المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يحل ويحرم من النساء والجمع بينهن - شرح السنة للبغوي - جـ ٩

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌16 - كتاب النِّكَاح

- ‌بَاب التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب اخْتِيَار ذَاتِ الدِّينِ

- ‌بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ النِّساءِ

- ‌بَاب نِكَاحِ الأَبْكَارِ

- ‌بَاب النَّظَرِ إلَى المَخْطُوبَةِ

- ‌بَاب إرْسَالِ الرَّسُول

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ مُبَاشَرَةِ المَرْأَةِ المَرأةَ ثُمَّ تَنْعَتها لِزَوْجِهَا

- ‌بَاب النَّهي عَنْ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بالمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ

- ‌بَاب استِئْذَانِ المَرْأَةِ البَالِغَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَزْوِيجِ الصَّغِيرةِ

- ‌بَاب رَدِّ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الوَلِيِّ

- ‌بَاب إعْلانِ النِّكَاحِ بِضَربِ الدُّفِّ

- ‌بَاب خُطْبَةِ النِّكَاحِ والحَاجَةِ

- ‌بَاب لَفْظِ النِّكَاحِ

- ‌بَاب الوَفَاءِ بِشَرطِ النِّكاحِ

- ‌بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ

- ‌بَاب إِذا أنْكَحَ الوَلِيَّانِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَها

- ‌بَاب نِكاحِ العَبْدِ وَعَدَدِ المَنْكُوحَاتِ

- ‌بَاب مَا يَحِلّ وَيَحْرُمُ مِنَ النِّسَاءِ والجَمْع بَيْنَهُنَّ

- ‌بَاب المُحَرَّمَاتِ بِالَّرضَاعِ

- ‌بَاب مَا تَثْبُتُ بِهِ الحُرْمَةُ مِنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ

- ‌بَاب رَضَاعَةِ الكَبِيرِ

- ‌بَاب شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعَةِ

- ‌بَاب لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ

- ‌بَاب الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ وتحتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبعِ نِسْوَةٍ أَوْ أُخْتَان

- ‌بَاب الزَّوْجَيْنِ المُشْرِكَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُتْعَةِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُحَلِّلِ

- ‌بَاب العَزْلِ والإِتْيَانِ فِي غَيْرِ المَأْتَى

- ‌بَاب الغِيلَةِ

- ‌بَاب خِيَارُ العِتْقِ

- ‌بَاب خِيَارِ العَيْبِ

- ‌بَاب الصَّداقِ

- ‌بَاب اسْتِحْباب تَخْفيفِ المَهْرِ

- ‌بَاب مَنْ تَزَوَّجَ بِلا مَهْرٍ

- ‌بَاب الخِلْوةِ بالْمَنْكُوحَةِ

- ‌بَاب الْمُتْعَةِ

- ‌بَاب الوَلِيمَةِ

- ‌بَاب الإجَابَةِ إِلَى الوَليمةِ إذَا دُعِيَ إلَيْهَا

- ‌بَاب مَنْ دَعَا رَجلا فَجَاءَ مَعَهُ آخَرُ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا

- ‌بَاب القَسْمِ بَيْنَ الضَّرَائِرِ

- ‌بَاب هِبَةِ المَرْأَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِها

- ‌بَاب القرْعَةِ بَيْنَ النَّسَاء إِذا أرَادَ سَفَرًا

- ‌بَاب تَخْصِيصِ الجَديدَة بِسَبْعِ لَيَالٍ إِن كانَتْ بِكْرًا وَثَلَاث إِن كانَتْ ثَيِّبًا

- ‌بَاب حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى المرأَةِ وَحَقِّها عَلَيْهِ

- ‌بَاب

- ‌بَاب المُدَارَاةِ مَعَ النَّسَاء

- ‌بَاب حُسْنِ العِشْرَةِ مَعَهُنَّ

- ‌بَاب النَّهْي عَنْ ضرب النِّسَاء

- ‌بَاب هجْرانِ المرأَةِ وَضَربِهَا عِنْدَ النُّشُوزِ

- ‌بَاب الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

- ‌بَاب مَنْ سَأَلَهُ أَبُوهُ تَطْليِقَ امْرَأَتِهِ

- ‌17 - كِتَابُ الطَّلاقِ

- ‌بَاب الخُلْعِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَحْريمِ الطَّلاقِ فِي الحَيْضِ

- ‌بَاب الجَمْعِ بَيْنَ الطَّلَقَاتِ الثَّلاثِ وطَلاقِ البَتَّة

- ‌بَاب الخيَارِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ على الْهَزْلِ

- ‌بَاب لَفْظِ التَّحْرِيمِ

- ‌بَاب فِيمَنْ طَلَّقَ البِكْرَ ثَلاثًا

- ‌بَاب المُطَلَّقَةِ ثَلاثًا لَا تَحِلُّ إِلا بَعْدَ إِصَابة زَوْجٍ غَيْره

- ‌بَاب الإِيلاءِ

- ‌بَاب الظِّهَارِ

- ‌بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ فِي الكَفَّارَةِ

- ‌بَاب اللِّعانِ

- ‌بَاب الرجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرأَتِهِ رَجُلا

- ‌بَاب الغَيْرةِ

- ‌بَاب إِثمِ مَنْ جَحَدَ وَلَدَهُ أَوِ ادَّعَى إِلى غَيْرِ أَبِيه

- ‌بَاب الشَّكِّ فِي الوَلَدِ

- ‌بَاب الوَلدِ لِلفِراشِ

- ‌بَاب القَائِفِ

- ‌بَاب نِكاحِ الزَّانيَةِ

- ‌18 - كتابُ العِدَّة

- ‌بَاب مقامِ المُطَلَّقَةِ فِي الْبَيْتِ حتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا

- ‌بَاب المَبتُوتَةِ لَا نَفَقَةَ لهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا

- ‌بَاب سُكْنَى المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها إِذا كانَتْ حَاملا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها والإحداد

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَاب امْرَأَةِ المَفْقُودِ

- ‌بَاب اجْتِمَاعِ العِدَّتَيْنِ

- ‌بَاب اسْتِبْراء أُمِّ الوَلَدِ

- ‌بَاب اسْتِبراء الأمةِ المسْبِيَّةِ والمُشْتَراةِ

- ‌بَاب نفقَةِ الزَّوْجَةِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ الأَوْلادِ والأَقَارِبِ

- ‌بَاب أَيِّ الوَالِدَيْنِ أَحَقُّ بالوَلدِ

- ‌بَاب حَدِّ البُلُوغِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ المَمَالِيكِ

- ‌بَاب الأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ

- ‌بَاب ثَوَابِ المَمْلُوكِ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ

- ‌بَاب وَعيدِ مَنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوْ قَذَفَهُ

- ‌19 - كتاب العتق

- ‌ثَوَابُ العِتْقِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكا لَهُ مِنْ عَبْدٍ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ

- ‌بَاب العِتْقِ عَنِ الْمَيِّت

- ‌بَاب مَنْ يُعْتِقَ بالمُلْكِ

- ‌بَاب بَيْعِ المُدَبِّرِ

- ‌بَاب عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَاب الْمكَاتب

- ‌بَاب العِتْقِ على الخِدْمَةِ

الفصل: ‌باب ما يحل ويحرم من النساء والجمع بينهن

وَله أَن ينْكح جَارِيَة الْأَب، قَالَ رجل لِابْنِ عُمَر: إِن أُمِّي أحلَّت لي جاريتها، قَالَ:" إِنَّهَا لَا تحل لَك إِلا بِإِحْدَى ثَلَاث: هبةٍ، أَو نِكَاح، أَو شِرَاء ".

‌بَاب مَا يَحِلّ وَيَحْرُمُ مِنَ النِّسَاءِ والجَمْع بَيْنَهُنَّ

قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النِّسَاء: 23].

قَالَ ابْن عَبَّاس: حَرُمَ مِنَ النَّسَب سَبْعٌ، وَمِنَ الصَّهْرِيَّةِ سَبْع، ثُمَّ قَرَأَ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النِّسَاء: 23] الْآيَة.

قَالَ أَنسٌ فِي المُحْصَنَاتِ مِنَ النِّساءِ ذَوَاتِ الْأزْوَاج الحرائرِ حرامٌ إِلا مَا مَلَكَتْ أيمانُكُمْ، لَا يَرى بَأسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ

ص: 64

عَبْدِهِ، وَقَالَ ابْن عَبَّاس:«مَا زادَ عَلى الأرْبَعِ حَرَامٌ، كالأُمِّ، والبِنْتِ، والأُخْتِ» .

قَالَ الإِمَامُ: إِلا فِي مِلْكِ اليَمِينِ، فَإنَّه لَا عَدَدَ فِيهِ، وَقَالَ سعيدُ بْن جُبَيْر: عَن ابْن عَبَّاس، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّسَاء: 24] هُنَّ السَّبَايَا اللائي لَهُنَّ أَزْوَاجُ، هُنَّ لَكُمْ حَلالٌ.

ص: 65

2277 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلا بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّد، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن يُوسُف، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيِّ، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

ص: 66

قَالَ الإِمَامُ: المُحَرَّماتُ فِي كتاب اللَّه عز وجل أَربع عشرةَ سوى من يحرم الجمعُ بَينهُنَّ: سبعٌ بِالنّسَبِ، وَسبع بالسَّبب، مِنْهَا اثْنَان بِالرّضَاعِ، وَأَرْبع بالصهرية، وَالسَّابِعَة الْمُحْصنَات، وَهن ذَوَات الْأزْوَاج، فالنسب قَوْله سبحانه وتعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ إِلَى قَوْله وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النِّسَاء: 23].

وَجُمْلَته أَنَّهُ يحرمُ على الرجلِ أُصُولُهُ وفصولهُ، وفصولُ أولِ أُصُوله، وأولُ فصل من كلِّ أصل بعده، فالأصول: هِيَ الْأُمَّهَات والجدات وَإِن عَلوْنَ، والفصول: هِيَ الْبَنَات، وَبَنَات الْأَوْلَاد، وَإِن سَفلَن، وفصول أول الْأُصُول: هِيَ الْأَخَوَات، وَبَنَات الْإِخْوَة، وَالْأَخَوَات وَإِن سَفلنَ، وَأول فصل من كل أصل بعده هِيَ: العمات، والخالات، وَإِن عَلَتْ درجتهن.

وَالرّضَاع قَوْله عز وجل: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النِّسَاء: 23]، وَجُمْلَته أَنَّهُ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب.

والصهرية قَوْله تبارك وتعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النِّسَاء: 22].

وَقَوله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ إِلَى قَوْله: مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النِّسَاء: 23]، وَجُمْلَته أَن كل من عقد النِّكَاح على امْرَأَة تحرم الْمَنْكُوحَة على آبَاء الناكح وَإِن عَلوا، وعَلى أبنائه وَأَبْنَاء أَوْلَاده من النّسَب وَالرّضَاع جَمِيعًا وَإِن سفلوا بمجردِ العقد، تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، وَيحرم على الناكح أمهاتُ الْمَنْكُوحَة، وجداتها من النّسَب وَالرّضَاع جَمِيعًا بِمُجَرَّد العقد، فَإِن دخل بالمنكوحة حرمت عَلَيْهِ بناتها، وَبَنَات أَوْلَادهَا من النّسَب وَالرّضَاع جَمِيعًا، وَإِن فَارقهَا قبل أَن يدْخل بهَا، جَازَ لَهُ نكاحُ بناتها.

ص: 67

هَذِه جملَة اتّفقت الأمةُ عَلَيْهَا إِلا مَا حُكي عَنْ عَليّ «أَن أم الْمَرْأَة لَا تحرم على الرجل مَا لم يدْخل بالبنت الربيبة» .

وَالْوَطْء بِملك الْيَمين يُثبت حُرْمَة الْمُصَاهَرَة كَمَا بِملك النِّكَاح.

وَرُوِيَ أَن عُمَر وهب لِابْنِهِ جَارِيَة، فَقَالَ:«لَا تَمَسَّها فَإِنِّي قَدْ كَشَفْتُها» .

ووهب سَالم بْن عَبْد اللَّهِ لابنِهِ جَارِيَة، فَقَالَ:«لَا تَقْرَبْهَا، فَإنِّي قَدْ أَرَدْتُهَا، وَلَمْ أَنْبِسطْ إِلَيْهَا» .

وَعَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّد أَيْضا: التَّحْرِيم بالكشف، وَقَالَ مَسْرُوق عِنْد الْمَوْت لجاريةٍ:«بيعوها فإنِّي لَمْ أُصِبْ مِنْهَا إِلا مَا يُحرِّمُهَا عَلَى وَلَدِي مِنْ لَمْسٍ أَوْ نَظَرٍ» .

وَلَو جامعَ امْرَأَة بشبهةٍ، أَو نِكَاح فَاسد، يحرم على الْوَاطِئ أمهَا وابنتُها وَهِي على أَبِيه وَابْنه مُحرمَة، وَلَكِن لَا تثبت الْمَحْرَمِيَّة، وَمن زنى بِامْرَأَة، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَا يحرم على الزَّانِي أمُّ المزنيِّ بهَا وابنتها، وَلَا الزَّانِيَة على أَبِي الزَّانِي وَابْنه، يُروى ذَلِكَ عَنْ عَليّ، وَابْن عَبَّاس، وَبِهِ قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَعُرْوَة، وَالزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب مَالِك، وَالشَّافِعِيّ، وَذهب جمَاعَة إِلَى التَّحْرِيم، يُروى ذَلِكَ عَنْ عمرَان بْن حُصَيْن، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَالَ جَابِر بْن زَيْد، وَالْحَسَن، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي.

ويُروى ذَلِكَ عَنْ يَحْيَى الْكِنْدِيّ، عَنِ الشَّعْبِيّ فِيمَن يلْعَب بِالصَّبِيِّ إِن أدخلَهُ فِيهِ، فَلَا يتزوجنَّ أمَّه، وَيَحْيَى هَذَا غير مَعْرُوف لم يُتَابع عَلَيْهِ.

ص: 68

وَلَا يجوز للرجل أَن يجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فِي النِّكَاح، سَوَاء كَانَ الْأُخوة بَينهمَا بِالنّسَبِ، أَو بِالرّضَاعِ، لقَوْله سبحانه وتعالى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النِّسَاء: 23] فَإِن نكحهما مَعًا فنكاحهما بَاطِل.

وَإِن نكحَ وَاحِدَة، ثُمَّ نكحَ الْأُخْرَى، فنكاحُ الْأُخْرَى بَاطِل، فَإِن فَارق الأولى قبل الدُّخُول بهَا، أَو بعد مَا دخل بهَا، أَو انْقَضتْ عِدتُها، حلَّ لَهُ نكاحُ الْأُخْرَى، فَأَما قبل انْقِضَاء عدتهَا لَا تحل إِن كَانَت رَجْعِيَّة، وَإِن كَانَت بَائِنَة، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ يجوزُ لَهُ نكاحُ الْأُخْرَى، وأربعَ سواهَا، وَهُوَ قَول الْقَاسِم، وَعُرْوَة، وَبِهِ قَالَ ربيعَة، وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَذهب قوم إِلَى أَنَّهُ لَا يجوز مَا لم تنقض عدتهَا، وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي.

وَكَذَا لَا يجوزُ الجمعُ فِي النِّكَاح بَين الْمَرْأَة وعمتها، أَو خَالَتهَا، وَإِن عَلت فِي الدرجَة من الرَّضَاع وَالنّسب جَمِيعًا.

وَجُمْلَته أَن كل امْرَأتَيْنِ من أهل النّسَب لَو قَدَّرت إِحْدَاهمَا ذكرا حرمت الْأُخْرَى عَلَيْهِ، فالجمعُ بَينهمَا حرامٌ، وَلَا بَأْس بِالْجمعِ بَين الْمَرْأَة وَزَوْجَة أَبِيهَا، أَو زَوْجَة ابْنهَا، وَإِن كُنَّا لَو قَدرنَا إِحْدَاهمَا ذكرا، حَرمُت الْأُخْرَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا نسب بَينهمَا، جمع عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر بَين زَيْنَب بنت عَليّ، وَامْرَأَة عَليّ ليلى بنت مَسْعُود التَّمِيمِيّ.

ص: 69

قَالَ ابْن سِيرِينَ، وَالْحَسَن: لَا بَأْس بِهِ.

وَجمع الْحَسَن بْن الْحَسَن بْن عَليّ بَين بِنْتي عَم فِي لَيْلَة.

وَكَرِهَهُ جَابِر بْن زَيْد للقطيعة، وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيم، لقَوْله سبحانه وتعالى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النِّسَاء: 24].

وكلُّ امْرَأتَيْنِ لَا يجوز الجمعُ بَينهمَا فِي النِّكَاح، فَإِذا اجتمعتا عِنْده بِملك الْيَمين لَا يجوز أَن يجمع بَينهمَا فِي الْوَطْء، حَتَّى لَو اشْترى أُمًّا وابنتها، فوطئ إِحْدَاهمَا، حَرُمت الْأُخْرَى على التَّأْبِيد، وَإِذا ملك أُخْتَيْنِ أَو جَارِيَة وعمتها، أَو خَالَتهَا، فَإِذا وطئ إِحْدَاهمَا لَا يجوز لَهُ أَن يطَأ

ص: 70

الْأُخْرَى حَتَّى يُحرم الْوَلِيّ على نَفسه، نهى عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعلي عَنْ ذَلِكَ.

وَقَالَ نَافِع: كَانَ لِابْنِ عُمَر أختَان مملوكتان، فوطئ إِحْدَاهمَا، ثُمَّ أَرَادَ أَن يطَأ الْأُخْرَى، فَأخْرج الَّتِي وَطئهَا عَنْ ملكه، وَسُئِلَ عُثْمَان عَنِ الْأُخْتَيْنِ من ملك الْيَمين هَل يجمع بَينهمَا، فَقَالَ عُثْمَان: أَحَلَّتْهُمَا آيَة، وحرمتهما آيَة، فَأَما أَنا، فَلَا أحب أَن أصنع ذَلِكَ، فَقَالَ رجل من أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: لَو كَانَ إِلَيّ من الْأَمر شيءٌ، ثُمَّ وجدت أحدا فعل ذَلِكَ، جعلتُه نكالا.

قَالَ ابْن شِهَاب: أراهُ عَليّ بْن أَبِي طَالب.

قَالَ الإِمَامُ: قَوْله: أَحَلَّتْهُمَا آيَة، أَرَادَ قَوْله سبحانه وتعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّسَاء: 3]، وَقَوله: حرمتهما آيَة قَوْله عز وجل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النِّسَاء: 23].

وَعَامة الْفُقَهَاء على التَّحْرِيم، لِأَن قَوْله سبحانه وتعالى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النِّسَاء: 23] أخص فِي هَذَا الحكم من قَوْله جلّ ذكره: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّسَاء: 3] فِي الْأَمر بِحسن الائتمار، وَمثل ذَلِكَ لَا يعم.

قَالَ الإِمَامُ: فَإِذا ملك أُخْتَيْنِ، فوطئ إِحْدَاهمَا، فَإِذا حرَّم الْمَوْطُوءَة بِعِتْق، أَو بيع، أَو تَزْوِيج، أَو كِتَابَة، حل لَهُ وَطْء الْأُخْرَى.

وَهُوَ قَول مَالِك، وَالشَّافِعِيّ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تحلُّ لَهُ بِالتَّزْوِيجِ، وَالْكِتَابَة، وَمن اشْترى أمة ونكح أُخْتهَا، لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْء بِملك الْيَمين.

ص: 71