المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حسن العشرة معهن - شرح السنة للبغوي - جـ ٩

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌16 - كتاب النِّكَاح

- ‌بَاب التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب اخْتِيَار ذَاتِ الدِّينِ

- ‌بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ النِّساءِ

- ‌بَاب نِكَاحِ الأَبْكَارِ

- ‌بَاب النَّظَرِ إلَى المَخْطُوبَةِ

- ‌بَاب إرْسَالِ الرَّسُول

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ مُبَاشَرَةِ المَرْأَةِ المَرأةَ ثُمَّ تَنْعَتها لِزَوْجِهَا

- ‌بَاب النَّهي عَنْ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بالمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ

- ‌بَاب استِئْذَانِ المَرْأَةِ البَالِغَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَزْوِيجِ الصَّغِيرةِ

- ‌بَاب رَدِّ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الوَلِيِّ

- ‌بَاب إعْلانِ النِّكَاحِ بِضَربِ الدُّفِّ

- ‌بَاب خُطْبَةِ النِّكَاحِ والحَاجَةِ

- ‌بَاب لَفْظِ النِّكَاحِ

- ‌بَاب الوَفَاءِ بِشَرطِ النِّكاحِ

- ‌بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ

- ‌بَاب إِذا أنْكَحَ الوَلِيَّانِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَها

- ‌بَاب نِكاحِ العَبْدِ وَعَدَدِ المَنْكُوحَاتِ

- ‌بَاب مَا يَحِلّ وَيَحْرُمُ مِنَ النِّسَاءِ والجَمْع بَيْنَهُنَّ

- ‌بَاب المُحَرَّمَاتِ بِالَّرضَاعِ

- ‌بَاب مَا تَثْبُتُ بِهِ الحُرْمَةُ مِنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ

- ‌بَاب رَضَاعَةِ الكَبِيرِ

- ‌بَاب شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعَةِ

- ‌بَاب لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ

- ‌بَاب الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ وتحتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبعِ نِسْوَةٍ أَوْ أُخْتَان

- ‌بَاب الزَّوْجَيْنِ المُشْرِكَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُتْعَةِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُحَلِّلِ

- ‌بَاب العَزْلِ والإِتْيَانِ فِي غَيْرِ المَأْتَى

- ‌بَاب الغِيلَةِ

- ‌بَاب خِيَارُ العِتْقِ

- ‌بَاب خِيَارِ العَيْبِ

- ‌بَاب الصَّداقِ

- ‌بَاب اسْتِحْباب تَخْفيفِ المَهْرِ

- ‌بَاب مَنْ تَزَوَّجَ بِلا مَهْرٍ

- ‌بَاب الخِلْوةِ بالْمَنْكُوحَةِ

- ‌بَاب الْمُتْعَةِ

- ‌بَاب الوَلِيمَةِ

- ‌بَاب الإجَابَةِ إِلَى الوَليمةِ إذَا دُعِيَ إلَيْهَا

- ‌بَاب مَنْ دَعَا رَجلا فَجَاءَ مَعَهُ آخَرُ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا

- ‌بَاب القَسْمِ بَيْنَ الضَّرَائِرِ

- ‌بَاب هِبَةِ المَرْأَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِها

- ‌بَاب القرْعَةِ بَيْنَ النَّسَاء إِذا أرَادَ سَفَرًا

- ‌بَاب تَخْصِيصِ الجَديدَة بِسَبْعِ لَيَالٍ إِن كانَتْ بِكْرًا وَثَلَاث إِن كانَتْ ثَيِّبًا

- ‌بَاب حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى المرأَةِ وَحَقِّها عَلَيْهِ

- ‌بَاب

- ‌بَاب المُدَارَاةِ مَعَ النَّسَاء

- ‌بَاب حُسْنِ العِشْرَةِ مَعَهُنَّ

- ‌بَاب النَّهْي عَنْ ضرب النِّسَاء

- ‌بَاب هجْرانِ المرأَةِ وَضَربِهَا عِنْدَ النُّشُوزِ

- ‌بَاب الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

- ‌بَاب مَنْ سَأَلَهُ أَبُوهُ تَطْليِقَ امْرَأَتِهِ

- ‌17 - كِتَابُ الطَّلاقِ

- ‌بَاب الخُلْعِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَحْريمِ الطَّلاقِ فِي الحَيْضِ

- ‌بَاب الجَمْعِ بَيْنَ الطَّلَقَاتِ الثَّلاثِ وطَلاقِ البَتَّة

- ‌بَاب الخيَارِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ على الْهَزْلِ

- ‌بَاب لَفْظِ التَّحْرِيمِ

- ‌بَاب فِيمَنْ طَلَّقَ البِكْرَ ثَلاثًا

- ‌بَاب المُطَلَّقَةِ ثَلاثًا لَا تَحِلُّ إِلا بَعْدَ إِصَابة زَوْجٍ غَيْره

- ‌بَاب الإِيلاءِ

- ‌بَاب الظِّهَارِ

- ‌بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ فِي الكَفَّارَةِ

- ‌بَاب اللِّعانِ

- ‌بَاب الرجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرأَتِهِ رَجُلا

- ‌بَاب الغَيْرةِ

- ‌بَاب إِثمِ مَنْ جَحَدَ وَلَدَهُ أَوِ ادَّعَى إِلى غَيْرِ أَبِيه

- ‌بَاب الشَّكِّ فِي الوَلَدِ

- ‌بَاب الوَلدِ لِلفِراشِ

- ‌بَاب القَائِفِ

- ‌بَاب نِكاحِ الزَّانيَةِ

- ‌18 - كتابُ العِدَّة

- ‌بَاب مقامِ المُطَلَّقَةِ فِي الْبَيْتِ حتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا

- ‌بَاب المَبتُوتَةِ لَا نَفَقَةَ لهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا

- ‌بَاب سُكْنَى المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها إِذا كانَتْ حَاملا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها والإحداد

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَاب امْرَأَةِ المَفْقُودِ

- ‌بَاب اجْتِمَاعِ العِدَّتَيْنِ

- ‌بَاب اسْتِبْراء أُمِّ الوَلَدِ

- ‌بَاب اسْتِبراء الأمةِ المسْبِيَّةِ والمُشْتَراةِ

- ‌بَاب نفقَةِ الزَّوْجَةِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ الأَوْلادِ والأَقَارِبِ

- ‌بَاب أَيِّ الوَالِدَيْنِ أَحَقُّ بالوَلدِ

- ‌بَاب حَدِّ البُلُوغِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ المَمَالِيكِ

- ‌بَاب الأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ

- ‌بَاب ثَوَابِ المَمْلُوكِ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ

- ‌بَاب وَعيدِ مَنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوْ قَذَفَهُ

- ‌19 - كتاب العتق

- ‌ثَوَابُ العِتْقِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكا لَهُ مِنْ عَبْدٍ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ

- ‌بَاب العِتْقِ عَنِ الْمَيِّت

- ‌بَاب مَنْ يُعْتِقَ بالمُلْكِ

- ‌بَاب بَيْعِ المُدَبِّرِ

- ‌بَاب عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَاب الْمكَاتب

- ‌بَاب العِتْقِ على الخِدْمَةِ

الفصل: ‌باب حسن العشرة معهن

‌بَاب حُسْنِ العِشْرَةِ مَعَهُنَّ

قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النِّسَاء: 19].

2336 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:«كُنْتُ أَلْعَبُ بِاللُّعَبِ، فَيَأْتِينِي صَوَاحِبِي، فَإِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَرْنَ مِنْهُ، فَيَأْخُذُهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَرُدُّهُنَّ إِلَيَّ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

2337 -

أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، نَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ

ص: 165

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ يَأْتِينِي صَوَاحِبِي، قَالَتْ: فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَنَسٌ: يَنْقَمِعْنَ: يَفْرِرْنَ، قَالَت: فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.

قَوْلُهُ: يَنْقَمِعْنَ، أَيْ: يَتَغَيَّبْنَ، وَالانْقِمَاعُ لِلدُّخُولِ فِي بَيْتٍ أَوْ سِتْرٍ

2338 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى» ، قَالَتْ: فَقُلْتُ مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فقَالَ: " أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً،

ص: 166

فَإِنَّكَ تَقُولِينَ: لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ ".

قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أهْجُرُ إِلا اسْمَكَ.

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ

2339 -

أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ، أَنا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ الْبَزَّازُ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، نَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

ح، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ،

ص: 167

نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالت:«وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِالْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَسُولُ اللَّهِ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ لأَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ بَيْنَ أُذُنِهِ وَعَاتِقِهِ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَام بْن يُوسُف، عَنْ مَعْمَر، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ

قَوْله: «فاقْدُرُوا» .

من قَوْلهم: قدَرْتُ الْأَمر كَذَا، أقدُرُ، وأقدِرُ: إِذا نظرت فِيهِ ودبَّرته.

2340 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالا: أَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ.

ح وَأَنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْجَوْزَجَانِيُّ، أَنا أَبُو

ص: 168

الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ، أَنا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيُّ، نَا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ التِّرْمِذِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، أَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرأَةً تَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجهِنَّ شَيْئًا، قَالَتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَا سَهْلٍ، فَيُرْتَقَى، وَلا سمينٍ فَيُنْتَقَلَ.

قَالَت الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ، أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجْرَهُ.

وَقالت الثَّالِثةُ: زَوْجِي العَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ، أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ، أُعَلَّقْ.

قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرَّ وَلا قُرَّ، وَلا مَخَافَةَ وَلا سَآمَةَ.

قَالَتِ الخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ.

قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ.

ص: 169

قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ، أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلا لَكِ.

قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ.

قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ.

قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمُبَارِكِ، قَلِيلاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ.

قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أبُو زَرْعٍ أنَاس مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَني فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ وَمُنِقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلا أُقَبَّحُ، وَأرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وأَشْرَبُ فأَتَقَنَّحُ.

أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فُسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ،

ص: 170

بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَما جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثيثًا، وَلا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقيثَا، وَلا تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا.

قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَني وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِي أَهْلَكِ.

قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنيةِ أَبِي زَرْعٍ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عِيسَى:«وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ» بِالْمِيمِ

قَول الأولى: «زَوْجي لحمُ جَمَلٍ غَثٍّ» ، أَي: مهزول.

على رَأس جبل: تصفُ قلَّة خَيره، وبُعده مَعَ القِلة كالشيء فِي قُلَّةِ

ص: 171

الْجَبَل الصَّعب لَا يُنال إِلا بالمشقة، فَكَذَلِك هَذَا لَا يُوصل إِلَى خَيره إِلا بِمَوْتِهِ، لبخله، وَقَوْلها:«وَلَا سمينٌ فَيُنْتَقَلَ» .

أَي: يَنْقُلهُ النَّاس إِلَى مَنَازِلهمْ للْأَكْل، ويُروى «فَيُنْتَقَى» أَي: لَا نقي لَهُ فيستخرج، يقَالَ: نقوت الْعظم ونقيتُه وانتقيتُه: إِذا استخرجتَ النقي مِنْهُ، وَهُوَ المخ، تَقول: لَيْسَ فِيهِ نفع تتحمل سوء عشرته لذَلِك، تَشْكُو سوء خلقه، وَقلة خَيره.

ويُروى: «زَوْجي لحمُ جَمَلٍ غَثٍّ على جَبَلٍ وَعْرٍ» ، أَي: غليظ حزْن يصعُب الصعُود إِلَيْهِ، ويُروى:«لحمُ جَمَلٍ غَثٍّ على رأسِ قَوْزِ وَعْثٍ» .

والقوز: العالي من الرمل كَأَنَّهُ جبل، فالصعود فِيهِ شاق، وَجمعه أقواز وقيزان، والوعث: الرمل الرَّقِيق يشْتَد على صَاحبه المشيُ فِيهِ.

وَقَول الثَّانِيَة: «لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ» ، أَي: لَا أنشره لقبح آثاره، «إِنِّي أَخَاف أَنْ لَا أَذَرَهُ» .

أَي: لَا أبلغ صفته من طولهَا، وَقيل: لَا أقدر على فِرَاقه للأولاد، والأسباب الَّتِي بيني وَبَينه، «إِن أذكُر أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ» أَي: عيوبه، قَالَ عَليّ بْن أَبِي طَالب:«أَشْكُو إِلَى اللَّه عُجَري وبُجَري» .

أَي: همومي وأحزاني، وأصل العجرة الشَّيْء يجْتَمع فِي الْجَسَد كالسلعة، والبُجرة نَحْوهَا، يقَالَ: أفضيت إِلَيْهِ بعجري وبُجري، أَي: أطلعته على أسراري، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: العُجرُ فِي الظّهْر، والبُجرُ فِي الْبَطن.

قَالَ أَبُو عُبَيْد: العُجر: أَن يتعقَّد العصب أَو الْعُرُوق حَتَّى ترَاهَا ناتئة من الْجَسَد، والبُجر نَحْوهَا، إِلا أَنَّهَا فِي

ص: 172

الْبَطن خَاصَّة، واحدتها بُجرةٌ، وَمِنْه قيل: رجل أبجر: إِذا كَانَ عَظِيم الْبَطن.

وَقَول الثَّالِثَة: «زَوْجي العَشَنَّقُ» ، أَي: الطَّوِيل، تُرِيدُ أَنَّهُ منظر لَا خير فِيهِ، إِن ذكرت مَا فِيهِ طَلقنِي، وَإِن سكت تركني معلقَة، لَا أيِّما وَلَا ذاتَ بعل، فهَذَا معنى قَوْلهَا:«وَإِن أسكت أَعَلَّقُ» من قَوْله سبحانه وتعالى: {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النِّسَاء: 129].

وَقَول الرَّابِعَة: «زَوجي كَليلِ تهَامَةَ لَا حَرَّ وَلَا قُرَّ» ، فالقُر: الْبرد.

تُرِيدُ حسن خلقه، وسهولة أُمُوره، أَي: لَا ذُو حر، وَلَا ذُو قر، لِأَن فِي كلِّ وَاحِد مِنْهُمَا أَذَى، وَلَيْسَ عِنْده أَذَى وَلَا مَكْرُوه.

«وَلَا مَخَافَةَ» ، أَي: لَا أَخَاف شَره، «وَلَا سآمَةَ» ، أَي: لَا يسأمني، فيمل صحبتي.

وَقَول الْخَامِسَة: «زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ» ، أَي: نَام وغَفِلَ عَنْ معايب الْبَيْت الَّتِي يلْزَمنِي إصلاحها، والفهد كثير النّوم، يُقَالُ: أنومُ من فَهد، تصفه بِالْكَرمِ، وَحسن الْخلق.

وَقَوْلها: «إِنْ خَرَجَ أَسِدَ» ، تَقول: إِذا خرج إِلَى لِقَاء الْعَدو، خافه كل شُجَاع، وَكَانَ كالأسد الَّذِي يخافه كل سَبُع، «وَلَا يسْأَل عمَّا عَهِدَ» ، أَي: عَمَّا رأى فِي الْبَيْت من طَعَام ومأكول، لسخائه، وسعة قلبه.

وَقَول السَّادِسَة: «زَوْجي إِنْ أَكَلَ لَفَّ» ، تُرِيدُ الإكثارَ مَعَ التَّخْلِيط، أَي: قَمَشَ وَخَلطَ من كل شَيْء، يقَالَ للْقَوْم إِذا اخْتلفُوا: لفٌّ ولفيف، وَقَوله سبحانه وتعالى:{جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الْإِسْرَاء: 104]، أَي: من كل قَبيلَة.

«وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ» ، أَي: شرب مَا فِي الْإِنَاء كلَّه، فَلم يبْق شَيْئا، أَخذ من الشفافة،

ص: 173

وَهِي الْبَقِيَّة من الشَّرَاب تبقى فِي الْإِنَاء، فَإِذا شربهَا صَاحبهَا، قيل: اشتفها، «وَإِن اضْطَجَعَ الْتَفَّ» ، أَي: نَام فِي نَاحيَة، وَلم يُضاجعني، وَقَوْلها:«وَلا يُولِجُ الكَفِّ لِيَعْلَمَ البَثَّ» ، تريدُ: لَا يضطجعُ معي ليعلم حزني على بعده، وَمَا عِنْدِي من الْمحبَّة لَهُ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: أرى أَنَّهُ كَانَ بجسدها عيبٌ أَو دَاء تكتئبُ بِهِ، لِأَن البث هُوَ الْحزن، فَكَانَ الزَّوْج لَا يُدخل يَده، فيمسُّ ذَلِكَ الْموضع، لعلمه أَن ذَلِكَ يؤذيها، تصفه بِالْكَرمِ، وَأنكر القُتبيُّ هَذَا، وَقَالَ: كَيفَ تمدحه بهَذَا وَقد ذمَّته فِي صدر الْكَلَام؟ وَقَررهُ غَيره، وَقَالَ: إِنَّمَا شكتِ الْمَرْأَة قلَّة تعهُّده إِيَّاهَا، تَقول: إِنَّه يتلفف منتبِذًا عَنْهَا إِذا نَام، وَلَا يُدخل كَفه دَاخل ثوبها فعل الرجل بِزَوْجَتِهِ، وَمعنى البث: مَا تضمره من الْحزن على عدم الحظوة مِنْهُ.

قَالَ أَبُو بَكْر الأنباريُّ: لَا حجَّة على أَبِي عُبَيْد فِيهِ، لِأَن النسْوَة كنَّ تعاقدن أَن لَا يكتمنَ من أَخْبَار أَزوَاجهنَّ شَيْئا، فمنهنَّ من كَانَ أمورُ زَوجهَا بَعْضهَا حَسَنَة، وبعضُها قبيحة، فَأخْبرت بِهِ، وَقَالَ أَحْمَد بْن عُبَيْد: أَرَادَت أَنَّهُ لَا يتفقد أموري، ومصالح أسبابي، كَقَوْلِهِم: مَا أَدخل يَده فِي الْأَمر، أَي: لم يتفقده.

وَقَول السَّابِعَة: «زَوْجي عيَايَاء» ، العياياء: الْعنين الْعَاجِز عَنْ مباضعة النِّسَاء، أما الغياياء بالغين الْمُعْجَمَة، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لَيْسَ بِشَيْء.

والطَّباقاء: الَّذِي أُمُوره مُطبقة عَلَيْهِ، وَقيل: هُوَ العييُّ الفدمُ الأحمق.

قَوْلهَا: «كُلُّ داءٍ لَهُ داءٌ» ، أَي: كل شَيْء من أدواء النَّاس فَهُوَ

ص: 174

فِيهِ، مَعْنَاهُ: كل عيب يكون فِي الرِّجَال فَهُوَ فِيهِ.

وَقَوْلها: «شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ» ، الشج فِي الرَّأْس خَاصَّة، وَهُوَ أَن يعلوَ الرَّأْس بالعصا، والفل: الْكسر فِي سَائِر الْبدن، تَقول: إِن زَوجهَا إِذا غضب، لم يملِك نَفسه، فإمَّا أَن يشج رَأْسِي، أَو يكسِر عضوا من أعضائي، أَو يجمعهما عليَّ، وَقيل: فلَّك، أَي: كسرك بِالْخُصُومَةِ والعذل.

وَقَوْلها: «أَو جمع كُلا لكِ» ، أَي: جمع الضَّرْب وَالْخُصُومَة لَك.

وَقَول الثَّامِنَة: «زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أرْنَبٍ، والرِّيحُ ريحُ زَرْنَبٍ» .

الزرنب: نوع من الطّيب، تُرِيدُ زَوجي لين العريكة، شبهته بالأرنب فِي لين مسِّه، وتريد بِالرِّيحِ طيبَ ريح جسده، وَيجوز أَن تُرِيدُ طيبَ الثَّنَاء فِي النَّاس، تَقول: هُوَ طيِّب الذّكر أَو الْعرض.

وَقَول التَّاسِعَة: «زَوْجِي رَفِيعُ العِمادِ» .

تصفه بالشرف، تُرِيدُ: عماد بَيت الشّرف، أَي: بَيته وحسبه رفيع فِي قومه، وَالْعرب تضع الْبَيْت مَوضِع الشّرف فِي النّسَب والحسب، وَقَوْلها:«طَوِيل النجاد» ، فالنجاد: حمائل السَّيف، تصفه بطول الْقَامَة، لِأَن الْقَامَة إِذا طَالَتْ، طَال النِّجاد، وَقَوْلها «عَظيمُ الرَّمادِ» ، أَرَادَت أَن قِدرَهُ لَا تنزِل عَنِ النَّار لأجل الضَّيْف، فيكثر رمادهُ، تصفه بالجود.

وَقَوْلها: «قريبُ البيتِ مِنَ النَّادِ» ، فالنادي والندِيُّ: الْمجْلس، قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى:{وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} [مَرْيَم: 73]، وَقَوله عز وجل:{وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} [العنكبوت: 29].

والندوة: الِاجْتِمَاع للمشورة، تريدُ أَنَّهُ ينزل وسط الحِلَّة، أَو قَرِيبا مِنْهُ، ليعلموا مَكَانَهُ، فيغشاه الأضياف.

وَقَول الْعَاشِرَة: «لَهُ إِبلٌ كَثيراتُ الْمُبَارَك، قَلِيلاتُ المَسَارِحِ» ،

ص: 175

يُقَالُ: سَرَحتُ الْإِبِل فَسَرَحَتْ، اللَّازِم وَالْوَاقِع وَاحِد، وَمِنْه قَوْله سبحانه وتعالى:{حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النَّحْل: 6]، تُرِيدُ أَن إبَله تكون باركة بِفنَاء دَاره قَلما تسرح، لَا يسرحها جَمِيعًا لأجل الضَّيْف حَتَّى يَنْحَرهَا لَهُم، أَو يسقيهم أَلْبَانهَا، وَقيل: مَعْنَاهُ: أَن إبِله كَثِيرَة فِي حَال بُروكها، فَإِذا سرحت كَانَت قَليلَة لِكَثْرَة مَا نحر مِنْهَا للأضياف فِي مباركها.

وَقَوْلها: «إِذا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ» .

فالمِزهر: الْعود، وَهُوَ المِعزَف، أرادات أَن الْإِبِل إِذا سَمِعت صَوت المعازف، علمت بنزول الضَّيْف، وأيقنت أَنَّهَا منحورة لَهُم.

وَقَول الْحَادِيَة عشر: «أناسَ من حلي أُذُني» ، من النَّوس وَهُوَ الْحَرَكَة، وكل شَيْء تحرّك متدليًا، يقَالَ لَهُ: نَاس ينوسُ نوسًا ونوسانًا، وأناسه غَيره إناسة، تَقول: حلاني بالقِرَطَة والشُّنوف حَتَّى تنوس بأذنيها، أَي: تحركهما، «، وملأ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ» تُرِيدُ أحسن إليَّ حَتَّى سمِنتُ، وَلم تُرد بِهِ العضُد خَاصَّة، بل أَرَادَت الْجَسَد كُله، وَقَوْلها:«وَبَجَّحَني» ، أَي: فرحني.

وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: مَعْنَاهُ: عظمني، فعظمت عِنْدِي نَفسِي، ويروى: بجحني فَبَجحتُ، أَي: فرحني، ففرحتُ.

وَقَوْلها: «وَجَدَني فِي أهلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ» الرِّوَايَة بِالْفَتْح، وَقَالَ أَبُو عبيد بالخفض، وَقَالَ: هُوَ مَوضِع بِعَيْنِه، وَقيل: بِشق: بِمَشَقَّة، قَالَ سبحانه وتعالى: {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ

ص: 176

إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ} [النَّحْل: 7]، وَمن فتح، قَالَ: مَعْنَاهُ: وجدني فِي شقّ جبل لَيْسَ لنا من المَال إِلا الْغنم، وَهِي قَليلَة، فَحَمَلَنِي إِلَى أَهله، وهم أهل صَهِيل، وأطيط، أَي: أهل خير وإبل، والصهيل: صَوت الْخَيل، والأطيط: صَوت الْإِبِل.

ودائس: الَّذِي يدوس الطَّعَام، يقَالَ: داسهُ يدوسُهُ، ودرسهُ يدرُسه، تُرِيدُ أَنهم أَصْحَاب زرع وكدس يدوسونه وينقونه، وَقَالَ عِيسَى: الدائس: الأندر، والمنقي: الغربال.

وَأَصْحَاب الْحَدِيث يَقُولُونَ: ومُنِقٌّ بِكَسْر النُّون، قَالَ أَبُو عبيد: لَا أعرفُ المُنِقَّ، وأحسِبه المُنِقي بِفَتْح النُّون من تنقية الطَّعَام.

وَقَالَ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أويس، عَنْ أَبِيه، المنِق بِكَسْر النُّون: نقيق أصوات الْمَوَاشِي والأنعام، تصف كَثْرَة مَاله.

وَقَوْلها: «أقُولُ فَلا أُقَبَّحُ» ، أَي: لَا يرُدُّ عليَّ قولي لكرامتي عَلَيْهِ، يُقَالُ: قبحتُ فلَانا: إِذا قلتَ لَهُ: «قبَّحك اللَّه» .

وَقَوْلها: «وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ» ، أَي: أَنَام الصَّبحة، لِأَنَّهَا مكفية، والصَّبحة: نوم أول النَّهَار بِفَتْح الصَّاد ورفعها، وَقَوْلها:«وأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ» .

قَالَ ابْن السّكيت: أَي: أقطع الشّرْب.

وَقَالَ أَبُو زَيْد: التقنح: أَن يشرب فَوق الرّيّ، يُقَالُ: قنحتُ من الشَّرَاب، أقنحُ قنحًا: إِذا تكارهت على شربه بعد الرِّيّ، وَأما التقمح بِالْمِيم: أَن تشرب حَتَّى تروى، فَترفع رَأسهَا، يقَالَ: بعير قامح، وإبل قِماح، وَمِنْه قَوْله سبحانه وتعالى:{فَهُمْ مُقْمَحُونَ} [يس: 8]، المقمح: الرافع رَأسه، الغاضُّ بَصَره.

ص: 177

وَقَوْلها: «عكومها رَداح» .

فالعكوم: الأعدال والغرائر الَّتِي فِيهَا الثِّيَاب، وضروب الْأَمْتِعَة، رداح، أَي: عَظِيمَة ثَقيلَة من كَثْرَة مَا فِيهَا من الْأَمْتِعَة، «وَبَيْتُهَا فُسَاحٌ» ، أَي: وَاسع، يُقَالُ: بَيت فسيحٌ وفُساح.

وَقَوله: «مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبةٍ» ، تشبهه فِي الدِّقة بِمَا شُطِبَ من جريد النّخل، وَهُوَ سعفُه، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُشقق مِنْهُ قضبان دِقاق يُنسج مِنْهَا الحصُر، أَرَادَت أَنَّهُ ضَرْبُ اللَّحْم دقيقُ الخصر.

وَقَالَ ابْن الأَعْرَابِيّ: أَرَادَت بمسلِّ الشطبة سَيْفا يُسل من غمدة، شبهته بِهِ.

وَقَوْلها: «يُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ» ، تصفه بقلة الْأكل، والجفرة تَأْنِيث الجفر: وَهُوَ من ولد الْمعز الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعَة أشهر، وَفصل عَنْ أمِّه، وَأخذ فِي الرَّعْي.

وَقَوْلها فِي بنت أَبِي زرع «ملْء كسائها» .

تُرِيدُ عَظِيمَة الْعَجز والفخذين، أَي: هِيَ ذَات لحم تملأ كساءها.

«وَغَيْظَ جَارَتِهَا» .

أَي: تحسدها جارتُها لجمالها وكمالها.

وَقَوْلها «لَا تَبُثُّ حديثَنا» .

أَي: لَا تشيعه وَلَا تَنِم، ويروى «لَا تنُثُّ» ، بالنُّون وَمَعْنَاهُ قريب من الأول.

وَقَوْلها: «لَا تَنْقُثُ ميرتنَا» .

أَي: لَا تسرق، والميرة: مَا يمتار البدويُّ من الْحَضَر من دَقِيق وَغَيره، تُرِيدُ أَنَّهَا أمينة على مَا ائتمنت عَلَيْهِ من حفظ الطَّعَام.

وَقَوْلها «وَلا تملأُ بَيْتَنَا تَعشيشًا» .

أَرَادَت لَا تخوننا فِي الطَّعَام فتخبأ فِي كل زَاوِيَة شَيْئا كالطير تعشش فِي مَوَاضِع شَتَّى، وَقيل: أَرَادَ أنَّها تقُمَّ الْبَيْت، وَلَا تدع فِيهِ القُمامة، فَيصير مثل عُش الطَّائِر.

ويُروى «

ص: 178

تَغْشيشًا» بالغين الْمُعْجَمَة، فَيكون تفعيلا من الْغِشّ والخيانة، وَقَالَ ابْن السِّكيت: التغشيش: النميمة، أَي: لَا تنقل حديثنا وَلَا حَدِيث غَيرنَا إِلَيْنَا.

وَقَوْلها: «وَالأَوْطَابُ تَمْخُضُ» .

فالأوطاب: أسقيةُ اللَّبن، وَاحِدهَا وطبٌ، وَقَوْلها:«يَلْعَبَانِ تَحْتَ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ» .

قيل: أَرَادَت بالرمانتين الثديين، مَعْنَاهُ: كَانَت ناهدَ الثديين، قَالَ أَبُو عُبَيْد: مَعْنَاهُ: أَنَّهَا ذَات كفل عَظِيم إِذا استلقت، نتأ الكفلُ بهَا من الأَرْض حَتَّى يصير تحتهَا فجوةٌ يجْرِي فِيهَا الرُّمَّان.

وَقَوْلها: «رَكِبَ شَرِيّا» .

أَي: فرسا يستشري فِي سيره، أَي: يلِج ويتمادى، وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: أَي حادّ الجري، يقَالَ: شَرِيَ الرجلُ فِي غَضَبه، واستشرى: إِذا جدَّ.

قَالَ ابْن السِّكيت: مَعْنَاهُ فرسا خيارًا فائقًا، وسراة المَال وشراته

ص: 179

بِالسِّين والشين خيارهُ.

وَقَوْلها: «خطِّيَّا» .

تَعْنِي: الرمْح، سمي خطيًا، لِأَنَّهُ يُحمل من بلد بِنَاحِيَة الْبَحْرين، يُقَالُ لَهُ: الْخط، فنسب إِلَيْهِ، وأصل الرمْح من الْهِنْد، وَلكنهَا تُحمل مِنْهَا إِلَى الْخط فِي الْبَحْر، ثُمَّ مِنْهَا تتفرق فِي الْبِلَاد، وَإِنَّمَا قيل لقرى عمان والبحرين: خطّ، لِأَن ذَلِكَ السَّيْف كالخط على جَانب الْبَحْرين والبدو وَالْبَحْر، فَإِذا انْتَهَت السُّفن المملوءة رماحًا إِلَيْهَا، فرِّغت وَوضعت فِي تِلْكَ الْقرى، وَقَوْلها:«نعما ثريًا» .

أَي: كثيرا، يقَالَ: أثرى بَنو فلَان: إِذا كثرت أَمْوَالهم، وَقَول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعَائِشَة:«كُنْتُ لَكِ كَأَبي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ» .

فِي الألفة والرِّفاء لَا فِي الْفرْقَة والخلاء.

والرِّفاء: الْمُوَافقَة، والخلاء: المباعدة والمجانبة.

2341 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، نَا يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَكْمَلَ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكْم لِنِسَائِكُمْ» .

ص: 180