الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في الصيام
يعني ذكر أحكامه وفروعه ولوازمه ومدار الكلام فيه على أربعة أطراف في حقيقته وحكمه وفروعه وتوابعه وقد أتى الشيخ بكل منها بطرف إلا الأول وهو حقيقته وله حقيقة لغوية هي مطلق الإمساك وحقيقة شرعية قال ابن رشد الإمساك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية ورده (ع) بوجوه يطول ذكرها ثم عرفة بأنه إمساك بنية عن إنزال يقظة ووطء وإنعاظ ومذي ووصول غذاء غير غالب وذباب وفلقة بين أسنانه لحلق أو جوف في زمان الفجر حتى الغروب دون إغماء أكثر نهاره وأما حكمه فيختلف باختلاف متعلقاته وتفاصيلها يطول لكن الواجب لذاته لا لعلة تقتضيه هو صوم رمضان بإجماع الأمة.
(وصوم شهر رمضان فريضة).
هو مما لا خلاف فيه ابن يونس صيام شهر رمضان فريضة واجب على الأعيان المكلفين المطيقين لقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185] وقال عليه السلام: «بني الإسلام على خمس» .
ثم قال: «وصوم رمضان» الحديث.
واختلف في كراهة إطلاق رمضان دون إضافة الشهر وإجازته فكره ذلك أصحاب مالك بناء على أن رمضان اسم من أسمائه تعالى وفيه حديث ضعيف وأجازه جماعة من العلماء لحديث «إذا دخل رمضان» قال غير واحد وهو الصحيح وأكثر الشافعية مع القاضي الباقلاني من أهل المذهب إن كانت قرينة تصرفه إلى الشهر كصمنا وقمنا جاز وإن كان بنحو دخل وخرج كره ابن الفاكهاني وقد استوعبت الكلام على هذا في رياض الإبهام في شرح عمدة الأحكام وبالله التوفيق.
وذكر جحوده وتركه في باب أحكام الدماء والحدود فلينظر هناك.
(يصام لرؤية الهلال ويفطر لرؤيته كان ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما فإن غم الهلال فيعد ثلاثين يوما من غرة الشهر الذي قبله ثم يصام وكذلك في الفطر).
ذكر في هذه الجملة أحد شروط وجوبه وهي ثبوت دخول الشهر ويعرف ذلك بثلاثة أسباب رؤية الهلال وإكمال العدة وحساب المنجمين فأما الأول والثاني فلا خلاف في أعمالها وسواء كانت الرؤية مستفيضة أو بشاهد مع الغيم في مصر صغيرا أو كبير اتفاقا أو مع الصحو في الصغير كذلك وفي الكبير على المشهور وعزاه ابن رشد للمدونة والتونسي ليحيى بن عمرو مقابله لسحنون.
وثالثها: إن نظروا إلى صوب واحد لم يعمل عليها وإن اختلفت الجهة عمل عليها ومال التونسي إلى توفيق القولين بالأخير (خ) لم أر من صرح بالثالث ولم يذكره ابن رشد على أنه خلاف بل قال إنه خلاف في حال وكان نحا نحو التونسي فانظره (ج) ذكره اللخمي إلى أن كلامه يقتضي أنه متفق عليه وعده (ع) ثالثا وفسر به التونسي للمدونة.
فرع:
ابن الحاجب والشاهد الواحد كالعدم سحنون ولو كان مثل عمر بن عبد العزيز ابن الحارث اتفاقا وأجازه ابن مسلمة برجل وامرأتين ولأشهب في المبسوط قبول رجل وامرأة حكاه (خ) والعدالة شرط فلا يقبل مسخوط ولا عبد وكذا النصاب فالواحد لا يكفي ومن رأى الهلال وحده لزمه الصوم ولزم أهله من الاعتناء لهم بشأنه (خ) وعلى
عدل ومرجو رفع شهادته ولزم إن نقل بشاهدين عن ثبوته بشاهدين.
وقال ابن ميسر إن أخبر عدل بثبوته عند الإمام قبله آخر لزم الشيخ كما يخبر الرجل أهله وابنته البكر فيلزم الصوم بقوله.
فرع:
المشهور لا يفطر منفرد بشوال وإن أمن الظهور إبقاء على عرضه قاله في الموطأ وقيل يفطر بالنية وقيل غير ذلك وأما حساب المنجمين. فقال ابن بشير: ركن إليه بعض البغداديين وهو باطل وشنع ابن العربي على القائل به من الشافعية وحكى ابن رشد العمل به مطرف – يعني ابن عبد الله بن الشخير – وهو شافعي وحكى ابن بريزة رواية البغداديين عن مالك (خ) ونقل مثله عن الداودي فلا يصح قول ابن الحاجب اتفاقا سواء أراد مطلقا أو في المذهب فانظر ذلك.
(ويبيت الصيام في أوله وليس عليه البيان في بقيته).
يعني على المشهور في الوجهين لأن عبد الملك وصاحبه أحمد بن المعدل يقولان في من أصبح ولم يعلم أن اليوم من رمضان يصومه ويجزئه وقال ذلك في كل صوم معين ووافقهما ابن حبيب في يوم عاشوراء وروى ابن عبد الحكم يلزم البيات في كل ليلة والمشهور في كل صيام متتابع أن أول ليلة كافية.
وفي حديث حفصة رضي الله عنها «لا صيام لمن لم يبيت الصيام قبل الفجر» .
صححه ابن خزيمة وابن حبان ورواه أصحاب السنن ومال الترمذي والنسائي إلى وقفه وهو محتمل لتجديدها كل أول ليلة ومبنى الخلاف هل هي عبادة واحدة فتكفي نية واحدة أو عبادات فيكون لكل نية والله أعلم واعترضوا قول الشيخ وليس عليه البيات بأن الصواب التبييت وهي مسألة لغوية فانظرها وبالله التوفيق.
فرع:
اللخمي اختلف في تعيين النية لرمضان كالخلاف في تعيين اليوم للصلاة انتهى فانظره.
(ويتم الصيام إلى الليل).
يعني وجوبا فلا يقطعه بنية ولا فعل فلو قطعه بنية رفضه فالمشهور بطلانه الباجي
وجوب الإمساك إلى الليل يقتضي وجوبه إلى أول جزء منه غير أنه لا بد من إمساك جزء منه ليتيقن إكمال النهار أشهب تأخير الفطر عن الغروب لحاجة واسع ويكره تنطعا ابن حبيب لا ينبغي لرؤية النجوم وقال التادلي اختلف في أخذ جزء من الليل عند الإفطار وعند السحور (خ) الخلاف في الثاني شهير قال عبد الوهاب وابن القصار بوجوبه. وقال اللخمي: لا يجب.
فرع:
قال عياض في الإكمال اختلف العلماء في الإمساك بعد الغروب هل يحرم كما يحرم صومه يوم الفطر والأضحى أو هو جائز وله أجر الصائم ولا يصح الإتمام إلا بتحقق العروب فالشك في الغروب كتيقن العدم لوجوب الاستصحاب فإن أكل قضاه اتفاقا وفي الكفارة قولان ويفرق بينه وبين الشك في الفجر بأن هذا شك في المقتضى والشك في الفجر شك في المانع فانظر ذلك متأملاً وبالله التوفيق.
(ومن السنة تعجيل الفطر وتأخير السحور).
قال الباجي تعجيل الفطر أن لا يؤخر بعد غروب الشمس على وجه التشديد والمبالغة واعتقاد أنه لا يجوز الفطر عند الغروب على حسب ما يفعله اليهود وأما من أخره لأمر عارض واختيار مع اعتقاد أن صومه كمل بغروب الشمس فلا يكره له ذلك.
ابن نافع في المجموعة عياض واختلف إذا حضر الطعام والصلاة فذهب الشافعي
إلى البداءة بالطعام للأحاديث وحكى ابن المنذر عن مالك بداءته بالصلاة إلا أن يكون شيئاً خفيفاً وذكر ابن العربي في القبس وغيره فيمن حلف أن لا يفطر على حار ولا على بارد فأفتى ابن الصباغ من الشافعية بحنثه وأبو إسحاق الشيرازي بأنه لا يحنث لقوله عليه السلام: «إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم» فحكم بفطره.
قالوا وفتيا ابن الصباغ أشبه بالمذهب لأنه يعتبر المقاصد وفتيا أبي إسحاق كالشافعي لأنه يعتبر الألفاظ.
فرع:
في كراهة الوصال لغيره عليه السلام قولان المشهور الأول وفي الحديث إن كان ولا بد فإلى السحر واختاره اللخمي وفي الصحيح «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» وفي حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه: «فرق ما بيننا وبين أهل الكتاب أكلة السحور فتسحروا يا أمة محمد» رواه مسلم عياض والرواية بضم الهمزة ومعناه اللقمة الواحدة وصوابه فتحها واعترضه التادلي بأن تقليل الأكل مطلوب والسحور بالفتح اسم لما يتسحر به وبالضم اسم للفعل وهو ههنا بالضم والله أعلم.
(وإن شك في الفجر فلا يأكل).
يعني أن استحباب التأخير إنما هو ما يدخل الشك في الفجر قاله أشهب في المجموعة قائلاً ومن عجله فواسع يرجى له من الأجر ما يرجى لمن أخر إلى آخر أوقاته وهل نهى الشيخ عن الأكل مع الشك على الكراهة أو على التحريم محتمل وقد صرح في المدونة بالكراهة فحملها اللخمي على التترية وحمله أبو عمران على التحريم وهو المشهور (خ) وهو مقتضى فهم البرادعي لأنه اختصرها بلفظ النهي وفي المسألة أربعة أقوال ذكرها اللخمي فانظرها واختار إمساكه في الغيم وجوبا وفي الصحو استحبابا ولابن حبيب جواز الأكل مطلقا.
فرع:
فلو أكل مع الشك في الفجر فلم يتبين أنه قبله ولا بعده فلا كفارة وفي القضاء
اختلاف ولو آكل مع الشك في الغروب فقال القاضيان عبد الوهاب وابن القصار يقضي ولا يكفر وقال بعض الأندلسيين يكفر والمشهور الأول وفي المدونة شكه بعد أكله كشكه قبله وقال ابن حبيب يجوز تقليد المؤذن العدل العارف بالأوقات وإن الفجر لم يطلع فإن سمع الأذان ولم يكف سأله عن الوقت ولو اختلف عليه فقال رجل أكلت قبله وقال الآخر بعده فقال: ابن عبدوس يقضي يومه اللخمي لشكه ولو تيقن شيئاً عمل عليه ولو طلع الفجر وهو أكل أو شارب كف ولا قضاء على المنصوص وإن كان يجامع ففي القضاء قولان لعبد الملك وابن القاسم وهو المشهور وإن لم يخضخض فاه بعده ابن القصار وإن لبث قليلا عمدا كفر والله أعلم وعلى قول عبد الملك فلا كفارة عنده قائلا لأنه لم ينتهك حرمة رمضان والله أعلم.
(ولا يصام يوم الشك ليحتاط به من رمضان).
يوم الشك هو صبيحة ليلة التماس هلال رمضان إذا لم يرا لغيم في الآفق لاحتمال أن الحاجب له غيم لا غيره، وقال الشافعي ما منع الجزم بثبوته كالتوقف في شهود رؤيته ومثله لابن عبد الحكم قوله ((إن تأخر قبول الشهود للكشف عنهم لم يصم حتى يثبت) وكونه لا يصام احتياطا.
قال ابن عطاء الله الكافة مجمعون على ذلك وفي المدونة لا ينبغي صوم يوم الشك وحمله أبو إسحاق على المنع وفي الجلاب يكره صيام يوم الشك وخرج اللخمي صيامه
من صيام من شك في الفجر ونحوه ابن الحاجب تخريجه غلط لثبوت النهي (س) وهو قول عمر رضي الله عنه من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: ولم يبين من حكمه سوى النهي.
والظاهر أنه على التحريم وكذلك قاله (خ) وقال وهو ظاهر ما نسبه اللخمي لمالك إذ قال ومنعه مالك لابن بشير هو من موافقة أهل البدع والعمل على المنجمين والله أعلم.
(ومن صامه كذلك لم يجزه وإن وافقه من رمضان).
لأنه بمثابة من صلى الظهر ونحوه شاكا في الوقت ثم تبين وقوعها فيه فلا يجزئه قاله أشهب وقيل هو بمثابة من شك في الطهارة ثم تبين صحتها أنه يجزئه وهو مقتضى قول اللخمي والمذهب الأول.
وفي المدونة من صامه تطوعا فإذا هو من رمضان لم يجزه وخرج عياض الأجزاء من الأسير تلتبس عليه الشهور فيتحرى فيصادفه أنه يجزئه وهو قول سحنون، وقال ابن القاسم لا يجزئه ونظيرتها من سلم شاكا في صلاته ثم تبين الكمال ففي صحتها قولان وصحح ابن رشد البطلان والله أعلم.
(ولمن شاء صومه تطوعا أن يفعل).
ظاهر كلامه التخيير مطلقا وهو قول مالك وعبد الملك وكره ابن مسلمة مطلقا وله قول مثل مالك نقله عنه اللخمي وثالثها للباجي عنه يكره إلا لمن شأنه سرد الصوم ولا خلاف في جواز صومه قضاء ونذرا صادف لا بعينه (س) لأن نذره من حيث إنه يوم شك يتضمن معصية فسقط ورده (ع) بعدم كراهة صومه تطوعا أي على المشهور.
وفي الحديث النهي عن صوم آخر شعبان لمن لم يصم من أوله وبالله التوفيق.
(ومن أصبح فلم يأكل ولم يشرب ثم تبين له أن ذلك اليوم من رمضان لم يجزه وليمسك عن الأكل في بقية يومه ويقضيه).
إنما لم يجزه لفقد النية وهو خلاف قول عبد الملك وصاحبه أحمد بن المعدل أن النية في كل صوم معين لا تلزم لأنه منوي قبل ذلك وإذا كان لا يجزئه مع عدم الأكل والشرب فأحرى إن أكل أو شرب.
ولابن بشير وغيره ما معناه أنه ينبغي الإمساك يوم الشك عن المفطرات حتى يأتي المسافرون من أحواز البلد وينتشر الناس وتسمع أخبار الرؤية فإذا ارتفع النهار ولم يظهر موجب جاز الفطر وإن ثبت وجب الإمساك لحرمة الشهر وإن كان قد أكل يلزمه القضاء التادلي عبادتان يجب الإمساك في فسادهما وهما الصوم في رمضان لحرمته والنسكان لخوف التمادي في إفسادهما انتهى بمعناه.
فرع:
إن أكل بعد علمه بأن اليوم من رمضان متعمداً ففي المدونة لا كفارة عليه إلا أن يتهاون بفطره لعلمه ما على متعمد الفطر وحكى غير واحد فيه قولين والمشهور مذهب المدونة والله أعلم.
(وإذا قدم المسافر مفطرا أو طهرت الحائض نهارا فلهما الأكل في بقية يومهما).
يعني أن من زال عذره ممن يباح له الفطر لعذر لا يلزمه إمساك بقية يوم زوال عذره ولو قدم في يوم طهرها وهو مفطر لسفره فله مجامعتها وفي حلية الكتابية ثالثها إن كان طهرها في يومها وفي استحباب إمساك الصبي بقية يوم احتلامه خلاف وفي الموطأ يمسك الكافر إذا أسلم بقية يومه ولأشهب في المجموعة لا يمسك وفي وجوب كف المفطر لعطش ونحوه أزاله قولان لابن حبيب قائلا ولا كفارة إن لم يكف ولسحنون في كتاب ابنه يتمادى على الفطر ويطأ. وبه قال جمهور أهل العلم القاضي وكل مباح له الفطر مع العلم برمضان فله التمادي عند زوال عذره في أثناء اليوم والله أعلم.
(ومن أفطر في تطوعه عامدا أو سافر فيه فأفطر في سفره فعليه القضاء).
الوفاء بالعقد مع الله واجب وحله حرام في كل عبادة يتوقف أولها على آخرها عند مالك إلا لوجه ففطر الصائم المتطوع حرام ابن يونس قال مالك لا ينبغي أن يفطر من صام متطوعا إلا من ضرورة وبلغني أن ابن عمر قال: «من صام متطوعا ثم أفطر من غير ضرورة فذلك الذي يلعب بدينه» .
قال مطرف وإن حلف عليه رجل بالطلاق أو بالعتاق فليحنثه ولا يفطر إلا أن يكون لذلك وجه فليفطر وقد أساء ثم يقضي وإن عزم عليه أبواه فأحب إلي أن يطيعهما إن كان رقة منهما لإدامة صومه وظاهر كلام غير واحد الإطلاق وكذا في الشيخ (خ) قال ابن عات المسراتي وذلك لأن عقده مع شيخه أن لا يعصيه سبق عقده على صومه (خ) وظاهر المذهب أن شيخه الذي يتعلم عليه العلم لا يتنزل منزلته قال وكان بعض من لاقيته يفتي بأنه كهو قلت بل هو نص مختصر (خ) وعليه مشى في توضيحه.
وذهب الشافعي لجواز الإفطار مطلقا للأحاديث الواردة في ذلك ومال إليه (س) ونقل نحوه عن عيسى بن مسكين إذا أمر صاحبا له بالإفطار في تطوعه وقال: ثوابك في سرور أخيك بفطرك أفضل من صومك ولم يأمره بالقضاء، عياض: قضاؤه واجب وإنما لم يأمره عيسى به اكتفاء بعلمه بوجوبه (ع) هذا خلاف المذهب وقد ألف الشيخ أبو العباس بن البناء العددي في هذه المسألة جزءاً حسنا ومال لترجيح القول بالجواز وقال التادلي: يفيد وجوب القضاء بالعمد الحرام كما قال ابن الحاجب ويجب في النفل بالعمد الحرام واحترز بذلك من تفطير الأبوين والزوج لزوجته والعبد مع سيده ونحو ذلك. إذ لا قضاء فيه وفطره للسفر في تطوعه لا يسقط قضاءه على المشهور وهو في
المدونة خلافا لابن حبيب والله أعلم.
(وإن أفطر ساهيا فلا قضاء عليه بخلاف الفريضة).
قال ابن رشد في ((بداية المجتهد ونهاية المقتصد)) أجمعوا على عدم القضاء في فطر التطوع لعذر أو نسيان وخالف ابن علية في النسيان واختلفوا إن كان لغير عذر فأوجب مالك وأبو جنيفة عليه القضاء وقال الشافعي وجماعة: لا قضاء عليه، ومعروف المذهب المفطر ساهيا في الفطر يقضي وإن كان في رمضان وجب عليه إمساك بقية يومه لحرمته.
قال عياض: مشهور مذهب مالك قضاء من أفطر في رمضان ناسيا وذلك مشعر بوجود الخلاف في المذهب (خ) وهو غريب والمشهور لا قضاء عليه في النذر المعين إذا أفطر فيه لعذر وثالثها يقضي الناسي فقط واعترضه ابن هارون بأن نص المدونة قضاؤه ورده بأن المشهور لا يتقيد بها وإن كان الغالب عليها، ورابعها: لعبد الملك إن كان لليومن فضيلة كعاشوراء أو يوم عرفة وإلا قضى والله أعلم.
فرع:
لا كفارة على من أفطر في تطوع وإن كان متأكداً وروى ابن القاسم من أفطر في تطوعه لغير عذر قضى يومين قال ابن عطاء الله ولا أدري ما وجهه وسيأتي قضاء القضاء إن شاء الله.
(ولا بأس بالسواك للصائم في جميع نهاره).
ما ذكر هو نص المدونة ولا بأس هنا لمطلق الإباحة وذلك في أول النهار بلا خلاف وفيما بعد الزوال إلى آخره على المشهور.
وقال الشافعي يكره وروى البرقي نحوه عن أشهب لحديث «لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك» ورد بأن الخلوف من الجوف فلا يزيله السواك وجهل ابن العربي فاهم الحديث على الأمر بإبقائه والخلوف بالضم ففتح خائه لحن وحيث أبيح فبسواك لا يصل منه شيء إلى الحلق. وفي المدونة كراهة ما يتحلل وفي استياكه بالأخضر ثلاثة الجواز لأبي مصعب والكراهة للمدونة وثالثها لابن حبيب: لا يكره إلا لمن لا يعرف المج أو لا يقدر عليه. ابن يونس: وإنما يكره الرطب لأن له رائحة وطعما وحرافة ولا ينقطع ذلك بعد فراغه فيتقي أن يبتلع ريقه وطعمه في فيه ولو مج ما يجتمع له فلا شيء عليه وإن وصل منه شيء إلى حلقه فعليه القضاء ولا كفارة.
قال الباجي: والقياس وجوبها عن ابن لبابة إن استاك بالجوز نهارا قضى وكفر وإن فعله ليلا فأصبح على فيه قضي فأقسام السواك في رمضان ثلاثة جائز ومكروه وحرام وقد عرفت بما ذكر فوقه وبالله التوفيق.
(ولا تكره له الحجامة إلا خشية التغرير).
يعني أن الحجامة للصائم جائزة إلا أنها تكره لمن خاف أن يغر بصومه بحيث يؤديه احتجامه إلى فطره لضعفه فهي إذا على ثلاثة أوجه جائزة باتفاق لمن تحقق سلامته وغير جائزة لمن تحقق عكسها ومكروهة لمجهول حاله (ج) وهذا التفصيل هو المشهور وقيل تكره وإن علمت السلامة، الباجي: وهذه رواية ابن نافع بقوله: لا يحتجم قوي ولا ضعيف لأنه ربما يضعف القوي وهو نحو رواية عيسى عن ابن القاسم.
وقال أحمد: يبطل به الصوم ولا كفارة وقد خرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أنه عليه السلام احتجم وهو صائم، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه عليه السلام رخص في الحجامة للصائم بعد نهيه عن ذلك وحديثه معلوم فحمل على النسخ وغيره فانظر ذلك.
(ومن ذرعه القيء في رمضان فلا قضاء عليه وإن استقاء فقاء فعليه القضاء).
يعني أن القيء الضروري كالعدم لا قضاء فإن رجع منه شيء إلى جوفه غلبة أو نسيانا فروى ابن أبي أويس يقضي في الغلبة وروى ابن شعبان لا يقضي وإن كان نسيانا فخرج اللخمي قول أحدهما في الآخر ولو رده مختارا فكالآكل وإن رد القلس متمكنا من طرحه فرجع مالك إلى أنه يقضي (م) ابن حبيب ويكفر في العمد والجهل
وإن ابتلع نخامة وصلت لسانه فلا شيء عليه وقد أساء.
وقال سحنون: عليه القضاء فأما إن استقاء فقاء بالمد والهمزة فيهما فإنه يقضي وهل وجوبا وهو الذي عليه حمل أبو يعقوب قول مالك وهو ظاهر ما هنا ولفظ المدونة مثله وحمله أبو بكر الأبهري على الاستحباب وثالثها لابن حبيب وهو في التطوع لغو وفي الفرض يقضي ورابعها لعبد الملك إن كان لعذر فلا قضاء وإلا وجب وعزا في الشبيبي الوجوب لأشهب والاستحباب لابن الكاتب وعدمه لابن حبيب ولعبد الملك القضاء والكفارة ولابن يونس إن علم برجوع شيء إلى جوفه قضى وكفر والله أعلم.
فرع:
(خ) لا قضاء في غالب قيء أو ذباب أو غبار طريق أو كيل أو دقيق أو جبس لصانعه أو حقنة من إحليل أو دهن جائفة ومني مستنكح أو مذي أو نزع مأكول أو مشروب أو نزع فرج طلوع الفجر انتهى.
وذرعه – بالمعجمة بعدها راء ثم مهملة – غلبه والقيء معلوم.
(وإذا خافت الحامل على ما في بطنها أفطرت ولم تطعم وقد قيل تطعم وللمرضع إن خافت على ولدها ولم تجد من تستأجر له أو لم يقبل غيرها أن تفطر وتطعم).
أما الحامل فما ذكر فيها أولاً هو المشهور والقول بالإطعام رواه ابن وهب الشيخ وهذه الرواية لا توجد لمالك وإنما نقلها سحنون من موطأ ابن وهب بالتأويل وفيها قال عنه أشهب هذا استحسان واستحباب من غير إيجاب والثلاثة في المدونة ورابعها لأبي مصعب إن دخلت في السابع لم تطعم لأنها مريضة وإن كانت قبل ستة أشهر أطعمت اللخمي يريد لأن المرض يسقط الإطعام وإن شاركه الخوف على الولد، وخامسها: لعبد الملك إن أفطرت للخوف على ولدها أطعمت وإن كان للخوف على نفسها فلا فإنها مريضة. اللخمي وللحامل ثلاث حالات حالة تصوم وجوبا وحالة تفطر وجوبا وحالة مخيرة ففي أول حملها ولا يجهدها الصوم لا تفطر وإن خافت على نفسها أو على ما في بطنها الهلاك لزمها الإفطار وإن كان يجهدها جهد مشقة لا تهلك معها لا هي ولا ولدها ولا تخاف ذلك فهي مخيرة وفي لزومها الفدية اختلاف تقدم فوقه.
قال وللمرضع ثمان حالات يلزمها الصوم في أربع ويلزمها الفطر في ثلاث وهي بالخيار في الثامنة فإن كان للرضيع مال غير مضر بها ولا بولدها أو كان مضرا بها وهناك مال لأب أو للأبن أو للأم تستأجر منه من يرضعه والولد يقبل غير أمه لزمه الصوم وإن كان مضرا بها تخاف على نفسها وعلى ولدها وهو لا يقبل غيرها أو يقبل ولا تجد من تستأجر له أو يوجد وليس ثم من يستأجر له لزمها الفطر وإن كان يجهدها الصوم ولا تخاف على نفسها منه ولا على ولدها والولد يقبل غيرها كانت بالخيار بين الفطر والصيام والقضاء لازم حيثما أفطرت ويبدأ في الأجرة بمال الولد ثم مال الأب لأن أصل النفقة عليه، ثم مال الأم لأنها آخر المرجع والمشهور تطعم لإفطارها وهو قوله في المدونة عكس الحامل وفي مختصر ابن عبد الحكم لا تطعم قال وهو أحسن لأنها كالمريض والمسافر والله أعلم.
(ويستحب للشيخ الكبير إذا أفطر أن يطعم).
ما ذكر من الاستحباب هو قول مالك في الموطأ وبه قال سحنون وحكى ابن بشير قولا بوجوبه.
ابن الحاجب ولا فدية على المشهور (س) والمنقول ما تقدم من القولين لا ما يعطيه كلامه (ج) بل هو اختيار اللخمي وتأوله بعضهم على المدونة اللخمي إن كان
معه من القوة ما لا يشق معه الصوم أو كان في زمن لا يشق فيه الصوم لزمه أن يصوم وإن كان في شدة الحر وإن كان في غيره صام أفطر وقضى في الزمن الآخر وإن بلغ به الكبر إلى العجز جملة أفطر ولا إطعام عليه قال وهذا هو الصواب من المذهب فانظر ذلك.
(والإطعام في هذا كله مد عن كل يوم يقضيه).
يعني أن اللازم في الفدية مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم يعطيه لمسكين كلما قضى يوما أعطى مدا من جل عيش أهل البلد والعدد شرط فلا يجوز أن يعطي آصعا لواحد ولا يقسم صاعا أو مدا على جماعة.
وفي المدونة لا تجزي أمداد كثيرة لمسكين واحد (ع) يريد من رمضان واحد لأن فدية الرمضان الواحد كأمداد اليمين الواحدة والرمضانين كل كيمينين قال بعضهم وقدر المدر ملء الكفين معا من معتدل الأعضاء برا أو شعيرا أو غيرهما والله أعلم.
(وكذلك يطعم من فرط في قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر).
يعني مدا عن كل يوم يقضيه قال التادلي وكذلك من دخلت عليه رمضانا متعددة فليس عليه إلا مد واحد لكل يوم يقضيه قال في الجواهر ولا يتعدد بتعدد السنين وقال ابن بشير لا يجب قضاء رمضان على الفور اتفاقا واستقرأ ابن رشد قولا بالفور إذا صح وقدم ثم مات وأوصى بالفدية فإنها في الثلث مبدأة والقول بالتراخي في القضاء هو الذي عليه البغداديون والقرويون قال بعضهم وهما على الخلاف فيمن آخر الواجب الموسع فمات قبل أدائه هل يكون عاصياً أم لا ولو مرض أو سافر عند تعين القضاء ففي الفدية قولان ذكرهما عياض وهما تأويلان على المدونة.
فرع:
ولو تمادى به المرض أو السفر من رمضان إلى رمضان فالمشهور لا يطعم وروي يطعم وقاله عبد الملك وهل وقت القضاء عند الأخذ في القضاء أو بعده وهو المشهور أو عند تعذر الصوم وهو قول أشهب في مدونة ابن حبيب والمستحب في الإطعام كلما صام يوما أطعم مسكينا ومن قدم الإطعام أو أخره أو فرقه أو جمعه أجزأه ومن لا قدرة له على القضاء كفر يوم الفطر والله أعلم.
(ولا صيام على الصبيان حتى يحتلم الغلام وتحيض الجارية وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة).
يعني أن وجوب الصيام على الصغار من الذكور والإناث معلق بالبلوغ والبلوغ علامته في الذكور الاحتلام وكذا في الإناث وينفردن بالحيض والحمل والمراد بالاحتلام خروج المني في النوم يقظة أو دونها وليس بشرط بل خروجه مطلقا كاف وهو المقصود وإنما ذكر الاحتلام للغلبة وما في معنى الحيض مثلهم وهو الحمل.
وقوله: (وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان) تنبيه على أن البلوغ شرط في وجوب كل عبادة من صلاة وغيءرها وفي قوله الأبدان أن تنبيه على أن أعمال غير الأبدان لا يشترط فيها البلوغ كالزكاة ونحوها وقوله (فريضة) تنبيه على اللزوم دون فرض كالأمر بالصلاة في السبع وفي المدونة لا يؤمر الصبيان بالصوم بخلاف الصلاة وقال أشهب يجب عليهم بالبلوغ ويؤمروا به استحبابا إذا أطاقوا.
وقال ابن حبيب كان عروة بن الزبير يأمر بنيه بالصلاة إذا عقلوا وبالصيام إذا أطاقوا والمشهور الأول ويعتبر السن بالاحتلام أولا وآخرا أفمن احتلم أو حاضت في سن من لا يقع له ذلك عادة لصغر لم يعتد بذلك فيه ومن لم يحتلم ففي الحكم باحتلامه ثلاثة لابن وهب خمسة عشر سنة ولابن القاسم سبعة عشر وعنه ثمانية عشر وهو المشهور قاله المازري وفي كون الإنبات علامة قولان وهما في المدونة وفي كتاب السرقة منها أصغى مالك إلى الاحتلام حين كلمته بالإنبات وقال يحيى بن عمر وهذا فيما يلزم في الحك الظاهر من طلاق وحد ونحوه وفيما بينه وبين الله لا يلزمه قالوا ويصدق في الاحتلام ما لم تكن ريبة ابن العربي ينظر في المرأة ابن الحاجب وهو غريب قيل يعني بعيد وقيل مما انفرد به فانظر ذلك.
فرع:
ابن يونس واللخمي إذا لم تظهر بالمرأة علامة من البلوغ فأفطرت رمضان ثم
ظهر حملها في ذي القعدة لزمها القضاء وإن ظهر في نصف ذي الحجة لزمها قضاء نصف رمضان وإن ظهر في آخره لم تقض شيئاً لأن الحمل لا يتبين في أقل من ثلاثة أشهر والله أعلم.
(قال الله سبحانه وتعالى {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا} [النور: 59].
فجعل سبحانه وجوب الاستئذان مربوطا بالبلوغ وقد قال علماؤنا إن شرط التكليف ثلاثة البلوغ والعقل وبلوغ الدعوة واختلفوا في الفروع هل شرط للإسلام أو بلوغ الدعوة؟.
وشروط وجوب الصيام أربعة البلوغ والعقل والإقامة والقدرة عليه من غير مرض ولا ضرر ولا حرج ويسقط عن اثني عشر عن الصبي والمجنون والحائض والنفساء والمغمى عليه والمسافر والصحيح الضعيف البنية العاجز عن القيام به والمتعطش والمريض والحامل والمرضع والشيخ الكبير انتهى من تقييد القلشاني وبالله التوفيق.
(ومن أصبح جنبا ولم يتطهر أو امرأة حائض طهرت قبل الفجر فلم يغتسلا إلا بعد الفجر أجزاهما صوم ذلك اليوم).
أما الإصباح بالجنابة اختيارية كانت أو اضطرارية فإنه لا يضر.
قال أشهب: ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم لحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما قالتا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح جنبا من جماع يدركه الفجر ولم يغتسل فيغتسل ويصوم وأما الحائض فلها حالات والمشهور متى تحقق طهرها قبل الفجر ونوت الصيام فإنه يجزئها ولأبي عمر وأبي الفرج أن جنابة الدم تمنع صحة الصوم مطلقا وعزوه لعبد الملك وإن شكت في طهرها هل هو قبل الفجر أو بعده ففي المدونة تصوم وتقضي ابن يونس لأنه لا يزول الفرض إلا بيقين وأقيم من هذه المسألة صيام يوم الشك وأن نية المعين لا تلزك في ذلك كله نظر والله أعلم (ع) والشاكة في طهرها قبل الفجر تصوم وتقضي والمشهور أن نفس الارتفاع كاف دون اعتبار قدر الطهارة والله أعلم.
(ولا يجوز صيام يوم الفطر ولا يوم النحر).
يعني أن ذلك أمر مجمع عليه من الدين ضرورة وقد قال عليه السلام: «إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى فلا يصح قول من عدها في المكروهات» ثم قال (ولا يصام اليومان اللذان بعد يوم النحر) يعني وجوبا لأن صومهما كاليوم قبلهما في التحريم إلا التمتع الذي لا يجد هديا فإن لازمه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع من يوم يحرم فإن فاته ذلك قبل العيد – أعني صوم الثلاث السابقة – أتى بها فيما بعد يوم النحر لا يباح ذلك لغيره على المشهور.
قال في المدونة وكذلك كل من لزمه هدي قبل الوقوف بعرفة ولم يجده والقارن كالمتمتع في ذلك واختلف في صحة القضاء فيهما والنذر المعين ثلاثة صحته للخمي نقلا وللمدونة وثالثها لأشهب إنما يصح ذلك في آخرها قائلا ويفطر متى ذكر أي فصل فيها (خ) عدم القضاء فيها هو المشهور ومقتضى كلام ابن الحاجب أنها في الجواز ابتداء واللخمي إنما نقلها في الإجزاء بعد الوقوع (خ) وقال بعضهم: لا خلاف في المذهب في منع لصوم اليومين الأولين عن نذر معين أو غير معين.
الباجي وابن عطاء الله عن أبي الفرج من نذر اعتكاف أيام التشريق اعتكفها وصامها والله أعلم.
(واليوم الرابع لا يصومه متطوع ويصومه من نذر أو من كان في صيام متتابع قبل ذلك).
يعني يكون قد صادف ذلك أنه قصده بنذره ومتابعته لأن ذلك ممنوع والصوم على أقسام الواجب منه بالأصالة رمضان وبسبب الكفارات وباستئناف النذر والممنوع العيدان واليومان بعد يوم الأضحى مختلف فيهما بالكراهة والتحريم ومنه الخلاف في اليوم الرابع وفي كراهة يوم الجمعة منفردا قولان وكذلك صوم الدهر والأيام البيض والست من شوال ويوم عر فة لغير الحاج بعرفة ولهذه الجملة تفصيل يطول.
(ومن أفطر في نهار رمضان ناسيا فعليه القضاء وكذلك من أفطر فيه لضرورة من مرض).
يعني ونحوه من مبيحات الإفطار وموجباته فإن القضاء لازم للكل فالقضاء واجب بالفطر مطلقا ومع الانتهاك تتبعه الكفارة ولذي العذر المنفصل الفدية وقد ذكرت (ع) وزمن القضاء غير زمنه أي غير محل الصوم وما حرم صومه اللخمي أو وجب بنذره ابن الحاجب ويجب التعدد (ع) ولو قضى شهر الهلال عن آخر ففي كون المعتبر عدد الأول أو كل الثاني فيجزئ إن كان أقل ويكمل إن كان أتم قولان لنقل اللخمي عن المذهب ورواية ابن وهب (ع) وتتابع قضاء رمضان والنذر مستحب.
(ومن سافر سفرا تقصر فيه الصلاة فله أن يفطر وإن لم تنله ضرورة وعليه القضاء والصوم أحب إلينا).
يعني أن إباحة القصر في السفر تبيح الإفطار (ع) القصر يبيح فطره وسمع ابن القاسم البحر كالبر الشيخ عن ابن نافع ولو أقام ببلد ما لا يوجب إتمامه ومن شرط إباحة الإفطار في السفر تبييت الفطر والاتصاف به لا نيته فقط أبو عمر اتفاقا اللخمي لا يفطر قبل تلبسه به اتفاقا.
فرع:
وفيمن عزم دون فعل أربعة مالك يكفر أشهب لا كفارة ابن حبيب إن لم يأخذ في الأهبة كفر ولأشهب أيضاً مع سحنون إن تم سفره فلا كفارة وإن لم يتم كفر
وقوله (والصوم أحب إلينا) يعني على المشهور وهو مذهب المدونة ولابن الماجشون الفطر أفضل والصقلي إن كان سفر جهاد فالفطر أفضل وعزاه لابن حبيب واللخمي عن أشهب الفطر والصوم سواء والله أعلم.
(ومن سافر أقل من أربعة برد فظن أن الفطر مباح له فأفطر فلا كفارة عليه وعليه القضاء).
أما القضاء فلا إشكال في وجوبه وأما الكفارة فإنما نقاها عنه وجود التأويل القريب وهذه المسألة في المدونة في العبد يبعثه سيده بغنم يرعاها له على ثلاثة أميال من البلد فظن إباحة الفطر له فإنه لا شيء عليه.
(وكل من أفطر متأولا فلا كفارة عليه).
التأول مانع من الكفارة عند ابن عبد الحكم مطلقا وهو ظاهر ما هنا والمشهور لا مانع منهما غير التأويل القريب لا البعيد وقطع بالقريب في المدونة في أربع مسائل.
أولها: مسألة العبد المتقدمة فوقه.
الثانية: إذا أفطر ناسيا فظن إباحة الأكل فأكل بقية يومه.
الثالثة: الحائض تطهر ليلا ولم تغتسل فتظن أن يومها مباح للأكل فتأكل يومها.
الرابعة: مسافر يقدم ليلا فيظن إن شرط وجوب صومه قدومه نهارا فيفطر قال ابن القاسم ما رأيت في شيء من ذلك كفارة إلا المفطرة لكونه يوم حيضها ثم تعجل قبل تحققه.
فرع:
فمن رأى هلال رمضان وحده فظن أن الأكل مباح له ثلاثة الكفارة للمغيرة وعدمها لعبد الملك وثالثها له أيضاً إن كان فطره بجماع كفر وإلا فلا.
(وإنما الكفارة على من أفطر متعمدا بأكل أو شرب أو جماع مع القضاء).
أما القضاء فهو واجب في كل إفطار مطلقا وأما الكفارة فعمدتها الانتهاك لحرمة الشهر فلا تجب إلا مع العمد زاد الشافعية والجماع إذ لا يجب عندهم في غيره كفارة وقال عبد الملك عمده وسهوه سواء وإنما الكفارة فيما وصل للحلق من الفم لا من غيره على المشهور لقوله عليه السلام «حلق الصائم حمى» وقال أبو مصعب كل منفذ.
واسع كالفم كما هو في وجوب القضاء ولم يوجبها أبو مصعب فيما وصل من العين بخلاف الأنف وظاهر كلام الشيخ أن المكره كغيره.
فرع:
في المدونة من أكره زوجته كفر عنه وعنها وقال سحنون لا يكفر عنها لأنها ساقطة اللخمي عليه كفارتان لنية انتهاك صومها وصومه وللشيخ عن بعض أصحابنا طوع الأمة إكراه ابن يونس إلا أن تطلبه هي وفي من صب في حلقه ماء نائما قولان وعلى السقوط ففي تكفير الفاعل عنه قولان ولابن حبيب من أكره رجلا على الشرب كفر.
(والكفارة في ذلك إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد بمد النبي عليه السلام فذلك أحب إلينا وله أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين).
يعني أنه مخير في التكفير بإحدى الثلاث على المشهور.
عبد الوهاب لم يختلف العلماء في أن كفارة الصوم بهذه الثلاث التي هي الإطعام والعتق والصوم المذكورة وإنما اختلفوا في التخيير والترتيب.
وروى ابن وهب وابن أبي أويس كقول أشهب لا أرجحية لواحد منهما على الآخر وثالثها لابن حبيب هي مرتبة كالظهار واختاره ابن العربي وهو مذهب الشافعي وظاهر الحديث معه ورابعها لأبي مصعب يكفر الجماع بالصيام والعتق والإطعام لغيره وضعفه ابن عبد السلام والباجي عن متأخري الأصحاب العتق في الرخاء والإطعام في الغلاء وسادسها لأبي إبراهيم الصوم للغني وغيره لغيره وأفتى به محمد بن يحيى للأمير عبد الرحمن عن وطئه جاريته في رمضان قائلا لو خيرته لجامع في كل يوم وأعتق فلم ينكروا عليه.
وقال في المدونة لم يعرف مالك إلا الإطعام لا صوم ولا عتق.
عياض لا يحل تأويلها على إسقاط ما عداه لأنه خرق للإجماع ولم يقل به أحد.
ابن دقيق العيد إن حمل هذا الكلام على ظاهره من عدم جريان العتق والصوم في كفارؤة الفطر فهي معضلة وقد تأوله بعض المحققين على استحباب الإطعام دون العتق والصوم وهي رواية مطرف وعبد الملك وحملت عليه المدونة والله أعلم.
(وليس على من أفطر في قضاء رمضان متعمدا كفارة).
يعني أن الكفارة معللة بانتهاك حرمة الشهر وهي هنا غير موجودة والحكم يدور مع علته وجودا وعدما وفي ظهار المدونة إنما يلزم القاضي يوم فقط وفي حجها يلزمه يومان ابن الحاجب وفي قضاء القضاء قولان (ع) عزاهما ابن يونس لمالك وحكى ابن عات ثلاثة ونقله ابن رشد في البيان.
(ومن أغمى عليه ليلا فأفاق بعد طلوع الفجر فعليه قضاء الصوم ولا يقضي من الصلوات إلا ما أفاق في وقتها).
يعني لا يعتد بصوم يوم أغمى قبله فلم يفق إلا بعد طلوع الفجر لفوات محل النية وهو ليس بعاقل وهذا إن استمر إغماؤه إلى الغروب وإن كان الإغماء بعد طلوع الفجر فإن كان يسيراً فعفو.
قال بعض الشيوخ وظاهر كلام اللخمي فيه أنه متفق عليه ويس كذلك بل حكى ابن يونس عن ابن عبد الحكم إن قليل الإغماء وكثيره سواء وعليه القضاء وإن كان بعد صلاة العصر.
وقد فصل اللخمي المسألة تفصيلا حسنا لكنه يطول وتحصيل القول في ذلك أن الإغماء أقل اليوم أو نصفه لا يضر على الأصبح فيهما إن سلم أوله وإلا قضى على المشهور ككل النهار اتفاقا أو جله ولو سلم أوله خلافا لابن وهب وثالثها يستحب فانظر ذلك.
فرع:
ومن سكر ليلا وأصبح ذاهب العقل لم يجز له الفطر ويلزمه القضاء ولا أثر للنوم اتفاقا ولو كل النهار وإنما فصلوا هذا التفصيل في الإغماء لكونه بين رتبتي الجنون والنوم فانظر ذلك.
فرع:
حصل (ع) فيمن أغمي عليه نصف النهار فأكثر أربعة ثالثها لا يجزيه في الأكثر بخلاف النصف قاله مالك في المدونة قال إثره وهذا استحسان ولو أجتزأ به ما عنف والله أعلم.
(وينبغي للصائم أن يحفظ لسانه وجوارحه ويعظم من شهر رمضان ما عظم الله سبحانه).
(ينبغي) معناه يصلح ولا ينبغي لا يصلح فهي تجزي في باب الواجب والمندوب وإن كان أكثر استعمالها في الندب والكراهة واستعمالهات هنا يحتمل أن يكون فيما وراء الواجب فيكون موقعها على الفضول وما لا يعني من كل شيء وكأنه أمر بزيادة التحفظ في زمن الصوم لحرمته فيحفظ لسانه من الغيبة وجوبا ومن فضول الكلام ندبا وجوارحه من الانبساط إلى ما لا حاجة به.
فقد قال عليه السلام: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ شاتمه فليقل إني صائم إني صائم» قال علماؤنا يقول ذلك في نفسه لنفسه زجرا لها عن الوقوع في ذلك، وقال أيضاً عليه السلام «الغيبة تفطر الصائم». قال علماؤنا تذهب بثواب صيامه لا أنها تفسده في الحكم بحيث يلزمه فإن ذلك ليس بمقصود بإجماع السلف رضي الله عنهم وظاهر كلام الشيخ أن هذا إنما يؤمر به في شهر رمضان فقط وليس كذلك بل هو في كل صوم للحديث المتقدم وفي الصحيح يقول الله تعالى:«الصوم لي وأنا أجزي به» فأضافه تعالى لنفسه وهذا غاية التعظيم.
قيل: ومعناه الصوم لا يمكن أن يكون لغيره تعالى فلا يدخله رياء وقيل (الصوم لي) يعني من صفتي لأنه تعالى لا يطعم والصائم كذلك وهو متخلق بأخلاق الربوبية والصوم صبر وقد قال تعالى {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10] ويكفي فيه قوله عليه السلام: «من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» وفي رواية «وما تأخر» .
ومن وجوه تعظيم هذا الشهر المبارك أن الله سبحانه أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وجعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر قيامها وصيامها فيجب على كل ذي إيمان ويقين ويتعين على كل من له تلبس بأعمال المتقين
أن يقدر هذا الشهر قدره ويوفيه من التعظيم والاحترام حقه ويتحفظ فيه من كل شيء يكرهه الشارع صلوات الله عليه وسلامه كان واجبا أو مندوبا ويرى ذلك من أكبر ذخاره عند ربه ولا يهمل ذلك بحال ويستعين على ذلك بمطالعة الأحاديث المروية فيه وهي كثيرة وبالله التوفيق.
(ولا يقرب الصائم النساء بوطء ولا مباشرة ولا قبلة للذة في نهار رمضان ولا يحرم ذلك عليه في ليله).
يعني أن الجماع ومقدماته وما يؤول إليه تحرم على الصائم ف ينهاره لأن معنى الصوم: الكف عن الأكل والشرب والجماع ومقدماته مدة بياض النهار بل مدة وجوده وقد قال تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وقال سبحانه وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187].
ابن بشير لا خلاف أن الجماع واستدعاء المني محرم في الصوم وأما مباديه وهو الفكر والنظر والقبلة والملاعبة والمباشرة فإن استديمت حتى خرج بها المني رجعت إلى ما قدمنا من تحريم استدعائه وإن لم يستدم فأما الفكر والنظر فلا يحرمان وأما القبلة وما بعدها ففي المذهب اضطراب هل تحرم أو تكره.
ويختلف حال الشيخ والشاب قال وتحقيق المذهب في ذلك أن من علمت سلامته من الإنعاظ وما بعده لم تحرم في حقه ومن علم نفيها حرمت في حقه ومن شك فقولان بالتحريم والكراهة انتهى.
وقد قسم بعضهم القبلة والمباشرة والملاعبة إلى ثلاثة أقسام قسم لا تحرم فيه وهو ما إذا علمت السلامة، وقسم تحرم فيه وهو ما إذا علم غير السلامة، وقسم ترجح القول فيه وهو ما إذا شك فيه قولان بالكراهة والتحريم.
وقال ابن هارون إن شك في المني فالظاهر التحريم. وإن شك في المذي فالظاهر الكراهة والمشهور فيما عدا الوطء الكراهة وسواء الفرض والنفل والشاب والشيخ وروى الخطابي كراهة القبلة للشاب لا الشيخ. وروى ابن وهب منعها في الفرض لا
في النفل وقال ابن العربي أصل الباب الإباحة ومن غلبته شهوته فمصيبته من نفسه وقد كان في أول الإسلام منع إتيان النساء ليلا كالنهار ثم نسخ بجواز إتياهن ليلا وكان أحدهم يأكل ويقارف ما لم ينم فإذا نام فقد فات فانظر ذلك وكان بعض الصالحين لا يقرب بيته نهارا في رمضان خشية أن يتشوش أو يشوش على عياله وهو باب من الورع والتحفظ قد يحمد للاحتياط وقد لا لمخالفة السنة.
وظاهر كلام الشيخ أن الحكم المذكور خاص برمضان وليس كذلك بل هو عام في كل صوم وإن كان تطوعا وظاهر كلامه أيضاً أن الفكر والنظر واللمس المجرد لا يضر وفروع الباب كثيرة مهمة فانظرها وبالله التوفيق.
(ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
هذا حديث صحيح خرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ومعنى (إيمانا) تصديقا أي بما جاء به من الوعد (واحتسابا) يعد ثوابه عند الله لا لغرض من أغراض الدنيا كالمباهاة والمضاهاة وطلب الثناء وأجر القيام فيه وقد اختلف في حكم قيامه فقال ابن حبيب فضيلة وفي الرسالة من النوافل المرغب فيها.
وعند ابن يونس قام رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ورغب في قيامه من غير أن يأمر فيه بعزيمة وفي حديث «من صامه وقامه وجبت له الجنة» وفي أخرى «هو شهر خير وبركة يغشاكم الله فيه بالرحمة ويحط فيه الخطايا ويستجيب فيه الدعاء وينظر إلى تنافسكم ويباهي لكم الملائكة فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل» وقال أبو عمر بن عبد البر قيام رمضان بل قيام الليل سنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حض عليه وأظهره ولم يتركه حتى لقي الله.
وقوله: (وإن قمت فيه بما تيسر فذلك مرجو فضله وتكفير الذنوب به) يعني أن ثواب القيام لا يتقيد بالليل كله ولا بوجه منه وفضله جار لكل من قام فيه بشيء وصلى قدر حاله من غير تحديد والله أعلم.
(والقيام فيه في مساجد الجماعات بإمام ومن شاء قام في بيته وهو أحسن لمن قويت نيته وحده).
واختلف في قيام رمضان فروى أبو عمر في البيت أفضل وقال هو من عند تفسه هذا إن لم تعطل المساجد وحكى في التمهيد عن الطحاوي أجمعوا على منع تعطيله من المساجد وإنما فضلت صلاته في البيت لأنها سنة النوافل.
(وكان السلف الصالح يقومون فيه في المساجد بعشرين ركعة ثم يوترون بثلاث ويفصلون بين الشفع والوتر بسلام ثم صلوا بعد ذلك ستا وثلاثين ركعة غير الشفع والوتر وكل ذلك واسع ويسلم من كل ركعتين وقالت عائشة رضي الله عنها ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره على اثنتي عشرة ركعة بعدها الوتر).
(السلف) عبارة عن الصحابة رضي الله عنهم واختلف فيما ذكر في المدونة يقوم بتسع وثلاثين ركعة يوتر منها بثلاث وفي مختصر ما ليس في المختصر إحدى عشر صلاته عليه السلام وفي الموطأ أمر عمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة ويقرأ بالمائة وفي رواية بالمائتي آية قال حتى كنا نعتمد على العصى من طول القيام وفيه كانوا يقومون بثلاث عشرة ركعة في زمن عمر.
ابن حبيب أمر عمر بإحدى عشرة ثم رجع إلى ثلاث وعشرين وذكر ابن وهب أن عمر بن عبد العزيز أمر بعشر آيات في الركعة وقال مالك الذي آخذ به في نفسي ما كان عليه السلام يفعله وهي الاثنا عشرة ركعة ثم يوتر بواحدة.
فرع مهم:
أقام (ع) عدم قيام صلاة رمضان قبل صلاة العشاء من رواية ابن وهب وابن نافع من دخل المسجد وهم يصلون القيام وعليه صلاة العشاء قال لا يؤخرها وروى ابن القاسم يصليها وسط الناس ومرة قال بمؤخر المسجد وروى ابن حبيب له تأخيرها ويدخل معهم في القيام ما لم يخرج الوقت المختار للعشاء فأقيم منه جواز تعجيل التراويح قبلها كما يفعله بعض الناس في الصيف وإذا أدرك من القيام ركعة قضى بعد سلام الإمام الأولى يوخففها ثم يدخل مع الإمام هذا قول سحنون وابن عبد الحكم ابن رشد وهذا أولى ما قيل فيها والله أعلم.