المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين - شرح زروق على متن الرسالة - جـ ١

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

الفصل: ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

ذكر في هذه الترجمة سبعة أشياء أصلها أولها وباقيها بالتبع لها ولكل حقيقة وحكم وحكمة فالزكاة في اللغة النمو والزيادة زكا الشيء إذا نما بذاته وكثر كالزرع أو بغيره كالمال أو بفضائله كالإنسان قيل وإنما سميت صدقة المال الواجبة زكاة لأنها إنما تتعلق بالأموال النامية والعين والحرث والماشية وقيل لأن معطيها يزكو بها عند الله وقيل لأنها تزيد عند الله كما قال عليه السلام «فكأنما يضعها في كف الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تصير كالجبل» الحديث.

وحقيقتها الشرعية: قال (ع): الزكاة اسم لجزء من المال شرط وجوبه لمستحقه بلوغ المال نصابا ومصدر إخراج جزء من المال إلى آخره ولا خلاف في وجوبها وأنها من قواعد الإسلام وشروطها بعد الإسلام ثمانية الحرية والنصاب وصحة الملك وكماله واتحاده وتمام الحول في غير الحبوب وعدم الدين في العين ومجيء الساعي في الماشية على المشهور وشروط أجزائها أربعة نية مخرجها إنها زكاته أو زكاة من ينوب عنه وإخراجها بعد وجوبها لا قبله وكونها من عين ما وجبت فيه إلا في الشنق ودفعها لمستحقها لا لغيره وفي قصرها على بلد وجبت فيه تفصيل واختلاف.

(وزكاة العين والحرث والماشية فريضة).

ص: 480

(العين) الذهب والفضة ويسمى النقد أيضاً و (الحرث) اسم لجميع فوائد الأرض وما بين الحبوب وثمار مطعومة يريد مدخرة قاله الجزولي.

قال غيره: والذي تتعلق به الزكاة في الحرث ثلاثة: الحبوب والثمار وذوات الزيوت، فأما الحبوب: ففيها ثلاثة أقوال: مشهورها أنها المقتات المدخر المتخذ للعيش غالبا للقمح والشعير والسلت والعلس والدخن والذرة، والأرز والقطاني وقيل المخبوز منها فقط، فتخرج القطاني وثالثها قول ابن عبد الحكم كل مأكول مدخر يزكى.

وفي المدونة إنما الزكاة في التمر والعنب والزبيب والحب والقطنية وأما الثمار فلا خلاف في وجودها في التمر والعنب الذي ينتيه كغيره على المشهور وفيها سواهما من ثم رالشجر ثلاثة: الوجوب لابن حبيب وغيره، والسقوط للموطأ، وثالثها: تجب في التين فقط وأظنه لابن القصار والأشهر خلافه ويشترط كون ذلك مستنبتا فلا تجب فيما يجمع من الجبال مما ليس بمملوك من تمر أو عنب أو زيتون، وإن بلغ حرصه نصابا كما لا تجب في فاكهة وعلف كرمان وكمثرى وقصب ويقول وكذا في الكرسنة وقال أشهب من القطاني وأما ذوات الزيوت فأصلها الزيتون والمشهور وجوبها فيه ولابن زرقون عن ابن وهب لا زكاة في الزيتون، ونقل ابن حارث عنه وجوبها في العلس مخالفا المشور في الوجهين وفي حب الفجل والعصفر والكتان ثالثها إن كثر وجبت ورابعها: إلا في الأخير وهي رواية ابن القاسم والماشية بهيمة الأنعام وهي ثلاثة الإبل عرابها وبختها والبقر جواميسها وغيرها والغنم ضأنها ومعزها وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.

(فأما زكاة الحرث فيوم حصاده والعين والماشية ففي كل حول مرة).

يعني أن الزكاة تتعلق بالحرث يوم استحقاقه للحصاد وهو إفراك الحب وطيب الثمرة ولا يجزئ قبلهما فلو مات بعدهما أو باع أو تصدق وجبت في ملكه وكذا لو مات قبلهما وعليه دين مستغرق ولم يقم به ربه حتى طابت وإلا لم تجب إلا على وارث نابه نصاب تام وهذا كله على أن الوجوب يتعلق به يوم استحقاق الحصاد والجداد وهو المشهور فتجب يوم الاستحقاق وتخرج بحسب الإمكان فلو تلف قبل إمكان الإخراج أو ما ينقصه عن النصاب لم تجب بخلاف ما إذا توفي ربه وخرجت عن

ص: 481

ملكه باختياره.

وقيل إنما تجب بالحصاد والجداد وثالثها تجب بالخرص فيما يخرص وهو الثمر والعنب إلا الزرع على المشهور وإنما يخرص إذا حل بيعه واختلفت حاجة أهله إليه ويخرص نخلة نخلة فيوضع نقصه لا ما يسقط أو يفسد أو يأكله الطير أو دوابه أو أربابه على المشهور.

وكون الحول شرطا في العين يريد غير المعدن وأن فيه النصاب وغير الركاز إن سميناه زكاة عند إفادته لا بعد ذلك فإنه كفيره وشرط الماشية بعد الحول مجيء الساعي على المشهور إن كان ويصل وإلا وجبت بالحول اتفاقا وعلى المشهور لو أخرجت قبل مجيئه حيث يكون لم تجزه والله أعلم.

(ولا زكاة من الحب والتمر في أقل من خمسة أوسق وذلك ستة أقفزه وربع قفيز).

ص: 482

أما أنه لا زكاة في أقل من خمسة أوسق فهو نص حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة» .

متفق عليه واللفظ لمسلم وأما كون الخمسة بكيلهم ستة أقفزة وربع قفيز فبيان لأن المعتبر المعيار الشرعي لا العادي اختلفا أو اتفقا فإن لم يكن فعادة محله ثم بين المعيار الشرعي بأن قال.

(والوسق ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربعة أمداد بمده عليه الصلاة والسلام.

أما كون الوسق ستين صاعا والصاع أربعة أمداد فلا خلاف وأما كون المد رطلا وثلثا بالبغدادي فهو المشهور والرطل اثنا عشر أوقية والأوقية عشرة دراهم فمجموع الرطل مائة وثمانية وعشرون درهما ووزن كل درهم خمسون حبة وخمسا حبة من حب الشعير الوسط فجملة النصاب ألف وستمائة رطل وهو بكيل مصر ستة أرادب وثلث وربع أردب والقفيز التونسي اليوم وسق شرعي كالصحفة الفاسية وإنما يعتبر مقدار جفافه إن كان مما يخرص ولا يجف وقد ذكر شيوخ التونسيين أن النصاب عندهم في الزبيب يكون من ستة وثلاثين قنطارا من العنب قالوا لأنها يابسة اثنا عشر قنطارا وذلك خمسة أوسق.

وذكر لنا الشيخ أبو عبد الله القوري – رحمة الله عليه – عن الفقيه أبي القاسم التازغدري وكان له إلمام بالفلاحة أن النصاب في عنب مدينة فاس عشرون قنطارا قلت: والظاهر أن ذلك لحر البلاد بتونس ورطوبتها بالأخرى والله أعلم.

(ويجمع القمح والشعير والسلت في الزكاة فإذا اجتمع من جميعها خمسة

ص: 483

أوسق فليزك ذلك وكذلك تجمع أصناف القطنية وكذلك تجمع أصناف التمر وكذلك أصناف الزبيب والأرز والدخن والذرة كل واحد صنف لا يضم إلى الآخر في الزكاة).

أجمع العلماء على ضم رديء كل جنس إلى جيده وبالعكس واختلفوا في اعتبار الجنسية فقال مالك بتقارب المنافع وقال الجماعة باتفاق الأسماء والمذهب أن ما تقاربت منافعه واستوى في المحصد والمنبت جنس وإن اختلفت أسماؤه كالقمح والشعير والسلت.

وروى ابن حبيب كقول ابن كنانة إلحاق العلس بها بخلاف الأرز وأصحابه على المنصوص وخرج الباجي إلحاقها من قول ابن وهب في البيوع والمشهور خلافه في الموضعين، وفي المدونة القطاني هي القول والجلبان والحمص واللوبيا والعدس وشبهها.

وفي العتبية والترمس ابن رشد اتفاقا وفي الجلاب البسيلة الباجي هي الكرسنة وفيه نظر وقد ألحقها أشهب بالقطاني وحكى ابن رشد عن ابن وهب ويحيى بن يحيى أنها علف فلا زكاة فيها واستدل بها على أنها ليست من القطاني وفي باب البيوع لم يختلف قول مالك في الزكاة أنها صنف واحد يعني بضم بعضها إلى بعض قالوا وقد وجد في الموازية ما يدل للجواز في ذلك.

وسميت قطاني لأنها تقطن في البيوت أي تدوم لقلة استعمالها، وقال ابن الطيب التمر والزبيب في البيوع صنف وهل الزكاة كذلك انظره.

والمشهور خلافه وقد تقدم ما في الأرز وذويه والمشهور أنها أصناف لا يضم بعضها إلى بعض ولا يشترط في الضم اتحاد بلد المزارع بل الاجتماع في الفصل الواحد قاله مالك وقال ابن مسلمة يشترط زراعة أحدهما قبل حصاد الآخر والله أعلم.

(وإذا كان في الحائط أصناف من التمر أدى الزكاة عن الجميع من وسطه).

اختلاف الأصناف في أجناس الحبوب والثمار يوجب في كل بحسبه كما تقدم لكنه يخرج في الحب من كل بقدره عن المشهور وقيل عن الكل من وسطه والمشهور في التمر عكسه.

ص: 484

وروى أشهب كمشهور الحبوب المختلفة وعلى المشهور في الثمار إن ظهرت زيادة بعضها فمنه لا من الوسط وظاهر كلام الشيخ خلافه وفي إلحاق الزبيب بالحبوب أو بالتمر قولان حكاهما اللخمي ومفهوم كلام الشيخ إذا كان صنفا واحدا فإنه يؤدي منه كان جيدا أو رديئا أو وسطا ولا خلاف في أنه منه إن كان وسطا وكذا إن كان جيدا أو رديئا على المشهور وقال سحنون: يكلف الوسط كخيار الماشية وشرارها إلا أن يشاء دفع الجيد بخلاف العكس.

(ويزكي الزيتون إذا بلغ حبه خمسة أوسق أخرج من زيته ويخرج من الجلجلان وحب الفجل من زيته فإذا باع ذلك أجزأه أن يخرج من ثمنه إن شاء الله).

قد تقدم أن أول من زكى الزيتون عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأن ابن وهب قال: لا يزكي والمشهور خلافه وكيفية تزكيته كسائر ذوات الزيوت أن يوسق حبه يوم الجداد على المشهور لا قبل ذلك ولا بعده وقال اللخمي الصواب قول ابن مسلمة وابن عبد الحكم يخرج من حبه والمشهور ما ذكره الشيخ وأنه يخرج من زيته، وقال ابن عبد السلام: المشهور إلحاق ما لا يتزيت بما يتزيت كعنب لا يتزبب وتمر لا يتتمر لأن غالب جنسه هو ذاك فهذا تبع له اللخمي ولا تجب في الجلجلان بأرض المغرب زكاة لأنه إنما يتخذ بها للدواء وحب الفجل كذلك. وقد تقدم ذكر ذلك والمشهور في بيع ما يعصر قبل عصره لزوم مثل لازمه زيتا فلا يجزي من ثمنه ففي المدونة: من باع زيتونا له زيت أو رطبا يتمر، أو عنبا يزبب فليأت بما لزمه زيتا أو تمرا أو زبيبا، وهو خلاف ما هنا للشيخ.

وروى محمد إن باعه عنبا كل يوم وجهل خرصه أخرج من ثمنه والمشهور فيما لا زيت له الإخراج من ثمنه كما لا يجب من الثمار على المشهور أيضاً. وقيل: من حب الزيتون وجنس الثمار وجبت يخرج من ثمنه فسواء قل أو كثر وحيث يخرج من عينه لبيع ونحوهن فيسأل المبتاع إن وثق به عن مخرجه غالبا وإلا فأهل المعرفة به وقول الشيخ (إن شاء الله) تنبيه على أنه اختياره والله أعلم.

(ولا زكاة في الفواكه والخضر).

ص: 485

يعني: بالفواكه والخضر كالتفاح والمشمش، وفي معنى ذلك مما لا يدخر ولا يقتات، وكذلك اىلقصب بالصاد – أي: المهملة – والقضب بالضاد – أي المعجمة – وقد قالت عائشة رضي الله عنها جرت السنة أن لا زكاة في الخضر على عهده عليه السلام وعهد الخلفاء من بعده وعليه عامة الفقهاء إلا أبا حنيفة فإنه أثبتها في جميع النبات إلا الحشيش والحطب والقصب ولم يعتبر نصابا في شيء من المعشرات والله أعلم.

تتميم:

لا يزاد في المخرج لقشر أرز ولا عدس ويحسب في النصاب وكذا ما أكله أو علفه أو تصدق به بعد طيبه مما له بال أو استأجر به قتا ويسقط ما أكلته الدواب في الدرس بأفواهها أو أكله بلحا ويتحرى ما أكله من الفريك والفول والحمص أخضر فإن بلغ به نصابا بعد تقدير جفافه زكاة ويخرج عما تحرى من جنسه جافا، وقيل: من ثمنه إن شاء وكل ما في سقيه كبير كلفه كالنضج والسواقي والدلاء وهي النواعير فليس إلا نصف العشر وفيما كان بالسيح العشر ولو كان السيح مشترى على المشهور قاله

ص: 486

ابن بشير وقال اللخمي فيما اشتري أصل مائة العشر لأن ماءه نحلة وفيما سقى بواد أجرى إليه بنفقة نصف عشر أول عام وعشر فيما بعده وفيما سقي بكلفة وبغير كلفة تفصيل وبالله التوفيق.

(ولا زكاة من الذهب في أقل من عشرين دينارا فإذا بلغت عشرين دينارا ففيها نصف دينار ربع العشر فما زاد فبحساب ذلك وإن قل ولا زكاة من الفضة في أقل من مائتي درهم وذلك خمس أواق).

لا خلاف في وجوب الزكاة في الذهب والفضة وزكاة الفضة هي التي في حديث أبي سعيد وجابر رضي الله عنهما وأن «لا زكاة فيما دون خمس أواق من الفضة» متفق عليه وفي حديث علي كرم الله وجهه «إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم» قال: «وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك» رواه أبو داود وهو حسن. واختلف في رفعه ووقفه.

قال المازري وهو إن لم يكن مرفوعا فقد اتفقت الأمة على أعماله إلا ما روي عن بعض السلف في ذلك وقد اتفق على تركه فإن نقصت عن عشرين دينارا أو عن نصاب الدراهم عددا أو وزنا نقصا يحطها عن الكاملة سقطت الزكاة اتفاقا وإن لم يحطها بأن راجت كالوازنة فثلاثة الوجوب للموطأ مع ابن المواز والسقوط لرواية ابن القصار وثالثها لسحنون مع ابن القاسم ومالك إن كان النقص كثيرا سقطت وإن كان يسيرا فلا تسقط ولا يجبر بجودة وحسن سكة والمعتبر الخالص من الذهب والفضة ورديئهما لرداءة المعدن كالخالص الباجي: ولا نص في الرداءة لنقص التصفية وأرى أن قل وجرى كالخالص أنه مثله وإلا اعتبر خالصه فقط وبه فسر ابن رشد المذهب والرديء بما أضيف إليه.

قال الباجي: إن كان لضرورة الضرب فكالخالص القاضي كدانق واحد في عشر دوانق وإن كثر فللباجي المعتبر خالصه اللخمي: المعتبر خالصه وقيمة نحاسه ابن يونس في تقويم نحاسه حين زكاته مطلقا أو إن كان مديرا قولان وحكم الزيادة ما ذكر في المدونة وفي التلقين ما زاد فبحسابه في كل ممكن ابن عبد السلام.

ص: 487

واختلف شيوخنا هل هو اختلاف فيكون عند عبد الوهاب أنها لا تجب في زائد لا يقبل القسمة في ذاته إلى ما يجب إخراجه وهو جزء من أربعين وعلى ظاهر المدونة يشتري به الطعام مثلا ويقسم إلى ذلك ثم يخرج واجبة منه هذا معنى كلامه والله أعلم.

(والأوقية أربعون درهما من وزن سبعة أعني أن السبعة دنانير وزنها عشرة دراهم فإذا بلغت هذه الدراهم مائتي درهم ففيها ربع عشرها خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك).

ص: 488

بين في هذه الجملة قدر الأوقية التي ذكرها وأنها أربعون درهما من وزن سبعة ثم ذكر معنى قوله (وزن سبعة) بوزن الذهب فكان بيانا لقدر الدينار أيضاً وجملة ذلك أن وزن الدينار سبعة أعشار وزن الدرهم وذلك أن كل درهم وزنه خمسون حبة وخمسا حبة من حب الشعير الوسط وكل دينار وزنه اثنان وسبعون حبة فيكون مجموع العشرة الدراهم خمسمائة حبة وأربع حبوب وذلك وزن مجموع السبعة لأن السبعة في سبعين بأربعمائة وتسعين والأثنان في سبعة بأربعة عشر فالخارج خمسمائة وأربعة والعشرة في خمسين بخمسمائة والخمسان في عشرة بأربعة صحيحه فاتفق السبعة الدنانير والعشرة الدراهم في عدد الحبوب وزنا.

وحكى الخطابي وغيره أن أصل المعاملة كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده كانت بدراهم الفرس والروم وكانت الفارسية تسمى السوداء ووزنها ثمانية دوانق وكانت الرومية تسمى الطبرية ووزنها أربعة دوانق فكان النصاب يعتبر بمائة من هذه ومائة من هذه فلما كان زمن عبد الملك بن مرون تحرج من ذلك فضرب سكة لنفسه وكيلها بذلك فجعل الدرهم من ست دوانق على السواء لأن مجموع الدرهمين كانت اثنا عشر دانقا ووزن كل دانق ثمان حبات من حب الشعير الوسط وثلث حبة وثلث خمس حبة فكان الدراهم خمسين حبة وخمسين حبة لأن الثمانية إذا ضربت في ستة كانت ثمانية وأربعين والثلث في الستة باثنين هي تمام الخمسين وثلث الخمس في سنة بخمسين ثم عدل كا عشرة دراهم بسبعة دنانير وجعل الدينار أربعة وعشرين قيراطا وزن كل قيراط ثلاث حبات فكانت حبوبه اثنين وسبعين حبة لأن العشرين في ثلاثة بستين والأربعة في ثلاثة باثني عشر ورأيت بخط ابن البناء العددي رحمه الله أنه وزن ذلك بأنواع من الشعير فلم يصح حتى أخذ نصف العدد من صغيره ونصفه من كبيره فصح معه وبحسب هذا فالنصاب بدراهم مصر خمسة وثمانون درهما ونصف درهم وثمن قاله في التوضيح.

واختبر الدرهم التونسي سنة فكان أربعة وعشرين حبة وبحسب ذلك فالنصاب به أربعمائة جديدة وعشرون درهما ووزن الدينار التونسي على ما اختبر في ذلك التاريخ ثلاثة وثمانون حبة فنصابه سبعة عشر دينارا أو تسعة وعشرون جزءا من ثلاثة

ص: 490

وثمانين جزءا ولم أزل أسمع أن نصاب الذهب بمدينة فاس سبعة عشر دينار أو سبع دينارا وقال الشيخ أبو عبد الله القوري رحمه الله إن نصاب الذهب سبعة عشر دينارا بدنانيرنا والفضة ثمانية عشر أوقية بأواقنا وأمرني بإلحاق ذلك في كتاب ألفته في العبادات وقرأته عليه فلا أدري هل ذلك تحقيق أو تقريب وتحقيق ذلك بمعرفة حبوب النصاب وهي من الذهب أربعمائة وأربع وأربعون حبة ونصاب الفضة عشرة آلاف وثمانون حبة ولا يعتبر ذلك بحب القمح لأنه أخف عند التفضيل وإن كان أثقل عند التحميل لتداخله وأفادني الأخ في الله الفقيه المحقق أبو عبد الله بن غازي - كان الله له - أن وزن الدينار الشرعي بحب القمح ست وتسعون حبة ولا أدري من أين نقله إلا أنه رجل محقق والله أعلم.

(ويجمع الذهب والفضة في الزكاة فمن كان له مائة درهم وعشرة دنانير فليخرج من كل مال ربع عشره).

اتفاق الذهب والفضة في المعنى المقصود منها هو علة ضم كل منهما إلى صاحبه باتفاق المذهب وهو مذهب الحنفي خلافا للشافعي إلا أن معروف المذهب أن الاعتبار في ذلك بالجزء لا بالقيمة خلافا لأبي حنيفة فمن له تسعة دنانير تساوي مائة درهم وعنده مائة درهم فلا زكاة عليه عندنا بخلاف من له عشرة دنانير ومائة درهم ولو كانت العشرة تساوي خمسين والمائة تساوي خمسة وما ذكره ابن الحاجب عن الغزالي يطول ذكره ورده فانظره.

(ولا زكاة في العروض حتى تكون للتجارة فإذا بعتها بعد حول فأكثر من يوم أخذت ثمنها أو زكيته ففي ثمنها الزكاة لحول واحد أقامت قبل البيع حولا أو أكثر إلا أن تكون مدبرا لا يستقر بيدك عين ولا عرض فإنك تقوم عروضك كل عام وتزكي ذلك مع ما بيدك من العين).

ص: 491

العروض على ثلاثة أوجه:

أحدها: عروض القنية التي لا يتجر فيها وهذه لا زكاة فيها ولا تنقلها نية التجارة عن حكمها حتى يعمل بها ولو نواها بعد عمل التجارة تنقل إليها على المشهور فيهما.

الثاني: عروض الحكر وهي التي يترصد بها الأسواق للتجارة وهذه تجب فيها الزكاة لعام واحد بعد بيعه ولو أقام قبل البيع سنين عدة لكن بشروط سبعة هي أن يكون مملوكا بعوض أصله عين بيده وإن أقل أو عرض تجارة وأن يباع بعين ناضا لا استهلاكا وأن يرصد بها الأسواق وأن يكون مقامه قبل البيع حولا فما فوقه وأن يكون منويا للتجارة في أصله وأم لا ينوي به القنية قبل تزكيته على المشهور لا بلا نية فلا تجب كان نوى القنية أو مع الغلة على المشهور.

الثالث: عروض الإدارة وهي التي تشتري للتجارة وتباع بالسعر الواقع من غير

ص: 492

ترصد وهذا يزكى كل عام بتقويم عروضه بشرط أن ينض له شيء من الدراهم ولو قل على المشهور ولو في أول السنة على المشهور فيضيف ما قوم لما بيده ويزكيها في حوله فإن لم ينض له شيء إلا بعد الحول فالمشهور يحسبه مع ما يقوم حينئذ ولو كان دون نصاب خلافا لأشهب ويكون حوله يومئذ ويلغي الزائد.

وروى مطرف وعبد الملك عدم اشتراط النضوض مطلقا وعليه فهل يخرج العرض أو العين قولان ولما كان لا يستقر بيده عين ولا غيره كان حوله ما يصيبه من شهور السنة لتقويم عروضه قال الباجي وقال غيره أو شهر من السنة الثانية ويعد دينه النقد الحال المرجو على المشهور والمؤجل المرجو يزكي قيمته على الأصح ولو بارت سلعه.

فقال سحنون: يصير محتكرا وقال ابن القاسم لا رخصة اللخمي ببوار اليسير وهل يحد البوار بالعامين أو بالعرف قولا سحنون وعبد الملك والتقويم بما يباع به من ذهب أو فضة ويخير فيما يباع بهما وهل حوله من حين ملكه أو من حين إدارته أو ما بين الأصل والإدارة خلاف اللخمي لا يقوم أوانيه ولا آلة الإدارة وكذا بقر حرث التجارة وحكى ابن بشير في الآت الحائك وماعون العطار قولين.

(وحول ربح المال حول أصله وكذلك حول نسل الأنعام حول الأمهات).

يعني ولو قصر الأصل عن النصاب على المشهور ابن رشد وكذلك لو كان الأصل يقصر عن ثمن ما ربح فيه أو لم ينقده وهذا هو المشهور وروى زياد إلا أن يقصر الأصل عن ثمن ما ربح فيه فيكون حكم نفسه وسمع أشهب كرواية ابن نافع إن قصر ولم ينقده فله حكم نفسه قالوا والأصل في ذلك نسل الأنعام إن له حول الأمهات فكان حقه أن يقدم لأنه المقيس عليه ولكن أتى به الشيخ للتنظير ولم يعتبر للتأصيل.

(ومن له مال تجب فيه الزكاة وعليه دين مثله أو ينقصه عن مقدار مال الزكاة فلا زكاة عليه إلا أن يكون عنده مما لا يزكي من عروض مقتناة أو رقيق أو حيوانات مقتناة أو عقار أو ربع ما فيه وفاء لدينه فليزك ما بيده من المال فإن لم تف عروضه بدينه حسب بقية دينه مما بيده فإن بقي بعد ما فيه الزكاة زكاة).

يعني أن زكاة العين تسقط بوجود الدين الذي تتوجه المطالبة به كان عن عرض

ص: 493

أو لا كان حالا أو مؤجلاً أو كان لآدمي على خلاف في بعض ذلك فالمشهور في دين الزكاة لا تسقط به فالكفارات ونحوها أحرى والأشهر سقوطها بدين مهر المرأة وإن كان يتأخر لموت أو فراق وقاله ابن القاسم خلافا لابن حبيب واللخمي وتسقط بنفقة الزوجة مطلقا بدين وبنفقة الولد إن قضي بها إلا إن لم يقض بها كنفقة الولد على المشهور فيها.

ومسائل الباب كثيرة ثم نقص النصاب بالدين كموازاته له فمن له عشرون دينارا أو عليه نصف دينار أو أقل أو أكثر فلا زكاة عليه إلا أن يكون ما يوازي الدين من غير مال الزكاة هناك فإنه يجعل دينه فيه ويعتبر ما يباع مثله في دينه عند فلسه كداره وسرجه وسلاحه وخاتمه وماله قيمة من ثوب جمعة وكتب فيجعل الدين فيه على المشهور وفي دينه على المشهور ثم إن كان حالا اعتبر عدده.

وقال سحنون: قيمته وغير المرجو كالعدم كثياب ظهره وما يعيش به الأيام هو وأهله ويقوم العرض يوم الوجوب عند ابن القاسم وعنه القولان وعبده الآبق المرجو كالحاضر على المشهور والماشية والمعادن والمعشرات كالعروض إن زكيت قبل على المشهور فيجعل فيه الدين كرقبة المدبر قبل الدين على المشهور فيعتبر قيمتها عند ابن القاسم وخدمته عند أشهب وبالله التوفيق.

والعروض في باب الزكاة ما سوى العين والحيوان فيدخل الطعام والرقيق العبيد والحيوان الماشية والبهائم والعقار - بالتخفيف والفتح - الأصول الثابتة وإن لم تكن له عتبة والربع ما له عتبة كالدور ونحوها فهو خاص بعد عام والله أعلم.

(ولا يسقط الدين زكاة حب ولا تمر ولا ماشية).

لأن هذه الثلاثة ظاهرة لا تمكن الخيانة فيها بخلاف العين فأعين على زكاتها بمسامحة أهلها عند توجه الدين وقد أجمع الصحابة على إسقاط زكاة العين بالدين قاله ابن رشد وكان عثمان رضي الله عنه وغيره من الخلفاء يأخذون زكاة ما عدا العين ولا يسألون عن الدين اللخمي والقياس سقوط الجميع فانظر ذلك.

(ولا زكاة عليه في دين حتى يقبضه وإن أقام أعواما فإنما يزكيه لعام واحد بعد قبضه وكذلك العرض حتى يبيعه وإن كان الدين أو العرض من

ص: 494

ميراث فليستقبل حولا بما يقبض منه).

زكاة الدين لا تجب عند مالك إلا بعد قبضه ما لم يكن مديرا فيحسبه في إدارته إن كان حالا مرجوا على خلاف فيه ثم إذا قبض فهو كالعرض المحتكر يزكي لعام واحد إن كان عن أصل بيده وإلا فهو فائدة والفوائد يستقبل بها من يوم القبض وستأتي إن شاء الله تعالى والحاصل أن العرض كالدين والدين كالعرض قبض الدين كبيع العرض وبالعكس والله أعلم فانظر ذلك.

(وعلى الأصاغر الزكاة في أموالهم في الحرث والماشية وزكاة الفطر).

يعني أن الزكاة حق تعلق بعين المال فلا يشترط في وجوبها بلوغ ولا عقل لثبوت الملك لها ويخرجها الولي عن الصبي والمجنون وغيره ممن تحت ولايته وإذا أخرجها أشهد عليها فإن لم يشهد فقال ابن حبيب: يصدق الولي إن كان مأمونا الشيخ إنما يزكي الولي عن يتيمه إن أمن التعقب وجعل له ذلك وإلا فلا كقولهم في التركة يجد فيها خمرا فانظره.

(ولا زكاة على عبد ولا على من فيه بقية رق في ذلك كله فإذا أعتق فليأتنف حولا من يومئذ بما يملك من ماله).

إنما لا تجب الزكاة في مال العبد لأن ملكه مزلزل في حقه وفي حق سيده وكمال الملك شرط في ذلك وقال ابن كنانة تجب على سيده لأن للسيج انتزاعه (س) الظاهر عندي تعلق الزكاة بمال العبد إما عليه أو على سيده لأنه لأحدهما قطعا للسيد بانتزاعه وللعبد باستمراره فانظره.

وما ذكره من الائتناف عند العتق واضح قالوا وإذا أعتق وزرعه أخضر وجبت عليه زكاته وإن كان بعد الحصاد فلا شيء عليه اتفاقا فيهما وفيه بعد الإفراك واليابس اختلاف تقدم فيما تجب الزكاة به فانظره.

(ولا زكاة على أحد في عبده وخادمه وفرسه وداره ولا فيما يتخذ للقنية من الرباع والعروض ولا فيما يتخذ للباس من الحلي).

أما الثلاثة الأول ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: «ليس على مسلم في عبده ولا فرسه صدقة» رواه البخاري ولمسلم «ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر» وأما القنية

ص: 495

فهو ما ينوي به الاقتناء كسكنى الدار ولبس الثياب ونحوه وهذا لا زكاة فيه ومقابله المتخذ للتجارة وفيه تفصيل تقدم وثالث التقسيم أن يكون الانتفاع بغلته كالدور للكراء والعبد للخراج والغنم للصوف والبساتين للغلة وحكمه إذا بيع حكم عروض القنية يستقبل بثمنه على المشهور وقيل كعروض الاحتكار وحكم غلته دائر بين الحكمين فانظره في المطولات وأما الحلي فالمتخذ للباس المباح لمن يباح له لا زكاة فيه وكذا ما اتخذ للعارية.

قال الباجي: وإن كان لرجل وهو المشهور وقال ابن حبيب إن كان لامرأة وإلا فلا وفيما اتخذ للكراء ثالثها إنما يسقط إن كان لامرأة ولعياض عن الباجي إنما الخلاف في كراء النساء حلي الرجال وبالعكس.

وفي المدونة لا زكاة فيما اتخنه ليكرينه وفيها لا زكاة فيما حبس لإصلاحه ابن يونس: وقيده بعضهم بما لا يمكن إصلاحه فيه من غير إنشاء بعد كسره الباجي.

وروى محمد: لا زكاة في التبر والحلي المكسور يريد أهله إصلاحه وفي زكاة ما اتخذ للعاقبة اختلاف.

(ومن ورث عرضا أو وهب له أو رفع من أرضه زرعا فزكاة فلا زكاة عليه في شيء من ذلك حتى يباع ويستقبل له حولا من يوم يقبض ثمنه).

هذه زكاة الفوائد والفائدة ما تجدد من المال عن غير أصل كالموروث والموهوب وصابه الحرث ونحو ذلك فلا زكاة فيه اتفاقا إلا زكاة الحرث ثم إذا بيع استأنف بثمنه حولا من يوم القبض ولو بيع بمؤجل فالمشهور كالأول.

وقال عبد الملك من يوم البيع ولو ورث ناضا غائبا وتأخر قبضه عاما فأكثر فحكى اللخمي فيه أربعة فانظرها وفي المدونة حول الأصاغر فيما ورثوه من عين من يوم قبضه وصيهم معينا لهم ولو قبضه مشاعا بينهم وبين كبير فحق لهم من يوم القسم والله أعلم.

(وفيما يخرج من المعدن من ذهب أو فضة الزكاة إذا بلغ وزن عشرين دينار أو خمس أواق فضة ففي ذلك ربع العشر يوم خروجه).

ص: 496

المعدن عين فيشترط نصابه كالعين ويكون الإخراج منه كذلك ولا يعتبر فيه الحول لأنه يشبه الحرث في نمائه بنفسه وفي اشتراط الإسلام والحرية قولان والمشهور اشتراطهما ثم مصرف الواجب فيه مصرف الزكاة ومعنى يوم خروجه أي يوم خلاصه والله أعلم.

(وكذلك فيما يخرج بعد ذلك متصلا به فإن قل وإن انقطع نيله بيده وابتدأ غيره لم يخرج شيئاً حتى يبلغ ما فيه الزكاة).

يعني أن ما يخرج من المعدن يضم بعضه إلى بعض إذا اتصل نيله وعمله لا إن انقطع وسواء كان من موضع واحد أو من مواضع متقاربة وما حدث بعد انقطاع العرق له حكم نفسه فلا يضم لغيره حتى يبلغ نصابا خلافا لابن مسلمة ولا يضم معدن لآخر إلا في وقته على الأظهر وفي ضم ذهب لورق إن اتحد معدنهما قولان.

وخرج أبو داود عن بلال بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية

ص: 498

الصدقى وأقطعها .... الحديث - والقبلية بفتح القاف والباء - الموحدة موضع على خمسة أيام من المدينة والله أعلم.

(وتؤخذ الجزية من رجال أهل الذمة الأحرار البالغين ولا تؤخذ من نسائهم وصبيانهم وعبيدهم وتؤخذ من المجوس ومن نصارى العرب).

أخذ الجزية من أهل الكتاب على تقريرهم تحت ذمة الإسلام مجمع عليه وفي أخذها من غيرهم من الكفار أربعة لعبد الملك قصرها على أهل الكتاب لأن القرآن لم يذكر غيرهم والمشهور أخذها من كل كافر إلا من المرتد وثالثها لابن وهب من كل كافر إلا من مجوس العرب ورابعها إلا من قريش فقيل إكراما لهم وقيل لأنه لا يوجد قرشي كافر إلا مرتد والمرتد لا يقر وإنما تؤخذ ممن يقتل في الحرب لأنها مشروعة لحقن الدماء ولا يقتل النساء والصبيان ولا العبيد والرهبان فلا تؤخذ منهم الجزية ولا تؤخذ إلا من ذكر بالغ عاقل حر على المشهور مخالط لهم تنالهم أحكامنا قال بعضهم ولا يبنغي أن يختلف في أخذها من مجوس العجم لقوله عليه السلام: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» .

وفي البخاري والموطأ عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر ولأبي داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه عليه السلام بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة فأخذه وحقن دمه وصالحه على الجزية

الحديث.

(والجزية على أهل الذهب أربعة دنانير على أهل الورق أربعون درهما ويخفف عن الفقير).

هذا في جزية أهل العنوة وكذا فرضها عمر رضي الله عنه بزيادة إرفاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام وحكى ابن المواز عن مالك تطرح عنهم الضيافة اليوم لأنهم لم يوف لهم وتؤخذ منهم آخر كل سنة على الأحسن ولا تزاد لغنى على المشهور ولا تنقص لفقر إن قوى عليها وتسقط إن عجز عن جملتها.

وروى الجلاب لا جزية على فقير ابن رشد من ضعف عنها فظاهر قول ابن القاسم سقوطها وقيل إلا ما يحمل ابن القصار ولا حد لأقلها وقيل أقلها ربعها وهو دينار أو عشرة دراهم فصرف دينار الجزية عشرة دراهم كدينار الزكاة بخلاف دينار الدية والإيمان والقطع والنكاح فإنه اثنا عشر وسيأتي إن شاء الله عز وجل وجزية

ص: 499

الصلح اصطلاحية فما شرط وجب وإن أطلق بحيث نزلوا على الجزية دون تعيين فكالعنوي والله أعلم.

(ويؤخذ ممن تجر منهم من أفق إلى الأفق عشر ثمن ما يبيعونه وإن اختلفوا في السنة مرارا).

يعني أنه يؤخذ العشرة من تجار أهل الذمة لأن الجزية إنما هي لحقن دمائهم فقط عند مالك ويؤخذ منهم العشر في التجارة للتوسع في بلاد الإسلام وهل الواجب عشر القمن وهو المشهور فإذا لم يبع فلا شيء عليه أو عشر المبيع فيؤخذ منه ولو لم يبع قولان ابن يونس وروى محمد بن عبدوس إن رجع بما قدم به أخذ منه عشرة ثم إن نزل بلدا آخرا لم يؤخذ منه شيء ابن رشد إن كان البلد الآخر من ذلك الأفق نفسه وإلا عشر عليه وسمع القرينان ما جلب من تيماء إلى المدينة عشر بخلاف ما جلب من وادي القرى ابن رشد الحجاز واليمن أفقان والأندلس كلها أفق واحد (ع) مقتضى الروايات أن أفقه محل أخذ الجزية منه.

وفي المدونة الشام بالمدينة أفقان قال الشيخ أبو مهدي الغبريني تلميذ (ع) تونس وقسطنطينية أفقان فانظر فيه وأصل مالك وجوب تكرار التعشير بتكرار الدخول.

(وإن حملوا الطعام خاصة إلى مكة والمدينة خاصة أخذ منهم نصف العشر من ثمنه).

المراد بالطعام ما يقتات غالبا فلذلك استثنى ابن رشد القطنية لأنها إدام وفي الموطأ وغيره ذكر الحنطة والزبيب وفي الجلاب قرى مكة والمدينة لها حكم مكة والمدينة وروى ابن الحكم يؤخذ منهم العشر في مكة والمدينة كغيرها قائلا ولا يؤخذ فيهما إلا فيما جلبوه من الطعام خاصة فلا يؤخذ منهم شيء في غيرهما من البلاد والمشهور ما في الأصل وأصل الخلاف هل ذلك للحرمة فيهم في كل زمان أو للجلب فلا ينقص عند التيسير فانظر ذلك.

(ويؤخذ من تجار الحربيين العشر إلا أن ينزلوا على أكثر من ذلك).

يعني أن الحربي إذا اتجر إلى بلاد الإسلام ودخل بالأمان على شيء يعطيه لزمه ولا يزاد عليه وإن لم يعين شيئا لزمه العشر فما دونه باجتهاد الإمام على المشهور. قال

ص: 500

ابن القاسم وأشهب ولا يزاد على العشر وقال أصبغ إن كانوا معروفين بالنزول على العشر قبل ذلك وظاهر كلام الشيخ أنه لا ينقص من العشر وإن رآه الإمام والمشهور أن ذلك لاجتهاد الإمام في النقص والزيادة والله أعلم.

(وفي الركاز وهو دفن الجاهلية الخمس على من أصابه).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في الركاز الخمس» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفي المدونة أولا لمالك هو دفن الجاهلية كما قال الشيخ نقول أولا وفيها آخرا مع الموطأ سمعت أهل العلم يقولون إنما الركاز دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال أو كبير عمل وإن أصيب مرة دون أخرى فغير ركاز عياض قيل قولاها اختلاف وقيل وفاق وهذا في المعدن والأول في الدفن والمشهور تخميس القليل والكثير منه كان عينا أو لؤلؤا أو نحاسا أو غيرها إليه رجع مالك عن تخصيصه بالعين واختاره ابن القاسم وغيره وما كثر العمل والنفقة في تحصيله فليس فيه إلا الزكاة على الأصح.

وفي قوله (على من أصابه) عموم فلا يشترط الإسلام ولا غيره وهو لواجده بموات أو فيفاء أو مجهولة ولمالكها بغيرهما إن وجده اتفاقا أو غيره على المشهور وقيل للواجد مطلقا ودفن مسلم أو ذمي لقطة وذو علامتي الإسلام وغيره لواجده.

ص: 501

فرع:

وما لفظه البحر من عنبر ولؤلؤ ونحوه غير مملوك فلواجده ولا يخمس ولو رآه أحد وبادر غيره أو واحد من جماعة فللرسابق فإن كان مملوكا فهل لمالكه أو لواجده قولان إلا الحربي فلواجده كان أخذه منه بقتال هو السبب وإلا ففيء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وجد كنزا في خربة «إن وجدته في قرية مسكونة فعرفه وإن وجدته في غير قرية ففيه وفي الركاز الخمس» .

أخرجه ابن ماجه من طريق عمرو بن شعيب وإسناده حسن والله أعلم.

ص: 502