المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المحرمات بالرضاع - شرح السنة للبغوي - جـ ٩

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌16 - كتاب النِّكَاح

- ‌بَاب التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب اخْتِيَار ذَاتِ الدِّينِ

- ‌بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ النِّساءِ

- ‌بَاب نِكَاحِ الأَبْكَارِ

- ‌بَاب النَّظَرِ إلَى المَخْطُوبَةِ

- ‌بَاب إرْسَالِ الرَّسُول

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ مُبَاشَرَةِ المَرْأَةِ المَرأةَ ثُمَّ تَنْعَتها لِزَوْجِهَا

- ‌بَاب النَّهي عَنْ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بالمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ

- ‌بَاب استِئْذَانِ المَرْأَةِ البَالِغَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَزْوِيجِ الصَّغِيرةِ

- ‌بَاب رَدِّ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الوَلِيِّ

- ‌بَاب إعْلانِ النِّكَاحِ بِضَربِ الدُّفِّ

- ‌بَاب خُطْبَةِ النِّكَاحِ والحَاجَةِ

- ‌بَاب لَفْظِ النِّكَاحِ

- ‌بَاب الوَفَاءِ بِشَرطِ النِّكاحِ

- ‌بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ

- ‌بَاب إِذا أنْكَحَ الوَلِيَّانِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَها

- ‌بَاب نِكاحِ العَبْدِ وَعَدَدِ المَنْكُوحَاتِ

- ‌بَاب مَا يَحِلّ وَيَحْرُمُ مِنَ النِّسَاءِ والجَمْع بَيْنَهُنَّ

- ‌بَاب المُحَرَّمَاتِ بِالَّرضَاعِ

- ‌بَاب مَا تَثْبُتُ بِهِ الحُرْمَةُ مِنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ

- ‌بَاب رَضَاعَةِ الكَبِيرِ

- ‌بَاب شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعَةِ

- ‌بَاب لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ

- ‌بَاب الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ وتحتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبعِ نِسْوَةٍ أَوْ أُخْتَان

- ‌بَاب الزَّوْجَيْنِ المُشْرِكَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُتْعَةِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُحَلِّلِ

- ‌بَاب العَزْلِ والإِتْيَانِ فِي غَيْرِ المَأْتَى

- ‌بَاب الغِيلَةِ

- ‌بَاب خِيَارُ العِتْقِ

- ‌بَاب خِيَارِ العَيْبِ

- ‌بَاب الصَّداقِ

- ‌بَاب اسْتِحْباب تَخْفيفِ المَهْرِ

- ‌بَاب مَنْ تَزَوَّجَ بِلا مَهْرٍ

- ‌بَاب الخِلْوةِ بالْمَنْكُوحَةِ

- ‌بَاب الْمُتْعَةِ

- ‌بَاب الوَلِيمَةِ

- ‌بَاب الإجَابَةِ إِلَى الوَليمةِ إذَا دُعِيَ إلَيْهَا

- ‌بَاب مَنْ دَعَا رَجلا فَجَاءَ مَعَهُ آخَرُ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا

- ‌بَاب القَسْمِ بَيْنَ الضَّرَائِرِ

- ‌بَاب هِبَةِ المَرْأَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِها

- ‌بَاب القرْعَةِ بَيْنَ النَّسَاء إِذا أرَادَ سَفَرًا

- ‌بَاب تَخْصِيصِ الجَديدَة بِسَبْعِ لَيَالٍ إِن كانَتْ بِكْرًا وَثَلَاث إِن كانَتْ ثَيِّبًا

- ‌بَاب حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى المرأَةِ وَحَقِّها عَلَيْهِ

- ‌بَاب

- ‌بَاب المُدَارَاةِ مَعَ النَّسَاء

- ‌بَاب حُسْنِ العِشْرَةِ مَعَهُنَّ

- ‌بَاب النَّهْي عَنْ ضرب النِّسَاء

- ‌بَاب هجْرانِ المرأَةِ وَضَربِهَا عِنْدَ النُّشُوزِ

- ‌بَاب الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

- ‌بَاب مَنْ سَأَلَهُ أَبُوهُ تَطْليِقَ امْرَأَتِهِ

- ‌17 - كِتَابُ الطَّلاقِ

- ‌بَاب الخُلْعِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَحْريمِ الطَّلاقِ فِي الحَيْضِ

- ‌بَاب الجَمْعِ بَيْنَ الطَّلَقَاتِ الثَّلاثِ وطَلاقِ البَتَّة

- ‌بَاب الخيَارِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ على الْهَزْلِ

- ‌بَاب لَفْظِ التَّحْرِيمِ

- ‌بَاب فِيمَنْ طَلَّقَ البِكْرَ ثَلاثًا

- ‌بَاب المُطَلَّقَةِ ثَلاثًا لَا تَحِلُّ إِلا بَعْدَ إِصَابة زَوْجٍ غَيْره

- ‌بَاب الإِيلاءِ

- ‌بَاب الظِّهَارِ

- ‌بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ فِي الكَفَّارَةِ

- ‌بَاب اللِّعانِ

- ‌بَاب الرجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرأَتِهِ رَجُلا

- ‌بَاب الغَيْرةِ

- ‌بَاب إِثمِ مَنْ جَحَدَ وَلَدَهُ أَوِ ادَّعَى إِلى غَيْرِ أَبِيه

- ‌بَاب الشَّكِّ فِي الوَلَدِ

- ‌بَاب الوَلدِ لِلفِراشِ

- ‌بَاب القَائِفِ

- ‌بَاب نِكاحِ الزَّانيَةِ

- ‌18 - كتابُ العِدَّة

- ‌بَاب مقامِ المُطَلَّقَةِ فِي الْبَيْتِ حتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا

- ‌بَاب المَبتُوتَةِ لَا نَفَقَةَ لهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا

- ‌بَاب سُكْنَى المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها إِذا كانَتْ حَاملا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها والإحداد

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَاب امْرَأَةِ المَفْقُودِ

- ‌بَاب اجْتِمَاعِ العِدَّتَيْنِ

- ‌بَاب اسْتِبْراء أُمِّ الوَلَدِ

- ‌بَاب اسْتِبراء الأمةِ المسْبِيَّةِ والمُشْتَراةِ

- ‌بَاب نفقَةِ الزَّوْجَةِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ الأَوْلادِ والأَقَارِبِ

- ‌بَاب أَيِّ الوَالِدَيْنِ أَحَقُّ بالوَلدِ

- ‌بَاب حَدِّ البُلُوغِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ المَمَالِيكِ

- ‌بَاب الأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ

- ‌بَاب ثَوَابِ المَمْلُوكِ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ

- ‌بَاب وَعيدِ مَنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوْ قَذَفَهُ

- ‌19 - كتاب العتق

- ‌ثَوَابُ العِتْقِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكا لَهُ مِنْ عَبْدٍ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ

- ‌بَاب العِتْقِ عَنِ الْمَيِّت

- ‌بَاب مَنْ يُعْتِقَ بالمُلْكِ

- ‌بَاب بَيْعِ المُدَبِّرِ

- ‌بَاب عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَاب الْمكَاتب

- ‌بَاب العِتْقِ على الخِدْمَةِ

الفصل: ‌باب المحرمات بالرضاع

‌بَاب المُحَرَّمَاتِ بِالَّرضَاعِ

قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النِّسَاء: 23]، وَالرَّضَاعَةُ وَالرَّضَاعَة: الاسْمُ مِنَ الإِرْضَاعِ، والرَّضَاعَةُ: اللُّؤم بالفَتْح لَا غَيْر، وَقَدْ رَضُعَ يَرْضُعُ، وَأَمَّا الصَّبيُّ يُقَالُ لَهُ: رَضَعَ أَمّهُ يرضع، وَرَضَعَهَا.

2278 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«أَرَاهُ فُلانًا لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ كَانَ فُلانٌ حَيًّا لِعَمِّهَا

ص: 72

مِنَ الرَّضَاعَةِ أَدَخَلَ عَلَيَّ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلادَةِ» .

هَذَا حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ

2279 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن دِينَارٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلادَةِ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ

2280 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

ص: 73

قَالَتْ: فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ:«إِنَّهُ عَمُّكِ، فَأْذَنِي لَهُ» ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي الْمَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ» .

وَذَلِكَ بَعْدَ مَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الحِجَابُ.

هَذَا حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ

2281 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الخلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.

ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، قَالَ: نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ جُدْعَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي بِنْتِ عَمِّكَ بِنْتِ حَمْزَةَ، فَإِنَّهَا أَجْمَلُ فَتَاةٍ فِي قُرَيْشٍ؟ قَالَ:«أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ حَمْزَةَ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ» .

ص: 74

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ جُدْعَانَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ

2282 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْد اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.

ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حَبيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:«فَاعِلٌ مَاذَا» ؟ قَالَتْ: تَنْكِحُهَا، قَالَ:«أُخْتُكِ؟!» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:«أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ» ، قَالَتْ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ وَأُحِبُّ مَنْ شَرِكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، قَالَ:«فَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي» قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّكَ تَخْطُبُ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ:«بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ» ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَوَاللَّهِ

ص: 75

لَوْ لَمْ تَكنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أَخَوَاتِكُنَّ».

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، كِلاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ

قَالَ عُرْوَة: وثُوَيبَةُ مولاة لأبي لَهب، كَانَ أَبُو لَهب أعْتقهَا، فأرضعتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهب أريَهُ بعضُ أَهله بشرِّ حيبةِ، قَالَ لَهُ: مَاذَا لقيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهب: لم ألقَ بعدكم غير أَنِّي سُقيتُ فِي هَذِه بعتاقتي ثويبة.

قيل فِي قَوْله: «سُقيِتُ فِي هَذِهِ» أَرَادَ الوقبة الَّتِي بَين الْإِبْهَام والسَّبابة.

وَابْنَة أَبِي سَلمَة اسْمهَا دُرة.

قَوْله: بشرِّ حيبة بِالْحَاء، أَي: بشر حَال، يقَالَ: فلَان

ص: 76

بشر حيبة، أَي: بِحَال سوء بِفَتْح الْحَاء، والحِيبة بِكَسْر الْحَاء: الهمُّ وَالْحَاجة.

قَالَ الإِمَامُ: الْحَدِيث يدل على أَن حُرمة الرَّضَاع كَحُرْمَةِ النّسَب فِي المناكح، فَإِذا أرضعتِ الْمَرْأَة رضيعًا يحرُمُ على الرَّضِيع، وعَلى أَوْلَاده من أقَارِب المرضِعة كلُّ من يحرمُ على وَلَدهَا من النّسَب، وَلَا تحرم المرضعةُ على أَب الرَّضيع، وَلَا على أَخِيه، وَلَا تحرم عَلَيْك أمُّ أختك من الرَّضاع إِذا لم تكن أما لَك، وَلَا زَوْجَة أَبِيك، ويُتصور هَذَا فِي الرَّضاع، وَلَا يُتصور فِي النّسَب لَك أمُّ أُخْت إِلا وَهِي أمٌ لَك، أَو زوجةٌ لأَبِيك، وَكَذَلِكَ لَا يحرم عَلَيْك أمُّ نافلتك من الرَّضَاع إِذْ لم تكن ابْنَتك، أَو زَوْجَة ابْنك، وَلَا جدةُ ولدك من الرَّضَاع إِذْ لم تكن أمك، أَو أمَّ زَوجتك، وَلَا أختُ ولدك من الرَّضَاع إِذْ لم تكن ابْنَتك، أَو ربيبتك.

وَفِي الْحَدِيث دَلِيل على أَن الزَّانِيَة إِذا أرضعت بِلَبن الزِّنا ولدا لَا تثبت الحرمةُ بَين الرَّضِيع وَبَين الزَّانِي وَأهل نسبه، كَمَا لَا يثُبت بِهِ النّسَب، فَإِن كَانَ لَبنهَا من وَطْء شُبْهَة، أَو نِكَاح فَاسد، أَو ملك يَمِين تثُبت بِهِ الحرمةُ، كَمَا يثبت النسبُ، وَلبن الضِّرار محرم عِنْد الْعَامَّة إِلا مَا حُكي عَنِ ابْن أَبِي ذِئْب، أَنَّهُ قَالَ: لَا يحرم.

ص: 77

وَفِيه دَلِيل على أَن لبن الْفَحْل يحرِّم حَتَّى تثبتُ الْحُرْمَة من جِهَة صَاحب اللَّبن، كَمَا تثبتُ من جَانب الْمُرضعَة، فَإِن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أثبت عمومة الرَّضاع، وألحقها بِالنّسَبِ، وَهُوَ قَول أَكثر أهل الْعلم من أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَمن بعدهمْ.

سُئل ابْن عَبَّاس عَنْ رجل لَهُ امْرَأَتَانِ، أرضعت إِحْدَاهمَا غُلَاما، وَالْأُخْرَى جَارِيَة، فَهَل يتَزَوَّج الغلامُ الْجَارِيَة؟ قَالَ: لَا، اللِّقاح وَاحِد، قيل: اللِّقاح اسْم مَاء الْفَحْل، أَرَادَ أَن مَاء الْفَحْل الَّذِي حملت مِنْهُ وَاحِد، وَاللَّبن الَّذِي أُرْضِعَتا بِهِ كَانَ أَصله مَاء الْفَحْل، وَقيل: وَيحْتَمل أَن يكون اللقَاح بِمَعْنى الإلقاح، يقَالَ: ألقح الفحلُ بالناقة إلقاحًا ولقاحًا، كَمَا يقَالَ: أعطَاهُ إِعْطَاء وَعَطَاء، وَالْأَصْل فِيهِ لِلْإِبِلِ، ثُمَّ يُستعار فِي النِّسَاء.

وَذهب بعض أهل الْعلم إِلَى أَن لبن الْفَحْل لَا يحرِّم، وَهُوَ قَول عُرْوَة بْن الزبير، وَعَبْد اللَّهِ بْن الزبير، وَبَعض أَزوَاج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، يُروى أَنَّ عَائِشَة كَانَتْ تَأْذَنُ لِمَنْ أَرْضَعَتْهُ أَخَوَاتُهَا وَبَنَاتُ أَخيها، وَلا تَأْذَنُ لِمَنْ أَرْضَعَتْهُ نِسَاءُ إِخْوَتِها وَبني أُخْتِهَا، وَإِلَيْهِ ذهب إِسْمَاعِيل بْن عُلية، وَدَاوُد الْأَصْبَهَانِيّ، ويُروى أَيْضا عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَأَبِي سَلمَة بْن عَبْد الرَّحْمَنِ، وَسليمَان بْن يَسَار، وَإِبْرَاهِيم: أَن لبن الْفَحْل لَا يُحرِّم.

وَلَو نكح رجل امْرَأَة رضيعة، فأرضعتها أمُّ الزَّوْج، أَو جدَّتُه، أَو ابْنَته، أَو أُخْته، أَو امْرَأَة أَخِيه، بِلَبن أَخِيه يَنْفَسِخ النكاحُ بَينهمَا، فعلى الزَّوْج للرضيعة نصفُ الْمهْر المسمَّى فِي النِّكَاح، وتغرم الْمُرضعَة للزَّوْج نِصف مهر مثلهَا.

ص: 78

وَلَو تزوج صَغِيرَة وكبيرة، فأرضعت الكبيرةُ الصغيرةَ، انْفَسَخ نكاحُهما، لِأَنَّهُمَا صارتا أما وبنتًا مَعًا، ثُمَّ إِن كَانَ الرَّضاع بِلَبن الزَّوْج، فهما محرمتان عَلَيْهِ على التَّأْبِيد، لِأَن الصَّغِيرَة ابنتهُ، والكبيرة أم من كَانَت زَوْجَة لَهُ، وَإِن كَانَ بِلَبن غَيره، فَإِن كَانَ بعد الدُّخُول بالكبيرة، فَكَذَلِك، لِأَن الْكَبِيرَة أمُّ زَوجته، وَالصَّغِيرَة بنتُ زَوجته الَّتِي دخل بهَا، وَإِن كَانَ قبل الدُّخُول بالكبيرة، فالكبيرة مُحرمَة عَلَيْهِ على التَّأْبِيد، وَيجوز لَهُ أَن يَبْتَدِئ نكاحَ الصَّغِيرَة، وَلَو تزوج رضيعتين، فأرضعتهما أَجْنَبِيَّة مَعًا، انْفَسَخ نكاحُهما، لِأَنَّهُمَا صارتا أُخْتَيْنِ، وَللزَّوْج أَن يَبْتَدِئ نِكَاح وَاحِدَة مِنْهُمَا، وَلَا يجوزُ الْجمع بَينهمَا، لِأَنَّهُمَا أختَان وَلَو أرضعتهما على التَّرْتِيب، فبإرضاع الأولى لَا يَنْفَسِخ نِكَاحهمَا، فَإِذا أرضعت الثَّانِيَة، انْفَسَخ نكاحُ الثَّانِيَة، وَفِي انْفِسَاخ نِكَاح الأولى قَولَانِ، أصَحهمَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة: يَنْفَسِخ، لِأَن انْعِقَاد الْأُخوة بَينهمَا برضاع الثَّانِيَة مَعًا، كَمَا لَو أرضعتهما مَعًا، وَإِذا نزل للبكر لبن، فأرضعت بِهِ صَبيا، تثبت الْحُرْمَة إِذا كَانَت فِي سنّ يحْتَمل فِيهَا الْبلُوغ، وَهِي تسع سِنِين، وَلَو نزل للرجل لبن فأرضع بِهِ صَبيا لَا تثُبت بِهِ الْحُرْمَة.

قَالَ الإِمَامُ: والرَّضاع كالنسب فِي تَحْرِيم المناكحة، وَإِثْبَات الْمَحْرَمِيَّة حَتَّى تجوز الْخلْوَة والمسافرة بمحارم الرَّضَاع، وَيسْتَحب لَهُ برُّ الْمُرضعَة، فقد رُوِيَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْل، قَالَ:" كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذْ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ، فَبَسَطَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رِدَاءَه حَتَّى قَعَدَتْ، قيل: هَذِه كانَتْ أَرْضَعَتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ".

ص: 79