الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت وكفنه وتحنيطه وحمله ودفنه
يعني باب ما يعامل به الميت عند احتضاره أي حين تحضره الملائكة تقبض روحه ويحضره أجله ويحضره أهله لعظيم ما نزل به فالمحتضر بفتح الضاد الذي حضر والميت من فارق روحه جسده من الأحياء بقدر الله تعالى وقد تكلم الناس هنا في حقيقة الروح والموت فأطالوا وقصروا وحقيقة الأمر في ذلك إلى الله سبحانه.
(ويستحب استقبال القبلة بالمحتضر وإغماضه إذا قضى).
لأن القبلة هي التي كان يعظمها في حياته فينبغي إيثارها عند مماته واستقباله هو المعروف وقيل يكره وروى ابن القاسم لا أعلمه من الأمر القديم وأنكره ابن رشد من روايته على النوادر وهل كراهته لئلا يستعجل فيتأذى به المحتضر أو لأنه لم يفعل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بأحد من أصحابه ورده (ع) بما في النوادر من أنه فعل بعلي وبجماعة من السلف ابن حبيب ولا أحبه قبل إحداد بصره وعلى المعروف فروى ابن القاسم وابن وهب على شقه الأيمن فإن عجزه فعلى ظهره ورجلاه إلى القبلة وخرج من صلاة المريض.
فأما الإغماض فلإزالة شناعة حاله وما ذكر من الاستحباب هو نقل الأكثر وقال ابن شعبان إغماضه سنة قال ابن حبيب ويقول بسم الله وعلى وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته اللهم يسر عليه أمره وسهل عليه موته وأسعده بلقائك واجعل ما خرج إليه خيرا مما خرج عنه سند لا بأس بشد لحيه الأسفل بعصابة تربط فوق رأسه خوف دخول الهوام في فيه ابن المنذر لا بأس بجعل حديدة على بطنه لئلا يسرع انتفاخ بطنه كل ذلك
قبل أن تبرد أعضاؤه.
(ويلقن لا إله إلا الله عند الموت).
يعني بحيث وتذكر عنده على وجه يسمعها ولا يلح عليه ولا يقال له قل ويلقنه أرفق الناس به وأحبهم له ولبعض الشافعية يلقنه غير وارثه فإن لم يكن فأرفقهم به وبمهل بين كل مرة فإن قالها مرة أعيدت عليه فإن لم يتكلم ترك.
وقال بعض الشيوخ القرويين في قوله: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» يريد جميع كلمتي الشهادة كقوله عليه السلام «أمرت أن أقاتل الناس يقولوا لا إله إلا الله» ومثله لابن الفاكهاني ونقل (خ) عن وهل تلقينه ليكون آخر كلامه أو لإعانته على دفع الشياطين الداعين له للموت على غير الإسلام يحتمل الوجهين قاله المازري في المعلم ابن ناجي والصواب هما معا وظاهر كلام الشيخ أن الصغير يلقن كغيره.
وقال النووي لا يلقن إلا بالغ قال التادلي وظاهر كلام الشيخ لا يلقن بعد الموت وبه قال عز الدين وجزم النووي باستحبابه قال واستحبه من أصحابنا القاضي حسين وأبو الفتح الزاهد وأبو الرافع وسئل عنه أبو بكر بن الطلاع وقال هذا الذي نختاره ونعمل به وقد روينا فيه حديثا عن أبي أمامة ليس بقائم ولكنه اعتضد بالشواهد وبعمل أهل الشام قديما وللمتيوي نحوه.
(وإن قدر على أن يكون طاهرا وما عليه طاهر فهو أحسن).
يعني تكرمه للملائكة واستحب ابن حبيب الطيب والبخور عند ذلك وسمع ابن القاسم وأشبه ليس هو العمل والله أعلم.
(ويستحب أن لا يقربه حائض ولا جنب).
يعني إذا وجد غيرهما وقال ابن عبد الحكم لا بأس بإغماض الحائض والجنب وقال اللخمي اختلف في تجنبه الحائض والجنب والمنع أحسن ونقل التادلي ثالثها بإغماضه الحائض لأنها لا تملك طهرها بخلاف الجنب فإنه يملك أمره وحيث لا غير الحائض والجنب فلا يمنعان باتفاق.
(وأرخص بعض العلماء في القراءة عند رأسه بسورة يس ولم يكن ذلك عند
مالك أمرا معمولا به).
يعني وما لم يصحبه العمل مما ورد الترغيب فيه فليس بمندوب عند مالك لأنهم كانوا أحرص على الخير وأعلم بالسنة وما تركوه إلا لأمر عندهم فيه وقال غيره إذا ورد الحديث اكتفي به في باب الترغيب والترهيب وإن كان ضعيفاً وبعض العلماء حيث كان في الرسالة فالمراد به ابن حبيب وهل هذا الخلاف خاص بسورة يس أو بغيرها من القرآن ظاهر كلام الشيخ إنما الخلاف فيها وأما غيرها فغيره مشروع اتفاقا وظاهر كلام الجلاب العموم ونبه عليه (س) والله أعلم.
(ولا بأس بالبكاء بالدموع حينئذ وحسن التعزي والتصبر أجمل لمن استطاع).
يعني لمن قدر على ذلك قوله (بالدموع) أتى به للتأكيد لئلا يحمل على الحزن وقوله (حينئذ) حين يحضر الموت قال ابن الفاكهاني قال الشيخ أبو محمد عن ابن حبيب بالبكاء قبل الموت وبعده مباح بلا رفع صوت ولا كلام يكره ولا اجتماع نساء ونهى عمر رضي الله عنه نساء يبكين على ميت فقال عليه السلام «دعهن يابن الخطاب فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد حديث» ويكره اجتماعهن للبكاء ولو سرا ونهاهن عمر عن ذلك عند موت أبي بكر وفرق جمعهن وكذلك في موت خالد رضي الله عنه.
(وينهى عن الصراخ والنياحة).
يعني لأنهما من فعل الجاهلية وقد قال عليه السلام «ليس منا من حلق ولا من خرق وسلق ودلق الحلق حلق الشعر» والخرق تخريق الثياب والدلق ضرب الخدود والسلق الصياح بالبكاء وقبيح القول وقال عليه السلام: «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» ومعنى ليس منا حيث ورد أي ليس على سنتنا فيما فعل ولا يخرجه ذلك عن الدين والنهي عن النياحة نهي تحريم تجب على فاعله التوبة منه والاستغفار ويجب على الإمام أن يزجر فاعله ويفرق الجمع في ذلك قاله ابن حبيب والتعزي التأسي للصبر والله أعلم.
(وليس في غسل الميت حد).
يعني لازم ينتهي إليه ولا يزاد عليه ولكن ينقى ويغسل وترا من غير تحديد في الوترية وإن كان حدا ينتهي إليه وهو الإنقاء فلا عدد فيه لازم غير أن الإنقاء واجب بوجوبه والإيتار مستحب وهل غسله سنة وقاله أبو محمد وغيره وشهره ابن بزيزة أو فرض وهو الأصح وقاله ابن عبد الحكم وعبد الوهاب وابن محرز وقيل مستحب واختلف هل تعبدا أو لعلة الإنقاء قولان للمشهور.
وابن شعبان لقوله يجوز بماء الورد وشبهه إن لم يكن سرف للقاء الملائكة وقال أبو محمد هو خلاف قول أهل المدينة وقال في قوله لا يغسل بماء زمزم ولا تزال به نجاسة هو خلاف قول مالك وأصحابه.
وفي القبس هو مقصود للنظافة والعبادة كالعدة للتعبد وبراءة الرحم وعلى كل
فلا يفتقر إلى نية لأنه مما يفعله الإنسان في غيره ذكره الباجي وابن رشد فانظره.
فرع:
خير ابن شاس بين غسله بالماء البارد والسخن وفي الجلاب لا بأس بالسخن يعني أنه خير من غيره قال بعضهم وكذا شأنه الإطلاق ولا بأس في مثل ذلك كثيراً والله أعلم، وقوله (وترا) يعني ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك بحسب ما يراه الغاسل كما ف يحديث أم عطية إذ قال لها عليه السلام في غسل ابنته ((غسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)).
ابن حبيب يستجب الوتر وأدناه ثلاث ومثله لابن رشد وظاهر كلامهما ولو زاد على السبع اللخمي لا يقتصر في غسله على الثلاث فإن أنقى بأربع فخمس وبست فسبع وقال ابن عبد البر ذهب أصحاب مالك إلى أنه أكثره ثلاث.
وقال المازري حكاية عن مالك إن المعتبر الإنقاء لا العدد تعلقا برواية ابن القاسم ليس فيه حد معلوم فتتحصل أربعة أقوال وقوله (بماء وسدر) يعني بماء وحده ثم بسدر وماء قال ابن حبيب يغسل أولاً بالماء وحده وثانيا بماء وغاسول وثالثة بماء وكافور وظاهر ما هنا خلط السدر بالماء وهو ظاهر المدونة فتأوله قوم بما ذكر فوقه وأخذ منه آخرون غسله بالماء المضاف كقول ابن شعبان وأجيب بأن المراد لا يخلط الماء بالسدر ولكن يحكه عليه أولاً ثم يتبعه الماء واختاره بعض المتأخرين.
فرع:
لمالك في غسل من غسل ميتا ثلاث الوجوب والسقوط والاستحباب حكاها ابن عتاب وعزاها غيره لسماع ابن القاسم وقوله مع أشهب ورواية ابن حبيب فانظر ذلك والله أعلم.
وقوله (ويجعل في الآخرة كافوراً) يعني لما في حديث أم عطية من ذلك والكافور نوع من الطيب بارد جداً يسد المسام فلا يسرع التغير وينفر الهوام فلا تضر الميت.
(وتستر عورته).
يعني عند تجريده للغسل قال الباجي وهو ظاهر قول أصحابنا أشهب ولا يطلع على ما سوى عورته غير غاسله ومن يليه ابن حبيب يستر من السرة إلى الركبة المازري واستحب سحنون ستر صدره ابن العربي كله عورة فلا يجرد عياض واستحب العلماء غسله تحت ثوب إذا تغير بالمرض إذا كان يكره أن يطلع عليه وهو بتلك الصفة الباجي عن أشهب ستر وجهه وصدره واستحب سحنون في نحيل الجسم ستر صدره واختاره اللخمي بهذا القيد وتقدم نقل سحنون بالإطلاق والمرأة تستر المرأة من سرتها لركبتها كالرجل مع الرجل وقال اللخمي على قول سحنون سترد جميع جسدها مع مثلها في الحمام ستر هنا ابن عبد البر أجمعوا على تحريم النظر إلى فرج ميت أو ميتة غير صغيرة لا أرب فيها.
وفي المدونة يجعل الغاسل على يده خرقة وإن احتاج إلى أن يباشر بيده فعل ومنع اللخمي وابن حبيب مباشرة فرج الميت لإزالة نجاسة ولو اضطر اللخمي وهو أحسن.
(ولا تقلم أظفاره ولا يحلق شعره).
يعني أن خصال الفطرة التي يفعلها الحي لا تفعل به أشهب ويبقى وسخ أظفاره ابن حبيب وما سقط منه من شعر وغيره جعل معه في أكفانه ولا يختن اتفاقا وللنووي عن مذهبه المشهور أنه لا يختن وقيل يختن الكبير دون الصغير وعن ابن القاسم يلف شعر المرأة وعنه يفعلون به ما شاءوا إلا الضفر فلا وعن ابن حبيب لا بأس أن يضفر واختاره بعض المتأخرين لحديث أم عطية في غسل ابنته عليه السلام إذ قالت: وجعلنا رأسها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها.
(ويعصر بطنه عصرا رفيقا).
يعني لئلا يخرج منه شيء فتلطخ أكفانه وما ذكره مثله في المدونة فإن خرجت منه فضلة غسل محلها وفي إعادة وضوئه قولان.
فرع:
فإن كان الجنين يضطرب في البطن ولم يمكن إخراجه إلا بالبقر ففي المدونة لا يبقر عليه وقال أشهب وسحنون يبقر عليه وفي غرائب ابن عبد الحكم رأيت رجلاً
مبقورا على فرس مبقورة يأخذ بمذهب أشهب دون ابن القاسم قائلاً لأن أشهب كان سبب حياتي قيل ويبقر من الجانب الأيسر؛ لأنه أقرب للخروج عياض ويتخرج عليهما أكل الميتة الآدمي للضرورة وفي الميت يبتلع المال ثلاثة ابن القاسم لا يبقر ابن حبيب يبقر وثالثها إن كان ذا فضيلة دينية كصالح أو فقيه فلا وإلا بقر عبد الحق وأفتى أبو عمر أن في ميت ادعى رجل أنه ابتلع له مالا ومات بفوره أقام على ذلك شاهدا قال يحلف ويبقر له وقد اختلف في القصاص في الجراح بالشاهد واليمين فتجرى هذه عليه.
(وإن وضئ وضوء الصلاة فحسن وليس بواجب ويقلب لجنبه في الغسل أحسن).
يعني لا بأس به وقوله (وليس بواجب) مستغنى عنه بقوله (فحسن) وما ذكره هو المشهور ولأشهب نحوه وعنه في ترك وضوئه سعة والقولان حكاهما عنه المازري وفي تكريره بتكرير الغسلات قولان لأشهب وسحنون اللخمي ويبدأ الغاسل بالميامن ومواضع الوضوء للحديث في غسل ابنته عليه السلام «ابدأن أن بميامنها ومواضع الوضوء منها» وفي الجلاب وغسله كالجنب وذكر صفته.
وفي المدونة: يصب الماء على المجروح والمجدور الذي يخاف أن ينزلع ولا ييمم ابن عبد الحكم وينجس الثوب الذي ينشفه به أبو إسحاق ولا يصلي عله ولا به حتى يغسل وكذلك ما اصاب من مائه وهذا على الخلاف في نجاسته واختار الشيخ التقليب لما في الجلاب لأنه أيسر والله أعلم.
(ولا بأس بغسل أحد الزوجين صاحبه من غير ضرورة).
يعني ولو قبل البناء بشرط النكاح الصحيح ولا خيار ولا طلاق ولا نزاع مع من له حق في ذلك ولا تزويج بعد الولادة ولا عقد بعدها على من يحرم الجمع بينهما أن لو كانت حية فلو كان النكاح فاسدا مجمعا فساده فلا يغسل أحد الزوجين صاحبه.
قال سحنون: وما فسد لصداقة ولم يدخل فكذلك وما دخل فكالصحيح. ابن يونس كل نكاح كانا مغلوبين على فسخه فلا يتغاسلان، وما كان لأحد الزوجين أو الولي إجازته فإنهما يتغاسلان ابن القابسي الأصل الذي لا ينخرم هو إذا كان له النظر
إلى محاسنها والاستمتاع بها في حياتها تغاسلا بعد الموت وإن كان ممنوعا من ذلك فالغسل ممنوع وفي المدونة المطلقة رجعيا لا تغسل زوجها في العدة وفي كتاب أبي الفرج تغسله وهي رواية ابن نافع في المبسوط واختار اللخمي الأول لامتناع التلذذ بها في الحياة وظاهر كلام الشيخ ولو وضعت حملها منه وهو كذلك واختلف إذا نكح أختها بعد موتها على قولين بالكراهة والجواز وإن كان بينهما ما يقتضي خيار فله غسلها وخرج اللخمي قولا بالمنع وعلى القول ببقاء الخيار بعد الموت للوارث الحر يغسل زوجته إن نازعه أولياؤها فأما الأمة ينازعه سيدها.
فقال سحنون: يقدم السيد اللخمي يقدم الزوج والعبد كالحر إن أذن له سيده وإلا سقط حقه إن نوزع.
فرع:
وفي القضاء لهما ثلاثة لابن القاسم وغيره وقال سحنون: يقضي للزوج دون الزوجة وفي المدونة يستر كل واحد منهما عورة صاحبة التونسي فظاهره ينظر كل واحد منهما عورة صاحبه إذ عورتهما في التحقيق كأجسامهما ولتقدم إباحة ذلك لهما في حال الحياة.
(والمرأة تموت في السفر لا نساء معها ولا ذو محرم من الرجال فليمم رجل وجهها وكفيها إلى الكوعين).
يعني مباشرة لأن الوجه والكفين مما يباح نظره إليه منها وألزم اللخمي قول ابن شعبان غسله للنظافة أن لا يتيمم وأخذ من اقتصاره على الكوعين أن ما وراءهما ليس بواجب في التيمم وأجيب بأن هذا للضرورة والمحل محل الخلاف فروعي فانظر ذلك.
فرع:
اختلف إذا كانت معها امرأة كتابية فقال مالك تفسلها وقال أشهب: لا وقال سحنون: تغسلها وتيممها والله أعلم.
(ولو كان الميت رجلا يمم النساء وجهه ويديه إلى المرفقين إن لم يكن معهن رجلا يغسله ولا امرأة من محارمه).
يعني إن لم يكن رجل أصلا واختلف إذا كان ثم ذمي بالثلاثة الأقوال المتقدمة وظاهر ما هنا النفي المطلق وإنما يبلغ المرفق في تيممه لأن جسده أخف أمرا من جسد المرأة والله أعلم.
(فإن كانت امرأة من محارمه غسلته وسترت عورته).
يعني وتغسله مجردا من سوى عورته وهو ظاهر المدونة عند التونسي الباجي وقال ابن القاسم وسحنون من فوق ثوب وتأولها اللخمي عليه سحنون تيممه أحب إلي وظاهر كلام الشيخ كانت من محارم النسب والصهر وهو المنصوص وخرج التفريق من غسل الرجل ذوات محارمه ونظر فيه ابن هارون فانظره.
(وإن كان مع الميتة ذو محرم غسلها من فوق ثوب يستر جميع جسدها).
يعني مطلقاً كانت محرميته من نسب أو صهر ونحوه في المدونة وقال أشهب بيممها أحب إلي وثالثها لابن نافع يغسلها إن كانت من نسب لا من غيره وروي أنه يصب عليها الماء لا يباشر جسدها إلا من فوق ثوب وقال ابن حبيب يغسلها وعليها ثوب يصب الماء بينه وبينها خوف لصوقه بجسمها وظاهره يباشر جسمها بيده.
قال ابن رشد ومعناه عندي ويده ملفوفة بخرقة فيما بين سرتها وركبتيها وقيل
كذلك إلا أن يده ملفوفة في كل غسلها قاله اللخمي فيتحصل في المسألة خمسة أقوال بل سبعة والله سبحانه أعلم.
(ويستحب أن يكفن الميت في وتر ثلاثة أثواب أو خمسة أو سبعة).
يعني أن الكفن وإن كان واجبا فالوترية فيه مطلوبة استحبابا فالاستحباب يرجع للإيتار لا للتكفين وقيل أعلاه في الاستحباب خمسة.
وقال مالك في العتبية: ليس في الكفن حد ولا على الناس فيه ضيق اللخمي ولا يزاد على السبع لأنه سرف ولا خلاف في استحباب الزيادة على الثوب الواحد ابن
حبيب ثلاثة أحب إلي من أربعة قال غيره ويكفن مع الوجود في ثلاثة وإن تنازع الغرماء ككسوته التي لا نزاع فيها ويختلف الحال في ذلك كالحياة وإذا لم ينقص من الثلاثة للغرماء فمن الورثة أحرى.
قال عيسى بن دينار ويقضي له عليهما بذلك ابن رشد ويقضي على الأولياء عند المشاحة بمثل ما يلبس في الجمعة والأعياد إلا أن يوصي بأقل ونحوه ومثله في كتاب ابن شعبان سحنون ولو أوصى بثوب وزاد بعض الورثة آخر لم يضمن لأن عليه في الواحد وصما ابن رشد لأنه أوصى بما لا قربة فيه فلا تنفذ وصيته ابن الحاجب وخشونته ورقته على قدر حال ابن هارون ظاهر ما يقتضيه لباسه في سائر الأيام وهو خلاف قول ابن رشد كثوب جمعته فانظره وفي التقييد والتقسيم لابن رشد الواجب منه ستر العورة وباقيه سنة ومثله لابن عبد البر.
(وما جعل له من أزرة وقميص وعمامة فذلك محسوب في عدد الأثواب الوتر).
يعني أنه يعمم وقاله في المدونة قال في الموطأ ويؤزر ويقمص ويلف في الثوب الثالث وهذا مثل ما ذكر الشيخ وأن ذلك مفعول محسوب ونقل غير واحد أن القميص والعمامة مباحان وفي العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم لا يجعل في الكفن مئرز ولا عمامة ولا قميص ولكن يدرج في ثلاثة أثواب درجا.
وقال ابن شعبان السنة ترك العمامة والقميص الباجي المستحب عند مالك على المشهور خمسة قميص وعمامة ومئرز وثوبان يدرج فيهما ويجعل للمرأة خمار عوض العمامة ولا بأس أن تزاد المرأة إلى السبع لحاجتها في الستر على قول مالك ويستحب إن كان له ثوب قد لبس في مواطن القرب كالحروب وغيرها أن يكفن فيه.
فرع:
ومن خلف كفنه مرهونا فالرهن أولى به لتعلق حق المرتهن والله أعلم.
(وقد كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب أبيض سحولية أدرج فيها أدراجا صلى الله عليه وسلم.
يعني هذا الصحيح في تكفينه عليه السلام وما قيل غير ذلك فضعيف والسحولية منسوب إلى سحولي قرية باليمن وفي الصحيحين أنها من كرسف أي قطن وسأل المرفق إسماعيل القاضي ما الذي يصح عندكم في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن عبد العزيز الهاشمي
يقول في خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاثة أثواب؟.
قال القاضي إسماعيل الذي صح عندنا ثلاثة أثواب سحولية وعلى هذا فقوله ليس فيها قميص ولا عمامة يعني موجودان وقيل هما موجودان لا معدودان أبو إسحاق واختلف هل نزع ثوبه الذي مات فيه أم لا فقال ابن عباس: كفن فيه وحلة نجرانية وقيل غير ذلك.
فرع:
البياض مطلوب استحبابا ومنع اللخمي الأزرق والأخضر والأسود وقيل يكره وفي المعصفر ثلاثة الكراهة والجواز لمالك معا وثالثها لابن حبيب جوازه للنساء وفي الحرير ثلاثة مثلها فأما المورس والمزعفر فجائز لأنهما طيب والله أعلم.
(ولا بأس أن يقمص الميت ويعمم).
يعني للاحتمال في الحديث المذكور وكان الراجح عنده نفي وجودهما في تكفينه عليه السلام فلذلك أتى بقوله (لا بأس) وقد استحب القميص في الموطأ والعمامة في المدونة ابن بشير لا خلاف في القميص والعمامة لأنهما لا يحرمان ولا يحيان واختلف في الأولية على قولين.
(وينبغي أن يحنط).
يعني أن الحنوط مستحب وليس بواجب وقيل سنة ومرجعه لتطييب الميت وقال في المدونة عن عطاء أحب الحنوط إلى الكافر عبد الوهاب يحنط بالمسك والعنبر وسائر الطيب الذي يجوز التطيب به ويحسن فقد حنط رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسك وأوصى عمر رضي الله عنه أن يجعل في حنوطه مسك وجعل له الكافر وقال هو أفضل حنوطه عليه السلام نعم ولا يحنط حتى ينشف بخرقة طاهرة نظيفة فتزيل بقايا الماء ونحوه من الغسل والله أعلم.
(ويجعل الحنوط بين أكفانه وجسده ومواضع السجود منه).
يعني وصفة ذلك أن ينشر الثوب الأكمل ثم يضع عليه الثوب الثاني والثالث ويذر على كل لفافة من الحنوط شيء ثم يوضع الميت عليه ويجعل في منافذه كالمنخرين قطنة فيها كافور قال سحنون: ويسد الدبر بخرقة برفق ثم يجعل الحنوط في مواضع السجود تشريفا لها ثم الراس ثم مغابن البدن الإبطين والفخذين ومحل الأوساخ والأدران
كالأنف والفم والأذن وسائر البدن وبين الجسد والكفن ولا يجعل على ظاهر الأثواب لأنه سرف وفيه مباهاة ويربط عند رأسه ورجليه فإذا ألحد في قبره حل ذلك.
قال ابن حبيب وقال ابن شعبان يخاط عليه الكفن وقد يختلف ذلك بالسعة والضيق والله أعلم.
(ولا يغسل الشهيد في المعترك ولا يصلي عليه ويدفن بثيابه).
سمى التشهد شهيدا لأن الملائكة تشهده عند موته ولأنه شهد القتال ولأن حاله شاهد بصحة إيمانه فلا يغسل لتبقى شواهده فيه من دم وغيره وكل ما لا يغسل لا يصلي عليه هذا أصل المذهب وحكى الجوزقي عن مالك يغسل ولا يصلي عليه وهو
وهم وهذا كله إن فاضت نفسه في وقته ولو بقي في المعركة حتى مات بمدبرة وهو في غمرات الموت.
فقال مالك: هو كذلك وقال أشهب وسحنون إن كانت بحيث لا يقتل قاتله إلا بقسامة غسل وإلا فلا يريد إن أنفذت مقاتلة وإلا فكغيره وعن مالك إن أكل أو شرب أو عاش حياة بينة غسل وإلا فلا وسئل أبو عمران عن شهيد أنفذت مقاتلة فأكل أو شرب فقال اختلف: في ميراثه فمن قال يرث جعله كغيره ومن قال لا يرث قال لا يغسل ولا يصلي عليه ولو مات في بلد الإسلام فهو شهيد عند ابن وهب وأشهب وظاهر المدونة.
وقال ابن القاسم هو كغيره والنائم يقتل في نومه قال ابن وهب وأصبغ وسحنون هو شهيد وقال مالك هو كغيره وعزي لأشهب أيضاً.
فرع:
ولو كان جنبا فلا يغسل عند عبد الملك وأشهب خلافا لسحنون وقال ابن بشير لم يختلف في دفنه بثيابه المعتادة قال في المدونمة ولا ينزع له شيء لا خف ولا موق إلا الدرع والسلاح وقاله مالك في المختصر اللخمي يريد وتنزع عنه آلة الحرب قال ويختلف في الخاتم كالمنطقة والمنصوص لابن القاسم إن كان له فص ثمين نزع وإلا فلا ابن حبيب لا ينزع عنه إلا السلاح مما كان من درع أو مغفر أو بيضة أو ساعد أو سيف وهو متقلد به أو منطقة أو مهاميز وما كان من الحديد كله فأما الثياب والعمامة والقباء والسراويل والمدرعة وشبهها فلا ينزع عنه شيء من ذلك وهو مما اجتمع عليه من علمت من أهل العلم.
وظاهر كلام الشيخ أنه لا يزاد على ثيابه وقال أصبغ وأشهب لا بأس بالزيادة أما لو قصرت ثيابه فالزيادة إلى ستره مطلوب والله أعلم.
(ويصلي على قاتل نفسه ويصلي على من قتله الإمام في حد أو قود ولا يصلي عليه الإمام).
لأنه مؤمن عاص وأثمه على نفسه كقاتل غيره وما ورد من إحباط عمله فمؤول.
وقد قال بعضهم لا يصلي عليه أهل الفضل زجرا لأمثاله كتارك الصلاة وكذلك
من قتله الإمام في حد أو قود يصلي عليه لأن ذلك كفارة له إذ قد صح من حديث عبادة بن الصامت قوله عليه السلام: «بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف فمن وفي منكم فأجره على الله ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب شيئاً من ذلك ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه» .
أخرجه البخاري من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه وهو نص في أن الحدود كفارات لأهلها.
وروي ما يدل أنها زيادة عقوبة وعليها مبني الخلاف في ذلك وعلى كل فحرمة الإسلام تقتضي الصلاة عليه وإن كان عاصيا وترك الصلاة عليه زجرا لأمثاله لا يقطع هذا الأصل والله أعلم.
وأما كون الإمام لا يصلي عليه فلأنه معاقب له فلا يكون له شفيعا بالدعاء له بالصلاة عليه لأن القتل لا يكون إلا بالغلظة والشفاعة إنما مقدمتها الشفقة وهما متنافيان وقال ابن نافع وابن عبد الحكم يصلي الإمام على ذي الحد بالقود ونص أبو عمران على أنه يصلي على من قدم نفسه للقتل خوفا من القتل قبل إقامة الحد لأن ترك الصلاة من توابع الحد.
فرع:
في المدونة لا يصلي على المبتدعة ولا تعاد مرضاهم ولا تشهد جنائزهم قال سحنون أدبا لهم فإن خيف عليهم الضياع غسلوا وصلي عليهم قال ابن عبد الحكم يصلي عليهم ابتداء. الثاني: في المدونة لا يصلي على المرتد المميز ولا يغسل ولا تؤكل ذبيحته وقال سحنون يصلي عليه لأنه يجبر على الإسلام من غير قتل والله أعلم.
(ولا يتبع الميت بمجمر).
يعني لقول أبي هريرة وعائشة لا تجعلوا آحر زاده من الدنيا نارا.
ابن حبيب إنما ذلك للتفاؤل.
(والمشي أمام الجنازة أفضل).
يعني على المشهور قال في المدونة وهو السنة وهل سنة أو فضيلة قولان أحدهما للرسالة والجلاب ويتأخر النساء قولاً واحدا قال ابن حبيب يكره خروجهن لقريب أو غيره قائلاً ينبغي للإمام أن يمنعهن عن ذلك وقد قال عليه السلام لنساء رآهن في جنازة «أتحملنه؟» قلن لا قال: «أفتدخلنه قبره؟» قلن: لا قال: «أفتحثين عليه التراب» قلن: لا قال: «فارجعن مأزورات غير مأجورات» .
ورد اللخمي التعليل في المشي أمامها بالشفاعة مع أن الشأن في ذلك العكس
والله أعلم.
(ويجعل الميت في قبره على شقه الأيمن).
يعني موجها وجهه إلى القبلة ويده اليمنى تحت جنبه الأيمن واليسرى من أعلاه ويعدل رأسه بالتراب حتى يكون كالوسادة ويعدل رجليه في وطئ القبر ثم يحل عقد كفنه من عند رأسه ورجليه قال ابن حبيب وإدخاله القبر من ناحية القبلة أحب إلي وقال في المبسوط كيفما تيسر ويتولى ذلك الرجال وإن كانت امرأة فزوجها أو ذو محرم منها أو أحد صالحي المؤمنين إلا إن تيسر من له قدرة على ذلك من قواعد المؤمنات فهي أولى به وليس لعدد من يتولى ذلك حد.
وقج تولى النبي صلى الله عليه وسلم أربعة العباس وولده الفضل وعلي بن أبي طالب واختلف في الرابع.
فروع:
أولها: في الجلاب إن لم يمكن استقباله في قبره جعل على ظهره ورجلاه إلى القبلة وقال سحنون: إن جعلوا رأسه مكان رجليه أو استدبروا به القبلة لم يخرج من القبر ونزعوا عنه التراب ثم حولوه إلى القبلة وتركوه وقال ابن حبيب يخرج ما لم يخف تغيره.
الثاني: قال ابن القاسم وغيره في ميت السفينة إن طمعوا بالبر لم يرم في البحر وأخروه إليه وإلا جهزوه وشدوا كفنه عليه ووضعوه في البحر كوضعه في قبره ولا يثقل بشيء وحق على من وجده في البر دفنه.
وقال سحنون بثقل ونقل التادلي عنه إن كان قريبا من البر فلا يثقل وقال النووي إن كان أهل الساحل كفارا ثقل وإلا فلا التادلي وهو لا يختلف فيه.
الثالث: قال ابن حبيب لا بأس بالدفن ليلا قال مطرف وابن أبي حازم وقد دفنت فاطمة رضي الله عنها ليلا وكذلك الصديق وابنته عائشة رضي الله عنهما وعلي رضي الله عنه في محراب الكوفة ليلا أيضاً وجاء حديث في النهي عن الدفن ليلا والله أعلم.
(وينصب عليه اللبن).
يعني على الميت عند استوائه في قبره واللبن بفتح أوله وكسر ثانيه أو بالعكس جمع لبنة وهي ما عمل من الطين المعجون بالتبن ونحوه دون طبخ ابن حبيب أفضل ما يسد به على الميت باللبن ثم اللوح ثم القرمرد ثم الحجارة ثم القصب وكل ذلك أفضل من التراب والتراب أفضل من التابوت وسمع موسى بن معاوية أكره التابوت.
وقال سحنون: لم يكره التابوت إلا ابن القاسم ولابن عات التابوت مكروه عند أهل العلم وقال بعض الصالحين ما جنبي الأيمن بالتراب بأولى من جنبي الأيسر وبالله التوفيق.
(ويقول حينئذ اللهم إن صاحبنا قد نزل بك وخلف الدنيا وراء ظهره وافتقر إلى ما عندك اللهم ثبت عند المسألة منطقة ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به وألحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
يعني يقول ذلك واضعه في قبره ومن حضر من المسلمين والمطلوب الدعاء للميت ولا يتعين هذا الدعاء فيه ولا غيره ولابن عبدوس عن أشهب يقول بسم الله وعلى ملة رسول الله اللهم تقبله بأحسن قبول وإن دعا بغيره فحسن والترك واسع والله أعلم.
(ويكره البناء على القبور وتجصيصها).
يعني ما يكون منه على نفس القبر إذا قصد به الظهور لا إن قصد به المباهاة فيحرم قاله ابن بشير إلا إن قصد به التمييز فيجوز بشرط أن لا يضيق به على أحد ولا يكون المدفن حبسا فيمنع.
وفي الجلاب يسطح القبر ولا يسنم ويرفع عن الأرض قليلا بقدر ما يعرف عياض والمعروف من مذهبنا جواز تسنيمه وهو السنة لأنه صفة قبره عليه السلام وقبور الصحابة من بعده.
فرع:
ابن عبد الحكم لا تنفذ وصية من أوصى بالبناء على قبره اللخمي يريد بناء البيوت ولا بأس ببناء حاجز بين القبور يعرف به فأفتى ابن رشد بهدم بناء عشرة أشبار
على القبر ويوجب هدم ما بني عليها من القباب والسقائف والروضات ولا يترك من ذلك إلا ما يميز به خيفة الدفن عليه وذلك قدر ما يمكن دخوله من كل ناحية دون باب قال وإن كان بناؤها في ملك بانيها فحكمها حكم الدور (ع) إن كانت بحيث لا يأوى إليها أهل الفسق. ابن بشير المباهاة حرام وفي البناء لقصد التمييز قولان بالكراهة والجواز وكره ابن القاسم الحجر المكتوب أو بالعود ولم ير به بأسا ما لم يكتب ليعرف به قبر صاحبه.
فرع:
وسمع ابن القاسم لا بأس بالمسجد على القبور العافية وكراهتها على غير العافية وقال البلالي من الشافعية (ويحرم بناء مسجد بقبر وصلاة به تبركا) يعني لحديث «اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد» وقوله عليه السلام: «أولئك شرار الخلق كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا عليه مسجدا» .
الحديث رواه مسلم وفي الحديث النهي عن الجلوس على المقابر وحمله مالك على التخلي وعن علي كرم الله وجهه أنه كان يجلس على المقابر ويتوسدها والله أعلم.
(ولا يغسل المسلم أباه الكافر ولا يدخله قبره إلا أن يخاف أن يضيع فليواره).
يعني لأن ذلك من حقوق الآدمية وقد قال عليه السلام: «لعلي كرم الله وجهه قم فوار أباك فواراه» وقد قيل لمالك أيغسل المسلم أباه الكافر فقال أيغسله للنار أهل دينه أولى بذلك قيل له أيمشي معه قال يمشي معه لا يضيع ابن رشد إن لم يخش عليه الضيعة لم يمش معه وإلا مشى معتزلا عن أهل دينه الحاملين له ولابن حبيب في الأخ والابن ونحوه وقال ثلاثة يوفون للبر والفاجر الأمانة والعهد والملة.
وعن مالك يعزى المسلم بأبيه الكافر ابن رشد وليس بالبين لأن التعزية تجمع ثلاثة أشياء، أولها تهوين المصيبة وتسلية صاحبها وتخضيضه على الصبر واحتساب الأجر فيه والرضا بقدر الله، الثاني: الدعاء بجزيل الثواب، والثالث: الدعاء للميت والاستغفار
فسقط الثالث ولا مصيبة على الرجل أعظم من أن يموت ولا يمنع أن يؤجر بموت أبيه الكافر إذا شكر الله وفوض إليه أمره انتهى.
(واللحد أحب إلى أهل العلم من الشق وهو أن يحفر للميت تحت الجرف في حائط قبلة القبر وذلك إن كانت تربة صلبة لا تتهيل ولا تتقطع).
دفن الميت في حفرة تستر الميت وتقيه الضرر وتكتم الرائحة واجب وكيفية الإقبار باللحد وبالشق فالشق أن تجعل حفرة مستوية كشق في الأرض فيه ما يضع عليه اللحد من أعلاه على استواء الحفرة اللحد كما فسره الشيخ.
وقد كان بالمدينة عند موته عليه السلام لحاد وشقاق فبعثوا لكل منهما وقالوا يختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فجاء اللحاد قبل الشقاق فدفنوه عليه السلام باللحد فاستحبه العلماء لكل ميت لأنه مختار الله لنبيه عليه السلام وفي الخبر اللحد لنا والشق لغيرنا ولم يصح والله سبحانه أعلم.