الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسوده يبلغ شحمة أُذُنَيْهِ إِذا طَال وَنصف ذَلِك إِذا قصر لم يبلغ الشيب فِي رَأسه ولحيته عشْرين شَعْرَة وَاسع الجبين أَزجّ الحواجب فِي غير قرن أدعج الْعَينَيْنِ أقنى الْعرنِين سهل الْخَدين ضليع الْفَم أشنب مفلج الْأَسْنَان حُلْو الْمنطق يتلألأ وَجهه كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر حسن الْخلق معتدله عريض الصَّدْر مَوْصُول مَا بَين لبته وسرته بِشعر يجْرِي كالخط أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصَّدْر عالي الْيَدَيْنِ والبطن فِيمَا سوى ذَلِك أجل النَّاس وَأَبْهَاهُ من بعيد وَأحسنه وأحلاه من قريب إِن صمت فَعَلَيهِ الْوَقار وَإِن تكلم سما وعلاه الْبَهَاء بَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة مثل بَيْضَة الْحَمَامَة لَونه لون جسده عَلَيْهِ خيلان روى أَنه مَكْتُوب فِي بَاطِنه الله وَحده لَا شريك لَهُ وَفِي ظَاهره توجه حَيْثُ شِئْت فَإنَّك مَنْصُور ويروى أَيْضا أَن الْمَكْتُوب فِيهِ مُحَمَّد رَسُول الله وَقيل غير ذَلِك يَقُول واصفه
لم أر قبله مثله وَلَا بعده مثله
(فصل فِي صِفَاته المعنوية وأخلاقه
)
قَالَت عَائِشَة كَانَ خلقه الْقُرْآن يغْضب لغضبه ويرضى لرضاه وَكَانَ أحلم النَّاس قيل لَهُ أَلا تَدْعُو على الْمُشْركين قَالَ إِنَّمَا بعثت رَحْمَة وَلم أبْعث عذَابا وَكَانَ أَشْجَع النَّاس قَالَ عَليّ كُنَّا إِذا حمي الْبَأْس والتقى الْقَوْم اتقينا برَسُول الله
وَأَعْدل النَّاس الْقَرِيب والبعيد وَالْقَوِي والضعيف عِنْده سَوَاء
وأعف النَّاس وأسخاهم لَا يسْأَل شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ لَا يبيت عِنْده دِينَار وَلَا دِرْهَم فَإِن فضل وَلم يجد من يُعْطِيهِ وفجأه اللَّيْل لم يأو إِلَى منزله حَتَّى يبرأ مِنْهُ إِلَى من يحْتَاج إِلَيْهِ لَا يَأْخُذ مِمَّا أعطَاهُ الله إِلَّا قوت عَامه فَقَط من أيسر مَا يجد وَيَضَع سَائِر ذَلِك فِي سَبِيل الله ثمَّ يعود على قوت عَامه فيؤثر مِنْهُ وَكَانَ أَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها لَا يثبت نظره فِي وَجه أحد غاض الطّرف نظره إِلَى الأَرْض أطول من نظره إِلَى السَّمَاء جلّ نطره الملاحظ وَأكْثر تواضعاً يخصف النَّعْل ويرقع الثَّوْب ويفليه قلت معنى يفليه لَيْسَ من الْقمل كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر لِأَن الْقمل لَا يلْحق جسده الشريف وَإِنَّمَا المُرَاد بالتفلية التنقية من نَحْو قشة أَو غُبَار وَمَا أشبههَا ويخيطه ويخدم فِي مهنة أَهله وَيقطع اللَّحْم مَعَهُنَّ ويجيب دَعْوَة الْحر وَالْعَبْد وَيقبل الْهَدِيَّة وَإِن قلت ويكافىء عَلَيْهَا ويأكلها وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة تستتبعه الْأمة والمسكين فيتبعهما حَيْثُ دَعْوَاهُ ويجيب الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ويجالسهم ويواكلهم وأصدق النَّاس لهجة وأوفاهم ذمَّة وألينهم عَرِيكَة وَأكْرمهمْ عشرَة وأرحمهم يصغي الْإِنَاء للهرة فَمَا يرفعهُ حَتَّى تروى رَحْمَة لَهَا وأشدهم إِكْرَاما لأَصْحَابه لَا يمد رجله بَينهم ويوسع عَلَيْهِم إِذا ضَاقَ الْمجْلس ويتفقدهم وَيسْأل عَنْهُم من مرض عَاده وَمن غَابَ دَعَا لَهُ وَمن مَاتَ اسْترْجع وأتبع ذَلِك بِالدُّعَاءِ لَهُ وَمن تخوف أَنه وجد فِي نَفسه انْطلق حَتَّى يَأْتِيهِ فِي منزله وَيقبل معذرة المعتذر وَيخرج إِلَى بساتين أَصْحَابه وَيَأْكُل من ضيافتهم وَلَا يطوي بشره عَن أحد وَلَا يدع أحدا يمشي خَلفه وَيَقُول خلوا ظَهْري للْمَلَائكَة وَلَا يدع أحد يمشي مَعَه وَهُوَ رَاكب حَتَّى يحملهُ فَإِن أَبى قَالَ تقدمني إِلَى الْمَكَان الَّذِي تُرِيدُ وَأمر فِي سَفَره باصلاح شَاة فَقَالَ رجل عَليّ ذَبحهَا وَآخر عليَّ سلخها وَآخر عليَّ طبخها فَقَالَ
وعليَّ جمع الْحَطب فَقَالُوا نَحن نكفيك قَالَ قد علمت وَلَكِن اكره أَن أتميز عَلَيْكُم فَإِن الله يكره من عبد أَن يرَاهُ متميزاً بَين أَصْحَابه وَقَامَ بِجمع الْحَطب يخْدم من خدمه مَا ضرب قطّ خادمه وَلَا امْرَأَة وَلَا شَيْئا إِلَّا فِي جِهَاد وَلَا
يترفع على عبيده وإمائه فِي مأكل وَلَا ملبس قَالَ أنس خدمته عشر سِنِين فَمَا قَالَ لي قطّ أُفٍّ وَلَا لِمَ فعلت وَلَا أَلا فعلت أَكثر النَّاس تبسماً وَأَحْسَنهمْ بشرا لَا يهوله شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا لَا يحقر فَقِيرا لفقره وَلَا يهاب ملكا لملكه يلبس مَا وجد من مُبَاح ويركب مَا تيَسّر من فرس أَبُو بعير أَو بغلة أَو حمَار ويردف خَلفه عَبده أَو غَيره وَقد روى فِيمَن أردفه أَكثر من ثَلَاثِينَ يمسح وَجه فرسه بِطرف كمه أَو طرف رِدَائه يحب الفأل وَيكرهُ الطَّيرَة إِن جَاءَ مَا يحب قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين أَو مَا يكره قَالَ الْحَمد لله على كل حَال يحب الطّيب وَيكرهُ الرِيح الرَّديئَة يمزح وَلَا يِقول إِلَّا حَقًا يبْدَأ من لقِيه بِالسَّلَامِ لَا يجلس وَلَا يقوَم إِلَّا على ذكر يجلس حَيْثُ انْتهى بِهِ الْمجْلس وَيَأْمُر بذلك وَلَا يقوم عَمَّن يجالسه حَتَّى يقوم إِلَّا أَن يتعجله أَو يَسْتَأْذِنهُ وَلَا يُقَابل أحدا بِمَا يكره وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح لَا يذم شَيْئا قطّ وَمَا عَابَ طَعَاما قطّ إِن اشتهاه أكله وَإِلَّا تَركه يحفظ جَاره وَيكرم ضَيفه وَمَا خير بَين أَمريْن إِلَّا اخْتَار أيسرهما مَا لم يكن إِثْمًا أَو قطيعة رحم فَيكون أبعد النَّاس مِنْهُ أَكثر جُلُوسه للقباة آتَاهُ الله مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض فَلم يقبل وَاخْتَارَ الْآخِرَة يعصب الْحجر على بَطْنه من الْجُوع يبيت هُوَ وَأَهله اللَّيَالِي طاوين وَلم يشْبع من خبز بر ثَلَاثًا تباعا وَلَا من خبز الشّعير حَتَّى لَقِي الله عز وجل إيثاراً على نَفسه لَا فقرا وَلَا بخلا يَأْتِي على أَهله الشَّهْر والشهران لَا يُوقد فِي بَيت من بيوته نَار وَلَا يَأْكُل مُتكئا وَلَا على خوان فرَاشه من أَدَم وحشوة لِيف يلبس الصُّوف وينتعل المخصوف أحب اللبَاس إِلَيْهِ الْحبرَة من برود الْيمن فياه حمرَة وَبَيَاض يلبس الْإِزَار الْوَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره يعْقد طَرفَيْهِ بَين كَتفيهِ ويلبس يَوْم الْجُمُعَة برده الْأَحْمَر ويعتم وَكَانَ يلبس خَاتمًا فضَّة نقش فصه مُحَمَّد رَسُول الله فِي خِنْصره الْأَيْمن وَرُبمَا لبسه فِي الْأَيْسَر وَيكثر دهن رَأسه ولحيته ويتبخر بِالْعودِ والكافور ويكتحل بالإثمد ويتطيب بالغالية والمسك أَو بالمسك وَحده