المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(20) - (1431) - باب: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الدّعاء

- ‌(1) - (1412) - بَابُ الْجَوَامِعِ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌(2) - (1413) - بَابُ الدُّعَاءِ بِالْعَفْوِ وَالْعَافِيَةِ

- ‌(3) - (1414) - بَابٌ: إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ .. فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ

- ‌(4) - (1415) - بَابٌ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ

- ‌(5) - (1416) - بَابٌ: لَا يَقُولُ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ؛ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ

- ‌(6) - (1417) - بَابُ اسْمِ اللهِ الْأَعْظَمِ

- ‌(7) - (1418) - بَابُ أَسْمَاءِ اللهِ عز وجل

- ‌(8) - (1419) - بَابُ دَعْوَةِ الْوَالِدِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ

- ‌(9) - (1420) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌(10) - (1421) - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌(11) - (1422) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى

- ‌(12) - (1423) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ

- ‌(13) - (1424) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا انْتَبَهَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(14) - (1425) - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ

- ‌(15) - (1426) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ

- ‌(16) - (1427) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ

- ‌(17) - (1428) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ

- ‌(18) - (1429) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا رَأَى السَّحَابَ وَالْمَطَرَ

- ‌(19) - (1430) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْبَلَاءِ

- ‌تذييل لهذا الحديث

- ‌كِتَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا

- ‌(20) - (1431) - بَابٌ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ

- ‌(21) - (1432) - بَابُ رُؤْيَةِ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

- ‌(22) - (1433) - بَابٌ: الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ

- ‌(23) - (1434) - بَابُ مَنْ رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا

- ‌(24) - (1435) - بَابٌ: مَنْ لَعِبَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِي مَنَامِهِ .. فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ

- ‌(25) - (1436) - بَابُ الرُّؤْيَا إِذَا عُبِرَتْ .. وَقَعَتْ؛ فَلَا يَقُصُّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ

- ‌(26) - (1437) - بَابٌ: عَلَامَ تُعْبَرُ بِهِ الرُّؤْيَا

- ‌(27) - (1438) - بَابُ مَنْ تَحَلَّمَ حُلُمًا كَاذَبًا

- ‌(28) - (1439) - بَابٌ: أَصْدَقُ النَّاسِ رُؤْيَا .. أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا

- ‌(29) - (1440) - بَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا

- ‌كتاب الفتن

- ‌(30) - (1441) - بَابُ الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(31) - (1442) - بَابُ حُرْمَةِ دَمِ الْمُؤْمِنِ وَمَالِهِ

- ‌(32) - (1443) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النُّهْبَةِ

- ‌(33) - (1444) - بَابٌ: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كفْرٌ

- ‌(34) - (1445) - بَابٌ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(35) - (1446) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ فِي ذِمَّةِ اللهِ عز وجل

- ‌(36) - (1447) - بَابُ الْعَصَبِيَّةِ

- ‌(37) - (1448) - بَابُ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ

- ‌(38) - (1449) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌(39) - (1450) - بَابُ التَّثَبُّتِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌(40) - (1451) - بَابُ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا

الفصل: ‌(20) - (1431) - باب: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له

(34)

- كِتَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا

(20) - (1431) - بَابٌ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ

(49)

- 3836 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّار، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَال: قَال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ .. جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".

===

(34)

- (كتاب تعبير الرؤيا)

(20)

- (1431) - (باب: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له)

(49)

- 3836 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني، ثقةٌ حجة إمام في الفروع، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني أبو يحيي، ثقةٌ حجة، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الحسنة) أي: الصالحة المبشرة الواقعة (من الرجل المصالح .. جزء) واحد (من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) المقسومة إلى تلك الأجزاء.

ص: 159

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: "الرؤيا" مقصورة مهموزة، وهو مصدر رأى في المنام رؤيا على وزن فعلى، وألفه للتأنيث، ولذلك لَمْ ينصرف.

والرؤية مصدر رأى بعينه في اليقظة رؤيةً، هذا المعروف من لسان العرب، وقال في "الكشاف": الرؤيا بمعنى الرؤية إلَّا أنَّها مختصة بما كان في المنام دون اليقظة، فلا جرم فرق بينهما بألف التأنيث فيها، مكان تاء التأنيث للفرق. انتهى.

وقال بعض العلماء: الرؤيا قد تجيء بمعنى الرؤية، وحمل عليه قوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} (1).

وقال: إنما يعني بها رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء؛ لما رآه من عجائب السماوات والملكوت، وكان الإسراء من أوله إلى آخره في اليقظة. انتهى.

وقال المازري رحمه الله تعالى: مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا: أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات؛ كما يخلقها في قلب اليقظان، فكأنه جعلها علمًا على أمور يخلقها في ثاني الحال؛ كالغيم على المطر، أو كان قد خلقها والجميع خلق الله تعالى، ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي جعلها علمًا على ما يَسُرُّ بغير حضرة الشيطان، ويخلق ما هو علم على ما يَضُرُّ بحضرة الشيطان فينسب إلى الشيطان مجازًا؛ لحضوره عندها، وإن كان لا فعل له حقيقةً، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان"، لا على أن الشيطان يفعل شيئًا. انتهى.

أي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الحسنة) أي: الصالحة

(1) سورة الإسراء: (60).

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

المبشرة الصادرة (من الرجل) المصالح (جزء) واحد من الأجزاء المذكورة في النبوة، إذا قسمنا النبوة إلى تلك الأجزاء.

وقد تقدم كلام المازري في حقيقة الرؤيا، وقال غيره في بيان حقيقتها: إن لله تعالى ملكًا موكلًا، يعرض المرئيات على المحل المدرك من النائم، فيمثل له صورًا محسوسة؛ فتارة تكون تلك الصور أمثلةً موافقةً لما يقع في الوجود، وتارة تكون لمعان معقولة غير محسوسة، وفي الحالتين تكون مبشرة ومنذرة.

قلت: وهذا القول مثل ما تقدم عن المازري في المعنى، غير أنه زاد قضية الملك، ويحتاج في ذلك إلى توقيف من الشرع؛ إذ يجوز أن يخلق الله سبحانه وتعالى تلك التمثيلات من غير ملك.

والحق: تفويض علم حقيقتها إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه من المغيبات التي استأثر الله تعالى بعلمها، إلَّا ما ورد التوقيف فيه من الشرع، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التعبير، باب رؤيا الصالحين، ومالك في "الموطأ" في كتاب الرؤيا، باب ما جاء في الرؤيا.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

قال السندي: قوله: "جزء من ستة وأربعين" حقيقة التجزي لا تدري، والروايات أيضًا مختلفة، والقدر الذي أريد إفهامه: هو أن الرؤيا لها مناسبة بالنبوة من حيث إنها اطلاع على الغيب بواسطة الملك إذا كانت صالحة. انتهى منه.

ص: 161

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: (إن الرؤيا الحسنة) أي: الصالحة (من الرجل) وكذا المرأة الصالحة غالبًا (جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) مجازًا لا حقيقة؛ لأن النبوة انقطعت الآن بموته صلى الله عليه وسلم، وجزء النبوة لا تكون نبوة؛ كما أن جزء الصلاة لا يكون صلاة.

نعم؛ إن وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم .. فهي جزء من علم النبوة؛ لأن النبوة وإن انقطعت .. فعلمها باق، وقول مالك رحمه الله لما سئل: أيعبر الرؤيا كلّ أحد؟ فقال: أَبِالنُّبوَّةِ تَلْعَبُ؟ ! ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة، فلا يلعب بالنبوة.

أجيب عنه: بأنه لَمْ يرد أنَّها نبوة باقية، وإنما أراد: أنَّها لما أشبهت النبوة من جهة الاطلاع على بعض الغيب .. لا ينبغي أن يتكلم فيها بغير علم.

وأما وجه كونها ستة وأربعين جزءًا .. فأبدى بعضهم له مناسبة؛ وذلك أن الله أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في المنام ستة أشهر، ثم أوحى إليه بعد ذلك بقية مدة حياته، ونِسْبَتُها إلى الوَحْيِ في المنام جزءٌ من ستة وأربعين جزءًا؛ لأنه عاش بعد النبوة ثلاثًا وعشرين سنة على الصحيح، فالستة الأشهر نصف سنة، فهي جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.

وتعقبه الخطابي بأنه قاله على سبيل الظن؛ إذ إنه لَمْ يثبت في ذلك خبر ولا أثر، ولئن سلمنا أن هذه المدة محسوبة من أجزاء النبوة، لكنه يلحق بها سائر الأوقات التي كان يوحى إليه فيها منامًا في طول المدة؛ كما ثبتٌ؛ كالرؤيا في أُحد ودخول مكة، وحينئذ: فيتلفق من ذلك مدة أخرى تزاد في الحساب، فتبطل القسمة التي ذكرها.

ص: 162

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وأجيب: بأن المراد: وحي المنام المتتابع؛ كما وقع في غضون وحي اليقظة، فهو يسير بالنسبة إلى وحي اليقظة، فهو مغمور في جانب وحي اليقظة، فلم يعتبر به. انتهى.

وأما حصر العدد في (الستة والأربعين) .. فقال: المازري: هو مما أطلع الله عليه نبيه صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن العربي: أجزاءُ النبوة لا يَعْلَمُ حقيقتَها إلَّا نبي أو ملك، وإنما القدر الذي أراد صلى الله عليه وسلم أن يبينه أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة في الجملة؛ لأن فيها إطلاعًا على الغيب من وجه ما، وأما تفصيل النسبة .. فيختص بمعرفته درجةُ النبوة.

وقال المازري أيضًا: لا يلزم العالِمَ أن يَعرف كلّ شيء جملةً وتفصيلًا؛ فقد جعل الله حدًّا يقف عنده؛ فمنه ما يعلم المرادَ به جملةً وتفصيلًا، ومنه ما يعلمه جملةً لا تفصيلًا، وهذا من هذا القبيل. انتهى.

وفي "مسلم": من حديث أبي هريرة: (جزء من خمسة وأربعين جزءًا)، وله أيضًا عن ابن عمر:(جزء من سبعين جزءًا)، وللطبراني عنه:(جزء من ستة وسبعين جزءًا)، وسنده ضعيف، وعند ابن عبد البر من طريق عبد العزيز بن المختار عن ثابت عن أنس مرفوعًا:(جزء من ستة وعشرين جزءًا)، وعند الطبري في "تهذيب الآثار" عن ابن عباس:(جزء من خمسين جزءًا)، وللترمذي من طريق أبي رُزين العقيلي:(جزء من أربعين جزءًا)، وللطبري من حديث عبادة:(جزء من أربعة وأربعين جزءًا).

قال في "الفتح": ويمكن الجواب عن اختلاف الروايات في الأعداد: أنه بحسب الوقت الذي حدث فيه صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كأن يكون لما

ص: 163

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أكمل ثلاث عشرة سنة بعد مجيء الوحي إليه، حدث بـ (أن الرؤيا جزء من ستة وعشرين) إن ثبتٌ الخبر بذلك، وذلك وقت الهجرة.

ولما أكمل عشرين .. حدث بأربعين، ولما أكمل اثنتين وعشرين .. حدث بأربعة وأربعين، ثم بعدها بخمسة وأربعين، ثم حدث بستة وأربعين في آخر حياته، وأما ما عدا ذلك من الروايات بعد الأربعين .. فضعيف، ورواية الخمسين يحتمل أن تكون لجبر الكسر، ورواية السبعين للمبالغة، وما عدا ذلك لَمْ يثبت. انتهى.

وقلما يصيب مؤول في حصر هذه الأجزاء، ولئن وقع له الإصابة في بعضها؛ لما تشهد له الأحاديث المستخرج منها .. لَمْ يسلم له ذلك في بقيتها.

قوله: (من الرجل المصالح) والتقييد بـ (المصالح) جريٌ على الغالب؛ فقد يرى الأضغاث، ولكنه نادر؛ لقلة تمكن الشيطان منه، بخلاف العكس، وحينئذ فالناس على ثلاثة أقسام:

الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ورؤياهم كلها صدق، وقد يكون فيها ما يحتاج إلى تعبير.

والصالحون، والأغلب على رؤياهم الصدق؛ ويقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير.

ومن عداهم يكون في رؤياهم الصدق والأضغاث؛ وهم على ثلاثة:

- مستورون، فالغالب في رؤياهم استواء الحال في حقهم.

- وفسقة، والغالب على رؤياهم الأضغاث، ويقل فيها الصدق.

- وكفار، ويندر في رؤياهم الصدق جدًّا، قاله المهلب فيما ذكره في "الفتح".

ص: 164

(50)

- 3837 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،

===

فإن قلت: لَمْ عبر بلفظ النبوة دون لفظ الرسالة؟

أجيب: بأن السر فيه: أن الرسالة تزيد على النبوة بالتبليغ، بخلاف النبوة المجردة؛ فإنها اطلاع على بعض المغيبات، وكذلك الرؤيا. انتهى من "إرشاد الساري على صحيح البخاري".

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(50)

- 3837 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي - بالمهملة - البصري أبو محمد، ثقةٌ، من الثامنة. يروي عنه:(ع)، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ).

(عن معمر) بن راشد الأزدي البصري، ثقةٌ، من السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب المدني الأصبحي، ثقةٌ، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن سعيد) بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء، من كبار الثانية، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

ص: 165

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".

(51)

- 3838 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى،

===

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رؤيا المؤمن) المصالح (جزء) واحد (من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) المقسومة إلى ذلك.

وهذا الحديث مثل الحديث الذي قبله في البحث عنه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التعبير، باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، ومسلم في كتاب الرؤيا عن عبادة بن الصامت، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب ما جاء في الرؤيا، والترمذي في كتاب الرؤيا، باب أن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، فقال:

(51)

- 3838 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(ع).

(قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى) بن أبي المختار باذام العبسي الكوفي

ص: 166

أَنْبَأَنَا شَيْبَانُ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"رُؤْيَا الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".

===

أبو محمد، ثقةٌ كان يتشيع، من التاسعة، قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ). يروي عنه:(ع).

(أنبأنا شيبان) بن عبد الرَّحمن التميمي مولاهم النحوي أبو معاوية البصري، ثقةٌ صاحب كتاب، من السابعة، مات سنة أربع وستين ومئة (164 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن فراس) - بكسر أوله وبمهملة - ابن يحيى الهمداني الخارفي - بمعجمة وفاء - أبي يحيى الكوفي المُكَتِّبِ صدوق ربما وهم، من السادسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عطية) بن سعد بن جنادة - بضم الجيم بعدها نون - أبي الحسن الكوفي العَوْفِي - بفتح المهملة وسكون الواو - الجدلي - بفتحتين - صدوق يخطئ كثيرًا وكان شيعيًّا مدلسًا، من الثالثة، مات سنة إحدى عشرة ومئة (111 هـ). يروي عنه:(د ت ق)، وقال ابن سعد: وكان ثقةٌ إن شاء الله، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به، وضعيفٌ عند الجماهير.

(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عطية العوفي، وهو مختلف فيه.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رؤيا الرجل المسلم المصالح جزء من سبعين جزءًا من النبوة).

ص: 167

(52)

- 3839 - (4) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَمَّالُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ،

===

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، وأصله في "صحيح مسلم" وغيره من حديث ابن عمر، فله شاهد.

ودرجته: أنه صحيح بغيره وإن كان سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أنس بحديث أم كرز رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(52)

- 3839 - (4)(حدثنا هارون بن عبد الله) بن مروان البغدادي أبو موسى (الحمال) - بالمهملة - البزاز، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا سفيان بن عيينة) بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقةٌ حافظ إمام فقيه حجة إلَّا أنه تغير حفظه بأخرة، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، مات في رجب سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبيد الله بن أبي يزيد) المكي مولى آل قارظ بن شيبة، ثقةٌ كثير الحديث، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) أبي يزيد المكي حليف بني زهرة، يقال: له صحبة وهو والد عبيد الله، ووثقه ابن حبان، من الثانية. يروي عنه:(د ت ق).

(عن سباع) بكسر أوله ثم بموحدة مخففة (ابن ثابت) حليف بني زهرة،

ص: 168

عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ".

===

قال: أدركت الجاهلية، وعدَّهُ البغويُّ وغيرُه في الصحابة، وابن حبان في "ثقات التابعين". يروي عنه: أصحاب السنن.

(عن أم كرز) - بضم أوله وسكون الراء بعدها زاي - (الكعبية) المكية الصحابية المشهورة رضي الله تعالى عنها لها أحاديث. يروي عنها: (عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قالت) أم كرز: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت النبوة) أي: ستذهب بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه خاتم النبيين لا نبي بعده (وبقيت) الرؤى (المبشرات) للمؤمن؛ أي: الصالحات من الرؤى.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن له شاهد من حديث أبي هريرة، رواه البخاري في "صحيحه"، ورواه الترمذي في "الجامع" من حديث أنس، وقال: حسن صحيح، قال: وفي الباب عن أبي هريرة وحذيفة وأنس وابن عباس وأم كرز، وأخرجه الدارمي في كتاب الرؤيا، باب ذهبت النبوات وبقيت المبشرات، ومالك في "الموطأ" في كتاب الرؤيا، وأحمد في "المسند".

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أنس بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

ص: 169

(53)

- 3840 - (5) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ".

===

(53)

- 3840 - (5)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).

(حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(وعبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن نافع) مولى ابن عمر أبي عبد الله المدني، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة).

قلت: والواقع في أكثر الروايات: (ستة وأربعون جزءًا)، وفي رواية:(خمسة وأربعون جزءًا)، وفي رواية ابن عمر هذه:(جزء من سبعين جزءًا)، وفي رواية

ص: 170

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

للطبراني: (جزء من ستة وسبعين جزءًا)، ولكن سندها ضعيف، وفي رواية عن أنس:(جزء من ستة وعشرين جزءًا) أخرجها ابن عبد البر، وفي رواية عن العباس بن عبد المطلب:(جزء من خمسين جزءًا من النبوة) رواها أحمد، وفي رواية (جزء من أربعين جزءًا) رواها الترمذي والطبراني من حديث أبي رزين العقيلي، وأخرج الطبري أيضًا عن ابن عباس:(جزء من أربعين جزءًا)، وأخرج أيضًا عن عبادة:(جزء من أربعة وأربعين جزءًا)، وأخرج أحمد أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص:(جزء من تسعة وأربعين جزءًا من النبوة).

وذكر القرطبي في "المفهم" بلفظ: (سبعة وأربعين جزءًا)، فتحصل مما ذكرناه عشر روايات، وهناك روايات أخر لم نذكرها هنا غير ذلك.

قال النووي: قال القاضي عياض: أشار الطبري إلى وجه الجمع بينها بأن الاختلاف راجع إلى الرائي، فالمؤمن الصالح تكون رؤياه (جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة)، والفاسق (جزءًا من سبعين جزءًا).

وقيل: المراد: أن الخفي منها (جزء من سبعين جزءًا) والجلي (جزء من ستة وأربعين جزءًا). انتهى.

وفي "المرقاة": إنما قصر الأجزاء على (ستة وأربعين جزءًا) لأن زمان الوحي كان ثلاثًا وعشرين، وكان أول ما بدئ به من الوحي (الرؤيا الصالحة) وذلك في (ستة أشهر) من سني الوحي، ونسبة ذلك إلى سائرها نسبة (جزء) إلى (ستة وأربعين جزءًا

) إلى آخره.

وفي "المرقاة" أيضًا: وقيل: المراد من هذا العدد المخصوص: الخصال الحميدة؛ أي: كان للنبي صلى الله عليه وسلم ستة وأربعون خصلةً، والرؤيا الصالحة جزء منها.

ص: 171

(54)

- 3841 - (6) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَك، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ،

===

وفي "المناوي": والمعنى: أن الرؤيا جزء من أجزاء علم النبوة، والنبوة غير باقية وعلمها باق، وهذا هو الذي يؤول به، ويظهر أثره.

وفيه أيضًا: فإن قيل: إذا كانت جزءًا منها .. فكيف كان للكافر منها نصيب؟ !

قلنا: هي وإن كانت جزءًا من النبوة، فليست بانفرادها نبوةً، فلا يمتنع أن يراها الكافر كالمؤمن السابق. انتهى من "الكوكب"، وقد مر الكلام على الجمع بينها عن المازري، فراجعه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الرؤيا.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث أنس بحديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(54)

- 3841 - (6)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.

(حدثنا وكيع) بن الجراح.

(عن علي بن المبارك) الهنائي - بضم الهاء وتخفيف النون ممدودًا - ثقة كان له عن يحيى بن أبي كثير كتابان؛ أحدهما: سماع، والآخر: إرسال، فحديث الكوفيين عنه فيه شيء، من كبار السابعة. يروي عنه:(ع).

(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبي نصر

ص: 172

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} قَالَ: "هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ".

===

اليمامي، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن عبادة بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي أبي الوليد المدني أحد النقباء، بدري مشهور رضي الله تعالى عنه، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية. يروي عنه: (ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) عبادة: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) تفسير (قول الله سبحانه) وتعالى: ({لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (1)، قال) رسول الله في جواب سؤالي:(هي) أي: تلك البشرى (الرؤيا الصالحة يراها المسلم) الصالح في نومه مما يسره (أو) هي الرؤيا الصالحة (ترى) بالبناء للمفعول (له) أي: للمسلم؛ أي: يراها غيره فيه مما يسره.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التعبير، باب المبشرات، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب ما جاء في الرؤيا، والترمذي في كتاب الرؤيا، باب قوله تعالى:(لهم البشرى) ومالك في "الموطأ"، وأحمد في "المسند".

(1) سورة يونس: (64).

ص: 173

(55)

- 3842 - (7) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السِّتَارَةَ

===

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث أنس بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(55)

- 3842 - (7)(حدثنا إسحاق بن إسماعيل) بن العلاء، وقيل: ابن عبد الأعلى (الأيلي) - بفتح الهمزة وسكون التحتانية - أبو يعقوب، صدوق، من العاشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(س ق).

(حدثنا سفيان بن عيينة، عن سليمان بن سحيم) - مصغرًا - أبي أيوب المدني، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(م د س ق).

(عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس) بن عبد المطلب الهاشمي المدني، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(م د س ق).

(عن أبيه) عبد الله بن معبد بن عباس بن عبد المطلب العباسي المدني، ثقة قليل الحديث، من الثالثة. يروي عنه:(م د س ق).

(عن) جده عبد الله (بن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) ابن عباس: (كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة) التي

ص: 174

فِي مَرَضِهِ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ".

===

بين المسجد وحجرة عائشة، وأزالها عن الباب، وهي - بكسر السين المهملة -: الستر الذي يكون على باب البيت والدار؛ أي: كشف الستارة وأزالها عن الباب؛ لينظر إلى الناس الذين في المسجد (في مرضه) الذي مات به (و) الحال أن (الناس صفوف) أي: صافون في المسجد (خلف أبي بكر) الصديق؛ ليصلوا معه (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم للناسْ (أيها الناس؛ إنه) أي: إن الشأن والحال (لم يبق من مبشرات النبوة) وأجزائها (إلا الرؤيا الصالحة) والأظهر أنه قاله بعد إحرامهم، والغالب أن سماعهم له إنما يكون مع إصغائه، ففيه حجة لمن أجاز الإنصات في الصلاة لسماع خبر يسير. انتهى "أبي".

أي: يا (أيها الناس؛ إنه) أي: إن الشأن والحال (لم يبق) الآن (من مبشرات النبوة) أي: من أول ما يبدو منها؛ مأخوذ من تباشير الصبح؛ وهو أول ما يبدو منه، وهو كقول عائشة رضي الله تعالى عنها: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي

) الحديث، وفيه: أن الرؤيا من المبشرات، سواء رآها المسلم أو رآها غيره؛ يعني: لم يبق لانقطاعها بموته صلى الله عليه وسلم.

وقوله: (من مبشرات النبوة) أي: من مباديها (إلا الرؤيا الصالحة) قال الأبي: يعني بـ (الصالحة): الملائمة، لا الصادقة؛ لأن الصادقة قد تكون مؤلمة.

وقلنا: يعني ذلك لقوله: "من المبشرات" لأن التبشير إنما يكون بالمحبوب، إلا أن مدلول الرؤية ظني، ومبشرات النبوة يقيني.

(يراها المسلم) وتخصيصها بالمسلم؛ لأنه هو الذي يناسب حاله حال النبي صلى الله عليه وسلم في صدق الرؤيا (أو ترى له) على صيغة المجهول؛

ص: 175

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

كما مر آنفًا؛ أي: رآها غيره له، والمؤلف روى الحديث مختصرًا؛ كما هو عادته، انظر "صحيح مسلم" إن أردت تمامه، قال السندي: قوله: "إلا الرؤيا الصالحة

" إلى آخره؛ كأن المراد: أنها لم تبق على العموم، وإلا .. فالإلهام والكشف للأولياء موجود. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب ما جاء في الرؤيا عن زفر بن صعصعة عن أبيه عن أبي هريرة، ومالك في "الموطأ" في كتاب الرؤيا، باب ما جاء في الرؤيا عن عطاء بن يسار مرسلًا، والنسائي في كتاب التطبيق، باب تعظيم الرب في الركوع.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: سبعة:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 176