الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْحِمْصِيُّ
بَاب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكا لَهُ مِنْ عَبْدٍ
2421 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَكانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ، وَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلا عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلاهُمَا عَنْ مَالِكٍ
قَالَ الإِمَامُ: فِي الْحَدِيث دليلٌ على أَن من أعتق نصِيبه من عبد مُشْتَرك بَينه، وَبَين غَيره وَهُوَ موسِر بِقِيمَة نصيب الشَّرِيك، يُعتق كلُّه عَلَيْهِ بِنَفس الْإِعْتَاق، وَلَا يتَوَقَّف على أَدَاء الْقيمَة، وَلَا على الِاسْتِسْعَاء،
وَيكون وَلَاؤُه كُله للْمُعْتق، وَإِن كَانَ مُعسرًا عتق نصيبُه، وَنصِيب الشَّرِيك رَقِيق لَا يُكَلف إِعْتَاقه، وَلَا يُستسعى العبدُ فِي فكه، وَهُوَ قَول ابْن أَبِي ليلى، وَابْن شُبرُمَة، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد.
وَقَالَ ربيعَة، وَمَالك: لَا يُعتق نصيبُ الشَّرِيك بِنَفس اللَّفْظ مَا لم يؤد إِلَيْهِ قِيمَته، وَقَالَهُ الشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم، لِأَنَّهُ رُوي عَنْ سَالم، عَنْ أَبِيه، يبلُغ بِهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم «إذَا كَانَ العَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصيبَهُ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يُقوَّمُ عَلَيْهِ لَا وَكْسَ، وَلَا شَطَطَ، ثُمَّ يُعْتَقُ» .
وَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَا يعْتق نصيب الشَّرِيك، بل يستسعى العَبْد، فَإِذا أدّى قيمَة النّصْف الآخر إِلَى الشَّرِيك، عتق كلُّه، وَالْوَلَاء بَينهمَا، وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَإِسْحَاق، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ الشريكُ المعتِق مُوسِرًا، فَالَّذِي لم يُعتِق بِالْخِيَارِ، إِن شَاءَ أعتق نصيب نَفسه، وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي قيمَة نصِيبه، فَإِذا أدّى، عتق، وَكَانَ الْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَيْنِ، وَإِن شَاءَ ضمن الْمُعْتق قيمَة نصِيبه، ثُمَّ شَرِيكه بعد مَا يضمن، رَجَعَ على العَبْد، فاستسعاه فِيهِ، فَإِذا أَدَّاهُ عتق، وَوَلَاؤُهُ كُله لَهُ.
وَذهب قَتَادَة إِلَى أَن الْمُعْتق إِن لم يكن لَهُ مَال يستسعى العَبْد وَإِن كَانَ لَهُ مَاله، قُوِّم عَلَيْهِ، وَاحْتج من قَالَ بالسعاية بِمَا.
2422 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو النُّعْمَانِ، نَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ،
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ، أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلا يُسْتَسْعَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْن أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ
قَوْله: «غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» ، قَالَ بَعضهم: أَي لَا يُستغلى عَلَيْهِ فِي الثّمن.
وروى شُعْبَة، وَهِشَام هَذَا الْحَدِيث، عَنْ قَتَادَة، وهما أثبت مَنْ روى عَنْ قَتَادَة، وَلم يذكرَا فِيهِ السّعَايَة وَرَوَاهُ همَّام، عَنْ قَتَادَة، وَجعل ذكر السّعَايَة من كَلَام قَتَادَة، وَلم يَجعله من متن الْحَدِيث.
وتأوَّل بعضُ النَّاس معنى السّعَايَة على أَنَّهُ يستسعى العَبْد، أَي: يستخدم لسَيِّده الَّذِي لم يعتِق إِن كَانَ المعتِق مُعسرا، وَقَوله:«غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» ، أَي: لَا يُحمل من الْخدمَة فَوق مَا يلْزمه، إِنَّمَا يُطَالِبهُ بِقدر مَاله فِيهِ من الرّقّ، وَقَوله:«شِقْصًا» ، أَي: نَصِيبا، والشقص والشقيص: النَّصِيب.
قَالَ الإِمَامُ: فِي حكم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِعِتْق نصيب الشَّرِيك بِإِعْتَاق الآخر نصِيبه دَلِيل على أَن لِلْعِتْقِ من السَّرَايَة، وَالْغَلَبَة مَا لَيْسَ لغيره، حَتَّى لَو أعتق