي الْقرى فِي جُمَادَى الْآخِرَة بعد مَا حَاصَرَهُمْ أَرْبعا أَو أَكثر وَصَالَحَهُ أهل تيماء على الْجِزْيَة قَالَ فِي الْمَوَاهِب هِيَ مَدِينَة كَبِيرَة ذَات حصون ومزارع على ثَمَانِيَة برد من الْمَدِينَة إِلَى جِهَة الشَّام قَالَ ابْن إِسْحَاق خرج
فِي بَقِيَّة الْمحرم سنة سبع فَأَقَامَ يحاصرها بضع عشرَة لَيْلَة إِلَى أَن فتحهَا وَقيل كَانَت فِي آخر سنة سِتّ وَهُوَ مَنْقُول عَن مَالك وَبِه جزم ابْن حزم قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر وَالرَّاجِح مَا ذكره ابْن إِسْحَاق وَيُمكن الْجمع بِأَن من أطلق سنة سِتّ بناه على أَن ابْتِدَاء السّنة من شهر الْهِجْرَة الْحَقِيقِيّ وَهُوَ ربيع الأول وَأغْرب ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة فرويا من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ خرجنَا مَعَ رَسُول الله
إِلَى خَيْبَر لثمان عشرَة من رَمَضَان وَإِسْنَاده حسن لكنه خطأ ولعلها كَانَت إِلَى حنين فتصحفت
وتوجيهه بِأَن غَزْوَة خَيْبَر كَانَت ناشئة عَن غَزْوَة الْفَتْح وغزوة الْفَتْح خرج
فِيهَا فِي رَمَضَان جزما قَالَ وَذكر الشَّيْخ أَبُو حَامِد فِي التعليقة أَنَّهَا كَانَت سنة خمس وَهُوَ وهم وَلَعَلَّه انْتِقَال من الخَنْدَق إِلَى خَيْبَر وَكَانَ مَعَه عليه الصلاة والسلام ألف وَأَرْبَعمِائَة راجل وَمِائَتَا فَارس وَمَعَهُ أم سَلمَة زَوجته وَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ خرجنَا مَعَ النَّبِي
إِلَى خَيْبَر فسرنا لَيْلًا فَقَالَ رجل من الْقَوْم لعامر يَا عَامر هَل تسمعنا من هنيهاتك وَكَانَ عامرٌ رجلا شَاعِرًا فَنزل يَحْدُو بالقوم يَقُول
(اللهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
…
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا)
(فَاغْفِرْ فِدَاءٌ لَكَ مَا أبقينَا
…
وَثَبِّت الأقدامَ إِنْ لَاقَيْنَا)
(وَأَلْقِينْ سَكِينةً عَلَيْنَا
…
إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنّا أَتَيْنَا)
(وَبالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
…
)
وَفِي رِوَايَة إِيَاس بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن أَحْمد فِي هَذَا الرجز زِيَادَة
(إِنّ الذِينّ قَدْ بَغُوا عَلَيْنَأ
…
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا)
(وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسَتغنَيْنَا
…
)
فقَال رَسُول الله
كَمَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ من هَذَا السَّائِق قَالُوا عَامر بن الاكوع قَالَ يرحمه الله قَالَ رجل من الْقَوْم وَجَبت يَا نَبِي الله لَوْلَا أمتعتنا بِهِ
…
الحَدِيث وَفِي رِوَايَة أَحْمد فَجعل عَامر يرتجز ويسوق الركاب وَهَذِه كَانَت عَادَتهم إِذا أروادوا تنشيط الْإِبِل فِي السّير ينزل بَعضهم فيسوقها ويحدو فِي تِلْكَ الْحَال وَقَوله اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا كَذَا الرِّوَايَة قَالُوا وَصَوَابه فِي الْوَزْن لاهم أَو تَالله كَمَا فِي الحَدِيث الآخر
وَقَوله فدَاء لَك قَالَ الْمَازِني هَذِه اللَّفْظَة مشكلة فَإِنَّهُ لَا يُقَال للباري سُبْحَانَهُ فديتك لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يسْتَعْمل فِي مَكْرُوه يتَوَقَّع حُلُوله بالشخص فيختار شخص آخر أَن يحل ذَلِك بِهِ ويفديه مِنْهُ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا وَقع من غير قصد إِلَى حَقِيقَة مَعْنَاهُ كَمَا يُقَال قَاتله الله وَلَا يُرِيد بذلك حَقِيقَة الدُّعَاء عَلَيْهِ وَكَقَوْلِه عليه الصلاة والسلام تربتْ يداك وتربت يمينُكَ وَفِيه كُله ضرب من الِاسْتِعَارَة لِأَن المفادِيَ مبالغ فِي طلب رضَا المفادَى حِين بذل نَفسه عَن نَفسه للمكروه فَكَأَن مُرَاد الشَّاعِر إِنِّي أبذل نَفسِي فِي رضاك وعَلى كل حالٍ فَإِن الْمَعْنى وَإِن أمكن صرفه إِلَى جِهَة صَحِيحَة فإطلاق اللَّفْظ واستعارته والتجوز فِيهِ يفْتَقر إِلَى وُرُود الشَّرْع بِالْإِذْنِ فِيهِ قَالَ وَقد يكون المُرَاد بقوله فدَاء لكَ رجلا يخاطبه وَفصل بَين الْكَلَام بذلك ثمَّ عَاد إِلَى تَمام الأول فَقَالَ مَا أبقينا قَالَ وَهَذَا تَأْوِيل يصحُ مَعَه اللَّفْظ وَالْمعْنَى لَوْلَا أَن فِيهِ تعسفاً اضطررنا إِلَيْهِ لتصحيح الْكَلَام انْتهى فَقيل إِنَّه يُخَاطب بِهَذَا الشّعْر النَّبِي
وَالْمعْنَى لَا تُؤَاخِذنَا بتقصيرنا فِي حَقك ونصرك وعَلى هَذَا فَقَوله اللَّهُمَّ لم يقْصد بهَا الدُّعَاء وَإِنَّمَا افْتتح بهَا الْكَلَام والمخاطب بقول الشَّاعِر لَوْلَا أَنْت النَّبِي
لَكِن يعكرُ عَلَيْهِ بعد ذَلِك
(فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَأ
…
وثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا)
فَإِنَّهُ دُعَاء لله تَعَالَى وَيحْتَمل أَن يكون فاسأل رَبك أَن ينزل وَيثبت وَالله أعلم وَقَوله إِذا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا أَي إِذا صِيحَ بِنَا لِلْقِتَالِ وَنَحْوه من المكاره وَفِي رِوَايَة أَبينَا بِالْمُوَحَّدَةِ بدل الْمُثَنَّاة أَي أَبينَا الْفِرَار وَقَوله وبالصياح عولوا علينا أَي اسْتَغَاثُوا بِنَا واستفزعونا لِلْقِتَالِ وَقيل هُوَ من التعويل على الشَّيْء وَهُوَ الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ وَقيل هُوَ من العويل وَهُوَ الصَّوْت وَقَوله من هَذَا السَّائِق قَالُوا عَامر قَالَ يرحمه الله قَالَ رجل من الْقَوْم وَجَبت أَي ثبتَتْ لَهُ الشَّهَادَة وستقع قَرِيبا وَكَانَ مَعْلُوما عِنْدهم أَن من دَعَا لَهُ النَّبِي
هَذَا الدُّعَاء فِي هَذَا الموطن استشهدَ فَقَالُوا هلا أمتعتنا بِهِ أَي وَدِدْنَا
أَنَّك أخرت الدُّعَاء لَهُ بِهَذَا إِلَى وَقت اخر لنتمتع بمصاحبته ورؤيته مُدَّة وَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث أنس أَنه
أَتَى خَيْبَر لَيْلًا وَكَانَ إِذا أَتَى قوما بلَيْل لم يغزهم حَتَّى يصبح فَلَمَّا أصبح خرجت الْيَهُود بِمساحِيهِمْ وَمَكَاتِلهمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا مُحَمَّد وَالله مُحَمَّد وَالْخَمِيس فَقَالَ النَّبِي
خرجت خيبرُ إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين وَفِي رِوَايَة فَرفع يَده وَقَالَ الله أكبر خرجت خَيْبَر وَالْخَمِيس الْجَيْش سمى بِهِ لِأَنَّهُ مقسوم بِخَمْسَة أَقسَام الْمُقدمَة والساقة والميمنة والميسرة وَالْقلب وَمُحَمّد خبر مُبْتَدأ أَي هَذَا مُحَمَّد قَالَ السُّهيْلي وَيُؤْخَذ من هَذَا الحَدِيث التفاؤُلُ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لما رأى آلَة الْهدم تفاؤل أَن مدينتهم ستخرب انْتهى وَيحْتَمل كَمَا قَالَه فِي فتح الْبَارِي أَن يكون قَالَ خربَتْ خَيْبَر بطرِيق الْوَحْي وَيُؤَيِّدهُ قَوْله بعد ذَلِك إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين وَفِي رِوَايَة أَنه
صلى الصُّبْح قَرِيبا من خَيْبَر بِغَلَس ثمَّ قَالَ الله أكبر خربَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين وَقَالَ مغلطاي وَغَيره وَفرق عليه الصلاة والسلام الرَّايَات وَلم تكنِ الراياتُ إِلَّا بِخَيْبَر وَإِنَّمَا كَانَت الألوية وَقَالَ الدمياطي وَكَانَت راية النَّبِي
السَّوْدَاء من برد لعَائِشَة وَفِي البُخَارِيّ وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب تخلَفَ عَن النَّبِي
وَكَانَ رمداً فلحق فَلَمَّا بتنا اللَّيْلَة قَالَ لَأُعْطيَن الرَّايَة غَدا أَو ليأخذن الرَّايَة غَدا رجلا يحبُّ الله وَرَسُوله وَيُحِبهُ الله وَرَسُوله يفتح الله عَلَيْهِ فَلَمَّا أصبح النَّاس غدوا على رَسُول الله
كلهم يَرْجُو أَن يعطاها فَقَالَ أَيْن عَليّ بن أبي طَالب فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُول الله يشتكي عَيْنَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهِ فَأتى بِهِ فبصق رَسُول الله
فِي عَيْنَيْهِ ودعا لَهُ فبرأ حَتَّى كَأَن لم يكن بِهِ وجع فَأعْطَاهُ الرَّايَة فَقَالَ عَليّ يَا رَسُول
الله أقاتلهم حَتَّى يَكُونُوا مثلنَا فَقَالَ ائتد على رسلك حَتَّى تنزل بِسَاحَتِهِمْ ثمَّ ادعهم إِلَى الْإِسْلَام وَأخْبرهمْ بِمَا يجب عَلَيْهِم من حق الله فِيهِ فوَاللَّه لِأَن يهدي الله بك رجلا وَاحِدًا خير لَك من أَن يكون لَك حمر النعم
…
الحَدِيث وَلما أَن تصاف الْقَوْم كَانَ سيف عَامر قَصِيرا فَتَنَاول سَاق يَهُودِيّ ليضربه فَرجع ذُبَاب سَيْفه فَأصَاب عين ركبة عَامر فَمَاتَ مِنْهُ فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلمَة قلت يَا رَسُول الله فدَاك أبي وَأمي زَعَمُوا أَن عَامِرًا حبطَ عمله عَلَيْهِ قَالَ
كذب من قَالَ وَإِن لَهُ أَجْرَيْنِ وَجمع بَين إصبعيه إِنَّه لجاهد مُجَاهِد رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا وَعَن يزِيد بن أبي عُبَيْدَة قَالَ رَأَيْت ضَرْبَة بساق سَلمَة فَقلت مَا هَذِه الضَّرْبَة قَالَ هَذِه ضَرْبَة أصابنيها يَوْم خَيْبَر فَأتيت النَّبِي
فنفث فِيهَا ثَلَاث نفثات فَمَا اشتكيتها حَتَّى السَّاعَة أخرجه البُخَارِيّ وَعِنْده أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة شَهِدنَا خَيْبَر فَقَالَ رَسُول الله
لرجل مِمَّن مَعَه يدعِي الْإِسْلَام هَذَا من أهل النَّار فَلَمَّا حضر الْقِتَال قَاتل الرجل أَشد الْقِتَال حَتَّى كثرت فِيهِ الْجراحَة فكاد بعض النَّاس يرتاب فَوجدَ الرجل ألم الْجراحَة فَأَهوى بِيَدِهِ إِلَى كنَانَة فاستخرج مِنْهَا سَهْما فَنحر نَفسه فَاشْتَدَّ رجال من الْمُسلمين فَقَالُوا يَا رَسُول الله صدَّقَ الله حَدِيثك انتحر فلَان فَقتل نَفسه فَقَالَ قُم يَا فلَان فَأذن لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن وَإِن الله يُؤَيّد هَذَا الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر وَفِي رِوَايَة فَقَالَ رَسُول الله
عِنْد ذَلِك إِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة فِيمَا يَبْدُو للنَّاس وَهُوَ من أهل النَّار وَإِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل النَّار فِيمَا يَبْدُو للنَّاس وَهُوَ من أهل الْجنَّة
وَقَاتل النَّبِي
أهل خَيْبَر وقاتلوه أَشد الْقِتَال وَاسْتشْهدَ من الْمُسلمين خَمْسَة عشرَة وَقتل من الْيَهُود ثَلَاثَة وَتسْعُونَ وَفتحهَا الله عَلَيْهِ حصناً حصناً وَهِي النطاة وحصن الصعب وحصن ناعم وحصن قلعة الزبير والشق وحصن أبي وحصن الْبَراء والقموص والوطيح والسلالم وَهُوَ حصن بني الْحقيق الَّذِي كَانَ لَهُم بِهِ كنز فِي مسك الْحمار وَكَانُوا قد غيبوه فِي خربة فَدلَّ الله رَسُوله عَلَيْهِ فاستخرجه وَقلع عَليّ بَاب خَيْبَر وَلم يحركه سَبْعُونَ رجلا إِلَّا بعد جهد وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق سَبْعَة وَأخرجه من طَرِيقه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَرَوَاهُ الْحَاكِم وَعنهُ الْبَيْهَقِيّ من جِهَة لَيْث بن أبي سليم عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن عَن جَابر أَن عليا حمل الْبَاب يَوْم خَيْبَر وَأَنه جرب بعد ذَلِك وَلم يحملهُ أَرْبَعُونَ رجلا وَلَيْث ضَعِيف وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ أَن عليا لما انْتهى إِلَى الْحصن اجتبذ أحد أبوابه فَأَلْقَاهُ فِي الأَرْض فَاجْتمع عَلَيْهِ بعده منا سَبْعُونَ رجلا وَكَانَ جهداً أَن أعادوا الْبَاب مَكَانَهُ قَالَ شَيخنَا وَكلهَا واهية وَلذَا أنكرهُ بعض الْعلمَاء انْتهى وَفِي البُخَارِيّ وَتزَوج عليه الصلاة والسلام بصفية بنت حُيي بْنِ أَخطب وَكَانَ قد قتل زَوجهَا كنانهْ بن الرّبيع بن أبي الْحقيق وَكَانَت عروساً فَذكر لَهُ جمَالهَا فاصطفاها لنَفسِهِ فَخرج بهَا حَتَّى إِذا بلغت سد الضهباء حلت لَهُ يَعْنِي طهرت من الْحيض فَبنى بهَا عليه الصلاة والسلام فَصنعَ حَيْسًا فِي نطع صَغِير ثمَّ قَالَ لأنس آذن من حولك فَكَانَت وليمته على صَفِيَّة قَالَ ثمَّ خرجنَا إِلَى الْمَدِينَة فَرَأَيْت النَّبِي
يحوي لَهَا وَرَاءه بعباءة ثمَّ يجلس عِنْد بعيره فَيَضَع ركبته وتضع صَفِيَّة رجلهَا على رُكْبَتَيْهِ حَتَّى تركب وَفِي رِوَايَة فَقَالَ الْمُسلمُونَ إِحْدَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ أَو مَا ملكَت يَمِينه قَالُوا إِن حجبها فَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَإِن لم يحجبها فَهِيَ مَا ملكت يَمِينه فَلَمَّا
ارتحل وطأ لَهَا وَمد الْحجاب وَفِي رِوَايَة أَنه
قتل الْمُقَاتلَة وسبى الذُّرِّيَّة وَكَانَ فِي السَّبي صَفِيَّة فَصَارَت إِلَى دحْيَة الْكَلْبِيّ ثمَّ صَارَت إِلَى النَّبِي
فَجعل عتقهَا صَدَاقهَا وَفِي رِوَايَة فَأعْتقهَا وَفِي رِوَايَة قَالَ
لدحية خُذ جَارِيَة من السَّبي غَيرهَا وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَنه
اشترَى صَفِيَّة مِنْهُ بسبعة أرؤس وَإِطْلَاق الشِّرَاء على ذَلِك على سَبِيل الْمجَاز وَلَيْسَ فِي قَوْله بسبعة أرؤس مَا يُنَافِي قَوْله فِي رِوَايَة البُخَارِيّ خُذ جَارِيَة من السَّبي غَيرهَا إِذْ لَيْسَ هُنَا دلَالَة على نفي الزِّيَادَة وَالله أعلم وَإِنَّمَا أَخذ
صَفِيَّة لِأَنَّهَا بنت ملك من مُلُوكهمْ وَلَيْسَت مِمَّن توهب لدحية لِكَثْرَة من كَانَ من الصَّحَابَة مثل دحْيَة وفوقه وَقلة من كَانَ فِي السَّبي مثل صَفِيَّة فِي نقاستها فَلَو خصّه بهَا لأمكن تغير خاطر بَعضهم فَكَانَ من الْمصلحَة الْعَامَّة ارتجاعها مِنْهُ واختصاصُهُ عليه الصلاة والسلام بهَا فإنَّ فِي ذَلِك رضَا الجميعِ وَلَيْسَ ذَلِك من الرُّجُوع فِي الْهِبَة فِي شَيْء انْتهى وَقَالَ مغلطاي وَغَيره كَانَت صَفِيَّة قبل رأتْ أَن القمَرَ سقَطَ فِي حجرها فتؤول بذلك قَالَ الْحَاكِم وَكَذَا جرى لجويرية وفيهَا حرم
لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة كَمَا فِي البُخَارِيّ وَلَفظه فَلَمَّا أَمْسَى النَّاس مسَاء الْيَوْم الَّذِي فتحت عَلَيْهِم يعْنى خَيْبَر أوقدوا نيراناً كَثِيرَة فَقَالَ
مَا هَذِه النيرَان على أَي شَيْء توقدون قَالُوا على لحم قَالَ على أَي لحم قَالُوا لحم الْحمر الأنسية فَقَالَ النَّبِي
أهريقوها واكسروها فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله أَو نهريقها ونغلسها قَالَ أَو ذَاك وَالْمَشْهُور فِي الإنسية كسر
الْهمزَة منسوبة إِلَى الْإِنْس وهم بَنو آدم وَحكى ضم الْهمزَة ضد الوحشية وَيجوز فتحهَا وَالنُّون أَيْضا مصدر أنست بِهِ آنس أنسا وأنسة وَفِي رِوَايَة نهى يَوْم خَيْبَر عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَرخّص فِي الْخَيل قَالَ ابْن أبي أوفى فتحدثنا أَنه إِنَّمَا نهى عَنْهَا لِأَنَّهَا لم تخمس وَقَالَ بَعضهم نهى عَنْهَا أَلْبَتَّة لِأَنَّهَا كَانَت تَأْكُل الْعذرَة قَالَ الْعلمَاء وَإِنَّمَا أَمر بإراقتها لِأَنَّهَا نَجِسَة مُحرمَة وَقيل إِنَّمَا نهى عَنْهَا للْحَاجة إِلَيْهَا وَقيل لأخذها قبل الْقِسْمَة وَهَذَانِ التأويلان لِلْقَائِلين بِإِبَاحَة لحومها وَالصَّوَاب مَا قدمنَا وَأما قَوْله
اكسروها فَقَالَ رجل أَو نهريقها ونغسلها قَالَ أَو ذَاك فَهَذَا مَحْمُول على أَنه
اجْتهد فِي ذَلِك فَرَأى كسرهَا ثمَّ تغير اجْتِهَاده وَأوحى إِلَيْهِ بغسلها وَأما لُحُوم الْخَيل فَاخْتلف الْعلمَاء فِي إباحتها فمذهب الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور من السّلف وَالْخلف أَنه مُبَاح لَا كَرَاهَة فِيهِ وَبِه قَالَ عبد الله بن الزبير وَأنس بن مَالك وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وَفِي صَحِيح مُسلم عَنْهَا نحرنا فرسا على عهد رَسُول الله
فأكلناه وَنحن بِالْمَدِينَةِ وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ فأكلناه نَحن وَأهل بَيت النَّبِي
قَالَ فِي فتح الْبَارِي وَيُسْتَفَاد من قَوْلهَا وَنحن بِالْمَدِينَةِ أَن ذَلِك بعد فرض الْجِهَاد فَيرد على من اسْتدلَّ فِي منع أكلهَا لعِلَّة أَنَّهَا من آلَة الْجِهَاد وَقَوْلها وَأهل بَيت النَّبِي
رد على من زعم أَنه لَيْسَ فِيهِ أَن النَّبِي
اطلع على ذَلِك مَعَ أَن ذَلِك لَو لم يرد لم يظنَ بآل أبي بكر أَنهم يقدمُونَ على فعل شَيْء فِي زَمَنه
إِلَّا وَعِنْدهم الْعلم بِجَوَازِهِ لشدَّة اختلاطهم بِهِ عَلَيْهِ الصلاهَ وَالسَّلَام وَعدم
مفارقتهم لَهُ وَهَذَا مَعَ توفر دَاعِيَة الصَّحَابَة إِلَى سُؤَاله عليه الصلاة والسلام عَن الْأَحْكَام وَمن ثمَّ كَانَ الرَّاجِح أَن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ كُنَّا نَفْعل كَذَا على عهد رَسُول الله
كَانَ لَهُ حكم الرّفْع لِأَن الظَّاهِر اطِّلَاعه
على ذَلِك وَتَقْرِيره وَإِذا كَانَ ذَلِك فِي مُطلق الصَّحَابِيّ فَكيف بآل أبي بكر وَقَالَ الطَّحَاوِيّ ذهب أَبُو حنيفَة إِلَى كَرَاهَة أكل الْخَيل وَخَالفهُ صَاحِبَاه وَغَيرهمَا وَاحْتَجُّوا بالأخبار المتواترة فِي حلهَا انْتهى وَقد نقل بعض التَّابِعين الْحل عَن الصَّحَابَة مُطلقًا من غير اسْتثِْنَاء أحد فَأخْرج ابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ عَن عَطاء قَالَ لم يزلْ سلفك يأكلونها قَالَ ابْن جريج قلت أَصْحَاب رَسُول الله
فَقَالَ نعم وَأما مَا نقل فِي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس من كراهتها فَأخْرجهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق بِسَنَدَيْنِ ضعيفين وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الْجَامِع الصَّغِير أكره لُحُوم الْخَيل فَحَمله أَبُو بكر الرَّازِيّ على التَّنْزِيه وَقَالَ لم يُطلق أَبُو حنيفَة فِيهِ التَّحْرِيم وَلَيْسَ هُوَ عِنْده كالحمار الأهلي وَصحح أَصْحَاب الْمُحِيط وَالْهِدَايَة والذخيرة عَنهُ التَّحْرِيم وَهُوَ قَول أَكْثَرهم وَقَالَ القرطبى فِي شرح مُسلم مَذْهَب مَالك الْكَرَاهَة وَقَالَ الفاكهي الْمَشْهُور عِنْد الْمَالِكِيَّة الْكَرَاهَة وَالصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقين مِنْهُم التَّحْرِيم وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد بن أبي جَمْرَة الدَّلِيل على الْجَوَاز مُطلقًا وَاضح لَكِن سَبَب كَرَاهَة مَالك لأكلها كَونهَا تسْتَعْمل غَالِبا فِي الْجِهَاد فَلَو انْتَفَت الْكَرَاهَة لكثر اسْتِعْمَالهَا وَلَو كثر لأفضى إِلَى فنائها فيئول إِلَى النَّقْص من إرهاب الْعَدو الَّذِي وَقع الْأَمر بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمِن رِبَاطِ آلخَيل تُرهِبُونَ بِه} فعلى هَذَا فالكراهة لسَبَب خَارج وَلَيْسَ الْبَحْث فِيهِ فَإِن الْحَيَوَان الْمُتَّفق على
إِبَاحَته لَو حدث أَمر يَقْتَضِي أَن لَو ذبح لأفضى إِلَى ارْتِكَاب مَحْذُور لامتنع وَلَا يلْزم من ذَلِك القَوْل بِتَحْرِيمِهِ انْتهى وَأما قَول بعض المانعين لَو كَانَت حَلَالا لجازت الْأُضْحِية بهَا فمنتقض بحيوان الْبر فَإِنَّهُ مَأْكُول وَلم تشرع الْأُضْحِية بِهِ وَأما حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ نهى رَسُول الله
عَن لُحُوم الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير فَإِنَّهُ ضَعِيف وَلَو سلم لَا ينْهض مُعَارضا لحَدِيث جَابر الدَّال على الْجَوَاز وَقد وَافقه حَدِيث أَسمَاء وَقد ضعف حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ والخطابى وَابْن عبد الْبر وَعبد الْحق وَآخَرُونَ وَزعم بَعضهم أَن حَدِيث جَابر دَال على التَّحْرِيم لقَوْله رخص لِأَن الرُّخْصَة اسْتِبَاحَة الْمَحْظُور مَعَ قيام الْمَانِع فَدلَّ على أَنه رخص لَهُم بِسَبَب المخمصة الَّتِي أَصَابَتْهُم بِخَيْبَر فَلَا يدل ذَلِك على الْحل الْمُطلق وَأجِيب بِأَن أَكثر الرِّوَايَات جَاءَ بِلَفْظ الْإِذْن كَمَا رَوَاهُ مُسلم وَفِي رِوَايَة لَهُ أكلنَا زمن خَيْبَر الْخَيل وحمر الْوَحْش ونهانا النَّبِي
عَن الْحمر الْأَهْلِيَّة وَأمر بلحوم الْخَيل فدلَ على أَن المُرَاد بقله رخص أذن ونوقض أَيْضا بِالْإِذْنِ فِي أكل الْخَيل وَلَو كَانَت رخصَة لأجل المخمصة لكَانَتْ الْحمر الْأَهْلِيَّة أولى بذلك لكثرتها وَعزة الْخَيل حِينَئِذٍ فدلَ على أَن الْإِذْن فِي كل الْخَيل إِنَّمَا كَانَ للْإِبَاحَة لَا لخُصُوص الضَّرُورَة وَقد نقل عَن مَالك وَغَيره من الْقَائِلين بِالتَّحْرِيمِ أَنهم احْتَجُّوا للْمَنْع بقوله تَعَالَى {والخيلَ وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة} وقرروا ذَلِك بأوجه أَحدهَا أَن اللَّام للتَّعْلِيل فَدلَّ على أَنَّهَا لم تخلق لغير ذَلِك لِأَن الْعلَّة
المنصوصة تفِيد الْحصْر فإباحة أكلهَا تَقْتَضِي خلاف ظَاهر الْآيَة ثَانِيهَا عطف البغال وَالْحمير فَدلَّ على اشتراكها مَعَهُمَا فِي حكم التَّحْرِيم فَيحْتَاج من أفرد حكم مَا عطف عَلَيْهَا إِلَى دَلِيل ثَالِثهَا أَن الْآيَة سيقت مساق الامتنان فَلَو كَانَ ينْتَفع بهَا فِي الْأكل لَكَانَ الامتنان بِهِ أعظم والحكيم لَا يمتن بِأَدْنَى النعم وبترك أَعْلَاهَا لَا سِيمَا وَقد وَقع الامتنان بِالْأَكْلِ فِي الْمَذْكُورَات قبلهَا رَابِعهَا لَو أُبِيح أكلهَا لفاتت الْمَنْفَعَة بهَا فِيمَا وَقع بِهِ الامتنان من الرّكُوب والزينة وَأجِيب بِأَن آيَة النَّحْل مَكِّيَّة اتِّفَاقًا وَالْإِذْن فِي أكل الْخَيل كَانَ بعد الْهِجْرَة من مَكَّة بِأَكْثَرَ من سِتّ سِنِين فَلَو فهم النَّبِي
من الْآيَة الْمَنْع لما أذن فِي الْأكل وَأَيْضًا فآية النَّحْل لَيست نصا فِي منع الْأكل والْحَدِيث صَرِيح فِي جَوَازه وَأَيْضًا فَلَو سلمنَا أَن اللَّام للتَّعْلِيل لم نسلم إِفَادَة الْحصْر فِي الرّكُوب والزينة فَإِنَّهُ ينْتَفع بِالْخَيْلِ فِي غَيرهَا وَفِي الْأكل اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا ذكر الرّكُوب والزينة لِكَوْنِهِمَا أغلب مَا تطلب لَهُ الْخَيل وَنَظِيره حَدِيث الْبَقَرَة الْمَذْكُور فِي الصَّحِيحَيْنِ خاطبت راكبها فَقَالَت لم أخلق لهَذَا وَإِنَّمَا خلقت للحرث فَإِنَّهُ مَعَ كَونه أصرح فِي الْحصْر مَا يقْصد بِهِ إِلَّا الْأَغْلَب وَإِلَّا فَهِيَ تُؤْكَل وَينْتَفع بهَا فِي أَشْيَاء غير الْحَرْث اتِّفَاقًا وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَاسْتدلَّ بهَا أَي بِآيَة النَّحْل على حُرْمَة لحومها وَلَا دَلِيل فِيهَا إِذْ لَا يلْزم من تَعْلِيل الْعقل بِمَا يقْصد مِنْهُ غَالِبا إِلَّا يقْصد مِنْهُ غَيره أَيْضا انْتهى وَأَيْضًا فَلَو سلم الِاسْتِدْلَال للَزِمَ منع حمل الأثقال على الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَلَا قَائِل بِهِ وَأما عطف البغال وَالْحمير فدلالة الْعَطف إِنَّمَا هِيَ وضعية وَهِي ضَعِيفَة وَأما أَنَّهَا سيقت مساق الامتنان فالامتنان إِنَّمَا قصد بِهِ غَالب مَا يَقع بِهِ انتفاعهم بِالْخَيْلِ فَخُوطِبُوا بِمَا ألفوا وَعرفُوا وَلم يَكُونُوا يعْرفُونَ أكل الْخَيل لعزتها فِي بِلَادهمْ بِخِلَاف الْأَنْعَام فَإِن أَكثر انتفاعهم بهَا كَانَ بِحمْل الأثقال وَالْأكل فاقتصر فِي كل من إلصنفين على الامتنان بأغلب مَا ينْتَفع بِهِ فَلَو لزم من ذَلِك الْحصْر فِي هَذَا الشق لأضر
وَأما قَوْلهم لَو أُبِيح أكلهَا لفاتت الْمَنْفَعَة بهَا. . إِلَى آخِره فَأُجِيب عَنهُ بِأَنَّهُ لَو لزم من الْإِذْن فِي أكلهَا أَن تفنى للَزِمَ مثله فِي الْبَقر وَغَيرهَا مِمَّا أُبِيح أكله وَوَقع الامتنان بِهِ وَإِنَّمَا أطلت فِي ذَلِك لأمر اقْتَضَاهُ وَالله أعلم وفيهَا أَيْضا نهى النَّبِي
عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَعَن بيع الْمَغَانِم حَتَّى تقسم وَألا تُوطأ جَارِيَة حَتَّى تستبرأ
وفيهَا سمت النَّبِي
زَيْنَب بنت الْحَارِث امْرَأَة سَلام بن مشْكم كَمَا فِي البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَلَفظه لما فتحت خَيْبَر أهديت لرَسُول الله
شَاة فِيهَا سم فَقَالَ رَسُول الله
اجْمَعُوا لي من كَانَ هَاهُنَا من الْيَهُود فَجمعُوا لَهُ فَقَالَ لَهُم رَسُول الله
إِنِّي سَائِلكُمْ عَن شَيْء فَهَل أَنْت صادقوني عَنهُ
فَقَالُوا نعم يَا أَبَا الْقَاسِم فَقَالَ لَهُم رَسُول الله
من أبوكم قَالُوا أَبونَا فلَان فَقَالَ لَهُم رَسُول الله
كَذبْتُمْ بل أبوكم فلَان فَقَالُوا صدقت وبررت قَالَ هَل أَنْتُم صادقوني عَن شَيْء إِن سألتكم فَقَالُوا نعم يَا أَبَا الْقَاسِم وَإِن كذبناك عرفت كذبنَا كَمَا عَرفته فِي أَبينَا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله
من أهل النَّار فَقَالُوا نَكُون فِيهَا يَسِيرا ثمَّ تخلفوننا فِيهَا فَقَالَ رَسُول الله
اخْسَئُوا فِيهَا وَالله لَا نخلفكم فِيهَا أبدا ثمَّ قَالَ هَل أَنْتُم صادقوني عَن شَيْء إِن سألتكم عَنهُ فَقَالُوا نعم فَقَالَ هَل جعلتم فِي هَذِه الشَّاة سُماً فَقَالُوا نعم فَقَالَ مَا حملكم على ذَلِك فَقَالُوا أردنَا إِن كنت كذابا أَن نستريح مِنْك وَإِن كنت نَبيا لم يَضرك وَفِي حَدِيث جَابر عِنْد أبي دَاوُد أَن يهوديةَ من أهل خَيْبَر سمت شَاة مصلية ثمَّ أَهْدَتْهَا إِلَى رَسُول الله
فَأَخذهَا رَسُول الله
يَأْكُل مِنْهَا وَأكل رَهْط من أَصْحَابه مَعَه فَقَالَ رَسُول الله
ارْفَعُوا أَيْدِيكُم وَأرْسل إِلَى الْيَهُودِيَّة فَقَالَ سممت هَذِه الشَّاة فَقَالَت من أخْبرك قَالَ أَخْبَرتنِي هَذِه فِي يَدي لِلذِّرَاعِ قَالَت نعم قلت إِن كَانَ نَبيا فَلم يضرّهُ وَإِن لم يكن نَبيا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَعَفَا عَنْهَا
وَلم يُعَاقِبهَا وَتُوفِّي أَصْحَابه الَّذين أكلُوا من الشَّاة وَاحْتَجَمَ رَسُول الله
على كَاهِله من أجل الَّذِي أكل من الشَّاة وَفِي رِوَايَة جعلت زَيْنَب بنت الْحَارِث امْرَأَة سَلام بن مشْكم تسْأَل أَي الشَّاة أحب إِلَى مُحَمَّد فَيَقُولُونَ الذِّرَاع فعمدت إِلَى عنز لَهَا فذبحتها وصلتها ثمَّ عَمَدت إِلَى سم لَا يطني يَعْنِي لَا يلبث أَن يقتل من سَاعَته وَقد شاورت يهود فِي سموم فَاجْتمعُوا لَهَا على هَذَا السم بِعَيْنِه فسمَت الشَّاة وَأَكْثَرت فِي الذراعين والكتف فَوضعت بَين يَدَيْهِ وَمن حضر من أَصْحَابه وَفِيهِمْ بشر بن الْبَراء وَتَنَاول
الذِّرَاع وانتهش مِنْهَا وَتَنَاول بشر بن الْبَراء عظما آخر فَلَمَّا ازدرد
لقمته ازدرد بشر بن الْبَراء مَا فِي فِيهِ وَأكل الْقَوْم فَقَالَ
ارْفَعُوا أَيْدِيكُم فَإِن هَذَا الذِّرَاع تُخبرنِي أَنَّهَا مَسْمُومَة وَفِيه أَن بشر بن الْبَراء مَاتَ وَفِيه أَنه
دَفعهَا إِلَى أَوْلِيَاء بشر بن الْبَراء
فَقَتَلُوهَا رَوَاهُ الدمياطي وَقد اخْتلف هَل عاقبها
فَعِنْدَ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَمَا عرض لَهَا وَمن طَرِيق أبي نَضرة عَن جَابر نَحوه قَالَ فَلم يُعَاقِبهَا وَفِيه قَول صَاحب الهمزية // (من الْخَفِيف) //
(وبخلْقٍ من النَّبِيِّ كريمٍ
…
لم تُقَاصَصْ بِجُرْحِهَا العَجْمَاءُ)
وَقَالَ الزُّهْرِيّ أسلمت فَتَركهَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ يحْتَمل أنَه تَركهَا أَولا ثمَّ لما مَاتَ بشر بن الْبَراء من الْأكلَة قَتلهَا وَبِذَلِك أجَاب السُّهيْلي وَزَاد أَنه تَركهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَا ينْتَقم لنَفسِهِ ثمَّ قَتلهَا ببشر قصاصا وَيحْتَمل أَن يكون تَركهَا لكَونهَا أسلمت وَإِنَّمَا أخر قَتلهَا حَتَّى مَاتَ بشر لِأَن بِمَوْتِهِ يتَحَقَّق وجوب الْقصاص بِشَرْطِهِ وَفِي مغازي سُلَيْمَان التَّيْمِيّ أَنَّهَا قَالَت إِن كنت كَاذِبًا أرحت النَّاس مِنْك وَقد استبان لي الْآن أَنَّك صَادِق وَأَنا أشهدك وَمن حضر أَنِّي على دينك وَأَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله قَالَ فَانْصَرف عَنْهَا حِين أسلمت وَفِيه مُوَافقَة الزُّهْرِيّ على إسْلَامهَا فَالله أعلم وفيهَا أَيْضا نَام
عَن صَلَاة الْفجْر لما وكل بِهِ بِلَالًا كَمَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد مُسلم أَن رَسُول الله
حِين قفل من غَزْوَة خَيْبَر سَار ليله حَتَّى إِذا أدْركهُ الْكرَى عرس وَقَالَ لِبلَال اكلاً لنا اللَّيْل فصلى بِلَال مَا قدر لَهُ ونام
وَأَصْحَابه فَلَمَّا قَارب الْفجْر اسْتندَ بِلَال إِلَى رَاحِلَته مواجة الْفجْر فَغلبَتْ بِلَالًا عَيناهُ وَهُوَ مُسْتَند إِلَى رَاحِلَته فَلم يَسْتَيْقِظ
وَلَا بِلَال وَلَا أحد من أَصْحَابه حَتَّى ضربتهم الشَّمْس فَكَانَ
أَوَّلهمْ استيقاظاً فَقَالَ أَي بِلَال فَقَالَ بِلَال أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله قَالَ اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شَيْئا ثمَّ تَوَضَّأ
وَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة فصلى بهم الْفجْر فَلَمَّا
قضى الصَّلَاة قَالَ من نسي الصَّلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن الله تَعَالَى قَالَ {وَأًقِمِ الصَّلَاة لذكري} وفيهَا قدم جَعْفَر وَمن مَعَه من الْحَبَشَة وَاخْتلف فِي فتح خَيْبَر هَل كَانَ عنْوَة أَو صلحا وَفِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب وَعَن أنس التصريحُ بِأَنَّهُ كَانَ عنْوَة وَبِه جزم ابْن عبد الْبر ورد على من قَالَ فتحت صلحا قَالَ وَإِنَّمَا دخلت الشُّبْهَة على من قَالَ فتحت صلحا
بالحصنين اللَّذين أسلمهما أهلهما لتحقن دِمَاؤُهُمْ وَهُوَ ضرب من الصُّلْح لَكِن لم يَقع ذَلِك إِلَّا بحصار وقتال وفيهَا سَرِيَّة أبي بكر إِلَى بني كلاب فسبى مِنْهُم وَقتل وَبشير بن سعد إِلَى بني مرّة بِفَدَكَ فِي شعْبَان فِي ثَلَاثِينَ فَقتلُوا وَارْتثَّ بشير وأيضَا إِلَى يمن وجبار فِي شَوَّال وَمَعَهُ ثَلَاثمِائَة فَهَرَبُوا وغنم مِنْهُم وَأسر رجلَيْنِ فَأَسْلمَا والأخرم بن أبي العوجاء السّلمِيّ إِلَى بني سليم فِي ذِي الْحجَّة وَمَعَهُ خَمْسُونَ رجلا فأحدق بهم الْكفَّار فَقَتَلُوهُمْ وَخرج ابْن أبي العوجاء وغالب بن عبد الله الليثى إِلَى الْمِيفَعَة نَاحيَة نجد فِي رَمَضَان فَقتل أُسَامَة نهيك بن مرداس بعد قَوْله لَا إِلَه إِلَّا الله وَقيل إِنَّمَا كَانَ ذَلِك سنة ثَمَان استاقوا نعما وَشاء إِلَى الْمَدِينَة وفيهَا عمْرَة الْقَضِيَّة وَيُقَال الْقَضَاء وَالْقصاص هِلَال ذِي الْحجَّة وَمَعَهُ
أَلفَانِ وَأقَام بِمَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام وَبنى بميمونة بسرف قَالَ فِي الْمَوَاهِب وَتسَمى عمْرَة الْقَضَاء لِأَنَّهُ قاضى فِيهَا قُريْشًا لَا لِأَنَّهَا قَضَاء عَن الْعمرَة الَّتِي صد عَنْهَا لِأَنَّهَا لم تكن فَسدتْ حَتَّى يجب قَضَاؤُهَا بل كَانَت عمْرَة
تَامَّة وَلِهَذَا عدوا عمر النَّبِي
كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَالَ آخَرُونَ بل كَانَت قَضَاء عَن الْعمرَة الأولى وعدوا عمْرَة الْحُدَيْبِيَة فِي الْعُمر لثُبُوت الْأجر فِيهَا لَا لِأَنَّهُمَا كملت وَهَذَا الْخلاف مَبْنِيّ على الِاخْتِلَاف فِي وجوب الْقَضَاء على من اعْتَمر فصد عَن الْبَيْت فَقَالَ الْجُمْهُور يجب عَلَيْهِ الْهَدْي وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَعَن أبي حنيفَة عَكسه وَعَن أَحْمد رِوَايَة أَنه لَا يلْزمه هدي وَلَا قَضَاء وَأُخْرَى يلْزمه الْقَضَاء وَالْهَدْي فحجة الْجُمْهُور قَوْله تَعَالَى {فَإنْ أحصرتُم فَمَا أستَيسَرَ مِنَ الهديَ} الْبَقَرَة 196 وَحجَّة أبي حنيفَة أَن الْعمرَة تلْزم بِالشُّرُوعِ فَإِذا حصر صَار لَهُ تَأْخِيرهَا فَإِذا زَالَ الْحصْر أَتَى بهَا وَلَا يلْزم من التَّحَلُّل بَين الإحرامين سُقُوط الْقَضَاء وَحجَّة من أوجبهَا مَا وَقع للصحابة فَإِنَّهُم نحرُوا الْهَدْي حَيْثُ صدوا فاعتمروا من قَابل وَسَاقُوا الْهَدْي وَحجَّة من لم يُوجِبهَا أَن تحللهم بالحصر لم يتَوَقَّف على نحر الْهَدْي بل أَمر من مَعَه هدي أَن ينحره وَمن لَيْسَ مَعَه هدي أَن يحلوا انْتهى قَالَ الْحَاكِم فِي الإكليل تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار أَنه
لما أهل ذُو الْقعدَة يَعْنِي سنة سبع أَمر أَصْحَابه أَن يعتمروا قَضَاء لعمرتهم الَّتِي صدهم الْمُشْركُونَ عَنْهَا بِالْحُدَيْبِية وَألا يتَخَلَّف أحد مِمَّن شهد الْحُدَيْبِيَة فَلم يتَخَلَّف مِنْهُم إِلَّا رجال اسْتشْهدُوا بِخَيْبَر وَرِجَال مَاتُوا وَخرج مَعَه
من الْمُسلمين أَلفَانِ واستخلف على الْمَدِينَة أَبَا رهم الْغِفَارِيّ وسَاق عليه الصلاة والسلام سِتِّينَ بَدَنَة وَحمل السِّلَاح وَالْبيض والدروع والرماح وقاد مائَة فرس فَلَمَّا انْتهى إِلَى ذِي الحليفة قدم الْخَيل أَمَامه عَلَيْهَا مُحَمَّد ابْن مسلمة وَقدم السِّلَاح وَاسْتعْمل عَلَيْهِ بشر بعد وَأحرم
ولبى والمسلمون يلبون مَعَه وَمضى مُحَمَّد بن مسلمة فِي الْخَيل إِلَى مر الظهْرَان فَوجدَ بهَا نَفرا من قُرَيْش فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا هَذَا رَسُول الله
يصبحُ هَذَا الْمنزل غَدا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَأتوا قُريْشًا فَأَخْبرُوهُمْ ففزعوا وَنزل رَسُول الله
بمر الظهْرَان وَقدم السِّلَاح إِلَى بطن يأجج كيسمع وينصر وَيضْرب مَوضِع بِمَكَّة حَيْثُ ينظر إِلَى
أنصاب الْحرم وَخلف عَلَيْهِ أَوْس بن خولى الْأنْصَارِيّ فِي مِائَتي رجل وَخرجت قُرَيْش من مَكَّة إِلَى رُءُوس الْجبَال وَقدم رَسُول الله
الْهَدْي أَمَامه فحبس بِذِي طوى وَخرج
على رَاحِلَته القصوى والمسلمون متوشحون السيوف محدقون برَسُول الله
يلبون فَدخل من الثَّنية الَّتِي تطلعه على الْحجُون وَابْن رَوَاحَة آخذ بزمام رَاحِلَته وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس أَنه
دخل مَكَّة فِي عمْرَة الْقَضَاء وَابْن رَوَاحَة يمشي بَين يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُول // (من الرجز) //
(خَلُّوا بَنِي الكُفَّار عَنْ سَبِيلِهِ
…
)
(أليَوْمَ نَضْرِبْكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
…
)
(ضَرْبًأ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ
…
)
(ويُذْهِلُ الخَليِلَ عَنْ خَلِيلِهِ
…
)
فَقَالَ لَهُ عمر يَا بن رَوَاحَة بَين يَدي رَسُول الله
وَفِي حرم الله تَقول شعرًا فَقَالَ
خَلِّ عَنهُ يَا عمر فلهى أسْرع فيهم من نضح النبل وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق من حَدِيث أنس أَيْضا من وَجْهَيْن بِلَفْظ // (من الرجز) //
(خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ)
…
(قَدْ أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ فِي تَنْزِيلِهِ
…
)
(بِأَنَّ خَيْرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهِ
…
)
(نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
…
)
(ضَربًا يُزِيلُ الهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ
…
)
(ويُذْهِلُ الخَلِيلَ عنْ خَلِيلِهِ
…
)
(يَا رب إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ
…
)
وَعند ابْن عقبَة فِي الْمَغَازِي بعد قَوْله
(قَدْ أنزَلَ الرَّحْمنُ فِي تَنْزِيلِه
…
)
(فِي صُحُفِ تُتْلَى عَلَى رَسُولِهِ
…
)
وَزَاد ابْن إِسْحَاق بعد قَوْله // (من الرجز) //
(يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنٌ بِقِيلِهِ
…
)
(إِنِّي رَأَيْتُ الحَقَّ فِي قَبُولِهِ
…
)
وَقَالَ ابْن هِشَام إِن قَوْله نَحن ضربناكم على تَنْزِيله إِلَى آخر الشّعْر من قَول عمار بن يَاسر قَالَه يَوْم حنين قَالُوا وَلم يزل رَسُول الله
يُلَبِّي حَتَّى اسْتَلم الرُّكْن بِمِحْجَنِهِ مضطبعاً بِثَوْبِهِ وَطَاف على رَاحِلَته والمسلمون يطوفون مَعَه وَقد اضطبعوا بثيابهم وَفِي البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْمُشْركُونَ إِنَّه يقدم عَلَيْكُم وَفد قد وهنتهم حمى يثرب فَأَمرهمْ
أَن يرملوا الأشواط الثَّلَاثَة وَأَن يمشوا بَين الرُّكْنَيْنِ وَلم يمنعهُ أَن يرملوا الأشواط كلهَا إِلَّا الْإِبْقَاء عَلَيْهِم وَفِي رِوَايَة قَالَ ارملوا ليرى الْمُشْركُونَ قوتكم وَالْمُشْرِكُونَ من قبل قعيقعان وَمعنى قَوْله الْإِبْقَاء عَلَيْهِم أَي لم يمنعهُ من أَمرهم بالرمل فِي جَمِيع الْأَوْقَات إِلَّا
الرِّفْق بهم والإشفاق عَلَيْهِم ثمَّ طَاف رَسُول الله
بَين الصَّفَا والمروة على رَاحِلَته فَلَمَّا كَانَ الطّواف السَّابِع عِنْد فَرَاغه وَقد وقف الْهَدْي عِنْد الْمَرْوَة قَالَ هَذَا المنحر وكل فجاج مَكَّة منحر فَنحر عِنْد الْمَرْوَة وَحلق هُنَاكَ وَكَذَلِكَ فعل الْمُسلمُونَ وَأمر رَسُول الله
نَاسا مِنْهُم إِلَى أَصْحَابهم بِبَطن يأجج فيقيموا على السِّلَاح وَيَأْتِي الْآخرُونَ فيقضوا نسكهم فَفَعَلُوا فَأَقَامَ رَسُول الله
بِمَكَّة ثَلَاثًا وَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث الْبَراء فَلَمَّا دَخلهَا يعْنى مَكَّة وَمضى الْأَجَل أَتَوا عليا وَقَالُوا قل لصاحبك يخرج عَنَّا فقد مضى الْأَجَل فَخرج النَّبِي
فتبعته ابْنة حَمْزَة تنادي يَا عَم يَا عَم فَتَنَاولهَا عَليّ فَأخذ بِيَدِهَا وَقَالَ لفاطمة دُونك بنت عمك فحملتها فختصم فِيهَا على زيد وجعفر قَالَ عَليّ أَنا أَخَذتهَا وَهِي ابْنة عمي وَقَالَ جَعْفَر ابْنة عمي وخالتها تحتي وَقَالَ زيد بنت أخي فَقضى بهَا النَّبِي
لخالتها وَقَالَ الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم الحَدِيث وَإِنَّمَا أقرهم النَّبِي
على أَخذهَا مَعَ اشْتِرَاط الْمُشْركين إِلَّا يخرج بِأحد من أَهلهَا أَرَادَ الْخُرُوج لأَنهم لم يطلبوها وَقَوله الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم أَي فِي هَذَا الحكم الْخَاص لِأَنَّهَا تقرب مِنْهَا فِي الحنية والشفقة والاهتداء إِلَى مَا يصلح الْوَلَد
وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَن الْخَالَة فِي الْحَضَانَة مُقَدّمَة على الْعمة لِأَن صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب كَانَت مَوْجُودَة حِينَئِذٍ وَإِذا قدمت على الْعمة مَعَ كَونهَا أقرب من الْعَصَبَات من النِّسَاء فَهِيَ مُقَدّمَة على غَيرهَا وَيُؤْخَذ مِنْهُ تَقْدِيم أقَارِب الْأُم على أقَارِب الْأَب انْتهى قَالَ ابْن عَبَّاس وَتزَوج
مَيْمُونَة وَهُوَ محرم وَبنى بهَا وَهُوَ حَلَال وَقد استدرك ذَلِك على ابْن عَبَّاس وعُدَ من وهمه قَالَ سعيد بن الْمسيب وَهِلَ ابْن عَبَّاس وَإِن كَانَت خَالَته مَا تزوَجها
إِلَّا بعد مَا حل ذكره البُخَارِيّ وَهِلَ بِكَسْر الْهَاء أَي غلط وَقَالَ يزِيد بن الْأَصَم عَن مَيْمُونَة تزَوجنِي رَسُول الله
وَنحن حلالان بسرف رَوَاهُ مُسلم وسيأتى فِي الخصائص أَن لَهُ
النكاحَ فِي حالِ الْإِحْرَام على أصح الْوَجْهَيْنِ عِنْد الشَّافِعِيَّة وَفِي هَذِه السّنة قدم حَاطِب من عِنْد الْمُقَوْقس ملك مصر جريج بن مينا وَمَعَهُ الْهَدَايَا وفيهَا رد رَسُول الله
ابْنَته زَيْنَب على زَوجهَا أبي الْعَاصِ بن الرّبيع وَأخرج عمَارَة أَو فَاطِمَة أَو غير ذَلِك على الْخلاف فِي اسْمهَا بنت حَمْزَة من عِنْد الْمُشْركين أَو على بِإِذْنِهِ فاختصم فِيهَا زيد وجعفر وَعلي فِي الحَدِيث الْمَشْهُور وَأرْسل الرُّسُل إِلَى الْمُلُوك أول الْمحرم وَقيل آخر سنة سِتّ عبد الله ابْن حذافة السَّهْمِي إِلَى كسْرَى فمزق كِتَابه فَدَعَا عَلَيْهِ بتمزيق ملكه فملكهم لَا يزَال ممزقاً وَعَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى ملكَي عُمَان عبد وجيفر ابْني الجلندي فَأَسْلمَا وسليط بن عَمْرو إِلَى هَوْذَة بن عَليّ بِالْيَمَامَةِ وشجاع بن وهب إِلَى الْحَارِث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء والْعَلَاء الْحَضْرَمِيّ إِلَى الْمُنْذر بن سَاوَى بِالْبَحْرَيْنِ فأسِلم وَأَبا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَمعَاذًا إِلَى الْيمن وعمراً الضمرِي إِلَى مُسَيْلمَة
وَعَيَّاش بن الربيعة إِلَى الْحَارِث ومسروح ونعيم بن عبد كلال ودحية الْكَلْبِيّ بكتابه إِلَى هِرقل ليدفعه إِلَى عَظِيم بصرى ليدفعه إِلَى هِرقل وَحَدِيثه الصَّحِيح مَشْهُور إِلَى جمَاعَة كَثِيرَة وفيهَا لبس الْخَاتم أَو فِي آخر السَّادِسَة