الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(35)
- كِتَابُ الْفِتَنِ
(30) - (1441) - بَابُ الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ
(83)
- 3870 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
(35)
- (كتاب الفتن)
(30)
- (1441) - (باب الكف عمن قال: لا إله إلا الله)
والفتن - بكسر الفاء وفتح الفوقانية - جمع فتنة؛ وهي المحنة والعذاب والشدة وكل مكروه ايل إليه؛ كالكفر والإثم والفضيحة والفجور والمصيبة وغيرها من المكروهات. انتهى "سندي".
(83)
- 3870 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي.
(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(وحفص بن غياث) - بمعجمة مكسورة وياء فمثلثة - ابن طلق بن معاوية النخعي الكوفي، ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا في الآخر، من الثامنة، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
كلاهما (عن) سليمان (الأعمش) الأسدي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي صالح) ذكوان السمان، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَإِذَا قَالُوهَا .. عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ عز وجل".
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت) أي: أمرني ربي (أن أقاتل) وأجاهد (الناس حتى يقولوا) ويقروا بأن: (لا إله إلا الله) أي: حتى يقروا بألسنتهم ويعتقدوا بقلوبهم أن لا إله بحق إلا الله جَلَّ وعَلَا، ويقروا بألسنتهم بأني رسول الله مثلًا، ويعتقدوا معنى ذلك اعتقادًا جازمًا (فإذا قالوها) أي: قالوا كلمة الشهادتين، واعتقدوا معناها وعملوا بمقتضاها .. فقد (عصموا) وحفظوا ومنعوا وحقنوا (مني) أي: من إراقتي (دماءهم) وقتلهم (و) عصموا مني (أموالهم) أي: أَخْذَها (إلا بحقها) أي: بحق الدماء والأموال من القصاص والحدود وغرامة المتلفات (وحسابهم) أي: مناقشتهم وجزاؤهم على ما في سرائرهم (على الله عز وجل إن خيرًا .. فخير، وإن شرًّا .. فشر، إنما عليَّ البلاغُ، وعلى الله الحسابُ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ في كتاب الإيمان، وفي كتاب الصلاة، وفي كتاب الزكاة، إلى غير ذلك، ومسلم في كتاب الإيمان، وفي كتاب فضائل الصحابة، وأبو داوود في كتاب الجهاد، باب ما يقاتل المشركون، والترمذي في كتاب الإيمان، وفي كتاب التفسير، باب ما جاء: أمرت أن أقاتل الناس، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
(84)
- 3871 - (2) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.
===
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(84)
- 3871 - (2)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الحدثاني أبو محمد، صدوق في نفسه إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ) وله مئة سنة. يروي عنه:(م ق).
(حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، قاضي الموصل، ثقة له غرائب بعدما أَضَرَّ، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الأسدي الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سفيان) سلمة بن دينار أبي حازم الأعرج التمار المدني القاضي مولى الأسود بن سفيان، ثقة عابد، من الخامسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما.
(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت) أي: أمرني ربي (أن أقاتل) وأجاهد (الناس) لإعلاء كلمة الله كلمة التوحيد (حتى يقولوا) ويقروا بألسنتهم بأن (لا إله إلا الله) وأني رسول الله، ويعتقدوا معناها اعتقادًا جازمًا (فإذا قالوا: لا إله إلا الله) وأذعنوا لها بامتثال أوامر الشرع واجتناب
عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ عز وجل".
(85)
- 3872 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
===
نواهيه .. (عصموا) أي: حقنوا (مني) أي: من إراقتي (دماءهم وأموالهم) من الغُنْمِ (إلا بحقها) أي: بحق كلمة الإسلام وموجبها من القصاص والزكاة وغيرهما (وحسابهم) أي: مناقشتهم على ما في سرائرهم ومجازاتُهم عليه تعالى خيرًا كان أو شرًّا (على الله عز وجل لا عليَّ إنما عليَّ البلاع المبين، وعلى الله المجازاة.
وإنما استدل المؤلف على الترجمة بحديث أبي هريرة وأشْهَد لَهُ بحديث جابر ولم يَعْكِسْ؛ لأن حديث أبي هريرة أصح من حديث جابر؛ لأن حديث جابر شارك المؤلفَ فيه مسلم والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح؛ وأما حديث أبي هريرة .. فشارك المؤلفَ البخاري ومسلم، فهو من المتفق عليه، فهو أقوى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله.
والنسائي في كتاب تحريم الدم، باب أخبرنا هارون بن محمد بن بكَّار، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
ودرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث أوس بن أبي أوس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(85)
- 3872 - (3) (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن
بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاهُ أَوْسًا أَخْبَرَهُ قَالَ: إِنَّا لَقُعُودٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْنَا وَيُذَكِّرُنَا؛
===
بكر) بن حبيب (السهمي) الباهلي أبو وهب البصري نزيل بغداد، امتنع من القضاء، ثقة حافظ، من التاسعة، مات في المحرم سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا حاتم بن أبي صغيرة) - بفتح الصاد المهملة وكسر الغين المعجمة - القشيري أبو يونس البصري، وأبو صغيرة اسمه مسلم، وهو جده لأمه، وقيل: زوج أمه، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(ع).
(عن النعمان بن سالم) الطائفي، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(م عم).
(أن عمرو بن أوس) بن أبي أوس الثقفي الطائفي تابعي كبير، من الثانية، وهم من ذكره في الصحابة، مات بعد التسعين من الهجرة. يروي عنه:(ع).
(أخبره) أي: أخبر للنعمان بن سالم (أن أباه أوس) بن أبي أوس حذيفة والد عمرو بن أوس الثقفي، الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنهما. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن علي بن أبي طالب، ويروي عنه: ابنه عمرو والنعمان بن سالم. ويروي عنه: (د س ق).
(أن أباه) أي: أبا عمرو أوسًا (أخبره) أي: أخبر لعمرو (قال) أبوه أوس بن أبي أوس: (إنا) معاشر الصحابة (لَقُعودٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو) أي: والحال أن النبي صلى الله عليه وسلم (يقص) ويخبر (علينا) معاشر الحاضرين القصص؛ أي: قصص الأمم الماضية (ويذكرنا) أي: يعظنا بالترغيب والترهيب.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَسَارَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اذْهَبُوا بِهِ فَاقْتُلُوهُ"، فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ .. دَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"هَلْ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ:"اذْهَبُوا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ؛ فَإِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ .. حَرُمَ عَلَيَّ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ".
===
(إذ أتاه) أي: أتى النبي صلى الله عليه وسلم وجاءه (رجل) من المسلمين (فساره) ولم أر من ذكر اسم ذلك الرجل الذي ساره؛ أي: فسار ذلك الرجل النبي صلى الله عليه وسلم خَبَر سِرٍّ؛ أي: كلمه سرًّا بحيث لا نسمع كلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم (فقال النبي صلى الله عليه وسلم للقوم الحاضرين عنده: (اذهبوا به) أي: بهذا الرجل الذي كلمني (فاقتلوه) أي: فاقتلوا هذا الذي سارني (فلما ولى الرجل) أي: ولى الرجل الذي أمرهم بقتله؛ أي: ذهب وجعل دبره واليًا للنبي صلى الله عليه وسلم .. (دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونادى بالرجل الذي أمرهم بقتله وطلب الرجوع إليه.
(فـ) لما رجع إليه .. (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (هل تشهد) وتقر (أن لا إله إلا الله) وأني رسول الله؟ (قال) الرجل: (نعم) أُقِرُّ بالشهادتين (قال) النبي صلى الله عليه وسلم للناس الذين أمرهم بقتله (اذهبوا) بهذا الرجل الذي أمرتكم بقتله من عندي (فخلوا) أي: فخلوا للرجل الذي أمرتكم بقتله واتركوه وليسلك (سبيله) أي: طريق حاجته؛ لأنه مسلم (فإنما أمرت) أنا؛ أي: إنما أمرني ربي (أن أقاتل الناس) وأجاهدهم (حتى يقولوا: لا إله إلا الله) وإني رسول الله (فإذا فعلوا) وقالوا (ذلك) أي: بالشهادتين .. (حرم علي) منع إراقة (دمائهم و) أخذ (أموالهم) إلا بحقهما؛ لأنهم معصومون مني نفسًا وأموالًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قوله: (فساره) أي: تكلم معه سرًّا (اذهبوا به) أي: بالسار معي، وكأنه تكلم بكلام علم منه صلى الله عليه وسلم أنه ما دخل الإيمان في قلبه، فأراد قتله، ثم رجع إلى تركه حتى يتفكر في إسلامه؛ أي: في إظهار الإيمان ظاهرًا، وأن مدار العصمة عليه لا على الإيمان الباطني، وظاهر هذا التعريف يقتضي أنه قد يجتهد في الحكم الخبري فيخطئ في المناط، لكن لا يقرر عليه ولا يمضي الحكم بالنظر، بل يوقف للرجوع من ساعته إلى درك المناط والحكم به، ولا يخفى بعده، والأقرب أن يقال: إنه قد أذن له في العمل بالباطن، فأراد أن يعمل به، ثم ترجح عنده العمل بالظاهر؛ لكونه أعم وأشمل له ولأمته، فمال إليه وترك العمل بالباطن، وبعض الأحاديث يشهد لذلك، وعلى هذا؛ فقوله:"إنما أمرت" أي: وجوبًا، وإلا .. فالإذن له في القتل بالنظر له إلى الباطن كان ثابتًا، لكن هذا التقرير لا يناسبه قوله:"فإذا فعلوا .. حرم علي دماؤهم وأموالهم" فليتأمل.
وفي "الزوائد": إسناده صحيح، رجاله ثقات. انتهى من "السندي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: النسائي في "الصغرى"، باب في تحريم الدم، وأصله في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة وجابر وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وأحمد في "المسند".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(86)
- 3873 - (4) حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ السُّمَيْطِ بْنِ السَّمِير، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَتَى نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ
===
(86)
- 3873 - (4)(حدثنا سويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل الحدثاني، صدوق، من قدماء العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(م ق).
(حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عاصم) بن سليمان الأحول البصري، ثقة، من الرابعة، مات بعد أربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن السُّمَيطِ) مصغرًا (ابن السمير) - مكبرًا - السدوسي أبي عبد الله البصري، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(م س ق).
(عن عمران بن الحصين) بن عبيد بن خلف الخزاعي أبي نجيد - مصغرًا - أسلم يوم خيبر، له ولأبيه صحبة، وكان فاضلًا وقضى بالكوفة رضي الله تعالى عنهما، مات سنة اثنتين وخمسين (52 هـ) بالبصرة. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عمران: (أتا) ني (نافع بن الأزرق) - بتقديم الزاي على الراء - ولعله نافع بن عبد الحارث بن خالد بن عمير بن الحارث الخزاعي من قوم عمران، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عنه: أبو الطفيل عامر بن واثلة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، قال ابن عبد البر: كان من كبار الصحابة وفضلائهم، وقيل: إنه أسلم يوم الفتح، وأقام بمكة ولم يهاجر، قال: وأنكر الواقدي أن تكون له صحبة، وذكره ابن سعد في طبقةِ الفَتْحِيِّين، وذكره ابن حبان
وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا: هَلَكْتَ يَا عِمْرَانُ، قَالَ: مَا هَلَكْتُ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: مَا الَّذِي أَهْلَكَنِي؟ قَالُوا: قَالَ اللهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} قَالَ: قَدْ قَاتَلْنَاهُمْ حَتَّى نَفَيْنَاهُمْ، فَكَانَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ؛ إِنْ شِئْتُمْ .. حَدَّثْتُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا:
===
والعسكري وجماعة في الصحابة. انتهى من "التهذيب"، والأزرق: لقب أبيه. انتهى. يروي عنه: (م د س ق).
أي: جاءني نافع بن الأزرق (وأصحابه) أي: جماعة من قومه وقبيلته الخزاعيون (فقالوا) لي: (هلكت يا عمران) بفعل المنكر في دينك (قال) لهم عمران: (ما هلكت) أي: أنا ما هلكت، فـ (ما) نافية، فهو ماض مسند إلى ضمير المتكلم (قالوا) أي: قال له قومه: (بلى) أي: ليس الأمر كما قلت من نفي الهلاك عن نفسك، بل أنت هلكت في دينك (قال) لهم عمران:(ما الذي أهلكني؟ ) فـ (ما) هنا استفهامية؛ أي: ما الأمر الذي أوقعني في الهلاك في ديني؟ (قالوا) أي: قال قومه له: (قال الله) عز وجل في كتابه العزيز: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (1)؛ أي: وأنت قد تركت ذلك القتال المأمور به، فأنت أهلكت نفسك بترك المأمور به.
(قال) عمران: (قد قاتلناهم) أي: قاتلنا المشركين كلهم (حتى نفيناهم) وأبعدناهم إلى أطراف الأرض (فكان الدين) والعمل (كله لله) فليس الآن المشرك فينا إلا من عقدنا له عقد الذمة (إن شئتم) يا قوم إقامة الحجة على صحة ما قلت لكم .. (حدثتكم) جواب إن الشرطية؛ أي: سأحدث لكم (حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا) أي: قال
(1) سورة الأنفال: (39).
وَأَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ بَعَثَ جَيْشًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ؛ فَلَمَّا لَقُوهُمْ .. قَاتَلُوهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا فَمَنَحُوهُمْ أَكْتَافَهُمْ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنْ لُحْمَتِي عَلَيَّ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِالرُّمْح، فَلَمَّا غَشِيَهُ .. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ إِنِّي مُسْلِمٌ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ هَلَكْتُ، قَالَ: "وَمَا الَّذِي
===
له قومه: (وأنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال) عمران: (نعم) سمعت ذلك الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك أني (شهدت) أي: حضرت (رسول الله صلى الله عليه وسلم و) الحال أنه (قد بعث جيشًا من المسلمين إلي) قتال (المشركين؛ فلما لقوهم) أي: فلما لقي المسلمون المشركين .. (قاتلوهم) أي: قاتل المسلمون المشركين (قتالًا شديدًا فمنحوهم) أي: فمنح المشركون وأعطوا للمسلمين (أكتافهم) أي: ظهورهم جمع كتف؛ وهو كناية عن هربهم من المسلمين وغلبة المسلمين لهم.
قال السندي: هذا كناية عن التولي والإدبار أو عن المغلوبية؛ أي: مكنوهم من أكتافهم حتى يضربوا أكتافهم أو يركبوا عليها. انتهى.
(فحمل رجل) من المسلمين (من لحمتي) - بضم اللام وسكون الحاء المهملة - أي: من قرابتي؛ أي: وثب (على رجل من المشركين) ليقتله (بالرمح، فلما غشيه) أي: غشي المسلم المشرك .. (قال) المشرك: (أشهد أن لا إله إلا الله؛ إني مسلم) فلا تقتلني (فطعنه) أي: فطعن المسلم المشرك برمحه (فقتله) أي: فقتل المسلم المشرك (فأتى) الرجل المسلم (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) له: (يا رسول الله؛ هلكت) أي: أهلكت نفسي بارتكاب المعاصي، فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما الذي
صَنَعْتَ؟ "، مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْن، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَهَلَّا شَقَقْتَ عَنْ بَطْنِهِ فَعَلِمْتَ مَا فِي قَلْبِهِ؟ ! "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَوْ شَقَقْتُ بَطْنَهُ .. لَكُنْتُ أَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِه، قَال: "فَلَا أَنْتَ قَبلْتَ مَا تَكَلَّمَ بِه، وَلَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ"، قَال: فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ، فَدَفَنَّاهُ فَأَصْبَحَ
===
صنعت؟ ) أي: وما الذنب الذي ارتكبته فهلكت بسببه؛ أي: قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك السؤال (مرة أو مرتين، فأخبره) أي: فأخبر الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم (بالذي صنعـ) ـه من الذنب؛ يعني: قتل المشرك بعدما قال كلمة الشهادتين.
(فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلم قتلته بعدما أقر بالشهادتين؟ فقال الرجل القاتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أقرهما تقيةً من القتل لا للإيمان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهلا) حرف تحضيض؛ أي: إن كنت قتلته لشركه .. فهلا (شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه) أي: فهلا شققت بطنه عن قلبه فتعلم ما في قلبه من إيمان أوشرك؟ ! فـ (قال) الرجل القاتل: (يا رسول الله؛ لو شققت بطنه .. لكنت أعلم ما في قلبه) من شرك، ولكن لم أشق بطنه، فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فلا أنت قبلت ما تكلم به) من الشهادتين فتترك قتله (ولا أنت تعلم ما في قلبه) من إيمان أو شرك.
(قال) عمران بن حصين: (فسكت عنه) أي: عن ذلك الرجل القاتل (رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلبث) أي: فلم يمكث ذلك الرجل القاتل (إلا يسيرًا) من الزمن (حتى مات) أي: فمات (فدفناه فأصبح) أي:
عَلَيَّ ظَهْرِ الْأَرْض، فَقَالُوا: لَعَلَّ عَدُوًّا نَبَشَهُ، فَدَفَنَّاهُ ثُمَّ أَمَزنَا غِلْمَانَنَا يَحْرُسُونَهُ، فَأَصْبَحَ عَلَيَّ ظَهْرِ الْأَرْض، فَقُلْنَا: لَعَلَّ الْغِلْمَانَ نَعَسُوا، فَدَفَنَّاهُ ثمَّ حَرَسْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا فَأَصْبَحَ عَلَيَّ ظَهْرِ الْأَرْض، فَأَلْقَيْنَاهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّعَابِ.
(87)
- 3874 - (5) حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ،
===
فكان في صباح الليلة التي دفناه فيها (على ظهر الأرض، فقالوا) أي: فقال الناس بعضهم لبعض: (لعل عدوًا) له (نبشه) أي: نبش قبره فرماه على ظهر الأرض؛ ليأكله السباع (فدفناه) مرة ثانية (ثم) بعدما دفناه .. (أمرنا غلماننا) أي: شبابنا (يحرسونه) أي: بأن يحرسوه (فأصبح) أي: صار مرة ثانية (على ظهر الأرض، فقلنا) أي: قال بعضنا لبعض: (لعل الغلمان نعسوا) عن حراسته فناموا، فنبشه عدوه فرماه على ظهر الأرض كالمرة الأولى (فدفناه) مرة ثالثة (ثم) بعد دفنه (حرسناه) نحن معاشر الكبار (بأنفسنا، فأصبح) في الليلة الرابعة (على ظهر الأرض) ولم نر من نبش قبره (فألقيناه في بعض تلك الشعاب) القريبة إلى تلك المقبرة؛ والشعاب جمع شعب - بكسر الشين المعجمة فيهما -: وهي الطرق التي كانت بين الجبال.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(87)
- 3874 - (5)(حدثنا إسماعيل بن حفص) بن عمر بن دينار (الأُبُلِّيُّ) - بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام المكسورة - أبو بكر الأودي،
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ السُّمَيْط، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
…
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَزَادَ فِيهِ: فَنَبَذَتْهُ
===
صدوق، من العاشرة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات سنة نيف وخمسين ومئتين (253 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي القاضي، ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا في الآخر، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عاصم) بن سليمان الأحول البصري، ثقة، من الرابعة، مات بعد سنة أربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن السميط) - مصغرًا - ابن السمير - مكبرًا - السدوسي البصري، صدوق، من الثالثة. يروي عنه:(م س ق).
(عن عمران بن الحصين) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، غرضه: بيان متابعة حفص بن غياث لعلي بن مسهر في رواية هذا الحديث عن عاصم الأحول.
(قال) عمران: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية) أي: مع قطعة جيش، ولم أر من عَيَّن تلك السريةَ (فحمل) أي: وثب (رجل من المسلمين) لم أر من ذكر اسمه (على رجل من المشركين
…
فذكر) حفص بن غياث (الحديث) السابق؛ يعني: حديث علي بن مسهر (و) لكن (زاد) حفص بن غياث (فيه) أي: في الحديث السابق لفظة (فنبذته) أي فنبذت
الْأَرْضُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:"إِنَّ الْأَرْضَ لَتَقْبَلُ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَلكِنَّ اللهَ أَحَبَّ أَنْ يُرِيَكُمْ تَعْظِيمَ حُرْمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ".
===
ذلك القاتل ورمته (الأرض) من باطنها إلى ظاهرها (فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم رمي الأرض للميت إلى ظاهرها (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الأرض لتقبل) من الأموات (من هو شر) وأخبث وأعتى (منه) أي: من هذا الميت الذي رمته الآن (ولكن الله أحب أن يريكم تعظيم حرمة) وعظمة كلمة (لا إله إلا الله) حيث قتل هذا الميت قائل هذه الكلمة المشرفة ظانًا أنه مشرك.
وحكم هذه المتابعة هو حكم أصلها؛ فهي صحيحة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث: خمسة:
الأول منها للاستدلال، والخامس للمتابعة، والبواقي للاستشهاد.
وكلها صحيحة.
والله سبحانه وتعالى أعلم