الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُطلقَة سَوَاء ثَلَاثَة قُرُوء، وَقَالَ بعض أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم:«عدةُ المختلعة حيضةٌ وَاحِدَة» ، لما رُوِيَ عَنْ عَمْرو بْن مُسْلِم، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْن عَبَّاس، أَنَّ امْرَأة ثَابِت بْن قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا، فَأَمَرَهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ، قَالَ إِسْحَاق: إِن ذهب ذَاهِب إِلَى هَذَا، فَهُوَ مَذْهَب قوي.
وَاخْتلفُوا فِي المختلعة إِذا طَلقهَا زَوجهَا فِي العِدَّة هَل يَقع أم لَا؟ فَذهب أَكْثَرهم إِلَى أَنَّهُ لَا يَقع، قَالَ ابْن عَبَّاس، وَابْن الزبير: لَا يلْحق المختلعة الطلاقُ فِي الْعدة، لِأَنَّهُ طلق مَا لَا يملك، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، وَذهب قوم إِلَى أَن يلْحقهَا صريحُ الطَّلَاق، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وَقَالُوا: لَو قَالَ لَهَا: أَنْت بَائِن، وَنوى الطَّلَاق، أَو طَلقهَا على مَال، أَو أرسل، فَقَالَ: كلُّ امْرَأَة لي طَالِق، قَالُوا: لَا يقعُ.
وَفِي الرَّجْعِيَّة يَقع الطَّلَاق بِكُل حَال بالِاتِّفَاقِ، قَالَ ابْن عَبَّاس فِي رجل قَالَ لامْرَأَته: إِذا جَاءَ رَمَضَان فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا، وَبَينه وَبَين رَمَضَان سِتَّة أشهر، فندم.
قَالَ ابْن عَبَّاس: يُطلق وَاحِدَة، فتنقضي عدتهَا قبل أَن يَنْقَضِي رَمَضَان، فَإِذا مضى خطبهَا إِن شَاءَت.
بَاب الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ
قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الْأَحْزَاب: 49].
قَالَ ابْن عَبَّاس: «جَعَلَ اللَّه الطَّلاقَ بَعدَ النِّكاح» ، وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة.
2350 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا أَبُو الطيَّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، نَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا طَلاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ، وَلا عِتَاقَ إِلا بَعْدَ مِلْكٍ، وَلا وِصَالَ فِي صِيَامٍ، وَلا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلامٍ، وَلا رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ، وَلا صَمْتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ»
جُوَيْبِر بْن سَعِيد الْبَلْخِيّ ضعفه يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان، وَيَحْيَى بْن معِين.
وروى عَمْرو بْن شُعَيْب، عَنْ أَبِيه، عَنْ جده، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لَا نَذْرَ لابنِ آدم فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلا طَلاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» .
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو أحسن شَيْء رُوي فِي هَذَا الْبَاب.
قَالَ الإِمَامُ: اتّفق أهلُ الْعلم على أَنَّهُ لَو نجزَ طَلَاق امْرَأَة قبل النِّكَاح، أَو عتق عبد قبل الْملك أَنَّهُ لَغْو، وَكَذَلِكَ لَو علق الطَّلَاق، أَو الْعتْق قبل الْملك بِصفة من غير إِضَافَة إِلَى الْملك، فَهُوَ لَغْو حَتَّى لَو وجدت الصّفة بعد الْملك لَا يَقع، وَإِنَّمَا اخْتلف أهل الْعلم فِي تَعْلِيق الطَّلَاق بِالنِّكَاحِ، بِأَن قَالَ لامْرَأَة أَجْنَبِيَّة: إِذا نكحتُك، فَأَنت طَالِق، أَو قَالَ لعبد: إِذا مَلكتك، فَأَنت حر.
فَذهب أَكْثَرهم إِلَى أَنَّهُ لَغْو، وَلَا يَقع بعد حُصُول الْملك، رُوي ذَلِكَ عَنْ عَليّ، وَابْن عَبَّاس، وَجَابِر بْن عَبْد اللَّهِ، ومعاذ بْن جبل، وَعَائِشَة، وَهُوَ وَقَول سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وعُروة بْن الزبير، وَأَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وَعبيد اللَّه بْن عَبْد اللَّهِ بْن عتبَة، وَأَبَان بْن عُثْمَان، وَعلي بْن حُسَيْن، وَشُرَيْح، وَسَعِيد بْن جُبَير، وَالقَاسِم، وَطَاوُس، وَالْحَسَن، وَعِكْرِمَة، وَعَطَاء، وعامر بْن سَعْد، وَجَابِر بْن زَيْد، وَنَافِع بْن جُبَير، وَمُحَمَّد بْن كَعْب، وَسليمَان بْن يَسَار، وَمُجاهد، وَالشَّعْبِيّ، وَقَتَادَة، وَإِلَيْهِ ذهب الشَّافِعِيّ.
ورُوي عَنْ عُمَر، وَابْن مَسْعُود، وَابْن عُمَر، أَنهم قَالُوا: يَقع بِهِ الطَّلَاق إِذا نكح، وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَالزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب أَصْحَاب الرَّأْي، ويُروى هَذَا أَيْضا عَنْ سَالم بْن عَبْد اللَّهِ، وَالقَاسِم بْن مُحَمَّد،
وَسليمَان بْن يَسَار، وَقَالَ ربيعَة، وَمَالك، وَالأَوْزَاعِيّ، وَالثَّوْرِيّ، وَابْن أَبِي ليلى، إِن سمَّى امْرَأَة بِعَينهَا، أَو وقَّتَ وقتا، أَو قَالَ: إِن تزوَّجت من بلد كَذَا، أَو من قَبيلَة كَذَا، فَإِذا نكح يَقع، وَإِن عمَّ فَلَا يَقع، ويُروى مثلُ هَذَا عَنِ ابْن مَسْعُود أَيْضا، وَإِبْرَاهِيم النَّخعي.
وَقَالَ أَحْمَد، وَأَبُو عُبَيْد: إِن كَانَ نكح لم يُؤمر بالفراق، وَإِن لم ينكِح، فَلَا يفعل، ورُوي مثله، عَنِ ابْن الْمُبَارَك، وَإِسْحَاق.
وَذكر عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن الْمُبَارَك أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رجل حلف بِالطَّلَاق لَا يتَزَوَّج، ثُمَّ بدا لَهُ أَن يتَزَوَّج، هَل لَهُ رخصَة بِأَن يَأْخُذ بقول الْفُقَهَاء الَّذين رخصوا فِي هَذَا؟، فَقَالَ: إِن كَانَ يرى هَذَا القَوْل حَقًا من قبل أَن يُبتلى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة فَلهُ أَن يَأْخُذ بقَوْلهمْ، وَإِلَّا فَلَا أرى لَهُ ذَلِكَ، وَلَو علَّق رجل طَلَاق زَوجته بِصفة، فَقبل وجود تِلْكَ الصّفة أَبَانهَا بِأَقَلّ من ثَلَاث طلقات، ثُمَّ نَكَحَهَا، ثُمَّ وجدت الصّفة، يَقع الطَّلَاق على أحد قولي الشَّافِعِيّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَار الْمُزنِيّ: لَا يَقع.
وَلَو أَبَانهَا بِثَلَاث طلقات، ثُمَّ نَكَحَهَا بعد زوج آخر، فَوجدت الصّفة، لَا تطلق، وَكَذَلِكَ لَو علق عتق عَبده بِصفة، فَزَالَ ملكه عَنْهُ، ثُمَّ ملكهُ، ثُمَّ وجدت الصّفة، هَل يعْتق؟ على قَوْلَيْنِ.
وَقَوله: «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلامٍ» .
الْيَتِيم: اسْم الصَّغِير لَا أَب لَهُ، لَهُ سهم من الْخمس، فَإِذا بلغ زَالَ عَنْهُ اسْم الْيَتِيم، فَلَا يسْتَحق مَا يُستحق بِمَعْنى الْيُتْم، وَالْمرَاد من الِاحْتِلَام الْبلُوغ.
وَقَوله: «وَلَا رَضَاعَ بَعْدَ فِطام» : المُرَاد مِنْهُ بعد انْقِضَاء الْحَوْلَيْنِ، لِأَنَّهُ أوانُ الْفِطَام فِي الْغَالِب.