الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَهَذَا قولُ عَامَّة أهل الْعلم أَن الْمَرْأَة إِذا زوَّجها وليَّان من رجلَيْنِ، وَكَانَ أحدُهما سَابِقًا، وعُرف السابقُ مِنْهُمَا أَن الأول صَحِيح، وَالثَّانِي بَاطِل، سَوَاء دخل بهَا الثَّانِي، أَو لم يدْخل إِلا مَا حُكي عَنْ عَطَاء، أَنَّهُ قَالَ: إِن كَانَ قد دخل بهَا الثَّانِي، فَهِيَ للثَّانِي، وَبِهِ قَالَ مَالِك.
فَأَما إِذا وَقعا مَعًا، فهما باطلان، وَكَذَلِكَ إِذا احتملَ وقوعهما مَعًا، وَاحْتمل سبقُ أَحدهمَا غيرَ أَن الِاحْتِيَاط فِي هَذِه الصُّورَة أَن يأمرهما الحاكمُ بِالطَّلَاق، ويطلقها أَحدهمَا، ثُمَّ يُزَوّجهَا من الآخر، وَإِن عُرف سبقُ أَحدهمَا ثُمَّ اشْتبهَ يُوقَّف إِلَى أَن يتَبَيَّن، وَكَذَلِكَ إِذا سبق أَحدهمَا، وَلم يُعرف السابقُ على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ الأقيسُ عِنْدِي.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُمَا باطلان فِي هَذِه الصُّورَة أَيْضا، كَمَا لَو احْتمل وقُوعهما مَعًا وَاحْتمل السَّبق.
بَاب مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً ثُمَّ نَكَحَها
2273 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَخْلَدِيُّ، أَنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَنَسٍ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ، وَشُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسٍ
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دليلٌ على أَنَّهُ لَا كَرَاهِيَة فِيمَن يعِتقُ أمَةً، ثُمَّ ينكِحُها، وَقد صَحَّ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي يعتقُ جَارِيَته ثُمَّ يَتَزَوَّجهَا: «لَهُ أَجْرانِ» .
وَاخْتلفُوا فِيمَا لَو أعْتقهَا، ثُمَّ تزَوجهَا، وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا، فَذهب جمَاعَة من أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَغَيرهم إِلَى جَوَازه، وَإِلَيْهِ ذهب سعيدُ بْن الْمُسَيِّب، والحسنُ الْبَصْرِيّ، وَإِبْرَاهِيم النَّخعي، وَالزُّهْرِيّ، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيّ، وأَحمد، وَإِسْحَاق، وَلم يُجوِّز جماعةٌ إِلا بِصَدَاق جَدِيد، وَهُوَ قولُ مَالِك، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وتأولوا الْحَدِيث على أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَخْصُوصًا بِأَن يَجْعَل الْعتْق صَدَاقا، كَمَا كَانَ مَخْصُوصًا بِأَن ينْكح بِلَا مهر، فَكَانَت هِيَ فِي معنى الْمَوْهُوبَة.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ: إِذا قَالَت لَهُ أمتُه: أعتقني على أَن أنكِحك، وصداقي عتقي، فَأعْتقهَا على ذَلِكَ، فلهَا الخيارُ فِي أَن تنكِحَ أَو تدع، وَيرجع السيِّد عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا، فَإِن نكحته، ورضيت بِالْقيمَةِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهَا، فَلَا بَأْس، وَمن جوَّز أَن يُجعلَ العتقُ صَدَاقا قَالَ: يجب عَلَيْهَا أَن تنكحه كَمَا لَو قَالَت: أعتقني على أَن أخيطَ لَك كَذَا، أَو قَالَت الْمَرْأَة: طَلقنِي على أَن أعملَ لَك كَذَا، فَأعتق أَو طلق، يلْزمهُمَا مَا ضِمنتا.
وحُكي عَنْ أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ: تكونُ زَوْجَة لَهُ بِهَذِهِ اللَّفْظَة، لِأَن المرويِّ أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أعتق صفيَّة، وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا، فهَذَا يدل على أَن إِعْتَاقه إِيَّاهَا عَلَيْهِ كَانَ نِكَاحا، وَمن لم يَجْعَلهَا زَوْجَة بِهَذِهِ اللَّفْظَة، تَأَوَّلَه على أَن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَخْصُوصًا بِهِ، أَو على أَنَّهُ نَكَحَهَا بعد ذَلِكَ، وَجعل الْعتْق صَدَاقا لَهَا.
قَالَ الإِمَامُ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَح كَمَا.
2274 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَتَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ.
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ