الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةٌ الْعَامِّيُّ إذَا اتَّبَعَ مُجْتَهِدًا ثُمَّ مَاتَ وَفِي الْعَصْرِ مُجْتَهِدٌ آخَرُ، فَقِيلَ: عَلَيْهِ اتِّبَاعُ مَنْ عَاصَرَهُ، فَإِنَّ نَظَرَهُ أَوْلَى مِنْ نَظَرِ الْمَيِّتِ. قَالَ إلْكِيَا: وَهَذَا لَيْسَ مَقْطُوعًا بِهِ، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ، وَمَا كُلِّفَ النَّاسُ بِاتِّبَاعِ مَذْهَبِهِ بَعْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِذَنْ الِاخْتِيَارُ مُفَوَّضٌ إلَى الْعَامِّيِّ فِي الْقَبُولِ. وَكَأَنَّ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ. وَالْأَصَحُّ: الْجَوَازُ. .
مَسْأَلَةٌ إذَا فَعَلَ الْمُكَلَّفُ فِعْلًا مُخْتَلَفًا فِي تَحْرِيمِهِ غَيْرَ مُقَلِّدٍ لِأَحَدٍ، فَهَلْ نُؤَثِّمُهُ، بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ لَا، بِنَاءً عَلَى التَّحْلِيلِ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ إضَافَتُهُ لِأَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَلَمْ يَسْأَلْنَا عَنْ مَذْهَبِنَا فَنُجِيبُهُ. قَالَ الْقَرَافِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَكَانَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رحمه الله يَقُولُ إنَّهُ آثِمٌ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى فِعْلٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَهَذَا أَقْدَمَ غَيْرَ عَالِمٍ فَهُوَ آثِمٌ بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ. وَأَمَّا تَأْثِيمُهُ بِالْفِعْلِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا عُلِمَ فِي الشَّرْعِ قُبْحُهُ أَثَّمْنَاهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[خَاتِمَة الْكتاب]
تَمَّ الْكِتَابُ، بِعَوْنِ الْمِلْكِ الْوَهَّابِ. [وَجَدْت فِي آخِرِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ مَا صُورَتُهُ] قَالَ مُؤَلِّفُهُ [فَسَحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ، وَنَفَعَ الْمُسْلِمِينَ بِبَرَكَتِهِ] : نُجِزَ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ، جَعَلَهُ اللَّهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، مَقْرُونًا بِالزُّلْفَى وَالْقَبُولِ إلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا، وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ، إنَّهُ الْوَهَّابُ. وَأَنَا أَرْغَبُ إلَى مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْسُبَ فَوَائِدَهُ
إلَيْهِ فَإِنِّي أَفْنَيْت الْعُمُرَ فِي اسْتِخْرَاجِهَا مِنْ الْمُخَبَّآتِ، وَاسْتِنْتَاجِهَا مِنْ الْأُمَّهَاتِ، وَاطَّلَعْت فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَحْسُرُ عَلَى غَيْرِي مَرَامُهُ، وَعَزَّ عَلَيْهِ اقْتِحَامُهُ، وَتَحَرَّزْت فِي النُّقُولِ مِنْ الْأُصُولِ بِالْمُشَافَهَةِ لَا بِالْوَاسِطَةِ، وَرَأَيْت الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ وَقَعَ لَهُمْ الْغَلَطُ الْكَثِيرُ بِسَبَبِ التَّقْلِيدِ، فَإِذَا رَأَيْت فِي كِتَابِي هَذَا شَيْئًا مِنْ النُّقُولِ، فَاعْتَمِدْهُ فَإِنَّهُ الْمُحَرَّرُ الْمَقْبُولُ. وَإِذَا تَأَمَّلْتَهُ وَإِسْعَافَهُ وَجَدْتَهُ قَدْ زَادَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُتُبِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَضْعَافَهُ. وَقَدْ أَحْيَيْت مِنْ كَلَامِ الْأَقْدَمِينَ خُصُوصًا الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، مَا قَدْ دَرَسَ، وَأَسْفَرَ صَبَاحُهُ بَعْدَ أَنْ تَلَبَّسَ بِالْغَلَسِ. وَلَقَدْ كَانَ مَنْ أَدْرَكْت مِنْ الْأَكَابِرِ يَقُولُ: مَسَائِلُ أُصُولِ الْفِقْهِ إذَا اُسْتُقْصِيَتْ تَجِيءُ نَحْوَ الثَّمَانِمِائَةِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا إلَى الثَّمَانِيَةِ آلَافٍ وَأَزْيَدَ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى مَا ذَكَرَهُ، وَتَتَضَاعَفُ عِنْدَ التَّوْلِيدِ وَالنَّظَرِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَوَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمَخْلُوقِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَعِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ الطَّاهِرِينَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.