المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة - شرح زروق على متن الرسالة - جـ ١

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

الفصل: ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

يقول هذا الباب يذكر فيه طهارة الماء ونجاسته وما يتعلق بذلك وطهارة الثوب والبقعة وهو المكان المصلى عليه ولم يذكر البدن اكتفاء بما يذكره في الاستنجاء وتنبيهاً على أنه واجب لذاته لا للصلاة فقط إذ لا يجوز لأحد أن ينجس عضواً من أعضاء لغير ضرورة حتى لقد عده بعضهم من الصغائر وذكر هنا حكم اللباس لأنه من باب الاستعداد كالطهارة ولأن حكمه مساو حكم طهارة الثوب والبقعة ثم كرره في باب الجامع ليشعر بأن له اعتباراً في الصلاة وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله.

وقد عد ابن رشد وغيره في فرائض الوضوء الماء الطاهر ورد بأنه ليس من فعل المكلف وأجيب بأن المراد إعداده ورد بأنه وسيلة والله أعلم وقد تبرع الشيخ في هذا الباب بقوله وقلة الماء مع أحكام الغسل سنة إلى آخره وقال ابن بشير وغيره الطهارة إزالة النجس أو ما في معناه بالماء أو ما في معناه ورده (ع) أنه تعريف للتطهير لا للطهارة فانظره وبالله التوفيق.

(والمصلي يناجي ربه إلخ).

يعني يساور ربه بالتلاوة والذكر والدعاء والاستغفار فيسارره ربه بما يفتح على قلبه من لطائف حكمته ومواد لطفه وعطفه إذ المناجاة في اللغة المساررة ومنه قوله عليه السلام: «لا يتناجى اثنان دون واحد» الحديث وما ذكره الشيخ هو لفظ حديث صحيح في روايات مختلفة والمقصود به إشعار المصلي عظمة المقام الذي يتوجه له حتى لا تبقى في بقية لغيره فيتذلل تذلل عبد حقير فقير بين يدي ملك علي عظيم كبير لذلك قال ابن بطال رحمه الله مناجاة المصلي به عبارة عن إحضار القلب والخشوع قال بعض الصوفية هو ذبول القلب بين يدي الرب سبحانه وقد اختلف في حضور القلب في الصلاة.

فقال ابن رشد وغيره واجب لا تبطل الصلاة بتركه وقيل مندوب يكره تركه ولابن العربي يجب نفي الخاطر على كل حال ثم إن كان مما تقدم الكلام فيه قريباً

ص: 114

بطلت وإلا فلا ولبعض من اختصر الإحياء الإجماع على أن حضور القلب في الصلاة واجب والإجماع على أنه لا يجب في كلها بل في جزء منها وينبغي أن يكون عند تكبيرة الإحرام اهـ.

وقد أفادني هذا الكتاب شيخنا أبو عبد الله القوري رحمه الله وسألته عن مؤلفه فقال مالكي وأنه يعتمد عليه والله أعلم وقد يراد المناجاة ما في حديث أبي هريرة يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين الحديث وقوله (فعليه أن يتأهب لذلك) يعني أن يستعد فإن التأهب الاستعداد ومنه قولهم تأهب الفارس للحرب والعروس للخروج إذا استعدا لذلك والإشارة بذلك الصلاة وما احتوت عليه من المناجاة لأنها أفضل الأعمال فلا يقدم عليها إلا بأحسن الهيئات ظاهراً أو باطناً.

قال ابن عطاء الله في الحكم الصلاة طهرة للقلب واستفتاح لباب الغيوب الصلاة محل المناجاة ومعدن المصافاة تتسع فيها ميادين الأسرار وتشرق فيها شوارق الأنوار علم وجود الضعف منك فقلل أعدادها وعلم احتياجك إلى فضله فكثر إمدادها انتهى ثم الاستعداد المذكور يكون ظاهراً بالوضوء وبالطهر حيث يطلب كل واحد منهما وجوباً أو ندباً سنة أو استحباباً فتنظف الأعضاء بالماء ظاهراً وبالتوبة والمغفرة باطناً فقد قال عليه السلام: «إذا توضأ العبد المؤمن فغسل وجهه خرجت الخطايا حتى تخرج من أشفار عينيه» فذكر كل عضو بتكفيره بالغسل وقال في آخره «حتى يخرج نقياً من الذنوب وتكون صلاته وخروجه للمسجد نافلة» الحديث ولما تكلم عليه ابن العربي وغيره قال وهذا في الصغائر وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة واستدل لذلك بوجوه فانظر العارضة وغيرها.

وقوله: (إن وجب عليه الطهر) يعني الغسل بأحد موجباته المتقدمة بعد توفر شروطه ومن شروط الوضوء أيضاً البلوغ والعقل والإسلام وبلوغ الدعوة وثبوت حكم الحدث وارتفاع ما نعي الحيض والنفاس وعوارض الإكراه والغفلة والسهو والنوم والقدرة على استعمال الماء بلا مشقة فادحة بعد دخول الوقت إذ لا يجب قبله وإنما

ص: 115

شرط في الاستعداد بالغسل وجوبه دون الوضوء لأن الاستعداد به يكون دون وجوب إذ يستحب تجديده لكل صلاة فرض بعد صلاة به وقيل كونها فرضاً بخلاف الغسل فإنه لا يستحب لكل صلاة بل ربما كان بدعة وإن قال به بعض العباد والله أعلم.

(ويكون ذلك بماء طاهر غير مشوب بنجاسة).

ص: 116

يعني قليلة كانت أو كثيرة قليلاً كان أو كثيراً على ما يأتي ذكره إن شاء الله والإشارة بذلك الوضوء والطهر والاستعداد بهما والماء شرط فلا يتطهر بغيره نبيذاً كان أو غيره خلافاً لأبي حنيفة في بعض أقواله والطاهر الخالي عن النجاسة المغيرة اتفاقاً وغير المغيرة إن كان قليلاً على خلاف فيها والمشوب الممزوج المخلوط إذ الشوب الخلط والمزج فيما لم يمازج ولم يخالط لا يضر أما وجدان رائحة جيفة بقرب الماء فيه ولم تحصل إليه أجزاؤها ولا يمكن ذلك لنزول محلها عن محله أو بعدها فباتفاق والدهن الملاصق مثل ذلك.

قال ابن عطاء الله ثم الماء عند حلول النجاسة على قسمين متغير وغير متغير فالمتغير لا يتطهر به قل أو كثر وغير المتغير قسمان كثير وقليل فالكثير قسمان متفق على كثرته ومختلف فيها فالكثير باتفاق طهور باتفاق والقليل مختلف فيه حداً وحكماً وسيأتي إن شاء الله نصاً وظاهراً ما هنا أن سلامة الماء من دخول النجاسة عليه شرط في صحة الطهارة به وإن لم يتغير وذلك من حيث الكمال صحيح لا من حيث الجواز وقد تقدم التفصيل فوقه فتأمله ومدار ما ذكر على أنه لا يتطهر بما حلته النجاسة وإن لم تغيره ولا بغيره إن تغير لونه لقوله (ولا بماء قد تغير لونه أو طعمه أو ريحه) لدلالة كل من هذه على مخالطته وعدم استهلاكه إن كان تغيره لشيء خالطه بحلوله فيه من شيء نجس أو طاهر لأن الداخل عليه جزء المستعمل فيكون الوضوء بماء وغيره ولا يصح الوضوء بغير الماء الصرف فإذا تحقق التغيير بالمخالطة منع.

وإن تحقق كونه بالمجاورة لم يمنع وإن شك في ذلك من حيث الحكم فاختلف ومنه الخلاف في المبخر بالمصطكى وجزم اللخمي بعدم طهوريته وقال (ع) جزمه صواب لتجسدها على وجه الماء عند الكثرة ولم يعتبر ابن الماجشون الريح لضعفه في الدلالة وظاهر كلامه إن ما لم يتغير بالطاهر لا يضره قل أو كثر وهو المشهور خلافاً

ص: 117

لابن القابسي في قليل الماء يحله قليل المائعات ولم يغيره والحاصل أن التغيير مانع من الاستعمال مطلقاً إن كان بما ينفك عنه غالباً لا بما يلازمه غالباً حسبما نبه عليه بقوله إلا ما غيرت لونه الأرض التي هو بها حال اتصالها به وملازمته لها من سبخة بفتح المهملة والموحدة ثم المعجمة وهي أرض ذات ملح ورشح ملازم قال في مختصر العين يقال: سبخت الأرض وأسبخت وحمأة بفتح المهملة وسكون الميم بعدها ألف مهموزة وهي طين أسود منتن قاله الخليل ونحوها كالملح والكبريت والمغرة والنورة والزرنيخ والشب وغير ذلك مما يكون قراراً له حالة كونه قراراً لا يضره بل كل ما لا يفارقه لتولده منه كالطحلب والزغلان ونحوه. وما يكون عن طول مكثه كاصفراره وغلظ قوامه ودهنية تعلوه من ذاته إلى غير ذلك فلو طرأ عليه شيء مما هو قرار له فغيره كإلقاء الريح ونحوه لم يضره اتفاقاً ولو مطروحاً بالقصد ففي الملح.

ثالثها: الفرق بين المعدني والمصنوع كذا حكاه المازري وابن بشير وعزا الثالث الباجي (خ) وفي ذلك نظر لأن الباجي لم يحزم به وإنما ذكره على سبيل الاحتمال قال ونقل ابن بشير خلافاً هل القول الثالث تفسير أو خلاف والقول بعدم التأثير لابن القصار مع الشيخ وبالتأثير لابن القابسي وفي غير الملح ثالثها يغتفر التراب لعدم انتقاله بالنقل بخلاف غيره (خ) وقد ذكر مجهول الجلاب أن المشهور في التراب وغيره واحد وهو عدم سلب الطهورية لكن ذكر ابن يونس أن الصواب في الملح سلب الطهورية (خ) في مختصره والأرجح السلب بالملح وفي الاتفاق على السلب به إن صنع تردد وقال الطرطوشي في الطحلب إن كان تغيره لطبخه في الماء ضر لإمكان انفكاكه بخلاف غير المطبوخ وقيل يكره مع وجود غيره مطلقاً وألحق بعضهم بقراره تغيره بالقربة من طول زمانها وتغيرها برائحة القطران في السفر للضرورة.

والخلاف في الرائحة سند ولا يستغنى عنه عند العرب وأصحاب البوادي وذكر أبو محمد الشيييي في ماء القربة واللبن يتغير بما يصلحه من الدباغ والطرفاء ونحوها أنه طهور وغيره أحسن وقال وظاهر كلام ابن رشد غير طهور وكذلك حبل السانية والإناء الجديد قال ابن رشد لا يضر إلا أن يكون تغيراً بيناً وأفتى ابن الحاج بخلافه وفيما تغير بورق الشجر قولان (خ) الجواز للعراقيين والمنع للأبياني حكامهما الباجي قال (خ) في

ص: 118

مختصره ويضر بين تغير بحبل سانية كغدير بروث ماشية أو بثر بورق شجر أو تبن والأظهر في بئر البادية بهما الجواز انتهى.

وقد بحث فيه من جهة تحرير النقل فانظر ذلك.

(فرع) الشك في المغير لا يضر كذا جزم به (خ) في مختصره ونقل في التوضيح عن المازري أن الأصل في المياه الطهارة والتطهير حتى يتحقق الناقل ويقبل خبر الواحد في ذلك إن بين وجهاً أو اتفقا مذهباً وإلا فقال المازري: يستحسن تركه والله أعلم.

(وماء السماء وماء الآبار وماء العيون وماء البحر طيب طاهر مطهر للنجاسات).

يعني وما في معناها من الأحداث بل هو شرط في رفع الحدث بإجماع وفي زوال النجاسة على المنصوص فقط وهذا كله إذا كان باقياً على أصل خلقته وهو المعبر عنه بالماء المطلق أي الذي يصدق عليه اسم ماء بلا قيد قال (خ) في مختصره قال شيخنا أبو العباس حلو لو: كان الله له وأصله في المقدمات وهو قريب من تعريف الأصلين الماهية ومراده بماء السماء المطر والندى والثلج والبرد والجليد سواء ذاب بنفسه أو ذوب لقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً} [الفرقان: 48] الآية وكل ما ذاب بعد جموده يلحق بالثلج ونحوه ولو ملحاً في غير محله.

وثالثها: إن كان بغير علاج وإلا فكالطعام حكاها في المقدمات وذكر ابن العربي في الأحكام عند قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ المُرْسَلِينَ} [الحجر: 80] منع الوضوء ببئر ثمود لأنها بئر غضب وأنه عليه السلام أمر بطرح ما عجن منها وبالتيمم وترك استعمالها فهي مستثناة من الآبار وهو خلاف ما هنا من العموم ونحوه قال ابن شعبان لا يتطهر بماء زمزم لأنه طعام لقوله عليه السلام: «هو طعم وشفاء سقم» والمعول عليه خلافه إلا في زوال النجاسة فيجل عن استعماله فيها وإن استعمل طهر والله أعلم.

والمراد بالبحر المالح لأنه محل التغير إذ طعمه مر مالح وريحه منتن لكن قال عليه السلام: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» وذكر ابن العربي في العارضة أن الدارقطني روى أنه طهور الملائكة إذا عرجوا وإذا نزلوا قال وفيه أن البحر كله رحمة وبركة ماؤه

ص: 119

طهور وميتته حلال وظهره مجاز وقعره لآلئ وقال غيره خلافه ولعل ذلك يختلف وقوله طيب يعني في ذاته لكل ما يستعمل فيه طاهر في حكمه ما دام غير مخالط بنجس وإن خالطه طاهر مطهر ما دام على أصل خلقته لم يغيره طاهر ولا نجس وقوله للنجاسات يعني وما في معناها لا لها فقط ونص المختلف فيه دون المتفق عليه للاحتياج لتعريف الحكم في محل الخلاف والله أعلم.

(وما غير لونه بشيء طاهر حل فيه فذلك الماء طاهر غير مطهر في وضوء أو طهر أو زوال نجاسة).

يعني أنه يستعمل في العادات دون العبادات ويل العين دون الحكم وإذا أزيلت به النجاسة لم يتنجس ملاقى محلها على المشهور وإن كان لا يصلي به فالمياه إذا ثلاثة طهور وطاهر فقط ونجس والمشكوك راجع لذلك فانظره والله أعلم.

(وما غيرته النجاسة فليس بطاهر ولا مطهر).

يعني فليس بطاهر في نفسه ولا مطهر لغيره لكن بشرط حلولها فيه لا بمجاورتها له وسواء كانت قليلاً أو كثيراً كانت له مادة أو لم تكن فإن زال تغيره بمكاثرة ما المادة فيه أو بإدخال ماء آخر عليه طهر، وإن زال بنفسه ففي الإرشاد الظاهر عوده إلى أصله وقيل إن زال بالنقص المجرد فقولان أيضاً.

فرع:

وإن مات حيوان بري ذو نفس سائلة به وهو راكد فإن تغير وجب نزحه إلى

ص: 120

زوال التغيير وإن لم يتغير وجب النزح بقدر الماء والدابة وقيل يجب بخلاف ما لو وقع ميتاً.

(وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم تغيره).

يعني فيلزم تجنبه بل قال ابن القاسم يتيمم من لم يجد سواه فإن توضأ وصلى به أعاد في الوقت (خ) فحمله عبد الحق والسيوري على أن الماء عنده نجس وجعل الإعادة في الوقت مراعاة للخلاف، قلت وهو ظاهر كلام الشيخ في باب جامع الصلاة إذ قال وكذلك من توضأ بماء نجس مختلف في نجاسته قال وحمله ابن رشد على أن الماء عنده مكروه لكونه أمره بالإعادة في الوقت.

قلت: فرده لمشهور المذهب وهو أولى وإن كان فيه بعد قال ومن الأشياخ من عده تناقضاً وحمله عبد الوهاب على أنه يجمع بين الماء والتيمم وضعفه عياض لبعده عن اللفظ وفي أول مسألة من البيان رواية المصريين أن الماء اليسير يفسده يسير النجاسة وإن

ص: 121

لم يتغير وصفاً من أوصافه وفي رسم القسمة من سماع عيسى قول ابن وهب وهو الصحيح على أصل مذهب مالك.

ورواية المدنيين عليه أن الماء قل أو كثر لا ينجسه شيء حل فيه من النجاسات إلا أن يغيره لحديث بئر بضاعة ابن الحاجب وقيل إن كان مشكوكاً فيه فيجمع بينه وبين التيمم لصلاة واحدة مع تقديم الوضوء قاله عبد الملك فإن أحدث بعد فعلهما لصلاة واحدة على قولين اختلف في مقدار القليل من الماء أعني الذي هو محل الخلاف فوقع للإمام أنه آنية الوضوء وآنية الغسل وفي كلام القاضي عبد الوهاب أنه الحب والجرة انتهى ونبه بعض شيوخنا الأفريقيين على أنه نسبي والقطرة في آنية المتوضئ كالقطرتين في آنية المغتسل وذكر أدلة من كلام الإمام وغيره.

(وقلة الماء مع إحكام الغسل سنة).

يعني ويستحب العمل بها فهو مندوب إلى التقليل من صب الماء في الطهارة بلا حد على المشهور وإحكام الغسل إتقاانه وهو واجب ابن الحاجب الواجب الإسباغ وأنكر مالك تحديده بأن يسيل أو يقطر وقال بعض من مضى يتوضأ بثلث المد يعني مد هشام (خ) والمشهور أن مد هشام مد وثلثان بمدة عليه السلام والبيان أما ثلث مد النبي صلى الله عليه وسلم فيسير جداً لا يمكن إحكام الوضوء به وقال فضل بن مسلمة إنما أنكر مالك التحديد لا السيلان إذ لو لم يسل كان مسحاً ونحوه لابن محرز.

قال عياض بعض من مضى هو عباس بن عبد الله بن سعيد بن العباس بن عبد المطلب بباء موحدة كاسم جده قال والشيوخ يقولون عياش وهو خطأ انتهى وفيه تقديم وتأخير فانظره وفي كلام الشيخ أن المطلوب إحكام المغسول لا المسموح وهو الصحيح لأن المسح مبني على التخفيف فلا تطلب المبالغة فيه وهل تطلب إزالة الوسخ إن لم يكن متنجساً أو لا متجللاً انظره والسرف منه غلو وبدعة يعني السرف من الماء أي الأكثر من صبه في الوضوء إذ السرف لغة الإكثار في غير حق والغلو زيادة في الدين قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] الآية وأصله من قولهم غلا السهم إذا بعد والغلو إحداث أمر في الدين يشبه أن يكون منه وليس به ومرجعه لاعتقاد ما ليس بقربة قربة على وجه الحكم بذلك وهذا منه لمن يراه كمالاً

ص: 122

فأما من يعتريه ذلك من وسوسة يعتقد نقصها وأن ما يفعله من ذلك مخالف لأصل السنة.

فلا يصح كونه بدعة أصلها جهل بالسنة وخبال في العقل، ثم البدعة تارة تكون مندوبة وتارة تكون مكروهة ولا يمكن أن يبلغ بها حد التحريم لأنها لم تعارض واجباً ولا رفعت حكماً أصلياً وقد نص في النوادر على الكراهة ثم آفة ذلك من جهات هي أنه ربما اتكل عليه وفرط في الدلك وأبطأ به الحال عن جماعة أو غيرها أو ضر بغيره في الماء لطهارة أو نحوها أو يفقد الماء فلا يمكنه إحكام الطهارة لألفه الكثير أو يبقى مشوش القلب من استعمال القليل قالوا أو يورث الوسواس ولا يمكن معه زوال الشك.

وقد جربنا ذلك كله فصح.

(فائدة) فال مشايخ الصوفية لا تعتري الوسوسة إلا صادقاً لأنها تحدث من التحفظ في الدين ولا تدوم إلا على جاهل أو مهوس لأن التمسك بها من اتباع الشياطين وهذا معنى كلامهم وهو واضح صحيح وبالله التوفيق.

(وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمد وهو وزن رطل وثلث).

يعني بمقدار مد من ماء أي ما يسعه من الطعام لأن قدر المد من الماء يسير جداً ومن الطعام أضعافه قاله في العارضة والرطل اثنا عشر أوقية والأوقية عشرة دراهم وثلث والدرهم خمسون حبة وخمس حبة من الشعير الوسط وسيأتي ذلك من الزكاة إن شاء الله.

(وتطهر بصاع).

أي بقدر صاع على معنى ما يسعه من الطعام كما تقدم في المد وهو أربعة أمداد بمده صلى الله عليه وسلم وقدره خمسة أرطال وثلث بالرطل المذكور فوقه قال بعض الشيوخ وذلك بعد إزالة الأذى.

وقد روى أنه كان يغتسل هو وعائشة رضي الله عنها من إناء يقال له الفرق وهو يسع ثلاثة أصوع.

وفي حديث عبد الله بن زيد أنه قال أتى عليه السلام بثلثي مد فجعل يذلك به ذراعيه رواه أحمد وصححه ابن خزيمة فهو حجة لمن رد على ابن شعبان في قوله لا يجوز الاقتصار على دون المد والصاع وقال بعض شيوخ الشافعية في التثليث بالمد

ص: 123

والصاع نظر، قلت تنظيره صحيح في الغسل لا في الوضوء فتأمله وبالله التوفيق.

(وطهارة البقع للصلاة واجب).

ش: يعني واجبة وكذلك هو في بعض النسخ وكل صحيح فالتذكير بتقدير أمر ومعنى واجب أي لازم ومستحث وأصل الوجوب في اللغة السقوط ومنه فإذا وجبت جنوبها وقولهم وجبت الشمس والمقصود أنه ساقط المكلف سقوطاً لا يمكنه التخلف ولا الانفكاك منه والبقعة المكان الذي يراه لإيقاع الصلاة فيه فيشترط كونه طاهراً إذا قصد الصلاة فيه فلا تجب طهارته قبل ذلك حتى أنه لو تذكره قبل حضور الصلاة ثم نسيه فكأنه لم يرب.

ابن الحاجب على المشهور (خ) أي ويعيد في الوقت.

س: والشاذ ليس بثابت في المذهب والله أعلم.

وإنما اعتمد فيه على نقل ابن شاس وابن شاس ذكره عن ابن العربي ولم يسمع قائله وشأنه في كتبه إدخال مسائل وأقاويل من غير المذهب استحساناً لها واستغراباً أو تضعيفاً. ومن أكثر النظر في كتبه علم ذلك والله أعلم انتهى.

وقوله: (وكذلك طهارة الثوب) يعني واجبة كوجوب طهارة البدن ولم يذكره هنا اكتفاء بقوله بعد وهو من باب إيجاب إزالة النجاسة به أو بالاستجمار أن لا يصلي بها في جسده. (ع) ومن علم نجاسة ثوبه في صلاته ففيها يقطع وروى أبو الفرج وإسماعيل إن أمكنه نزعه وإلا قطع اللخمي عن ابن الماجشون وإلا تمادى وأعاد انتهى.

(خ) والقطع مشروط بسعة الوقت وأما مع ضيقه فقال ابن هارون لم يختلفوا في

ص: 124

التمادي إذا خشي فوات الوقت لأن المحافظة على الوقت أولى من النجاسة قال في مختصره وسقوطها في صلاة مبطل كذكرها فيها ولا قبلها أو كانت أسفل نعل فخلعها انتهى.

وهو على المشهور إذ في الكل خلاف والله أعلم.

وقوله (فقيل إن ذلك فيهما) يعني في البقعة والثوب يريد والبدن لما تقدم ويأتي وقوله (واجب وجوب الفرائض) وهو ثلاثة أوجه فرض شرط فيعيد التارك ولو سهوا أبداً وهذه رواية ابن وهب وفرض ليس بشرط وهو مقتضى قول أشهب لا إعادة عليه إلا في الوقت استحباباً عامداً كانا أو ناسياً عند بعضهم وحمله الأكثر على السنة وهو فيه نظر وفرض بشرط الذكر والقدرة ونسبه اللخمي للمدونة لقوله فيها يعيد العامد أبداً والناسي والعاجز في الوقت الباجي وهو الذي يناظر عليه أصحابنا.

وطريقة اللخمي تدل عليه لأنه المشهور (خ) وقد صرح بذلك غير واحد قال وذكر في البيان إن المشهور في المذهب قول ابن القاسم عن مالك إن رفع النجاسة من الثياب بالأبدان سنة لا فريضة فمن صلى بثوب نجس على مذهبه ناسياً أو جاهلاً مضطراً إلى الصلاة فيه أعاد في الوقت انتهى.

ولهذا القول ولمن قال به قصد الشيخ بقوله وقيل وجوب السنن المؤكدة يعني التي فعلها حسنة وتركها إلى غيرها خطيئة فطريقة الرسالة أن المذهب على قولين الوجوب والسنة ونسب لها ابن الحاجب الوجوب مطلقاً (خ) وما نسب إليها ليس كذلك لأن فيها قولين الوجوب والسنة وحكى غيره طريقة قائلاً ذكرها المازري فانظره (ع) وإزالة

ص: 125

نجاسة لباس المصلي ومحله وجسده ابن القصار والرسالة والتلقين واجبة.

والخلاف في إعادته للشرطية الجلاب وشرح الرسالة والبيان والأجوبة سنة والخلاف لترك السنن انتهى فانظر بقيته وبالله التوفيق.

(ينهى عن الصلاة في معاطن الإبل ومحجة الطريق وظهر بيت الله عز وجل والحمام حيث لا يوقن منه بطهارة والمزبلة والمجزرة ومقبرة المشركين وكنائسهم).

يعني وإن اختلف الحكم فيها ولم تتفق في علة النهي (خ) والتعليل في هذه الأماكن مختلفة أما المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق فلنجاستها غالباً ثم إن تيقن النجاسة والطهارة فواضح وإن لم يتيقن شيئاً فالمشهور يعيد في الوقت بناء على الأصل وقال ابن حبيب أبداً بناء على الغالب وهذا إذا صلى ففي الطريق اختياراً وأما لضيق المسجد فيجوز. قال ونقل المازري عن ابن شاس وابن الكاتب إن صلى بقارعة الطريق لا يعيد إلا أن تكون النجاسة فيها عين قائمة انتهى.

وما نقله عن ابن حبيب إنما هو في العمد والجهل لا في النسيان كذا نقله (ع) وغيره وهو أصل مذهبه في الباب والمعاطن جمع معطن ابن الحاجب وهو مجمع صدرها من المنهل (خ): أي موضع اجتماعها عند صدرها من الماء والمعطن: هو الصدر، قال:

ص: 126

فلان واسع العطن أي الصدر، فمعاطن الإبل مباركها عند الماء قال المازري (ع) زاد الجوهري لتشرب عللاً بعد نهل والعلل الشرب الثاني انتهى.

واختلف في علة النهي عنها بوجوه كلها منقوضة والأقرب المظنة مع زفارتها فإن انبهم ففي الإعادة لمن صلى بها في الوقت قولان:

فأما ظهر بيت الله الحرام – وهو الكعبة – فالصلاة فيه ممنوعة وهو أشد من الصلاة في جوفه لأن المشهور أن على من صلى على ظهره الإعادة أبداً وعلى من صلى في جوفه الإعادة في الوقت. وحكى ابن محرز عن أشهب أن ظهرها مثل جوفها وحكى عنه اللخمي الإعادة، وقال عبد الوهاب إن أقام يقصده كجوفها وذكر ابن الحاجب عن أشهب إن كان بين يديه قطعة من السطح كالجوف (ع) فنقل ابن شاس عن المازري عن أشهب إن كان بين يديه قطعة من سطحه فكجوفه واتبعه ابن الحاجب وشارحه وهم إنما نقلوه عن أبي حنيفة انتهى.

وأما الحمام فقيل النهي لما ورد من أنه بيت الشيطان والمشهور للنجاسة فإذا اتضح أمرها فلا إشكال وإن انبهم كره ولا إعادة على المشهور وفي قوله (حيث لا يوقن منه بطهارة) أنه يختلف بالأمكنة أو تختلف أمكنته وفي الأجوبة أن موضع جلوس خارجه طاهر وهو معروف عندنا بالمسلخ.

والشيوخ يذكرون في القطرة من سقفه قولين مبناهما انقلاب الأعيان. والغالب على بيته الأول النجاسة والداخل الطهارة والوسط المشكوك وهذا كله ببلاد المغرب لأن بالشرق ترتيباً آخر له حكمه والله أعلم.

وأما المزبلة والمجزرة فتقدم الكلام عليهما وفي بعض النسخ إثبات المجزرة وهو الصحيح وفي بعضها إسقاطها ولا خلاف في طهارة الدارسة العافية من آثار أهلها مزبلة كانت أو مجزرة أو كنيسة وإنما الكلام في غيرها وأما مقبرة المشركين فإنها حفرة من حفر النار وقد اختلف في الصلاة في المقبرة مطلقاً (ع) وفي كراهتها بالمقبرة. ثالثها إن نبشت أو كانت لمشرك، ورابعها إن كانت لمشرك انتهى.

ابن الحاجب وكرهها في المقبرة مأمونة من أجزاء الموتى والحمام من النجاسة لم يكره على المشهور (خ) هو كذلك في المازري لحديث «جعلت لي الأرض مسجداً

ص: 127

وطهوراً» ابن عبد البر وناسخ لما عارضه وقد ثبت أنه عليه السلام بنى المسجد في مقابر المشركين.

قال: وأما الحمام فقد أجاز الصلاة فيه في المدونة إذا كان موضوعة طاهراً وأما الكنائس فهو موضع تعبد الكفار بصلاتهم وقد كره مالك الصلاة فيها النجاسة والصور (ع) وتكره بالكنيسة العامرة اختيار فإن تحقق نجاستها فواضح وإلا ففي إعادته في الوقت مطلقاً أو لم يضطر فلا يعيد ثالثها الجاهل أبداً وغيره في الوقت ولو اضطر انتهى.

واستحب إعادة من صلى بها ابن حبيب لا بأس بالدارسة العافية من آثار أهلها قال ومن صلى بيت كافر أو مسلم لا ينزه بيته أعاد أبداً والله أعلم.

ص: 128

تنبيه:

الوارد فيما ذكر ما خرج الترمذي وغيره بعضه من حديث ابن عمر وبعضه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما وهما ضعيفان وقع بعض أفراده في الصحيح فاعتبر حكمه بخلاف ما وقع عليه اعتباراً بأصل حكمه والله أعلم.

فروع:

أولها: تجوز الصلاة في مرابض الغنم والبقر من غير كراهة لعدم النهي ولحديث صلوا في مرابض الغنم فإنها خلقت من الجنة ولأن مواضعها لا تقصد لقضاء الحاجة وفضلاتها طاهرة والله أعلم.

الثاني: المشهور جواز النقل في الكعبة لا الفرض ولا الوتر ولا ركعتي الفجر (خ) مقابل المشهور لا شهب بالجواز فيهما وإذا صلى فحيث شاء وندب لغير الباب.

الثالث: إن صلى الفرض فيها أعاد في الوقت قاله في المدونة فحمله ابن يونس وجماعة على الناس وحمله عبد الوهاب واللخمي وابن عات على ظاهره وإن العامد كالناسي (ع). ورواية ابن القاسم في الوقت كمن صلى لغير القبلة فيريد ناسياً، والرابع: الحجر كالبيت اللخمي لا نص في الصلاة إليه عن مالك (خ)، وذكر في البيان في التوجه إليه، الخامس: قال (ع) ورد النهي عنها بالوادي ونقل ابن الحاجب عن المذهب لا أعرفه (خ) قيل إنه انفرد به الباجي عن ابن مسلمة لو تذكر صلاة في بطن واد صلاها لعدم عرفانها بها بوجود الشيطان فيه قال الداودي إلا أن يعلم أن ذلك الوادي بعينه فلا تجوز الصلاة فيه قال فهذا قولهم في الفائتة فيحتمل أن يكون لوجوب المبادرة بخلاف الحاضرة لسعة الوقت والله أعلم.

(وأقل ما يصلي فيه الرجل من اللباس ثوب ساتر).

يعني ساتراً للعورة ولجميع الجسد على الخلاف في ذلك غذ قد اختلف في عورة الرجل على نحو خمسة أقوال المشهور ما بين السيرة والركبة شهره صاحب الإرشاد في العمدة وقال الباجي عليه جمهور أصحابنا ابن الحاجب وقيل السرة حتى الركبة (ع) عن أصبغ السوءتان خاصة (خ) حكاه اللخمي وابن شاس ولم يعزه ولم أره معزواً. وقال صاحب اللباب هو ظاهر قول أصبغ بن الحاجب فانظره وعزاه غير واحد لأبي الفرج ورام منه شيء فإن فعل لم يعد فتأمل ذلك.

ص: 129

وقوله (من درع أو رداء) يعني أن الثوب المذكور لا ينحصر في نوع من الثياب وإن المطلوب الساتر كان درعاً وهو ما يسلك في العنق أو رداء وهو ما يلتحف به غير أنه يطلب كونه سابغاً لا يصف ولا يشف ابن الحاجب والساتر المشف كالعدم وما يصف لرقته أو تحديده فمكروه كالسراويل بخلاف المئرز (ع) وقول ابن بشير وتابعه ما شف كالعدم وما يصف لرقته يكره وهم لرواية الباجي تسوية إعادة الصلاة بأحدهما ولسماع موسى من صلت برقيق يصف أعادت للإصفرار ابن رشد وقيل للغروب (خ) قال في النوادر ومن الواضحة ويكره أن يصلي بثوب رقيق يصف أو خفيف يشف فإن فعل لم يعد قاله مالك وإلا الصفيق الرقيق لا يصف إلا عند الحرج فلا بأس به انتهى.

وفي قوله (أقل ما يصلي فيه الرجل إلى آخره) تنبيه على وجوب ستر العورة للصلاة. وقد عده ابن الحاجب وغيره من الشروط الملازمة ابتداء ودواماً (س) وفي عده من الشروط نظر (خ) قال صاحب القبس المشهور بشرط التونسي المشهور فرض ليس بشرط وعلى هذا فلا يحسن عده من الشروط نعم يحسن على ما قاله ابن عطاء الله فإنه قال. والمعروف أن ستر العورة المغلظة من واجبات الصلاة وشرط فيها مع العلم والقدرة ابن الحاجب وفي وجوب ستر العورة في الخلوة قولان. وعلى النفي ففي وجوبه للصلاة قولان أي وإذا فرعنا على أنه لا يجب في غير الصلاة هل يجب للصلاة أو لا؟ قولان: وهذه طريقة اللخمي ورده ابن بشير بأنه لا خلاف في وجوبه للصلاة وإنما الخلاف هل هو شرط في صحتها أم لا؟ (ع).

وفي كونه فرضاً أو سنة مدة الصلاة قولان الباجي عن إسماعيل بن بكير والأبهري وابن محرز عن الأكثر قال فرد ابن بشير قول اللخمي في كونه فرضاً أو سنة خلاف بأن لا خلاف في فرضه وإنما في شرطيته تعسف انتهى. ونحوه عند (خ) عن ابن شاس وابن عطاء الله من ضعيف قول ابن بشير بما ذكر والله أعلم.

وقوله (والدرع القميص) يعني ما يسلك في العنق كذا سمعناه عن شيوخنا. وفي الغريب درع المرأة يذكر ودرع الرجل يؤنث والله أعلم.

(ويكره أن يصلي بثوب ليس على أكتافه منه شيء).

يعني اختياراً إذا استرت عورته وفي هذا أن مراده بما تقدم أقل ما يصلي فيه على

ص: 130

وجه الكمال وهو جار على المشهور وإنما يكره على الخلاف وعدم التحمل فقد قال ابن رضي الله عنه – فنافع أليس قد كسوتك ثوبين؟ قال نعم قال أتريد أن تخرج للسوق دونهما قال لا قال فالله أحق أن يتحمل له.

وقوله (فإن فعل ذلك لم يعد) يعني على المشهور وإلا ففي المسألة اختلاف (ع) وفي إعادة مصل بسراويل فقط اختيار قولان لأشهب ولها ابن الحارث والإزار كذلك انتهى والتبان أولى في الكراهة والمنع وإن كان سلمان رضي الله عنه قال نعم الثوب التبان فلوجه آخر والله أعلم.

(وأقل ما يجزئ المرأة .. إلخ).

يعني الحرة البالغة من اللباس في الصلاة ومع غير محرمها من الرجال الدرع أي القميص الحصيف بالحاء المهملة أي المحكم النسج إذا شددته السابغ أي الكامل التام ومنه إسباغ الوضوء وسابغات وأسبغ عليكم نعمة أي أكملها.

(الذي يستر ظهور قدميها).

بل جميع بدنها لأنها كلها عورة ولو شعرة إلا الوجه والكفين وخمار تتقنع به أي تستر به رأسها وشعرها والخمار ما يستر الرأس والصدغين وابن الحاجب وتؤمر الصغيرة بستر الكبيرة (خ) وأعادت أن راهقت للإصفرار ككبيرة إن تركت القناع ابن الحاجب والأمة كالرجل بتأكد ومن ثم جاء.

الرابع: المشهور أن صليا باديي الفخذ تعيد الأمة خاصة في الوقت (خ) لم أر ما ذكره من الأقوال إنما رأيت ما ذكر أنه المشهور ونقله التونسي واللخمي وابن يونس عن أصبغ ونقل ابن رشد لا خلاف أن فخذ الأمة عورة وإنما الخلاف في فخذ الرجل (ع) وفي الأمة ثلاثة فيها ما عدا الوجه والكفين ومحل الخمار. وروى إسماعيل سوى الصدر أصبغ من السرة إلى الركبة قائلاً تعيد لكشف فخذيها أي في الوقت ابن الحاجب ورأس الحرة وصدرها وأطرافها كالفخذ للآمة (خ) أي تعيد في الوقت (ع) وكل ذات رق فكالأمة إلا أم الولد ففيها كالحرة انتهى.

وفي الجلاب والمكاتبة والمشهور خلافه والمرأة مع مثلها كالرجل مع مثله وإن كتابية على المشهور ومع محرم غير الوجه والأطراف وترى من الأجنبي ما يراه من

ص: 131

محرمه وسيأتي هذا المعنى في آخر الكتاب إن شاء الله. وقوله (وتباشر بكفيها الأرض في السجود) يعني استحباباً وكذا بوجهها ابن الحاجب والمنتقبة لا تعيد (خ) لأنها فعلت ما أمرت به وزيادة إلا أنها فعلت مكروهاً إذ هو من الغلو.

وقوله (مثل الرجل) يعني أنها كالرجل في ذلك (ع) ابن حبيب يستحب مباشرة الأرض بوجهه ويديه ولا بأس بحائل لحر أو برد ويستحب القيام عليها ويجوز على حائل من نبات لا يستنبت كحصير أو خمر ابن الحاجب بخلاف ثياب الصوف والكتان والقطن والأولى أن يضع يديه على ما يضع به جبهته (خ) ابن بشير إذا كان لأجل الرفاهية فكل ما كانت فيه كره وإلا فلا (خ) وهذا إنما يكره في حق الوجه والكفين وأما غيرهما فلا انتهى. وهذه من مسائل البقعة واللباس وإلا فمحلها السجود وكذلك كل ما ذكر غير المياه فحمله الصلاة لكن يجتمع ذلك كله في الاستعداد ولم يرجع إليه والله أعلم.

ص: 132