المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الآيات النازلة بما أشار به عمر رضي الله تعالى عنه في قضايا متعددة) - سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي - جـ ٢

[العصامي]

فهرس الكتاب

- ‌(الْبَاب السَّادِس من الْمَقْصد الثَّانِي فِي ذكر موَالِيه وخدامه وَكتابه وأمرائه ومؤذنيه وخطبائه وجداته وشعرائه وخيله وسلاحه وغنمه ولقاحه وَمَا يتبع ذَلِك)

- ‌(الْبَاب السَّابِع من الْمَقْصد الثَّانِي)

- ‌(حوادث السّنة الأولى من الْهِجْرَة)

- ‌(حَوَادِث السنَةِ الثانِيَةِ مِنَ الهِجرَةِ)

- ‌(أَمر بني قينقاع

- ‌(حوادث السّنة الثَّالِثَة)

- ‌(وَمِنْهَا غَزْوَة حَمْرَاء الْأسد)

- ‌(حوادث السّنة الرَّابِعَة)

- ‌(غَزْوَة بدر الْأَخِيرَة)

- ‌(حوادث السّنة الْخَامِسَة)

- ‌(حَوَادِثَ السنَةِ السَّادِسَةِ)

- ‌(حوادث السّنة السَّابِعَة)

- ‌(حوادث السّنة الثَّامِنَة)

- ‌(حوادث السّنة التَّاسِعَة)

- ‌(حوادث السّنة الْعَاشِرَة)

- ‌(حوادث السّنة الْحَادِيَة عشرَة من الْهِجْرَة)

- ‌(فصل فِي صِفَاته الحسية

- ‌(فصل فِي صِفَاته المعنوية وأخلاقه

- ‌(فصل فِي خَصَائِصه

- ‌(فصل فِي معجزاته

- ‌(الْمَقْصد الثَّالِث فِي ذكر الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَذكر خلَافَة الْحسن بن عَليّ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ خلَافَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(شرح مَا وَقع فِي هَذِه الرسَالَة من الْغَرِيب)

- ‌(أفْضَلِيةُ أبي بَكْرِ الصّديق رضي الله عنه

- ‌(نسب أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(صفته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْآيَات فِي شَأْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر أَوْلَاده رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر وَفَاته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر الْفَارُوق رضي الله عنه

- ‌(ذكر نسبه رضي الله عنه

- ‌(ذكر إِسْلَامه)

- ‌(صفته رضي الله عنه

- ‌(الْآيَات النَّازِلَة بِمَا أَشَارَ بِهِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قضايا مُتعَدِّدَة)

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه

- ‌(ذكر وَفَاته شَهِيدا رضي الله عنه

- ‌(ذكر أَوْلَاده رضي الله عنه

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان ذى النورين رضي الله عنه

- ‌(ذكر إِسْلَامه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(صفته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(الْآيَات فِي شَأْن عُثْمَان رضي الله عنه

- ‌(الْأَحَادِيث فِي شَأْن عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(ذكر أَوْلَاده رضي الله عنه

- ‌(خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي الحسنين عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

الفصل: ‌(الآيات النازلة بما أشار به عمر رضي الله تعالى عنه في قضايا متعددة)

شَدِيد حمرَة الْعَينَيْنِ كث اللِّحْيَة خَفِيف عارضيها سلتا كثير الشّعْر فِي أَطْرَافه صهبة أعْسر أيسر يَعْنِي يعْمل بكلتا يَدَيْهِ أروح كَأَنَّهُ رَاكب وَالنَّاس مشَاة قَالَ الْجَوْهَرِي الأروح هُوَ الَّذِي يتباعد صُدُور قَدَمَيْهِ ويتدانى عقباه وَكَانَ لَا يُغير شَيْبه فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا تغيره فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله

يَقُول من شَاب شيبَة فِي الْإِسْلَام كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَمَا لنا نغيره

(الْآيَات النَّازِلَة بِمَا أَشَارَ بِهِ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قضايا مُتعَدِّدَة)

فَمِنْهَا اتِّخَاذ مقَام إِبْرَاهِيم مصلى عَن طَلْحَة بن مصرف قَالَ قَالَ عمر يَا رَسُول الله أَلَيْسَ هَذَا مقَام أَبينَا إِبْرَاهِيم قَالَ بلَى قِال عمر فَلَو اتخذته مصلى فَأنْزل الله تبارك وتعالى {وَاتَّخذُوا مِن مَقامِ إِبرَاهيمَ مُصَلى} الْبَقَرَة 125 وَمِنْهَا مشورته فِي أسَارِي بدر عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله

مَا تَقولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله بَنو الْعم وَالْعشيرَة والإخوان أرى أَن نَأْخُذ مِنْهُم الْفِدَاء فَيكون لنا قُوَّة على الْمُشْركين وَعَسَى الله أَن يهْدِيهم إِلَى الْإِسْلَام فيكونون لنا عضداً قَالَ فَمَا ترى يَا بن الْخطاب قلت يَا رَسُول الله مَا أرى الَّذِي يرَاهُ أَبُو بكر وَلَكِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وصناديده فَقَدمهُمْ لنا نضرب أَعْنَاقهم قَالَ فهوى رَسُول الله

مَا قَالَ أَبُو بكر وَلم يَهو مَا قلته وَقَالَ مثلك يَا أَبَا بكر كَمثل عِيسَى إِذْ قَالَ {إِن تعُذِّبهم فإنَهُم عِبادُك وَإِن تَغفِر لَهُم فإنَكَ أنتَ العَزيِزُ الْحَكِيم} الْمَائِدَة 118 وَمثلك يَا عمر كَمثل

ص: 479

نوح إِذْ قَالَ {وَقالَ نوُح رَب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين دَياراً إِنَّكَ إِن تَذَرهُم} الْآيَة نوح 26، 27 ثمَّ أَخذ رَسُول الله

مِنْهُم الْفِدَاء فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت على رَسُول الله

فَإِذا هُوَ وَأَبُو بكر قاعدان يَبْكِيَانِ قلت يَا نَبِي الله أَخْبرنِي من أَي شَيْء تبْكي أَنْت وَصَاحِبك فَإِن وجدت بكاء وَإِلَّا تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ لقد عرض عَليّ عذابكم أدنى من هَذِه الشَّجَرَة لشَجَرَة قريبَة مِنْهُ فَأنْزل الله {مَا كَانَ لِنبَيٍ أَن يَكوُنَ لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُنيا واللهُ يُرِيدُ الآخِرَة واللهُ عَزيزُ حَكِيم لَولا كِتاب مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمسَّكم فِيما أخَذْتم عَذابٌ عَظِيمٌ} الْأَنْفَال 67، 68 أخرج هَذَا الحَدِيث مُسلم فِي صَحِيحه وَعند البُخَارِيّ مَعْنَاهُ بِزِيَادَة قَوْله إِنَّه قتل من الْمُشْركين سبعين وَأسر سبعين وَبِزِيَادَة وَلَكِن أَن تمكن عليا من عقيل فَيضْرب عُنُقه وَحَمْزَة من فلَان أَخِيه فَيضْرب عُنُقه وَفُلَانًا من فلَان حَتَّى يعلم الله أَن لَيْسَ فِي قُلُوبنَا هوادة للْمُشْرِكين ثمَّ ذكر معنى مَا بعده وَزَاد فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد من الْعَام الْقَابِل عوقبوا بِمَا صَنَعُوا يَوْم بدر من أَخذهم الْفِدَاء فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ وفر أَصْحَاب رَسُول الله

وَكسرت رباعيته وشج وَجهه وهشمت الْبَيْضَة على رَأسه وسال الدَّم على وَجهه وَأنزل الله عز وجل {أوَ لمَا أَصابتكمُ مصِيبَة قد أصبْتُم مِثلَيها قُلْتُمْ أنىَّ هَذا قُل هوَ مِنْ عِندِ أنفُسِكُم إنَ اللهَ عَلىَ كلِ شَيْء قدير} آل عمرَان 165 وروى أَنه

قَالَ لعمر لقد كَاد يصيبا بخلافك شَرّ يَا ابْن الْخطاب وَفِي

ص: 480

رِوَايَة لَو نزل بِنَا عَذَاب رَبِّي وَفِي رِوَايَة لَو عذبنا فِي هَذَا الْأَمر يَعْنِي عذَابا ظَاهرا فَلَا يُنَافِي مَا وَقع لَهُم يَوْم أحد لما نجا مِنْهُ غير عمر خرجها القلعي وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {عَسَى ربه إِن طَلَقَكنّ أَن يُبدِله أَزْوَاجًا خَيراً مِنكنُ} التَّحْرِيم 5 وَذَلِكَ أَنه لما بلغه رضي الله عنه شَيْء فِي معاتبة أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ للنَّبِي

فَقَالَ لَهُنَّ لتكففن عَن رَسُول الله

أَو ليبدلنه أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن فَقَالَت لَهُ إِحْدَاهُنَّ يَا عمر أما فِي رَسُول الله

مَا يعظ نِسَاءَهُ حَتَّى تعظهن أَنْت فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة الْمَذْكُورَة {عَسَى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا} الْآيَة أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو حَاتِم وَمِنْهَا أَنه لما أَمر نسَاء رَسُول الله

أَن يحتجبن قَالَت لَهُ زَيْنَب وَإنَّك علينا يَا بن الْخطاب وَالْوَحي ينزل فِي بُيُوتنَا فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حجِاب} الْآيَة الْأَحْزَاب 53 أخرجه أَحْمد وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كنت آكل مَعَ النَّبِي

حَيْسًا فِي قَعْب فَمر عمر رضي الله عنه فَدَعَاهُ فَأكل مَعنا فأصابت أُصْبُعِي أُصْبُعه فَقَالَ حس وَهَذِه كلمة يَقُولهَا الْإِنْسَان من الْعَرَب إِذا أَصَابَهُ مَا مَضه أَو أحرقه كالجمرة والضربة وَنَحْوهمَا كَذَا فِي الصِّحَاح أوهٍ لَو أطَاع فيكُن مَا رَأَتْكُنَّ عين فَنزلت آيَة الْحجاب وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى (فَإِن الله هُوَ مَولاهُ وَجِبرِيلُ وَصاَلِحُ المُؤْمنِينَ وَالْمَلَائِكَة بَعدَ ذَلِك

ص: 481

ظَهِير} التَّحْرِيم 4 عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر حَدثهُ قَالَ لما اعتزل رَسُول الله

نِسَاءَهُ وَكَانَ لَهُ وجد عَلَيْهِنَّ فاعتزلهن فِي مشربَة من خزانته قَالَ عمر فَدخلت الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينكثون بالحصى وَيَقُولُونَ طلق رَسُول الله

نِسَاءَهُ فَقلت لأعلمهن هَذَا الْيَوْم وَذَلِكَ قبل الْأَمر بالحجاب فَدخلت على عَائِشَة بنت أبي بكر فَقلت يَا بنة أبي بكر بلغ من أَمرك أَن تؤذي رَسُول الله

قَالَت مَا لي وَمَالك يَا بن الْخطاب عَلَيْك بِنَفْسِك فَأتيت حَفْصَة بنت عمر فَقلت يَا حَفْصَة لَو علمت أَن رَسُول الله

لَا يحبك وَلَوْلَا أَنا لطلقك قَالَ فَبَكَتْ أَشد بكاء قَالَ فَقلت لَهَا أَيْن رَسُول الله

قَالَت هُوَ فِي خزانته قَالَ فَذَهَبت فَإِذا أَنا برباح غُلَام رَسُول الله

قَاعِدا على أُسْكُفَّة الغرفة مدلياً رجلَيْهِ على نقير يَعْنِي جذعاً منقوراً فَقلت يَا رَبَاح اسْتَأْذن على رَسُول الله

فَنظر رَبَاح إِلَى الغرفة ثمَّ نظر إِلَيّ وَسكت قَالَ فَرفعت صوتي فَقلت اسْتَأْذن يَا رَبَاح على رَسُول الله

فَإِنِّي أَظن أَن رَسُول الله

يظنّ بِي رُبمَا جِئْت من أجل حَفْصَة وَالله لَئِن أَمرنِي أَن أضْرب عُنُقهَا الْآن لضَرَبْت عُنُقهَا قَالَ فَنظر رَبَاح إِلَى الغرفة وَنظر إِلَيّ ثمَّ قَالَ هَكَذَا يَعْنِي أَشَارَ بِيَدِهِ أَن أَدخل فَدخلت فَإِذا هُوَ عليه الصلاة والسلام مُضْطَجع على حَصِير وَعَلِيهِ إزَاره فَجَلَسَ وَإِذا الْحَصِير قد أثر فِي جسده وقلبت عَيْني فِي الخزانة فَإِذا لَيْسَ فِيهَا شَيْء من الدُّنْيَا غير قبضتين من شعير وقبضة من قرص نَحْو صَاعَيْنِ وَإِذا أفِيق مُعَلّق أَو أفيقان قَالَ فابتدرت عَيْنَايَ فَقَالَ رَسُول الله

مَا يبكيك فَقلت يَا رَسُول الله مَا لي لَا أبْكِي وَأَنت صفوة الله وَرَسُوله وَخيرته من خلقه وَهَذِه الْأَعَاجِم كسْرَى وَقَيْصَر فِي الثِّمَار والأنهار وَأَنت هَكَذَا فَقَالَ يَا بن الْخطاب أما ترْضى أَن تكون لنا الْآخِرَة وَلَهُم الدُّنْيَا فَقلت بلَى يَا رَسُول الله فَأَحْمَد الله فَمَا تَكَلَّمت فِي شَيْء إِلَّا أنزل الله تَصْدِيق قولي من السَّمَاء قَالَ فَقلت يَا رَسُول الله إِن كنت طلقت نِسَاءَك أَو تظاهرن عَلَيْك فَإِن الله عز وجل وَجِبْرِيل مَعَك وَأَنا وَأَبُو بكر وَصَالح الْمُؤمنِينَ فَأنْزل الله عز وجل {وَإِن تَظاهَرا عَلَيهِ فإنَّ الله هُوَ مَولاه وَجِبرِيلُ وَصالِحُ المُؤمنِينَ} الْآيَة التَّحْرِيم 4 قَالَ فَمَا أخْبرت بذلك نَبِي الله وَأَنا أعرف الْغَضَب فِي وَجهه حَتَّى رَأَيْت وَجهه يَتَهَلَّل وكشر فَرَأَيْت ثغره وَكَانَ أحسن

ص: 482

النَّاس ثغرا

فَقَالَ إِنِّي لم أطلقهن فَقلت يَا نَبِي الله فَإِنَّهُم قد أشاعوا أَنَّك طلقت نِسَاءَك أفأخبرهم أَنَّك لم تطلق قَالَ إِن شِئْت فَقُمْت على بَاب الْمَسْجِد فَقلت أَلا إِن رَسُول الله

لم يُطلق نِسَاءَهُ فَأنْزل الله فِي الَّذِي كَانَ من شأني وشأنهم {وَإِذا جاءهُم أَمر من االأمن أَو الخوفِ أذاعُوا بهِ وَلَو رَدوُه إِلَى الرَسُولِ وَإلى أُولي الأمرِ منِهم لعَلِمَهُ الذَينَ يستَنبِطونه مِنهُم} النِّسَاء 83 قَالَ عمر فَأَنا الَّذِي استنبطه مِنْهُم خرجه أَبُو حَاتِم وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَفِي رِوَايَة لأبي حَاتِم أَيْضا قَالَ لَهُ عمر لَو اتَّخذت يَا رَسُول الله فراشا أوبر من هَذَا فَقَالَ عليه الصلاة والسلام يَا عمر مَا لي وللدنيا أَو مَا للدنيا وَمَا لي إِنَّمَا مثلي وَمثل الدُّنْيَا كراكب سَائِر فِي يَوْم صَائِف فاستظل تَحت شَجَرَة ثمَّ رَاح وَتركهَا خرجها الثَّقَفِيّ فِي الْأَرْبَعين وَمِنْهَا مَنعه رضي الله عنه للنَّبِي

من الصَّلَاة على الْمُنَافِقين عَن ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ لما مَاتَ عبد الله بن أبي ابْن سلول جَاءَ إِلَيْهِ عبد الله بن عبد الله وَكَانَ قد أسلم إِلَى النَّبِي

فَقَالَ إِن أبي قد مَاتَ وَسَأَلَهُ أَن يُعْطِيهِ قَمِيصه يُكَفِّنهُ فِيهِ وَأَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَامَ النَّبِي

ليُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَامَ عمر فَأخذ بِثَوْبِهِ عليه الصلاة والسلام وَقَالَ لَا تصل عَلَيْهِ وَقد قَالَ يَوْم كَذَا وَكَذَا وَشرع يعدد عَلَيْهِ قَوْله فَتَبَسَّمَ

وَقَالَ أخر عني يَا عمر فَقَالَ لَهُ عمر ألم ينهك الله أَن تستغفر لَهُم فَلَمَّا أَكثر عَلَيْهِ قَالَ إِنَّمَا خُيرت يَعْنِي قَوْله {أستَغفِر لَهُم أَو لَا تستَغْفِر لهُم إِن تستَغفِر لَهم سَبعِينَ مَرة} التَّوْبَة 80 فاخترت وَلَو علمت إِنِّي إِذا زِدْت على السّبْعين يغْفر لَهُم لزدت عَلَيْهَا فصلى رَسُول الله

ثمَّ انْصَرف فَلم يمْكث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى أنزل الله الْآيَتَيْنِ فِي سُورَة بَرَاءَة {وَلَا تصلِّ عَلَى أحد منهُم ماتَ أبدا وَلا تقُم على قَبرِه} إِلَى {وَهُم فاَسِقُونَ} التَّوْبَة 84 قَالَ عمر فعجبت من جرأتي على رَسُول الله

وَقَالَ لما نزلت (استَغفِر لَهم أَو لَا

ص: 483

تستَغْفِر لهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعِينَ مرّة فَلَن يَغفِرَ الله لَهم} التَّوْبَة 80 قَالَ فلأزيدن على السّبْعين وَاحِدًا فِي الاسْتِغْفَار فَقَالَ لَهُ عمر وَالله لَا يغْفر لَهُم سَوَاء استغفرت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم وَمِنْهَا مُوَافَقَته فِي قَوْله {فَتَبارَكَ اللهُ أحسنُ الْخَالقِينَ} الْمُؤْمِنُونَ 14 عَن أنس بن مَالك لما نزل قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد خلقنَا الإنسانَ مِن سُلالة مِّن طِينِ} إِلَى قَوْله {ثُمَ أنشأًنَاهُ خلقا آخَرَ} الْمُؤْمِنُونَ 12 - 14 فَقَالَ عمر فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ فَنزلت {فَتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالقِينَ} الْمُؤْمِنُونَ 14 أخرجه الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول وَفِي رِوَايَة فَقَالَ

قبل نُزُولهَا أتزيد فِي الْقُرْآن يَا عمر فَنزل جِبْرِيل بِمَا قَالَ عمر {فَتَبارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} وَمِنْهَا مُوَافَقَته لقَوْله تَعَالَى {سُبحانك هَذَا بهتان عَظِيم} النُّور 16 وَذَلِكَ أَنه

اسْتَشَارَ عمر فِي قصَّة الْإِفْك فِي أَمر عَائِشَة حِين قيل فِيهَا من الْإِفْك مَا قيل فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله من زوجكها قَالَ الله تَعَالَى فَقَالَ عمر أفتظن أَن رَبك دلّس عَلَيْك فِيهَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم فَأنْزل الله على وفْق مَا قَالَ عمر {سُبحَانك هَذَا بهتان عظِيم} وَمِنْهَا مُوَافقَة معنوية وروى عَن عَليّ رضي الله عنه أَن عمر انْطلق إِلَى الْيَهُود فَقَالَ إِنِّي أَسأَلكُم بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى هَل تَجِدُونَ وصف مُحَمَّد فِي كتابكُمْ قَالُوا نعم قَالَ فَمَا يمنعكم من اتِّبَاعه قَالُوا إِن الله لم يبْعَث رَسُولا إِلَّا كَانَ لَهُ من الْمَلَائِكَة كَفِيل وَإِن جِبْرِيل هُوَ الَّذِي يكفل مُحَمَّدًا وَهُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ وَهُوَ عدونا من الْمَلَائِكَة وَمِيكَائِيل سلمنَا فَلَو كَانَ هُوَ الَّذِي يَأْتِيهِ اتبعناه قَالَ عمر فَإِنِّي أشهد أَنه مَا كَانَ مِيكَائِيل ليعادي سلم جِبْرِيل وَبِأَن جِبْرِيل مَا كَانَ يسالم عَدو مِيكَائِيل قَالَ فَمر رَسُول الله

فَقَالُوا هَذَا صَاحبك يَا بن

ص: 484

الْخطاب فَقَامَ إِلَيْهِ وَقد أنزل الله عَلَيْهِ {قُل مَن كانَ عَدُوّاً لجِبرِيلَ فَإِنَّهُ نَزله عَلى قَلبِكَ} إِلَى قَوْله {عَدُو للكافِرِينَ} الْبَقَرَة 97، 98 فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا جِئْت إِلَّا لأخبرك بقول الْيَهُود فَإِذا اللَّطِيف الْخَبِير قد سبقني بِالْوَحْي فَقَرَأَ عليه الصلاة والسلام هَذِه الْآيَة وَقَالَ لَهُ قد وَافَقَك رَبك يَا عمر وَمِنْهَا تَحْرِيم الْخمر وَالْميسر وَذَلِكَ أَن عمر كَانَ حَرِيصًا على تَحْرِيمهَا وَكَانَ يَقُول اللَّهُمَّ بَين لنا فِي الْخمر فَإِنَّهُ يذهب المَال وَالْعقل فَنزل قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَنِ الخمرِ وَاَلمَيسِر قُل فِيهِمَا إِثمِ كَبِير} الْبَقَرَة 219 الْآيَة فَدَعَا رَسُول الله

عمر فَتلا بهَا عَلَيْهِ فَلم ير فِيهَا بَيَانا فَقَالَ اللَّهُمَّ بَين لنا فِي الْخمر بَيَانا شافياً فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أيُها الذِينَ آمَنُوا إنَما الخمرُ والميسِرُ والأنصابُ والأزلامُ رِجسٌ من عَمَلِ الشَيطانِ فاجَتنبُوه} إِلَى قَوْله {فَهَل أنتمُ منَتهُونَ} الْمَائِدَة 90، 91 فَدَعَاهُ رَسُول الله

فَتَلَاهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عمر عِنْد ذَلِك انتهينا يَا رَبنَا انتهينا وَمِنْهَا آيَة الاسْتِئْذَان عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن رَسُول الله

أرسل غُلَاما من الْأَنْصَار إِلَى عمر بن الْخطاب وَقت الظّهْر فَدخل على عمر فوافاه على حَالَة كره عمر رُؤْيَته عَلَيْهَا فَقَالَ يَا رَسُول الله وددت لَو أَن الله أمرنَا ونهانا فِي حَال الاسْتِئْذَان فَنزلت {يَا أيُّها الذَين آمَنُوا ليسَتئذنكم الذينَ مَلَكَت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الحكم مِنكم} النُّور 58 خرجه أَبُو الْفرج وخرجه صَاحب الْفَضَائِل وَزَاد بعد قَوْله فَدخل عَلَيْهِ وَكَانَ نَائِما وَقد انْكَشَفَ بعض جسده

ص: 485

وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ثُلة منَ الأولينَ وَقَلِيل مِنَ الآخِريِنَ} الْوَاقِعَة 13، 14 بَكَى عمر وَقَالَ يَا رَسُول الله وَقَلِيل من الآخِرين آمنا بِاللَّه وصدقنا برَسُول وَمن ينجو منا قَلِيل فَأنْزل الله {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} الْوَاقِعَة 39، 40 فَدَعَا رَسُول الله

عمر وَقَالَ لقد أنزل الله كَمَا قلت {ثُلة مِنَ الأوَلينَ وَثُلَه مِنَ الآخِرينَ} وَمِنْهَا مُوَافَقَته فِي التَّوْرَاة عَن طَارق بن شهَاب قَالَ دخل يَهُودِيّ إِلَى عمر بن الْخطاب رضي الله عنه فَقَالَ أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى {وَسارِعُوا إِلىَ مَغْفِرَة من ربكُم وَجنَةٍ عَرضها السمَاواتُ والأرضُ} آل عمرَان 133 فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ للصحابة أَجِيبُوهُ فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا شَيْء فَقَالَ لَهُ عمر أَرَأَيْت النَّهَار إِذا جَاءَ مَلأ السَّمَوَات وَالْأَرْض قَالَ بلَى قَالَ فَأَيْنَ اللَّيْل قَالَ حَيْثُ شَاءَ الله قَالَ عمر فَالنَّار حَيْثُ شَاءَ الله عز وجل قَالَ الْيَهُودِيّ وَالَّذِي نَفسك بِيَدِهِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّهَا لفي كتاب لله الْمنزل على مُوسَى كَمَا قلت وَمِنْهَا الْإِشَارَة فِي الْخُرُوج إِلَى بدر وَذَلِكَ أَنه عليه الصلاة والسلام اسْتَشَارَ أَصْحَابه فِي الْخُرُوج إِلَى غَزْوَة بدر فَأَشَارَ عمر رضي الله عنه بِالْخرُوجِ فَنزل قَوْله تَعَالَى {كَما أخرَجَكَ رَبكَ مِن بَيتك باَلحق وَإنَّ فَرِيقاً مِنَ اَلمُؤمنِينَ لَكارِهُونَ} الْأَنْفَال 5 وَكَانَ عمر من المحبين لِلْخُرُوجِ وَهُوَ المشير بِهِ وَمِنْهَا قصَّته فِي الصّيام لما جَامع زَوجته بعد الانتباه فِي اللَّيْل وَكَانَ ذَلِك محرما فِي أول الْإِسْلَام فَنزل قَوْله تَعَالَى {أحل لُكم ليلَةَ الصِيامِ الرفَثُ إِلَى نسائكن} الْبَقَرَة 187 أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده

ص: 486

وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى ( {فَلا وَرَبك لَا يؤمِنوُنَ حَتى يُحَكِموُكَ} النِّسَاء 65 أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْأسود قَالَ اخْتصم رجلَانِ إِلَى النَّبِي

فَقضى بَينهمَا فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ ردنا إِلَى عمر بن الْخطاب فَأتيَا إِلَيْهِ فَقَالَ الرجل قضى لي رَسُول الله

على هَذَا فَقَالَ ردنا إِلَى عمر فَقَالَ لَهُ عمر أَكَذَلِك كَانَ قَالَ نعم فَقَالَ عمر مَكَانكُمَا حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا فَدخل ثمَّ خرج مُشْتَمِلًا على السَّيْف فَضرب بِهِ عنق الَّذِي قَالَ ردنا إِلَى عمر فَقتله وَأدبر الآخر فَأتى النَّبِي

فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّه قتل عمر وَالله صَاحِبي فَقَالَ رَسُول الله

مَا كنت أَظن أَن يجترىء عمر على قتل مُؤمن فَأنْزل الله تبارك وتعالى {فَلا وَرَبك لَا يؤمِنونَ حَتَى يُحَكَموُكَ فِيمَا شجر بَينهم ثمَّ لَا يَجدوا فِي أنفسهم حرجا مِمَّا قضيت وَيسُلِموُا تسلِيماً} النِّسَاء 65 فأهدر عليه الصلاة والسلام دم الرجل لإخبار الله بِكُفْرِهِ وبرىء عمر رضي الله عنه من قَتله وأثيب عَلَيْهِ وَمِنْهَا مَا أخرجه عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله أَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ ويل لملك الأَرْض من ملك السَّمَاء فَقَالَ عمر إِلَّا من حاسب نَفسه فَقَالَ كَعْب وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا محبرة فِي التَّوْرَاة كَمَا قلت فَخر عمر سَاجِدا لله سُبْحَانَهُ وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن عمر ليقول القَوْل فَينزل الْقرَان بتصديقه وَعنهُ أَيْضا كُنَّا نقُول إِن فِي الْقُرْآن لكلاماً من كَلَام عمر ورأياً من رَأْيه رضي الله عنه وأرضاه

ص: 487