المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَالَ الْحَسَن وَالشَّعْبِيّ: ينْفق عَلَيْهَا أَو يُطلقها، وَذهب جمَاعَة إِلَى - شرح السنة للبغوي - جـ ٩

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌16 - كتاب النِّكَاح

- ‌بَاب التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب اخْتِيَار ذَاتِ الدِّينِ

- ‌بَاب مَا يُتَّقَى مِنْ فِتْنَةِ النِّساءِ

- ‌بَاب نِكَاحِ الأَبْكَارِ

- ‌بَاب النَّظَرِ إلَى المَخْطُوبَةِ

- ‌بَاب إرْسَالِ الرَّسُول

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ مُبَاشَرَةِ المَرْأَةِ المَرأةَ ثُمَّ تَنْعَتها لِزَوْجِهَا

- ‌بَاب النَّهي عَنْ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بالمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ

- ‌بَاب استِئْذَانِ المَرْأَةِ البَالِغَةِ فِي النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَزْوِيجِ الصَّغِيرةِ

- ‌بَاب رَدِّ النِّكَاحِ بِغَيْرِ الوَلِيِّ

- ‌بَاب إعْلانِ النِّكَاحِ بِضَربِ الدُّفِّ

- ‌بَاب خُطْبَةِ النِّكَاحِ والحَاجَةِ

- ‌بَاب لَفْظِ النِّكَاحِ

- ‌بَاب الوَفَاءِ بِشَرطِ النِّكاحِ

- ‌بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشَّرْطِ

- ‌بَاب إِذا أنْكَحَ الوَلِيَّانِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَها

- ‌بَاب نِكاحِ العَبْدِ وَعَدَدِ المَنْكُوحَاتِ

- ‌بَاب مَا يَحِلّ وَيَحْرُمُ مِنَ النِّسَاءِ والجَمْع بَيْنَهُنَّ

- ‌بَاب المُحَرَّمَاتِ بِالَّرضَاعِ

- ‌بَاب مَا تَثْبُتُ بِهِ الحُرْمَةُ مِنْ عَدَدِ الرَّضَعَاتِ

- ‌بَاب رَضَاعَةِ الكَبِيرِ

- ‌بَاب شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ عَلَى الرَّضَاعَةِ

- ‌بَاب لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ الْغَيْرِ

- ‌بَاب الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ وتحتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبعِ نِسْوَةٍ أَوْ أُخْتَان

- ‌بَاب الزَّوْجَيْنِ المُشْرِكَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا

- ‌بَاب النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُتْعَةِ

- ‌بَاب نِكَاحِ المُحَلِّلِ

- ‌بَاب العَزْلِ والإِتْيَانِ فِي غَيْرِ المَأْتَى

- ‌بَاب الغِيلَةِ

- ‌بَاب خِيَارُ العِتْقِ

- ‌بَاب خِيَارِ العَيْبِ

- ‌بَاب الصَّداقِ

- ‌بَاب اسْتِحْباب تَخْفيفِ المَهْرِ

- ‌بَاب مَنْ تَزَوَّجَ بِلا مَهْرٍ

- ‌بَاب الخِلْوةِ بالْمَنْكُوحَةِ

- ‌بَاب الْمُتْعَةِ

- ‌بَاب الوَلِيمَةِ

- ‌بَاب الإجَابَةِ إِلَى الوَليمةِ إذَا دُعِيَ إلَيْهَا

- ‌بَاب مَنْ دَعَا رَجلا فَجَاءَ مَعَهُ آخَرُ

- ‌بَاب الرُّجُوعِ إذَا رَأَى مُنْكَرًا

- ‌بَاب القَسْمِ بَيْنَ الضَّرَائِرِ

- ‌بَاب هِبَةِ المَرْأَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِها

- ‌بَاب القرْعَةِ بَيْنَ النَّسَاء إِذا أرَادَ سَفَرًا

- ‌بَاب تَخْصِيصِ الجَديدَة بِسَبْعِ لَيَالٍ إِن كانَتْ بِكْرًا وَثَلَاث إِن كانَتْ ثَيِّبًا

- ‌بَاب حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى المرأَةِ وَحَقِّها عَلَيْهِ

- ‌بَاب

- ‌بَاب المُدَارَاةِ مَعَ النَّسَاء

- ‌بَاب حُسْنِ العِشْرَةِ مَعَهُنَّ

- ‌بَاب النَّهْي عَنْ ضرب النِّسَاء

- ‌بَاب هجْرانِ المرأَةِ وَضَربِهَا عِنْدَ النُّشُوزِ

- ‌بَاب الشِّقَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ

- ‌بَاب مَنْ سَأَلَهُ أَبُوهُ تَطْليِقَ امْرَأَتِهِ

- ‌17 - كِتَابُ الطَّلاقِ

- ‌بَاب الخُلْعِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌بَاب تَحْريمِ الطَّلاقِ فِي الحَيْضِ

- ‌بَاب الجَمْعِ بَيْنَ الطَّلَقَاتِ الثَّلاثِ وطَلاقِ البَتَّة

- ‌بَاب الخيَارِ

- ‌بَاب الطَّلاقِ على الْهَزْلِ

- ‌بَاب لَفْظِ التَّحْرِيمِ

- ‌بَاب فِيمَنْ طَلَّقَ البِكْرَ ثَلاثًا

- ‌بَاب المُطَلَّقَةِ ثَلاثًا لَا تَحِلُّ إِلا بَعْدَ إِصَابة زَوْجٍ غَيْره

- ‌بَاب الإِيلاءِ

- ‌بَاب الظِّهَارِ

- ‌بَابُ مَا يُجْزِئُ مِنَ الرِّقَابِ فِي الكَفَّارَةِ

- ‌بَاب اللِّعانِ

- ‌بَاب الرجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرأَتِهِ رَجُلا

- ‌بَاب الغَيْرةِ

- ‌بَاب إِثمِ مَنْ جَحَدَ وَلَدَهُ أَوِ ادَّعَى إِلى غَيْرِ أَبِيه

- ‌بَاب الشَّكِّ فِي الوَلَدِ

- ‌بَاب الوَلدِ لِلفِراشِ

- ‌بَاب القَائِفِ

- ‌بَاب نِكاحِ الزَّانيَةِ

- ‌18 - كتابُ العِدَّة

- ‌بَاب مقامِ المُطَلَّقَةِ فِي الْبَيْتِ حتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا

- ‌بَاب المَبتُوتَةِ لَا نَفَقَةَ لهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا

- ‌بَاب سُكْنَى المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها إِذا كانَتْ حَاملا

- ‌بَاب عِدَّةِ المُتَوفَّى عَنها زَوْجُها والإحداد

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَاب امْرَأَةِ المَفْقُودِ

- ‌بَاب اجْتِمَاعِ العِدَّتَيْنِ

- ‌بَاب اسْتِبْراء أُمِّ الوَلَدِ

- ‌بَاب اسْتِبراء الأمةِ المسْبِيَّةِ والمُشْتَراةِ

- ‌بَاب نفقَةِ الزَّوْجَةِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ الأَوْلادِ والأَقَارِبِ

- ‌بَاب أَيِّ الوَالِدَيْنِ أَحَقُّ بالوَلدِ

- ‌بَاب حَدِّ البُلُوغِ

- ‌بَاب نَفَقَةِ المَمَالِيكِ

- ‌بَاب الأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ

- ‌بَاب ثَوَابِ المَمْلُوكِ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ

- ‌بَاب وَعيدِ مَنْ ضَرَبَ عَبْدَهُ أَوْ قَذَفَهُ

- ‌19 - كتاب العتق

- ‌ثَوَابُ العِتْقِ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ شِرْكا لَهُ مِنْ عَبْدٍ

- ‌بَاب مَنْ أَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ

- ‌بَاب العِتْقِ عَنِ الْمَيِّت

- ‌بَاب مَنْ يُعْتِقَ بالمُلْكِ

- ‌بَاب بَيْعِ المُدَبِّرِ

- ‌بَاب عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَاب الْمكَاتب

- ‌بَاب العِتْقِ على الخِدْمَةِ

الفصل: وَقَالَ الْحَسَن وَالشَّعْبِيّ: ينْفق عَلَيْهَا أَو يُطلقها، وَذهب جمَاعَة إِلَى

وَقَالَ الْحَسَن وَالشَّعْبِيّ: ينْفق عَلَيْهَا أَو يُطلقها، وَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَا يثُبت بِهِ الخروجُ عَنِ النِّكَاح، وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ، وَابْن أَبِي ليلى، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَكَذَلِكَ الْخلاف فِي الْإِعْسَار بالصَّداق، غير أَن فِي الْإِعْسَار بِالنَّفَقَةِ إِذا رضيت بِهِ الْمَرْأَة، ثُمَّ بدا لَهَا، فلهَا الخروجُ على قَول من يثبت بِهِ الْخُرُوج عَنِ النِّكَاح، وَفِي الْإِعْسَار بِالصَّدَاقِ سقط حَقّهَا من الْخُرُوج عَنِ النِّكَاح إِذا رضيت مرّة

‌بَاب الصَّداقِ

قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النِّسَاء: 24]، وَأَرَادَ بالأجْرِ: الصَّداقَ.

قَالَ اللَّه عز وجل: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النِّسَاء: 4]، فَإنْ قيلَ: المَهْرُ عِوَضٌ عَنِ الاسْتِمْتَاعِ، فلِم سَمَّاهُ نِحْلَةً، والنِّحْلَةُ، هِيَ العَطِيَّةُ بِلا عِوَض؟ قِيلَ: أَرَادَ بِهِ تَدَيُّنا وَفَرْضًا فِي الدِّين، كَمَا يُقَالُ: فُلانٌ انْتَحَلَ مَذْهَبُ كَذَا، أَيْ: تَدَيَّنَ بِهِ، وقيلَ: سماهُ نِحْلَةً، لأنَّهُ بِمَنْزِلَةِ شَيْء يَحْصُلُ للمرأةِ بِغيرِ عِوضٍ، لأنَّ الزَّوْجَيْنِ يَشْتَرِكَان فِي الاسْتِمْتاعِ، وابْتغاءِ اللَّذَةِ، وَربَّما تَكُونُ شَهْوَتُها أَغْلَبَ، ولَذَّتُها أَكْثَرَ، فَكَانَ المَهْرُ نِحْلةً مِنْهُ لَهَا فِي الْحَقِيقَة بِلَا عِوض، وقيلَ: لأنَّ المَهْرَ

ص: 116

كانَ فِي شرْع مَنْ قَبلْنا للأولياء دونَ النِّساء، كَمَا قَالَ شُعَيبٌ صلى الله عليه وسلم:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي} [الْقَصَص: 27].

فاشْتَرَطَ العَمَلَ لِنَفْسِهِ لَا لابْنَتِهِ، فَلمَّا جَعَلَ اللَّهُ المَهْرَ لِلنِّسَاءِ فِي شَرْعِنَا، كَانَ ذَلِكَ نِحْلَةً مِنْهُ لَهُنَّ، وَالله أعلم

2301 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَاءتْهُ امْرأَةٌ، فَقالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلا، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيء تُصْدِقُهَا إيَّاهُ؟» ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلا إِزَارِي هَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنْ أَعْطَيْتَهَا إيَّاهُ جَلَسْتَ لَا إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا» ، فَقَالَ: مَا أَجِدُ، فَقَالَ:«فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» ، فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟» قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ

ص: 117

رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ» .

هَذَا حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّد، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن يُوسُف، عَنْ مَالِك، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم، عَنْ زُهَيْر بْن حَرْب، عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، كِلاهُمَا عَنْ أَبِي حَازِمٍ.

وَقَالَ زَائِدَةُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ:«انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَعَلِّمْهَا مِنَ القُرْآنِ» .

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، قَالَ:«أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:«اذْهَبْ فَقَدْ مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» .

ص: 118

وَقَالَ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ:«قَدْ أَنْكَحْتُكَهَا» ، وَقَالَ أَبُو غَسَّانَ، عَنْ أَبِي حَازِم:«أَمْكَنَّاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» .

وَرُوِيَ نَحْوُ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: فَقَالَ: «مَا تَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ؟» ، قَالَ: سُورَةُ الْبَقَرَةِ، أَوِ الَّتِي تَلِيهَا، قَالَ:«قُمْ فَعَلِّمْهَا عِشْرينَ آيَةً وَهِيَ امْرَأَتُكَ»

قَالَ الإِمَامُ: فِي هَذَا دَلِيل على أَن أقل الصَدَاق لَا تَقْدِير لَهُ، لِأَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«التمس شَيْئا» ، وَهَذَا يدل على جَوَاز أيِّ شَيْء كَانَ من المَال، وَإِن قلَّ، ثُمَّ قَالَ:«وَلَو خَاتمًا من حَدِيد» ، وَلَا قيمَة لخاتم الْحَدِيد إِلا الْقَلِيل التافه، وَمِمَّنْ ذهب إِلَى أَنَّهُ لَا تَقْدِير لأَقل الصَدَاق، بل مَا جَازَ أَن يكون مَبِيعًا، أَو ثمنا، جَازَ أَن يكون صَدَاقا ربيعَة، وَسُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق، وَقَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب، فِي ثَلَاث قبضات زبيب مهر، وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب: لَو أصدقهَا سَوْطًا، جَازَ.

وَذهب قوم إِلَى أَن أقل الصَدَاق يتَقَدَّر بنصاب السّرقَة، وَهُوَ قَول مَالِك، وَأَصْحَاب الرَّأْي، غير أَن عِنْد مَالِك نِصَاب السّرقَة ثَلَاثَة دَرَاهِم، وَعند أَصْحَاب الرَّأْي عشرَة دَرَاهِم.

وَكَانَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يكره أَن يتَزَوَّج الرجل على أقل من أَرْبَعِينَ درهما، وَيَقُول: مثل مهر الْبَغي.

يَعْنِي: مَا دون ذَلِكَ.

ص: 119

وَالْأول أولى، لما روينَاهُ من الْحَدِيث، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الزبير، عَنْ جَابِر، أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ أَعْطَى فِي صَدَاقِ امْرَأَتِهِ مِلْءَ كَفَّيْهِ سَوِيقًا أَوْ تَمْرًا، فَقَدِ اسْتَحَلَّ» .

2302 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شُرَيْحٍ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنا شَرِيكٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ وَمَعَهُ امْرَأةٌ لَهُ، فَقَالَ: إنِّي تَزَوَّجْتُهَا بِنَعْلَيْنِ، فقَالَ لَهَا:«رَضِيتِ؟» ، قَالَتْ: نَعَمْ، وَلَوْ لَمْ يُعْطِنِي لَرَضِيتُ، قَالَ:«شأْنُكَ وَشَأْنُهَا»

وَفِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ لِبْسِ خَاتَمِ الْحَدِيدِ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ

ص: 120

إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ.

فَقَالَ لَهُ: «مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الأَصْنَامِ؟!» فَطَرَحَهُ، ثُمَّ جَاءَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ:«مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ؟!» فَطَرَحَهُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أتَّخِذُهُ؟، قَالَ:«اتَّخِذْهُ مِنْ وَرِقٍ وَلا تُتِمَّهُ مِثْقَالا» .

ص: 121

وَإِسْنَادُهُ غَرِيبٌ، وَحَدِيثُ سَهْلٍ أَصَحُّ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَر فِي كَرَاهِيَة خَاتم الْحَدِيد.

وَفِيه دَلِيل على أَن المَال غيرُ مُعْتَبر فِي الْكَفَاءَة، وَفِيه دَلِيل على أَنَّهُ يجوز أَن يَجْعَل تَعْلِيم الْقُرْآن صَدَاقا، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، وَذهب بعض أهل الْعلم إِلَى أَنَّهُ لَا يجوز، وَلها مهر الْمثل، وَهُوَ قَول أَحْمَد، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَلم يجوِّزه مَالِك، وَقَالَ مَكْحُول: لَيْسَ لأحد بعد رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أَن يَفْعَله.

وَفِي الْحَدِيث دَلِيل على جَوَاز أَخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن، وعَلى جَوَاز أَن يَجْعَل مَنْفَعَة الْحر صَدَاقا، وَجُمْلَته أَن كل عمل جَازَ الِاسْتِئْجَار عَلَيْهِ، جَازَ أَن يَجعله صَدَاقا، وَلم يجوِّز أَصْحَاب الرَّأْي أَن يَجْعَل مَنْفَعَة الْحر صَدَاقا.

ويحتج من جوَّز عقد النِّكَاح بِلَفْظ التَّمْلِيك بِرِوَايَة من روى «فقد ملكتكُها» .

وَهُوَ قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وَلم يجوِّز جماعةٌ من الْعلمَاء بِغَيْر لفظ الْإِنْكَاح وَالتَّزْوِيج، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، وَلَا حجَّة فِيهِ لمن أجَاز بِلَفْظ التَّمْلِيك، لِأَن العقد كَانَ وَاحِدًا، فَلم يكن إِلا بِلَفْظ وَاحِد، وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِيهِ، فَالظَّاهِر أَنَّهُ كَانَ بِلَفْظ التَّزْوِيج على وفَاق قَول الْخَاطِب: زوجنيها، إِذْ هُوَ الْغَالِب من أَمر الْعُقُود، أَنَّهُ قَلما يخْتَلف فِيهِ لفظ الْمُتَعَاقدين، وَمن نقل غير لفظ التَّزْوِيج، لم يكن قَصده مُرَاعَاة لفظ العقد، وَإِنَّمَا قَصده بَيَان أَن العقد جرى على تَعْلِيم الْقُرْآن، بِدَلِيل أَن بَعضهم روى بِلَفْظ الْإِمْكَان، وَاتَّفَقُوا على أَن العقد بهَذَا اللَّفْظ لَا يجوز.

ص: 122