الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاتته رَكْعَتَانِ بعد الظّهْر فقضاهما بعد الْعَصْر ثمَّ واظب عَلَيْهِمَا وَقَالَ تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي فَقَالَ الشَّافِعِي لَيْسَ لأحد أَن يكنى بِأبي الْقَاسِم وَحمل نَصه على حَال حَيَاته
وَمن رَآهُ فِي الْمَنَام فقد رَآهُ حَقًا فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل فِي صورته وَالْأَرْض لَا تَأْكُل لَحْمه وَلَا لحم أحد من الْأَنْبِيَاء وكل نسب وَسبب وصهر مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا نسبه وَسَببه وصهره وَله غير ذَلِك مِمَّا لَا ينْحَصر
(فصل فِي معجزاته
)
مِنْهَا وَهُوَ أعظمها الْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي عجز الْجِنّ وَالْإِنْس أَن يَأْتُوا بِمثلِهِ بل بِعشر سور مِنْهُ بل بِسُورَة بل بِحَدِيث مثله وانشقاق الْقَمَر ونبع المَاء من بَين أَصَابِعه فَشرب مِنْهُ أهل الْعَسْكَر وَتَوَضَّئُوا كل ذَلِك من قدح وَلَا مَاء فِيهِ فَجَاشَ بِالْمَاءِ حَتَّى شرب الْجَيْش وَرووا وهم أُلُوف وفاضت إِلَى الْيَوْم وبالحديبية مرّة بالبئر فأروتهم وهم ألف وَأَرْبَعمِائَة أَو أَكثر وَأطْعم جَيش الخَنْدَق وهم ثَلَاثَة آلَاف من تمرٍ أَتَت بِهِ ابْنة بشير بن سعد إِلَى أَبِيهَا وخالها لم يمْلَأ كفيه فَأَكَلُوا مِنْهُ حَتَّى شَبِعُوا وفضلت فضلَة وَرمى يَوْم حنين جَيش الْكفَّار بقبضة من تُرَاب فعميت عيونهم وحن إِلَيْهِ الْجذع الَّذِي كَانَ يخْطب إِلَيْهِ حِين عمل لَهُ الْمِنْبَر وَكَلمه الذِّرَاع المسموم بِالشَّاة كَمَا سبق وَكَانَ يخبر بالغيوب كَقَوْلِه إِن عمارا تقتله الفئة الباغية وَإِن عُثْمَان تصيبه بلوى تكون بعْدهَا الْجنَّة وَإِن الْحسن بن عَليّ سيد وسيصلح الله بِهِ بَين فئتين عظيمتين من الْمُسلمين فَكَانَ كَذَلِك وَكَانَ إخْبَاره بقتل الْأسود الْعَنسِي الْكذَّاب وَهُوَ بِصَنْعَاء وبمن قَتله وبموت النَّجَاشِيّ بِالْحَبَشَةِ وبترتيب المقتولين فِي غَزْوَة مُؤْتَة كَمَا مضى وإخباره بقتل ابْن خلف ومصارع صَنَادِيد قُرَيْش فَكَانَ كَمَا قَالَ وَخرج وعَلى بَابه قوم ينتظرونه ليؤذوه فَوضع التُّرَاب على رؤوسهم فَلم يروه ودعا شجرتين فأتتاه فاجتمعتا ثمَّ أَمرهمَا فافترقتا وزويت لَهُ الأَرْض
فَرَأى مشارقها وَمَغَارِبهَا وَأخْبر ببلوغ ملك أمته مَا زوى لَهُ مِنْهَا فَكَانَ كَذَلِك فَبلغ ملكهم من أول الْمشرق إِلَى آخر الْمغرب وَلم يتسعوا فِي الْجنُوب وَالشمَال كَمَا أخبر سَوَاء بِسَوَاء وَمسح ضرع شَاة لم ينز عَلَيْهَا الْفَحْل فَدرت وندرت عين قَتَادَة فَسَقَطت فَردهَا بِيَدِهِ الْكَرِيمَة فَكَانَت أصح عَيْنَيْهِ وأحسنهما وَأَحَدهمَا وَكَانُوا يسمعُونَ تَسْبِيح الطَّعَام بَين يَدَيْهِ والحصى بيدَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ الْحجر وَالشَّجر ليَالِي بعث وَغَيرهمَا وكلمته الْحَيَوَانَات الْبَعِير وَغَيره فِي حاجاتها وَمِنْهَا إنبات النَّخْلَة فِي سَنَام الْبَعِير وَإِدْرَاك ثَمَرهَا فِي الْحَال ففرقه على الْحَاضِرين فَمن علم الله أَن سيؤمن كَانَت التمرة فِي فَمه تَمْرَة كَمَا هِيَ وَمن علم عدم إيمَانه عَادَتْ التمرة فِي فِيهِ حجرا ذكر ذَلِك الْبَيْهَقِيّ وَغَيره من أَئِمَّة الحَدِيث وَغير ذَلِك مِمَّا لَا يُحْصى وَقد بلغ بمعجزاته عليه الصلاة والسلام بعض الْأَئِمَّة ثَلَاثَة آلَاف وَزِيَادَة غير الْقُرْآن الْعَظِيم إِذْ كل حرف مِنْهُ معجز فمعجزاته
لَا يدْرك حصرها قَالَ ابْن اسحق فَلَمَّا بُويِعَ أَبُو بكر أقبل النَّاس على جهاز رَسُول الله
يَوْم الثُّلَاثَاء فَحَدثني عبد الله بن أبي بكر وحسين بن عبد الله وَغَيرهمَا من أَصْحَابنَا أَن عَليّ بن أبي طَالب وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَالْفضل بن الْعَبَّاس وَقثم بن الْعَبَّاس وَأُسَامَة بن زيد وشقران مولى رَسُول الله
هم الَّذين توَلّوا غسله وَأَن أَوْس بن خولى أحد بني عَوْف بن الْخَزْرَج قَالَ لعَلي بن أبي طَالب أنْشدك الله يَا عَليّ وحظنا من رَسُول الله
وَكَانَ أَوْس من أَصْحَاب رَسُول الله
وَأهل بدر قَالَ ادخل فَدخل وَجلسَ وَحضر غسل رَسُول الله
فأسنده عَليّ بن أبي طَالب إِلَى صَدره وَكَانَ الْعَبَّاس وَالْفضل وَقثم يقلبونه مَعَه وَكَانَ أُسَامَة بن زيد وشقران موليَاهُ اللَّذَان يصبَّانِ المَاء عَلَيْهِ وَعلي يغسلهُ قد أسْندهُ إِلَى صَدره وَعَلِيهِ قَمِيص يدلكه بِهِ من وَرَائه وَلَا يُفْضِي بِيَدِهِ إِلَى رَسُول الله
وَعلي يَقُول بِأبي أَنْت وَأمي مَا أطيبك حَيا وَمَيتًا وَلم يُر من رَسُول الله
شَيْء مِمَّا يرى من الْمَيِّت
قَالَ ابْن إِسْحَاق وحَدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عَن أَبِيه عباد عَن عَائِشَة قَالَت لما أَرَادوا غسل رَسُول الله
اخْتلفُوا فِيهِ فَقَالُوا وَالله مَا ندي أنجرد رَسُول الله
من ثِيَابه كَمَا نجرد مَوتَانا أَو نغسله وَعَلِيهِ ثِيَابه قَالَت فَلَمَّا اخْتلفُوا ألْقى الله عَلَيْهِم النّوم حَتَّى مَا مِنْهُم من رجل إِلَّا ذقنه فِي صَدره ثمَّ كَلمهمْ مُكَلم من نَاحيَة الْبَيْت لَا يَدْرُونَ من هُوَ أَن غسلوا النَّبِي
وَعَلِيهِ ثِيَابه قَالَت فَقَامُوا إِلَى رَسُول الله
فغسلوه وَعَلِيهِ قَمِيصه يصبون المَاء فَوق الْقَمِيص ويدلكونه والقميص دون أَيْديهم قَالَ فَلَمَّا فرغ من غسل رَسُول الله
كفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب ثَوْبَيْنِ صحاريين وبردة حبرَة أدرج فِيهِ إدراجاً كَمَا حَدثنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن وحَدثني حُسَيْن بن عبد الله عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما أَرَادوا أَن يحفروا لرَسُول الله
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح يصْرخ كحفر أهل مَكَّة وَكَانَ أَبُو طَلْحَة زيد بن سهل هُوَ الَّذِي كَانَ يحْفر لأهل الْمَدِينَة وَكَانَ يلْحد فَدَعَا الْعَبَّاس رجلَيْنِ فَقَالَ لأَحَدهمَا اذْهَبْ إِلَى أبي عُبَيْدَة بن الْجراح وَقَالَ للْآخر اذْهَبْ إِلَى أبي طَلْحَة اللَّهُمَّ خره لرَسُول الله
فَلَمَّا فرغ من جهاز رَسُول الله
يَوْم الثُّلَاثَاء وضع على سَرِيره فِي بَيته وَقد كَانَ الْمُسلمُونَ اخْتلفُوا فِي دَفنه فَقَالَ قَائِل ندفنه فِي مَسْجده وَقَالَ قَائِل بل ندفنه مَعَ أَصْحَابه فَقَالَ أَبُو بكر إِنِّي سَمِعت رَسُول الله
يَقُول مَا قبض نَبِي إِلَّا دفن حَيْثُ قبض فَرفع فرَاش رَسُول الله
الَّذِي توفّي عَلَيْهِ فحفر لَهُ تَحْتَهُ ثمَّ دخل النَّاس على رَسُول الله
يصلونَ عَلَيْهِ أَرْسَالًا فَدخل الرِّجَال حَتَّى إِذا فرغوا
دخل النِّسَاء حَتَّى إِذا فرغن دخل الصّبيان وَلم يؤم النَّاس على رَسُول الله
أحد ثمَّ دفن رَسُول الله
من وسط اللَّيْل لَيْلَة الْأَرْبَعَاء قَالَ ابْن إِسْحَاق وحَدثني عبد الله بن أبي بكر عَن امْرَأَته فَاطِمَة بنت عمَارَة عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن أسعد بن زُرَارَة عَن عَائِشَة قَالَت مَا علمنَا بدفن رَسُول الله
حَتَّى سمعنَا صَوت الْمساحِي من جَوف اللَّيْل لَيْلَة الْأَرْبَعَاء قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَكَانَ الَّذين نزلُوا فِي قبر رَسُول الله
عَليّ بن أبي طَالب وَالْفضل بن عَبَّاس وَقثم بن عَبَّاس وشقران مولى رَسُول الله
وَقد قَالَ أَوْس بن خولى لعَلي بن أبي طَالب أنْشدك الله وحظنا من رَسُول الله
فَقَالَ لَهُ انْزِلْ فَنزل مَعَ الْقَوْم وَقد كَانَ شقران حِين وضع رَسُول الله
فِي حفرته وَبنى عَلَيْهِ قد أَخذ قطيفة قد كَانَ رَسُول الله
يلبسهَا ويفترشها فدفنها فِي الْقَبْر وَقَالَ وَالله لَا يلبسهَا أحد بعْدك أبدا فدفنت مَعَ رَسُول الله
وسيأتى ذكر بَدْء مَرضه عليه الصلاة والسلام فِي أول خلَافَة الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَمِمَّا قيل من الرثاء لرَسُول الله
قَول أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ // (من الوافر) //
(أجدكَ مَا لعينِكَ لَا تنامُ
…
كأنَّ جفونَهَا فِيهَا كلامُ)
(بوقْعِ مصيبةٍ عظُمَتْ وجلَّتْ
…
فدمعُ العينِ أهونُهُ انسجامُ)
(فُجعنا بالنبيِّ وَكَانَ فِينَا
…
مقدَّمنا وَسَيِّدنَا الإمامُ)
(وَكَانَ قوامنا وَالرَّأْس فِينَا
…
فنحنُ اليومَ لَيْسَ لنا قوامُ)
(ننوحُ ونشتكِى مَا قد لَقِينا
…
ويشكُو فقدَهُ البلدُ الحرامُ)
(كأّنَّ أنوفنا لاقينَ جدعاً
…
لفقدِ محمدٍ فِيهَا اصطلامُ)
(لفقدِ أغرَّ أبيضَ هاشميٍّ
…
إِمَام نبوَّةٍ وَبِه الختامُ)
(أمينٌ مصطفًى للخيرِ يَدْعُو
…
كضوءِ البدرِ زايله الظلامُ)
(سأتبعُ هديهُ مَا دمْتُ حَيا
…
طوالَ الدهرِ مَا سجع الحمامُ)
(كأنَّ الأرضَ بعْدك طارَ فِيهَا
…
فَأَشْعَلَهَا لساكنها ضرامُ)
(وفقد الوَحْي إِذ وليت عَنَّا
…
وودعنا مِنَ اللهِ الكلامُ)
(سوَى أَن قد تَرَكْت لنا سِرَاجًا
…
تواريه القراطيسُ الكرامُ)
(لقد ورثتنا مِرآةَ صدقٍ
…
عليكَ بِهِ التحيةُ والسلامُ)
(من الرحمنِ فِي أعلَى جنانٍ
…
من الفردوسِ طابَ بهَا المقامُ)
(رَفِيق أبيكَ إبراهيمَ فِيهِ
…
وَمَا فِي مِثل صحبتِهِ ندامُ)
(وَإِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل فِيهِ
…
بِمَا صَلُّوا لربهمُ وصاموا)
وَقَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه يرثي رَسُول الله
// (من الْكَامِل) //
(مَا زلتُ مذ وضع الفِرَاشَ لجنبه
…
وَثوَى مَرِيضا خَائفًا أتوقَّعُ)
(شفقاً عَلَيْهِ أَن يزولَ مَكَانَهُ
…
عنَّا فنبقَى بعْدَهُ نتوجَّعُ)
(وَإِذا تحدثنا الحوادثُ منْ لَنَا
…
بالوحْيِ من ربِّ رحيمِ يسمعُ)
(ليتَ السماءَ تفطَّرَتْ أكنافُهَا
…
وتناثَرَتْ فِيهَا النجومُ الطلعُ)
(لما رأيتُ الناسَ هدَّ جمعيهم
…
صوتٌ يُنَادي بالنَّعِيِّ فيسمعُ)
(وسمعْتُ صوتَا قبلَ ذَلِك هدَّني
…
عَبَّاس ينعاه بصوتٍ يقطعُ)
(فليبكِهِ أهلُ المدائنِ كلّها
…
والمسلمونَ بكُلِّ أرضٍ تجدعُ)
وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه // (من الطَّوِيل) //
(أَلا طرق الناعِي بلَيْلٍ فراعَنِي
…
وأرَّقني لما استقلَّ منادياً)
(فقلتُ لَهُ لما رأيتُ الَّذِي أَتَى
…
أغَيْرَ رسولِ اللهِ إنْ كنتَ نَاعِيا)
(فحققْت مَا أشفقْتُ منهُ وَلم ينلْ
…
وَكَانَ خليلي عدَّةً وجماليَا)
(فواللهِ مَا أنساكَ أحمَدُ مَا مَشَتْ
…
بِيَ العيسُ فِي أرضٍ وجاوزْتَ واديَا)
(وكنتُ مَتى أهبطْ من الأرضِ بقْعَة
…
أرَى أثرا مِنْهُ جَدِيدا وعافيَا)
(مِنَ الأسدِ قد أخْفى العرين مَخَافَة
…
تهادي سباعُ الطيرِ مِنْهُ تَعَادِيا)
(شَدِيد حوى الصَّدرِ مِنهُمْ مشددٌ
…
هُوَ المَوْتُ معدياً عَلَيْهِ وَعَادِيا)
وَقَالَ حسان بن ثَابت رضي الله عنه // (من الطَّوِيل) //
(بِطَيْبَةَ رَسْمٌ لِلَّرَسُولِ وَمَعْهَدُ
…
مُنِيرٌ وَقَدْ تَعْفُو الرُّسُومُ وَتَهْمُدُ)
(وَلَا تَنْمَحي الآياتُ مِنْ دَارِ حرْمَةٍ
…
بِهَا مِنْبَرُ الْهَادِي الَّذِي كَانَ يَصْعَد)
(وَوَاضِحُ آثارٍ وَبَاقِي مَعَالِمٍ
…
وَرَبْعٌ لَهُ فِيهِ مُصَلًّى وَمَسْجِدُ)
(بِهَا حُجُرَاتٌ كَانَ يَنْزِلُ وَسْطَهَا
…
مِنَ اللهِ نُورٌ يُسْتَضَاءُ وَيُوقَدُ)
(مَشَاهِدُ لَمْ تُطْمَسْ عَلَى الْعَهْدِ آيُهَا
…
أَتَاهَا الْبِلَى فَالآيُ مْنهَا تَجَدَّدُ)
(عَرَفْتُ بِهَا رَسْمَ الرَّسُولِ وَعَهْدَهُ
…
وَقَبْرًا بِهَا وَارَاهُ فِي التُّرْبِ مُلْحِدُ)
(ظَلِلْتُ بِهَا أَبْكِي الرَّسُولَ فأَسْعَدَتْ
…
عُيُونٌ وَمِثْلَاهَا مِنَ الْجَفْن تُسْعِدُ)
(يُذَكِّرْنَ آلاءَ الرَّسُولِ وَمَا أرَى
…
لَهَا مُحْصِيًا نَفْسِي فَنَفْسِي تَبَلَّدُ)
(مُفَجَعةٌ قَدْ شَفَّهَا فَقْدُ أحْمَدٍ
…
فَظَلَّتْ لآلَاءِ الرَّسُولِ تُعدِّدُ)
(وَمَا بَلَغَتْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ عشيرهُ
…
وَلكِنْ لِنَفْسِي بَعْدُ مَا قَدْ تَوَجَّدُ)
(أَطَالَتْ وُقُوفًا تَذْرِفُ الْعَيْن جَهْدَهَا
…
عَلَى طَلَلِ الْقَبْرِ الَّذِي فِيهِ أحْمَدُ)
(فَبُورِكْتَ يَا قَبْرَ الرَّسُولِ وَبُورِكَتْ
…
بِلَادٌ ثَوَى فِيهَا الرَّشِيدُ الْمُسَدَّدُ)
(وَبُورِكَ لحدٌ مِنْكَ ضُمِّنَ طَيِّبًا
…
عَلَيْهِ بِنَاءٌ مْن صَفِيحٍ مُنَضَّدُ)
(تَهَيلُ عَلَيْهِ التُّرْبَ أَيْدٍ وَأعْين
…
عَلَيْهِ وَقَدْ غَارَتْ بِذَلِكَ أسْعُدُ)
(لَقَدْ غَيَّبُوا حِلمًا وَعِلْمًا وَحكْمَةً
…
عَشِيَّةَ عَلَّوْهُ الثَّرَى لَا يُوَسَّدُ)
(وَرَاحُوا بِحُزْنٍ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيُّهُمْ
…
وَقَدْ وَهَنَتْ مِنْهمْ ظُهُورٌ وَأَعْضُدُ)
(يُبَكُّونَ مَنْ تَبْكِي السَّمواتُ يَوْمَهُ
…
وَمَنْ قَدْ بَكَتْهُ الأَرْضُ فَالنَّاسُ أَكْمَدُ)
(وَهَلْ عَدَلَتْ يَوْمًا رَزِيَّةُ هَالِكٍ
…
رَزِيَّةَ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ)
(تَقَطَّعَ فِيهِ منْزلُ الْوَحْيِ عَنْهُمُ
…
وَقَدْ كَانَ ذَا نُورٍ يَغُورُ وَيُنْجِدُ)
(يَدُلُّ عَلَى الرَّحْمنِ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ
…
وَيُنْقِذُ مِنْ هَوْلِ الْخَزَايَا وَيُرْشِدُ)
(إِمَامٌ لَهُمْ يَهْدِيهِمُ الْحَقَّ جَاهِداً
…
مُعَلِّمُ صِدْقٍ إِنْ يُطِيعُوهُ يَسْعَدُوا)
(عَفُوٌّ عنِ الزَّلَاّتِ يَقْبَلُ عُذْرَهُمْ
…
وَإِنْ يُحْسِنَوا فَاللهُ بِالْخَيْرِ أجْوَدُ)
(وَإِنْ نَابَ أَمْرٌ لَمْ يَقُومُوا بِحَمْلِهِ
…
فَمِنْ عِنْدِهِ تَيْسِيرُ مَا يَتَشَدَّدُ)
(فَبَيْنَا هُمُ فِي نِعْمَةِ اللهِ بَيْنهُمْ
…
دَلِيلٌ بِهِ نَهْجُ الطَّرِيقَةِ يُقْصَدُ)
(عَزِيزٌ عَلَيْهِ أنْ يَزِيغُوا عَنِ الْهُدَى
…
حَرِيصٌ عَلَى أنْ يَسْتَقِيمُوا وَيَهْتَدُوا)
(عَطُوفٌ عَلَيْهِمْ لَا يُثَنِّي جَنَاحَهُ
…
إِلَى كَنَفٍ يَحْنُو عَلَيْهِمْ وَيَمْهَدُ)
(فَبَيْنَا هُمُ فِي ذلِكَ النُّورِ إِذْ غَدَا
…
إِلَى نُورِهِمْ سَهْمٌ مِنْ الْمَوِتِ مُقْصِدُ)
(فَأَصْبَحَ مَحْمُوداً إِلَى اللهِ رَاجِعًا
…
يُبَكِّيهِ جَفْنُ الْمُرْسَلَاتِ وَيَحْمَدُ)
(وَأَمْسَتْ بِلَادُ الحُرْمِ وَحْشاً بِقَاعُهَا
…
لِغَيْبَةِ مَا كَانَتْ مِنَ الْوَحي تعْهَدُ)
(قِفَارًا سِوَى مَعْمُورَةِ اللحْدِ ضَافَهَا
…
فَقِيدٌ يُبَكِّيهِ بَلَاطٌ وَغَرْقَدُ)
(وَمَسْجِدُهُ فَالْمُوحِشَاتُ لِفَقْدِهِ
…
خَلَاءٌ لَهُ فِيهِ مَقَامٌ وَمَقْعَدُ)
(وَبِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى لَهُ ثَمَّ أَوْحَشَتْ
…
دِيَارٌ وَعَرْصَاتٌ وَرَيْعٌ وَمَوْلِدُ)
(فَبَكَّى رَسُولَ اللهِ يَا عَيْن عَبْرَةً
…
وَلَا أَعْرِفَنْكِ الدَّهْرِ دَمْعُكِ يَجْمُدُ)
(وَمَالَكِ لَا تَبْكِينَ ذَا النَّعْمَةِ الَّتِي
…
عَلَى النَّاسِ مِنْهَا سَابِغٌ يَتَغَمَّدُ)
(فَجُودِي عَلَيْهِ بِالدُّمُوعِ وَأَعْوِلي
…
لِفَقْدِ الَّذِي لَا مِثْلُهُ الدَّهْرَ يُوجَدُ)
(وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ
…
وَلَا مِثْلُهُ حَتَّى الْقِيامَة يُفْقَدُ)
(أَعَفَّ وَأوْفَى ذِمَّةٌ بَعْد ذِمَّة
…
وَأَقْرَبَ مِنْهُ نَائِلاً لَا يُنَكَّدُ)
(وَأَبْذَلَ مِنْهُ للطَّرِيفِ وَتَالِدٍ
…
إِذَا ضَنَّ مِعْطَاءٌ بِمَا كَانَ يُتْلِدُ)
(وَأَكْرَمَ صِيتاً فِي الْبُيُوتِ إِذَا انْتَمَى
…
وَأَكْرَمَ جَدًّا أَبْطَحِيًّا يُسَوَّدُ)
(وَأَمْنَعَ ذِرْوَاتٍ وَأَثْبَتَ فِي الْعُلَا
…
دَعَائِمَ عِزٍّ شَامِخَاتٍ تُشَيَّدُ)
(وَأثْبَتَ فَرْعًا فِي الفُرُوعِ وَمَنْبِتًا
…
وَعُودًا غَدَاهُ الْمُزْنُ فَالْعُودُ أَعْيَدُ)
(رَبَاهُ وَلِيداً فَاسْتَتَمَّ تَمَامُهُ
…
عَلَى أَكْرَمِ الْخَيْرَاتِ رَبٌّ مُمَجَّدُ)
(تَنَاهَتْ وَصَاةُ الْمُسْلِمِينَ بِكَفِّهِ
…
فَلَا الْعِلْمُ مَحبُوسٌ وَلا الرَّأْيُ يُفْنَدُ)
(أَقُولُ وَلَا يلْفَى لِقَوْلِيَ عَائِبٌ
…
مِنَ النَّاسِ إلَاّ عَازِبُ الْعَقْلِ مُبْعَدُ)
(وَلَيْسَ هَوَايَ نَازِعًا عَنْ ثَنَائِهِ
…
لَعَلِّي بِهِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ أخْلُدُ)
(مَعَ المُصْطَفَى أرْجُو بِذَاكَ جِوَارَهُ
…
وَفِي نَيْلِ ذَاكَ الْيَوْمِ أسْعَى وأَجْهَدُ)
وَقَالَت السيدة فَاطِمَة رضي الله عنها // (من الْكَامِل) //
(مَاذَا علَى مَنْ شمُّرْبَةَ أَحْمَدٍ
…
أَلَاّ يشَمَّ من الزَّمَانِ غَوَالِيَا)
(صُبَّتْ عليَّ مَصَائبٌ لَو أنَّهَا
…
صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ عُدْنَ ليالِيَا)
وَقَالَت عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب رضي الله عنها // (من الْبَسِيط) //
(عينيَّ جُودَا طوالَ الدَّهْرِ وانَهِرَا
…
سَكبًا وسَحَّا بدمْعٍ غيرِ تَقْدِيرِ)
(يَا عينُ واستَحْسِرِي بالدمعِ واحتَفِلِي
…
حتَّى الممَاتِ بسَجْلٍ غيرِ مَنْزورِ)
(يَا عين وانهملِي بالدمْعِ واجتهِدِي
…
للمصطفَّى دونَ خَلْقِ اللهِ بِالنُّورِ)
(بمستهلِّ من الشؤْبُوبِ ذِي سَبَلٍ
…
فقدْ رُزِئْت نبيَّ العدلِ والخيرِ)
(وكنتُ من حَذَرٍ للموتِ مشفقةَ
…
وللذي خُطَّ مِن تلكَ المقاديرِ)
(من فَقْدِ أزهَرَ ذِي خلْقٍ وَذي فخرٍ
…
صافٍ من العَيْبِ والعاهاتِ والزورِ)
(فاذهَبْ حَمِيداً جزاكَ الله مَغْفِرَةً
…
يومَ القيامةِ عِنْدَ النَّفْخِ فِي الصُّورِ)
وَقَالَت أروى أُخْتهَا بنت عبد الْمطلب رضي الله عنها // (من الوافر) //
(أَلا يَا عينُ ويحِكِ أسْعِدِيني
…
بدمْعٍ مَا بقيتُ وطَاوِعِينِي)
(أَلا يَا عَين ويحكِ واستَهِلِّي
…
على غيْثِ البلادِ وأسعِدِينِي)
(فَإِن عَذَلَتْكِ عَاذِلةٌ فقولِي
…
عَلامَ وفيمَ ويحَكِ تعذليني)
(عَلى نُور البلادَ مَعًا جَمِيعًا
…
رَسُولِ اللهِ أحمَد فاتْرُكِينِي)
(وَإِنْ لَا تَقْصرِي بالعَذلْ عنِّي
…
فَلُومي مَا بَدَا لَكِ أَو دَعِينِي)
(لأمرٍ هَدَّنِي وأَدَكَّ رُكْنِي
…
وشَيَّبَ بَعْدَ جِدَّتها قُرُونِي)
وَقَالَت صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب رضي الله عنها // (من الْخَفِيف) //
(لهفَ قَلْبِي وبتُّ كالمسلوبِ
…
أرق اللَّيلُ مُقْلَةَ المحرُوبِ)
(مِنْ همومٍ وحَسْرةٍ وَقَذَتْنِي
…
ليتَ أنِّي سَبقْتُهَا لِشَعُوبِ)
(حينَ قَالُوا إِنَّ الرسُولَ قد امْسَى
…
وافَقَتْهُ مَنِيَّةُ المكتوبِ)
(إذْ رَأينَا أنَّ النبيَّ صَرِيعٌ
…
فأَشَابَ القَذَالَ أَي مَشِيبِ)
(إذْ رَأينا بيوتَهُ مُوحِشَاتٍ
…
لَيْسَ فيهنَّ بعد عَيْش حبيبِ)
(أَورَثَ القلبَ ذاكَ حزنا طَويلا
…
خالَطَ القلبَ فَهْوَ كالمرعُوبِ)
(ليتَ شِعْرِي وكْيفَ أُمسي صحيحَاً
…
بعد أنْ بِينَ بالرَّسُولِ القريبِ)
(أعظم الناسِ فِي البريَّةِ حَقًّا
…
سيِّدُ الناسِ حبه فِي القُلُوبِ)
(فَإِلى اللهِ ذاكَ أشكُو وحَسْبِي اللهُ
…
مولى وحوْبتِي ونَحِيبِي)
وَقَالَت أَيْضا // (من المتقارب) //
(أفاطمُ فابْكِي وَلَا تَسْأَمِي
…
بصَحْبِكِ مَا طَلَعَ الكوكَبُ)
(هُوَ المرءُ يبكي بحقٍّ البكا
…
هُوَ الماجدُ السيِّدُ الطيبُ)
(فأوحشَتِ الأرضُ من فقْدِهِ
…
وإِنَّ البريةَ لَا تنكبُ)
(فَمَا ليَ بَعْدَك حَتَّى الْمَمَات
…
إِلَّا الجَوَى الدَّاخِل المُنْصِبُ)
(فَبَكَّى الرسولَ وحقَّتْ لَهُ
…
شُهُودُ المدينةِ والغُيَّبُ)
(لِتَبْكِكَ شَمْطَاءُ مَضْرُورةٌ
…
إِذا حُجِبَ الناسُ لَا تحجَبُ)
(ليبكِكَ شيخٌ أَبُو ولدةٍ
…
يطوفُ بعقوتِهِ أشْهَبُ)
(ويبكك رَكْبٌ إِذا أرمَلُوا
…
فَلم يكْفِ مَا طلبِ المطلبُ)
(وتبكي الأباطِحُ مِنْ فقدِهِ
…
وتبكيه مَكَّةُ والأَخْشَبُ)
(وتبكي وُعَيْرَةُ مِنْ فَقْدِهِ
…
بُحزْنٍ ويُسْعِدُهَا المِثيبُ)
(أَعْيَنيَّ مَا لَكِ لَا تَدْمَعِين
…
وحقَّ لدمْعِكِ مَا يَسْكُبُ)
صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه إِلَى يَوْم الدّين وَسلم وَقَالَ أَبُو الْفَتْح فيا لَهُ فِي مثل ذَلِك خطب جلّ عَن الخطوب ومصاب عَلم دمع الْعين كَيفَ يصوب ورزء غربت لَهُ النيرات وَلَا تعلل بشروقها بعد الْغُرُوب وَجَاءَت هجمة الْمَوْت فَلَا نجاء مِنْهُ لهارب وَلَا فرار مِنْهُ لمطلوب وَلَا صباح لَهُ فيجلو غياهبه الملمة ودياجيه المدلهمة وَلكُل ليل إِذا دجى صباح يئوب وَمن سر أهل الأَرْض ثمَّ بَكَى سأبكي بعيون سرها وَقُلُوب فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون من نَار طويت عَلَيْهَا الأضالع لَا تخبو وَلَا تخمد ومصيبة تستك مِنْهَا المسامع فَلَا يبْلى على مر الجديدين حزنها المجدد