الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَا ابْن الْحَلَال، أَو أما أَنا، فَمَا زَنَيْت، وَلَيْسَت أُمِّي بزانية، فَلَيْسَ بِقَذْف، وَإِن أَرَادَهُ عِنْد الْأَكْثَرين، وَقَالَ مَالِك: يجب الحدُّ بالتعريض، لما رُوِيَ عَنْ عمْرَة بنت عَبْد الرَّحْمَنِ، أَن رجلَيْنِ استبَّا فِي زمَان عُمَر بْن الْخَطَّاب رضي الله عنه، قَالَ أَحدهمَا للْآخر: وَالله مَا أَبِي بزانٍ، وَلَا أُمِّي بزانية.
فَاسْتَشَارَ عُمَر فِي ذَلِكَ، فَقَالَ قَائِل: مدح أَبَاهُ وَأمه، وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ كَانَ لأَبِيهِ وأمِّه مَدْحٌ سوى هَذَا، نرى أَنْ يُجْلَدَ الحدَّ، فَجَلَدَهُ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ ثَمَانِينَ.
وَفِي الْحَدِيث إثباتُ الْقيَاس حَيْثُ أحَال اخْتِلَاف اللَّوْن بَين الْوَالِد والمولود على نزع الْعرق، بِالْقِيَاسِ على اخْتِلَاف ألوان الْإِبِل مَعَ اتِّحَاد الْفَحْل واللقاح.
بَاب الوَلدِ لِلفِراشِ
2378 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ
الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَالَ: إِنَّ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ لَهُ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ، وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَليدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِراشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ:«احْتَجِبِي مِنْهُ» لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ، فَمَا رَآهَا حتَّى لَقِيَ اللَّهَ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ لَيْثٍ، كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ مُسَدَّدٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ:«هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ»
قَالَ الإِمَامُ: كَانَت لأهل الْجَاهِلِيَّة عاداتٌ فِي الْأَنْكِحَة، وَفِي أَمر الْإِمَاء، أبطلها الشَّرْع، فَمن عَادَتهم فِي الْأَنْكِحَة مَا رُوي عَنْ عَائِشَة أَن النِّكَاح فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ على أَرْبَعَة أنحاء: فنكاح مِنْهَا نكاحُ النَّاس الْيَوْم يخطبُ الرجل إِلَى الرجل وليتَه، أَو ابْنَته، فيصدقُها، ثُمَّ ينكِحها، ونكاحٌ آخر، كَانَ الرجل يَقُول لامْرَأَته إِذا طهرتْ من طمثها: أرسلي إِلَى فلَان، فاستبضعي مِنْهُ، ويعتزلها زَوجهَا حَتَّى يتبيَّن حملُها من ذَلِكَ الرجل، فَإِذا تبيَّن حملُها، أَصَابَهَا زَوجهَا إِذا أحبَّ، وَإِنَّمَا يفعل ذَلِكَ رَغْبَة فِي نجابة الْوَلَد، فَكَانَ هَذَا نكاحَ الاستبضاع.
وَنِكَاح آخر يجْتَمع الرَّهط دون الْعشْرَة، فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة كلُّهم يُصِيبهَا، فَإِذا حملت وَوضعت، ومرَّت ليالٍ بعد أَن تضع حملهَا، أرْسلت إِلَيْهِم حَتَّى يجتمعوا عِنْدهَا، تَقول لَهُم: قد ولدتُ، فَهُوَ ابنُك يَا فلَان، تسمي من أحبَّت، فيلحقُ بِهِ ولدُها لَا يَسْتَطِيع أَن يمْتَنع الرجل.
ونكاحٌ رَابِع يجْتَمع النَّاس الْكثير، فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة لَا تمْتَنع مِمَّن جاءها، وهُن البغايا كنَّ ينصِبنَ على أبوابهنَّ راياتٍ تكون عَلما، فَمن أرادُهنَّ دخل عليهنَّ، فَإِذا حملت إحداهُنَّ، وَوضعت حملهَا، دعوا لَهُم الْقَافة، ثُمَّ ألْحقُوا وَلَدهَا بِالَّذِي يرَوْنَ ودُعي ابْنه، لَا يمْتَنع من ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعث مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بالحقِّ، هدم نِكَاح الْجَاهِلِيَّة كُله إِلا نِكَاح النَّاس الْيَوْم.
قَالَ الإِمَامُ: وَمن عاداتهم فِي الْإِمَاء أَنهم كَانُوا يقتنون الولائد، ويضربون عَلَيْهِم الضرائب، فيكتسبنَ بِالْفُجُورِ، وهنَّ البغايا اللَّاتِي ذكرهن اللَّه عز وجل فِي قَوْله:{وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النُّور: 33]، وَكَانَت سادتهم يُلمون بهنَّ، وَلَا يجتنبونهن، وَكَانَ من سيرتهم إلحاقُ الْوَلَد بالزنى، فَإِذا جَاءَت الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ بِولد، وَكَانَ سيِّدها يَطَؤُهَا، وَقد وَطئهَا غَيره بالزنى، فَرُبمَا ادَّعاه الزَّانِي وادَّعاه السَّيد، فدعوا لَهُ الْقَافة، فَحكم رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بِالْوَلَدِ لسَيِّدهَا لإِقْرَاره بِوَطْئِهَا، ومصيرها فراشا لَهُ بِالْوَطْءِ، وأبطل مَا كَانَ عَلَيْهِ أهلُ الْجَاهِلِيَّة من إِثْبَات النّسَب بالزنى، كَمَا رُوي عَنْ سَعِيد بْن جُبير، عَنِ ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «لَا مُسَاعَاة فِي الإِسلام مَنْ سَاعَى فِي الجَاهِلِيَّة، فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبته، ومَن ادَّعى ولدا مِنْ غير رِشْدَةٍ، فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ» .
وَالْمرَاد بالمساعاة: الزِّنَى، وَكَانَ الْأَصْمَعِي يَجْعَل المساعاة فِي الْإِمَاء دون الْحَرَائِر، لِأَنَّهُنَّ يسعين لمواليهن، فيكتسبن لَهُم بضرائب كَانَت عَلَيْهِنَّ، فَأبْطل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المساعاة فِي الْإِسْلَام، وَلم يُلحق بهَا النّسَب، وَعَفا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأثبت بِهِ النّسَب، وَفِي هَذَا كَانَت منازعةُ عبد بْن زَمعَة، وَسَعْد بْن أَبِي وَقاص، كَانَت لزمعة أمةٌ يُلمُّ بهَا، وَكَانَت لَهُ عَلَيْهَا ضريبة، وَكَانَ قد أَصَابَهَا عتبةُ بْن أَبِي وَقاص، وَظهر بهَا حمل، وَهلك عتبَة كَافِرًا، فعهد إِلَى أَخِيه سَعْد أَن يستلحق ولد أمة زَمعَة، وادَّعى عبد بْن زَمعَة أَنَّهُ أخي ولد على فرَاش أَبِي، فَقَضَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم لِعَبْد بْن زمْعَةَ بِمَا يَدَّعيه، وأبْطَلَ دَعْوَةَ الجَاهليَّةِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث من الْفِقْه إِثْبَات الدَّعْوَى فِي النّسَب كَمَا فِي الْأَمْوَال، وَفِيه أَن الْأمة تصير فراشا بِالْوَطْءِ، فَإِذا أقرّ السيِّد بِوَطْئِهَا، ثُمَّ أَتَت بِولد لمُدَّة يُمكن أَن يكون مِنْهُ، يلْحقهُ، وَلم يكنه نَفْيه باللِّعان إِلا أَن يَدعِي الِاسْتِبْرَاء بعد الْوَطْء، والوضع بعده بِأَكْثَرَ من سِتَّة أشهر، فَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَد.
2379 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ:«مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلائِدَهُمْ، ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ، لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا، إِلا أَلْحَقتُ بِهِ وَلَدَهَا، فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ، أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ»
وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي إِلَى أَن الْأمة لَا تصير فراشا بِالْوَطْءِ، فَإِن أَتَت بِولد لَا يلْحق السيِّد، وَإِن أقرَّ بِوَطْئِهَا مَا لم يقر بِالْوَلَدِ، وَإِن أقرّ السَّيد بِالْوَطْءِ، وادَّعى الِاسْتِبْرَاء، فادعت الْأمة أَنَّهُ لم يَسْتَبْرِئهَا، فَالْقَوْل قَول السَّيِّد، فَإِن قَالَ السَّيد: كنت أعزل، لحقه النّسَب، لِأَن الْعلُوق مَعَ الْعَزْل مُمكن.
2380 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ:«مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَئُونَ وَلائِدَهُمْ، ثُمَّ يَعْزِلُونَهُنَّ، لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلا أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا، فاعْزِلُوا بَعْدُ، أَوِ اتْرُكُوا»
قَالَ الإِمَامُ: وَفِي الْحَدِيث أَن من مَاتَ، فَأقر وَارثه بِابْن لَهُ، ثَبت نسبه، وَإِن كَانَ الْمقر وَاحِدًا بعد أَن كَانَ مِمَّن يحوز جَمِيع مِيرَاث الْمَيِّت، فَإِن مَاتَ عَنْ عدد من الْوَرَثَة، فَأقر بَعضهم بِنسَب، وَأنكر بَعضهم، فَلَا يثبت النّسَب، وَلَا الميراثُ، فَإِن قيل: لم يُوجد فِي قصَّة وليد زَمعَة إقرارُ جَمِيع الْوَرَثَة، لِأَنَّهُ أقرّ بِهِ عبد بْن زَمعَة وَحده، وَكَانَت أُخْته سَوْدَة تَحت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَلم يكن من جِهَتهَا إقرارٌ وَلَا دَعْوَى.
قيل: قد رُوي أَنَّهُ لم يكن لزمعة يَوْم مَاتَ وارثٌ غير ابْنه عبد زَمعَة، لِأَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا، وَأسْلمت سَوْدَة فِي حَيَاته، وَأسلم عبد بْن زَمعَة، بعده، فَكَانَ مِيرَاثه لعبد وَحده، وَقد لَا يُنكر إِن ثَبت كونُ سَوْدَة من الْوَرَثَة أَن تكون قد وكَّلت أخاها بِالدَّعْوَى، أَو أقرَّت بذلك، عَنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَإِن لم يذكر فِي الْقِصَّة، وَالِاعْتِبَار فِي هَذَا بقول من يسْتَحق التَّرِكَة بِالْإِرْثِ، سَوَاء كَانَ اسْتِحْقَاقه بِنسَب، أَو نِكَاح، أَو وَلَاء، فَلَو مَاتَ عَنِ ابْن، فَأقر بِأَخ لَهُ، لحقه، واشتركا فِي
الْمِيرَاث، وَلَو كَانَ مَعَه زَوْجَة فأنكرت لم يثبت، وَلَو مَاتَ عَنْ بنت، فأقرت بِأَخ لَهَا، لم يثبت، لِأَنَّهَا لَا ترثُ جَمِيع المَال، فَإِن كَانَت مُعتقة أَبِيهَا، ثَبت، وَلَو مَاتَ عَنِ ابْن، فَأقر بِأَخ للْمَيت، هُوَ يلْحق النّسَب بالجد، فَإِن مَاتَ جده بعد أَبِيه، يثبت إِذا كَانَ هُوَ مِمَّن ورث جَمِيع تَرِكَة الْجد، وَإِن مَاتَ جده قبل أَبِيه يشْتَرط أَن يكون هَذَا حائزا جَمِيع تَرِكَة من حَاز تَرِكَة الجدِّ حَتَّى يثبت بقوله النّسَب، وَلَو أقرَّ بوارث يحجب الْمقر، يثبت بقوله النّسَب دون الْمِيرَاث، مثل أَن مَاتَ عَنْ أَخ، فَأقر بِابْن للْمَيت، يثبت نسب الابْن بِإِقْرَار الْأَخ، وَلَا مِيرَاث للِابْن، لِأَنَّهُ لَو ورث حجب الْأَخ، وَإِقْرَار المحجوب لَا يثبت بِهِ النّسَب، فَفِي إِثْبَات الْمِيرَاث لَهُ نفي نسبه، فأثبتنا النّسَب ومنعنا الْمِيرَاث، هَذَا كُله على مَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَمعنى قَوْله.
وَذهب أَصْحَاب الرَّأْي إِلَى أَن النّسَب لَا يثبت بقول الْوَاحِد، وَلَا يشْتَرط إِقْرَار من يَرث جَمِيع المَال، بل يشْتَرط عدد الشَّهَادَة، فَإِن من مَاتَ عَنْ بَنِينَ وَبَنَات، فَأقر مِنْهُم ابْنَانِ أَو ابْن وبنتان يثبت النّسَب، وَالْمِيرَاث، وَإِن أنكر الْبَاقُونَ، والْحَدِيث حجَّة لِلْقَوْلِ الأول.
وَلَو مَاتَ عَنْ بَنِينَ، فَأقر بَعضهم بِأَخ آخر، وَأنكر الْآخرُونَ، فَلَا نسب وَلَا مِيرَاث للْمقر بِهِ، عِنْد بعض أهل الْعلم، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيّ، وَذهب قوم إِلَى أَنَّهُ يدْخل فِي الْمِيرَاث مثل أَن كَانَا أَخَوَيْنِ أقرّ أَحدهمَا بِأَخ ثَالِث، وَأنكر الآخر، لَا يثبت النّسَب بالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ عِنْد أَبِي حنيفَة يَأْخُذ الْمقر بِهِ نصف مَا فِي يَد الْمقر، وَقَالَ ابْن أَبِي ليلى، وَأَبُو يُوسُف: يَأْخُذ ثلث مَا فِي يَد الْمقر.
وَلَو مَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ، فَأقر أَحدهمَا بدين على الْمَيِّت، وَأنكر الآخر،
لَا يجب على الْمقر إِلا نصف الْمقر بِهِ على أظهر الْقَوْلَيْنِ.
وَقَالَ فِي الْقَدِيم: يجب عَلَيْهِ جَمِيع الدَّين إِلا أَن تكون حِصَّته من التَّرِكَة أقل من الدَّين، فَلَا يلْزمه أَكثر مِمَّا خصّه، وَلَو شهد اثْنَان من الْوَرَثَة بدَين لإِنْسَان على الْمَيِّت، فعلى القَوْل الأول يُقبل، وَيثبت فِي جَمِيع التَّرِكَة، وَهُوَ قَول الْحَسَن، وَالْحكم، وَمَالك، وعَلى القَوْل الآخر: لَا يقبل، وَيكون كَالْإِقْرَارِ، فَيكون من نصيبهما، وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَأَصْحَاب الرَّأْي.
وَأما أمره سَوْدَة بالاحتجاب عَنْهُ بعد الحكم بالإخوة، فعلى معنى الِاسْتِحْبَاب والتنزه عَنِ الشُّبْهَة، لما رأى من شبه الْغُلَام بِعتبَة، والاحتراز عَنْ مَوَاضِع الشّبَه من بَاب الدَّين، وَقَوله:«الولدُ للفِرَاشِ» ، يَعْنِي: لصَاحب الْفراش وَهُوَ الزَّوْج، أَو مَالِك الْأمة، لِأَنَّهُ يفترشها بِالْحَقِّ، وَقَوله:«للعَاهِرِ الحَجَرُ» .
فالعاهر: الزَّانِي، يقَالَ: عهر إِلَيْهَا يعهر: إِذا أَتَاهَا للفجور، والعهر: الزِّنَا، وَقيل: أَرَادَ بِالْحجرِ الرَّجْم بِالْحِجَارَةِ.