الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ الْأَصَح: تتَعَيَّن الْبِنْت للإمساك، لِأَن العقد على الْبِنْت يحرم الْأُم، وَالْعقد على الْأُم لَا يحرم النبت مَا لم يُوجد الدخولُ، وَإِن كَانَ قد دخل بالبنت، تعيّنت هِيَ للإمساك، وَإِن كَانَ قد دخل بِالْأُمِّ، وَلم يدْخل بالبنت، فعلى القَوْل الأول لَهُ إمْسَاك الْأُم، وعَلى القَوْل الآخر لَا يُمسك وَاحِدَة مِنْهُمَا، وهما محرمتان عَلَيْهِ، حَرُمت الأمُّ بِالْعقدِ على الْبِنْت، وَحرمت الْبِنْت بِإِصَابَة الأمِّ.
بَاب الزَّوْجَيْنِ المُشْرِكَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا
2290 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَيْرَبَنْدِكُشَائِيُّ، أَنا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَرَفَةَ السِّجْزِيُّ، أَنا أَبُو سُلَيْمَانَ حَمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَطَّابِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ دَاسَةَ التَّمَّارُ، أَنا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ، نَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:" أَسْلَمَتِ امْرَأَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَزَوَّجَتْ، فَجَاءَ زَوْجُهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَعَلِمَتْ بِإِسْلامِي، فَانْتَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ زَوْجِهَا الآخَرِ، وَرَدَّهَا إِلى زَوْجِهَا الأَوَّلِ "
قَالَ الإِمَامُ: إِذا أسلم الزَّوْجَانِ المشركان مَعًا، دَامَ النِّكَاح بَينهمَا، وَكَذَلِكَ إِذا أسلم الزَّوْج، وَتَخَلَّفت الْمَرْأَة وَهِي كِتَابِيَّة يَدُوم النِّكَاح بَينهمَا، فَأَما إِذا كَانَت هِيَ مُشركَة أَو مَجُوسِيَّة، أَو أسلمت الْمَرْأَة، وتخلف الزَّوْج على أيِّ دين كَانَ، فَاخْتلف أهل الْعلم فِيهِ، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ إِن كَانَ قبل الدُّخُول بهَا تتنجزُ الْفرْقَة بَينهمَا بِنَفس الْإِسْلَام، وَإِن كَانَ بعد الدُّخُول بهَا، يتَوَقَّف على انْقِضَاء الْعدة، فَإِن أسلم المتخلف مِنْهُمَا قبل انْقِضَاء عدَّة الْمَرْأَة، فهما على النِّكَاح، وَإِن لم يسلم، بَان أنَّ الْفرْقَة وَقعت باخْتلَاف الدَّين، وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب الأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق.
وَذهب جمَاعَة إِلَى أَن الْفرْقَة تتنجز بَينهمَا إِذا أسلم أَحدهمَا بِنَفس الْإِسْلَام، رُوي ذَلِكَ عَنِ ابْن عَبَّاس، وَإِلَيْهِ ذهب الْحَسَن، وَعِكْرِمَة، وَقَتَادَة، وَعَطَاء، وَطَاوُس، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَهُوَ قَول ابْن شبْرمَة، وَأَبِي ثَوْر، وَقَالَ مَالِك: إِذا أسلم الرجل قبل امْرَأَته، وَقعت الْفرْقَة إِذا عُرض عَلَيْهَا الْإِسْلَام فَأَبت، وَقَالَ الثَّوْرِيّ: إِذا أسلمت الْمَرْأَة، عُرض على زَوجهَا الْإِسْلَام، فَإِن أَبى، فرق بَينهمَا، وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: إِذا كَانَا فِي دَار الْإِسْلَام، فَأسلم أَحدهمَا، لَا تقع الْفرْقَة بَينهمَا حَتَّى يلْتَحق الْكَافِر بدار الْكفْر، أَو يعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام، فيأبى، وَإِن كَانَا فِي دَار الْحَرْب، فحتى يلْتَحق الْمُسلم بدار الْإِسْلَام، أَو يمْضِي بِالْمَرْأَةِ ثَلَاثَة أَقراء، وَلَا يفرق هَؤُلَاءِ بَين مَا بعد الدُّخُول وَقَبله، وَاخْتِلَاف الدَّار عِنْد أَصْحَاب الرَّأْي يُوقع الْفرْقَة بَين الزَّوْجَيْنِ حَتَّى لَو دخل أحد الزَّوْجَيْنِ الْكَافرين دَار الْإِسْلَام، وَعقد الذِّمَّة، وَالْآخر فِي دَار الْحَرْب، تقع الْفرْقَة بَينهمَا، وَالدَّلِيل على أَن اخْتِلَاف الدَّار لَا يُوجب الْفرْقَة مَا يرْوى عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَالَ: «
رَدَّ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي العَاصِ بِالنِّكَاحِ الأَوَّلِ، وَلَمْ يُحْدِثْ نِكَاحًا»، وَفِي رِوَايَة: «رَدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَ سِتِّ سِنينَ.
وَلَيْسَ لَهُ وَجه إِن صحَّ إِلا أَن تكون عدَّتُها قد تطاولت باعتراض سَبَب حَتَّى بلغت هَذِه الْمدَّة، وَكَانَ قد افترق بَينهمَا الدَّار، فَإِن أَبَا الْعَاصِ حِين أطلقهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الْأسر أَتَى مَكَّة، وجهز زَيْنَب إِلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَمكث بِمَكَّة، غير أَن هَذِه الرِّوَايَة يُعارضها مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب، عَنْ أَبِيه، عَنْ جده، أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم» رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي العَاصِ ابْن الرَّبِيع بِنَكاحٍ جَدِيدٍ «.
وَرُوِيَ أَن جمَاعَة من النِّسَاء» ردَّهنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِالنِّكَاحِ الأول على أزواجهنَّ " عِنْد اجْتِمَاع الإسلامين بعد اخْتِلَاف الدِّين وَالدَّار، منهنَّ: بنتُ الْوَلِيد بْن الْمُغيرَة، كَانَت تَحت صَفْوَان بْن أُميَّة، فَأسْلمت يَوْم الْفَتْح، وهرب زَوجهَا صَفْوَان من الْإِسْلَام، فَبعث إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ابْن عَمه وهب بْن عُمَيْر برداء رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَمَانًا لِصَفْوَان، فَلَمَّا قدم، جعل لَهُ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم تسيير أَرْبَعَة أشهر، وَشهد مَعَ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم حُنينًا، والطائف وَهُوَ كَافِر، وَامْرَأَته مسلمة حَتَّى أسلم صَفْوَان، فاستقرت عِنْده امْرَأَته بذلك النِّكَاح.
وَأسْلمت أمُّ حَكِيم بنت الْحَارِث بْن هِشَام امْرَأَة عِكْرِمَة بْن أَبِي جهل يَوْم الْفَتْح بِمَكَّة، وهرب زَوجهَا عِكْرِمَة من الْإِسْلَام حَتَّى قدم الْيمن، فارتحلت أم حَكِيم حَتَّى قدمت عَلَيْهِ الْيمن، فدعته إِلَى الْإِسْلَام، فَأسلم، فَقدم على رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَام الْفَتْح، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وثب إِلَيْهِ فَرحا وَمَا عَلَيْهِ رِدَاء حَتَّى بَايعه، فثبتا على نِكَاحهمَا ذَلِكَ.
قَالَ الإِمَامُ: فَأَما إِذا خرجت الْمَرْأَة إِلَى دَار الْإِسْلَام مراغمة لزَوجهَا، فقد ارْتَفع النِّكَاح بَينهمَا، لِأَنَّهَا لَو قهرت فِي دَار الْحَرْب زَوجهَا، وَقعت الفُرقة بَينهمَا، وَلَو استعبدته، كَانَ مَمْلُوكا لَهَا.
قَالَ الإِمَامُ: وَفِي الْحَدِيث دَلِيل على أَن الْمَرْأَة إِذا ادَّعت الفِراق على الزَّوْج بعد مَا علم بَينهمَا النِّكَاح وَأنكر الزوجُ، أَن القَوْل قولُ الزَّوْج