الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المسح على الخفين
هذه الترجمة بغير باب في صحيح النسخ والمقصود ذكر أحكام المسح وصفته وآخر الكلام فيه مع أنه من توابع الوضوء تقديما للأهم والأصل على فرعه وفي جمل من الفرائض أنه رخصة فيتكلم عليه هناك إن شاء الله.
(وله أن يمسح على الخفين).
يعني بشرطه وهو أن يكون من جلد طاهر خرز وستر محل الفرض وأمكن تتابع المشي به بلا ترفه ولا عصيان بلبسه أو سفره بعد طهارة بالماء كاملة وفي قوله له تنبيه على أنه ليس بواجب ولا سنة ولا مندوب وهو المشهور وقوله: (في الحضر والسفر) يعني أنه لا تختص إباحته بمحل ولا حل وهو الذي رجع إليه مالك بعد أن رجع عنه إلى أنه لا يمسح المقيم وهو المشهور ونقله ابن نافع وابن وهب والباجي.
وقوله (ما لم ينزعهما) أشار لعدم التحديد في مدة المسح وهو المشهور وروى أشهب للمسافر ثلاثة أيام واقتصر وروى ابن نافع للمقيم من الجمعة لمثلها قيل استحبابا لغسل الجمعة وهو وفاق وقيل وجوبا فلا وفي كتاب السر يوم وليلة للمقيم.
تنبيه:
(خ) وكتاب السرفي إلى هارون الرشيد أنكره الأبهري وابن القاسم وغيرهما أبو بكر نظرت فيه فوجدته ينقض بعضه بعضا لو سمع مالك من تكلم بما فيه لأوجعه ضربا وقد سأل ابن القاسم عنه فقال لا يعرف لمالك كتاب سر انتهى.
فرع:
ابن الحاجب ولو نزع الخفين فأخر الغسل ابتدأ على المشهور فلو نزع أحدهما وجب غسل الآخر فإن عسر وخشي فوات الوقت وانظره.
(وذلك إذا أدخل فيهما رجليه بعد أن غسلهما في وضوء تحل به الصلاة).
يعني وذلك الحكم الذي هو جواز المسح إذا أدخل رجليه فيهما أي في الخفين معا لا أحدهما فلو أدخل أحدهما لم يمسح حتى ينزع الأخيرة ويعيد بعد كمال الطهارة قال سحنون: وهو المشهور والوضوء مقصود للطهارة المائية فليس شرطا بعينه ويخرج به التيمم.
وقال أصبغ يمسح على طهارة التيمم (خ) ومحل الخلاف على ما قاله غير واحد
إذ لبسه قبل الصلاة أما لو لبسه بعدها فلا يخالف في ذلك أصبغ لانقضاء الطهارة المشترطة في ذلك حسا وحكما (ع) ابن رشد بن لبابة شرطه لبسه على طهارة من حدث وخبث وعزى المشهور للمدونة مع ابن حبيب والآخرين واحترز بقوله تحل به الصلاة من الوضوء المندوب والذي لم يكمل قصداً أو غيره وقوله (فهذا الذي إذا أحدث وتوضأ مسح عليهما) يعني في وضوئه بدلاً من غسل رجليه وينوي الوجوب لأنه الأصل وفي كلامه إشارة لأن المغتسل لا يمسح وهو صحيح قاله بعض الشيوخ.
وقوله (وإلا فلا) يعني وإن لم يكن الشرط المذكور فلا يمسح على الخفين وليس ذلك الشرط وحده بكاف بل واحد من الشروط في الإسقاط كالجميع والله أعلم.
(وصفة المسح أن يجعل يده اليمنى من فوق الخف من طرف الأصابع ويده اليسرى من تحت ذلك ثم يذهب بهما إلى حد الكعبين).
يعني هذه الصفة المستحبة وهي التي علمهم مالك كما قال في المدونة وقوله (وكذلك يفعل باليسرى) يعني يبتدؤها من طرف الأصابع وقد جعل إحدى يديه من فوقها والأخرى من أسفلها ثم يذهب بهما إلى الكعبين إلا أنه ينقل اليد العليا للأسفل وبالعكس وهذا قوله: (ويجعل يده اليسرى من فوقها واليمنى من أسفلها) هذا اختيار الشيخ ورواية الآخرين وذكر أن مالكا أراهما المسح هكذا وأن ابن شهاب وصف لهما كذلك. وقال ابن شبلون اليسرى كاليمنى إذ لو كانت مخالفة لنبه عليها.
(ولا يمسح على طين في أسفل خفه أو روث دابة حتى يزيله بمسح أو غسل).
يعني أن المسح لا يصح بحائل وذكر الأسفل خروج للغالب والمسح والغسل عائدان لإزالة الطين والروث معا عن البدن لأنه يكفي في الخف والنعل من روث الدواب الدلك على المشهور بخلاف العذرة ونحوها والاكتفاء بالدلك فيهما هو الذي رجع إليه مالك للعمل وثالثها لابن حبيب العفو عن الخف خاصة وفي الرجل مجرة ثالثها إن كان لعذر فكالخف فأما العذرة والدم ونحوهما فلا بد من غسله ويخلعه الماسح لا ماء معه ويتيمم.
وقال بعضهم في كلام الشيخ هذا المسح راجع للطين والغسل راجع للروث وفيه نظر.
(وقيل يبدأ في مسح أسفله من الكعبين إلى أطراف الأصابع لئلا يصل إلى عقب خفه شيء من رطوبة ما مسح من خفيه من القشب).
يعني ياببس الأرواث لا العذرة إذ يجب غسلها وهذه صفة ثانية (خ) وانظر هل يأتي الخلاف المتقدم في كون اليمنى على الرجلين أو اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى أي فتكون الصفات اثنتين ومنتهاها لأربع أنظر ذلك والصفة الثالثة لابن عبد الحكم يده اليمنى على أطراف أصابعه اليمنى واليسرى من مؤخر خفه من عقبه ثم يمرهما تحته إلى آخر أصابعه واليمنى إلى عقبه فهذه ثلاثة أقوال تتضمن خمس صفات وقد أخذها بعضهم من الرسالة فانظره فإن الأخيرة بعيدة والله أعلم.
قوله: (وإن كان في أسفله طين فلا يمسح حتى يزيله) يعني لأن مسح أسفله واجب كأعلاه ويفترق ما في أعلى الخف مما في أسفله بالوجوب والندب ابن الحاجب ولو خص أعلاه بالمسح أجزأه ويعيد في الوقت وأسفله لم يجزه أشهب يجزئه فيهما أبو نافع لا يجزئه فيهما قال والغسل والتكرار مكروه وقال: ولا يتتبع الغضون (خ) لأنه مبني على التخفيف خلاف لابن شعبان ففي غضون الخفين والجبهة في التيممويمسح المهاميز إن لم تكن بهما نجاسة وإلا غسلهما فانظر ذلك.
تنبيه:
لم يذكر الشيخ مسح الجبائر وهو أهم بل تركه انظر ذلك متأملاً وبالله التوفيق.
خاتمة:
إثبات المسح لا يوجب كون إنكاره بدعة وإذا كان بدعة فلا يقال إنها بدعة منكرة لوجود الخلاف فيه أصلاً وفرعا فلا يبدع القائل به إذ لو قيل بذلك لأدى لتبديع الأمة بعدم القول به ورؤية تركه لا يعد صاجبه مبتدعا بل هو كسائر البدع الخلافية التي يرجع فيها لأصولها وبالله التوفيق.
وهذا آخر الثمن من الرسالة وبانقضائه فرغ كتاب الطهارة فلا يليه إلا كتاب الصلاة وأوله باب في أوقات الصلاة وأسمائها وحكم هذا الترتيب ووجهه مذكور في المطولات والله الموفق للصواب بمنه وكرمه.