المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب في صلاة السفر - شرح زروق على متن الرسالة - جـ ١

[زروق]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌باب ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات

- ‌باب ما يجب منه الوضوء والغسل

- ‌باب طهارة الماء والثوب والبقعة وما يجزئ من اللباس في الصلاة

- ‌باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار

- ‌باب في الغسل

- ‌باب فيمن لم يجد الماء وصفة التيمم

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌باب في أوقات الصلاة وأسمائها

- ‌باب الأذان والإقامة

- ‌باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها من النوافل والسنن

- ‌باب في الإمامة وحكم الإمام والمأموم

- ‌باب جامع في الصلاة

- ‌باب في سجود القرآن

- ‌باب في صلاة السفر

- ‌باب في صلاة الجمعة

- ‌باب في صلاة الخوف

- ‌باب في صلاة العيدين والتكبير أيام منى

- ‌باب في صلاة الخسوف

- ‌باب في صلاة الاستسقاء

- ‌باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه

- ‌باب في الصلاة على الجنائز والدعاء للميت

- ‌باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله

- ‌باب في الصيام

- ‌باب في الاعتكاف

- ‌باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن وذكر الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين

- ‌باب في زكاة الماشية

- ‌باب في زكاة الفطر

- ‌باب في الحج والعمرة

- ‌باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان وما يحرم من الأطعمة والأشربة

الفصل: ‌باب في صلاة السفر

‌باب في صلاة السفر

يعني: ذكر حكم الصلاة المفروضة في السفر فليست صلاة السفر بل كيفية الصلاة فيه إذ تتغير أحكامها بوجوه عند توفر شرط ذلك ومنه القصر وهو المقصود هنا وشروطه خمسة كونه مباحا على المشهور ومعزوما على طول أربعة برد فأكثر قد دخل فيه بالفعل وفارق موضع إقامته ولم ينو إقامة أربعة أيام في أثنائه ولا عاد لأهله ومحله وحكم صلاة السفر في جمل من الفرائض.

(ومن سافر مسافة أربعة برد وهي ثمانية وأربعون ميلا فعليه أن يقصر الصلاة).

تضمن كلامه فصولاً ثلاثة تحديد مسافة القصر وحكم القصر ومحله أما مسافته فالمشهور ما ذكر وهو حديث ابن عباس رضي الله عنه لا تبصر الصلاة في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان رواه الدارقطني وصحح ابن خزيمة وقفه والبريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل قال ابن حبيب ألفا ذراع وشهر ولأبي عمر ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة وصحح.

ص: 357

وقيل ألف باع والباع أربعة أشبار والشبر اثنا عشر أصبعا والأصبع ست شعيرات بالعرض والشعيرة ست شعرات من شعر البرذون.

فرع:

فإن قصر في أقل مما ذكر فعن ابن القاسم إن كان في ستة وثلاثين ميلا أجزأه وقال يحيى بن عمر يعيد أبدا ابن عبد الحكم في الوقت ومن قصر في أقل من ذلك أعاد أبدا اتفاقا وشرطه أن يكون مقصودا دفعة فلا يلفق ذهابه برجوعه.

تنبيه:

يقصر المكي في خروجه لعرفات ورجوعه فلا تعتبر المسافة في حقه للسنة في ذلك عند مالك والله أعلم، وأما حكمه فقوله (فعليه) من ألفاظ الوجوب وقد صرح به في باب جمل من الفرائض لكن حمله القاضي على وجوب السنن وهو المشهور. ابن رشد قصر الصلاة في السفر على مذهب مالك وجميع أصحابه سنة من السنن التي الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غيرها خطيئة لأبي عمر وروى أشهب القصر فرض.

اللخمي وقاله ابن سجنون: المازري ومال إليه ابن المواز بن يونس ونقله القاضي عن جماعة من البغداديين وقال به إسماعيل القاضي وابن أبي الجهم وقال الأبهري مستحب وقيل مباح.

فرع:

فعلى الفرض تبطل بإتمامها كان اقتدى بمقيم وقيل تصح ويتبعه وقيل ينتظره ويسلم معه وعلى التخيير والاستحباب فلا تبطل إن أتم وعلى السنة إن نوى القصر وقصر فواضح وإن تعمد الإتمام مع نية القصر أعاد أبدا وقيل في الوقت لا إعادة وإن أتم سهوا أعاد في الوقت وإليه رجع ابن القاسم وعنه يسجد ولا يعيد وهما روايتان وعن سحنون يعيد أبدا (خ).

والجهل هنا كالسهو اتفاقا وإن نوى الإتمام وأحرم عليه سهوا أو جهلا أعاد لآخر الضروري فانظر باقي مسائله وأما محله فالصلاة الرباعية وهو قوله (صلى ركعتين إلا المغرب فلا يقصرها) يعني لأنها وتر صلاة النهار كذا في الحديث وزادوا إلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة، وإنما لم يذكر الشيخ الصبح اكتفاء بقوله يصلي

ص: 358

ركعتين إذ يفهم منه أن لا قصر فيما دون ركعتين.

تنبيه:

ظاهر قوله (من سافر) أنه لا يشترط انتفاء العصيان على السفر فيما ذكر والمشهور اشتراط كون السفر مباحا فلا يقصر من عصى بسفره كآبق وعاق على المشهور ما لم يتب ولا لاه على الأصح وروى ابن زياد قصر كل مسافر وعليه أكثر أهل الظاهر ولا خلاف في السفر الواجب والمندوب والله أعلم.

(ولا يقصر حتى يجاوز بيوت المصر وتصير خلفه ليس بين يديه ولا بحذائه منها شيء).

هذا إن كان مصرا اتصلت بيوته وبساتين فيها بيوت وإن لم تتصل به واستقلت بنفسها قصر عند مفارقته وإن لم تكن بيوت فالمشهور يقصر عند مفارقته وروى حتى يجاوز ثلاثة أميال حد وجوب إتيان الجمعة وقاله ابن عبد الحكم والقرية التي تصلي فيها الجمعة كالمصر والتي لا تصلي فيها يقصر بمفارقتها ونقل سند فيها اعتبار ثلاثة أميال وأنكر وللعمودي مفارقة بيوت حلته ولغيرهما الانفصال.

فرع:

فلو قصر قبل مجاوزة البيوت على المشهور فهل يعيد في الوقت أو مطلقا أولا إعادة عليه انظر ذلك فإني لم أقف عليه.

(ثم لا يزال يقصر حتى يرجع إليها أو يقاربها بأقل من الميل).

يعني حتى يرجع لبيوت المصر القاصي مبدأ القصر منتهاه ومثله روى مطرف وابن الماجشون الشيخ وسمع أشهب من قرب بميل أو نحوه أثم.

وفي المدونة لم يحد مالك في القرب حدا وفيها حتى يدخل قرية أو يقاربها وسئل عمن كان على الميل فقال يقصر ولابن الماجشون حتى يدخل إلى أهله وفي المجموعة حتى يدخل منزله ولابن حبيب إذا أتى مسافة وجوب الجمعة حيث تجب والله أعلم.

ابن يونس وكان ابن عمر إذا سافر قصر وهو بين يدي البيوت وإذا رجع قصر حتى يدخل البيوت ورأى علي بن أبي طالب خصا حين خرج من البصرة فقال: لولا هذا الخص لصليت ركعتين.

ص: 359

فرع:

إذا صلى قصر إثم دخل وطنه قبل خروج الوقت لم يعد إن بنى على يقين في أمره وإن كان شاكا أو مترددا في دخوله فينبغي له أن يؤخر لآخر المختار فإن قدم فهل يعيد أو لا انظره.

(وإن نوى المسافر إقامة أربعة أيام بموضع أو ما يصلي فيه عشرين صلاة أتم الصلاة حتى يظعن من مكانه ذلك).

يعني أن القصر بشرطه تقطعه نية الإقامة أربعة أيام صحاح فأكثر هذا مذهب ابن القاسم فيلغي يوم دخوله بعد الفجر ويوم خروجه على المشهور في ذلك.

وقال سحنون وعبد الملك: من يصلي فيه عشرين صلاة فيلفق يوم دخوله ليوم خروجه وقاله ابن نافع: فقول الشيخ للخلاف لا للتخيير كقوله (مثل ثمانية أيام أو عشرة) أي أربعة أيام على قول أو عشرين صلاة على قول يقلد منها ما شاء وفي قوله (نوى بموضع) تنبيه على عدم اشتراط العمران وعدم اشتراط الأهل.

وفي قوله (نوى) أنه إن لم ينو قصر ما دام ناويا السفر والله أعلم.

فرع:

من عرضت له نية الإقامة بعد أن صلى قصرا لم يعد وفي المدونة استحبابها في الوقت واستشكل وفي الطراز لعلها حدثت له في أثنائها ومن عرضت له في أثناء الصلاة ففيه أربعة أقوال فانظرها.

تنبيه:

جزم النية بالمقام مقصود فلو قدم بز البيع تجر شاكا في قدر مقامه فروى اللخمي يتم لأن رجوعه ابتداء سفر إلا أن يعلم أنه يرجع قبل أربعة أيام (ع) هذا خلاف قول ابن الحاجب إن لم ينو أربعة قصر في غير وطنه أبدا ولو في منتهى سفره وفي تعليقة الوانوغي على المدونة قال النووي لو نوى العبد أو الزوجة أو الجيش إقامة أربعة لم ينوها متبوعهم ففي لزوم الإتمام في حقهم قولان أقواهما ليس لهما الإتمام لأن نيتهم لا تفيد لعدم استقلالهم قال وانظره على مذهبنا.

(ومن خرج ولم يصل الظهر والعصر وقد بقي من النهار قدر ثلاث ركعات

ص: 360

صلاهما سفريتين وإن بقي قدر ما يصلي فيه ركعتين أو ركعة صلى الظهر حضرية والعصر سفرية).

لأنه في الثلاث يدرك الظهر كاملة ويدرك العصر بركعة وفي الركعتين فدونهما قد فات وقت الظهر وهو حاضر وما بقي للعصر تامة أو ركعة منها وظاهر كلامه كان تأخيره عمدا أو نسيانا وهو جار علي أن المؤخر مؤدا ما عاص أو وقت كراهة لا قاض والله أعلم.

(ولو دخل لخمس ركعات ناسيا لهما صلاهما حضريتين).

يعني لأنه في وقت هذه بكلها وهو في جزء معتبر من التي تليها فكل منهما حاضرة وفي قوله ناسيا لهما نوع اعتذار وحسن مخرج وإلا فلا مفهوم له والله أعلم.

(فإن كان بقدر أربع ركعات فأقل إلى ركعة صلى الظهر سفرية والعصر حضرية).

يعني إن كان الدخول لذلك كانت الأولى قد خرج وقتها في السفر، والثانية قد أدرك فيها العصر قبل خروج وقتها اللخمي ويبدأ فيصلي الظهر ركعتين ثم يدرك العصر بما بقي وإن كان قد بقي ثلاث ركعات فأكثر فإن دخل لركعة خاصة فهل يبدأ بالظهر ولو أدى إلى إيقاع العصر خارج وقتها لأجل الترتيب أو يبدأ بالعصر ليدرك الوقت بفعلها ثم يصلي الظهر بعدها قولان.

فرع:

ابن رشد اختلف في اختصاص العصر بأربع ركعات قبل الغروب فلابن القاسم في سماع يحيى الاختصاص وفي سماع أصبغ وسماع عيسى نفيه فعلى الأول من قدم من سفره لأربع ركعات قبل الغروب وقد صلى العصر ناسيا للظهر فإنه يصلي الظهر سفرية لدخوله قبل خروج وقتها وتقررها في ذمته سفرية.

وعلى الثاني يصليها حضرية لأنه دخل في وقت مشترك بينها وبين العصر فانظر ذلك.

(وإن قدم في ليل وقد بقي للفجر ركعة فأكثر ولم يكن صلى المغرب والعشاء صلى المغرب ثلاثا والعشاء حضرية).

يعني لأنه قد خرج وقت المغرب بكلها وركعة من العشاء في الحضر فللعشاء

ص: 361

حكم الحضر والمغرب لا تقصر.

(ولو خرج وقد بقي من الليل ركعة فأكثر صلى المغرب ثم صلى العشاء سفرية).

وهذا كله على المشهور والتقدير بالأولى لا بالثانية ولو خرج لأربع قبل الفجر فالعشاء سفرية على القولين ولما دونها كذلك وروى حضرية كما لو قدم لأربع.

قال عبد الحق: لأن المغرب لا يتغير حكمها بالسفر فلا يقدر لها شيء وما بقي من الليل هو لآخر الصلاتين وقاله اللخمي وفروع الباب نادرة كثيرة.

خاتمة:

يكره اقتداء المقيم بالمسافر وعكسه وهو أشد كراهة فإن فعل كمل وأجزأه وقيل يعيد بوقت وروي إلا بالمساجد الكبار وإن ظن الإمام مسافراً فظهر خلافه أو بالعكس أعاد أبدا وثالثها في الوقت ويستحب تعجيل الأوبه والقدوم ضحى وستأتي آداب السفر آخر الكتاب وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.

ص: 362