الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ قَول مُجَاهِد، وَطَاوُس، وَاخْتَارَهُ الْمُزنِيّ، لِأَن التَّدْبِير بِمَنْزِلَة الْوَصِيَّة بِدَلِيل اعْتِبَاره من الثُّلُث، وَمن أوصى لإِنْسَان بِشَيْء، جَازَ لَهُ الرجوعُ فِيهِ، وَالْقَوْل الثَّانِي: لَا يجوز لَهُ إِبْطَاله بالْقَوْل، وَيجوز بَيْعه قبل وجود الصّفة المعَّلق بهَا العِتقُ، وَالله أعلم، وَعتق المدبَّر يكون من الثُّلُث عِنْد عَامَّة أهل الْعلم، حُكيَ عَنْ إِبْرَاهِيم، وَسَعِيد بْن جُبَير، ومسروق أَن الْمُدبر يُعتق من جَمِيع المَال.
بَاب عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ
2428 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، قَالَ:«أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا، وَلا يَهَبُهَا، وَلا يُوَرِّثُهَا، وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا مَا عَاشَ، فَإِذَا مَاتَ، فَهِيَ حُرَّةٌ»
وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا وَإِنْ كَانَ سَقْطًا، وَيُرْوَى عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ
الرَّجُلِ مِنْهُ، فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ أَوْ بَعْدَهُ».
قَالَ الإِمَامُ: فَذهب عَامَّة أهل الْعلم إِلَى أَن بيع أمِّ الْوَلَد لَا يجوز، وَإِذا مَاتَ الْمولى تعْتق بِمَوْتِهِ من رَأس المَال مُقدمًا على الدُّيُون، والوصايا، وَقد رُوي عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِر، قَالَ: بعنا أُمَّهَات الْأَوْلَاد على عهد رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْر، فَلَمَّا كَانَ عُمَر نَهَانَا، فَانْتَهَيْنَا، فَقَالَ بعض أهل الْعلم: يحتِمل أَن يكون ذَلِكَ مُبَاحا فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام، ثُمَّ نهي عَنْهُ.
وَلم يظْهر النَّهْي لمن بَاعهَا، وَلم يعلم أَبُو بَكْر بِبيع من بَاعهَا مِنْهُم فِي زَمَانه، لقصر مُدَّة أَيَّامه، واشتغاله بِأُمُور الدَّين، ومحاربة أهل الرِّدَّة، وَظهر ذَلِكَ فِي زمن عُمَر، فَنهى عَنْ ذَلِكَ، وَمنع مِنْهُ، ورُوي فِيهِ عَنْ عَليّ خلاف، وَعَن ابْن الزبير أَنَّهُ كَانَ يَبِيعهَا، وَعَن ابْن عَبَّاس أَنَّهَا تعْتق فِي نصيب وَلَدهَا، ورُوي عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ لي عُبَيْدَة: بعث إِلَى عَليّ والى شُرَيْح، يَقُول: إِنِّي أبْغض الِاخْتِلَاف، فاقضوا كَمَا كُنْتُم تقضون، يَعْنِي: فِي أمِّ الْوَلَد حَتَّى يكون النَّاس جمَاعَة، أَو أَمُوت كَمَا مَاتَ صَاحِبَايَ.
فهَذَا يدل على أَنَّهُ وَافق الْجَمَاعَة على أَنَّهَا لَا تبَاع، وَاخْتِلَاف الصَّحَابَة إِذا ختم بِاتِّفَاق، وانقرض الْعَصْر عَلَيْهِ، كَانَ إِجْمَاعًا.
وَتجوز الْوَصِيَّة لأم الْوَلَد، ثُمَّ عتقُها يكون من رَأس المَال، والوصيةُ من الثُّلُث، أوصى عُمَر لأمهات أَوْلَاده بأَرْبعَة آلَاف أَرْبَعَة آلَاف لكل امْرَأَة
مِنْهُنَّ.
وَبيع الْمكَاتب غيرُ جَائِز عِنْد أَكثر أهل الْعلم.
وَإِذا أَتَت أمُّ الْوَلَد بِولد من زوج أَو زنى، فَحكم الْوَلَد حكمُ الْأُم، يكون رَقِيقا لمولى الأمِّ يستخدمه، ويؤاجره، وَلَا يجوز بيعُه، ويُعتق بِمَوْتِهِ من رَأس المَال، هَذَا إِذا كَانَ الِاسْتِيلَاد بِملك الْيَمين، أما إِذا نكح رجل أمة الْغَيْر، واستولدها، فَالْوَلَد رَقِيق لمَالِك الْأُم، وَإِذا اشْترى الْوَالِد وَلَده بعد ذَلِكَ يُعتق عَلَيْهِ بِحكم الْملك، وَله عَلَيْهِ الْوَلَاء، وَإِذا اشْترى أمة لَا يثبت لَهَا حكم الِاسْتِيلَاد عِنْد بعض أهل الْعلم، وَهُوَ قَول مَالِك، وَالشَّافِعِيّ، لِأَنَّهَا علقت برقيق، وَعند أَصْحَاب الرَّأْي يثبت لَهَا حكم الِاسْتِيلَاد، وَاخْتلف قَول الشَّافِعِيّ فِيمَا لَو استولد جَارِيَة الْغَيْر بِالشُّبْهَةِ، ثُمَّ ملكهَا، هَل يثبت لَهَا حكم الِاسْتِيلَاد أم لَا؟ وَجْهَان: أَحدهمَا: لَا يثبت لَهَا حكم الِاسْتِيلَاد، لِأَنَّهُ لم يستولد فِي الْملك، وَالثَّانِي: يثبت، لِأَنَّهَا علقت بَحر، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي.
وَاخْتلف قَول الشَّافِعِيّ فِي ولد المدبَّرة، وَالْمُعَلّق عتقهَا بِالصّفةِ، وَولد الْمُكَاتبَة، هَل يكون بِمَنْزِلَة الْأُم حَتَّى يعْتق الْأُم أم لَا؟ فأصح قوليه أَن حكم التَّدْبِير، وَالتَّعْلِيق لَا يثبت فِي الْوَلَد، وَثَبت حكم الْكِتَابَة، لِأَنَّهَا أقوى بِدَلِيل أَنَّهَا تمنع البيع.
وَقد قَالَ: يثبت للْوَلَد حكم الْأُم.
وكل ذَات رحم، فولدها بمنزلتها فِي التَّدْبِير، وَالْكِتَابَة، وَتَعْلِيق الْعتْق، ويعتقون بِعتْقِهَا، ويرقون برقها.