المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في صلاة الجمعة - شرح زروق على متن الرسالة - جـ ١

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

الفصل: ‌باب في صلاة الجمعة

‌باب في صلاة الجمعة

يعني ذكر صفتها وأحكامها وما يرجع إليها من شروط وغيرها فأما حكمها وهو الوجوب فيذكر في جمل من الفرائض إن شاء الله.

ص: 363

(والسعي إلى الجمعة فريضة).

يعني لقوله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9] وهذا في حق من تجب عليه وهو كل بالغ عاقل مسلم حر مقيم فمن توفرت فيه هذه الشروط وجب عليه السعي في وقته إلا لعذر وعلة فيجوز التخلف.

ابن رشد والأعذار على ثلاثة أقسام قسم يبيح التخلف باتفاق كالمرض والقيام بميت لم يجد من يكفيه وخشي عليه التغير أو يكون يجود بنفسه والأعمى لا قائد له والتمريض وقسم لا يبيح باتفاق كالمديان يخاف الغرماء ولو خاف أن يسجنه الحاكم في غير موضع السجن أو يضر به سقطت وقسم اختلف فيه كالأجذم لما على الناس من الضرر في مخالطته في الجامع وكالمطر الشديد وفيه روايتان وفي تخلف العروس اختلاف ضعيف وقال غيره تسقط بالخوف على النفس والمال وعدم ما يستر به عورته ورجاء عفو قود وعن آكل ثوم وشيخ فإن ابن شعبان وعن خوف يمين في بيعة ظالم.

تنبيه:

قال عليه السلام: «من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر طبع الله على قلبه بطابع النفاق» وقال عليه السلام: «لينتهن أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين» رواه مسلم من حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنه وفي الصحيح «لقد هممت إن آمر رجلا يصلي الناس ثم أخاف إلى بيوت رجال لا يشهدون الجمعة فحرق عليهم بيوتهم» الحديث.

فرع:

قال ابن العربي: ليس لترك الجمعة كفارة إلا صلاتها أربعا في الوقت والتوبة أن لا يعود أبدا وكل ما روي فيه من الكفارة بصدقة مدين أو مد أو غير ذلك لم يصح وإن عمل به أحد فلا بأس انظر العارضة.

(وذلك عند جلوس الإمام على المنبر وأخذ المؤذن في الأذان).

ص: 364

بين هذا الوقت الذي يتعين فيه السعي وما ذكر هو في حق قريب الدار على المشهور وقيل عند الزوال فأما غيره فيتعين عليه السعي قبل النداء بقدر الإدراك وهذا أيضاً إذا كان الأذان على سنته بعد الزوال وخروج الإمام وجلوسه على المنبر فلو تقدم الأذان وتأخر الإمام أو بالعكس فهل يعتبر السابق أو اللاحق انظر ذلك.

فروع:

اختلف في حكم الأذان الجمعة فالمشهور سنة وقيل فرض في قوله (وأخذ) نسختان إحداهما بفتح الخاء والذال وهي الصحيحة والأخرى بسكون الخاء على المصدر فتكسر الذال وما بعدها.

(والسنة المتقدمة أن يصعدوا حينئذ على المنار فيؤذنون).

وإنما أراد بالسنة المتقدمة سنة الصحابة إذ لم يكن في زمانه عليه السلام منار وإنما كانوا يؤذون عند باب المسجد.

وفي قوله: (فيؤذنون) تنبيه لتعدد المؤذنين في وقت خروج الإمام وجلوسه على المنبر واحد بعد واحد قيل ثلاثة وقيل اثنان وقيل واحد ونصره ابن العربي والمعول الأول وكونه على المنار هو مذهب ابن حبيب ولأبي عمر ين يدي الإمام والله أعلم.

(ويحرم حينئذ البيع وكل ما يشغل عن السعي إليها).

يحرم البيع على من وجبت عليه حينئذ كان بائعا أو مشتريا أو هما معا ومن لم تجب عليه لا يحرم عليه مع مثله على المشهور ويكره له ويمنع منهم في السوق للاستبداد بالربح.

ص: 365

فرع:

فإن باع من تلزمه الجمعة فثالثها المشهور فسخه ما لم يفت بحوالة سوق فأعلى فإن فات مضى بالثمن عند المغيرة وسحنون وبالقيمة عن ابن القاسم وغيره على القيمة ففي كونها وقت القبض وإتمام الصلاة قولان لابن القاسم وأشهب وروى علي وابن وهب إن باع استغفر ولا شيء عليه وقال عبد الملك لا يفسخ إلا إن اعتاد ذلك، وعلى القول بإمضاء البيع فقال مالك للمشتري: أكله، وقال ابن القاسم: لا يأكله وأحب إلي أن يتصدق به ولأصبغ من باع ما اشتراه حينئذ فربح لم يجز له أن يأكل الربح وأحب إلينا أن يتصدق به. ابن حبيب وينبغي للإمام أن يوكل عند النداء من ينهى عن البيع والشراء ويقيم من الأسواق من يبيع ومن لا يبيع.

مسألة:

الشيخ من انتقض وضوؤه قبل النداء أو عنده فلم يجد الماء إلا بالشراء فلا بأس أن يشتريه ومن باع في آخر وقت الصلاة الضروري وهو لم يصلها قال أبو عمران يفسخ وقاله إسماعيل القاضي.

وقال سحنون: يمضي وصوبه ابن محرز وفرق بأن الجمعة لا تقضي وبأن النهي فيها بالمطابقة وفي هذه بالعموم والله أعلم، وقوله (وكل ما يشغل عن السعي إليها) يدخل فيه جميع العقود من الإجارة والشركة والتولية والإقالة والنكاح ونحو ذلك، ويكون لجميعه حكم البيع في التحريم والفسخ وفي المسألة قولان مبنيان على علة المنع هل هو الاشتغال فيمنع الجميع؟ أو الاستبداد بالأرباح فلا يمنع إلا البيع؟.

ابن القاسم: لا يفسخ الذي عقد من النكاح والإمام يخطب والصدقة والهبة جائزة في تلك الساعة أصبغ لا يعجبني قوله في النكاح وأرى أن يفسخ وهو عندي بيع من البيوع اللخمي وقول ابن القاسم في هذا أجسن وقال ابن عبد الحكم يفسخ الجميع ابن المواز إلا الشفعة والإقالة والشركة والتولية والإجارة كالبيع لأن ذلك مما يتكرر وقوعه اللخمي اختلف بعد القول بالفسخ هل يفسخ ما يتكرر نزوله؟.

فقال ابن عبد الحكم في الإقالة والشركة والتولية والشفعة يفسخ؛ لأنه بيع ثم ذكر قول ابن القاسم وأصبغ فانظر ذلك.

ص: 366

(وهذا الأذان الثاني أحدثه بنو أمية).

أجمل الشيخ في أخباره عن الأذان الثاني فظاهر كلامه أن الأذان الثاني في الفعل ومراده الثاني في الأحداث وإن كان أولا في الفعل ففي العتبية سئل مالك عن أي النداءين يمنع فيه المسلمون البيع، فقال الذي ينادي به والإمام جالس على المنبر وقال الأذان بين يدي الإمام من الأمر القديم فعلى هذا يكون الثاني في الفعل هو المحدث.

وقيل: كان بين يديه عليه السلام والصحيح الأول وعليه جمهور أصحابنا ولما كثر الناس أمر عثمان بأذان قبله على الزوراء فهو المشار إليه في أحد الوجهين ثم نقله هشام بن عبد الملك إلى المسجد وجعل الآخر بين يديه وبنو أمية منهم عثمان رضي الله عنه ومنهم هشام فإحداث بني أمية متعدد بإثبات الأول ونقل الآخر إلا أن إحداث عثمان رضي الله عنه مقبول لكونه أحد الخلفاء الأربع الراشدين وفي إحداث هشام متكلم استوفاه ابن الحاج في مدخله فانظره.

(والجمعة تجب بالمصر والجماعة).

ص: 367

يعني أنه إذا كان مصر وجماعة وجبت الجمعة والمصر ما كثر دياره واتصلت سواء كان عليه سور أم لا فإن كان مفرقا كانت مدينة إن بلغ أربعمائة بيت فإن لم يكن ذلك كانت قرية وقد تطلق القرية على الأولين انظر الجزولي فإن كان مصر وجماعة وجبت الجمعة اتفاقا إن كانت الجماعة مناسبة للمصر في الكثرة فكان الشيخ إنما تكلم على المتفق عليه.

وفي المدونة يصليها أهل الخصوص والقرية المتصلة البنيان زاد مرة ذات الأسواق وروى مطرف ذات ثلاثين بيتا وأسقطها سحنون على أهل المنستير قال سحنون: وأما إقامتها بقلشانة وسوسة وسفاقس إلا زحفا وأنكر ابن سحنون إقامتها على ابن طالب اللخمي أخبرت أن بها عشر مساجد وقال يحيى بن عمر أجمع مالك وأصحابه أن لا تقام الجمعة إلا بمصر الجزولي ومنع سحنون إقامتها بحصن تكاثرت فيه البيوت بغير ديار فحكم له بحكم دار واحدة وهو القياس إذ لا فرق بينه وبين الفنادق إذ لا تسمى بلد أو لو زادت بيوتها على بيوت البلد.

قال والاتصال عندهم شرط في محل الجمعة فإذا لم يمنع ما بين البناءين بناء ثالث فله حكم الاتصال وما زاد فله حكم الانفصال قال وذكر الأبياني أن ما بينه وبين غيره أربعون قدما فأقل فله حكم الاتصال وما زاد فله حكم الانفصال والجامع شرط واتصاله بالدور شرط فلو انفرد الجامع عن البيوت لم تصح فيه قاله في المنتقى ونقله عن ابن حبيب قائلا لأن موضع إقامتها لا تصح فيه الجمع المنتقى بانفراد فلا تصح بما هو تبع له.

ورد ابن بشير ما عند الباجي من اشتراط هيئة مخصوصة للمسجد وعدم صحتها

ص: 368

إذا انتقل عنه لعذر إلا باعتقاده التأبيد فانظر ذلك فأما الجماعة الذين تجب بهم الجمعة فمعروف المذهب لا تحديد ولا تجزئ بالأربع ونحوها.

وفي المدونة كتب عمر بن عبد العزيز أيما قرية اجتمع فيها خمسون رجلا فيجمعوا الجمعة وفي الواضحة إذا اجتمع ثلاثون رجلا وما قاربهم في قرية لزمتهم الجمعة وروي نحوه وقيل اثنا عشر وقيل عشرة وحكى ابن الصباغ عن مالك وأحمد كالشافعي تجب بأربعين قيل: وهذا في أول إقامتها وإلا فتجوز باثني عشر رجلا وشرطهم أن يكونوا ممن تلزمهم وفي اعتبار العبيد والمسافرين والنساء معهم قولان لأشهب وسحنون والصبيان لغو اتفاقا والله أعلم.

فرع:

وفي وجوبها على أهل العمود والمحال المسكونة مقيمين رواية عيسى عن ابن القاسم وسماع أشهب ابن رشد على خلاف رواية عيسى حمله الأكثر ويحتمل حمله على المجتمعين من غير القادرين فلا يكون خلافا والأول أظهر تخريج اللخمي عليه سقوطها على أهل الخصوص والقرى يرد باستيطانها وبقية الفروع انظرها في المطولات وبالله التوفيق.

(والخطبة فيها واجبة قبل الصلاة).

ص: 369

يعني أن الخطبة واجبة وجوب الفرائض للجمعة وهذا هو المشهور.

وقد اختلف فيها في مواضع أولها غي حكمها ثلاثة لابن القاسم وجوب الخطبتين ولعبد الملك هما سنة ولرواية ابن حبيب الأولى فرض والثانية سنة والأصح أنها شرط في صحتها وروي تجزيه بدونها وفي اشتراط الطهارة اختلاف في الجلاب هي مستحبة واللخمي عن سحنون هي فرض كالخطبة.

وفي المدونة إن أحدث في خطبته استخلف من يتمها فأخذ منه عياض اشتراط الطهارة لها ولو خطب محدثا ثم توضأ وصلى أجزأه على المشهور، ويشترط حصول الجماعة لها على الأصح وهو مذهب المدونة عند ابن بشير وقال القاضيان ليس لمالك فيها نص وأصل مذهبه لا تصح إلا بذلك واختاره ابن عطاء الله والمشهور إجزاء ما يسمى خطبة عند العرب وقيل حمد الله والصلاة على محمد نبيه صلى الله عليه وسلم وتحذير وتبشير

ص: 371

وقرآن وروي إن سبح أو هلل أو كبر أعاد وإن صلى أجزأه وقبل أن تكلم بما قل أو كثر أجزأه ولابن عبد الحكم تجزئة تهليلة وتسبيحة وتحميدة ويشترط كونها بعد الزوال وقبل الصلاة متصلة بها.

فرع:

فلو خطب قبل الزوال لم تجز ولو اتصلت ولو صلى ثم خطب أعاد الصلاة ظهرا إن خرج الوقت خلافا لعبد الملك المازري وأشار أشهب إلى وصل الصلاة بها كوصل أولتي الرباعية لا يصلي غير من خطب إلا لعذر ويبني على الخطبة إن صلاها أربعا عامدا أو جاهلا ويعيدها ركعتين دون الخطبة والله أعلم.

(ويتوكأ الإمام على قوس أو عصا).

يعني لأنها أهيأ لراحته وإشغال ليديه عن البعث (ع) وفي استحباب توكؤه على عصا بيمينه خوف العبث روايتا ابن القاسم وشاذها وفي إغناء القوس عنها مطلقا أو السيف فقط روايتا ابن وهب وابن زياد ويؤخذ من قوله (يتوكأ) أنه يخطب قائما والسنة كذلك وهل فرض أو سنة قولان المشهور وابن العربي ونحوه في الإشراف لعبد الوهاب قال فإن خطب جالسا أساء ولا تبطل.

فرع:

يستحب أن تكون الخطبة على منبر غربي المحراب وروى ابن القاسم تخيير من لا يرقاه في قيامه بيمينه أو شماله ورجح ابن رشد بيمينه لمن يمسك عصا بقرب المحراب وشماله لتاركها ليضع يده على عود المنبر ولو لم يتوكأ فلا شيء عليه وأنكر ابن الحاج الرقي إلى أعلى درجة في منبر عال فانظره.

(ويجلس في أولها وفي وسطها).

يعني أنه يجلس بين الخطبة الأولى والثانية وقبل للقيام للخطبة.

وقد اختلف في حكم ذلك فالمشهور أنه سنة فيها وقيل فرض وقيل الجلوس الأول مستحب وقال ابن القصار الذي يقوي في نفسي أن القيام والجلسة واجبان وجوب السنن فقط ويستحب تخفيف الخطبتين لحديث مسلم طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقه والثانية أقصر ويستحب بدؤها بالحمد وختمها بالاستغفار

ص: 372

ويستحب أن يقرأ في الأول من قصار المفصل فقد كان عمر بن عبد العزيز يقرأ فيها بـ {إلهكم التكاثر} [التكاثر: 1] مرة وبالعصر أخرى (ع) وظاهر المذهب أن إسرارها كعدمه وأنكر نقل ابن هارون الأجزاء معه والثانية شرط وقيل سنة.

الباجي عن ابن القاسم: إذا لم يأت في الثانية بما له قدر وبال لم تجزهم وقوله (وتقام الصلاة عند فراغها) يعني بلا فصل لأنها كركعتين فلزم اتصالها بالركعتين الأخريين بلا مهلة والفصل اليسير عفو.

فرع:

فلو صلاها بلا خطبة أو بخطبة واحدة أعاد على المشهور في الثانية وباتفاق في الأولى والله أعلم.

(ويصلي الإمام ركعتين).

يعني لا يزيد عليهما فلو زاد عمدا بطلت وإن كان سهوا فعلى حكم الزيادة في الصلاة وينوي الإمامة وإلا لم تجز (ع) صلاة الجمعة ركعتان ويضعان وجوب الظهر على رأي وقال بعض شيوخ المغاربة ينوي أنها بدل من الظهر وفي كونها فرض يومها أو بدلا من الظهر اختلاف.

فرع:

ويستحب التعجيل بها في أول الوقت فإن أخرت جاز ما لم يخرج وقتها وفي آخره خمسة العصر للمازري عن ابن القاسم وقاله عبد الملك بن القصار وتدرك بركعة قبلها وعزاه ابن رشد للأبهري وقال ركعة بسجدتيها وللمازري عن أصبغ الأصفرار ولسحنون ما لم تبق أربع ركعات قبل العصر ابن رشد وهو بعض روايتها وفيها لبقاء ركعة قبل الغروب يدرك بها العصر.

ونقل ابن حبيب عن مطرف رواية الغروب مطلقا وفي اعتبار الركعات بالوسط أو بمعتاده قولان وفي المدونة إذا أتى من تأخير الأئمة ما يستنكر جمعوا دونه إن قدروا وإلا صلوا ظهرا أربعا وجعلوا صلاتهم معه نافلة اللخمي المستنكر خروج وقتها ولا يتنفل بها معه إلا خائف.

المازري عن بعضهم إن اعتاد ذلك صلوا ظهر الربع القامة ابن حبيب خائف

ص: 373

صلاتها ظهرا يومئ كخوف عدو والله أعلم.

وقوله: (يجهر فيها بالقراءة) يعني أن ذلك سنة فلو أسر فعلى ما تقدم في جهرية غيرها وقوله (يقرأ في الأولى من صلاة الجمعة) وفي قوله (ونحوها في الأولى بالجمعة ونحوها وفي الثانية بـ {هل أتاك حديث الغاشية} [الغاشية: 1] ونحوها) يعني أن ذلك مستحب لفعله عليه السلام مكرراً وفي المجموعة قيل لمالك سورة الجمعة في صلاة الجمعة سنة قال ما أدري ما سنة ولكن من أدركنا كان يقرأ بها في الأولى والثانية تنبيها على أنه لا بأس بغيرها وصح عنه عليه السلام صلاها: بالجمعة والمنافقون وبالجمعة {هل أتاك} [الغاشية:1] و {سبح} [الأعلى: 1] و {هل أتاك} [الغاشية: 1] والكل في صحيح مسلم والله أعلم.

(ويجب السعي إليها على من في المصر ومن على ثلاثة أميال منه فأقل).

يعني لا أكثر من ذلك ابن رشد يسعى لها من في المصر ولو كانت داره من الجامع على ستة أميال أو أكثر قال وهكذا روى ابن أبي أويس وابن وهب قال وهو عندي تفسير للمذهب وانظر إذا تعددت هل يسعى لأقربها أو للعتيق وإن بعد يجري على الخلاف في ذلك والعمل على جواز تعددها للضرورة وهو اختيار اللخمي العتيق أولى للخروج من الخلاف وقوله (ومن على ثلاثة أميال منه فاقل) يعني من المصر إذ لم يتقدم لغيره ذكر وهذا قول ابن عبد الحكم وروى على من المنار وقوله (فأقل) ظاهر في التحديد فلا يجيب من كان وراءها ولواءها ولو قلت الزيادة وهي رواية أشهب خلافا لابن القاسم إذ قال في المدونة يجب إتيان الجمعة من ثلاثة أميال وزيادة يسيرة. ابن رشد ورواية ابن القاسم أصوب.

فرع:

إذا كان بقرب المصر قوم يستوطنون لهم حكم الاستقلال وأرادوا أن يجمعوا فإن كان أكثر من ثلاثة أميال لهم ذلك وقيل ستة وقيل البريد وفيما قرب لهم حكم تكرارها في المصر الكبير فانظر ذلك.

(ولا تجب على مسافر ولا على أهل منى ولا على عبد ولا امرأة ولا صبي).

أما المسافر فقال ابن بشير اختلف هل وجبت عليه ومنعه منها عذر السفر أم لم

ص: 374

تجب عليه أصلا؟ وفائدة الخلاف وهل تجزئه أم لا؟ والمشهور الإجزاء إن صلى ابن الماجشون لا تجزئ عن ظهر مسافر وفي إمامته فيها ثلاثة: الصحة لأشهب وسحنون والبطلان لابن القاسم وثالثها لمطرف وعبد الملك تصح في الاستخلاف فقط والمراد بأهل منى النازلون بها للنسك لإسكانها إذ قد تجب عليهم إذا نزلوا وتقرروا بها وأما العبد فقال عليه السلام: «الجمعة على كل مسلم إلا على أربعة العبد والمرأة والصبي والمريض إذا كان لا يقدر على السعي» .

ابن شعبان المشهور من مذهب مالك عدم وجوبها على البعد يريد أنه اختلف فيها قوله (الجلاب) يستحب حضورها للمكاتب دون المدير فأما المرأة والصبي فباتفاق اللخمي الذين لا تجب عليهم الجمعة ثلاثة أصناف صنف إذا حضرها وجبت عليه وصحت له وهما أصحاب الأعذار وصنف لا تجب عليهم ولا تنعقد بهم إذا حضروها وهم الصبيان وصنف لا تجب عليهم واختلف هل تنعقد بهم وهم النساء والمسافرون والعبيد.

(وإن حضرها عبد أو امرأة فليصلها).

يعني وتجزيهم عما وجب عليهم من الظهر أما المرأة فباتفاق وأما العبد فقال اللخمي اختلف فيه في ثلاثة مواضع هل تجب عليه وهل تنعقد به وهل تصح إقامته إياها بالإحرام؟.

فرع:

من لا يخاطب بالجمعة له صلاة الظهر قبل إقامتها إلا المسافر يظن إدراكها بدخول بلد أو بلعمه فإنه يؤخر لها فإن لم يفعل أعادها قاله الباجي وفي المسافر قدم لمحل إقامته بعد أن صلى الظهر ثم أدركها ثلاثة الإعادة لمالك ولابن القاسم نفيها ولأشهب إن صلاها وحده فله أن يجمع وثالثها لسحنون إن صلاها في نحو ثلاثة أميال فأقل أعاد وإلا فلا ابن شاس راجي زوال عذره لإدراكها يؤخر لفوتها وتلزم من أدركها لزوال عذره ولو صلى كالبلوغ ابن رشدان برئ مريض أو عتق عبد لإدراكه ركعة منها بعد أن صلاها ظهرا ففي لزومها قولان من قولي ابن القاسم وسحنون وأشهب في المسافر الشيخ إن صلى صبي ثم احتلم بخمس ركعات أعاد ظهرا وفي صلاة من سقطت عنه

ص: 375

جمعة قولان للمشهور وشاذة ابن القاسم وفيمن فاتتهم الجمعة هل يجمعونها في الظهر أم لا قولان المشهور المنع والجواز لمالك وأشهب وابن نافع.

(وينصت للإمام في خطبته ويستقبله الناس).

أما الإنصات فواجب لقوله عليه السلام: «إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت» .

وفي حديث آخر الذي يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة كمثل الحمار يحمل أسفارا والذي يقول له أنصت لا جمعة له الباجي الإنصات لها واجب على كل من شهدها سمعها أو لم يسمعها ونقل ابن زرقون عن ابن نافع أنه سمع بلغني أن عبد الله بن رواحة سمعه صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو مقبل للجمعة يقول «اجلسوا» فجلس في الطريق ابن رشد فيه استحباب الإنصات بالطريق حيث يسمع كلام الخطبة ولابن الماجشون ومطرف إنما يجب بدخول المسجد وقيل بدخول رحابه التي تصلى فيها الجمعة من ضيقه ومفهوم قوله (في خطبته) أن الكلام بعد فراغها جائز لكن لا بين الخطبتين لأن جلوسه منهما ابن العربي في التكلم بين النزول من المنبر والصلاة روايتان ومذهب المدونة الجواز وظاهر ما هنا أن الإنصات واجب مطلقا سواء خرج عن عرض الخطبة أو لم يخرج كأن سب أو مدح من لا يجوز مدحه أو سبه وفي المسألة قولان لمالك وابن حبيب والأول حماية وفي العتبية وفي الإمام يأخذ في قراءة كتاب ليس من أمر الجمعة فليس على الإنصات فيه ولا في غيره مما عدا الخطبة أشهب ولا يقطع ذلك الخطبة وصوب اللخمي التكلم حين سمعه ابن العربي رأيت زهاد بغداد والكوفة إذا دعا لأهل الدنيا صلوا وتكلموا وبعض الخطباء يكذب حينئذ والشغل عنهم بطاعة واجب.

فرع:

في المدونة ومن كلمة الإمام فرد عليه لم يكن لاغيا اللخمي وفي مسلم من حرك الحصباء فقد لغا فلا يجوز حينئذ أن يحرك شيئاً له صوت ككتاب أو ثوب جديد وما أشبه ذلك ولا يرد سلاما ولا يشرب ماء ولا يشمت عاطسا وفيه ومن عطس والإمام يخطب حمد الله في نفسه وفيها جواز الذكر الخفيف في نفسه والتهليل والاستغفار

ص: 376

والدعاء والتعوذ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأسبابها جائز وفي جواز الجهر بذلك قولان لابن حبيب مع ابن شعبان ومالك والله أعلم.

وقوله (ويستقبله الناس) قال ابن العربي إن لم يستقبلوه فمع من يتكلم وفي المدونة استقباله واجب وأسقط اللخمي عمن بالصف الأول قيل وهو خلاف المذهب.

(والغسل لها واجب والتهجير حسن).

يعني واجب وجوب السنن وعليه تأول قوله عليه السلام «غسل الجمعة واجب على كل محتلم» لأنه لو كان فرضا كان معارضا لقوله عليه السلام: «من توضأ يوم الجمعة ثم راح فيها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل» .

الحديث اللخمي والغسل لمن لا رائحة له حسن.

ومن له رائحة واجب كالحوات والقصاب وغيرهما ومن أكل ثوما أو بصلا أو كراثا فعليه أن يزيل ذلك والتهجير المشي في وقت المهاجرة وهي المعنى بقوله عليه السلام: «من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى» .

الحديث قال مالك الذي يقع في نفسي أن هذه الساعات كلها في ساعة واحدة وليست في ساعات النهار ابن يونس والرواح عند الغروب لا يكون إلا بعد الزوال.

وقال ابن حبيب إنما عنى الساعات النهار كلها وهو مذهب الشافعي مالك: تجوز في الساعات وتحقق في الرواح، وابن حبيب كالشافعي عكسه.

(وليس ذلك في أول النهار).

يعني لا الغسل ولا التهجير أما الغسل فشرطه أن يكون متصلا بالرواح على المشهور خلافا لابن وهب ولا يجزئ قبل الفجر باتفاق.

فرع:

ابن القاسم فإن اغتسل وراح ثم خرج من المسجد إلى موضع قريب لم ينتقض غسله وإن تباعد وتغذى أو نام بعد غسله أعاده أبو عمران يريد غلبه الحدث فإن

ص: 377

تعمده أعاد وقاله عبد الحق في النوم ابن حبيب في النوم والغذاء هذا إذا طال أمره وإن كما شيئاً خفيفا لم يعده ولابن وهب جواز اغتساله قبل كما تقدم.

(وليتطيب لها ويلبس أحسن ثيابه).

يعني لأنها عيد الإسلام فيتزين لها بما أمكن والطيب مما له رائحة طيبة.

وفي بعض الأحاديث ما يدل أنه يكفي عن الغسل لمن تعذر عليه ويستحب له ثوبان في الجمعة لحديث يحيى بن سعيد في الموطأ والله أعلم.

(وأحب إلينا أن ينصرف بعد فراغها).

يعني لقوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض} [الجمعة: 10] إذ حمله أهل الظاهر على الوجوب فكان هذا الانصراف للخروج من الخلاف وفيه نظر.

(ولا يتنفل في المسجد بعدها).

يعني بعد الصلاة حتى يفصل بخروج أو غيره واختلف في صلاته على الجنازة هل يعد فصلا أو لا والأول نقل حسان والآخر للمازري وفيها ولا يتنفل الإمام والمأموم في المسجد بعد الجمعة وإن تنفل فيه المأموم فواسع ابن رشد لا كراهة في الركوع بعدها ولا استحباب في الجلوس وقيل الجلوس مستحب والتنفل واسع قال والتنف مكروه فإن جلس ولم يصل أجر على جلوسه ولم يؤجر على تنفله.

(وليتنفل إن شاء قبلها).

يعني المأموم وقد ورد الترغيب فيه.

فرع:

فإن خرج الإمام وهو قائم يصلي خففها وسمع ابن القاسم إن كان في التشهد سلم ولم يدع.

ابن حبيب يطيل في دعائه ولا أحب ابن رشد عن رواية ابن وهب يدعو ما دام الأذان وللمازري عن ابن عبدوس واسع إتمامه في آخر ركعة ما بقي عليه من الآيات وجوز السيوري التحية ولو وجد الإمام يخطب كالشافعي.

وفي الحديث خروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام فإن افتتحها بعد خروجه وقبل جلوسه على المنبر ففي القطع والإتمام قولان.

ص: 378

(ولا يفعل ذلك الإمام).

يعني لا يتنفل قبل ولا بعد أما بعد فهو أشد كراهة من غيره لمكان الاقتداء ونحوه وأما قبل فلقوله (وليرق المنبر كما يدخل) يعني كذلك جاءت السنة ويسلم عند دخوله لا جلوسه والله أعلم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وسلم.

ص: 379