الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْأَحَادِيث فِي شَأْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)
مِنْهَا صَافِيَة الدّلَالَة على خِلَافَته وهى أَرْبَعَة عشر حَدِيثا الحَدِيث الأول أخرج الشَّيْخَانِ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ أَتَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي
فَأمرهَا أَن ترجع إِلَيْهِ فَقَالَت أَرَأَيْت إِن جِئْت وَلم أجدك كَأَنَّهَا تَقول الْمَوْت قَالَ إِن لم تجديني فَأتى أَبَا بكر وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي
تسأله شَيْئا فَقَالَ لَهَا تعودين فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن عدت فَلم أجدك تعرض بِالْمَوْتِ فَقَالَ إِن جئتني وَلم تجديني فَأتي أَبَا بكر فَإِنَّهُ الْخَلِيفَة بعدِي
الحَدِيث الثَّانِي أخرج أَبُو الْقَاسِم البغوى بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ سَمِعت رَسُول الله
يَقُول يكون خَلْفي اثْنَا عشر خَليفَة أَبُو بكر لَا يلبث إِلَّا قَلِيلا قَالَ الْأَئِمَّة هَذَا صدر حَدِيث مجمع على صِحَّته وَارِد من طرق عدَّة أخرجه الشَّيْخَانِ وَغَيرهمَا فَمن تِلْكَ الطّرق لَا يزَال هَذَا الْأَمر عَزِيزًا ينْصرُونَ على من ناوأهم عَلَيْهِ إِلَى اثْنَي عشر خَليفَة كلهم من قُرَيْش رَوَاهُ عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل // (بِسَنَد صَحِيح) // وَمِنْهَا لَا يزَال هَذَا الْأَمر صَالحا وَمِنْهَا لَا يزَال مَاضِيا مَا وليهم اثْنَا عشر رجلا وَمِنْهَا لَا يزَال
أَمر أمتِي قَائِما حَتَّى يمْضِي اثْنَا عشر خَليفَة كلهم من قُرَيْش زَاد أَبُو دَاوُد فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى منزله أَتَتْهُ قُرَيْش فَقَالُوا ثمَّ يكون مَاذَا قَالَ ثمَّ يكون الْهَرج وَعَن ابْن مَسْعُود // (بِسَنَد حسن) // أَنه سُئِلَ كم يملك هَذِه الْأمة من خَليفَة فَقَالَ سَأَلنَا عَنْهَا رَسُول الله
فَقَالَ اثْنَا عشر كعدة نقباء بني إِسْرَائِيل قَالَ القَاضِي عِيَاض لَعَلَّ المُرَاد بالاثني عشر فِي هَذِه الْأَحَادِيث أَنهم يكونُونَ فِي مُدَّة عزة الْخلَافَة وَقُوَّة الْإِسْلَام واستقامة أُمُوره والاجتماع على من يقوم بالخلافة وَقد وجد هَذَا فِيمَن اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس إِلَى أَن اضْطربَ أَمر بني أُميَّة وَوَقعت بَينهم الْفِتَن زمن الْوَلِيد بن يزِيد فاتصلت تِلْكَ الْفِتَن إِلَى أَن قَامَت الدولة العباسية فاستأصلوا أَمرهم قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي فتح الْبَارِي فِي شرح البُخَارِيّ كَلَام القَاضِي عِيَاض هَذَا أحسن مَا قيل فِي هَذَا الحَدِيث فرجحه لتأيده بقوله فِي بعض طرقه الصَّحِيحَة كلهم يجْتَمع عَلَيْهِ النَّاس وَالْمرَاد باجتماعهم انقيادهم لبيعته وَالَّذِي اجْتَمعُوا عَلَيْهِ الْخُلَفَاء الثَّلَاثَة ثمَّ على عَليّ رضي الله عنه إِلَى أَن وَقع أَمر الْحكمَيْنِ فِي صفّين وَتسَمى مُعَاوِيَة يَوْمئِذٍ بالخلافة ثمَّ اجْتَمعُوا على مُعَاوِيَة عِنْد صلح الْحسن ونزوله عَن الْخلَافَة ثمَّ على ابْنه يزِيد وَلم يَنْتَظِم للحسين رضي الله عنه أَمر بل قتل ثمَّ لما مَاتَ يزِيد اجْتَمعُوا على عبد الْملك بن مَرْوَان بعد قتل عبد الله بن الزبير ثمَّ على أَوْلَاده الْأَرْبَعَة الْوَلِيد فسليمان فيزيد فهشام وتخلل بَين سُلَيْمَان وَيزِيد عمر بن عبد الْعَزِيز فَهَؤُلَاءِ سَبْعَة بعد الْخُلَفَاء الرَّاشِدين الْأَرْبَعَة فجملتهم أحد عشر وَالثَّانِي عشر هُوَ الْوَلِيد بن يزِيد بن عبد الْملك فَاجْتمعُوا عَلَيْهِ لما مَاتَ عَمه هِشَام فولى نَحْو أَربع سِنِين ثمَّ قَامُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وانتشرت
الْفِتَن وتغيرت الْأَحْوَال من يَوْمئِذٍ وَلم يتَّفق أَن تَجْتَمِع النَّاس على خَليفَة بعد ذَلِك لوُقُوع الْفِتَن بَين من بَقِي من بني أُميَّة ولخروج الْمغرب عَن العباسيين باستيلاء عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الْملك الملقب بالداخل عَلَيْهِ وانفرط الْأَمر إِلَى أَن لم يبْق من الْخلَافَة إِلَّا الِاسْم بعد أَن كَانَ يخْطب لعبد الْملك فِي جَمِيع أقطار الأَرْض شرقاً وغرباً يَمِينا وَشمَالًا مِمَّا غلب عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ وَلَا يتَوَلَّى أحد فِي بَلْدَة إِمَارَة فِي شَيْء إِلَّا بِأَمْر الْخَلِيفَة وَقيل اثْنَا عشر خَليفَة فِي مُدَّة الْإِسْلَام إِلَى الْقِيَامَة يعْملُونَ بِالْحَقِّ وَإِن لم يتوالوا وَيُؤَيِّدهُ قَول أبي الْجلد كلهم يعْمل بِالْهَدْي وَدين الْحق مِنْهُم رجلَانِ من أهل بَيت مُحَمَّد
فَعَلَيهِ المُرَاد بالهرج الْفِتَن الْكِبَار كالدجال وَمَا بعده وَقيل المُرَاد بالاثني عشر الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَالْحسن وَمُعَاوِيَة وَابْن الزبير وَعمر بن عبد الْعَزِيز فِي الأمويين قيل وَيحْتَمل أَن يضم إِلَيْهِم الْمُهْتَدي العباسي لِأَنَّهُ فِي العباسيين كعمر بن عبد الْعَزِيز فِي الأمويين وَالظَّاهِر العباسي أَيْضا لما أوتيه فِي الْعدْل وَيبقى الِاثْنَان المنتظران أَحدهمَا الْمهْدي من آل بَيت مُحَمَّد قلت لَعَلَّ هَذَا القَوْل الثَّانِي أقرب إِلَى المُرَاد من كَلَام سيد الْعباد
الحَدِيث الثَّالِث أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وَالْحَاكِم من حَدِيث ابْن مَسْعُود وروى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي
صَحِيحه عَن حُذَيْفَة إِنِّي لَا أَدْرِي مَا قدر بقائي فِيكُم فاقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر وتمسكوا بِهَدي عمار وَمَا حَدثكُمْ بِهِ ابْن مَسْعُود فصدقوه وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود وَالرُّويَانِيّ عَن حُذَيْفَة وَابْن عدي عَن أنس اقتدوا باللذين من بعدِي من أَصْحَاب أبي بكر وَعمر وَاقْتَدوا بِهَدي عمار وتمسكوا بِعَهْد ابْن مَسْعُود
الحَدِيث الرَّابِع أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ خطب رَسُول الله
النَّاس فَقَالَ إِن الله تعلى خير عبدا بَين الدُّنْيَا وَبَين مَا عِنْده فَاخْتَارَ ذَلِك العَبْد مَا عِنْد الله فَبكى أَبُو بكر وَقَالَ بل نفديك بأبائنا وَأُمَّهَاتنَا فعجبنا لبكائه أَن أخبر رَسُول الله
بذلك فَكَانَ رَسُول الله
هُوَ الْمخبر عَنهُ وَكَانَ أَبُو بكر أعلمنَا فَقَالَ رَسُول الله
إِن من أَمن النَّاس على فِي صحبته وَمَاله أَبَا بكر وَلَو كنت متخذاً خَلِيلًا غير رَبِّي لاتخذت أَبَا بكر وَلَكِن أخوة الْإِسْلَام ومودته لَا يبْقين بَاب إِلَّا سُد إِلَّا بَاب أبي بكر وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ وَمُسلم لَا يبْقين فِي الْمَسْجِد خوخة إِلَّا خوخة أبي بكر قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر الهيتمي فِي هَذِه الْأَحَادِيث إِشَارَة إِلَى خلَافَة الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وكرم وَجهه لِأَن الْخَلِيفَة يحْتَاج إِلَى الْقرب من الْمَسْجِد لشدَّة احْتِيَاج النَّاس إِلَى ملازمته لَهُ للصَّلَاة وَغَيرهَا
الحَدِيث الْخَامِس أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ بَعَثَنِي بَنو المصطلق إِلَى رَسُول الله
أَن سَله إِلَى من ندفع صَدَقَاتنَا بعْدك
فَأَتَيْته فَسَأَلته فَقَالَ إِلَى أبي بكر قَالَ ابْن حجر وَمن لَازم دفع الصَّدقَات إِلَيْهِ كَونه هُوَ الْخَلِيفَة إِذْ هُوَ مُتَوَلِّي قبض الصَّدقَات
الحَدِيث السَّادِس أخرج مُسلم عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله
فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ ادعِي لي أَبَاك وأخاك حَتَّى أكتب كتابا فَإِنِّي أَخَاف أَن يتَمَنَّى متمن أَو يَقُول قَائِل أَنا أولى ويأبى الله والمسلمون إِلَّا أَبَا بكر أخرجه أَحْمد وَغَيره من طرق عَنْهَا وَفِي بَعْضهَا قَالَ لي رَسُول الله
فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ ادعِي لي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أكتب لأبي بكر كتابا لَا يخْتَلف عَلَيْهِ أحد ثمَّ قَالَ دعيه مَعاذ الله أَن يخْتَلف الْمُؤْمِنُونَ فِي أبي بكر وَفِي رِوَايَة عبد الله بن أَحْمد أَبى الله والمؤمنون أَن يخْتَلف عَلَيْك يَا أَبَا بكر
الحَدِيث السَّابِع أخرج الشَّيْخَانِ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ مرض النَّبِي
فَاشْتَدَّ مَرضه فَقَالَ مُروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ قَالَت عَائِشَة يَا رَسُول الله إِنَّه رجل رَقِيق إِذا قَامَ مقامك لم يسْتَطع أَن يصلى بِالنَّاسِ فَقَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَعَادَت فَقَالَ مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِب يُوسُف فَأَتَاهُ الرَّسُول فصلى بِالنَّاسِ فِي حَيَاة رَسُول الله
وَفِي رِوَايَة أَنَّهَا لما راجعته فَلم يرجع لَهَا قَالَت لحفصة قولي لَهُ يَأْمر عمر فَقَالَت لَهُ فَأبى حَتَّى غضب فَقَالَ (وَكانَ الْإِنْسَان أكثرَ شَيءٍ جَدَلا} الْكَهْف 54 أنتن أَو إنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف يظهرن خلاف مَا يخفين قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر رَحمَه الله تَعَالَى وَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث // (متواتر) // فَإِنَّهُ ورد فِي حَدِيث عَائِشَة وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعبد الله بن زَمعَة وأبى سعيد الْخُدْرِيّ وعَلى بن أبي طَالب وَحَفْصَة وَفِي بعض طرقه عَن عَائِشَة قد
راجعت رَسُول الله
فِي ذَلِك يَوْمًا حَملَنِي على كَثْرَة مُرَاجعَته أَنه لم يَقع فِي قلبِي أَن يجب النَّاس بعده رجلا قَامَ مقَامه أبدا وَكنت أرى أَنه لن يقوم مقَامه أحد إِلَّا تشاءم النَّاس بِهِ فَأَرَدْت أَن يعدل بذلك رَسُول الله
عَن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَفِي حَدِيث ابْن زَمعَة أَن رَسُول الله
أَمرهم بِالصَّلَاةِ وَكَانَ أَبُو بكر غَائِبا فَتقدم عمر فصلى فَقَالَ رَسُول الله
لَا لَا يَأْبَى الله والمسلمون إِلَّا أَبَا بكر وَفِي رِوَايَة عَنهُ أَنه
قَالَ لَهُ اخْرُج وَقل لأبي بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَخرج فَلم يجد على الْبَاب إِلَّا عمر فِي جمَاعَة لَيْسَ فيهم أَبُو بكر فَقَالَ يَا عمر صل بِالنَّاسِ فَلَمَّا كبر وَكَانَ صيتًا سمع رَسُول الله
صَوته قَالَ يَأْبَى الله والمسلمون إِلَّا أَبَا بكر يَأْبَى الله والمسلمون إِلَّا أَبَا بكر يَأْبَى الله والمسلمون إِلَّا أَبَا بكر قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر قَالَ الْعلمَاء فِي هَذَا أوضح دلَالَة على أَن الصّديق أفضل الصَّحَابَة على الْإِطْلَاق وأحقهم بالخلافة وأولاهم قَالَ الْأَشْعَرِيّ قد علم بِالضَّرُورَةِ أَن رَسُول الله
أَمر الصّديق أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ مَعَ حُضُور الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَمَعَ قَوْله يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله
فَدلَّ على أَنه أقرؤهم أَي أعلمهم بالقران انْتهى وَقد اسْتدلَّ الصَّحَابَة أنفسهم بِهِ على أَنه أَحَق بالخلافة مِنْهُم مِنْهُم عمر وَقد مر كَلَامه فِي الْمُبَايعَة وَمِنْهُم عَليّ فقد أخرج ابْن عَسَاكِر عَنهُ قَالَ لقد أَمر رَسُول الله
أَبَا بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَإِنِّي لشاهد وَمَا أَنا بغائب وَمَا بِي مرض فرضينا لدنيانا من رضيه النَّبِي
لديننا قَالَ الْعلمَاء وَكَانَ مَعْرُوفا بأهلية الْإِمَامَة فِي زمَان النَّبِي
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا عَن سهل بن سعد قَالَ كَانَ قتال بَين بني عَمْرو بن عَوْف فَبلغ النَّبِي
فَأَتَاهُم بعد الظّهْر ليصلح بَينهم قلت بَنو عَمْرو بن عَوْف هم أهل قبَاء من الْأَنْصَار فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِبلَال يَا بِلَال إِن حضرت الصَّلَاة وَلم آتِ فَمر أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ فَلَمَّا حضرت صَلَاة الْعَصْر أَقَامَ بِلَال الصَّلَاة ثمَّ أَمر أَبَا بكر فصلى وَوجه مَا تقرر أَن الْأَمر بتقدمته للصَّلَاة كَمَا ذكر فِيهِ الْإِشَارَة أَو التَّصْرِيح بأحقيته للخلافة إِذْ الْقَصْد الذاتي من نصب الإِمَام إِقَامَة شَعَائِر الدّين على الْوَجْه الْمَأْمُور بِهِ من أَدَاء الْوَاجِبَات وَترك الْمُحرمَات وإحياء السّنَن وإماتة الْبدع وَأما الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة وتدبيرها كإستيفاء الْأَمْوَال من وجوهها وإيصالها لمستحقيها وَدفع الظُّلم وَنَحْو ذَلِك فَلَيْسَ مَقْصُودا بِالذَّاتِ بل ليتفرغ النَّاس لأمور دينهم إِذْ لَا يتم تفرغهم لَهُ إِلَّا إِذا انتظمت أُمُور مَعَايشهمْ بِنَحْوِ الْأَمْن على الْأَنْفس وَالْأَمْوَال ووصول كل ذِي حق إِلَى حَقه فَلذَلِك رَضِي
لأمر الدّين وَهِي الْإِمَامَة الْعُظْمَى أَبَا بكر الصّديق بتقديمه للْإِمَامَة فِي الصَّلَاة كَمَا ذكر وَمن ثمَّ اجْتَمعُوا على ذَلِك كَمَا مر
وَأخرج ابْن عدي عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ قَالَ لي الرشيد يَا أَبَا بكر كَيفَ اخْتَار النَّاس أَبَا بكر الصّديق قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ سكت الله وَسكت رَسُوله وَسكت الْمُؤْمِنُونَ قَالَ الرشيد وَالله مَا زدتني إِلَّا عماء قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مرض النَّبِي
ثَمَانِيَة أَيَّام فَدخل عَلَيْهِ بِلَال فَقَالَ يَا رَسُول الله من يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَ مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ فصلى أَبُو بكر بِالنَّاسِ ثَمَانِيَة أَيَّام وَالْوَحي ينزل على النَّبِي
فَسكت رَسُول الله
لسكوت الله عز وجل وَسكت الْمُؤْمِنُونَ لسكوت رَسُول الله
فأعجبه وَقَالَ بَارك الله فِيك
الحَدِيث الثَّامِن أخرج ابْن حبَان عَن سفينة لما بنى رَسُول الله
الْمَسْجِد وضع فِي أسّ الْبناء حجرا وَقَالَ لأبي بكر ضع حجرك إِلَى جنب حجري ثمَّ قَالَ لعمر ضع حجرك إِلَى جنب حجر أبي بكر ثمَّ قَالَ لعُثْمَان ضع حجرك إِلَى جنب حجر عمر ثمَّ قَالَ هَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء بعدِي قَالَ أَبُو زرْعَة // (إِسْنَاده لَا بَأْس بِهِ) // وَقد أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَغَيرهمَا
الحَدِيث التَّاسِع أخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَن النَّبِي
قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي أنزع بِدَلْو بَكرة بِسُكُون الْكَاف على قليب فجَاء أَبُو بكر فَنزع ذَنوباً ممتلئة مَاء أَو قريبَة من ممتلئة أَو ذنوبين نزعاً ضَعِيفا وَالله يغْفر لَهُ ثمَّ جَاءَ عمر فاستقى فاستحالت غرباً أَي دلوا عَظِيما فَلم أر عبقرياً يفري فَريَهُ أَي رجلا قَوِيا شَدِيدا يعْمل عمله حَتَّى روى النَّاس وضربوا بِعَطَن والعطن مناخ الْإِبِل إِذا رويت قَالَ بعض الْعلمَاء هَذَا الْمَنَام مِثَال لما جرى للخليفتين من ظُهُور آثارهما الصَّالِحَة وانتفاع الْمُسلمين بهما وكل ذَلِك مَأْخُوذ من النَّبِي
لِأَنَّهُ صَاحب
الْأَمر فَقَامَ بذلك أكمل قيام وَقرر قَوَاعِد الدّين ثمَّ خَلفه أَبُو بكر فقاتل أهل الرِّدَّة وَقطع دابرهم ثمَّ خَلفه عمر فَامْتنعَ الْإِسْلَام فِي زَمَنه وَكَثُرت الفتوحات فَشبه أَمر الْمُسلمين بقليب فِيهِ المَاء الَّذِي فِيهِ حياتهم وصلاحهم وَشبه أَمِيرهمْ بالمستقى لَهُم مِنْهَا وَلَيْسَ فِي قَوْله عليه الصلاة والسلام وَيغْفر الله لَهُ نقص وَلَا إِشَارَة إِلَى أَنه وَقع مِنْهُ ذَنْب وَإِنَّمَا هِيَ كلمة كَانَت الْعَرَب تَقُولهَا عِنْد الاعتناء بِالْأَمر
الحَدِيث الْعَاشِر أخرج أَبُو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات وَابْن عَسَاكِر عَن حَفْصَة أَنَّهَا قَالَت لرَسُول الله
إِذا أَنْت اعتللت قدمتَ أَبَا بكر قَالَ لست أَنا أقدمه وَلَكِن الله قدمه
الحَدِيث الْحَادِي عشر أخرج أَحْمد عَن سفينة وَأخرجه أَيْضا صَاحب السّنَن وَصَححهُ ابْن حبَان وَغَيره قَالَ سَمِعت النَّبِي
يَقُول الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ عَاما ثمَّ تكون ملكا عَضُوضًا قَالَ الْعلمَاء لم يكن فِي الثَّلَاثِينَ بعده إِلَّا الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَأَيَّام الْحسن وَوجه الدّلَالَة مِنْهُ أَنه حكم بحقية الْخلَافَة عَنهُ فِي أَمر الدّين هَذِه الْمدَّة دون مَا بعْدهَا وَحِينَئِذٍ فَيكون هَذَا دَلِيلا وَاضحا فِي حقية خلَافَة كل من الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَقيل لسَعِيد بن جمْهَان أَن بني أُميَّة يَزْعمُونَ أَن الْخلَافَة فيهم فَقَالَ كذب بَنو الزَّرْقَاء بل هم مُلُوك من شَرّ الْمُلُوك فَإِن قلت يُنَافِي هَذَا خبر الاثْنَي عشر خَليفَة السَّابِق قلت لَا يُنَافِيهِ لِأَن هَذَا للكمال فَيكون المُرَاد بِهَذَا الْخلَافَة الْكَامِلَة ثَلَاثُونَ سنة وَهِي منحصرة فِي الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَالْحسن لِأَن مدَّته هِيَ المكملة للثلاثين وَالْمرَاد فِيمَا تقدم مُطلق الْخلَافَة الَّتِي فِيهَا كَمَال وَغَيرهَا لما مر أَن من جُمْلَتهمْ
نَحْو يزِيد بن مُعَاوِيَة على القَوْل الثَّانِي السَّابِق فَلَيْسَ الْخُلَفَاء المذكورون على هَذَا القَوْل حاوين من الْكَمَال مَا حواه الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة هُنَا
الحَدِيث الثَّانِي عشر أخرج الدَّارَقُطْنِيّ والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله
سَأَلت الله أَن يقدمك ثَلَاثًا فَأبى إِلَّا تَقْدِيم أبي بكر
الحَدِيث الثَّالِث عشر أخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ قَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله مَا أزالُ أَرَانِي أَطَأ فِي غُدْرَان النَّاس قَالَ لتكونن من النَّاس بسبيل قَالَ وَرَأَيْت فِي صَدْرِي كالرقمتين قَالَ سنتَيْن
الحَدِيث الرَّابِع عشر أخرج الْبَزَّار // (بِسَنَد حسن) // عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح أَمِين هَذِه الْأمة أَنه قَالَ قَالَ رَسُول الله
إِن أول دينكُمْ بَدَأَ نبوة وَرَحْمَة ثمَّ يكون خلَافَة وَرَحْمَة ثمَّ يكون ملكا وَجَبْرِيَّة وَجه الدّلَالَة مِنْهُ أَنه أثبت لخلافة أبي بكر أَنَّهَا خلَافَة إِذْ هِيَ الَّتِي وليت مُدَّة النُّبُوَّة وَالرَّحْمَة وَحِينَئِذٍ فَيلْزم حقيتها وَيلْزم من حقيتها حقية خلَافَة بَقِيَّة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن الزبير قَالَ أَرْسلنِي عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى الْحسن الْبَصْرِيّ أسأله عَن أَشْيَاء فَجِئْته فَقلت لَهُ اشفني فِيمَا اخْتلف فِيهِ النَّاس هَل كَانَ رَسُول الله
اسْتخْلف أَبَا بكر فَقَالَ أَو فِي هَذَا شكّ أَي وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لقد اسْتَخْلَفَهُ وَلَهو كَانَ أعلم بِهِ وَأتقى لَهُ وَأَشد لَهُ مَخَافَة من أَن يثبت عَلَيْهَا لَو لم يَأْمُرهُ فَهَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي اسْتدلَّ بهَا على حقية خِلَافَته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
الحَدِيث الْخَامِس عشر روى الديلمي عَن عَليّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله
قَالَ أَتَانِي جِبْرِيل فَقلت يَا جِبْرِيل من يُهَاجر معي قَالَ أَبُو بكر
وَهُوَ يَلِي أَمر أمتك من بعْدك
الحَدِيث السَّادِس عشر روى تَمام عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله
قَالَ أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله تبارك وتعالى أَمرك أَن تستشير أَبَا بكر
الحَدِيث السَّابِع عشر روى الإِمَام أَحْمد بِرِجَال الصَّحِيح عَن أبي البخْترِي قَالَ قَالَ عمر لأبي عُبَيْدَة أمسك يدك حَتَّى أُبَايِعك فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله
يَقُول أَنْت أَمِين هَذِه الْأمة فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة مَا كنت لأتقدم بَين يَدي رجل أمره رَسُول الله
أَن يؤمنا فأمنا حَتَّى مَاتَ
الحَدِيث الثَّامِن عشر روى ابْن سعد عَن موهب مولى أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله
قَالَ قلت لجبريل لَيْلَة أسرى بِي إِن قومِي لَا يصدقونني فَقَالَ يصدقك أَبُو بكر وَهُوَ الصّديق
الحَدِيث التَّاسِع عشر روى الديلمي عَن أم هانىء رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله
إِن الله بَعَثَنِي إلَيكم فقلتم كذبت فَقَالَ أَبُو بكر صدقت وواساني بِنَفسِهِ وَمَاله فَهَل أَنْتُم تاركو لي صَاحِبي
الحَدِيث الْعشْرُونَ روى الْخَطِيب والديلمي عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول الله
قَالَ دعوا لي صَاحِبي فَإِنِّي بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة فَلم يبْق أحد إِلَّا قَالَ كذبت إِلَّا أَبُو بكر الصّديق فَإِنَّهُ قَالَ صدقت صدقت
الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ روى أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله
قَالَ مَا كلمت فِي الْإِسْلَام أحدا إِلَّا أَبى عَليّ وراجعني فِي الْكَلَام إِلَّا ابْن أبي قُحَافَة
الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ روى عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه
والديلمي عَن ابْن عَبَّاس وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن كَعْب بن مَالك وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر وَالْإِمَام أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن ابْن الزبير وَالْبُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس والشيرازي فِي الألقاب عَن سعد وَمُسلم عَن ابْن مَسْعُود وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أبي وَاقد رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَن رَسُول الله
قَالَ أَبُو بكر صَاحِبي ومؤنسي فِي الْغَار فاعرفوا لَهُ قدره وَفِي لفظ مَا من أحد أَمن عَليّ فِي بَدْء صحبته وَذَات يَده من أبي بكر زَوجنِي ابْنَته وَخرج معي إِلَى دَار الْهِجْرَة وَفِي لفظ مَا لأحد علينا يَد إِلَّا وَقد كافأناه عَلَيْهَا مَا خلا أَبَا بكر فَإِن لَهُ عندنَا يدا يُكَافِئهُ الله تَعَالَى بهَا يَوْم الْقِيَامَة
الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ روى الشَّيْخَانِ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ وَالتِّرْمِذِيّ
وَقَالَ حسن // (صَحِيح غَرِيب) // وَابْن مَاجَه عَن أنس أَن رَسُول الله
قَالَ أحب النَّاس إِلَيّ عَائِشَة وَمن الرِّجَال أَبوهَا
الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ روى أَبُو دَاوُد وَأَبُو نعيم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله
قَالَ أَتَانِي جِبْرِيل فَأخذ بيَدي فَأرَانِي بَاب الْجنَّة الَّذِي تدخل مِنْهُ أمتِي قَالَ أَبُو بكر وددت أَنِّي كنت مَعَك حَتَّى أنظر إِلَيْهِ قَالَ أما إِنَّك يَا أَبَا بكر أول من يدْخل الْجنَّة من أمتِي
الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ روى ابْن عَسَاكِر عَن أبي الْمِقْدَاد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله
رأى رجلا يمشي أَمَام أبي بكر فَقَالَ أتمشي أَمَام من هُوَ خير مِنْك إِن أَبَا بكر خير من طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وغربت
الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ روى أَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة أَن رَسُول الله
قَالَ أتمشي أَمَام من هُوَ خير مِنْك ألم تعلم أَن الشَّمْس لم تشرق على أحد أَو تغرب خير من أبي بكر إِلَّا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ
الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ روى الديلمي عَن عرْفجَة بن صَرِيح أَن رَسُول الله
قَالَ أَنا سيف الْإِسْلَام وَأَبُو بكر سيف الرِّدَّة
الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ روى أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله
قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَل أَبَا بكر معي فِي درجتي يَوْم الْقِيَامَة
الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ روى الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق بِسَنَدِهِ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن رَسُول الله
قَالَ إِن النَّاس كلهم يحاسبون إِلَّا
أَبَا بكر
الحَدِيث الثَّلَاثُونَ روى الديلمي عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله
قَالَ تَأتي الْمَلَائِكَة بِأبي بكر مَعَ النَّبِيين وَالصديقين تزفه إِلَى الْجنَّة زفاً
الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ روى الإِمَام أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
مَا نَفَعَنِي مَال قطّ إِلَّا مَال أبي بكر
الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ روى عَبْدَانِ الْمروزِي وَابْن قَانِع عَن بهزاد قَالَ قَالَ رَسُول الله
ياأيها النَّاس احْفَظُونِي فِي أبي بكر فَإِنَّهُ لم يَسُؤْنِي مُنْذُ صحبني
الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ روى ابْن مردوية وَأَبُو نعيم والخطيب وَابْن عَسَاكِر أَن رَسُول الله
قَالَ للْعَبَّاس يَا عَم رَسُول الله إِن الله جعل أَبَا بكر خليفتي على دين الله ووحيه فَاسْعَوْا لَهُ تُفْلِحُوا وَأَطيعُوا ترشدوا
الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ روى ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس وَالْحَاكِم عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
يَا أَبَا بكر إِن الله أَعْطَاك الرضْوَان الْأَكْبَر قَالَ أَبُو بكر وَمَا رضوانه الأكبَرُ قَالَ إِن الله سيتجلى لِلْخلقِ عَامَّة ويتجلى لَك خَاصَّة
الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
عرج بِي إِلَى السَّمَاء فَمَا مَرَرْت بسماء إِلَّا وجدت فِيهَا اسْمِي مَكْتُوبًا مُحَمَّد رَسُول الله وَأَبُو بكر الصّديق خَلْفي أخرجه ابْن عَرَفَة الْعَبْدي والثقفي والأصفهاني
الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ أخرج صَاحب الصفوة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ سَمِعت رَسُول الله
يَقُول مَا أظلت الخضراء وَلَا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي بكر من سره أَن ينظر إِلَى مثل عِيسَى فِي الزّهْد فَلْينْظر إِلَيْهِ
الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ أخرج الملا فِي سيرته وَأَبُو نعيم فِي فضائله عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ هَبَط جِبْرِيل إِلَى النَّبِي
فَوقف مَلِيًّا يناجيه فَمر أَبُو بكر الصدْق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَقَالَ جِبْرِيل عليه السلام يَا مُحَمَّد هَذَا ابْن أبي قُحَافَة فَقَالَ يَا جِبْرِيل أوتعرفونه فِي السَّمَاء فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَهو فِي السَّمَاء أشهر مِنْهُ فِي الأَرْض وَإِن اسْمه فِي السَّمَاء الْحَلِيم
الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ اخْرُج ابْن السمان فِي الْمُوَافقَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ أَبُو بكر وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يزوران قبر النَّبِي
بعد وَفَاته بِسِتَّة أَيَّام فَقَالَ عَليّ لأبي بكر تقدم يَا خَليفَة رَسُول الله فَقَالَ أَبُو بكر مَا كنت لأتقدم رجلا سَمِعت رَسُول الله
يَقُول فِيهِ عَليّ مني بمنزلتي من رَبِّي فَقَالَ عَليّ مَا كنت لأتقدم رجلا سَمِعت النَّبِي
يَقُول فِيهِ مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كَذبَنِي غير أبي بكر وَمَا مِنْكُم من أحد يصبح إِلَّا على بَابه ظلمَة إِلَّا بَاب أبي بكر فَقَالَ أَبُو بكر سمعتَ النَّبِي
يَقُوله قَالَ نعم فَأخذ أَبُو بكر بيد عَليّ فدخلا جَمِيعًا
الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ أخرج الْمهرِي فِي مشيخته عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُول الله
الْيَوْم الرِّهَان وَغدا السباق والغاية الْجنَّة والهالك فِي النَّار حل النَّار وَأَنا الأول وَأَبُو بكر الْمُصَلِّي وَعمر الثَّالِث وَالنَّاس بعدُ على السّنَن الأول فَالْأول
الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ أخرج الْحَافِظ أَبُو الْحسن عَليّ بن عمر الْحَرْبِيّ السكرِي من حَدِيث أبي بن كَعْب أَنه قَالَ إِن أحدث عهدي بنبيكم
قبل وَفَاته بِخمْس لَيَال دخلت عَلَيْهِ وَهُوَ يقلب يَدَيْهِ وَيَقُول إِنَّه لم يكن من نَبِي إِلَّا وَقد اتخذ من أمته خَلِيلًا وَإِن خليلي من أمتِي أَبُو بكر بن أبي قُحَافَة أَلا وَإِن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا قَالَ فِي الرياض النضرة وَالْأَحَادِيث النافية للخلة أصح وَأثبت فَإِنَّهُ قد ورد وأوردته فِيمَا تقدم حَدِيث لَو كنت متخذاً خَلِيلًا غير رَبِّي لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا الحَدِيث وَإِن صحت هَذِه الرِّوَايَة فِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي أورته الان الْمُثبت للخلة فَيكون الله تَعَالَى قد أذن لَهُ عليه الصلاة والسلام عِنْد تبريه
من خلة غير الله تبارك وتعالى مَعَ تشوقه لخلة أبي بكر لَوْلَا خلة الله فِي اتِّخَاذ أبي بكر خَلِيلًا مُرَاعَاة لجنوحه إِلَيْهَا وتعظيماً لشأن أبي بكر وَلَا يكون ذَلِك انصرافاً عَن خلة الله عز وجل بل الخلتان ثابتتان كَمَا تضمنه الحَدِيث إِحْدَاهمَا لتشريف الْمُصْطَفى
وَالْأُخْرَى لتشريف أبي بكر
الحَدِيث الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ أخرج الْحَافِظ السلَفِي عَن أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ رَسُول الله
أَبُو بكر أخي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة رحم الله أَبَا بكر وجزاه عَن رَسُول الله خيرا
الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ أخرج الْحَافِظ ابْن عبيد وَصَاحب الصفوة عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ كنت عِنْد النَّبِي
وَعِنْده أَبُو بكر عَلَيْهِ عباءة قد خلها فِي صَدره بخلال فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد مَا لي أرى أَبَا بكر عَلَيْهِ عباءة قد خلها فِي صَدره بخلال قَالَ يَا جِبْرِيل أنْفق مَاله عَليّ قبل الْفَتْح قَالَ فَإِن الله يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول لَك قل لَهُ أراضٍ عني أَنْت فِي فقرك هَذَا أم ساخط فَقَالَ أَبُو بكر أَسخط على رَبِّي أَنا عَن رَبِّي رَاض أَنا عَن رَبِّي رَاض أَنا عَن رَبِّي رَاض
الحَدِيث الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَغوِيّ فِي المصابيح عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن رَسُول الله
قَالَ أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَفِي رِوَايَة عَن أبي أُمَامَة أرْحم هَذِه الْأمة بعد نبيها أَبُو بكر خرجه فِي الْفَضَائِل
الحَدِيث الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ أخرج الْحَافِظ الْخَطِيب أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كُنَّا عِنْد النَّبِي
فَقَالَ يطلع عَلَيْكُم رجل لم يخلق الله بعدِي أحدا خيرا مِنْهُ وَلَا أفضل وَله شَفَاعَة مثل شَفَاعَة النَّبِيين فَمَا برحنا حَتَّى طلع أَبُو بكر فَقَالَ النَّبِي
وَقَبله وَالْتَزَمَهُ
الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
خير أَصْحَابِي أَبُو بكر
الحَدِيث السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ أخرج صَاحب الْفَضَائِل عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ كُنَّا عِنْد بَاب النَّبِي
نقُول فِي الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار نتذاكر الْفَضَائِل فارتفعت أصواتنا فَخرج عليه الصلاة والسلام علينا وَقَالَ فيمَ أَنْتُم قُلْنَا نتذاكر الْفَضَائِل قَالَ لَا تقدمُوا على أبي بكر أحدا فَإِنَّهُ أفضلكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
الحَدِيث السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ أخرج أَبُو نعيم الْبَصْرِيّ والغيلاني عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ بَلغنِي أَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا نظرت إِلَى النَّبِي
فَقَالَت يَا سيد الْعَرَب فَقَالَ أَنا سيد ولد آدم وَأَبُوك سيد كهول الْعَرَب ووعلي سيد شباب الْعَرَب
الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ أخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ قَالَ رَسُول الله
رَأَيْت كَأَنِّي فِي غنم سود فِيهَا غنم بيض فَلم أستبن السود من كَثْرَة الْبيض فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق يَا رَسُول الله هَذِه الْعَرَب ولدتَ فِيهَا ثمَّ تدخل الْعَجم فَلَا تستبين الْعَرَب من كثرتهم فَقَالَ عليه الصلاة والسلام كَذَلِك عبرها الْملك بسحره
الحَدِيث التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ أخرج تَمام فِي فَوَائده وَأَبُو سعيد النقاش عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت النَّبِي
يَقُول أَتَانِي جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله تبارك وتعالى يَأْمُرك أَن تستشير بِأبي بكر
الحَدِيث الْخَمْسُونَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله
لَا يزَال يسمر عِنْد أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اللَّيْلَة فِي الْأَمر من أَمر الْمُسلمين وَإنَّهُ سمر عِنْده ذَات لَيْلَة وَأَنا مَعَه فَخرج رَسُول الله
وَخَرجْنَا مَعَه فَإِذا بِرَجُل قَائِم يُصَلِّي بِالْمَسْجِدِ فَقَامَ رَسُول الله
يستمع قِرَاءَته فَمَا كدنا نعرفه فَقَالَ عليه الصلاة والسلام من سره أَن يقْرَأ الْقُرْآن رطبا كَمَا أنزل فليقرأه على قِرَاءَة ابْن أم عبد
الحَدِيث الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله
إِن الله كره من السَّمَاء أَن يخطأ أَبُو بكر فِي الأَرْض
الحَدِيث الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ أخرج أَبُو حَاتِم عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِي
أَنا أول من تَنْشَق عَن الأَرْض ثمَّ أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ آتى البقيع فيحشرون معي ثمَّ أنْتَظر أهل مَكَّة حَتَّى يحْشرُوا بَين الْحَرَمَيْنِ
الحَدِيث الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ أخرج الملا فِي سيرته عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ
رَسُول الله
أول من يرد على الْحَوْض يَوْم الْقِيَامَة أَبُو بكر الصّديق
الحَدِيث الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ أخرج أَبُو الغطريف عَن ابْن عمر أَن النَّبِي
قَالَ لكل نَبِي رَفِيق ورفيقي أَبُو بكر وَعَن الزبير بِلَفْظ اللَّهُمَّ إِنَّك جعلت أَبَا بكر رفيقي فِي الْغَار فاجعله رفيقي فِي الْجنَّة
الحَدِيث الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ أخرج الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ والملا بِمَعْنَاهُ عَن معَاذ بن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله
إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نصب لإِبْرَاهِيم مِنْبَر أَمَام الْعَرْش وَنصب لي مِنْبَر أَمَام الْعَرْش وَنصب لأبي بكر كرْسِي فيجلس عَلَيْهِ ثمَّ يُنَادي مُنَاد يَا لَك من صديق بَين خَلِيل وحبِيب
الحَدِيث السَّادِس وَالْخَمْسُونَ أخرج أَبُو الْحسن العتيقي وَصَاحب الديباج وَصَاحب الْفَضَائِل عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله
قلت لجبريل حِين أسرى بى إِلَى السَّمَاء يَا جِبْرِيل هَل على أمتِي حِسَاب قَالَ كل أمتك عَلَيْهَا حِسَاب مَا خلا أَبَا بكر فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قيل لَهُ يَا أَبَا بكر أَدخل فَيَقُول مَا أَدخل حَتَّى يدْخل معي كل من أحبنى فِي الدُّنْيَا
الحَدِيث السَّابِع وَالْخَمْسُونَ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله
رَأَيْت لَيْلَة أسرى بِي مَكْتُوبًا حول الْعَرْش فِي فرندة خضراء بقلم من نور لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق قلت الفرندة بِفَتْح الْفَاء وَالرَّاء الْمُهْملَة ثوب مَعْرُوف مُعرب
الحَدِيث الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ أخرج أَبُو حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي
حِين رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة من عمْرَة الْجِعِرَّانَة بعث أَبَا بكر أَمِيرا على الْحَج فحج بِالنَّاسِ وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بَعَثَنِي أَبُو بكر فِي تِلْكَ الْحجَّة فِي مؤذنين بَعثهمْ يَوْم النَّحْر يُؤذنُونَ بمنى أَلا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان
الحَدِيث التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ عَن عبد الله بن عمر اللَّيْثِيّ أَن النَّبِي
أَمر أَبَا بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ الصُّبْح وَأَن أَبَا بكر كبر فَوجدَ النَّبِي
بعض الخفة فَقَامَ فَفرج الصُّفُوف قَالَ فَكَانَ أَبُو بكر لَا يلْتَفت فَلَمَّا سمع الْحسن من وَرَائه عرف أَنه لَا يتَقَدَّم إِلَى ذَلِك الْمقَام إِلَّا رَسُول الله
فخنس وَرَاءه فِي الصَّفّ فَرده عليه الصلاة والسلام مَكَانَهُ وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق فَدفع فِي ظَهره وَقَالَ صل بِالنَّاسِ وَجلسَ رَسُول الله
إِلَى جنب أبي بكر فصلى قَاعِدا عَن يَمِين أبي بكر وَقَوله خنس أَي انقبض وَتَأَخر
الحَدِيث السِّتُّونَ أخرج الإِمَام أَحْمد وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
من أصبح مِنْكُم الْيَوْم صَائِما قَالَ أَبُو بكر أَنا قَالَ فَمن تبع مِنْكُم جَنَازَة قَالَ أَبُو بكر أَنا قَالَ فَمن أطْعم الْيَوْم مِسْكينا قَالَ أَبُو بكر أَنا قَالَ فَمن عَاد مِنْكُم الْيَوْم مَرِيضا قَالَ أَبُو بكر أَنا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام مَا اجْتمعت فِي امرىء إِلَّا دخل الْجنَّة وفى رِوَايَة أَن رَسُول الله
صلى الصُّبْح فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ أَيّكُم الْيَوْم أصبح صَائِما فَقَالَ عمر أما أَنا يَا رَسُول الله بت لَا أحدث نَفسِي بِالصَّوْمِ فَأَصْبَحت مُفطرا فَقَالَ أَبُو بكر أَنا يَا رَسُول الله بت اللَّيْلَة أحدث نَفسِي بِالصَّوْمِ فَأَصْبَحت صَائِما قَالَ فَأَيكُمْ الْيَوْم عَاد مَرِيضا فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله إِنَّا صلينَا السَّاعَة وَلم نَبْرَح فَكيف نعود الْمَرِيض فَقَالَ أَبُو بكر
أَنا يَا رَسُول الله أخبروني أَن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وجع فَجعلت طريقي عَلَيْهِ فَسَأَلت عَنهُ ثمَّ أتيت الْمَسْجِد فَقَالَ رَسُول الله
فَأَيكُمْ الْيَوْم تصدق بِصَدقَة فَقَالَ عمر مثل مَا قَالَ أَولا فَقَالَ أَبُو بكر أَنا يَا رَسُول الله لما جِئْت من عِنْد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف دخلت الْمَسْجِد وَإِذا بسائل يسْأَل وَابْن لعبد الرَّحْمَن بن أبي بكر مَعَه كسرة خبز فأخذتها مَعَه فناولتها السَّائِل فَقَالَ عليه الصلاة والسلام لأبى بكر أبشر بِالْجنَّةِ أبشر بِالْجنَّةِ مرَّتَيْنِ
الحَدِيث الْحَادِي وَالسِّتُّونَ أخرج ابْن السمان فِي الْمُوَافقَة عَن صلَة بن زفر قَالَ كَانَ أَبُو بكر إِذا ذكر عِنْد عَليّ قَالَ السباق وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا استبقنا إِلَى خير قطّ إِلَّا سبقنَا إِلَيْهِ أَبُو بكر
الحَدِيث الثَّانِي وَالسِّتُّونَ أخرج الشَّيْخَانِ وَالْإِمَام أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو حَاتِم عَن رَسُول الله
أَنه قَالَ من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله نُودي إِلَى الْجنَّة يَا عبد الله هَذَا خير فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة دعِي من بَاب الصَّلَاة وَمن كَانَ من أهل الْجِهَاد دعِي من بَاب الْجِهَاد وَمن كَانَ من أهل الصَّدَقَة دعى من بَاب الصَّدَقَة وَمن كَانَ من أهل الصّيام دعى من بَاب يُسمى الريان فَقَالَ أَبُو بكر بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله هَل يدعى أحد من تِلْكَ الْأَبْوَاب كلهَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام نعم وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم قلت فسر بعض الْعلمَاء قَوْله عليه الصلاة والسلام زَوْجَيْنِ فَقَالَ قريبان أَو عَبْدَانِ وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ شَيْئَانِ متغايران دِرْهَم ودينار دِرْهَم وثوب وخف ولجام وَقَالَ الْعَلامَة الْبَاجِيّ يحْتَمل أَن يُرِيد بذلك الْعَمَل من صَلَاتَيْنِ أَو صِيَام يَوْمَيْنِ وَالْأَصْل فِي الزَّوْج الصِّنْف وَالنَّوْع من
كل شَيْء وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَزْوَاجًا مِن نَباتٍ شَتى} طه 53 أَي أصنافاً وكل شَيْئَيْنِ مثلين كَانَا أَو غير مثلين فهما زوجان وكل وَاحِد مِنْهُمَا زوج وَالْمرَاد وَأنْفق نَوْعَيْنِ من مَاله فِي سَبِيل الله
الحَدِيث الثَّالِث وَالسِّتُّونَ أخرج الإِمَام أَحْمد عَن أنس أَن النَّبِي
قَالَ إِن طير الْجنَّة كأمثال البخت ترى من شجر الْجنَّة قَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله إِن هَذِه لطير ناعمة فَقَالَ عليه الصلاة والسلام أكلهَا أنعم مِنْهَا قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات وَإِنِّي لأرجو أَن تكون مِمَّن يَأْكُل مِنْهَا
الحَدِيث الرَّابِع وَالسِّتُّونَ عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
إِن فِي الْجنَّة حوراً خَلقهنَّ الله من الْورْد يُقَال لَهُنَّ الورديات لَا يتَزَوَّج بِهن إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد وَإِن لأبي بكر مِنْهُنَّ أَرْبَعمِائَة
الحَدِيث الْخَامِس وَالسِّتُّونَ عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله
يدْخل رجل الْجنَّة فَلَا يبْقى أهل دَار وَلَا أهل غرفَة إِلَّا قَالُوا مرْحَبًا إِلَيْنَا إِلَيْنَا قَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله مَا توى على هَذَا الرجل فِي ذَلِك الْيَوْم قَالَ أجل وَأَنت هُوَ يَا أَبَا بكر خرجه أَبُو حَاتِم هَكَذَا بِالتَّاءِ معدّى ب عَليّ والتوى بِالْقصرِ الْهَلَاك
الحَدِيث السَّادِس وَالسِّتُّونَ عَن عبد خير عَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله
الْخَيْر ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ خصْلَة إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا جعل فِيهِ وَاحِدَة مِنْهُنَّ فأُدْخل بهَا الْجنَّة قَالَ فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله هَل فِي شَيْء مِنْهُنَّ قَالَ نعم جمع من كل خرجه فِي الْفَضَائِل وَأخرجه ابْن البهلول من حَدِيث سُلَيْمَان بن يسَار وَقَالَ // (حَدِيث حسن) //
الحَدِيث السَّابِع وَالسِّتُّونَ أخرج الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن النَّبِي
قَالَ لأبي بكر يَوْم بدر وَقد أَرَادَ أَن يتَقَدَّم فِي أول الْجند فَمَنعه وَقَالَ أما تعلم أَنَّك عِنْدِي بِمَنْزِلَة سَمْعِي وبصري
الحَدِيث الثَّامِن وَالسِّتُّونَ أخرج الملا فِي سيرته عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْت رَسُول الله
إِذا أقبل أَبُو بكر صافحه النَّبِي
وعانقه وَقبل فَاه فَقَالَ عَليّ رضي الله عنه أتقبل فا أبي بكر فَقَالَ
يَا أَبَا الْحسن منزلَة أبي بكر عِنْدِي كمنزلتي من رَبِّي
الحَدِيث التَّاسِع وَالسِّتُّونَ أخرج الخلعي والملا وَصَاحب فضائله عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله
يَقُول لأبي بكر يَا أَبَا بكر إِن الله قد أَعْطَانِي ثَوَاب من آمن بِهِ مُنْذُ خلق الله آدم إِلَى أَن بَعَثَنِي وَإِن الله أَعْطَاك ثَوَاب من آمن مُنْذُ بَعَثَنِي إِلَى أَن تقوم السَّاعَة قلت تَأمل مَا يدل عَلَيْهِ هَذَا الحَدِيث الْعَظِيم من الْمحبَّة والتكريم وَالْفضل العميم
الحَدِيث السبعون أخرج الْحَافِظ السلَفِي فِي مشيخته عَن أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله
حب أبي بكر وَاجِب على أمتِي
الحَدِيث الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ خرج رَسُول الله
فَقَالَ يَا عمر إِنِّي أشتاق إِلَى إخْوَانِي فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله أفلسنا إخوانك قَالَ لَا أَنْتُم أَصْحَابِي وَلَكِن إخْوَانِي قوم آمنُوا بِي وَلم يروني قَالَ فَدخل أَبُو بكر على بَقِيَّة ذَلِك فَقَالَ لَهُ عمر يَا أَبَا بكر إِن رَسُول الله
قَالَ إِنِّي أشتاق إِلَى إخْوَانِي فَقلت لَهُ أَلسنا إخوانك قَالَ لَا أَنْتُم أَصْحَابِي وَلَكِن إخْوَانِي قوم آمنُوا بِي وَلم يروني فَقَالَ رَسُول الله
يَا أَبَا بكر أَلا تحب قوما
بَلغهُمْ أَنَّك تحبني فأحبوك بحبك إيَّايَ فأحببهم أحبهم الله أخرجه ابْن فَيْرُوز
الحَدِيث الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ خرج ابْن السمان عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ التقى أَبُو بكر الصّديق وَعلي بن أبي طَالب فَتَبَسَّمَ أَبُو بكر فِي وَجه عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ عَليّ مَالك تتبسم فَقَالَ أَبُو بكر سَمِعت رَسُول الله
يَقُول لَا يجوز أحد الصِّرَاط إِلَّا من كتب لَهُ عَليّ بن أبي طَالب الْجَوَاز فَضَحِك عَليّ وَقَالَ أَلا أُبَشِّرك يَا أَبَا بكر قَالَ رَسُول الله
لَا يكْتب عَليّ الْجَوَاز إِلَّا لمن أحب أَبَا بكر
الحَدِيث الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ عَن أنس أَن يَهُودِيّا أَتَى أَبَا بكر فَقَالَ وَالَّذِي بعث مُوسَى كليما إِنِّي لَأحبك فَلم يرفع أَبُو بكر إِلَيْهِ رَأسه تهاونا باليهودى قَالَ فهبط جِبْرِيل على النَّبِي
فَقَالَ يَا مُحَمَّد الْعلي الْأَعْلَى يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لَك قل لِلْيَهُودِيِّ الَّذِي قَالَ لأبى بكر إِنِّي أحبك إِن الله عز وجل قد حاد عَنهُ فِي النَّار خلتين لَا تُوضَع الأنكال فِي قَدَمَيْهِ وَلَا الغل فِي عُنُقه بحبه لأبي بكر قَالَ فَبعث النَّبِي
فَأحْضرهُ وَأخْبرهُ الْخَبَر فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك مُحَمَّد رَسُول الله حَقًا والذى بَعثك بِالنُّبُوَّةِ لَا ازددت لأبي بكر إِلَّا حبا فَقَالَ رَسُول الله
هَنِيئًا هَنِيئًا
الحَدِيث الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ أخرج ابْن بَشرَان وَصَاحب الْفَضَائِل عَن عَليّ رضي الله عنه عَن رَسُول الله
قَالَ يُنَادي مُنَاد أَيْن السَّابِقُونَ الْأَولونَ فَيُقَال
من فَيَقُول أَيْن أَبُو بكر الصّديق فيتجلى الله لأبي بكر الصّديق خَاصَّة وَلِلنَّاسِ عَامَّة
الحَدِيث الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ أخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر كُنَّا نقُول وَرَسُول الله
حَيّ أفضل أمته بعده أَبُو بكر ثمَّ عمر فَيبلغ ذَلِك النَّبِي
فَلَا يُنكره وَفِي البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد ابْن الْحَنَفِيَّة قلت لأبي يَعْنِي عليا رضي الله عنه أَي النَّاس خير بعد رَسُول الله
فَقَالَ أَبُو بكر قلت ثمَّ مَنْ قَالَ عمر وخشيت أَن يَقُول عُثْمَان قلت ثمَّ أَنْت قَالَ مَا أَنا إِلَّا رجل من الْمُسلمين قَالَ ذَلِك فِي تمكنه وَقُوَّة ولَايَته على مِنْبَر الْكُوفَة وَأَبُو بكر وَعمر قد مَاتَا فَأَي تقية تكون إِذْ ذَاك وَأي طعم يبْقى لَهَا وَأي نتيجة فِيهَا وَأي عقل لمدعيها
الحَدِيث السَّادِس وَالسَّبْعُونَ أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أسعد بن زُرَارَة أَن رَسُول الله
قَالَ إِن روح الْقُدس جِبْرِيل أَخْبرنِي أَن خير أمتك بعْدك أَبُو بكر
الحَدِيث السَّابِع وَالسَّبْعُونَ أخرج ابْن مهْدي وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله
أَبُو بكر خير النَّاس إِلَّا أَن يكون نَبِي
الحَدِيث الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ أخرج الديلمي عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن رَسُول الله
قَالَ أَبُو بكر مني وَأَنا مِنْهُ وَأَبُو بكر أخي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
الحَدِيث التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ أخرج الديلمي عَن سَمُرَة أَن رَسُول الله
قَالَ أُمرت أَن أولي الرُّؤْيَا أَبَا بكر
الحَدِيث الثَّمَانُونَ أخرج التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن النَّبِي
قَالَ لأبي بكر أَنْت عَتيق من النَّار
الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي
قَالَ لأبي بكر أَنْت صَاحِبي على الْحَوْض وصاحبي فِي الْغَار
الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ أخرج أَبُو يعلى فِي مُسْنده وَأَبُو سعيد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت إِنِّي لفي بَيْتِي ذَات يَوْم وَرَسُول الله
وَأَصْحَابه فِي الفِناء والستر بيني وَبينهمْ إِذْ أقبل أَبُو بكر فَقَالَ عليه الصلاة والسلام من سره أَن ينظر إِلَى عَتيق من النَّار فَلْينْظر إِلَى أبي بكر وَإِن اسْمه الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهله عبد الله فغلب عَلَيْهِ اسْم عَتيق
الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ أخرج الْحَاكِم بِسَنَد جيد أَن عَائِشَة قَالَت جَاءَ الْمُشْركُونَ إِلَى أبي بكر فَقَالُوا هَل لَك إِلَى صَاحبك يزْعم أَنه أسرى بِهِ اللَّيْلَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ أَبُو بكر أَو قَالَ ذَلِك قَالُوا نعم فَقَالَ لقد صدق قَالُوا فَأَنت تصدقه يَا أَبَا بكر فَقَالَ إِنِّي لَأُصَدِّقهُ بأبعد من ذَلِك أصدقه بِخَبَر السَّمَاء فِي غدْوَة أَو رَوْحَة
الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ أَن رَسُول الله
قَالَ رَأَيْت إِنِّي وضعت فِي كفة فعدلتها ثمَّ وضع أَبُو بكر فِي كفة وَأمتِي فِي كفة فعدلها وَلِلْحَدِيثِ بَقِيَّة اقتصرت مِنْهَا على مَحل الشَّاهِد
الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه والضياء عَن سعيد بن زيد رضي الله عنه قَالَ عشرَة فِي الْجنَّة أَبُو بكر فِي الْجنَّة الحَدِيث وَله تَتِمَّة ستأتي
الحَدِيث السَّادِس وَالثَّمَانُونَ أخرج التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله
قَالَ رحم الله أَبَا بكر زَوجنِي ابْنَته وحملني إِلَى دَار الْهِجْرَة وَأعْتق بِلَالًا من مَاله وَمَا نَفَعَنِي مَال مَا نَفَعَنِي مَال أبي بكر قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر وَقَوله وحملني إِلَى دَار الْهِجْرَة يُنَافِيهِ حَدِيث البُخَارِيّ أَنه
لم يَأْخُذ الرَّاحِلَة الَّتِي هَاجر عَلَيْهَا من أبي بكر إِلَّا بِالثّمن إِلَّا أَن يجمع بِأَنَّهُ أَخذهَا مِنْهُ أَولا بِالثّمن ثمَّ أَبْرَأ أَبُو بكر ذمَّته من الثّمن انْتهى قلت تَعْلِيل أَئِمَّة الحَدِيث امْتِنَاعه عليه الصلاة والسلام من الْأَخْذ إِلَّا بِالثّمن يقْصد أَن تكون الْهِجْرَة تَامَّة خَالِصَة لله تَعَالَى من سَائِر وجوهها لَا مشركية لمخلوق فِيهَا وَلَا منَّة يُنَافِي هَذَا الْجمع إِذْ بِالْإِبْرَاءِ تتَحَقَّق الشّركَة وَالله تَعَالَى أعلم
الحَدِيث السَّابِع وَالثَّمَانُونَ أخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْمِقْدَاد قَالَ استب عقيل بن أبي طَالب وَأَبُو بكر وَكَانَ أَبُو بكر نساباً غير أَنه تحرج من قرَابَة عقيل من النَّبِي
فَأَعْرض عَنهُ وشكاه إِلَى النَّبِي
فَقَامَ عليه الصلاة والسلام على النَّاس فَقَالَ أَلا تدعوا لي صَاحِبي مَا شَأْنكُمْ وشأنه فوَاللَّه مَا مِنْكُم رجل إِلَّا على بَاب قلبه ظلمَة إِلَّا بَاب أبي بكر فَإِن على بَابه النُّور وَلَقَد قُلْتُمْ كذبت وَقَالَ أَبُو بكر صدقت وأمسكتم الْأَمْوَال وجاد لي بِمَالِه وخذلتموني وواساني واتبعني
الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله
من جر ثَوْبه خُيَلاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله إِن أحد شقي ثوبي يسترخي إِلَّا أَن أتعاهد ذَلِك مِنْهُ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة
وَالسَّلَام إِنَّك لست تصنع ذَلِك خُيَلَاء
الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير لما نزلت {وَلَو أَنا كتبا عَلَيهم أنِ اقتُلُوا أنفُسَكُم} النِّسَاء 66 قَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله لَو أَمرتنِي أَن أقتل نَفسِي لفَعَلت فَقَالَ
صدقت
الحَدِيث التِّسْعُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ قُرِئت عِنْد النَّبِي
{يَا أيتها النفسُ المُطمَئِنَةُ} الْفجْر 27 فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله إِن هَذَا لحسن فَقَالَ عليه الصلاة والسلام أما إِن الْملك سيقولها لَك عِنْد الْمَوْت
الحَدِيث الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن شاهين فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس مَوْصُولا قَالَ دخل رَسُول الله
غديراً فَقَالَ ليسبح كل رجل إِلَى صَاحبه فسبح كل رجل مِنْهُم إِلَى صَاحبه حَتَّى بَقِي رَسُول الله
وَأَبُو بكر فسبح رَسُول الله
إِلَى أبي بكر حَتَّى اعتنقه
الحَدِيث الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مجمع الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه قَالَ إِن كَانَت حَلقَة رَسُول الله
لتشبك حَتَّى تصير كالأسوار وَإِن مجْلِس أبي بكر مِنْهَا لفارغ لَا يطْمع فِيهِ أحد من النَّاس فَإِذا جَاءَ أَبُو بكر جلس ذَلِك الْمجْلس عَن يَمِينه عليه الصلاة والسلام وَأَقْبل عليه الصلاة والسلام بِوَجْهِهِ وَألقى إِلَيْهِ حَدِيثه وَسمع النَّاس قلت تأملها فيا لَهَا منقبة حلت من يفاع الْمجد أَعلَى مرقبة
الحَدِيث الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ أخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله
حب أبي بكر وشكره وَاجِب على كل أمتِي وَأخرج مثله من حَدِيث سهل
ابْن سعد
الحَدِيث الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ أخرج ابْن عَسَاكِر أَنه قيل لأبي بكر فِي مجمع هَل شربت الْخمر فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ أعوذ بِاللَّه فَقيل لَهُ وَلم قَالَ كنت أصون عرضي وأحفظ مروءتي فَإِن من شرب الْخمر كَانَ مضيعاً عرضه ومروءته فَبلغ ذَلِك رَسُول الله
فَقَالَ صدق أَبُو بكر صدق أَبُو بكر
الحَدِيث الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ أخرج الْحَاكِم فِي الكنى وَابْن عدي فِي الْكَامِل والخطيب فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله
قَالَ أَبُو بكر وَعمر خير الْأَوَّلين والآخرين وَخير أهل السَّمَوَات وَخير أهل الْأَرْضين إِلَّا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ
الحَدِيث السَّادِس وَالتِّسْعُونَ أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر فَإِنَّهُمَا حَبل الله الْمَمْدُود من تمسك بِهِ فقد تمسك بالعروة الوثقى الَّتِي لَا انفصام لَهَا
الحَدِيث السَّابِع وَالتِّسْعُونَ أخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد أَن النَّبِي
قَالَ مَا من نَبِي إِلَّا وَله وزيران من أهل السَّمَاء ووزيران من أهل الأَرْض فَأَما وزيراي من أهل السَّمَاء فجبريل وَمِيكَائِيل وَأما وزيراي من أهل الأَرْض فَأَبُو بكر وَعمر
الحَدِيث الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ أخرج أَحْمد والشيخان وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله
يَقُول بَيْنَمَا رَاع فِي غنمه عدا عَلَيْهِ الذِّئْب فَأخذ مِنْهُ شَاة فَطَلَبه الرَّاعِي فَالْتَفت إِلَيْهِ الذِّئْب فَقَالَ استنقذها مني فَمن لَهَا يَوْم السَّبع يَوْم
لَا راعي لَهَا غَيْرِي فَقَالَ النَّاس سُبْحَانَ الله ذِئْب يتَكَلَّم فَقَالَ النَّبِي
فَإِنِّي أُؤْمِن بذلك وَأَبُو بكر
الحَدِيث التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن أبي سعيد وَالطَّبَرَانِيّ عَن جَابر بن سَمُرَة وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر أَن النَّبِي
قَالَ إِن أهل الدَّرَجَات الْعلَا ليراهم من هُوَ أَسْفَل مِنْهُم كَمَا ترَوْنَ الْكَوْكَب الدُّرِّي فِي أفق السَّمَاء وَإِن أَبَا بكر وَعمر مِنْهُم
الحَدِيث الْمِائَة أخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله
قَالَ إِن أهل عليين ليشرف واحدهم على الْجنَّة فيضيء وَجهه لأهل الْجنَّة كَمَا يضيء الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَإِن أَبَا بكر وَعمر مِنْهُم وأنعما
الحَدِيث الْحَادِي وَالْمِائَة أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالتِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن حنْطَب أَن رَسُول الله
رأى أَبَا بكر وَعمر فَقَالَ هَذَانِ السّمع وَالْبَصَر
الحَدِيث الثَّانِي وَالْمِائَة أخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس والخطيب عَن جَابر وَأَبُو يعلي أَن رَسُول الله
قَالَ أَبُو بكر وَعمر مني بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الرَّأْس
الحَدِيث الثَّالِث وَالْمِائَة أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله
إِن لكل نَبِي خَاصَّة من أصحابة وَإِن خاصتي من أَصْحَابِي أَبُو بكر
وَعمر
الحَدِيث الرَّابِع وَالْمِائَة أخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله
قَالَ لكل نَبِي وزيران ووزيراي وصاحباي أَبُو بكر وَعمر
الحَدِيث الْخَامِس وَالْمِائَة أخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ وَالزُّبَيْر رضي الله عنهما أَن النَّبِي
قَالَ خير أمتِي بعدِي أَبُو بكر وَعمر
الحَدِيث السَّادِس وَالْمِائَة أخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه أَن رَسُول الله
قَالَ سيد كهول أهل الْجنَّة أَبُو بكر وَعمر وَإِن أَبَا بكر فِي الْجنَّة مثل الثريا فِي السَّمَاء
الحَدِيث السَّابِع وَالْمِائَة أخرج ابْن النجار عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله
مَا قدمت أَبَا بكر وَعمر وَلَكِن الله قدمهما
الحَدِيث الثَّامِن وَالْمِائَة أخرج ابْن قَانِع عَن الْحجَّاج التَّيْمِيّ أَن رَسُول الله
قَالَ من رَأَيْتُمُوهُ يذكر أَبَا بكر وَعمر بِسوء فَإِنَّمَا يزِيل الْإِسْلَام
الحَدِيث التَّاسِع وَالْمِائَة أخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي
قَالَ الْقَائِم بعدِي فِي الْجنَّة وَالَّذِي يقوم بعده فِي الْجنَّة وَالثَّالِث وَالرَّابِع فِي الْجنَّة
الحَدِيث الْعَاشِر وَالْمِائَة أخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس أَن رَسُول الله
قَالَ أَرْبَعَة لَا يجْتَمع حبهم فِي قلب مُنَافِق وَلَا يُحِبهُمْ إِلَّا مُؤمن أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي
الحَدِيث الْحَادِي عشر وَالْمِائَة أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله
قَالَ نعم الرجل أَبُو بكر نعم الرجل عمر وَعدد أشخاصاً سِتَّة
الحَدِيث الثَّانِي عشر وَمِائَة أخرج التِّرْمِذِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله
كَانَ يخرج على أَصْحَابه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وهم جُلُوس فيهم أَبُو بكر وَعمر فَلَا يرفع إِلَيْهِ أحد مِنْهُم بَصَره إِلَّا أَبُو بكر وَعمر فَإِنَّهُمَا كَانَا ينْظرَانِ إِلَيْهِ وَينظر إِلَيْهِمَا ويتبسمان إِلَيْهِ ويتبسم إِلَيْهِمَا
الحَدِيث الثَّالِث عشر وَمِائَة أخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله
خرج ذَات يَوْم فَدخل الْمَسْجِد وَأَبُو بكر وَعمر أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله وَهُوَ آخذ بأيديهما وَقَالَ هَكَذَا نبعث يَوْم الْقِيَامَة
الحَدِيث الرَّابِع عشر وَمِائَة أخرج الْبَزَّار عَن أبي أروى الدوسي قَالَ كنت عِنْد النَّبِي
فَأقبل أَبُو بكر وَعمر فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي أيدني بكما
الحَدِيث الْخَامِس عشر وَمِائَة أخرج عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد عَن أنس مَرْفُوعا أَن رَسُول الله
قَالَ إِنِّي أَرْجُو لأمتي فِي حبهم لأبى بكر وَعمر مَا أَرْجُو لَهُم فِي قَول لَا إِلَه إِلَّا الله
الحَدِيث السَّادِس عشر وَمِائَة أخرجه أَبُو يعلى عَن عمار بن يَاسر قَالَ قَالَ رَسُول الله
أَتَانِي جِبْرِيل آنِفا فَقلت يَا جِبْرِيل حَدثنِي بفضائل عمر فَقَالَ لَو حدثتك بفضائل عمر مُدَّة مَا لبث نوح فِي قومه مَا نفدت فضائله وَإنَّهُ لحسنة من حَسَنَات أبي بكر
الحَدِيث السَّابِع عشر وَمِائَة أخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن رَسُول الله
قَالَ لأبي بكر وَعمر لَو اجتمعتما فِي مشورة مَا خالفتكما
الحَدِيث الثَّامِن عشر وَمِائَة أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سهل قَالَ لما قدم عليه الصلاة والسلام من حجَّة الْوَدَاع صعد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس إِن أَبَا بكر لم يَسُؤْنِي قطّ فاعرفوا لَهُ ذَلِك أَيهَا النَّاس إِنِّي رَاض عَن أبي بكر
الحَدِيث التَّاسِع عشر وَمِائَة أخرج ابْن سعد عَن بسطَام بن مُسلم قَالَ قَالَ رَسُول الله
لأبي بكر وَعمر لَا يتأمر عَلَيْكُمَا أحد بعدِي
الحَدِيث الْعشْرُونَ وَمِائَة أخرج ابْن عَسَاكِر مَرْفُوعا حب أبي بكر وَعمر إِيمَان وبغضهما كفر
الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ وَمِائَة أخرج ابْن عَسَاكِر أَيْضا أَن رَسُول الله
قَالَ حب أبي بكر وَعمر من السّنة
الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ وَمِائَة أخرج مُحَمَّد بن يحيى فِي الزهريات عَن أبي ذَر قَالَ هجرت يَوْمًا من الْأَيَّام فَإِذا النَّبِي
قد خرج من بَيته فَسَأَلت عَنهُ
الْخَادِم فَأَخْبرنِي أَنه بِبَيْت عَائِشَة فَأَتَيْته وَهُوَ جَالس لَيْسَ عِنْده أحد من النَّاس وَكَانَ حِينَئِذٍ أرى أَنه فِي وَحي فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ السَّلَام ثمَّ قَالَ مَا جَاءَ بك قلت الله وَرَسُوله فَأمرنِي بِالْجُلُوسِ فَجَلَست إِلَى جنبه لَا أسأله عَن شَيْء إِلَّا ذكره لي فَمَكثَ غير كثير فجَاء أَبُو بكر يمشى مسرعاً فَسلم فَرد عليه السلام ثمَّ قَالَ مَا جَاءَ بك قَالَ الله وَرَسُوله فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى ربوة مُقَابل النَّبِي
أَن اجْلِسْ فَجَلَسَ ثمَّ جَاءَ عمر ثمَّ جَاءَ عُثْمَان فَجَلَسَا إِلَى جَانب أبي بكر ثمَّ قبض عليه الصلاة والسلام سبع أَو تسع حَصَيَات فسبحن حَتَّى سمع لَهُنَّ حنين كحنين النَّحْل فِي كف رَسُول الله
ثمَّ ناولهن أَبَا بكر وجاوزني فسبحن فِي كف أبي بكر ثمَّ أخذهنَ مِنْهُ فوضعهن فِي الأَرْض فخرسن ثمَّ ناولهن عمر فسبحن فِي كَفه ثمَّ أخذهن فوضعهن فِي الأَرْض فخرسن ثمَّ ناولهن عُثْمَان فسبحن فِي كَفه ثمَّ أخذهن فوضعهن فِي الأَرْض فخرسن قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر تَأمل سر إِعْطَاء النَّبِي
إياهن لأبي بكر من يَده قبل وضعهن فِي الأَرْض بِخِلَافِهِ فِي عمر وَعُثْمَان فَعلم أَن ذَلِك لمزيد قرب أبي بكر حَتَّى صير يَده لَيست أَجْنَبِيَّة من يَد النَّبِي
فَلم يفصل بَينهمَا بِزَوَال حبات تِلْكَ الحصيات بِخِلَافِهِ فِي عمر وَعُثْمَان
الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ وَالْمِائَة أخرج الملا فِي سيرته أَنه
قَالَ إِن الله افْترض عَلَيْكُم حب أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي كَمَا افْترض الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصَّوْم وَالْحج فَمن أنكر فَضلهمْ فَلَا تقبل مِنْهُ الصَّلَاة وَلَا الزَّكَاة وَلَا الصَّوْم وَلَا الْحَج
الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَمِائَة أخرج الشَّيْخَانِ وَأحمد وَغَيرهم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه خرج إِلَى الْمَسْجِد فَسَأَلَ عَن النَّبِي
فَقَالُوا وَجه هَاهُنَا فَخرجت فِي أَثَره حَتَّى دخل بِئْر أريس فَجَلَست عِنْد الْبَاب وبابها من جريد حَتَّى قضى رَسُول الله
حَاجته فَتَوَضَّأ فَقُمْت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ جَالس على بِئْر أريس وتوسط قفها فَجَلَست عِنْد الْبَاب فَقلت لأكونن بوابا للنَّبِي
الْيَوْم
فجَاء أَبُو بكر فدق الْبَاب فَقلت من هَذَا قَالَ أَبُو بكر فَقلت على رسلك ثمَّ ذهبت إِلَى رَسُول الله
فَقلت هَذَا أَبُو بكر يسْتَأْذن فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وبشره بِالْجنَّةِ وَهَكَذَا حِين جَاءَ عمر وَهَكَذَا حِين جَاءَ عُثْمَان وَزَاد بعد بشره الْجنَّة قَوْله إِلَى بلوى تصيبه
الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ وَمِائَة أخرج الْحَافِظ عمر بن مُحَمَّد بن خضر الملا فِي سيرته أَن الشَّافِعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ روى بِسَنَدِهِ أَنه
قَالَ كنت أَنا وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي أنواراً على يَمِين الْعَرْش قبل أَن يخلق الله آدم بِأَلف عَام فَلَمَّا خلق أسكنا ظَهره وَلم نزل ننتقل فِي الأصلاب الطاهرة حَتَّى نقلني الله إِلَى صلب عبد الله وَنقل أَبَا بكر إِلَى صلب أبي قُحَافَة وَنقل عمر إِلَى صلب الْخطاب وَنقل عُثْمَان إِلَى صلب عَفَّان وَنقل عليا إِلَى صلب أبي طَالب ثمَّ اخْتَارَهُمْ لي أصحاباً فَجعل أَبَا بكر صديقا وَعمر فاروقاً وَعُثْمَان ذَا النورين وعلياً وَصِيّا فَمن سبّ أَصْحَابِي فقد سبني وَمن سبني فقد سبّ الله وَمن سبّ الله أكبه فِي النَّار على مَنْخرَيْهِ
الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ وَمِائَة أخرج الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي الرياض النضرة أَنه
قَالَ أخبرنى جِبْرِيل أَن الله تَعَالَى لما خلق آدم وَأدْخل الرّوح فِي جسده أَمرنِي أَن آخذ تفاحة من الْجنَّة فأعصرها فِي حلقه فعصرتها فِي فِيهِ فخلق الله من النقطة الأولى أَنْت يَا مُحَمَّد وَمن الثَّانِيَة أَبَا بكر وَمن الثَّالِثَة عمر وَمن الرَّابِعَة عُثْمَان وَمن الْخَامِسَة عليا فَقَالَ آدم يَا رب من هَؤُلَاءِ الَّذين أكرمتهم فَقَالَ تَعَالَى هَؤُلَاءِ خَمْسَة أَشْيَاخ من ذريتك وهم أكْرم عِنْدِي من جَمِيع خلقي قَالَ الْعَلامَة ابْن حجر أَي أَنْت أكْرم الْأَنْبِيَاء وَالرسل وهم أكْرم أَتبَاع الرُّسُل فَلَمَّا عصى آدم ربه قَالَ يَا رب بِحرْمَة أُولَئِكَ الْأَشْيَاخ الْخَمْسَة الَّذين
فضلتهم إِلَّا تبت عَليّ فَتَابَ عَلَيْهِ
الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ وَمِائَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ لما اشْتَكَى أَبُو طَالب شكواه الَّتِي مَاتَ فِيهَا قَالَت لَهُ قُرَيْش أرسل إِلَى ابْن أَخِيك يُرْسل إِلَيْك من الْجنَّة الَّتِي ذكرهَا مَا يكون لَك شِفَاء فجَاء رَسُوله إِلَى رَسُول الله
وَأَبُو بكر جَالس مَعَه فَقَالَ إِن عمك يَقُول لَك إِنِّي ضَعِيف سقيم فَأرْسل إِلَيّ من جنتك مَا يكون شِفَاء فَقَالَ أَبُو بكر إِن الله حرمهَا على الْكَافرين فَرجع الرَّسُول فَأخْبرهُم بمقالة أبي بكر فحملوا عَلَيْهِ بِأَنْفسِهِم ثمَّ أَرْسلُوهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِي
مثل مَا قَالَ أَبُو بكر إِن الله حرمهَا على الْكَافرين
الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ وَمِائَة أخرج فِي الْفَضَائِل وَقَالَ حسن صَحِيح عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن النَّبِي
قَالَ لحسان لَا تعجل وأتِ أَبَا بكر فَإِنَّهُ أعلم قُرَيْش بأنسابها حَتَّى يمحض لَك نسبي
الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ وَمِائَة عَن ابْن عمر لما كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي ولد فِيهَا أَبُو بكر الصّديق أقبل ربكُم على جنَّة عدن فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أدْخلك إِلَّا من أحب هَذَا الْمَوْلُود أخرجه الديلمي قَالَ فِي بَحر الْأَنْسَاب وَنَقله فِي الرياض عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ حَدثنِي عَليّ بن أبي طَالب من فِيهِ قَالَ لما أَمر الله تبارك وتعالى رَسُوله
أَن يعرض نَفسه على قبائل الْعَرَب يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام خرج وَأَنا مَعَه وَأَبُو بكر فدفعنا إِلَى مجْلِس من مجَالِس الْعَرَب فَتقدم أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكَانَ مقدما فِي كل خير وَكَانَ رجلا نسابة فَتقدم وَقَالَ مِمَّن الْقَوْم فَقَالُوا من ربيعَة فَقَالَ أَي ربيعَة أَنْتُم من هامتها أم لهزمتها فَقَالُوا بل من الهامة الْعُظْمَى فَقَالَ أَبُو بكر وَأي هامتها الْعُظْمَى قَالُوا من ذهل الْأَكْبَر فَقَالَ أفيكم عَوْف الَّذِي يُقَال فِيهِ لَا
حر بوادي عَوْف قَالُوا لَا قَالَ أفيكم جساس بن مرّة حامي الذمار ومانع الْجَار قَالُوا لَا قَالَ أفيكم بسطَام بن قيس أَبُو اللِّوَاء ومنتهى الْأَحْيَاء قَالُوا لَا قَالَ أفيكم الحوفزان قَاتل الْمُلُوك وسالبها أَنْفسهَا قَالُوا لَا قَالَ أفيكم المزدلف صَاحب العيافة والندوة قَالُوا لَا قَالَ أفمنكم أخوال الْمُلُوك من كِنْدَة قَالُوا لَا قَالَ أفمنكم أَصْهَار الْمُلُوك من لخم قَالُوا لَا قَالَ أَبُو بكر فلستم ذهل الْأَكْبَر أَنْتُم ذهل الْأَصْغَر فَقَالَ إِلَيْهِ غُلَام من بني شَيبَان حِين بقل وَجهه يُقَال لَهُ دَغْفَل فَقَالَ // (من الرجز) //
(إِنَّ عَلَى سَائِلِنَا أَنْ نَسْأَلَهْ
…
وَالعِبْءَ لَا تَعْرِفُهُ أَوْ تَحْمِلُهْ)
يَا هَذَا إِنَّك قد سألتنا فأخبرناك وَلم نكتمك شَيْئا من أمرنَا فَمن الرجل فَقَالَ أَبُو بكر من قُرَيْش فَقَالَ الْفَتى بخ بخ أهل الشّرف والرياسة فَمن أَي القرشيين أَنْت قَالَ من ولد تيم بن مرّة قَالَ الْفَتى أمكنت وَالله من سَوَاء الثغرة أمنكم قصي الَّذِي جمع الْقَبَائِل من فهر وَكَانَ يدعى فِي قُرَيْش مجمعا قَالَ لَا قَالَ أفمنكم هَاشم الَّذِي هشم الثَّرِيد لِقَوْمِهِ وَأهل مَكَّة مسنتون عجاف قَالَ لَا قَالَ أفمنكم شيبَة الْحَمد عبد الْمطلب مطعم طير السَّمَاء الَّذِي كَانَ وَجهه كَالْقَمَرِ فِي اللَّيْلَة الداجية قَالَ لَا قَالَ فَمن أهل السِّقَايَة أَنْت قَالَ لَا قَالَ فَمن أهل الْإِفَاضَة بِالنَّاسِ أَنْت قَالَ لَا قَالَ فَمن أهل الحجابة أَنْت قَالَ لَا قَالَ فَمن أهل الندوة أَنْت قَالَ لَا قَالَ فَمن أهل الرفادة أَنْت قَالَ لَا فاجتذب أَبُو بكر زِمَام نَاقَته رَاجعا إِلَى رَسُول الله
فَقَالَ الْغُلَام // (من الرجز) //
(صَادَفَ درُُّ السَّيْلِ درًّا يَدْفَهُهْ
…
يَهِيضُهُ طَوْراً وطَوْرًا يَصْدَعُهْ)
أما وَالله لَو ثَبت لأخبرتك من أَي قُرَيْش أَنْت قَالَ فَتَبَسَّمَ رَسُول الله
قَالَ عَليّ فَقلت يَا أَبَا بكر لقد وَقعت من الْأَعرَابِي على باقعة أجل يَا أَبَا
حسن مَا من طامة إِلَّا وفوقها طامة وَالْبَلَاء مُوكل بالْمَنْطق قَالَ ثمَّ دفعنَا إِلَى مجْلِس آخر عَلَيْهِ السكينَة وَالْوَقار فَتقدم أَبُو بكر وَسلم وَقَالَ مِمَّن الْقَوْم قَالُوا من شَيبَان بن ثَعْلَبَة فَالْتَفت أَبُو بكر إِلَى رَسُول الله
وَقَالَ بِأبي أَنْت وَأمي هَؤُلَاءِ غرر النَّاس وَفِيهِمْ مفروق بن عَمْرو وهانىء بن قبيصَة والمثنى من حَارِثَة والنعمان بن شريك وَكَانَ مفروق أدنى الْقَوْم مَجْلِسا فَقَالَ أَبُو بكر كَيفَ المنعة فِيكُم فَقَالَ مفروق علينا الْجهد وَلكُل قوم جهد قَالَ أَبُو بكر فَكيف الْحَرْب بَيْنكُم وَبَين عَدوكُمْ فَقَالَ إِنَّا لأشد مَا نَكُون غَضبا حِين نلقى وَأَشد مَا نَكُون لِقَاء حِين نغضب وَإِنَّا لنؤثر الْجِيَاد على الْأَوْلَاد وَالسِّلَاح على اللقَاح والنصر من عِنْد الله يديلنا مرّة ويديل علينا آخرى ثمَّ الْتفت إِلَى رَسُول الله
فَقَالَ لَعَلَّك أَخُو قُرَيْش قَالَ أَبُو بكر لقد بَلغَكُمْ أَنه رَسُول الله
أَلا هُوَ ذَا فَقَالَ مفروق بلغنَا أَنه يذكر ذَلِك فإلام تدعونا يَا أَخا قُرَيْش فَتقدم رَسُول الله
وَجلسَ فَقَامَ أَبُو بكر يظله بِثَوْبِهِ فَقَالَ رَسُول الله
أدعوكم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَالِي أَن تعزروني وتنصروني فَإِن قُريْشًا قد ظَاهَرت على أَمر الله وكذبت رَسُوله واستغنت بِالْبَاطِلِ عَن الْحق وَالله هُوَ الْغَنِيّ الحميد فَقَالَ مفروق بن عَمْرو وإلام تدعونا يَا أَخا قُرَيْش فوَاللَّه مَا سَمِعت كلَاما أحسن من هَذَا فَتلا رَسُول الله
{قُل تَعالوا أتلُ مَا حَرَمَ رَبكُم عَليكُم} إِلَى قَوْله {فَتَفَرَقَ بِكم عَن سبيلِه ذَلِكم وَصاكُم بِهِ لَعَلَكم تَتَقونَ} الْأَنْعَام 151 - 153 فَقَالَ مفروق وإلام تدعونا يَا أَخا قُرَيْش قَالَ فَتلا رَسُول الله
{إِنَ الله يأمُرُ بِالعَدِل والإحسَانِ} النَّحْل 9 الْآيَة قَالَ مفروق دَعَوْت وَالله يَا أَخا قُرَيْش إِلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْأَعْمَال وَلَقَد أفك قوم كَذبُوك وظاهروا عَلَيْك وَكَأَنَّهُ أحب أَن يشركهُ فِي الْكَلَام هانىء بن قبيصَة فَقَالَ وَهَذَا هانىء بن قبيصَة شَيخنَا وَصَاحب ديننَا فَقَالَ هانىء قد سَمِعت مَقَالَتك يَا أَخا قُرَيْش وَإِنِّي أرى أَن تركنَا ديننَا واتباعك على دينك
لمجلس جلسنا إِلَيْك لَيْسَ لَهُ أول وَلَا آخر زلَّة فِي الرَّأْي وَقلة نظر فِي الْعَاقِبَة وَإِنَّمَا تكون الزلة مَعَ العجلة وَمن وَرَائِنَا قوم نكره أَن نعقد عَلَيْهِم عقدا وَلَكِن ترجع وَنَرْجِع وَتنظر وَنَنْظُر وَكَأَنَّهُ أحب أَن يُشْرك الْمثنى بن حَارِثَة فَقَالَ وَهَذَا الْمثنى بن حَارِثَة شَيخنَا وَصَاحب حربنا فَقَالَ الْمثنى بن حَارِثَة قد سَمِعت مَقَالَتك يَا أَخا قُرَيْش وَالْجَوَاب فِيهَا جَوَاب هانىء بن قبيصَة فِي تركنَا ديننَا ومتابعتك على دينك وَإِنَّا نزلنَا بَين صريين الْيَمَامَة والسماوة فَقَالَ رَسُول الله
مَا هَذَانِ الصريان فَقَالَ أَنهَار كسْرَى ومياه الْعَرَب فَأَما مَا كَانَ من أَنهَار كسْرَى فذنب صَاحبه غير مغْفُور وعذره غير مَقْبُول وَإِنَّا إِنَّمَا نزلنَا على عهد أَخذه علينا أَلا نُحدث حَدثا وَلَا نؤوي مُحدثا وَإِنِّي أرى هَذَا الْأَمر الَّذِي تدعونا إِلَيْهِ يَا أَخا قُرَيْش مِمَّا تكرههُ الْمُلُوك فَإِن أَحْبَبْت أَن نؤويك مِمَّا يَلِي مياه الْعَرَب فعلنَا فَقَالَ رَسُول الله
مَا أسأتم فِي الرَّد إِذْ أفصحتم بِالصّدقِ وَإِن دين الله لم ينصره إِلَّا من حاطه من جَمِيع جوانبه أَرَأَيْتُم إِن لم تلبثوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يورثكم الله أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ ويفرشكم نِسَاءَهُمْ أتسبحون الله وتقدسونه قَالَ النُّعْمَان بن شريك اللَّهُمَّ فلك ذَلِك فَتلا رَسُول الله
{يَا أيّها النَّبِي إِنّاً أرسَلناكَ شاهِداً وَمُبَشراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى الله بِإِذنِهِ وَسِراجاً مُّنِيراً} الْأَحْزَاب 45، 46 ثمَّ نَهَضَ رَسُول الله
قَابِضا على يَد أبي بكر وَهُوَ يَقُول أَيَّة أَخْلَاق فِي الْجَاهِلِيَّة مَا أشرفها بهَا يدْفع الله بَأْس بَعضهم عَن بعض وَبهَا يتحاجزون فِيمَا بَينهم قَالَ فدفعنا إِلَى مجْلِس الْأَوْس والخزرج فَمَا نهضنا حَتَّى بَايعُوا رَسُول الله
قَالَ فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله
وَقد سُر بِمَا كَانَ من أبي بكر ومعرفته بأنسابهم هَذَا مَا ظَفرت بِهِ من الْأَحَادِيث الْخَاصَّة بِهِ وَأما مَا ورد مُشْتَركا بَينه وَبَين عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَو مَعَ الثَّلَاثَة أَو مَعَ الْأَرْبَعَة أَو مَعَ الْعشْرَة فشيء كثير لم أورد مِنْهُ إِلَّا شَيْئا وَمَا ورد فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ من الصَّحَابَة وَالسَّلَف الصَّالح من الْآثَار والمناقب من زهده وتقواه وورعه وهداه وحياطته للدّين وَالْقِيَام بِأَمْر
الْمُسلمين ومصالحهم والشفقة على الْأمة والنصح لَهَا واقتفاء مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُول الله
بِحَضْرَة النَّبِي
وسماعه لتِلْك وَفِي غير حصنه لم أورد مِنْهُ شَيْئا أصلا وَإِلَّا لاستوعب الْكتاب أجمع وَلما اشتهرت وَفَاة النَّبِي
بالنواحي ارْتَدَّت طوائف من الْعَرَب عَن الْإِسْلَام وَمنعُوا الزَّكَاة فَخرج أَبُو بكر فِي الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَقَالَ لَهُ عمر ألف النَّاس وارفق بهم فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر أجبار فِي الْجَاهِلِيَّة وخوار فِي الْإِسْلَام إِنَّه قد انْقَطع الْوَحْي وَتمّ الدّين أينقص وَأَنا حَيّ ثمَّ خرج لقتالهم حَتَّى بلغ نقعاء بحذاء نجد وهربت الْأَعْرَاب بذراريهم فَكلم النَّاس أَبَا بكر وَقَالُوا ارْجع إِلَى الْمَدِينَة وَأمر على الْجَيْش رجلا فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى رَجَعَ وَبعث خَالِدا وَأمره أَن يُقَاتل النَّاس على خمس من ترك وَاحِدَة مِنْهُنَّ قَاتله كَمَا يُقَاتل من ترك الْخمس جَمِيعًا على شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَالْحج إِلَى الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَأمر على الْأَنْصَار خَاصَّة ثَابت بن قيس بن شماس وَأمر خَالِدا أَن يصمد لقِتَال طليحة الْأَسدي فَسَار وعدة من مَعَه أَلفَانِ وَسَبْعمائة إِلَى ثَلَاثَة آلَاف وَوجه عكاشة ابْن مُحصن الْأَسدي وثابت بن أقرم الْأنْصَارِيّ إِلَى طليحة فَانْتَهَيَا إِلَى قطن فصادفا بِهِ ابْنا لطليحة مُتَوَجها إِلَى أَبِيه بثقله فقتلاه وأخذا مَاله فساق وَرَاءَهُمْ طليحة بعد أَن علم بِمَا فعلاه هُوَ وَأَخُوهُ سَلمَة فقتلا عكاشة وثابتاً فَسَار خَالِد فقاتل طليحة فَهَزَمَهُ الله تَعَالَى وَكَانَ طليحة بطلاً شَدِيد الْبَأْس فِي الْقِتَال وَقَالَ طليحة فِي قَتله عكاشة وثابت بن أقرم // (من الطَّوِيل) //
(فَمَا ظَنُّكُم بِالقَوْمِ إذْ تَقْتُلُونَهُمْ
…
أَلَيْسُوا وَإِنْ لم يُسْلِمُوا بِرِجَالِ)
(أقمْتُ لَهُمُ صَدْرَ الحِمَالَةِ إِنَّهَا
…
مُعَوَّدةٌ قَتْلَ الكُمَاةِ نَزَالِ)
(فَيوْمًا تَرَاها فِي الجلَالِ مَصُونَةً
…
وَيَوْمًا تَرَاهَا غَيْرَ ذاتِ جِلَالِ)
(فَإِنْ يَكُ أَوْلَادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ
…
فَلَنْ تَذْهَبُوا فَرغًا بِقَتْلِ حبَالِ)
(عَشِيَّةَ غَادَرْتُ بنَ أَقْومَ ثَاوِيًا
…
وَعُكَّاشَةَ الغَنْمِيَّ عِنْدَ مجَالِي)
وَكَانَ من شَأْن طليحة أَنه تنبأ على عهد رَسُول الله
وَكَانَ يَقُول إِن ذَا النُّون يَأْتِيهِ فَقَالَ
لقد ذكر ملكا عَظِيما فَلَمَّا كَانَ زمن أبي بكر فِيمَن ارْتَدَّ فَبعث أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ خَالِد بن الْوَلِيد إِلَيْهِ فَلَمَّا انْتهى إِلَى عسكره ووجده قد ضربت لَهُ قبَّة من أَدَم وَأَصْحَابه حوله فَقَالَ خَالِد ليخرج إِلَيّ طليحة فَقَالُوا لَا تصغر نَبينَا هُوَ طَلْحَة فَخرج إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ خَالِد إِن من عهد خليفتنا أَن يَدْعُوك إِلَى أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَقَالَ يَا خَالِد أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَلَمَّا سمع خَالِد ذَلِك انْصَرف عَنهُ وعسكر بِالْقربِ مِنْهُ على ميل فَقَالَ عُيَيْنَة بن حصن لطليحة لَا أَبَا لَك هَل أَنْت مرينا بعض نبوتك قَالَ نعم وَكَانَ قد بعث عيُونا لَهُ حِين سَار خَالِد من الْمَدِينَة مُقبلا إِلَيْهِم فعرفوا خبر خَالِد فَقَالَ لَئِن بعثتم فارسين على فرسين أغرين محجلين من بني نصر بن قعين أَتَوْكُم من الْقَوْم بِعَين فهيئوا لَهُ فارسين فبعثوهما فَخَرَجَا يركضان فلقيا عينا لخَالِد مُقبلا إِلَيْهِم فَقَالَا مَا خبر خَالِد وَقَالا مَا وَرَاك قَالَ هَذَا خَالِد بن الْوَلِيد فِي الْمُسلمين قد أقبل فَزَادَهُم فتْنَة وَقَالَ ألم أقل لكم فَلَمَّا كَانَ السحر نَهَضَ خَالِد إِلَى طليحة فِيمَن مَعَه من أَصْحَاب رَسُول الله
فَلَمَّا التقى الْجَمْعَانِ تزمل طليحة فِي كسَاء لَهُ زاعماً انْتِظَار الْوَحْي فَلَمَّا طَال ذَلِك على أَصْحَابه وألح عَلَيْهِم الْمُسلمُونَ بِالسَّيْفِ قَالَ لَهُ عُيَيْنَة بن حصن هَل أَتَاك بعد فَقَالَ من تَحت الكساء لَا وَالله مَا جَاءَ بعدُ فَقَالَ لَهُ عُيَيْنَة تَبًّا لَك آخر الدَّهْر ثمَّ جذبه جذبة جلس مِنْهَا وَقَالَ قبح الله هَذِه من نبوة فَجَلَسَ طليحة ثمَّ قَالَ لَهُ عُيَيْنَة مَا قيل لَك قَالَ قيل لي إِن لَك مرجى كمرجاه وأمراً لَا تنساه فَقَالَ لَهُ عُيَيْنَة أَظن قد علم الله تَعَالَى أَن سَيكون لَك أَمر لَا ننساه هَذَا كَذَّاب مَا بورك لنا وَلَا لَهُ فِيمَا
نطلب ثمَّ هرب عُيَيْنَة وَأَخُوهُ فأدركوه وأسروه وأفلت أَخُوهُ وهرب طليحة مُنْهَزِمًا وأسلمه شَيْطَانه حَتَّى قدم الشَّام فَأَقَامَ عِنْد بني حنيفَة الغسانيين حَتَّى فتح الله تَعَالَى أجنادين وَتُوفِّي أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَذَا فِي المحاسن والمساوي ثمَّ أسلم طليحة وَحسن إِسْلَامه قَالَ ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود عَن عُرْوَة قَالَ لما سَار خَالِد وَكَانَ سَيْفا من سيوف الله وَرَسُوله فأسرع الْمسير حَتَّى نزل ببزاخة وَجمع لَهُ هُنَاكَ الْعَدو بَنو أَسد وغَطَفَان فَاقْتَتلُوا حَتَّى قتل من الْعَدو خلقا كثيرا وَأسر مِنْهُم أسَارِي فَأمر خَالِد بالحضر أَن تبنى ثمَّ أوقد فِيهَا النيرَان وَألقى الأساري فِيهَا وَقتل فِي ذَلِك الْوَجْه مَالك بن نُوَيْرَة التميمى قَالَ ابْن إِسْحَاق أَتَى خَالِد بن الْوَلِيد رضي الله عنه لمَالِك بن نُوَيْرَة فِي رَهْط من قومه بنى حَنْظَلَة فَضرب أَعْنَاقهم وَسَار فِي أَرض بني تَمِيم فَلَمَّا غشوا قوما مِنْهَا أخذُوا السِّلَاح وَقَالُوا نَحن مُسلمُونَ فَقيل لَهُم ضَعُوا السِّلَاح فوضعوه ثمَّ صلى الْمُسلمُونَ فصلوا فروى سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ قدم أَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ على أبي بكر فَأخْبرهُ بقتل مَالك بن نُوَيْرَة وَأَصْحَابه فجزع لذَلِك ثمَّ ودى مَالِكًا ورد السَّبي وَالْمَال وَهُوَ مَالك بن نُوَيْرَة بن شَدَّاد اليربوعى التَّمِيمِي فَارس ذِي الْخمار وَذُو الْخمار فرسه كَانَ فَارِسًا شجاعاً مُطَاعًا فِي قومه وَفِيه خُيلاء كَانَ يُقَال لَهُ الجفول لِكَثْرَة سَفَره وَكَانَ من فرسَان الْعَرَب وشجعانهم وَذَوي الرَّأْي والردافة فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَت لبني يَرْبُوع أَيَّام آل الْمُنْذر وَمعنى الردف أَن يجلس مجْلِس الْملك إِذا غَابَ وَعَن يَمِينه إِذا جلس فَإِذا شرب الْملك شرب الردف بعده وللردف إتاوة تُؤْخَذ مَعَ إتاوة الْملك وَفِي ذَلِك يَقُول راجزهم
(وَمَنْ يُنَافِرْ آلَ يَرْبوعٍ يَجِدْ
…
ألمَجْلِسَ الأَيْمَنَ وَالرِّدَف النَّجدْ)
قدم على النَّبِي
فولاه صَدَقَة قومه بني يَرْبُوع ثمَّ ارْتَدَّ فَلَمَّا نازله خَالِد بعد
وَفَاته عليه الصلاة والسلام قَالَ أَنا آتِي بِالصَّلَاةِ دون الزَّكَاة فَقَالَ لَهُ أعلمت أَن الصَّلَاة وَالزَّكَاة مَعًا لَا تقبل وَاحِدَة دون الْأُخْرَى فَقَالَ قد كَانَ صَاحبك يَقُول ذَلِك قَالَ خَالِد وَمَا ترَاهُ لَك صاحباً وَلَقَد هَمَمْت أَن أضْرب عُنُقك ثمَّ تجَاوز طَويلا فصمم خَالِد على قَتله فَكَلمهُ أَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ وَابْن عمر فكره كَلَامهمَا وَقَالَ لِضِرَار بن الْأَزْوَر اضْرِب عُنُقه فَجَاءَت امْرَأَته ليلى بنت سِنَان كاشفة وَجههَا فَأَلْقَت نَفسهَا عَلَيْهِ فَالْتَفت مَالك إِلَى زَوجته وَقَالَ أَنْت الَّتِي قتلتيني وَكَانَت فِي غَايَة الْجمال قَالَ خَالِد بل الله قَتلك برجوعك عَن الْإِسْلَام فَقَالَ أَنا على الْإِسْلَام قَالَ اضْرِب عُنُقه فَضرب عُنُقه وَجعل رَأسه إِحْدَى أثافي الْقدر وطبخ فِيهَا طَعَام فَقَالَت امْرَأَة من قومه حِين رَأَتْهُ اصرفوا وَجه مَالك عَن النَّار فوَاللَّه لقد كَانَ حَدِيد الطّرف فِي الغارات غضيض الطّرف عَن الجارات لَا يشْبع لَيْلَة يُضَاف وَلَا ينَام لَيْلَة يخَاف ثمَّ تزوج خَالِد بِالْمَرْأَةِ فَقَالَ أَبُو زُهَيْر السَّعْدِيّ من أَبْيَات // (من الطَّوِيل) //
(قَضَى خَالدٌ بَغْيًا عَلَيْهِ لعِرْسِهِ
…
وَكَانَ لَهُ فِيهَا هَوًى قَبْلَ ذَلِكَ)
وَيذكر أَن أَخا مَالك بن نُوَيْرَة متمم بن نُوَيْرَة قدم الْمَدِينَة فَأَنْشد أَبَا بكر مندبة ندب بهَا أَخَاهُ وَنَاشَدَهُ فِي دم أَخِيه مِنْهَا قَوْله مُخَاطبا لِضِرَار بن الْأَزْوَر // (من الْكَامِل) //
(نِعْمَ القَتِيلُ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَوَّحَتْ
…
خَلْفَ البُيُوتِ قَتَلْتَ يَابْنَ الأَزْوَرِ)
ثمَّ توجه إِلَى أبي بكر فَقَالَ // (من الْكَامِل) //
(وَدَعَوْتَهُ بِالله ثُمَّ عَدَرْتَهُ
…
لَو هُوْ دَعَاكَ بِذِمَّة لَمْ يَغْدِرِ)
فَقَالَ أَبُو بكر وَالله مَا دَعوته وَلَا غدرته فَقَالَ أَخُوهُ متمم بَقِيَّة أبياته الْمَشْهُورَة وانحط على فرسه وَكَانَ أَعور فَمَا زَالَ يبكي حَتَّى دَمَعَتْ عينه العوراء فَقَامَ إِلَيْهِ عمر بن الْخطاب فَقَالَ وددت لَو رثيت أخي زيدا بِمثل مَا رثيت بِهِ أَخَاك فَقَالَ متمم وَالله لَو علمت أَن أخي صَار إِلَى مَا صَار إِلَيْهِ أَخُوك لم أرثه وَلم أَحْزَن عَلَيْهِ يعْنى الْجنَّة قلت وَهَذَا الْجَواب من متمم يُؤَيّد صِحَة الرِّوَايَة بارتداده وَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَوْمًا حَدثنَا عَن أَخِيك فَقَالَ أسرت مرّة فِي حَيّ عَظِيم من أَحيَاء الْعَرَب فَأقبل أخي مَالك فَمَا هُوَ إِلَّا أَن طلع على