المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم - شرح زروق على متن الرسالة - جـ ١

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

الفصل: ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

يعني هذا الباب يذكر فيه ما يصح في الإمامة وما لا يصح وحكم الإمام في حال الصلاة وبعدها وقبلها وحكم المأموم في ذلك كله والإمامة لغة التقدم وإنما سمي الإمام لتقدمه من قولك أمه يؤمه إذا تقدمه ولذلك سميت الراية إماما لتقدمها الجيش وهي في الشرع على قسمين إمامة كبرى ولها شروط تخصها وإمامة صغرى ولها شروط تخصها وهي المقصود هنا وشروطها على قسمين شروطا صحة وشروط كمال وقد أتى بها الشيخ بجملة غير مفصلة مضمنة في إحكامها فافتتح ذلك بأن قال.

(ويؤم الناس أفضلهم وأفقهم).

ص: 278

يعني أنه يختار للإمامة أعلى الناس منزلة في الدين وهو الأفضل ديانة والأفقه أي أكثر فقها فإن وجد فذاك وإلا فالأفقه مقدم عند انتفاء نقص المنع عنه ابن الحاجب وتقدم عند انتفاء نقص المنع والكراهة السلطان ثم صاحب المنزل ثم الأفقه ثم الأورع على الأظهر ثم الأقرأ ثم بالسن في الإسلام ثم بالنسب ثم بالخلق ثم بالخلق ثم باللباس وذكر (ع) في الأرجح طرقا قال في آخرها وقول ابن بشير لا نص في الأصلح مع الأفقه وللشافعية قولان قصور لقولها أحقهم بها أعلمهم إذا كانت حالة حسنة وقول أبي سعيد إذا كان أحسنهم حالاً متعقب.

وقال أيضاً وإن كانوا في الفضل على العكس لمسيس حاجة الصلاة بالأسن في الإسلام انظر ذلك واختلف في قول الشيخ أفضلهم وأفقههم هل هما صفتان لموصوف

ص: 279

واحد وهو الظاهر الذي قدمناه أو لموصوفين فتؤخذ منه المساواة بين الأفضل والأفقه وهو في باب الأجزاء صحيح إن كان كل منهما مستوفيا الشروط إلا في باب الكمال أو يحتمل كلامه الوجهين فيشكل على الآخر لا على الأول.

(ولا تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجال ولا نساء).

يعني لأنها ناقصة عقل ودين على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى ابن أيمن تؤم النساء (ع) وذهب أبو إبراهيم الأندلسي إلى أن من ائتم بها من النساء أعاد في الوقت واحترز بذكر النافلة من قول النخعي بذلك وقد أشار الشيخ بهذه الشروط لصحة الإمامة وبالذي قبلها لشروط كمالها فشروط صحتها سبعة مسلما بالغاً عاقلا ذكرا عفيفا عالما بما لا تصح الصلاة إلا به قادر على أدائها على وجهها فلا يؤم كافر ولو أم مسلمين لم يعلموا به بطلت وكذلك لو أمت امرأة ولو نساء على المشهور كما تقدم ولا صبي (ع).

وفي إعادة مأمومة ثالثها في الوقت إن استخلف لتمامها لها ولأبي مصعب وأشهب وسمع ابن القاسم خفة إمامته لأمثاله في المكتب قال وفي إمامته في النفل روايتان للجلاب مع سماع أشهب ولها (س) والظاهر صحة إمامته مطلقاً لحديث عمرو بن مسلمة المشهور وأما العقل فلا تصح إمامة المجنون ولا السكران حالة جنونه وسكره (ع).

وروى محمد من ائتم بسكران أعاد أبدا وسمع ابن القاسم لا يؤم معتوه سحنون:

ص: 280

ويعيد مأمومه الشيخ روى ابن عبد الحكم ولا بأس بإمامة المجنون حين إفاقته وأما العفاف فلا تجوز إمامة الفاسق وفيه أربعة كالمبتدع ابن الحاجب وفي المبتدع كالحروري والقدري ثالثها وتعاد في الوقت ورابعها أبداً ما لم يكن والياء بناء على كفرهم وفسقهم (ع).

وخامسها إلا الجمعة فلا تعاد وعزاها لأصبغ ورواية سحنون عن كبار الرواة وابن القاسم وابن حبيب والمازري واللخمي عن ابن عبد الحكم انظر ذلك (خ) والمشهور إعادة من صلى خلف صاحب كبيرة أبدا وقال اللخمي إن كان فسقه لا يتعلق بالصلاة كالزنا وغصب الأموال أجزأت ولا تجزئ إذا كان يتعلق بالصلاة كالطهارة فأما الجاهل بما لا تصح الصلاة إلا به فلا تصح إمامته أيضاً.

وكذلك العاجز عن أدائها على وجهها ويلحق بهما إلا لكن واللحان وفيهما تفصيل واختلاف بطول فانظره.

(ويقرأ مع الإمام فيما يسر فيه ولا يقرأ معه فيما يجهر فيه).

يعني أن القراءة مع الإمام فيما جهر فيه ساقطة بل مكروهة والقراءة معه فيما يسر فيه مطلوبة وقال ابن وهب وأصبغ لا يستحب له ذلك والمشهور لا يقرأ إذا لم يسمع القراءة.

وقال أبو مصعب يقرأ لنفسه إذا لم يسمعها واختار في العارضة الوجوب في السر والتحريم في الجهر فانظر ذلك فإنه خلاف المذهب.

(ومن أدرك ركعة فأكثر فقد أدرك الجماعة).

يعني أدرك فضلها وحكمها فيكون له ثواب من حضرها من أولها كاملاً ويجزي عليه حكمه فيصح استخلافه ولا يعيد في جماعة أخرى ويسجد مع الإمام سهوة قبل السلام أو بعده وسلامه كسلام المأموم ويبني في الرعاف على خلاف فيه قال مالك وحد إدراك الركعة أن يمكن يديه من ركبتيه قبل رفع الإمام مطمئناً (خ) حكى ابن العربي وسند الإجماع على هذا والمشهور أنه إذا خشي فواته بوصوله إلى الصف أنه يركع دونه ثم إن كان بقربه دب إليه وهو مذهب المدونة.

وروى ابن حبيب لا يكبر ولا يركع حتى يأخذ مكانه من الصف أو يقاربه وروى ابن وهب إذا كبر دون الصف أعاد وفي البيان أما لو علم أنه إذا ركع دون

ص: 281

الصف لا يدرك أن يصل إلى الصف راكعاً حتى يرفع الإمام فلا يجوز أن يركع دون الصف وليتماد إليه وإن فاتته الركعة قولاً واحداً.

(ع) قلت هذا خلاف نفل الشيخ رواية ابن نافع وإن خاف فوته إن دخل المسجد ركع على بلاط خارجه وفي دبه راكعاً أو بعد رفعه أو سجوده ثلاثة لها ولرواية المازري وسماع أشهب (خ) وفي الجلاب لا بأس أن يمشي قبل الركوع وبعده وأن يدب راكعاً ولا يدب ساجداً أو جالساً اللخمي وهو ظاهر الكتاب.

فروع ثلاثة:

أحدها: (ع) استحب مالك عدم إحرامه حين الشك في إدراكها فإن فعل فسمع أشهب يقضيها وتمت صلاته وعيسى وابن القاسم يسلم مع الإمام ويعبد وروى ابن شعبان لا يعيد (خ) والأقليس يلغيها ويقضي ركعة ويسجد بعد السلام وهو تأويل صاحب البيان.

الثاني: في النوادر ومن سماع ابن القاسم لا ينتظر الإمام من وراءه إن أحسه مقبلاً ابن حبيب إذا كان راكعاً فلا يمد في ركوعه وكذلك قول اللخمي ومن وراءه أعظم عليه حقا وجوز سحنون الإطالة واختاره عياض.

الثالث: إن ركع الإمام ثم أيقن أنه إنما أدركه رافعا من الركوع فإنه لم يدرك تلك الركعة باتفاق وحكمه أن لا يرفع معه لأن الإمام يرفع من ركوع يعتد به وهذا يرفع من ركوع لا يعتد به فإن فعل ورفع معه جاهلاً أو عامداً بطلت صلاته وسواء أتى بركعة بعد سلاك الإمام أو لم يأت بها ذكر ذلك الشيخ أبو محمد بن علي بن محمد بن الفخار الجذامي في شرح الطيطي.

وقال نص عليه صاحب كتاب التهذيب قلت وذكره أيضاً الشيخ أبو القاسم الجزيري في جزء له في العبادات وأوقفنا عليه الأخ في الله تعالى أبو عمران موسى بن علي الأعصاري المعروف بابن العقدة أحد المدرسين بجامع القرويين ونقل ذلك أيضاً الزهري في شرحه على قواعد عياض وذكر هذه المسألة في التوضيح ولم يجوز نقلها فانظره.

(فليقض بعد سلاك الإمام ما فاته).

يعني أنه لا يقضي إلا بعد سلام الإمام فلو ظنه سلم فقام ثم بان له أنه لم يسلم

ص: 282

رجع إليه ولو لم يعرف ذلك إلا بسلامه أو بعده ومعنى القضاء هنا إتيانه بما بقي عليه من بقية صلاته الذي فاته مع الإمام وإلا فهو بأن في الأفعال قاض في الأقوال لقوله على نحو ما فعل الإمام في القراءة وأما في القيام والجلوس ففعله كفعل الباني المصلي وحده يعني أنه بان في الأفعال قاض في الأقوال.

وفي كلامه إشكال من حيث أنه أحال مجهولاً على مجهول وهو فعل ألباني المصلي وحده إذا لم يتقدم له ذكر والمقصود من ذلك أن من فسد له وهو فذ ركعة فأكثر من صلاته بني على ما صح له منها وعمل على أنه أول صلاته وكذلك هذا في أفعال صلاته لا في أقوالها فالمأموم على حدته والفذ على حدته في بنائه والمدرك واسطة بينهما، فإذا أدرك مثلاً ركعة من العشاء الآخرة يأتي بركعة بأم القرآن وسورة جهراً لأن الإمام كذلك فعل ثم يجلس عليها لأنها ثانية بنائه ثم بأخرى بأم القرآن وسورة جهراً أيضاً ثم ركعة بأم القرآن فقط.

وهذه طريقة الأكثر عند ابن الحاجب (خ) هي لابن أبي زيد وعبد الحميد وقال بها جل المتأخرين واختارها ورد طريقة اللخمي بأن القول الذي حكاه أنه قاض في الأفعال غير موجود إذ حكى ثلاثة بأنه قاض فيهما والفرق هذه طريقته وثالث الطرق للقرويين في القراءة قولان انظر ابن الحاجب وشراحه.

ولو قال الشيخ كفعل الباني دون قيد المصلي وحده لكان أتم لأن الإمام والمأموم والفذ في البناء على ما صح من صلاته عند فساد بعضها واحد ويجمع بين " سمع الله لمن حمده " وربنا ولك الحمد " ولا يحمل الإمام سجود سهوه في قضائه على المشهور.

فرع:

ابن الحاجب ويقوم المسبوق بتكبير إن كان ثانية وقيل مطلقاً وفيها مدرك التشهد الأخير يقوم بتكبير (خ) مقابل المشهور لابن الماجشون واستشهد له بقوله (وفيها) ويجاب عنه بأنه إنما قيل ههنا بالتكبير لأنه كالمفتتح صلاته (ع) ورد ابن رشد احتجاج ابن الماجشون به على قيامه بتكبير بأنه فيه في حكم إمامه وبعد سلام إمامه في حكم نفسه فانظره.

(ومن صلى وحده فله أن يعيد في الجماعة للفضل في ذلك إلا المغرب

ص: 283

وحدها).

يعني وكذا العشاء إذا أوتر على المشهور فقوله (وحدها) يريد بانفرادها إذا عريت العشاء عن الوتر ونص على هذا ابن الحاجب وقيل يعادان (خ) والقول بإعادة المغرب للمغيرة وابن سلمة قال اللخمي وعلى قول المغيرة تعاد العشاء بعد الوتر (س) ومنع بعض أهل العلم من إعادة الصبح والعصر قال ولا يبعد إجراؤه على بعض القواعد المذهبية (ع). وفي إعادة المغرب والعشاء إذا أوتر.

ثالثها: تعاد غير المغرب والعصر والصبح ورابعها الجميع فانظر عزوها (ع) وعلى الأول فإنه نسي فأتم وذكر قبل ركعة فطلع وبعدها في الواضحة يشفعها وسمع عيسى ابن القاسم أحب قطعه فإن شفعها رجوت خفته ثم ذكر كلاما لابن رشد وذيله بكلام لخ ثم قال إثره ونقل ابن بشير وقيل يتمها لا أعرفه على منع إعادتها.

وقوله: (في جماعة) ظاهره أنه لا يعيد مع الواحد (ع) وأقلها اثنان وإمام راتب ولذا فيها لا يعيد ونقل ابن الحاجب تعاد مع واحد لا أعرفه وفي الكافي يعيد المنفرد ولو كان إماماً راتباً ثم قال قلت فلا تعاد معه فانظر ذلك وظاهر قوله: (فله) أن ذلك مباح فقط وقد اختلف النقل في ذلك (ع) الجلاب من صلى وحده أعاد في جماعة والتلقين يستحب اللخمي معها له أن يعيد وفي الموطأ لا بأس أن يعيد وفي المبسوط أن مر وهم يصلون فلا يدخل أي المسجد لأنه يوجب على نفسه أن يعيد ذلك لا ينبغي انتهى.

ولابن رشد ظاهر المذهب أن للمنفرد طلب الجماعة ليعيد معها وظاهر قوله وحده أنه إن صلى مع أحد لا يعيد وهو كذلك ابن الحاجب وفي إعادة من صلى مع صبي أو أهله قولان (خ) القول بالإعادة لأبي بكر بن عبد الرحمن وبعدمها لبعض شيوخ عبد الحق كذا عزاه (ع) قال (خ) واختلف في أيام أبي محمد فيمن صلى مع امرأته هل يعيدها في جماعة وإلى عدم الإعادة ذهب أبو الحسن القابسي وأبو عمر وهو اختيار جماعة المازري لأنه مع المرأة جماعة انتهى وبقيت فروع كثيرة تتعلق بما نحن فيه تركناها خشية التطويل.

وقوله (للفضل في ذلك) يريد المقصود به تحصيل فضيلة الجماعة لا أنه يعيد نية الفضيلة إذ المشهور إنما يعيد بنية التفويض وقاله في المدونة وصرح بمشهوريته الشيخ تاج

ص: 284

الدين في شرح العمدة (ع) وفي كونها بنية النفل أو الفرض ورفض الأولى أو التفويض رابعها بنية فرض مكمل لرواية الباجي مع رواية ابن رشد عن أشهب وأخذه من سماع عيسى بن القاسم ورواية الباجي.

ونقل المازري انتهى.

ولم يحك المازري غير روايتي النفل والتفويض وحكى اللخمي ثلاثة الأول وقال ابن رشد لم أر القول الأول بالفريضة معزوا أو صحح ابن عبد البر وابن العربي وغيرهما النفل فانظر كلامهم في ذلك وبالله التوفيق.

(ومن أدرك ركعة فأكثر من صلاة الجماعة فلا يعيدها في جماعة).

يعني سواء كانت الأولى قليلة أو كثيرة لو كان رجلاً واحد على المشهور ولأن الجماعة لا تتفاضل بالكثرة والإدراك يحصل بالركعة كما تقدم وقال ابن حبيب تتفاضل الجماعة بالكثرة (س) ومنهم من يري أن إطلاق الأول بالتسوية إنما هو في نفي الإعادة فيمن صلى مع واحد فأكثر لأن الصلاة مع واحد في الثواب كالصلاة مع ألف وقد جاءت أحاديث تشهد لذلك قال ابن هارون وهو أبين عندي.

(ومن لم يدرك إلا التشهد والجلوس فله أن يعيد في جماعة).

يعني ويبني على إحرامه إن شاء فيتم فذا أو يقطع ويدرك جماعة أخرى إن رجاها وهل قطعة أو لا لخوف فوات الفضيلة أو إتمامها فذا انظر ذلك وفي البيان فيمن أدرك التشهد في صلاة الصبح قول مالك يتمها ولا يذهب لجماعة أخرى قال في البيان لأن الفضيلة تحصل بأدنى جزء بخلاف الحكم ولابن يونس نحوه فانظره وظاهر كلام ابن الحاجب خلافه والله أعلم.

(والرجل الواحد مع الإمام يقوم عن يمينه ويقوم الرجلان فأكثر خلفه إلخ).

يعني استحبابا فلو صلى الرجل عن يساره والرجلان محاذيان فلا شيء عليهم ولو صلى بين يدي الإمام أحد كره وصحت ابن الحاجب وتصح في دون محجورة في غير الجمعة وفيها بين يديه تكره وتصح (خ) الكراهة بين اليدين محمولة على عدم الضرورة قال ابن عبد البر وروي عن مالك أنه يعيد إذا فعله من غير ضرورة وهو أحب إلي قال وظاهره البطلان انتهى.

ص: 285

وقال بعض المصريين بل ظاهره عدم البطلان لقوله أحب إلي إن كانت من لفظ مالك وقوله خلفه أعم من أن يكون بقربه أو بعيداً منه وفيه تفصيل ابن الحاجب ولا بأس بالنهر الصغير وبالطريق بينهم (س) هذا مما لا خلاف فيه أعلمه وسكت عن الحكم فيما إذا كان بينهم نهر كبير وأقل مراتبه الكراهة وأظن أني رأيت البطلان مع البعد الكثير.

(ع) وعن أشهب إن عظم عرض الطريق جدا لم تجزئهم إلا أن يكون فيها مأمونا ابن الحاجب وقال في سطوح المسجد جائز ثم كره ولم يكرهه ابن القاسم إن لم يتكلف رفع صوته وخامسها إن كثروا في غير فرض كالعيد والجنازة وسادسها والجماعة لنفل عياض انتهى. ونظر فيه وبعضهم من طريق النقل فانظره.

وجملة ما ذكره الشيخ من مراتب موقف الجماعة خلف الإمام سبعة فذكر موقف الرجل والرجلين أولاً والثالثة (قوله فإن كانت امرأة معهما قامت خلفهما) والرابعة وقوله (وإن كان معها رجل) يعني مع الإمام والمرأة قام عن يمين الإمام والمرأة خلفهما الخامسة قوله (ومن صلى بزوجته قامت خلفه) يعني وكذلك بكل امرأة كانت محرما أو أجنبية وإنما ذكر الزوجة للغالب والحاصل أن المرأة مؤخرة أبدا فإن تقدمت لمرتبة الرجل أو إمام الإمام فكالرجل يتقدم يكره له ذلك ولا تفسد صلاته ولا صلاة من معه إلا أن يتلذذ برؤيتها أو مماستها والله أعلم.

السادسة: قوله (والصبي إن صلى مع رجل واحد خلف الإمام قاما خلفه) يعني وذلك بشرط هو قوله (إن كان الصبي يعقل لا يذهب ويدع من يقف معه)(ع) ويستحب وقف الرجل عن يمين إمامه والاثنان خلفه والخنثى خلف الرجل مطلقا والأنثى خلفه ابن حبيب والصغير يثبت كالكبير وغيره لغو اللخمي مقتضى رواية ابن حبيب بدأ الصف خلفه ثم يمينه ثم يساره أيسر من قوله فيها فانظره.

(والإمام الراتب إن صلى وحده قام مقام الجماعة).

يعني بالراتب المنتصب للإمامة الملتزم بها وكونه يقوم مقام الجماعة أي في الفضيلة والحكم فله ثواب الجماعة وحكمها بحيث لا يعيد في جماعة أخرى ولا يصلي بعده في مسجده تلك الصلاة ويعيد معه من أراد الفضل قال بعض الشيوخ ويجمع ليلة المطر إن

ص: 286

شاء عبد الوهاب وهذا إن أذن وأقام وانتصب للإمامة وانتظر الناس على عادته زاد الباجي وينوي أنه إمام فهو من المواضع التي يشترط فيها نية الإمامة وذكر عياض أربعا دون هذه فذكر الجمعة والجمع والخوف والاستخلاف.

وقال بعضهم كل صلاة لا تصح إلا بإمام فإن نية الإمامة فيها لازمة والله أعلم.

(ويكره في كل مسجد له إمام راتب أن تجمع فيه الصلاة مرتين).

يعني قبله أو بعده أو معه إذا كان هو المصلي فإن صلى غيره ولم يستخلف ولا أبطأ عن وقته فاحشا فله هو التجميع بعدها لا غيره ابن الحاجب ولا يجمع صلاة في مسجد له إمام راتب مرتين وإمامه وحده كالجماعة إلا أن يكون غيره قد جمع قبله ويخرجون فيصلون جماعة في موضع غيره إلا في ثلاثة المساجد فيصلوا أفذاذاً (س) هذا هو المشهور وذهب أشهب إلى جوازه وهو الأصل وظاهر حديث «من يتصدق على هذا» دليل له.

(ع) قال أشهب لأصبغ في المسجد وقد صلى الناس تنح لزاوية وائتم ففعل اللخمي والمازري ولا قبله إلا بعد ضرر طول انتظاره قال قلت فقوله فيها إن جمعوا قبل حضوره فله أن يجمع بتقديمه انتهى وانظر فروعها فإنها متعينة والله أعلم.

(ومن صلى صلاة فلا يؤم فيها أحداً).

يعني سواء صلاها فذا أو في جماعة كان إماماً أو مأموماً زاد في المدونة ويعيد من ائتم به والمشهور لزوم الإعادة أبدا وقال سحنون يعيد من ائتم به ما لم يطل ويعيدون أفذاذاً عند ابن حبيب مراعاة للخلاف (ع) ظاهر المدونة إعادتهم جماعة إن شاءوا.

فرع:

اللخمي إن نوى الفرض صحت على الفرض وإن نوى التفويض صحت على الفرض إن بطلت الأولى وإن نوى النفل صحت على القول بصحة إمامة الصبي انتهى.

(وإذا سها الإمام وسجد لسهوه فليتبعه من لم يسه معه ممن خلفه).

يعني لقوله عليه السلام «ليس على من خلف الإمام سهو وإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه» خرجه الدارقطني وظاهر كلام الشيخ يتبعه وإن كان مسبوقاً فأما غير المسبوق فلا خلاف أنه يسجد معه البعدي ينتظر جالساً وقيل يقوم إلى القضاء وقيل هو

ص: 287

مخير ابن رشد والثلاثة لمالك ثم يسجد بعد قضائه وإن لم يعقد معه ركعة لم يترتب عليه سجوده البعدي وقال أشهب لا يلزمه ولكن يسجده احتياطاً. وأما القبلي فقال ابن القاسم لا يتبعه وقال سحنون يتبعه.

فروع:

أولها: لو سجد المسبوق البعدي مع الإمام سهواً أعاده بعد سلامه وجهلاً أو عمدا سمع عيسى بن القاسم صلاته صحيحة ويسجد بعد سلامه وقال عيسى تبطل ويؤيد الأول قول سفيان فيها يسجد البعدي معه قال الشيوخ عادة سحنون أن لا يدخل شيئاً من الآثار فيها ولا من أقاويل السلف إلا إذا جرى على قواعد المذهب فكأنه استشهاد.

الثاني: لو سجد معه القبلي ثم سها في القضاء قال ابن رشد يسجد لسهوه في قضائه اتفاقا كفذ وقال اللخمي الشيخ في نيابة سجوده معه عن سهو قضائه قولان لابن الماجشون وأشهب مع ابن القاسم ولو كان سجود إمامه بعديا وسهوه في قضائه قبليا ففيها يسجد قبل السلام ابن حبيب بعده.

الثالث: سهوه في قضائه يسجد كالفذ على المشهور وقيل ينسحب عليه حكم الإمام ولابن عبد السلام فيه كلام فانظره.

(ولا يرفع أحد رأسه قبل الإمام ولا يفعل إلا بعد فعله).

يعني لقوله عليه السلام: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» ولقوله عليه السلام «أما يخاف الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله صورته وصورة حمار» الحديث فالمطلوب في صلاة الجماعة متابعة الإمام في كل شيء من أمر الصلاة ولا تجوز مسابقته ولا مساوقته ثم إن وقعت المسابقة فيما عدا الإحرام والسلام فلا تبطل ولكن يؤمر أن يعيد إن علم إدراكه قبل رفع إمامه لا إن علم نفيه خلافا لسحنون الباجي إن علم من رفع قبل إمامه أنه يدركه راكعا لزمه الرجوع وإن علم عدم إدراكه فروى أشهب وابن حبيب لا يرجع ورجعه سحنون ثانيا قدر ما فاته ومن ظن أن الإمام رفع فرفع ثم تبين له أن الإمام لم يزل راكعاً ففي سماع ابن القاسم يرجع ليرفع برفع الإمام اللخمي وهو أحسن من سماع أشهب من سجد قبل إمامه فسجد إمامه ثبت معه ولا

ص: 288

يرفع ثم يسجد.

ومن قول سحنون من رفع إمامه بعده رجع فسجد ما فعل إمامه اتباعا للحديث فأما من تعمد الرفع قبل الإمام وقد ركع معه واطمأن فبئس ما صنع وإن لم يدركه الإمام راكعا فإن ركع قبله ورفع قبله ولم يفعل من الركوع معه قدر الواجب فهو كتارك الركوع وقوله (ولا يفعل إلا بعد فعله) يعني أنه لا يساويه فإن ساواه كره.

وقال بعضهم مقصود كلامه أن المطلوب ابتداء المتابعة إلا أنها واجبة في الإحرام والسلام والقيام من اثنتين لا غير فلذلك أفرد هذه بالذكر فقال (ويفتتح بعده) يعني أنه لا يحرم حتى يحرم ابن رشد إن بدأ بعد بدء الإمام التكبير صح وإن أتم معه أو قبله بطل وإن أتم بعده اتفاقا فيهما وأعاد إحرامه وفي قطعه الأول بسلام أو دونه قولان (ع).

والثاني: للمدونة والأول قال التونسي لسحنون ابن رشد لو بدأ الإحرام معه فقال مالك مرة يعيد بعده فإن لم يفعل وأتمه معه أو بعده ففي صحته قولان ابن عبد الحكم مع ابن القاسم في سماع سحنون بالصحة ابن حبيب وأصبغ بالبطلان ونقله الشيخ عن رواية سحنون ونقل غيره ثالثاً عن ابن عبد الحكم إن سبقه إمامه ببعض الحروف صحت وإلا بطلت.

فرع:

لو ابتدأ الإمام تكبيرة الإحرام وابتدأ المأموم بعد ابتدائه وختم التكبير قبل ختم إمامه فالأظهر بطلانها (ع) لأن المعتبر محل التكبير لا بعضه والله أعلم.

وقوله (ومن يقوم من اثنين بعد قيامه) يعني فإن خالف للمساواة اغتفر وحكمه كسائر الأفعال يتأكد في ذلك بخلاف الإحرام والسلام. وقوله (ويسلم بعد سلامه) فإن سبقه بطلت وفروعه كفروع السبق وغيره في الإحرام والله أعلم.

وقوله (وما سوى ذلك) فواسع أن يفعله معه (وبعده أحسن) يعني أن المساواة في غير الإحرام والسلام جائزة مكروهة فقط وقد مر حكم المسابقة ومعنى قوله ولا يفعل إلا بعد فعله فتأمل ذلك.

(وكل سهو سهاه المأموم فالإمام يحمله عنه إلا ركعة أو سجدة أو تكبيرة الإحرام أو السلام أو اعتقاد نية الفريضة).

ص: 289

يعني أن كل ما يكون فيه سهو الإمام سهوا لمأمومه فإنه يحمله وما لا فلا وتعقب ابن الفخار كلامه بأن الإمام لا يحمل القيام الأول ولا الجلوس الأخير ولو كبر في حال انحطاطه للإحرام لم يجزئه كما إذا سلم وهو قائم وكذلك لو جلس في التشهد الأول حتى اطمأن الإمام راكعاً فليقم وليركع فإن لم يقم يحمل الإمام عنه قال بعض الشيوخ وما قاله مخالف لما قاله ابن الفخار إذ قال فيها إن كبر للركوع ونوى به الإحرام أجزأه قال ابن الفاكهاني وهذا عندي غير مخالف لقول مالك.

قال بعض الشيوخ وكان حق الشيخ أن يقول ولا يحمل من الفرائض غير أم القرآن ولو كبر للركوع ناسياً للإحرام مضى على صلاته وأعاد وجوبا على ظاهر المذهب وعزاه التلمساني للجلاب.

وقال ابن القاسم احتياطا وجزم به صاحب الإرشاد وعزا الاستحباب لعبد الملك ولو شرك في النية بين الإحرام والركوع في تكبيرة واحدة ففي النكت يجزئه كمن اغتسل للجمعة والجنابة ينويهما ولو انبهم عليه فلم ينوا إحراماً ولا ركوعا ففي أجوبة ابن رشد يجزئه لأنه تكبير منضم إلى نية التي قام بها إلى الصلاة قبل الإحرام بيسير وقد تقدم ما في ذلك ولو نوى الإحرام بتكبير السجود ففي المقدمات هو كتكبيره وفي المسألة قولان بالإجزاء وعدمه وبالله التوفيق.

(وإذا سلم الإمام فلا يثبت بعد ولينصرف إلا أن يكون في محله فذلك واسع).

يعني بحيث يكون ذلك في بيته وما في معناه هذا هو المراد بمحله لأن علة النهي أحد ثلاث وقوع الكبر في نفسه وانقضاء مدة تقدمه الذي يقتضي شغل المكان المحبس عليه أو التلبيس على الداخل بكون الصلاة بقي منها شيء وهو أسعدها بالمعنى (ع) ويكفي في ذلك تحويل الهيئة.

خاتمة:

ثلاثة من جهل الإمام المبادرة إلى المحراب قبل تمام الإقامة والتعمق في المحراب بعد دخوله والتنفل به بعد الصلاة وكذا الإقامة به لغير ضرورة ولا خلاف في مشروعية الدعاء إثر الصلاة فقد قال عليه السلام: «اسمع الدعاء جوف الليل الأخير وأدبار

ص: 290

الصلوات المكتوبات» وخرج الحاكم على شرط مسلم من طريق حبيب بن مسلمة الفهري رضي الله عنه «لا يجتمع قوم مسلمون فيدعوا بعضهم ويؤمن بعضهم إلا استحباب الله دعاءهم» .

وقد أنكر جماعة كون الدعاء بعدها على الهيئة المعهودة من تأمين المؤذن بوجه خاص وأجازه ابن عرفة والكلام في ذلك واسع وقد ألف فيه الشيخ أبو إسحاق الشاطبي ورام ابن عرفة وأصحابه الرد عليهم وحجتهم في ذلك ضعيفة والله أعلم.

وقد انتهى الربع الأول من الرسالة والله المسئول في تحصيل ما بقي وتصحيحه والنفع به وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ص: 291