الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في الدعاء للطفل والصلاة عليه وغسله
يعني ذكر ذلك وكيفية العمل فيه وهو باب من معنى الذي قبله وإنما أفرد بالذكر جبرا للقلوب في موت الأولاد ولكن كيفية العمل فيهم ليست كغيرهم بزيادة بعض الأحكام التي قد يستهين بها كثير من الناس والله أعلم.
(تثني على الله تبارك وتعالى وتصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
يعني كما فعلت في التي قبلها من قولك الحمد لله الذي أمات وأحيا إلى آخره والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدمت لكن قال ابن العربي في العارضة حذار من قول ابن
أبي زيد وارحم محمد فإنه قريب من بدعة وتقدم الكلام على ذلك في الصلاة فانظره.
(ثم تقول اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك أنت خلقته ورزقته وأنت أمته وأنت تحييه اللهم فاجعله لوالديه سلفا وذخرا إلى آخره).
(سلفا) متقدمة نافعة (والذخر) ما يرجع إليه عند الحاجة والمهمات وقد قيل لأبي عمران ميف يدعي لولد الزنى قال يذكر والدته قيل أيقال اجعله سلفا وذخرا قال: نعم قيل أيكون لها ذخرا ويشفع لها قال لا يريد لها حكم الولادة ألا ترى أنه ينفق عليها ويرثها وثرثه؟ وللمازري أجمعوا على أن أولاد الأنبياء في الجنة والجمهور أن أولاد المؤمنين كذلك وفي أولاد الكفار اختلاف وذكر ابن تامسريت في ذلك اختلافا وهو بعيد وإليه أشار عليه السلام إلى الوقف في أولاد المشركين لما سئل عنهم إذ قال «الله أعلم بما كانوا عاملين» .
وقوله (وعافه من فتنة القبر) فيه دليل أن فتنة القبر تعرض حتى للأطفال وروي أنه عليه السلام قال في الصلاة على جنازة صبي «وقه من فتنة القبر» .
(ولا يصلي على من لم يستهل صارخا ولا يرث ولا يورث).
(الاستهلال) الظهور (الصراخ) الصياح قال ابن حبيب ولو كان خفيا ابن يونس وليس العطاس باستهلال ولا الحركة ولا الرضاع وإن قام يوما يتحرك ويتنفس ويفتح عينيه ابن وهب الرضاع كالاستهلال صارخا وصوبه اللخمي قال وكذلك الحركة البينة والعطاس أضعفها وصوب عبد الحق أن طول المكث علامة.
وقال يحيى بن عمر لو بقى عشرين يوما أو أكثر يصرح ثم مات لم يغسل والرضاع الكثير كالصراخ باتفاق.
(ويكره أن يدفن السقط في الدور).
(السقط) هو الولد الخارج قبل تمام خلقه ابن بشير في دفن السقط في الدور قولان وفي كونه عيبا قولان.
وقال ابن حبيب: أحب إلي دفن السقط ومن لم يستهل صارخا في المقبرة وإن دفن في المنزل فجائز واختلف في علة الكراهة فقال ابن القابسي لئلا ينبش وقيل خوف بيعه مع الدار والقبر لا يباع وفي كراهة الانتفاع بموضعه من الدار قولان والقبر الكبير
عيب في الدار فقيل عيب يوجب الرد وقال عبد الحق عيب قيمة ورد لابن بشير وقال ابن بشير لا تمكن إزالته وهو كالكبير.
فرع:
قال ابن حبيب يسمى السقط لأنه يشفع لوالديه كما ورد في الحديث وقيل لا يسمى لأنه غير معتب ويسمى المستهل صارخا وهل وجوب أو ندبا وقال (ع) لا نص والظاهر الوجوب.
(ولا بأس أن يغسل النساء الصبي الصغير ابن ست سنين أو سبع ولا يغسل الرجال الصبية واختلف فيها إن كانت لم تبلغ أن تشتهي والأول أحب إلينا).
يعني القول بأنهم لا يغسلونها أحب ابن الحاجب وغيره إن كانت رضيعة جاز اتفاقا وعكسه إن كانت مطيقة للوطء وفيما بينهمات قولان وحكى ابن هارون فيها ثلاثة الجواز مطلقا لأشهب والمنع مطلقا ولو كانت صغيرة لابن القاسم وثالثها لمالك الجواز للصغيرة جدا لا في غيرها.
فرع:
قال اللخمي ويجوز غسلها مجردة والستر أفضل وقال غيره لا بد من سترها.
خاتمة تحتوي على خمس مسائل:
أولها: زيارة المقابر جائزة للاعتبار والتذكر لقوله عليه السلام: «كنت نهيتكم عن زيارة المقابر فزوروها ولا تقولوا هجرا» .
والهجر: - بضم الهاء وسكون الجيم ثم الراء – الكلام الخلف وهذا في حق الرجال وإلا فقد قال عليه السلام «لعن الله زوارات القبور» وهذا في حق الشابة فأما المتجالة فكالرجال.
الثانية: زيارة المقبرة لنفعها من القراءة ونحوها والانتفاع بها من الدعاء عندها وشبهه قال به جماعة من العلماء ونفاه آخرون فممن نفاه القاضي أبو بكر بن العربي قائلا لا يزار لينتفع به إلا واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم وغاية النفع بغيره الاعتبار به.
وقال الغزالي كل من يتبرك به في حياته يجوز التبرك بغيره بعد موته أصله قبره عليه السلام الجائز إجماعا خلافا لابن تيمية وأظن به قد حاد عن الحق. قال الغزالي ويجوز شد الرحال لهذا الغرض بحديث الثلاثة مساجد لتفاوت الصالحين في الفضل بخلاف المساجد وقد جربت الإجابة عند قبور كثير من أهل الخير حتى قال الشافعي قبر موسى الكاظم الترياق المجرب.
وقد أجمع العلماء على انتفاع الميت بالدعاء والصدقة واختلف في القراءة ولكن قال بعض المتأخرين تضافرت مرائي الصالحين على أصولها فلا وجه لإنكارها. وقال أحمد ينتفع بسماعها فتقرأ عند القبر.
وقال ابن الحاج إن جعلت دعاء بوصول ثوابها وصل اتفاقا لأن الدعاء متفق عليه فانظر ذلك.
الثالثة: من البدع اتخاذ المساجد على مقبرة الصالحين ووقد القناديل عليه دائما أو في زمان بعينه والتمسح بالقبر عند الزيارة وهو من فعل النصارى وحمل تراب القبر تبركا به وكل ذلك ممنوع بل يحرم كادعاء تحديث أهل المقابر ورؤية أحوالهم ولو تحققت إلا بما لا يضر ضعفاء المسلمين.
الرابعة اصطناع الطعام لأهل الميت أو وليه وردت به السنة لقوله عليه السلام: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم» فأما تكليف أهل الميت وعمل المبائت والمحازن والصدقات ونحوها فبدعة لا أصل لها والله أعلم.
الخامسة: قال مالك بلغني أن الأرواح بفناء المقابر فلا تختص زيارتها بيوم بعينه وإنما يختص يوم الجمعة لفضله والفراغ فيه والله أعلم.