المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ابْن هِشَام وَإِنَّمَا هِيَ بنت هَاشم وهَاشِم وَهِشَام أَخَوان ‌ ‌(ذكر إِسْلَامه) قَالَ - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ٢

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْبَاب السَّادِس من الْمَقْصد الثَّانِي فِي ذكر موَالِيه وخدامه وَكتابه وأمرائه ومؤذنيه وخطبائه وجداته وشعرائه وخيله وسلاحه وغنمه ولقاحه وَمَا يتبع ذَلِك)

- ‌(الْبَاب السَّابِع من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(حوادث السّنة الأولى من الْهِجْرَة)

- ‌(حَوَادِث السنَةِ الثانِيَةِ مِنَ الهِجرَةِ)

- ‌(أَمر بني قينقاع

- ‌(حوادث السّنة الثَّالِثَة)

- ‌(وَمِنْهَا غَزْوَة حَمْرَاء الْأسد)

- ‌(حوادث السّنة الرَّابِعَة)

- ‌(غَزْوَة بدر الْأَخِيرَة)

- ‌(حوادث السّنة الْخَامِسَة)

- ‌(حَوَادِثَ السنَةِ السَّادِسَةِ)

- ‌(حوادث السّنة السَّابِعَة)

- ‌(حوادث السّنة الثَّامِنَة)

- ‌(حوادث السّنة التَّاسِعَة)

- ‌(حوادث السّنة الْعَاشِرَة)

- ‌(حوادث السّنة الْحَادِيَة عشرَة من الْهِجْرَة)

- ‌(فصل فِي صِفَاته الحسية

- ‌(فصل فِي صِفَاته المعنوية وأخلاقه

- ‌(فصل فِي خَصَائِصه

- ‌(فصل فِي معجزاته

- ‌(الْمَقْصد الثَّالِث فِي ذكر الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَذكر خلَافَة الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ خلَافَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(شرح مَا وَقع فِي هَذِه الرسَالَة من الْغَرِيب)

- ‌(أفْضَلِيةُ أبي بَكْرِ الصّديق رضي الله عنه

- ‌(نسب أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(صفته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْآيَات فِي شَأْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر أَوْلَاده رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر وَفَاته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر الْفَارُوق رضي الله عنه

- ‌(ذكر نسبه رضي الله عنه

- ‌(ذكر إِسْلَامه)

- ‌(صفته رضي الله عنه

- ‌(الْآيَات النَّازِلَة بِمَا أَشَارَ بِهِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قضايا مُتعَدِّدَة)

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌(ذكر وَفَاته شَهِيدا رضي الله عنه

- ‌(ذكر أَوْلَاده رضي الله عنه

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان ذى النورين رضي الله عنه

- ‌(ذكر إِسْلَامه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(صفته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْآيَات فِي شَأْن عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر أَوْلَاده رضي الله عنه

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الحسنين عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

الفصل: ابْن هِشَام وَإِنَّمَا هِيَ بنت هَاشم وهَاشِم وَهِشَام أَخَوان ‌ ‌(ذكر إِسْلَامه) قَالَ

ابْن هِشَام وَإِنَّمَا هِيَ بنت هَاشم وهَاشِم وَهِشَام أَخَوان

(ذكر إِسْلَامه)

قَالَ ابْن إِسْحَاق كَانَ إِسْلَام عمر بعد خُرُوج من خرج من أَصْحَاب رَسُول الله

إِلَى الْحَبَشَة عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه قَالَ خرجت أتعرض رَسُول الله

فَوَجَدته سبقني إِلَى الْمَسْجِد فَقُمْت خَلفه فَاسْتَفْتَحَ سُورَة الحاقة فَجعلت أعجب من تأليف الْقُرْآن فَقلت هَذَا وَالله شَاعِر كَمَا قَالَت قُرَيْش فَقَرَأَ {إِنَّهُ لَقَولُ رَسُول كرَيم وَما هُوَ بِقولِ شاعِر قَلِيلأً مَا تؤمنوُنَ} الحاقة 40، 41 قَالَ فَقلت كَاهِن فَقَالَ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ يقْرَأ {وَلا بِقَولِ كاهِن قَلِيلاً مَا تذَكَرونَ تَنْزِيل من رب الْعَالمين وَلَو تَقول عَلَينا بَعضَ الأقاوِيلِ} إِلَى {حَاجِزين} الحاقة 42، 47 قَالَ فَوَقع الْإِسْلَام من قلبِي كل موقع خرجه أَحْمد وَفِي طَرِيق آخر عَن أنس بن مَالك قَالَ خرج مُتَقَلِّدًا السَّيْف فَلَقِيَهُ رجل من بني زهرَة فَقَالَ أَيْن تعمد يَا عمر قَالَ أُرِيد أَن أقتل مُحَمَّدًا قَالَ وَكَيف تأمن من بني هَاشم وَمن بني زهرَة وَقد قتلت مُحَمَّدًا فَقَالَ لَهُ عمر مَا أَرَاك إِلَّا قد صَبَأت وَتركت دينك الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ فَقَالَ الرجل لَا تلمني وَلم أختك وخَتنك إِن كنت تلوم فَإِنَّهُمَا قد صبآ فَمشى عمر حَتَّى أتاهما وَعِنْدَهُمَا رجل من الْمُهَاجِرين يُقَال لَهُ خباب بن الْأَرَت فَلَمَّا سمع خباب حس عمر توارى فِي الْبَيْت فَدخل عَلَيْهِمَا وَكَانُوا يقرءُون سُورَة طه فَسَكَتُوا فَقَالَ مَا هَذِه الهمهمة الَّتِي سَمعتهَا عنْدكُمْ فَقَالَ مَا عدا حَدِيثا تحدثناه بَيْننَا قَالَ فلعلكما قد صبأتما فَقَالَ لَهُ خَتنه أَرَأَيْت يَا عمر إِن كَانَ الْحق فِي غير دينك فَوَثَبَ عمر على ختنه فوطئه وطأً شَدِيدا فَجَاءَتْهُ أُخْته فَدَفَعته عَنهُ فنفحها نفحة بِيَدِهِ فدمى وَجههَا فَقَالَت غَضَبي ويلي

ص: 471

يَا عمر أَرَأَيْت أَن الْحق فِي غير دينك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَلَمَّا تبين عمر قَالَ أعطوني هَذَا الْكتاب الَّذِي عنْدكُمْ فَأَقْرَأهُ وَكَانَ عمر يقْرَأ الْكتب فَقَالَت لَهُ أُخْته إِنَّك رِجْس وَلَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ فَقُمْ فاغتسل أَو تَوَضَّأ فَقَامَ فَتَوَضَّأ ثمَّ أَخذ الْكتاب فَقَرَأَ طه إِلَى قَوْله {إِنني أَنا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أناَ فاعبدني وأقم الصَّلَاة لِذِكرِي} طه 14 فَقَالَ عمر دلوني على مُحَمَّد فَلَمَّا سمع الْخَبَّاب قَول عمر خرج من الْبَيْت فَقَالَ أبشر يَا عمر فإنى أَرْجُو أَن تكون دَعْوَة رَسُول الله

لَك لَيْلَة الْخَمِيس

اللَّهُمَّ أعز الْإِسْلَام بِأحد العمرين عمر بن الْخطاب أَو عَمْرو بن هِشَام ثمَّ قَالَ إِن رَسُول الله

فِي الدَّار الَّتِي فِي أصل الصَّفَا فَانْطَلق عمر حَتَّى أَتَى الدَّار قَالَ وعَلى الْبَاب حَمْزَة وَطَلْحَة وناس من أَصْحَاب رَسُول الله

فَقَالُوا عمر فَلَمَّا رأى حَمْزَة وَجل الْقَوْم من عمر قَالَ حَمْزَة نعم هَذَا عمر وَإِن يرد الله بِهِ خيرا يسلم وَإِن يرد غير ذَلِك يكن قَتله علينا هيناً قَالَ وَالنَّبِيّ دَاخل يُوحى إِلَيْهِ فَخرج رَسُول الله

حَتَّى أَتَى عمر فَأخذ بِمَجَامِع ثَوْبه وحمائل سَيْفه فَقَالَ مَا أَنْت بمنته عني يَا عمر حَتَّى ينزل الله بك من الخزي والنكال مَا لم ينزل بالوليد بن الْمُغيرَة اللَّهُمَّ اهد عمر بن الْخطاب اللَّهُمَّ أعز الدّين بعمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر أشهد أَنَّك رَسُول الله فَأسلم عمر فَكبر النَّبِي

وَأهل الْبَيْت تَكْبِيرَة سَمِعت من أَعلَى مَكَّة فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله علام نخفي ديننَا وَنحن على الْحق قَالَ يَا عمر إِنَّا قَلِيل قَالَ عمر وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا يبْقى مجلسْ جَلَست فِيهِ بالْكفْر إِلَّا جَلَست فِيهِ بِالْإِيمَان ثمَّ خرج وَطَاف بِالْبَيْتِ ثمَّ مر بِقُرَيْش وهم ينظرونه فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل ابْن هِشَام وَهُوَ عَم والدته حنتمة بنت هَاشم بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي زعم فلَان أَنَّك صبوت فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَوَثَبَ عَلَيْهِ

ص: 472

الْمُشْركُونَ ووثب عمر على عتبَة بن ربيعَة فبرك عَلَيْهِ وَجعل يضْربهُ وَأدْخل إصبعيه فِي عَيْنَيْهِ فَجعل عتبَة يَصِيح فَتنحّى النَّاس عَنهُ فَقَامَ عمر فَجعل لَا يدنو مِنْهُ أحد إِلَّا أَخذ شرِيف من دنا مِنْهُ حَتَّى أحجم النَّاس عَنهُ وَاتبع الْمجَالِس الَّتِي كَانَ يجلس فِيهَا بالْكفْر فأظهر الْإِسْلَام فِيهَا ثمَّ انْصَرف إِلَى النبى

وَهُوَ ظَاهر عَلَيْهِم فَقَالَ مَا يحبسك بِأبي أَنْت وَأمي فوَاللَّه مَا بَقِي مجْلِس جَلَست فِيهِ بالْكفْر إِلَّا أظهرت فِيهِ الْإِسْلَام غير هائب وَلَا خَائِف فَخرج عليه الصلاة والسلام فِي صفّين من أَصْحَابه عمر بن الْخطاب فِي يمينهما وَحَمْزَة بن عبد الْمطلب فِي يسارهما حَتَّى طَاف بِالْبَيْتِ وَصلى الظّهْر مُعْلنا ثمَّ انْصَرف إِلَى دَار الأرقم هُوَ وَمن مَعَه أخرجه أَبُو الْقَاسِم الدِّمَشْقِي فِي الْأَرْبَعين الطوَال وَعَن ابْن مَسْعُود مَا زلنا أعزة مُنْذُ أسلم عمر أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم وَعنهُ أَيْضا قَالَ كَانَ إِسْلَام عمر فتحا وهجرته نصرا وإمارته رَحْمَة وَلَقَد رَأَيْتنَا وَمَا نستطيع أَن نصلي بِالْبَيْتِ حَتَّى أسلم عمر فَلَمَّا أسلم عمر قَاتلهم حَتَّى تركونا وَصلى عِنْد الْكَعْبَة وصلينا مَعَه أخرجه الْحَافِظ السلَفِي وَخرج الخلعي طرفا من هَذِه الْقِصَّة وَقَالَ فَقَالَ عمر لَا نعْبد الله سرا بعد الْيَوْم فَأنْزل الله {يَا أيَها النبيُ حَسبُكَ الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} الْأَنْفَال 64 وَكَانَ ذَلِك أول مَا نزل من الْقُرْآن فِي تَسْمِيَة الصَّحَابَة مُؤمنين وَكَانَ عمر عِنْد ذَلِك ينصب راية للحرب بِمَكَّة ويحاربهم على الْحق فَيَقُول لأهل مَكَّة وَالله لَو بلغت عدتنا ثَلَاثمِائَة رجل لتركتموها لنا أَو لتركناها لكم

ص: 473

وَعَن صُهَيْب قَالَ لما أسلم عمر جلسنا حول الْبَيْت حلقا حلقا وانتصفنا مِمَّن غلظ علينا وَعَن عَليّ رضي الله عنه مَا سمينا مُؤمنين حَتَّى أسلم عمر خرجه فِي الْفَضَائِل وَعَن ابْن مَسْعُود لما أسلم عمر أظهر الْإِسْلَام ودعا إِلَى الله عَلَانيَة وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما أسلم عمر قَالَ الْمُشْركُونَ انتصف الْقَوْم مِنا وَهُوَ أول من مصر الْأَمْصَار كالكوفة وَالْبَصْرَة وحقق كَلمته فِي إعلاء كلمة الله فَفتح الفتوحات الْعَظِيمَة فِي الْمَوَاضِع العديدة فتح مصر وَالشَّام ثمَّ الرّوم ثمَّ الْقَادِسِيَّة ثمَّ انْتهى الْفَتْح إِلَى حمص وحلوان والرقة والرُها وحرّان وَرَأس الْعين والخابور ونصيبين وعسقلان وطرابلس وَمَا يَليهَا من السواحل وَبَيت الْمُقَدّس وبيسان واليرموك والأهواز وقيسارية وتستر ونهاوند والري وَمَا يَليهَا وأصفهان وبلاد فَارس وَغَيرهَا وَمَعَ هَذَا كُله بقى على حَاله كَمَا كَانَ قبل الْولَايَة فِي لِبَاسه وزيه وأفعاله وتواضعه يسير مُنْفَردا فِي سَفَره وحضره من غير حرس وَلَا حجاب لم تغيره الْأُمُور وَلم يستطل على مُسلم بِلِسَانِهِ وَلَا يحابي أحدا فِي الْحق وَكَانَ لَا يطْمع الشريف فِي حيفه وَلَا يشفق الضَّعِيف من عدله وَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَينزل نَفسه من مَال الله منزلَة رجل من أوساط الْمُسلمين وَجعل فَرْضه كفرض رجل من الْمُهَاجِرين وَكَانَ يَقُول أَنا ومالكم كولي الْيَتِيم إِن اسْتَغْنَيْت اسْتَعْفَفْت وَإِن افْتَقَرت أكلت بِالْمَعْرُوفِ أَرَادَ أَنه يَأْكُل مَا تقوم بِهِ بنيته لَا يتعداه قَالَ مُجَاهِد تَذَاكر النَّاس فِي مجْلِس ابْن عَبَّاس فَأخذُوا فِي فضل أبي بكر ثمَّ فِي فضل عمر فَلَمَّا سمع ابْن عَبَّاس ذكر عمر بَكَى بكاء شَدِيدا حَتَّى أُغمي عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ يرحم الله عمر قَرَأَ الْقُرْآن وَعمل بِمَا فِيهِ فَأَقَامَ حُدُود الله كَمَا أَمر لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم لقد رَأَيْت عمر أَقَامَ الْحَد على وَلَده فَقتله قلت قصَّة إِقَامَة الْحَد على وَلَده ذكرهَا فِي رياض النضرة وَبَعضهَا عَن عَمْرو ابْن الْعَاصِ قَالَ بَيْنَمَا أَنا بمنزلي بِمصْر إِذْ قيل هَذَا عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو ابْن الْخطاب وَأَبُو سرعَة يستأذنان عَلَيْك فَقلت يدخلَانِ فدخلا وهما متنكران فَقَالَا أقِم علينا الْحَد فَإنَّا أصبْنَا البارحة شرابًا وسكرنا قَالَ فزبرتهما وطردتهما فَقَالَ لي عبد الرَّحْمَن إِن لم تفعل خبرت وَالِدي عمر إِذا قدمت عَلَيْهِ قَالَ عَمْرو فَقلت إِنِّي إِن لم أقِم عَلَيْهِمَا الْحَد غضب عَليّ عمر وعزلني قَالَ فأخرجتهما إِلَى صحن الدَّار فضربتهما الْحَد وأدخلت عبد الرَّحْمَن نَاحيَة إِلَى بَيت من الدَّار فحلق رَأسه وَكَانُوا يحلقون مَعَ الْحُدُود وَالله مَا كتبت لعمر بِحرف مِمَّا كَانَ حَتَّى إِذا كَانَ كِتَابه جَاءَنِي فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من عبد الله عمر إِلَى عَمْرو الْعَاصِ عجبت لَك وجوابك عَلي وخلافك عهدي فَمَا أَرَانِي إِلَّا عاذلك تضرب عبد الرَّحْمَن فِي بَيْتك وَقد عرفت إِن هَذَا ليخالفني إِنَّمَا عبد الرَّحْمَن رجل من رعيتك تصنع بِهِ مَا تصنع بِغَيْرِهِ من الْمُسلمين وَلَكِن قلتَ هُوَ ولد أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقد عرفت إِنِّي لَا هوادة لأحد من النَّاس عِنْدِي فِي حق فَإِذا جَاءَك كتابي فَابْعَثْ بِهِ فِي عباءة على قتب حَتَّى يعرف سوء مَا صنع وَالسَّلَام فَبعثت بِهِ كَمَا قَالَ أَبوهُ وكتبت إِلَى عمر أعْتَذر إِلَيْهِ بِأَنِّي ضَربته فِي صحن دَاري فبالله الَّذِي لَا يحلف بأعظم مِنْهُ إِنِّي لأقيم الْحُدُود فِي صحن دَاري على الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَبعثت بِالْكتاب مَعَ عبد الله بن عمر فَقدم عبد الرَّحْمَن على أَبِيه عمر فَدخل وَعَلِيهِ عباءة لَا يَسْتَطِيع الْمَشْي من سوء مركبه فَقَالَ لَهُ عمر يَا عبد الرَّحْمَن فعلت وَفعلت فَكَلمهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد أقيم عَلَيْهِ الْحَد فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وَأمر بِإِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ فَجعل عبد الرَّحْمَن يَقُول إِنِّي مَرِيض وَأَنت قاتلي فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْحَد ثَانِيًا وحبسه فَمَرض وَمَات انْتهى قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَأَبُو عمر وَصَاحب الصفوة كَانَ عمر بن الْخطاب من الْمُهَاجِرين السَّابِقين مِمَّن صلى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ وَشهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة وبيعة الرضْوَان وَسَائِر الْمشَاهد مَعَ رَسُول الله

وَهَاجَر عَلَانيَة

ص: 474

عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ عَليّ مَا علمت أَن أحدا من الْمُهَاجِرين هَاجر إِلَّا متخفيا إِلَّا عمر بن الْخطاب فَإِنَّهُ لما هم بِالْهِجْرَةِ تقلد سَيْفه وتنكب قوسه وانتضى فِي يَده سَهْما واحتضن عنزته وَمضى قبل الْكَعْبَة وَالْمَلَأ من قُرَيْش بفنائها فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا مُتَمَكنًا ثمَّ أَتَى الْمقَام فصلى مُتَمَكنًا ثمَّ وقف على حلقهم وَاحِدَة وَاحِدَة فَقَالَ لَهُم شَاهَت الْوُجُوه لَا يرغم الله إِلَّا هَذِه المعاطس من أَرَادَ أَن تثكله أمه أَو يؤتم وَلَده أَو يرمل زَوجته فليلقني وَرَاء هَذَا الْوَادي ثمَّ مضى خرجه ابْن السمان فى الْمُوَافقَة وَتوفى رَسُول الله

وَهُوَ عَنهُ رَاض وبشره بِالْجنَّةِ وَأخْبرهُ أَن الله جعل الْحق على لِسَانه وَقَلبه وَأَن رِضَاهُ وغضبه عدل وَأَن الشَّيْطَان يفر مِنْهُ وَأَن الله أعز بِهِ الْإِسْلَام واستَبشر أهل السَّمَاء بِإِسْلَامِهِ وَسَماهُ عبقرياً ومحدثاً وسراج أهل الْجنَّة وَدعَاهُ صَاحب رَحا وافرة الْعَرَب يعِيش حميدا وَيَمُوت شَهِيدا وَإنَّهُ رجل لَا يحب الْبَاطِل وَلَو كَانَ بعده نَبِي لَكَانَ عمر وكل هَذَا وَغَيره يَأْتِي فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة مَعَ الْآيَات فِي شَأْنه قَالَ صَاحب الصفوة وَهُوَ أول من عس بِنَفسِهِ فِي عمله وَحمل الدرة وأدب بهَا وَكَانَت أهيب من سيف الْحجَّاج وَكَانَت تخافه مُلُوك الرّوم وَفَارِس وَغَيرهمَا وَكَانَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا كَانَ فِي سفر نَادَى النَّاس فِي الْمنزل عِنْد الرحيل ارحلوا أَيهَا النَّاس فَيَقُول الْقَائِل يأيها النَّاس هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد ناداكم تقدمُوا فاستقوا وارحلوا ثمَّ يُنَادي الثَّانِيَة الرحيل فَيَقُول النَّاس اركبوا فقد نَادَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الثَّانِيَة فاذا استقلوا قَامَ فَرَحل بعيره وَعَلِيهِ غِرَارَتَانِ إِحْدَاهمَا فِيهَا سويق وَالْأُخْرَى فِيهَا تمر وَبَين يَدَيْهِ قربَة وَخَلفه جفنهَ فَكلما نزل جعل فِي الْجَفْنَة من السويق وصب عَلَيْهِ من المَاء وسط شنارة قَالَ والشنارة مثل النطع الصَّغِير من جَاءَهُ لحَاجَة أَو يستقضى قَالَ لَهُ كل من هَذَا السويق وَالتَّمْر ثمَّ يرحل فَيَأْتِي الْمَكَان الَّذِي رَحل النَّاس مِنْهُ فَإِن وجد مَتَاعا سَاقِطا أَخذه وَإِن

ص: 475

وجد أحدا فِيهِ عرج أَو عرض لدابته أَو بعيره يكارى لَهُ ويسوق بِهِ فَيتبع آثَار النَّاس فَإِذا أصبح النَّاس من الْغَد لم يفقد أحد مَتَاعا لَهُ سقط مِنْهُ إِلَّا قَالَ حَتَّى يَأْتِي أَمِير الْمُؤمنِينَ فَيطلع عمر وَإِن جمله مثل المشجب مِمَّا عَلَيْهِ من الْمَتَاع للنَّاس فَيَأْتِي الرجل وَيَقُول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إداوتي فَيَقُول هَل يغْفل الرجل الْحَلِيم عَن إداوته الَّتِي يشرب فِيهَا وَيتَوَضَّأ للصَّلَاة مِنْهَا أَو كل سَاعَة أبْصر أَو كل اللَّيْل أكلأ عَيْني من النّوم ثمَّ يدْفع إِلَيْهِ إداوته وَيَقُول الآخر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قوسي وَيَقُول آخر رشائي أَو مَا وَقع مِنْهُم فيصفونه فيدفعه إِلَيْهِم وَلما بلغ الشَّام تلقوهُ ببرذون وَثيَاب فكلموه أَن يركب البرذون ليراه الْعَدو فَيكون ذَلِك أرهب بلباس الْبيَاض ويطرح الفرو الَّذِي عَلَيْهِ أَبى فألحوا عَلَيْهِ فَركب البرذون بفروته وثيابه فهملج بِهِ البرذون وخطام نَاقَته بعد فِي يَده فَنزل وَركب رَاحِلَته وَقَالَ لقد غرني هَذَا حَتَّى خفت أَن أنكر نَفسِي ذكر هَذَا كُله أَبُو حذيفهَ إِسْحَاق بن بشر فِي فتوح الشَّام قَالَ الْعَلامَة ابْن الْجَوْزِيّ لما بعث عمر بن الْخطاب سعد بن أبي وَقاص لِحَرْب الْقَادِسِيَّة كتب إِلَيْهِ وَهُوَ بالقادسية أَن وَجه نَضْلَة الْأنْصَارِيّ إِلَى حلوان الْعرَاق فيغزو أَهلهَا فَبعث سعد بن أبي وَقاص نَضْلَة الْأنْصَارِيّ فِي ثَلَاثمِائَة فَارس فَسَارُوا حَتَّى أَتَوا حلوان فَأَغَارُوا على أَهلهَا وَأَصَابُوا غنيمَة وسببا وأثقلوا بذلك حَتَّى أرهقتهم صَلَاة الْعَصْر وكادت الشَّمْس أَن تغرب فألجأ نَضْلَة السَّبي وَالْغنيمَة إِلَى سفح جبل وَقَامَ فَأذن فَقَالَ الله أكبر الله أكبر فَأَجَابَهُ مُجيب من الْجَبَل كبرتَ كَبِيرا يَا نَضْلَة ثمَّ قَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ كلمة الْإِخْلَاص يَا نَضْلَة ثمَّ قَالَ أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقَالَ هُوَ الَّذِي بشرنا بِهِ عِيسَى بن مَرْيَم وعَلى رَأس أمته تقوم الْقِيَامَة ثمَّ قَالَ حَيّ على الصَّلَاة فَقَالَ طُوبَى لمن سعى إِلَيْهَا وواظب عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ حَيّ على الْفَلاح فَقَالَ قد أَفْلح من أجَاب دَاعِي الله ثمَّ قَالَ الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ أخلصت الْإِخْلَاص كُله يَا نَضْلَة حرم الله تَعَالَى بهَا جسدك على النَّار فَلَمَّا فرغ نَضْلَة من أَذَانه قَامَ فَقَالَ من أَنْت يَرْحَمك الله أملك أم طائف من الْجِنّ

ص: 477