المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يثبت حكمُ الْإِيلَاء، بل هُوَ حَالف، فَإِن جَامعهَا قبل مُضي - شرح السنة للبغوي - جـ ٩

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌16 - كتاب النِّكَاح

- ‌بَاب التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب اخْتِيَار ذَاتِ الدِّينِ

- ‌بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ النِّساءِ

- ‌بَاب نِكَاحِ الأَبْكَارِ

- ‌بَاب النَّظَرِ إلَى المَخْطُوبَةِ

- ‌بَاب إرْسَالِ الرَّسُول

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ مُبَاشَرَةِ المَرْأَةِ المَرأةَ ثُمَّ تَنْعَتها لِزَوْجِهَا

- ‌بَاب النَّهي عَنْ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بالمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ

- ‌بَاب استِئْذَانِ المَرْأَةِ البَالِغَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَزْوِيجِ الصَّغِيرةِ

- ‌بَاب رَدِّ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الوَلِيِّ

- ‌بَاب إعْلانِ النِّكَاحِ بِضَربِ الدُّفِّ

- ‌بَاب خُطْبَةِ النِّكَاحِ والحَاجَةِ

- ‌بَاب لَفْظِ النِّكَاحِ

- ‌بَاب الوَفَاءِ بِشَرطِ النِّكاحِ

- ‌بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ

- ‌بَاب إِذا أنْكَحَ الوَلِيَّانِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَها

- ‌بَاب نِكاحِ العَبْدِ وَعَدَدِ المَنْكُوحَاتِ

- ‌بَاب مَا يَحِلّ وَيَحْرُمُ مِنَ النِّسَاءِ والجَمْع بَيْنَهُنَّ

- ‌بَاب المُحَرَّمَاتِ بِالَّرضَاعِ

- ‌بَاب مَا تَثْبُتُ بِهِ الحُرْمَةُ مِنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ

- ‌بَاب رَضَاعَةِ الكَبِيرِ

- ‌بَاب شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعَةِ

- ‌بَاب لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ

- ‌بَاب الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ وتحتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبعِ نِسْوَةٍ أَوْ أُخْتَان

- ‌بَاب الزَّوْجَيْنِ المُشْرِكَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُتْعَةِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُحَلِّلِ

- ‌بَاب العَزْلِ والإِتْيَانِ فِي غَيْرِ المَأْتَى

- ‌بَاب الغِيلَةِ

- ‌بَاب خِيَارُ العِتْقِ

- ‌بَاب خِيَارِ العَيْبِ

- ‌بَاب الصَّداقِ

- ‌بَاب اسْتِحْباب تَخْفيفِ المَهْرِ

- ‌بَاب مَنْ تَزَوَّجَ بِلا مَهْرٍ

- ‌بَاب الخِلْوةِ بالْمَنْكُوحَةِ

- ‌بَاب الْمُتْعَةِ

- ‌بَاب الوَلِيمَةِ

- ‌بَاب الإجَابَةِ إِلَى الوَليمةِ إذَا دُعِيَ إلَيْهَا

- ‌بَاب مَنْ دَعَا رَجلا فَجَاءَ مَعَهُ آخَرُ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا

- ‌بَاب القَسْمِ بَيْنَ الضَّرَائِرِ

- ‌بَاب هِبَةِ المَرْأَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِها

- ‌بَاب القرْعَةِ بَيْنَ النَّسَاء إِذا أرَادَ سَفَرًا

- ‌بَاب تَخْصِيصِ الجَديدَة بِسَبْعِ لَيَالٍ إِن كانَتْ بِكْرًا وَثَلَاث إِن كانَتْ ثَيِّبًا

- ‌بَاب حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى المرأَةِ وَحَقِّها عَلَيْهِ

- ‌بَاب

- ‌بَاب المُدَارَاةِ مَعَ النَّسَاء

- ‌بَاب حُسْنِ العِشْرَةِ مَعَهُنَّ

- ‌بَاب النَّهْي عَنْ ضرب النِّسَاء

- ‌بَاب هجْرانِ المرأَةِ وَضَربِهَا عِنْدَ النُّشُوزِ

- ‌بَاب الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

- ‌بَاب مَنْ سَأَلَهُ أَبُوهُ تَطْليِقَ امْرَأَتِهِ

- ‌17 - كِتَابُ الطَّلاقِ

- ‌بَاب الخُلْعِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَحْريمِ الطَّلاقِ فِي الحَيْضِ

- ‌بَاب الجَمْعِ بَيْنَ الطَّلَقَاتِ الثَّلاثِ وطَلاقِ البَتَّة

- ‌بَاب الخيَارِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ على الْهَزْلِ

- ‌بَاب لَفْظِ التَّحْرِيمِ

- ‌بَاب فِيمَنْ طَلَّقَ البِكْرَ ثَلاثًا

- ‌بَاب المُطَلَّقَةِ ثَلاثًا لَا تَحِلُّ إِلا بَعْدَ إِصَابة زَوْجٍ غَيْره

- ‌بَاب الإِيلاءِ

- ‌بَاب الظِّهَارِ

- ‌بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ فِي الكَفَّارَةِ

- ‌بَاب اللِّعانِ

- ‌بَاب الرجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرأَتِهِ رَجُلا

- ‌بَاب الغَيْرةِ

- ‌بَاب إِثمِ مَنْ جَحَدَ وَلَدَهُ أَوِ ادَّعَى إِلى غَيْرِ أَبِيه

- ‌بَاب الشَّكِّ فِي الوَلَدِ

- ‌بَاب الوَلدِ لِلفِراشِ

- ‌بَاب القَائِفِ

- ‌بَاب نِكاحِ الزَّانيَةِ

- ‌18 - كتابُ العِدَّة

- ‌بَاب مقامِ المُطَلَّقَةِ فِي الْبَيْتِ حتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا

- ‌بَاب المَبتُوتَةِ لَا نَفَقَةَ لهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا

- ‌بَاب سُكْنَى المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها إِذا كانَتْ حَاملا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها والإحداد

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَاب امْرَأَةِ المَفْقُودِ

- ‌بَاب اجْتِمَاعِ العِدَّتَيْنِ

- ‌بَاب اسْتِبْراء أُمِّ الوَلَدِ

- ‌بَاب اسْتِبراء الأمةِ المسْبِيَّةِ والمُشْتَراةِ

- ‌بَاب نفقَةِ الزَّوْجَةِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ الأَوْلادِ والأَقَارِبِ

- ‌بَاب أَيِّ الوَالِدَيْنِ أَحَقُّ بالوَلدِ

- ‌بَاب حَدِّ البُلُوغِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ المَمَالِيكِ

- ‌بَاب الأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ

- ‌بَاب ثَوَابِ المَمْلُوكِ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ

- ‌بَاب وَعيدِ مَنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوْ قَذَفَهُ

- ‌19 - كتاب العتق

- ‌ثَوَابُ العِتْقِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكا لَهُ مِنْ عَبْدٍ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ

- ‌بَاب العِتْقِ عَنِ الْمَيِّت

- ‌بَاب مَنْ يُعْتِقَ بالمُلْكِ

- ‌بَاب بَيْعِ المُدَبِّرِ

- ‌بَاب عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَاب الْمكَاتب

- ‌بَاب العِتْقِ على الخِدْمَةِ

الفصل: يثبت حكمُ الْإِيلَاء، بل هُوَ حَالف، فَإِن جَامعهَا قبل مُضي

يثبت حكمُ الْإِيلَاء، بل هُوَ حَالف، فَإِن جَامعهَا قبل مُضي الْمدَّة الْمَحْلُوف عَلَيْهَا، فَعَلَيهِ كَفَّارَة الْيَمين.

وَلَو حلف أَن لَا يَطَأهَا حَتَّى تفطِم وَلَدهَا، فَإِن أَرَادَ وَقت الْفِطَام، وَهُوَ مُضيُّ الْحَوْلَيْنِ، فَإِن بَقِي من الْحَوْلَيْنِ أَكثر من أَرْبَعَة أشهر، فَهُوَ مؤل، فَإِن بَقِي أقل، فَلَيْسَ بمؤل، وَإِن أَرَادَ فعل الْفِطَام، والصبيُّ فِي سنّ لَا يحْتَمل الْفِطَام فِي أَرْبَعَة أشهر، فَهُوَ مؤل، وَإِن كَانَ يحْتَمل الْفِطَام فِي أَرْبَعَة أشهر، فَلَيْسَ بمؤل.

قَالَ مَالِك: بَلغنِي أَن عليا سُئل عَنْ ذَلِكَ، فَلم يَرهُ إِيلَاء، وَهُوَ قَول مَالِك.

‌بَاب الظِّهَارِ

قَالَ اللَّه تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ إِلَى قَوْله وَزُورًا} [المجادلة: 2]، أَي: كَذِبًا، سُمِّيَ زُورًا، لأَنَّهُ مَيْلٌ عَنِ الحقِّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:{تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ} [الْكَهْف: 17]، أَيْ: تَمِيلُ.

وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3].

ص: 240

2364 -

أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخِرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْن عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ كَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ، فَتَظَاهَرَ مِنْهَا، وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّ أَوْسًا تَظَاهَرَ مِنِّي، وَذَكَرَتْ أَنَّ بِهِ لَمَمًا، وَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالْحَقِّ مَا جِئْتُكَ إِلا رَحْمَةً لَهُ، إِنَّ لَهُ فِيَّ مَنَافِعَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنُ فِيهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مُرِيهِ فَلْيَعْتِقْ رَقَبَةً» .

قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدَهُ رَقَبَةً، وَلا يَمْلِكُهَا، قَالَ:«مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» ، قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ كَلَّفْتُهُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مَا اسْتَطَاعَ.

قَالَ: «مُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» ، قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.

قَالَ: «مُرِيهِ فَلْيَذْهَبْ إِلَى فُلانِ بْنِ فُلانِ، فَقَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّ عِنْدَهُ شَطْرَ تَمْرٍ صَدَقَةً، فَلْيَأْخُذْهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا»

ص: 241

قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ: لَيْسَ معنى «اللَّمَمُ» هَهُنَا: الخَبل، وَالْجُنُون، وَلَو كَانَ بِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ ظَاهر فِي تِلْكَ الْحَال، لم يكن يلْزمه شَيْء، بل معنى «اللمم» هَهُنَا: الإلمامُ بالنِّساء، وَشدَّة الْحِرْص، والتوقان إلَيْهِنَّ.

قَالَ الإِمَامُ: هَذَا كَمَا رُوي عَنْ سُلَيْمَان بْن يَسَار، عَنْ سَلمَة بْن صَخْر فِي حَدِيث الظِّهَار، قَالَ: كنت امْرأ أُصِيب من النِّسَاء مَا لَا يُصيب غَيْرِي، فَلَمَّا دخل شهرُ رَمَضَان، خفتُ أَن أُصِيب من امْرَأَتي شَيْئا، فظاهرت مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شهرُ رَمَضَان، فَبينا هِيَ تُحَدِّثنِي ذاتَ لَيْلَة، إِذْ تكشفَ لي مِنْهَا شَيْء، فَلم ألبث أَن وقعتُ عَلَيْهَا، فانطلقتُ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهُ، فَذكر الْحَدِيث، وَفِيه:«فَأَطْعِمْ وَسَقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكينًا» .

ص: 242

قَالَ الإِمَامُ: صورةُ الظِّهار أَن يَقُول الرجل لامْرَأَته: أنتِ عليَّ كَظهر أُمِّي، فَإِذا عَاد، يلزمُه الكفَّارةُ، وَلَا يجوز لَهُ أَن يقربهَا مَا لم يُخرج الْكَفَّارَة، وَهِي عتقُ رَقَبَة مُؤمنَة، فَإِن لم يجد، فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين، فَإِن لم يستطِع، فإطعامُ سِتِّينَ مِسْكينا.

وَاخْتلف أهل الْعلم فِي الْعود، فَذهب قوم إِلَى أَن الْكَفَّارَة تجب بِنَفس الظِّهَار، وَالْمرَاد من الْعود: هُوَ الْعود إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة من نفس الظِّهَار، وَهُوَ قَول مُجَاهِد، وَالثَّوْرِيّ، وَقَالَ قوم: هُوَ إِعَادَة لفظ الظِّهَار وتكريره، وَقَالَ قوم: هُوَ الْوَطْء، وَبِهِ قَالَ الْحَسَن، وَطَاوُس، وَالزُّهْرِيّ، وَقَالَ قوم: هُوَ الْحرم على الْوَطْء، وَبِهِ قَالَ مَالِك، وَأَحْمَد، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَعند الشَّافِعِيّ، الْعود: هُوَ أَن يمْسِكهَا عقب الظِّهَار زَمَانا يُمكنهُ أَن يُفارقها، فَلم يفعل، فَإِن طَلقهَا عقيب الظِّهَار فِي الْحَال، أَو مَاتَ أَحدهمَا فِي الْوَقْت، فَلَا كَفَّارَة، لِأَن الْعود لِلْقَوْلِ هُوَ الْمُخَالفَة، وقصده بالظهار التَّحْرِيم، فَإِذا أمْسكهَا على النِّكَاح، فقد خَالف قَوْله، فَيلْزمهُ الْكَفَّارَة، وَفِي الْعَرَبيَّة لِمَا قَالوا أَي: فِيمَا قَالُوا، وَفِي بعض مَا قَالُوا.

ص: 243

وَلَو شبهها بعضو من أَعْضَاء الْأُم سوى الظّهْر، فَقَالَ: أَنْت عَليّ كيد أُمِّي، أَو كبطن أُمِّي، أَو قَالَ: يُدك أَو بطنُك، عليَّ كَظهر أُمِّي، أَو كبطن أُمِّي، فَهُوَ ظِهَار على أصح قولي الشَّافِعِيّ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن شببها بِبَطن الْأُم، أَو فرجهَا، أَو فَخذهَا، فَهُوَ ظِهَار كالظهر، وَإِن شبهها بعضو آخر سواهَا، فَلَيْسَ بظهار، وَلَو قَالَ: أَنْت عليَّ كعين أُمِّي، أَو كروح أُمِّي، فَهُوَ ظِهَار، إِلا أَن يُرِيد بِهِ الْكَرَامَة، فَلَا يكون ظِهَارًا، وَلَو قَالَ: كأمي، أَو مثل أُمِّي، فَلَيْسَ بظهار إِلا أَن يُرِيد بِهِ الظِّهَار.

وَلَو قَالَ: أَنْت عليَّ كَظهر جدتي، أَو ابْنَتي، أَو أُخْتِي، أَو عَمَّتي، أَو خَالَتِي، فظهار، وَكَذَلِكَ إِن شبهها بِامْرَأَة مُحرمَة عَلَيْهِ بِسَبَب الرَّضَاع على أصح الْقَوْلَيْنِ، فَإِن كَانَت محرَّمة بالصِّهريَّة، فَلَيْسَ بالظهار على الْأَصَح كالملاعنة.

قَالَ الإِمَامُ: فِي حَدِيث سَلمَة بْن صَخْر: «ظَاهَرْتُ مِنْهَا حتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ» .

فَفِيهِ دَلِيل على أَن الظِّهَار الْمُؤَقت ظِهَار، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وأصحُّ قولي الشَّافِعِيّ.

وَذهب قوم إِلَى أَنَّهُ لَا يجب بِهِ شَيْء، وَهُوَ قَول مَالِك، وَاللَّيْث، وَابْن أَبِي ليلى.

ثُمَّ اخْتلف قَول الشَّافِعِيّ فِي أَنَّهُ إِذا ظَاهر مؤقتًا، بِأَن ظَاهر يَوْمًا، أَو شهرا، أَن التَّأْقِيت هَل يسْقط أم لَا؟ فَقَالَ فِي قَول: يتأبد، كَمَا لَو طَلقهَا مُدَّة

ص: 244

يتأبد، وَالثَّانِي: لَا يتأبد، حَتَّى لَو طَلقهَا فِي الْوَقْت، ثُمَّ رَاجعهَا بعد مُضي الْمدَّة، فَأَمْسكهَا، وَوَطئهَا، لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ.

قَالَ الإِمَامُ: وَفِي حَدِيث أَوْس بْن الصَّامِت دليلٌ على أَن الْمظَاهر إِذا جَامع قبل أَن يُكفَّر لَا يجبُ عَلَيْهِ إِلا كَفَّارَة وَاحِدَة، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم، وَبِهِ قَالَ سُفْيَان، وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق.

وَقَالَ بَعضهم: إِذا وَاقعهَا قبل أَن يُكفِّر، فَعَلَيهِ كفَّارتان، وَهُوَ قَول عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مهْدي.

وَلَو ظَاهر من أَربع نسْوَة بِكَلِمَة وَاحِدَة، فَعَلَيهِ أَربع كفَّارات على أظهر قولي الشَّافِعِيّ، كَمَا لَو طلقهن، يَقع على كل وَاحِدَة طَلْقَة.

وَقَالَ فِي الْقَدِيم: لَا يجب إِلا كَفَّارَة وَاحِدَة، وَهُوَ قَول ربيعَة، وَمَالك، ويُروى ذَلِكَ عَنْ عُرْوَة بْن الزبير، وَلَو ظَاهر من امْرَأَة وَاحِدَة مرَارًا قبل أَن يُكفِّر، فَإِن قَالَهَا مُنْفَصِلَة، أَو أَرَادَ بِكُل وَاحِدَة ظِهَارًا آخر، فَعَلَيهِ كفَّارات، وَإِن قَالَهَا مُتَتَابِعًا، وَقَالَ: أردْت ظِهَارًا وَاحِدًا، فَعَلَيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة، وَقَالَ مَالِك: لَا يجب إِلا كَفَّارَة وَاحِدَة إِلا أَن يكفِّر عَنِ الأول، ثُمَّ يُظاهر ثَانِيًا، فَعَلَيهِ كَفَّارَة أُخْرَى.

وَمن ظَاهر من أمته، فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ، كَمَا لَو طَلقهَا لَا يَقع، وَعند مَالِك يلْزمه الكفَّارة إِذا أَرَادَ أَن يمسَّها.

ص: 245