الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ مَالِك: لَا يعْتق إِلا الْوَالِد، وَالْولد، وَالإِخْوَة.
وَقَالَ قوم: لَا يُعتق إِلا الوالدون، والمولودون.
وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِيّ، وَذهب بعض أهل الظَّاهِر إِلَى أَن الْأَب لَا يُعتق على الابْن، لِأَن فِي الْحَدِيث:«فَيَشْتَرَيه فَيُعْتِقُهُ» .
وَإِذا صَحَّ الشِّرَاء، ثَبت الْملك، وَالْملك يُفِيد التَّصَرُّف، وَحَدِيث سَمُرَة لَا يُعرف مُسْندًا إِلا من حَدِيث حَمَّاد بْن سَلمَة، وَرَوَاهُ بَعضهم عَنْ قَتَادَة، عَنِ الْحَسَن، عَنْ عُمَر، وَرَوَاهُ بَعضهم عَنِ الْحَسَن مُرْسلا.
بَاب بَيْعِ المُدَبِّرِ
2426 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الخلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ
الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، سَمِعَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: دَبَّرَ رَجُلٌ مِنَّا غُلامًا لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعيْمٌ النَّخَّامُ» ، قَالَ عَمْرٌو: فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
وَزَادَ أَبُو الزُّبَيْرِ يُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ.
هَذَا حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّد عَنْ قُتَيْبَة، عَنْ سُفْيَان عَنْ عَمْرو، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ
2427 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ ابْنُ بِنْتِ مَنِيعٍ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَبْدًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ
مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْتَقْتَ غُلامَكَ عَنْ دُبُرٍ مِنْكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«مَنْ يَشْتَرِيهِ، أَوْ مَنْ يَبْتَاعُهُ مِنِّي؟» فَابْتَاعَهُ النَّخَّامُ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ.
وَلَمْ يَحْفَظْ زُهَيْرٌ كَيْفَ صَنَعَ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيُّ، وَقَالَ: فَهَكَذَا وَهَكَذَا.
يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ، وَعَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ
قَالَ الإِمَامُ: اخْتلف أهل الْعلم فِي بيع المدبَّر، فَأجَاز جمَاعَة بَيْعه على الْإِطْلَاق، يُروى ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِد، وَطَاوُس، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق، رُوي عَنْ عَائِشَة «أَنَّهَا بَاعَتْ مُدَبَّرَةً لَهَا سَحَرَتْها، فأَمَرَتِ ابْن أَخيها أَن يَبِيعهَا مِنَ الأعْرَابِ مِمَّنْ يسيءُ مَلَكَتَها» .
وَذهب جمَاعَة إِلَى أَن بيع المدبَّر لَا يجوز إِذا كَانَ التَّدْبِير مُطلقًا، وَهُوَ أَن يَقُول: إِذا مُت، فَأَنت حر من.
غير أَن يُقيد بِشَرْط أَو زمَان، وَهُوَ قَول سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَالشَّعْبِيّ، وَالنَّخَعِيّ، وَالزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وقاسوا المدبَّر على أم الْوَلَد، لتَعلق عتق كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَوْت الْمولي على الْإِطْلَاق.
وتأوَّل بَعضهم الْحَدِيث على التَّدْبِير المقيَّد، وَهُوَ أَن يَقُول: إِن مُت من مرضِي هَذَا، أَو فِي شهر كَذَا، فَأَنت حر.
وَالْأول أولى، لِأَن الْحَدِيث جَاءَ فِي بيع المدبَّر، وَاسم التَّدْبِير إِذا أطلق يُفهم مِنْهُ التَّدْبِير الْمُطلق لَا غَيره، وَلَيْسَ كأمِّ الْوَلَد، لِأَن سَبَب الْعتْق فِي أمِّ الْوَلَد أَشد تَأْكِيدًا مِنْهُ فِي المدبَّر، بِدَلِيل أَن استغراق تَرِكَة الْمَيِّت بِالدّينِ لَا يمْنَع عتق أمِّ الْوَلَد، وَيمْنَع عتق المدبَّر، وَعتق أم الْوَلَد يكون من رَأس المَال، وَعتق المدبَّر يكون من الثُّلُث، فَظهر الْفرق بَينهمَا، وَقَالَ ابْن سِيرِينَ: لَا يُباع المدبَّر إِلا من نَفسه.
وَقَالَ اللَّيْث بْن سَعْد: يُكره بيعُه إِلا أَن يَبِيعهُ مِمَّن يعتقهُ، وَأَجَازَ مَالِك بيعهُ إِذا كَانَ على الْمَيِّت دين يُحِيط بِتركَتِهِ، فَأَما فِي الْحَيَاة، فَلَا يجوز بَيْعه بِحَال.
ويُروي هَذَا عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَقضى فِي المدبَّر إِذا جنى أَنَّهُ يسلم إِلَى الْمَجْنِي عَلَيْهِ، يخدِمهُ من دِيَة جرحه، فَإِن أدّى، رَجَعَ إِلَى سَيّده، وَعند من أجَاز بَيْعه يُبَاع فِي الْجِنَايَة، وَأَجَازَ الْحَسَن بيع المدبَّر إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِ صَاحبه، وَاتَّفَقُوا على جَوَاز وَطْء المدبَّرة كَمَا يجوز وَطْء أم الْوَلَد، رُوِيَ نَافِع أَنَّ ابْن عُمَرَ دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ لَهُ، فكانَ يَطَأُهُمَا.
وَاخْتلف قَول الشَّافِعِيّ فِي جَوَاز الرُّجُوع عَنِ التَّدْبِير بالْقَوْل، فَأجَاز الرُّجُوع فِي قَول كَمَا جَازَ بَيْعه،