الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7) - (1418) - بَابُ أَسْمَاءِ اللهِ عز وجل
(16)
- 3803 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا
===
(7)
- (1418) - (باب أسماء الله عز وجل
(16)
- 3803 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي أبو محمد الكوفي، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله) عز وجل (تسعةً وتسعين اسمًا) لم يقع تعيين هذه الأسماء في هذا الحديث في رواية الأكثرين، وإنما جاء سردها في رواية الوليد بن مسلم عند الترمذي، وفي رواية زهير بن محمد عن موسى بن عقبة في رواية ابن ماجه، وفي رواية عبد العزيز بن الحصين عن أيوب عن محمد بن سيرين عند الحاكم في "المستدرك"، واختلف العلماء في صحة الروايات وفي التعيين فيها: مرفوع أو مدرج.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقد أطال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في تحقيق ذلك في "فتح الباري"(11/ 214 - 219)، ورجح أن التعيين فيها مدرج.
ثم ذكر أن جماعة من العلماء حاولوا جمع هذه الأسماء؛ فمنهم: من اعتمد على روايات الترمذي وابن ماجه والحاكم على اختلاف كثير فيما بينهم.
ومنهم: من تتبعها من القرآن الكريم، وقد اعتمد الكثيرون على ما وقع في "جامع الترمذي"، وذهب ابن حزم إلى أن عدد التسعة والتسعين للحصر، فليس لله اسم غيرها، وخالفه جمهور العلماء؛ كالنووي والخطابي والقرطبي والقاضي أبي بكر بن الطيب وابن العربي والفخر الرازي والحافظ ابن حجر رحمهم الله تعالى، فقالوا: إن أسماء الله تعالى أكثر من ذلك، وإنما اختصت تسعة وتسعون؛ بأن من أحصاها .. دخل الجنة.
ونقل النووي اتفاق العلماء عليه، ويؤيده: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك" أخرجه أحمد وابن حبان.
وورد في دعاء أخرجه مالك عن كعب الأحبار: (أسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم).
أما الحكمة في قصر إحصائها على العدد المخصوص .. فذكر الفخر الرازي عن الأكثر أنه تعبد لا يعقل معناه؛ كما قيل في عدد الصلوات الخمس وغيرها.
ونقل عن أبي خلف محمد بن عبد الملك الطبري السلمي، قال: إنما خص هذا العدد إشارة إلى أن الأسماء لا تؤخذ قياسًا.
وقيل: الحكمة فيه: أن العدد زوج وفرد، والفرد أفضل من الزوج، ومنتهى
مِئَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا .. دَخَلَ الْجَنَّةَ".
===
الأفراد من غير تكرار تسعة وتسعون؛ لأن مئة وواحدًا يتكرر فيه الواحد. انتهى من "التكملة".
وقوله: (مئة) بالنصب بدل من العدد المذكور قبله، بدل كل من بعض على القول به عندهم؛ والمعنى: إن لله مئة اسم (إلا واحدًا) يُسْتَثْنَى منها.
وعبارة " الكوكب على مسلم": وقوله: (مئة) بدل من العدد المذكور قبله لغرض الاستثناء عنه بقوله: (إلا واحدًا).
قال القرطبي: قوله: (مئة إلا واحدًا) تأكيدٌ للجملة الأولى؛ لِيَرْفَع به وَهْم مُتوهِّم في النطقِ أو الكتابةِ؛ لِأنَّ تسعةً مُقارِبَة لسبعة فيهما.
وعبارة الأبي: هو تأكيد، وحُفِظَ به من التصحيف إلى سبعة وسبعين؛ لتقارب اللفظ بعضه من بعض، و (مئة) منصوبة بدل من (تسعة). انتهى من "المفهم"، فليتأمل.
(من أحصاها) أي: أحصى تلك الأسماء المذكورة عدًا وحفظًا على ظهر قلب مع اعتقاد معناه .. (دخل الجنة) مع الأَولِينَ، وإلا .. فيكفي في دخول الجنة مجردُ الإيمان، ولو لم يحفظ الأسماء.
قال السندي: قوله: "مئة إلا واحدًا" بدل مما قبله؛ للتنصيص على العدد المقصود على وجه المبالغة، وقيل: إنما قال ذلك؛ لئلا يتوهم العدد على التقريب، وفيه فائدة رفع اشْتِبَاهِ خطِّ تسعة وتسعين بسبعة وسبعين. انتهى.
قلت: وهذا مبني على معرفته صلى الله عليه وسلم رَسْمَ الخط، وأن كونه أميًّا لا يتأتى معه معرفة ذلك إلا بإلهام من الله تعالى. انتهى.
قوله: "من أحصاها .. دخل الجنة" قال الخطابي: الإحصاء في هذا يحصل بوجوه:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أحدها: أن يعدها حتى يستوفيها؛ يريد أنه لا يقتصر على بعضِها، لكن يدعو الله بها كلها، ويثني عليه بجميعها، فيستوجب الوعد عليها من الثواب.
الثاني: المراد بالإحصاء: الإضافة؛ لقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} (1)؛ والمعنى: من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها؛ وهو أن يعتبر معانيها، فيلزم نفسه بواجبها، فإذا علم الرزاق .. وثق بالرزق، وكذلك سائر الأسماء.
الثالث: المراد: الإحاطة بمعانيها؛ من قول العرب: (فلان ذو إحصاء) أي: ذو معرفة.
وقال ابن الجوزي: فيه خمسة أقوال:
أحدها: من استوفاها حفظًا.
والثاني: من أطاق العمل بمقتضاها؛ مثل أن يعلم أنه سميع، فكف لسانه عن القبيح.
والثالث: من عقل معانيها.
والرابع: من أحصاها علمًا وإيمانًا.
والخامس: أن المعنى: من قرأ القرآن حتى يختمه؛ لأنها فيه.
وقال القرطبي: المرجو من كرم الله تعالى أن من حصل له إحصاء هذه الأسماء على أحد هذه المراتب مع صحة النية أنه يدخل الجنة.
قلت: كأنه مبني على إرادة المعاني كلها من المشترك، لا بشرط الاجتماع، بل على البدلية، والله أعلم. انتهى "سندي".
(1) سورة المزمل: (20).
(17)
- 3804 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التوحيد، باب إن لله مئة اسم، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، والترمذي في كتاب الدعوات، باب (83).
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استدل المؤلف على الترجمة ثانيًا بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:
(17)
- 3804 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا عبد الملك بن محمد) الحميريُّ البَرْسَميُّ - بفتح الموحدة والمهملة بينهما راء ساكنة - (الصنعاني) من أهلِ صَنْعَاء دِمَشْقَ، ليِّنُ الحديث، من التاسعة. يروي عنه:(د س ق)، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: يكتب حديثه، قال أبو أيوب: حدثنا عبد الملك الصنعاني وهو ثقة، من أصحاب الأوزاعي، فهو مختلف فيه.
(حدثنا أبو المنذر زهير بن محمد التميمي) الخراساني، سكن الشام ثم الحجاز، ثقة، من السابعة، مات سنة اثنتين وستين ومئة (162 هـ). يروي عنه:(ع).
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إِلَّا وَاحِدًا؛ إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ
===
(حدثنا موسى بن عقبة) بن أبي عياش - بتحتية ومعجمة - الأسدي مولى آل الزبير، ثقة فقيه إمام في المغازي، من الخامسة، مات سنة إحدى وأربعين ومئة (141 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(حدثني عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج) الهاشمي مولاهم المدني، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن في رجاله عبد الملك الصنعاني، وهو مختلف فيه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله تسعةً وتسعين اسمًا) وقوله: (مئة) بالنصب بدل من العدد المذكور قبله؛ أي: إن لله مئة اسم (إلا واحدًا) منها، فيكون الباقي بعد الاستثناء تسعة وتسعين.
(إنه) تعالى (وتر) أي: واحد في ذاته وصفاته لا مثيل له ولا نظير، وفي أفعاله لا شريك له (يحب الوتر) أي: يفضل الوتر في الأعمال وكثير من الطاعات؛ كجعل الصلوات المفروضة خمسًا، والطهارة ثلاثًا، والطواف سبعًا، وكذا السعي سبعًا، والرمي سبعًا، وأيام التشريق ثلاثةً، والاستنجاء ثلاثًا، ونصاب الزكاة خمسة أواق من الورق، وجعل كثيرًا من مخلوقاته وترًا؛ كالسماوات والأرض والبحار وأيام الأسبوع، وغير ذلك؛ كعدد الطلاق والقروء، قاله القاضي عياض. انتهى من "الأبي".
مَنْ حَفِظَهَا .. دَخَلَ الْجَنَّةَ؛ وَهِيَ اللهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ الْأَوَّلُ الْآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ
===
(والوَتْر) - بفتح الواو وكسرها - ومعنى (يحب الوتر) أي: يثيب عليه إذا كان من الأذكار والطاعات.
(من حفظها) أي: حفظ تلك الأسماء التسعة والتسعين حفظًا .. (دخل الجنة) سبق تفصيله في الحديث الأول، وهذه الرواية تؤيد أن معنى الإحصاء هو الحفظ؛ كما عليه المحققون من العلماء.
(وهي) أي: وتلك الأسماء التسعة والتسعون؛ هي:
(الله) أي: لفظ (الله) وهو علم دال على المعبود بحق دلالة جامعة لجميع معاني الأسماء الآتية، ولفظ الجلالة مع ما عطف عليه بالعاطف المقدر من الأسماء الآتية .. خبر عن الضمير، والجملة الاسمية مستأنفة استئنافًا بيانيًا.
(الواحد) أي: الفرد الذي لم يزل وحده لم يكن معه آخر.
(الصمد): هو السيد الذي انتهى إليه السؤدد، وقيل: هو الدائم الباقي، وقيل: هو الذي لا جوف له، وقيل: هو الذي يصمد؛ أي: يقصد إليه في الحوائج.
(الأول) أي: الذي لا بداية لأوليته.
(الآخر) أي: الباقي بعد فناء خليقته ولا نهاية لآخريته.
(الظاهر) أي: الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه، وقيل: هو الذي عرف بطرق الاستدلال العقلي بما ظهر لهم من آثار أفعاله وأوصافه.
(الباطن) أي: المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم، فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم.
الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْمَلِكُ الْحَقُّ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ
===
(الخالق) أي: الذي أوجد الأشياء جميعها بعد أن لم تكن موجودة؛ وأصل الخلق: التقدير، فهو باعتبار تقدير ما منه وجودها، وباعتبار الإيجاد على وفق التقدير .. خالق.
(البارئ): هو الذي خلق الخلق لا عن مثال، ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها من الاختصاص بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل في غيرِ الحيوان، فيقال: برأ الله النسمة، وخلق السماوات والأرض.
(المصور) أي: الذي صور جميع الموجودات ورتبها، فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة منفردة، يتميز بها على اختلافها وكثرتها.
(الملك) أي: ذو الملك التام، والمراد به: القدرة على الإيجاد والاختراع؛ من قولهم: فلان يملك الانتفاع بكذا؛ إذا تمكن منه، فيكون من أسماء الصفات، وقيل: المتصرف في الأشياء بالإيجاد والإفناء والإماتة والإحياء، فيكون من أسماء الأفعال؛ كالخالق.
(الحق) أي: الموجود حقيقةً المتحقق وجوده وإلهيته، والحق ضد الباطل.
(السلام) مصدر نُعِتَ به للمبالغة، قيل: سلامتُه مما يلحق الخَلْقَ من العَيْبِ والفناء، والسلام في الأصل: السلامة، يقال: سلم يسلم سلامة وسلامًا، ومنه قيل للجنة: دار السلام؛ لأنها دار السَّلامَةِ من الآفات، وقيل: معناه: المُسلِّم عبادَه عن المهالك.
(المؤمن) أي: الذي يَصْدُقُ عبادَه وَعْدَه؛ من الإيمان بمعنى: التصديق، أو يؤمنهم في القيامة من عذابه، فهو من الأمان والأمن ضد الخوف، كذا في "النهاية".
الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرَّحْمَنُ
===
(المهيمن) أي: الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ لعباده، ومنه: هيمن الطائر؛ إذا نشر جناحه على فراخه صيانة لها، وقيل: المهيمن هو الشاهد؛ أي: العالم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة، وقيل: الذي يشهد على كل نفس بما كسبت، ومنه قوله تعالى:{وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (1)؛ أي: شاهدًا، وقيل: القائم بأمور الخلق، وقيل: أصله: مؤيمن، أبدلت الهاء من الهمزة، فهو مفتعل من الأمانة، بمعنى: الأمين الصادق الوعد.
(العزيز) أي: الغالب القوي الذي لا يُغْلَب؛ والعزة في الأصل: القوة والشدة والغلبة، تقول: عز يعز - بالكسر - إذا صار عزيزًا، وعز يعز - بالفتح - إذا اشتد.
(الجبار) معناه: الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي، يقال: جبر الخلق وأجبر لهم، فأجبر أكثر وأبلغ في المعنى، وقيل: هو العالي فوق خلقه، وفعال من أبنية المبالغة، ومنه قولهم: نخلة جبارة؛ وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول.
(المتكبر) أي: العظيم ذو الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عُتَاةِ خَلْقه، والتاء فيه للتفرد والتخصُّصِ لا تاء التعاطي والتكلف؛ والكبرياء: العظمة والملك، وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود، ولا يوصف بها إلا الله تعالى؛ وهو من الكِبْرِ؛ وهو العظمة.
(الرحمن): هو كثير الرحمة والإنعام لعباده بجلائل النعم؛ والجلائل: هي أصول النعم التي لا تندرج تحت غيرها؛ كنعمة الإيجاد والإمداد،
(1) سورة المائدة: (48).
الرَّحِيمُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْعَلِيمُ الْعَظِيمُ
===
وهو خاص بالله لا يسمى به غيره، وأما قول أهل اليمامة في مدح مسيلمة الكذاب:
سموت بالمجد يا بن الأكرمين أبًا
…
وأنت خير الورى لا زلت رحمانا
فمن تَعَنُّتَاتِهم، ولذا رده بعضهم بقوله:
خبُثت بالخبث يا بن الأخبثين أبًا
…
وأنت شر الورى لا زلت شيطانا
(الرحيم): هو المنعم لعباده بدقائق النعم؛ كقوة السمع وحدة البصر وحسن القد وبراعة الجمال؛ وهما اسمان مشتقان من الرحمة؛ مثل ندمان ونديم، وهما من أبنية المبالغة، ورحمان أبلغ من رحيم، ولذا فسر الرحمن بالجلائل، والرحيم بالدقائق، ولذا وصف بالرحيم غيره تعالى، فيقال: رجل رحيم القلب، ولا يقال: رجل رحمان.
(اللطيف): هو الذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلى مَنْ قَدَّرها له من خلقه، يقال: لَطَف به وله - بالفتح - يَلْطُف لطفأ؛ إذا رَفقَ به، فأمَّا لَطُف - بالضم - يلطف .. فمعناه: صغر ودق.
(الخبير) أي: العالم ببواطن الأشياء من الخِبْرةِ؛ وهي العلم بالخفايا الباطنة.
(السميع) أي: المدرك لكل مسموع.
(البصير) أي: المدرك لكل المبصرات.
(العليم) أي: العالم المحيط علمه بجميع الأشياء؛ ظاهرها وباطنها، دقيقها وجليلها على أتم الإمكان، وفعيل من أبنية المبالغة.
(العظيم) أي: الذي جاوز قَدْرُه وجَلَّ عن حدود العقول حتى لا تتصور
الْبَارُّ الْمُتَعَالِ الْجَلِيلُ الْجَمِيلُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ الْقَادِرُ الْقَاهِرُ الْعَلِيُّ الْحَكِيمُ
===
الإحاطةُ بكنهه وحقيقته، والعِظَمُ في صفات الأجسام: كِبَرُ الطولِ والعَرض والعُمق، والله تعالى جلَّ قَدْرُه عن ذلك.
(البار) أي: العَطُوف على عباده ببره ولطفه؛ والبرُّ - بالكسر -: الإحسان.
(المتعال) أي: الذي جل عن إفك المفترين وعَلَا شَأْنُه، وقيل: هو من جل عن كل وصف وثناء، وهو متفاعل من العلو.
(الجليل) أي: الموصوف بنعوت الجلال، والحاوي جميعها، وهو الجليل المطلق.
(الجميل) أي: المتصف بجميع صفات الجمال والكمال.
(الحي) أي: الدائمُ البقاءِ.
(القيوم) أي: القائم بنفسه والمقيم لغيره.
(القادر) المقتدر معناهما: ذو القوة التامة، إلا أن المقتدر أبلغ؛ لما في البناء من معنى التكلف والاكتساب؛ فإن ذلك وإن امتنع في حقه تعالى حقيقة، لكنه يُفِيدُ المعنى مبالغة.
(القاهر) أي: الذي يقهر عباده على ما يشاء مِن أمرٍ أو نهيٍ على أيِّ كيفية شاء.
(العلي): هو فعيل من العلو؛ وهو البالغ في علو الرتبة بحيث لا رتبة إلا وهي منحطة عن رتبته، وقال بعضهم: هو الذي علا عن الإدراك ذاتُه، وكَبُر عن التصور صفاتُه.
(الحكيم) أي: الحاكم بمعنى القاضي؛ فعيل بمعنى فاعل، أو هو الذي يُحْكِمُ الأشياء ويُتقنها، فهو فعيل بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل: الحكيم ذو الحكمة؛
الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ الْغَنِيُّ الْوَهَّابُ الْوَدُودُ الشَّكُورُ الْمَاجِدُ
===
والحكمة: عبارةٌ عن معرفةِ أفضلِ الأشياء بأفضلِ العلوم، ويقال لِمَنْ يُحْسِنُ دقائقَ الصناعات ويُتْقِنُها: حكيمٌ.
(القريبُ) إلى عَبْدِهِ من حَبْلِ الوريد الذي يعرف منه خطراتِ الصدور وخفايا الأمور، الذي لا يغيب عنه شيء من أحوال عبده؛ من همه ووسوسته، فهو فعيل بمعنى فاعل.
(المجيب) أي: الذي يُقَابِلُ الدعاءَ بالإجابة، والسؤالَ بالإعطاء، وهو اسم فاعل من أجاب الرباعي.
(الغني) أي: الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء، وكل أحد يحتاج إليه، وهذا هو الغنى المطلق، ولا يشارك اللهَ فيه غيرُه.
(الوهاب): الهبةَ العظيمة الخالية عن الأعواض والأغراض، فإذا كَثُرَتْ .. سُمِّي صاحبُها وَهَّابًا.
(الودود): هو فعول بمعنى مفعول؛ من الود؛ وهو المحبة، يقال: وددت الرجل أوده ودًا؛ إذا أحببته، فالله تعالى مودود؛ أي: محبوب في قلوب أوليائه، أو هو فعول بمعنى فاعل؛ أي: أنه يحب عباده الصالحين؛ بمعنى: أنه يرضى عنهم.
(الشكور) أي: يعطي الثواب الجزيل على العمل القليل، أو المُثْنِي على عباده المطيعين.
(الماجد): هو بمعنى المجيد، لكن المجيد للمبالغة من المجد؛ وهو سعة الكرم، فهو الذي لا تدرك سعة كرمه ولا يحيط بها وصف الواصفين.
الْوَاجِدُ الْوَالِي الرَّاشِدُ الْعَفُوُّ الْغَفُورُ الْحَلِيمُ
===
(الواجد) بالجيم؛ أي: الغني الذي لا يفتقر؛ من وجد يجد جِدَةً؛ من باب وعد؛ أي: استغنى غنىً لا فقر بعده، وقيل: هو الذي يجد كل ما يريده ويطلبه ولا يفوته شيء.
(الوالي) على وزن الفاعل؛ من ولي الثلاثي؛ أي: مالك الأشياء جميعها المتصرف فيها على وفق إرادته.
(الراشد) أي: المُوفِّق من شاء من عباده طريقَ الرشد والصلاح في دينه ودنياه. و (الرشيد): هو مبالغة في الراشد؛ أي: الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم؛ أي: هداهم ودلهم عليها ببيان براهينها على ألسنة الرسل، فهو فعيل بمعنى مفعل، وقيل: هو الذي تَنْسَاقُ تَدْبِيرَاتُه إلى غَايَاتِها على سَنَن السَّداد من غير إشارةِ مُشِير ولا تسديدِ مُسدِّد.
(العفوُّ): فَعولٌ من العَفْوِ؛ وهو الذي يَمحُو السيئاتِ ويُجاوز عن المعاصي، وهو أَبْلَغُ من الغفور؛ لأنَّ الغفران يُنْبِئُ عن السَّتْر، والعفوُ يُنبئ عن المحْوِ؛ وأصلُ العفوِ: المَحْوُ والطمْسُ، وهو من أبنيةِ المبالغة، يقال: عفَا يَعْفُو عفوًا، فهو عافٍ وعَفُوٌّ.
(الغفور) قال الجزري في "النهايةِ": في أسماء الله الغَفُور والغفار، وهما من أبنيةِ المبالغة؛ ومعناهما: الساترُ لذنوب عباده وعيوبهم المتجاوز عن خطاياهم وذنوبِهم، وأصلُ الغفر: التغطيةُ، يقال: غَفَر لك يَغْفِرُ غفرًا وغُفرانًا ومغفرة؛ والمغفرة: إِلْباسُ الله تعالى العَفْوَ للمذنبين.
(الحليم): هو الذي لا يَسْتَخِفُّه شيءٌ من عصيان العباد ولا يَسْتَفِزُّهُ الغضبُ عليهم، ولكنَّهُ جَعلَ لكل شيء مِقْدارًا، فهو مُنْتَبهٍ إليه.
الْكَرِيمُ التَّوَّابُ الرَّبُّ الْمَجِيدُ الْوَلِيُّ الشَّهِيدُ الْمُبِينُ الْبُرْهَانُ الرَّؤُوفُ
===
(الكريم) أي: كثيرُ الجود والعطاء الذي لا يَنْفَدُ عطاؤُه ولا تَفْنَى خزائنهُ؛ وهو الكريمُ المطلقُ.
(التوَّاب) أي: كثيرُ قبولِ التوبةِ مِنْ عباده، فهو الذي يَقْبَلُ توبةَ العبدِ مرة بعد أخرى.
(الرب المجيد) أي: المَالِكُ لجميع خَلْقِهِ المتصرفُ فيهم؛ عُلْوِيِّها وسُفْلِيِّها.
(المجيد): مبالغةٌ في الماجد؛ وهو الذي لا تُدْرَكُ سعةُ رحمته، وقد تقدم تفسيرُهُ.
(الوليُّ): المحب الناصر، أو متولي أمر الخلائق.
(الشهيدُ): الشهيدُ هو الذي لا يَغِيبُ عنه شيءٌ مِن مخلوقاتِه، وهو مبالغة في (الشاهد) أي: الحاضر؛ لأن فَعِيلًا مبالغةٌ في فاعلٍ، فإذا اعْتُبر فيه معنى العِلْمِيَّةِ مطلقًا .. فهو العليمُ، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنةِ .. فهو الخَبِيرُ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة .. فهو الشهيدُ؛ وقد يُعْتَبر مع هذا أَنْ يَشْهَد على الخلقِ يوم القيامة بما عَلِمَ.
(المبين): اسم فاعل من أبان الرباعي؛ أي: فالمُبِينُ المظهرُ للحق من الباطل بالآياتِ البيناتِ والبراهينِ القاطعة.
(البرهان) أي: مُنْزِلُ البراهينِ الواضحةِ والأدلَّةِ القاطعة على رُسُله لِيَدْعُوا عبادَه إلى توحيدِه وطاعتِه.
(الرؤوف) أي: المنعم لعباده بجلائل النعم ودقائقها، أو ذو الرأفة والرحمة الواسعة.
الرَّحِيمُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الْبَاعِثُ الْوَارِثُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ الضَّارُّ النَّافِعُ الْبَاقِي
===
(الرحيم) أي: المنعم لعباده بدقائقها، وهو مِن ذِكْرِ الخاصِّ بعد العام، وتقدم تفسيره في أوائل الأسماء.
(المبدئ) أي: الذي أنشأ الأشياء واخْترعَهَا ابتداءً من غير سابقِ مثال.
(المعيد) أي: الذي يُعيد الخَلْق بعد الحياة إلى الممات في الدنيا، وبعد الممات إلى الحياة يوم القيامة.
(الباعثُ) أي: الذي يَبْعَثُ الخلْق؛ أي: يحييهم بعد الموت يوم القيامة، وقيل: أي: باعِثُ الرُّسُلِ إلى الأُمَمِ.
(الوارث) أي: يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم.
(القوي) أي: ذو القدرة التامة البالغة إلى غاية الكمال الذي لا يلحقه ضعف.
(الشديد) وفي بعض نسخ "ابن ماجه" بدل (الشديد): (المتين) أي: شديد البطش والأخذ للجبابرة، يَسْتَأْصِلُهم ولا يُبْقِي أَثرَهم. وقوله:(المتين) أي: القوي الشديد الذي لا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كُلْفَةٌ ولا تَعَبٌ؛ من المتانة؛ وهي القُوَّةُ والشدة، فهو من حيث إنه بالغ القدرة تامُّها .. قوي، ومن حيث إنه شديد القوة .. متين.
(الضارُّ) أي: الذي يضرُّ من يشاء من خلقه؛ من حيث هو خالقُ الأشياء كُلِّها خيرِها وشرِّها نَفْعِها وضُرِّها.
(النافعُ) أي: الذي يُوصِلُ النَّفْع إلى من يشاء من خلقه من حيث هو خالق النفع والضر والخير والشر.
(الباقي) أي: الدائم الوجود الذي لا يقبل الفناء.
الْوَاقِي الْخَافِضُ الرَّافِعُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ الْمُقْسِطُ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ
===
(الواقي) لأوليائه.
(الخافض) أي: الخافض للجبابرةِ والفَراعنةِ؛ أي: يُضْعِفُهم ويُهِينهم ويخفض كل شيء يريد خَفْضَه؛ والخفضُ ضِدُّ الرفع.
(الرافع) أي: الذي يرفع المؤمنين بالإِسْعاد وأولياءه بالتقريب، وهو ضد الخفض.
(القابضُ) أي: يُمْسِك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفِه وحكمتِه ويقبض الأرواحَ عند الممات.
(الباسط) أي: يَبْسُطُ الرزق لعباده ويُوسِّعه عليهم بجُوده ورحمته، ويبسطُ الأرواحَ في الأجسادِ عند الحياة.
(المعز) أي: يَهبُ العِزَّ لمن يشاء مِن عباده.
(المذل) أي: يُلْحِقُ الذلَّ بمن يشاء من عباده، وينفي عنه أنواع العز جميعَها.
(المقسط) أي: العادل في حكمه بين عباده بنَصْرِ المحق وخِذْلانِ المُبطل، يقال: أَقْسط يُقسط رباعيًّا فهو مقسط؛ إذا عدَلَ في حكمه، وقسَطَ يَقْسِطُ ثلاثيًّا؛ من باب ضرب، فهو قاسط؛ إذا جارَ، فكأنَّ الهمزة في أقسط للسَّلْب؛ كما يقال: شكَا إليه فأَشْكَاهُ.
(الرزَّاق) أي: الذي خلق الأرزاق أو أعطى الخلائقَ أرزاقَها وأَوْصَلَها إليهم، والأرزاقُ نوعان: ظاهرة للأبدان؛ كالأقوات، وباطنة للقلوب والنفوس؛ كالمعَارف والعلوم.
(ذُو القوة) أي: صاحبُ الشِّدَّة الباهرة والقدرة القاهرة التي تقهر الجبابرة.
الْمَتِينُ الْقَائِمُ الدَّائِمُ الْحَافِظُ الْوَكِيلُ الْفَاطِرُ السَّامِعُ الْمُعْطِي الْمُحْيِي الْمُمِيتُ الْمَانِعُ
===
(المَتِينُ) أي: القويُّ الشديد الذي لا يلحقه في أفعاله مشقة ولا كلفة ولا تعب؛ كما تقدَّم لك.
(القائم) بنفسه لا يحتاج إلى مَنْ يقوم به، وإلا .. لكان عرضًا يحتاجُ إلى مَنْ يقوم به.
(الدائم) أي: الذي لا آخرَ لحياته.
(الحافظ) لكل الموجودات عن الزوال واختلال نظامهم، وفي نسخة المؤلف:(الحفيظ): وهو مبالغة في الحافظ؛ أي: البالغ في الحفظ يحفظ الموجودات عن الزوال والاختلال مدة ما شاء.
(الوكيل) أي: القائم بأمور عباده المتكفل بمصالحهم.
(الفاطر) أي: فاطر السماوات والأرضِينَ السَّبْعِ وخالقُهما وما فيهما على غير مثالٍ سَبقَ، ورافع السماوات بغير عمد، وباسط الأرض بغير وتد.
(السامع) أي: خالق السمع لأهله؛ و (السميع) مبالغة فيه، أو السامع لدعاء عباده سماعَ قبول.
(المعطي) لمن سأله جميع حوائجه على وفق مراده، سواء كانت جلب مسرة، أو دفع مضرة.
(المحيي) أي: مُعطي الحياة لمن أراد إِحياءه.
(المميت) أي: خالق الموت ومُسلِّطُهُ على من شاء.
(المانع) أي: الدافعُ لأعدائه عن أوليائه وكافِيهم شرَّهم؛ أي: الذي يَمْنَعُهم عن أهلِ طاعته ويَحُوطُهم ويَنْصُرهم، وقيل: يمنعُ مَنْ يُريدُ من خلقه ما يريد، ويعطيه ما يريد.
الْجَامِعُ الْهَادِي الْكَافِي الْأَبَدُ الْعَالِمُ الصَّادِقُ النُّورُ الْمُنِيرُ التَّامُّ الْقَدِيمُ الْوِتْرُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ.
===
(الجامع) لعالم الأرض والسماوات في أرض المحشر يوم القيامة لمجازاتهم.
(الهادي) أي: الذي بصَّر عبادَه، ويُعرِّفهم طريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبوبيتِه، وهدى كُلَّ مخلوق إلى ما لا بُدَّ له منه في بقائِه ودوامِ وُجُوده.
(الكافي) لِأَوليائه عن شرِّ أَعْدائهم والحافظُ لهم عن كَيْدِهم.
(الأبد) أي: الدائم في حياته، فلا يلحقه فناء.
(العالِمُ) لكل المعلومات دقيقِها وجليلِها.
(الصَّادقُ) فيما وَعَد وأَوْعدَ فلا يُخْلِفُ الميعاد.
(النُّور) أي: خالقُ النورِ حسيًا كان أو معنويًا؛ كنُور الإيمان والمعرفةِ في قلوبِ أَوْلِيَائه.
(المنيرُ) أي: المُنوِّرُ لقلوب من شاء من عباده بنور الهداية والرشاد.
(التام) أي: الكامل في ذاتِه وصفاتِه وأفعاله؛ أي: المُتَّصِفُ فيها بصفةِ الكمال، فلا يَلْحَقُه نَقْصٌ.
(القديم) أي: الَّذي لا بِدايةَ لوجوده ولا نهايةَ له.
(الوِتْرُ) أي: المنفردُ في ذاته وصفاته، فلا مَثِيلَ له فيهما.
(الأَحدُ) أي: المنفردُ في أفعالِه، فلا مُعِينَ له ولا مُشيرَ.
(الصَّمدُ) أي: الذي يُصْمَدُ ويُقْصَدُ في قضاءِ الحوائج، ولا يَصْمُدُ هو إلى غيره.
الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ"، قَالَ زُهَيْرٌ: فَبَلَغَنَا مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ أَوَّلَهَا يُفْتَحُ بِقَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى.
===
(الذي لم يلد) أي: لم يكُن والدًا لغيرِه.
(ولم يُولد) أي: لم يكن مولودًا لغيره، فلا أَبَ له ولا أُمَّ.
(ولم يكن له كفوًا أحدٌ) أي: لم يكن أحدٌ من الموجودات كفوًا له تعالى؛ أي: مُشابهًا له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ لاستغنائِه عن غيره الغِنَى المُطْلَقَ.
قال المؤلف أبو عبد الله محمد بن يزيد ابنُ ماجه بالسند السابق: (قال) لنا شيخنا (زهير) بن محمد التميمي: (فبلغنا من غير واحد من أهل العلم) أي: بلغنا من كثير من المحدثين (أن أوَّلها يُفتح) أي: ينبغي أن يُفتح أولُ هذه الأسماء عند قراءتِها (بقولِ) الذاكرين: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلكُ وله الحمد، بيده الخَيْرُ، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله له الأسماءُ الحسنى) تشريفًا لها بِبراعةِ الاستهلالِ.
قال السندي: لم أَجِد أحدًا من الأئمة الستة عدَّدَ أسماءَ الله الحسنى من حديث أبي هريرة ولا مِن غيره سِوَى ابنِ ماجه والترمذي، لكن طريقُ الترمذي بغير هذا السياق، وبزيادةٍ ونقصٍ وتَقدِيمٍ وتأخيرٍ، وطريق الترمذي أصحُّ شيء في هذا الباب، رواه عن إبراهيم بن يعقوب الجوزْجَاني حدثني صفوان بن صالح، حدثني الوليدُ بن مسلم، حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج، وقال: هذا حديث غريب، حدثنا به غير واحد، ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح، وهو ثقة عند أهل الحديث. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قلت: وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجتُهُ: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما مرَّ؛ لكون عبد الملك بن محمد الصَّنعاني مختلَفًا فيه، وغرضُه: الاستدلالُ به على الترجمة.
* * *
ولم يذكر المؤلِّف في هذا الباب إلا حديثين:
كلاهما للاستدلال.
والله سبحانه وتعالى أعلم