الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في زكاة الفطر
يعني في ذكر أحكامها ومتعلقاتها.
(وزكاة الفطر سنة واجبة فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل كبير أو صغير ذكر وأنثى حر أو عبد من المسلمين صاعا عن كل نفس بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
ما ذكره الشيخ هو لفظ حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه في المتفق عليه ومعنى (سنة فرضها) قيل سنة في الحكم (وفرضها) بمعنى قدرها وقيل هي فرض بالسنة وهذا هو المشهور وتجب على من وجد قوت يومه معها وقيل على من لا يجحف به إخراجها في فساد معاشه وقيل إلا أن يحل له أخذها قاله ابن حبيب وقيل أخذ الزكاة.
وروي إنما تجب إذا كان عنده قوت شهر أو نصفه مثلاً وفي وجوبها على من له عبد لا يملك غيره روايتان وفي سقوطها بالدين قولان وكونها صاعا عن كل نفس هو المشهور مطلقا ابن حبيب إلا من البر فنصفه يجزئ أما من لم يفضل عن قوته وقوت عياله إلا أقل من صاع فهو فرضه واختلف في أول وقت الوجوب فقيل غروب الشمس ليلة الفطر وهو المشهور وقيل طلوع الفجر من يومه وشهر أيضاً وقيل طلوع شمسه وصحح وقيل من غروب الشمس إلى زوال يومه وقيل ما بين الغروبين وينبني عليها من ولد أو مات أو أسلم أو عتق أو ملك رقيقا أو أخرجه عن ملكه أو نكح أو طلق أو زال فقره في خلال ذلك واستحب لمن زال فقره أو أسلم أو عتق يوم الفطر أن يخرجها.
وقال أشهب إذا أسلم في آخر يوم من رمضان ولم يدرك الصوم فلا تجب عليه
بناء على أنها لشكر اليوم أو كفارة ملاغاة الصوم والله أعلم.
(وتؤدي من جل عيش أهل ذلك البلد من بر أو شعير أو سلت أو تمر أو أقط أو زبيب أو دخن أو ذرة أو أرز وقيل إن كان العلس قوت قوم أخرجت منه وهو حب صغير يقرب من خلقة البر).
ما ذكر من أنها تخرج من التسعة الأولى هو المشهور والقول في العلس لابن حبيب ويسمى في جبال بلادنا تيشنتيت – بشين معجمة ونون بعدها فوقيتان بينهما تحتية – وعن ابن القاسم إنما تخرج من الخمس الأولى خاصة وخالف ابن الماجشون في الزبيب وأثبت السل وقال أشهب من الست الأولى ولو اقتيت التين أو السويق أو اللحم أو اللبن أو القطنية أجزأ على المشهور وقاله ابن القاسم.
وروى ابن المواز لا يخرجون منها والمدونة لا يجزئ الدقيق ابن حبيب إلا أن يخرج بريعة وكذا الخبز ابن يونس وغيره قال ابن حبيب وفاق حمله الباجي على الخلاف وفيها كره مالك أن يؤدي فيها ثمنا قال وأنا أرى أنه لا يجزيه وعن ابن القاسم إن وقع أجزأ فانظره.
وعيش أهل البلد هو المعتبر في ذلك لا عيشه سواء كان أعلى أو أدنى على المشهور. (س) م كان قوته أدنى من قوت أهل البلد لا لشح ولا لضعف ولكن لمقتضى حاله كالبدوي يسكن الحاضرة ويأكل الشعير وهو مليء ففيه قولان ولو كان لعجزه عن قوت أهل البلد أخرج من قوته قاله ابن رشد وجعله تفسيراً للمذهب ونقل عن ابن المواز أنه يخرج من قوته إلا أن يكون قوته أدنى لبخله فانظر ذلك.
(ويخرج عن العبد سيده والصغير لا مال له يخرج عنه والده ويخرج الرجل زكاة الفطر عن كل مسلم تلزمه نفقته وعن مكاتبه وإن كان لا ينفق عليه لأنه عبد له بعد).
أما إخراجها عن عبده إذا كان قنا فلا إشكال فيه إن كان مسلما وفي إخراجه عن العبد الكافر قولان للمشهور وعن ابن وهب وفي الذي بعضه حر خمسة وجوبها على السيد لأصبغ وروي عن مالك في المدونة تجب عليه بقدر ملكه منه ويسقط الباقي وثالثها لأشهب يجب على كل منهما قسطه ورابعها لابن مسلمة إلا أن يكون العبد
معدما فكلها على السيد وخامسها لابن أبي أويس سقوطها عنهما ولو كان مشتركا بين أحرار ففي المدونة يخرج كل بقدر نصيبه وروى على كل واحد زكاة كاملة وقيل غير ذلك فانظره.
والصغير فمن بعده يشترط فيهم الإسلام على المشهور وقال ابن وهب كل من تلزمه نفقته يلزمه إخراجها عنه ولو كان كافرا والمشهور خلافه وشرط عدم المال في الصبي لأن نفقته لا تلزم إلا مع ذلك كالأبوين وتجب عليه في زوجته بوجوب نفقتها للدخول أو الدعاء إليه مع إمكان الوطء على المشهور أو بالعقد على قول ابن عبد الحكم وفي اليتيمة بالعقد وفي غيرها بالدخول.
وقاله سحنون هناك وقال ابن نافع وابن أشرس لا تلزمه زكاة الفطر عن زوجته مطلقا وعلى المشهور فللمرأة دفعها لزوجها الفقير ولا يجوز له هو دفعها لها وإن كانت فقيرة لأن نفقتها تلزمه والمشهور أداؤها عن زوجة أبيه الفقير، وكذا زوج أمه إذا التزمت نفقته، وعن خادم زوجته إن كانت ذات شرف على المشهور. قال ابن القاسم ولا يلزمه إلا واحدة وفي الخادمين والثلاثة اختلاف ففي سماع ابن القاسم لا تلزم إلا عن خادمين لا أكثر وقال أصبغ يخرج عنهن ما كن وفي المكاتب ثلاثة مذهب المدونة الرسالة يخرج عنهم لقوله عليه السلام:«المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» ونقل القاضي رواية بوجوبها على المكاتب لأنه أحرز نفسه وماله وثالثها السقوط حكاه اللخمي.
(ويستحب إخراجها إذا طلع الفجر من يوم الفطر).
يعني قبل الغدو إلى المصلى يعني على المشهور الذي هو القول بوجوبها بطلوع
الفجر سند فأما على القول بأن وجوبها بطلوع الشمس فلا ومذهب المدونة جواز إخراجها قبل الفطر بيون خلافا لابن مسلمة وعن سحنون لا تجوز وشهر عدم الجواز إلا المفرق وشهر الجواز مطلقا قبل وعليه الأكثر والقادر على إخراجها ثم إن لم يفعل حتى فات يوم الفطر لا تسقط عنه ولو تعددت السنون ومن أسر بعد أعوام لم يقضها ويؤديها الوصي عن اليتامى وعن رقيقهم من أموالهم ويستحب للمسافر إخراجها حيث هو فإن أخرج عنه أهله أجزأه إن أمرهن أو كانت عادتهم والله أعلم.
(ويستحب الفطر فيه قبل الغدو إلى المصلى وليس ذلك في الأضحى).
يعني لأنه في الفطر كان صائما قبله فيفرق بين يومه وأمسه وقد كان عليه السلام لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل ثمرات ويأكلهن وترا. رواه البخاري وغيره وفيه ولم يكن يفعل ذلك في الأضحى بل جاء أنه كان يمهل حتى يفطر على كبد أحضيته صلى الله عليه وسلم.
(ويستحب في العيدين أن يمضي من طريق ويرجع من أخرى).
يعني تفاؤلا بأنه يرجع بغير ما خرج من ذنوبه وقيل ليتصدق على أهل الطريقين وقيل ليحمل شهادة الطريقين له بالعبادة وقيل ليكون لهذه من الشرف مثل ما للأخرى وقيل إظهارا لأبهات الإسلام وإيهاما للعدو بالكثرة وقيل غير ذلك مما يطول ذكره فانظره وبالله التوفيق.