الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَضَاء مَا قَضَت، وَهُوَ قَول مَالِك، وَأَحْمَد.
ورُوي عَنِ الْحَسَن فِي أَمرك بِيَدِك: أَنَّهَا ثَلَاث.
ورُوي عَنِ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد أَن رجلا من ثَقِيف ملَّك امْرَأَته أمرهَا، فَقَالَت: أنتَ الطَّلَاق، قَالَت ذَلِكَ ثَلَاثًا، فاختصما إِلَى مَرْوَان، فاستحلفه مَا ملَّكها إِلا وَاحِدَة، وردهَا إِلَيْهِ، وَكَانَ الْقَاسِم يُعجبهُ هَذَا الْقَضَاء.
بَاب الطَّلاقِ على الْهَزْلِ
2356 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخِرَقِيُّ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ، نَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرَدَكَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ مَاهِكَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" ثَلاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلاقُ، وَالنِّكَاحُ، والرَّجْعَةُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَابْنُ مَاهِكٍ عِنْدِي هُوَ يُوسُفُ بْنُ مَاهِكٍ، وَابْنُ حَبِيبِ بْنِ أَرَدَكَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَبِيبٍ
قَالَ الإِمَامُ: اتّفق أهلُ الْعلم على أَن طَلَاق الهازل يَقع، وَإِذا جرى صريحُ لفظ الطَّلَاق على لِسَان الْعَاقِل الْبَالِغ لَا ينفعُه أَن يَقُول: كنتُ فِيهِ لاعبًا أَو هازلا، لِأَنَّهُ لَو قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ، لتعطلت الْأَحْكَام، وَلم يَشَأْ مطلِّق، أَو ناكح، أَو مُعْتِق أَن يَقُول: كنت فِي قولي هازلا، إِلا قَالَ، فَيكون فِي ذَلِكَ إبطالُ أَحْكَام اللَّه تَعَالَى، فَمن تكلم بِشَيْء مِمَّا جَاءَ ذكرُه فِي هَذَا الْحَدِيث، لزمَه حكمُه، وَخص هَذِه الثَّلَاث بِالذكر، لتأكيد أَمر الْفرج، وَالله أعلم.
وَاتفقَ أهل الْعلم على أَن طَلَاق الصَّبِي، وَالْمَجْنُون لَا يَقع، قَالَ عليٌّ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، ويروى هَذَا من عَليّ، عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «
رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثٍ».
وَاخْتلف أهل الْعلم فِيمَن علق طَلَاق امْرَأَته، أَو عتق عَبده على فعل من أَفعاله، فَفعله نَاسِيا، أَو حلف بِاللَّه أَن لَا يفعل كَذَا، فَفعله نَاسِيا، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَا يحنثُ، وَهُوَ قَول عَطَاء، وَعَمْرو بْن دِينَار، وَالشَّعْبِيّ، وَأحد قولي الشَّافِعِيّ، وتلا الشَّعْبِيّ {لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [الْبَقَرَة: 286]، وَذهب قوم إِلَى أَنَّهُ يحنَثُ، وَهُوَ قَول مَكْحُول، وَقَتَادَة، وَالزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب الأَوْزَاعِيّ، وَمَالك، وَابْن أَبِي ليلى، وَالثَّوْرِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي، وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه، وَكَانَ أَحْمَد بْن حَنْبَل يُحنث فِي الطَّلَاق، وَيقف عَنْ إِيجَاب الْحِنْث فِي سَائِر الْأَيْمَان، قَالَ شُعْبَة: سَأَلت الحكم وحمادًا عَنِ الرجل يمرُّ بالعشَّار وَمَعَهُ رَقِيق، يَقُول: هم أَحْرَار، قَالَ الحكم: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ حَمَّاد: أخْشَى أَن يعتقوا.
قَالَ الإِمَامُ: وَهَذَا قِيَاس قَول أهل الْعلم.
وَاخْتلف أهل الْعلم فِي طَلَاق المكرَه، فَذهب جمَاعَة إِلَى أَنَّهُ لَا يَقع، وَكَذَلِكَ لَا يصِح إعتاقُه، وَلَا شَيْء من تَصَرُّفَاته بِالْإِكْرَاهِ، لما رُوي عَنْ صَفِيَّة بنت شَيْبَة، عَنْ عَائِشَة، قَالَت: سمعتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، يَقُول: «
لَا طَلاقَ وَلا عِتَاقَ فِي إِغْلاقٍ».
وَمعنى الإغلاق، قيل: هُوَ الْإِكْرَاه، كَأَنَّهُ يغلق عَلَيْهِ الْبَاب، ويُحبس حَتَّى يُطَلِّقَ.
وَهُوَ قَول عُمَر بْن الْخَطَّاب، وَعلي بْن أَبِي طَالب، وَعَبْد اللَّهِ بْن عُمَر، وَعَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس، وَعَبْد اللَّهِ بْن الزبير، وَبِهِ قَالَ شُرَيْح، وَعَطَاء، وَطَاوُس، وَجَابِر بْن زَيْد، وَالْحَسَن، وَالشَّعْبِيّ، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَالقَاسِم، وَسَالم، وَإِلَيْهِ ذهب مَالِك، وَالأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَإِسْحَاق.
وَذهب قوم إِلَى أنَّ طَلَاق الْمُكْره وَاقع، وَهُوَ قَول النَّخعي، وَقَتَادَة، وَالزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذهب أَصْحَاب الرَّأْي، وَقَالَ شُرَيْح: الْقَيْد كُرهٌ، والوعيد كرهٌ.
وَقَالَ أَحْمَد: الكرهُ: القتلُ، أَو الضَّرْب الشَّديد، والتخويف بقتل الْأَب، أَو الابْن، أَو الْأَخ لَيْسَ بإكراه.
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ إِكْرَاه فِي جَمِيع الْأُمُور.
وَاتَّفَقُوا على من أُكره على الرِّدة، فتلفظ بهَا، لَا يُكفَّر، لقَوْله سبحانه وتعالى:{إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النَّحْل: 106].
وَاخْتلفُوا فِي طَلَاق السَّكْرَان، فَذهب بعضُ أهل الْعلم إِلَى أَن طَلَاقه لَا يقعُ، لِأَنَّهُ لَا يعقِل، كَالْمَجْنُونِ، وَهُوَ قَول عُثْمَان، وَابْن عَبَّاس، وَبِهِ قَالَ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد، وَطَاوُس، وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ، وَيَحْيَى بْن