الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل جُزْءا شَائِعا من عبد كُله ملك لَهُ يُعتق، كلُّه، وَكَذَلِكَ لَو طلَّق الرجل جُزْءا شَائِعا من زَوجته، بِأَن قَالَ: نصفك، أَو ثلثك طَالِق، تطُلق كلُّها، وَاتفقَ أهلُ الْعلم على الطَّلَاق، وَقَالَ أَكْثَرهم فِي الْعتْق كَذَلِك.
وَذهب الشَّافِعِيّ رضي الله عنه إِلَى أَنَّهُ لَو أعتق جُزْءا معينا من عَبده، بِأَن قَالَ: يدك حر، أَو رجلك، أَو شعرك حر، أعتق كُله، وَكَذَلِكَ لَو طلق جُزْءا معينا من امْرَأَته، كَمَا لَو يُسمى جُزْءا شَائِعا، وكما لَو خص بعض الزَّمَان، فَقَالَ: أَنْت طَالِق شهرا، يعم، أَو ذكر بعض الطَّلَاق، فَقَالَ: أَنْت طَالِق نصف طَلْقَة تتمّ، وَلَو أعتق بعض عَبده بعد مَوته لَا يسري، لِأَن ملكه قد زَالَ بِالْمَوْتِ، وَإِن أعتق بعضه فِي مرض مَوته، سرى إِلَى الْبَاقِي إِن خرج كُله من الثُّلُث.
بَاب مَنْ أَعْتَقَ مَمَالِيكَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلا مَالَ لَهُ غَيْرَهُمْ
2423 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّاب بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.
ح وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَنا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ، فَأَعْتَقَ سِتَّةَ مَمَالِيكَ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، أَوْ
قَالَ: أَعْتَقَ عِنْدَ مَوْتِهِ سِتَّةَ مَمَالِيكَ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ غَيْرُهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ فِيهِ قَوْلا شَدِيدًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ، فَجَزَّأَهُمْ ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَيْرِهِ، وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَالَ: أَعْتَقَ ستَّةَ مَمْلُوكينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ
وَأَبُو الْمُهلب اسْمه عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَمْرو، ويقَالَ: مُعَاوِيَة بْن عَمْرو وَهُوَ عمُّ أَبِي قِلابَة، وَأَبُو قِلابَة اسْمه عَبْد اللَّهِ بْن زَيْد الجَرْمي.
قَالَ الإِمَامُ: فِي هَذَا دَلِيل على أَن الْعتْق الْمُنجز فِي مرض الْمَوْت، وَكَذَلِكَ التَّبَرُّع الْمُنجز فِي مرض الْمَوْت، كالمعلق بِالْمَوْتِ فِي الِاعْتِبَار من الثُّلُث، وَفِي أَن من لَا يَصح لَهُ الْوَصِيَّة لَا يصحُّ التَّبَرُّع مَعَه فِي مرض الْمَوْت، ويفترقان فِي حكمين، أَحدهمَا: أَنَّهُ يجوز لَهُ الرُّجُوع عَنِ الْمُعَلق بِالْمَوْتِ، لِأَن الْملك لم يحصل للمتبرع عَلَيْهِ قبل الْمَوْت، وَلَا يملك الرُّجُوع عَنِ الْمُنجز بِحُصُول الْملك لَهُ.
وَالثَّانِي: أَن فِي الْمُنجز يُقدم الأسبق، فالأسبق وَفِي الْمُعَلق بِالْمَوْتِ لَا يُقدم مَا لم يُقيد بَيَانه، وَلَو قَالَ فِي مرض مَوته
لثَلَاثَة أعبد لَهُ: سَالم حر، وغانم حر، وَزِيَاد حر، وَلم يخرج من الثُّلُث إِلا وَاحِد مِنْهُم، عتق الأول، وَإِن خرج اثْنَان من الثُّلُث عتق الْأَوَّلَانِ، وَفِي الْمُعَلق بِالْمَوْتِ، وَلَو قَالَ: إِذا مت، فسالم حر، وغانم حر، وَزِيَاد حر، وَلم يخرج إِلا وَاحِد مِنْهُم من الثُّلُث يُقرع بَينهم، فَإِن قيد بِالتَّأْخِيرِ، فَقَالَ: إِذا مت، فسالم حر، ثُمَّ غَانِم حر، ثُمَّ زِيَاد حر، أَو قَالَ: سَالم حر، وأعتقوا غانما، وَلم يخرج إِلا وَاحِد من الثُّلُث، عتق الأول.
وَفِي الْحَدِيث إِثْبَات القُرعة بَينهم إِذا أعتقهم مَعًا فِي مرض مَوته، أَو بعد مَوته، ليتميز الْعَتِيق عَنْ غَيره، فَإِن كَانُوا ثَلَاثَة قيمُهم سَوَاء، أَقرع بَينهم بسهمي رق، وَسَهْم حريَّة، فَمن خرج لَهُ سهم لحرية، كَانَ حرا من وَقت إنْشَاء الْعتْق، وَمَا اكْتسب من ذَلِكَ الْوَقْت فَلَهُ، ورق الْآخرَانِ.
وَإِن كَانُوا سِتَّة، جزأهم ثَلَاثَة أَجزَاء على اعْتِبَار الْقيمَة، فَإِن كَانَت قيمهم سَوَاء، جعل كل اثْنَيْنِ جُزْءا، وَإِن تفاوتت قيمهم، بِأَن كَانَ ثَلَاث مِنْهُم قيمةُ كل وَاحِد مائَة، وَثلث قيمَة كل وَاحِد خَمْسُونَ، ضم كل وَاحِد مِمَّن قلَّت قِيمَته إِلَى وَاحِد مِمَّن كثرت قِيمَته، ثُمَّ أَقرع بَينهم بسهمي رق، وَسَهْم حريَّة، وَإِن لم يُمكن التَّسْوِيَة بَين الْأَجْزَاء فِي الْعدَد بِأَن كَانَت قيمَة وَاحِد مائَة، وَقِيمَة اثْنَيْنِ مائَة، وَقِيمَة ثَلَاثَة مائَة، جعل الْوَاحِد جُزْءا، والاثنين جُزْءا، وَالثَّلَاثَة جُزْءا، وَإِن كَانُوا ثَلَاثَة، قيمَة وَاحِد مائَة وَخَمْسُونَ، وَقِيمَة الآخر مائَة، وَقِيمَة الثَّالِث خَمْسُونَ، أَقرع بَينهم بسهمي رق، وَسَهْم حريَّة، فَإِن خرجت الْقرعَة للَّذي قِيمَته مائَة وَخَمْسُونَ، عتق ثُلُثَاهُ، وَتمّ الثُّلُث، وَإِن خرجت الْقرعَة للَّذي قِيمَته مائَة، عتق كُله، وَهُوَ ثلث مَاله، وَإِن خرجت الْقرعَة للَّذي قِيمَته خَمْسُونَ، عتق كُله، ثُمَّ تُعَاد الْقرعَة بَين الآخرين، فيقرع بَينهمَا بِسَهْم رق، وَسَهْم حريَّة، فَإِن