الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في صلاة الاستسقاء
يعني في ذكر الصلاة التي يطلب بها السقيا من الله وقد عرف الاستسقاء (ع) بأنه طلب السقيا من الله لذي كبد رطبة أو نبات بالدعاء وحده أو بالصلاة والإجماع على طلبه بالدعاء وقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الصلاة له بدعة وقد صح فعله عليه السلام لها والخلفاء بعده فهو محجوج بذلك.
(وصلاة الاستسقاء سنة تقام).
يعين عند الحاجة والمقحطة الشديدة لسقي زرع أو شرب ببئر أو سفينة يقيمها أهل الحاجة لذلك وفي إقامة المخصب للمجدب فيها تردد ابن شاس ولا بأس بتكررها إذا تأخرت الإجابة ابن حبيب ولا بأس بأيام متوالية ويستسقى في إبطاء النيل أصبغ فعل بمصر خمسة وعشرين يوما متوالية على سنة الاستسقاء وحضر ابن القاسم وابن وهب ورجال صالحون فلم ينكروه ولا خلاف في الأمر قبله بالتوبة ورد المظالم مخافة أن تكون المعاصي سبب منع الغيث ويؤمر بالصدقة وفي استحباب الأمر بالصوم قبلها قولان والمشهور يأمرهم غير الإمام بصيام ثلاثة أيام خلافا لعبد الملك.
(يخرج لها الإمام كما يخرج للعيدين ضحوة).
يعني أن وقتها كوقت صلاة العيد ضحى وفي امتداده إلى الزوال قولان ابن بشير المشهور امتداده إلى الزوال والشاذ جوازه في كل وقت وفي العتبية لا بأس بالاستسقاء بعد الغروب وبعد الصبح وقد فعل عندنا وما هو من الأمر الدائم ابن رشد إنما يريد الدعاء لا الصلاة في المصلى لأن السنة في ذلك أن لا يكون إلا ضحى وفي قوله (يخرج لها الإمام والناس) أنها لا تقام في المسجد إلا من ضرورة ابن بشير وفي تنفلهم في المصلى قولان مشهورهما الجواز والشاذ الكراهة كالعيد مالك ولا يخرج لها بالمنبر ويخرج الإمام إليها ماشيا متواضعا غير مطهر لفخر ولا زينة راجيا ما عند الله تعالى ولا يكبر في ممشاه حتى يأتي مصلاه ونقل ابن بشير قولا أنه يكبر في ممشاه كالعيد.
ابن حبيب ويخرج الناس مشاة في بذلتهم لا يلبسون ثياب الجمعة.
اللخمي يخرج للاستسقاء ثلاث الرجال ومن يعقل الصلاة من الصبيان والمتجالة من النساء واختلف في خروج أربعة ومن لا يعقل الصلاة من الصبيان والشواب من النساء وأهل الذمة والبهائم والمنع في أهل الذمة حسن ثالثها المشهور يخرج معهم في ناحية لا منفردين بيوم ولا يمنعون من التطواف بصلبانهم بل من إظهارها للمسلمين في الاستسقاء وغيره.
(فيصلي بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة يقرأ في الأولى بأم القرآن و {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] وفي الثانية بأم القرآن {والشمس وضحاها} [الشمس: 1] وفي كل ركعة سجدتان وركعة واحدة ويتشهد ويسلم.
يعني لا يكبر فيها كالعيد بل كسائر النوافل ولا زيادة ركوع كالخسوف وقال الشافعي يكبر كالعيد والله أعلم.
وقوله (ثم يستقبل الناس بوجهه) يعني أنه لا يرتفع على شيء بل يخطب بالأرض وخطبتها بعد الصلاة على المشهور وإليه رجع مالك وقيل لا خطبة لها وقوله (فيجلس جلسة) يعني قبل الشروع في الخطبة على المشهور وقيل لا يجلس في أولها.
(فإذا اطمأن الناس قام متوكئاً على قوس أو عصا).
يعني استحبابا فإن لم يفعل فلا حرج وقوله (فخطب ثم جلس ثم قام فخطب) يعني أن لها خطبتين كالعيد لكنه يبدل التكبير استغفاراً.
اللخمي والإكثار منه فيها مستحب لقوله تعالى: {فقلت استغفروا ربكم} [نوح: 10] الآيبة ابن يونس: المشهور في الاستسقاء خطبتان ولا يدعو في خطبته إلا بكشف ما نزل بهم لا لأحد من المخلوقين وقاله اللخمي ولم يدع موسى بن نصير يومئذ للأمير وقال ليس هذا يوم ذلك ابن حبيب يأمر فيها بالطاعة ويحذر من المعصية ويحض على الصدقة ويجتهد في الدعاء بالسقيا ابن الماجشون ويصل كلامه بالاستغفار ولا تشترط طهارته فيها فلو أحدث كملها دون وضوء والله أعلم.
(فإذا فرغ استقبل القبلة فحول رداءه).
يعني أنه بعد الخطبة الثانية يحول رداءه وفي المجموعة يحول بين الخطبتين وقيل في
أثنائها والمشهور الأول وقوله (رداءه) مقصود فلا تحول الأكسية والبرانيس ونحوها وقوله (ما على منكبه الأيمن على الأيسر وما على الأيسر على الأيمن ولا يقلب ذلك) يعني على المشهور وقد فسر عياض المدونة ببقاء السطح الظاهر من الثوب ظاهراً فتصير الحاشية العليا سفلى وإليه أشار بقوله (ولا يقلب ذلك) واللخمي والمازري عكسه اللخمي يجعل ما على جسده إلى السماء فيصير ما على يمينه على يساره وبالعكس وتبقى الحاشية على ما هي عليه اللخمي ثبت عنه عليه السلام أنه قلب في الاستسقاء ومقتضى الجلاب جواز الجميع ولا يتصور القلب إلا في الأردية قوله (وليفعل الناس مثله) يعني في التحويل الجزولي.
واتفقوا على أن الإمام يحول واختلف في السناء ولا يحول من عليه ثوب واحد من الرجال والله أعلم.
وقوله (وهو قائم) يعن يحال التحويل وقوله (ثم يدعو كذلك) يعني حال كونه قائما مستقبلا وحكمة قيامه لأنه وقوف العبيد بين يدي الملك في محل الرغبة والرهبة قال وحكمة التحويل التفاؤل بأن يحول ما بهم ابن العربي طريقة الفأل أن يكون غير مقصود وهذا مقصود فهي إذا أمارة بين الله ونبيه في تحويل الحال والله أعلم.
وقوله (ثم ينصرف وينصرفون) يعني أنهم لا يزيدون على ذلك شيئا والله أعلم.
(ولا يكبر فيها ولا في الخسوف غير تكبيرة الإحرام والخفض والرفع).
يعين فليس فيها تكبير كالعيد بل الإحرام والرفع والخفض عن ابن عباس أنه عليه السلام صلاها كالعيد وقال به الشافعي وحضرت بعض الأئمة بمدينة فاس سها في أولها وتذكر أثناء تكبيرة فأتمها على ذلك أظنه تقليدا للشافعي ورجاء أن يكون ذلك من الله في تنسيته فما رجعنا من المصلى إلا بالمطر وحضرت الإمام غير مرة إذا رفع من سنة الصلاة ألفى ثيابه صدقة ليرغب الناس فيفعلون مثله وما رأيتهم خيبوا قط سمعت شيخنا أبا عبد الله القوري – رحمه الله – يقول إن منذر بن سعيد البلوطي خطب في الاستسقاء مرة فأكثر أن يقول سلام عليكم حتى التفت الناس إليه فقال: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ
فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنعام: 54].
قال: فبكى الناس وما رجعوا إلا بالمطر وكذلك فعل مرة أخرى أكثر أن يقول: يا أيها الناس فلما التفتوا إليه قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر: 15 - 17] فكان كذلك وقصة موسى بن نصير في إخراج الأطفال والبهائم وعزل الأولاد عن أمهاتهم لاستعطاف الوقت معلومة وبلغ ذلك أهل العلم فاستحسنوه.
وقال مالط كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت» .
يرددها في دعائه صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم.