المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ذكر أولاده رضي الله عنه - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ٢

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْبَاب السَّادِس من الْمَقْصد الثَّانِي فِي ذكر موَالِيه وخدامه وَكتابه وأمرائه ومؤذنيه وخطبائه وجداته وشعرائه وخيله وسلاحه وغنمه ولقاحه وَمَا يتبع ذَلِك)

- ‌(الْبَاب السَّابِع من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(حوادث السّنة الأولى من الْهِجْرَة)

- ‌(حَوَادِث السنَةِ الثانِيَةِ مِنَ الهِجرَةِ)

- ‌(أَمر بني قينقاع

- ‌(حوادث السّنة الثَّالِثَة)

- ‌(وَمِنْهَا غَزْوَة حَمْرَاء الْأسد)

- ‌(حوادث السّنة الرَّابِعَة)

- ‌(غَزْوَة بدر الْأَخِيرَة)

- ‌(حوادث السّنة الْخَامِسَة)

- ‌(حَوَادِثَ السنَةِ السَّادِسَةِ)

- ‌(حوادث السّنة السَّابِعَة)

- ‌(حوادث السّنة الثَّامِنَة)

- ‌(حوادث السّنة التَّاسِعَة)

- ‌(حوادث السّنة الْعَاشِرَة)

- ‌(حوادث السّنة الْحَادِيَة عشرَة من الْهِجْرَة)

- ‌(فصل فِي صِفَاته الحسية

- ‌(فصل فِي صِفَاته المعنوية وأخلاقه

- ‌(فصل فِي خَصَائِصه

- ‌(فصل فِي معجزاته

- ‌(الْمَقْصد الثَّالِث فِي ذكر الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَذكر خلَافَة الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ خلَافَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(شرح مَا وَقع فِي هَذِه الرسَالَة من الْغَرِيب)

- ‌(أفْضَلِيةُ أبي بَكْرِ الصّديق رضي الله عنه

- ‌(نسب أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(صفته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْآيَات فِي شَأْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر أَوْلَاده رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر وَفَاته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر الْفَارُوق رضي الله عنه

- ‌(ذكر نسبه رضي الله عنه

- ‌(ذكر إِسْلَامه)

- ‌(صفته رضي الله عنه

- ‌(الْآيَات النَّازِلَة بِمَا أَشَارَ بِهِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قضايا مُتعَدِّدَة)

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌(ذكر وَفَاته شَهِيدا رضي الله عنه

- ‌(ذكر أَوْلَاده رضي الله عنه

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان ذى النورين رضي الله عنه

- ‌(ذكر إِسْلَامه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(صفته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْآيَات فِي شَأْن عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر أَوْلَاده رضي الله عنه

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الحسنين عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

الفصل: ‌(ذكر أولاده رضي الله عنه

وأوصاهم أَن يقصدوا فِي كَفنه وَلَا يتغالوا وغسله ابْنه عبد الله وَحمل على سَرِير رَسُول الله

وَصلى عَلَيْهِ صُهَيْب فى مَسْجده

وَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا وَدفن يَوْم الْأَحَد هِلَال الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة عَليّ الصَّحِيح فَنزل فِي قَبره ابْنه عبد الله وَعُثْمَان بن عَفَّان وَسَعِيد بن زيد كَانَت مُدَّة خِلَافَته عشر سِنِين وَسِتَّة أشهر وَخمْس لَيَال قَالَ الذَّهَبِيّ لما توفّي عمر أظلمت الأَرْض فَجعل الصَّبِي يَقُول يَا أُمَّاهُ أَقَامَت الْقِيَامَة فَتَقول لَا يَا بني وَلَكِن قتل عمر

‌(ذكر أَوْلَاده رضي الله عنه

كَانَ لَهُ ثَلَاثَة عشر تِسْعَة ذُكُور وَأَرْبع إناث الأول عبد الله وَكَانَ يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن أسلم مَعَ أَبِيه صَغِيرا بِمَكَّة وَصَاحب مَعَ أَبِيه وَأمه وَهُوَ ابْن عشر سِنِين وَشهد الْمشَاهد كلهَا بعد أحد قَالَ الدارقطنى استصغره النبى

يَوْم أحد وَشهد الخَنْدَق وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة فَشهد الْمشَاهد كلهَا كَانَ عَالما مُجْتَهدا عابداً لُزُوما للسّنة فَارًّا من الْبِدْعَة ناصحاً للْأمة رؤى فِي الْكَعْبَة سَاجِدا يَقُول فِي سُجُوده يَا رب مَا يَمْنعنِي من مزاحمة قُرَيْش على هَذِه الدُّنْيَا إِلَّا خوفك أثنى عَلَيْهِ رَسُول الله

فَقَالَ إِن عبد الله رجل صَالح قَالَ نَافِع أعتق ألف نسمَة أَو زَاد عَاشَ إِلَى زمَان عبد الْملك بن مَرْوَان قَالَ أَبُو الْيَقظَان زَعَمُوا أَن الْحجَّاج دس لَهُ رجلا قد سم زج رمحه فزحمه فِي الطَّرِيق وطعنه فِي ظهر قدمه فَدخل عَلَيْهِ الْحجَّاج فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن من أَصَابَك قَالَ أَنْت أصبتني قَالَ وَلم تَقول هَذَا يَرْحَمك الله قَالَ حملت

ص: 505

السِّلَاح فِي بلد لم يكن يحمل السِّلَاح فِيهِ فَمَاتَ فَصلي عَلَيْهِ عِنْد الرَّدْم وَدفن فِي حَائِط أم خرمان قلت هَذَا الْحَائِط لَا يعرف الْيَوْم بِمَكَّة وَلَا حولهَا وَإِنَّمَا بِالْأَبْطح مَوضِع يُقَال لَهُ الخرمانية فَلَعَلَّهُ نسب إِلَى أم خرمان وَقَالَ غير أبي الْيَقظَان دفن بفخ وَهُوَ مَوضِع مَشْهُور وَهُوَ ابْن أَربع وَثَمَانِينَ سنة وَله عقب مِنْهُم عبد الرَّحْمَن وَسَالم وَكَانَ عبد الله هَذَا من الصّلاح وَالدّين وَالْعقل عَن أَحْوَال الدُّنْيَا على الْجَانِب الْأَعْظَم فَمن ذَلِك مَا نَقله الْعَلامَة الصَّفَدِي فِي تَذكرته فَقَالَ هجت عَاتِكَة بنت عبد الرَّحْمَن زَوجهَا ابْن أبي عَتيق بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ // (من الْكَامِل) //

(ذَهّبَ الإلهُ بِمَا تعيشُ بِهِ

وَقَمَرْتَ لبد أيمَا قَمَرِ)

(أنفقتَ مَالَكَ غير مُحْتَشِمٍ

فِي كُلِّ زانِيَةٍ وَفِي الخَمْرِ)

وَكَانَ ابْن أبي عَتيق هَذَا صَاحب دعابة وفكاهة فَأخذ الْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورين فِي رقْعَة وَخرج فَإِذا هُوَ بِعَبْد الله بن عمر الْمشَار إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن اقْرَأ هَذِه وأشر عَليّ بِرَأْيِك فَلَمَّا قَرَأَهَا قَالَ لَهُ مَا ترى فِيمَن هجاني بِهَذَا قَالَ لَهُ ابْن عمر أرى أَن تَعْفُو عَنهُ وتصفح فَقَالَ ابْن عَتيق وَالله لَئِن لقِيت قَائِلهَا لأ. . كنه فأربد لون عبد الله بن عمر وأخذته رعدة واختلاط فَقَالَ لِابْنِ لأبى عَتيق مَا هَذَا غضب الله عَلَيْك فَقَالَ لَهُ هُوَ مَا قلت لَك وَالله لأفعلنها وافترقا فَلَمَّا كَانَ بعد أَيَّام لقِيه عبد الله بن عمر فَأَعْرض عَنهُ موليا فَقَالَ ابْن أَبى عَتيق علمت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنِّي لقِيت قَائِل ذَلِك الشّعْر ف. . كته فَصعِقَ ابْن عمر وليط بِهِ فَلَمَّا رأى ابْن أبي عَتيق مَا ناله دنا مِنْهُ وسارَّه فِي أُذُنه وَقَالَ وَالله إِن الشّعْر لامرأتي وَهِي الَّتِي فعلتُ بهَا فَقَامَ ابْن عمر رضى الله عَنْهُمَا وَقبل بَين عَيْنَيْهِ انْتهى مَا ذكره الصَّفَدِي

ص: 506

قلت رَأَيْت فِي كتاب أَنْسَاب قُرَيْش للزبير بن بكار ابْن أبي عَتيق هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق رضي الله عنهم وَقَرِيب من هَذِه مَا وَقع لوَلَده سَالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم وَهُوَ مَا رَأَيْته بِخَط الْعَلامَة نجم الدّين بن عمر بن فَهد الْقرشِي مَا نَصه أخبرنَا أَبُو البركات عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك الْأنمَاطِي وَذكر سنداً انْتهى فِيهِ إِلَى الزبير بن بكار قَاضِي مَكَّة قَالَ حَدثنِي عمي عَن أشعب الطماع قَالَ كَانَ عبد الله بن عَمْرو ابْن عُثْمَان بن عَفَّان شفعني وبسخني ويدعوني فأحدثه وألهيه فَمَرض ولهوت عَنهُ فِي بعض جرياتي أَيَّامًا ثمَّ جِئْت منزلي فَقَالَت لي زَوْجَتي بنت رُومَان وَيحك أَيْن كنت عبد الله بن عَمْرو كَانَ ينفعك مرض فَهُوَ يقلق بِالنَّهَارِ ويسهر بِاللَّيْلِ أرسل إِلَيْك تلهيه وتعلله فَلم يجدك قلت إِنَّا لله ثمَّ فَكرت سَاعَة ثمَّ قلت هَات لي قَارُورَة دهن خلوفية ومنديل الْحمام فَفعلت وَخرجت أُرِيد الْحمام فمررت بسالم بن عبد الله بن عمر فَقَالَ لي يَا أشعب هَل لَك فِي هريس أهديتْ إِلَيّ قلت نعم جعلني الله فدَاك فَدَعَا بهَا فَأتى بصحفة كَبِيرَة فَأكلت حَتَّى شبعت فَجعلت أتكاره عَلَيْهَا فَقَالَ وَيحك يَا أشعب لَا تقتل نَفسك فَإِن مَا فضل عَنْك نبعث بِهِ إِلَى بَيْتك قلت وَتفعل قَالَ مَا أردْت إِلَّا ذَاك فكففت يَدي فَبعث بهَا إِلَى بَيْتِي وَخرجت فَدخلت الْحمام فاطليت ثمَّ صببت عَليّ دهن الخلوفية ثمَّ سكبت عَليّ مَاء وَخرجت وَعلي صفرَة الدّهن وَقد صَار لوني أصفر كَأَنَّهُ الزَّعْفَرَان قَالَ فَلبِست أطماري وعصبت رَأْسِي وَأخذت معي وصبة ثمَّ خرجت أَمْشِي مُتكئا عَلَيْهَا حَتَّى جِئْت بَاب عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان فَلَمَّا رأني حَاجِبه قَالَ وَيحك يَا أشعب ظَلَمْنَاك وغضضنا مِنْك وَأَنت قد بلغتَ مَا أرى من الْعلَّة قَالَ قلت أدخلني على سَيِّدي أخبرهُ فَأَدْخلنِي عَلَيْهِ فَإِذا عِنْده سَالم بن عبد الله بن عمر أَتَى إِلَيْهِ يعودهُ وَعبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان الْمَذْكُور ابْن أُخْت سَالم بن عبد الله الْمَذْكُور فَقَالَ لي عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان وَيحك يَا أشعب ظَلَمْنَاك وغضضنا عَلَيْك وَقد بلغتَ من الْعلَّة مَا أرى قَالَ فتضاعفت ثمَّ قلت أَي سَيِّدي كنت عِنْد بعض من أغشاه فأصابنى قئ وبطن فَمَا حملت إِلَى

ص: 507

منزلي إِلَّا جَنَازَة فبلغني عَنْك فَخرجت أدب إِلَيْك قَالَ أشعب فَنظر إِلَيّ سَالم ثمَّ قَالَ لي أشعب قلت أشعب قَالَ ألم تكن عِنْدِي آنِفا قلت وَمن أَيْن أكون عنْدك جعلني الله فدَاك وَأَنا أَمُوت فَجعل سَالم يمسح عَيْنَيْهِ ثمَّ يَقُول ألم تَأْكُل الهريس آنِفا عِنْدِي فَأَقُول هَل بِي آكل جعلني الله فدَاك مَعَ الْعلَّة قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه يَا أشعب إِنِّي لأرى الشَّيْطَان يتَمَثَّل على صُورَتك وَمَا أرى مجالستك تحل قَالَ أشعب وفطن بِي عبد الله بن عَمْرو فَقَالَ لى يَا أشعب أتخدع خَالِي اصدقني خبرك قَالَ قلت بالأمان قَالَ بالأمان فَحَدَّثته حَدِيثي فَضَحِك ضحكاً شَدِيدا طَويلا انْتهى والْحَدِيث شجون يجر الْفَنّ مِنْهُ إِلَى فنون والثانى من أَوْلَاده الذُّكُور رضي الله عنه عبد الرَّحْمَن الْأَكْبَر شقيقه أمهما زَيْنَب بنت مَظْعُون أُخْت عُثْمَان بن مَظْعُون الجُمَحِي وَالثَّالِث زيد الْأَكْبَر أمه أم كُلْثُوم بنت عَليّ بن أبي طَالب من فَاطِمَة بنت رَسُول الله

رمي بِحجر فَمَاتَ وَقد تقدم ذكره عِنْد ذكر أمه أم كُلْثُوم هَذِه رضي الله عنها وَالرَّابِع عَاصِم أمه أم كُلْثُوم جميلَة بنت عَاصِم بن ثَابت بن أبي الْأَفْلَح حمى الدبر وَهِي الَّتِي كَانَ اسْمهَا عاصية فسماها عمر جميلَة فَذَهَبت إِلَى النبى

ليغير لَهَا اسْمهَا فسماها كَمَا سَمَّاهَا عمر جميلَة وَقد تقدم ذكر ذَلِك وَالْخَامِس زيد الْأَصْغَر وَالسَّادِس عبيد الله أمهما مليكَة بنت جَرْوَل الْخُزَاعِيَّة كَانَ عبيد الله شَدِيد الْبَطْش وَلما قتل عمر قتلَ الهرمزان وَقتل جفينة وَهُوَ رجل نصرانى وَقتل ابتة صَغِيرَة لأبى لؤلؤة فَأخذ عُثْمَان عبيد الله ليقتص مِنْهُ فَاعْتَذر بِأَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أخبرهُ أَنه رأى أَبَا لؤلؤة والهرمزان وجفينة وَهُوَ الرجل النَّصْرَانِي من أهل الْحيرَة يدْخلُونَ يتشاورون وَبينهمْ خنجر لَهُ رأسان مقبضه فِي وَسطه فَقتل عمر صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة فاستدعى عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فَسَأَلَهُ فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى السكين فَإِن كَانَت ذاتَ طرفين فَمَا أرى الْقَوْم إِلَّا قد

ص: 508

اجْتَمعُوا على قَتله فنظروا إِلَيْهَا فوجدوها كَمَا وصف عبد الرَّحْمَن فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ قتل أَمِير الْمُؤمنِينَ بالْأَمْس وَيقتل ابْنه الْيَوْم وَالله هَذَا لَا يكون أبدا فَترك عُثْمَان قَتله ثمَّ لحق عبيدُ الله بِمُعَاوِيَة حِين أفضت الْخلَافَة إِلَى عَليّ كرم الله وَجهه خشيَة أَن يُقَيِّدهُ على بالهرمزان وَصَاحبه والبنتِ وَلما كَانَ يومُ صفّين خرج مَعَ مُعَاوِيَة فَقتل يَوْمئِذٍ وَالسَّابِع عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط أمه أم ولد اسْمهَا لهية وَهُوَ المكنى بأبى شحمة الْمَحْدُود فِي الْخمر الميتِ بِهِ جزم بذلك الدَّارَقُطْنِيّ وَالثَّامِن عبد الرَّحْمَن الْأَصْغَر أمه أم ولد وَالتَّاسِع عِيَاض بن عمر أمه عَاتِكَة بنت زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وَهِي أُخْت سعد بن زيد أحد الْعشْرَة زوج أُخْت عمر فَاطِمَة بنت الْخطاب وهى الَّتِي قتل عَنْهَا رضي الله عنه فَتَزَوجهَا بعده الزبيرُ بن الْعَوام وَأما الْبَنَات الْأَرْبَع فحفصة زوج النَّبِي

وَقد تقدم ذكرهَا فِي بَاب أَزوَاجه عليه الصلاة والسلام وَهِي شَقِيقَة عبد الله وَعبد الرَّحْمَن الْأَكْبَر وَالثَّانيَِة رقية بنت أم كُلْثُوم وهى شَقِيقَة زيد الْأَكْبَر وَالثَّالِثَة فَاطِمَة أمهَا أم حَكِيم بنت الْحَارِث بن هِشَام وَالرَّابِعَة زَيْنَب أمهَا أم ولد اسْمهَا فكيهة ذكر ذَلِك كُله ابْن قُتَيْبَة وَصَاحب الصفوة وَهَهُنَا حِكَايَة ظريفة وَقعت لسيدنا عمر مَعَ عَمْرو بن معدي كرب الزبيدِيّ أَحْبَبْت إيرادها وهى مَا ذكره المَسْعُودِيّ فِي كِتَابه مروج الذَّهَب وَمِنْه نقلت قَالَ بعث عمر بن الْخطاب إِلَى عَمْرو بن معدي كرب أَن أرسلْ إليَّ سيفَك الَّذِي

ص: 509

تحضر بِهِ الحروب الْمُسَمّى بالصمصامة فَأرْسل إِلَيْهِ بِهِ فِي قرَاب خَلقٍ بالٍ فَأَخذه عمر ثمَّ ضربَ بِهِ فِي الضريبة فَلم يَحكِ فَرَمَاهُ من يَده ثمَّ بعث إِلَى عَمْرو يستدعيه فَلَمَّا حضر قَالَ لَهُ عمر إِن هَذَا سَيْفك ضربت بِهِ فَلم يحك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّك أرْسلت تطلب السَّيْف فَأرْسلت إِلَيْك بِالسَّيْفِ وَلم أرسل إِلَيْك بالزند الَّذِي تضرب بِهِ فعلاه عمر بالدرّة فَقَالَ عَمْرو الْحمى أضرعتني بِهِ ثمَّ قَالَ لَهُ عمر أَخْبرنِي عَن السِّلَاح قَالَ مَا تُرِيدُ مِنْهُ فَقَالَ عمر مَا تَقول فِي الرمْح فَقَالَ أَخُوك وَرُبمَا خانك فانقصف قَالَ فَمَا تَقول فِي السِّهَام قَالَ رسل المنايا فَمِنْهَا طائش وَمِنْهَا مُصِيب قَالَ فَمَا تَقول فِي الدروع قَالَ لَا ترد أَََجَلًا قد حضر وَإِنَّهَا لحصن حُصَيْن قَالَ فَمَا تَقول فِي الترس قَالَ نِعْمَ الجُنة وَعَلِيهِ تَدور الدَّوَائِر قَالَ فَمَا تَقول فِي السَّيْف قَالَ عده تبكيك أمك قَالَ صف لي الْحَرْب فَقَالَ الْحَرْب مرّة المذاق إِذا كشفت عَن سَاق من صَبر فِيهَا عرف وَمن تهور فِيهَا تلف ثمَّ أنْشد // (من الْكَامِل) //

(ألْحَرْبُ أَوَّلَ مَا تَكُونُ فتيَّةٌ

تَسْعَى بِزِينَتها لِكُلِّ جَهُولِ)

(حَتَّى إِذَا حَمِيَتْ وشَبَّ ضِرَامُهَا

عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ)

(شَمْطَاءَ جَرَّتْ شَعْرَهَا وَتَنَكَّرَتْ

مَكْرُوهَةٌ لِلَّثْمِ وَالتَّقْبِيلِ)

ثمَّ قَالَ إِنِّي سَائِلك يَا عَمْرو هَل انصرفت عَن فَارس قطّ فَقَالَ عَمْرو لأحدثنك حَدِيثا لم أحدث بِهِ أحدا غَيْرك خرجت فِي خيل بني زبيد أُرِيد بني كنَانَة فأتينا قوما سراة فَقَالَ عمر رضي الله عنه كَيفَ علمت أَنهم سراة قَالَ رَأَيْت مرابط خيل وقدروا تكفأ وقباباً حمراً جَدِيدَة وَنِعما كَثِيرَة وَشاء قَالَ عَمْرو فَأَهْوَيْت إِلَى أعظمها قبَّة بعد مَا حوينا السَّبي وَكَانَ بَيْتا منتبذاً من الْبيُوت فَنَظَرت إِلَيْهِ واذا بِامْرَأَة بادية الْجمال على فرش لَهَا قَالَ فَلَمَّا نظرت إِلَيّ والى الْخَيل استعبرت فَقلت مَا يبكيك قَالَت وَالله مَا أبْكِي على نَفسِي وَلَكِن أبْكِي حسداً لبنات عمي سلمن وابتلى أنَاس دونهن فَقلت أَنا فِي ظَنِّي وَالله إِنَّهَا لصادقة فَقلت لَهَا وَأَيْنَ هِيَ قَالَت فِي هَذَا الْوَادي وَرَاءَك فَقلت

ص: 510

لِأَصْحَابِي لَا تحدثُوا شَيْئا حَتَّى آتيكم ثمَّ همزت فرسي حَتَّى عَلَوْت كثيبا فَإِذا غُلَام أصهب الشّعْر أهدب أقنى يخصف نعلا لَهُ وسيفه بَين يَدَيْهِ وفرسه عِنْده فَلَمَّا نظر إِلَيّ نبذ النَّعْل من يَده ثمَّ أَخذ سلاحه وأشرف على الْكَثِيب فَلَمَّا نظر إِلَى الْخَيل مُحِيطَة ببيته أقبل نحوي ثمَّ حمل عَليّ يَقُول // (من الرجز) //

(أَقُولُ لمَّا مَنَحَتْنِي فَاهَا

)

(وَأَلْبَسَتْنِي بُكْرَةً رِدَاهَا

)

(إِذَنْ سَأَجْوي الْيَوْمَ مَنْ جَوَاهَا

)

(فَلَيْتَ شِعْري اليَوْمَ مَا دَهَاهَا

)

(أَلخيْلُ تَبغِيهَا عَلَى خَوَاهَا

)

(حَتَّى إذَا خَلَا بِهَا خَوَاهَا

)

قَالَ عَمْرو فَقدمت عَلَيْهِ وَأَنا أَقُول // (من الرجز) //

(عَمْرو عَلَى طُولِ الوِجَا دَهاها

)

(بِالخيْلِ يَبْغِيهَا عَلَى خَوَاهَا

)

(حَتَّى إِذَا خَلَا بِهَا خَوَاهَا

)

وحملت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ أروع من نهر فرَاغ عني ثمَّ حمل عَليّ فضربني بِسَيْفِهِ ضَرْبَة صرعني بهَا فَلَمَّا أَفَقْت من صرعتي حملت عَلَيْهِ فرَاغ عني ثمَّ حمل عَليّ فصرعني وَاسْتَاقَ مَا فِي أَيْدِينَا من الْغَنِيمَة ثمَّ أفقتُ واستويت على فرسي فَلَمَّا رَآنِي أقبل وَهُوَ يَقُول // (من الرجز) //

(أَنَا ابْنُ عَبْدِ اللهِ مَحْمُودُ الشِّيَمْ

)

(وَخَيْرُ مَنْ يَمْشي بِسَاقٍ وَقَدَمْ

)

(عَدّوُّهُ يَفْدِيهِ مِنْ كُلِّ السِّقَمْ

)

قَالَ عَمْرو فَحملت عَلَيْهِ وَأَنا أَقُول // (من الرجز) //

(أَنَا ابْنُ ذِي التَقْلِيدِ فِي الشَّهْرِ الأَصَمْ

)

(أَنَا ابْنُ ذِي الإكْلِيل قتَّال البُهَمْ

)

ص: 511

(مَنْ يَلْقَنِي يَرْدَى كَمَا أَرْدَتْ إِرَمْ

)

(أُنْزِلُهُ لَحْمًا عَلَى ظَهْرٍ وَضَمْ

)

فرَاغ وَالله عني ثمَّ ضَرَبَنِي ثمَّ صرخَ صرخة فَرَأَيْت الْمَوْت وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ دونه شَيْء وَخِفته خوفًا لم أخف أحدا قطّ قبله مثله فَقلت لَهُ من أَنْت فوَاللَّه مَا اجترأ عَليّ أحد قطّ إِلَّا عَامر بن الطُّفَيْل لإعجابه بِنَفسِهِ وعمرُو بن كُلْثُوم لسنه وتجربته قَالَ بل من أَنْت أَخْبرنِي وَإِلَّا قتلتك قَالَ عَمْرو فَقلت أَنا عَمْرو بن معدي كرب فَقَالَ وَأَنا ربيعَة بن مكدم ثمَّ قلت اختر مني إِحْدَى ثَلَاث إِن شِئْت اجتلدنا بِالسَّيْفِ حَتَّى يَمُوت أعجزنا وَإِن شِئْت اصطرعنا وَإِن شِئْت السّلم فَإنَّك حدث وبقومك إِلَيْك حَاجَة فَقَالَ بل هَذِه الثَّلَاث إِلَيْك قَالَ عَمْرو فاخترت السّلم فَقَالَ لي ألق سَيْفك وَانْزِلْ عَن فرسك قَالَ عَمْرو فَقلت يَا بن أخي قد جرحتني جرحين وَلَا يزَال بِي فوَاللَّه مَا كف حَتَّى نزلت عَن فرسي فَأخذ بعناية ثمَّ أَخذ بيَدي فِي يَده فانصرفنا إِلَى الْحَيّ وَأَنا أجر رجْلي حَتَّى طلعنا على الْخَيل فَلَمَّا رأوني همزوا خيولهم إِلَى نحوي وَأَرَادُوا ربيعَة فناديتهم إِلَيْكُم عَنهُ فَمضى وَالله كَأَنَّهُ لَيْث حَتَّى شقهم ثمَّ أقبل إِلَيّ وَقَالَ كَأَن أَصْحَابك يُرِيدُونَ غير الَّذِي أردْت فصمتَ وَالله الْقَوْم لم يتَكَلَّم أحد وأعظموا مَا رَأَوْا فَقلت يَا ربيعَة بن مكدم لَا يُرِيدُونَ إِلَّا خيرا وَإِنَّمَا سميته ليعرفه الْقَوْم ومضينا مَعَه حَتَّى نزل فَقَامَتْ إِلَيْهِ صاحبته وهى ضاحكة فمسحت وَجهه ثمَّ أقبل بِإِبِل فنحرت وَضرب علينا القباب فَأَقَمْنَا عِنْده يَوْمَيْنِ وانصرفنا قَالَ عَمْرو ثمَّ غزوت بعد زمَان فِي صَنَادِيد قومِي بني كنَانَة فأخذنا عِيَالهمْ وَمِنْهُم امْرَأَة ربيعَة بن مكدم وَكَانَ غَائِبا فَبَلغهُ ذَلِك فَأقبل فِي الطّلب على فرس عري وَمَعَهُ رمح بِلَا سِنَان فَلَمَّا لحق بِنَا قَالَ لي يَا عَمْرو خل عَن الظعينة وَمَا مَعَك فَلم ألتفت إِلَيْهِ ثمَّ أَعَادَهَا فَلم ألتفت إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ يَا عَمْرو إِمَّا تقف لي أَو أَقف لَك فوقفت وَقلت قد أنصف القارة من راماها فقف لي يَا ابْن أخي فَوقف فَحملت عَلَيْهِ وَأَنا أَقُول // (من الرجز) //

(أَنَا ابنُ ثوْرٍ ثمَّ فَتَّاق الدَّلَقْ

)

ص: 512

(لستُ بمأمونٍ وَلَا فِي حَرَقْ

)

(وأًستُرُ القومَ إِذا احمرَّ الحَدَقْ

)

(إِذا الرجالُ عَضَّهُمْ فَوق التَّرَقْ

)

(وَجَدتني بِالسَّيْفِ فَتَّاَق الحلقْ

)

حَتَّى إِذا ظن أَن قد خالطه السنان إِذا هُوَ نقب لفرسه وَمر السنان على ظهر الْفرس ثمَّ وقفت لَهُ فَحمل عَليّ وَهُوَ يَقُول // (من الرجز) //

(أَنَا الكِنَانِيُّ الغُلامُ لَا برحْ

كم من هِزَبْرٍ رَامَني قَدِ انْشَرَحْ

)

فقرع رَأْسِي بِالرُّمْحِ ثمَّ قَالَ إِلَيْك يَا عَمْرو فلولا إِنِّي أكره قَتلك لقتلتك فَقلت لَا ينْصَرف إِلَّا أَحَدنَا فَحملت عَلَيْهِ حَتَّى إِذا ظن أَن قد خالطه السنان إِذا هُوَ حزَام لفرسه ثمَّ إِنَّه حمل عَليّ فقرع رَأْسِي بِالرُّمْحِ ثَانِيَة وَقَالَ خُذْهَا إِلَيْك ثَانِيَة وَإِنَّمَا الْعَفو مَرَّتَانِ فصاحت بِهِ امْرَأَته السنان لَهُ دَرك فَأخْرج سِنَانًا من بَين إزَاره كَأَنَّهُ شعار نَار فَرَكبهُ على رمحه فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ وَذكرت طعنته بِغَيْر سِنَان قلت لَهُ خُذ الظعينة فَقَالَ دعها وانج بِنَفْسِك فَقَالَت بَنو زيبد تتركها لغلام فَقلت وَالله لقد رَأَيْت الْمَوْت الْأَحْمَر فِي سنانه وَسمعت صريره فِي تركيبه فانصرفنا وَرجع بِالظَّعِينَةِ وَالْغنيمَة وَمثلهَا مَا رَأَيْته فِي كتاب المحاسن والمساوى قَالَ وَفَدَ على أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب أَعْرَابِي يستحمله فَقَالَ لَهُ خُذ بَعِيرًا من إبل الصَّدَقَة فَنظر إِلَى بعير مِنْهَا استحسنه وَاخْتَارَهُ فَتعلق بِذَنبِهِ ونازعه الْبَعِير نَفسه ونقر فاقتلع ذَنبه فِي يَده فَقَالَ لَهُ عمر يَا أَخا الْعَرَب هَل رَأَيْت أَشد مِنْك قَالَ نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ خرجت بِامْرَأَة من أَهلِي أُرِيد بهَا زَوجهَا فَنزلت منزلا أَهله خلوف فأنخت بهَا إِلَى جَانب ودنوت من الْحَوْض فَإِذا رجل قد أقبل مَعَه ذود لَهُ فصرف ذوده إِلَى

ص: 513