المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(23) - (1434) - باب من رأى رؤيا يكرهها - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب الدّعاء

- ‌(1) - (1412) - بَابُ الْجَوَامِعِ مِنَ الدُّعَاءِ

- ‌(2) - (1413) - بَابُ الدُّعَاءِ بِالْعَفْوِ وَالْعَافِيَةِ

- ‌(3) - (1414) - بَابٌ: إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ .. فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ

- ‌(4) - (1415) - بَابٌ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ

- ‌(5) - (1416) - بَابٌ: لَا يَقُولُ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ؛ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ

- ‌(6) - (1417) - بَابُ اسْمِ اللهِ الْأَعْظَمِ

- ‌(7) - (1418) - بَابُ أَسْمَاءِ اللهِ عز وجل

- ‌(8) - (1419) - بَابُ دَعْوَةِ الْوَالِدِ وَدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ

- ‌(9) - (1420) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌(10) - (1421) - بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ

- ‌(11) - (1422) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى

- ‌(12) - (1423) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ

- ‌(13) - (1424) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا انْتَبَهَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌(14) - (1425) - بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْكَرْبِ

- ‌(15) - (1426) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ

- ‌(16) - (1427) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ

- ‌(17) - (1428) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا سَافَرَ

- ‌(18) - (1429) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا رَأَى السَّحَابَ وَالْمَطَرَ

- ‌(19) - (1430) - بَابُ مَا يَدْعُو بِهِ الرَّجُلُ إِذَا نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْبَلَاءِ

- ‌تذييل لهذا الحديث

- ‌كِتَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا

- ‌(20) - (1431) - بَابٌ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ

- ‌(21) - (1432) - بَابُ رُؤْيَةِ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ

- ‌(22) - (1433) - بَابٌ: الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ

- ‌(23) - (1434) - بَابُ مَنْ رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا

- ‌(24) - (1435) - بَابٌ: مَنْ لَعِبَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِي مَنَامِهِ .. فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ

- ‌(25) - (1436) - بَابُ الرُّؤْيَا إِذَا عُبِرَتْ .. وَقَعَتْ؛ فَلَا يَقُصُّهَا إِلَّا عَلَى وَادٍّ

- ‌(26) - (1437) - بَابٌ: عَلَامَ تُعْبَرُ بِهِ الرُّؤْيَا

- ‌(27) - (1438) - بَابُ مَنْ تَحَلَّمَ حُلُمًا كَاذَبًا

- ‌(28) - (1439) - بَابٌ: أَصْدَقُ النَّاسِ رُؤْيَا .. أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا

- ‌(29) - (1440) - بَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا

- ‌كتاب الفتن

- ‌(30) - (1441) - بَابُ الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ

- ‌(31) - (1442) - بَابُ حُرْمَةِ دَمِ الْمُؤْمِنِ وَمَالِهِ

- ‌(32) - (1443) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ النُّهْبَةِ

- ‌(33) - (1444) - بَابٌ: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كفْرٌ

- ‌(34) - (1445) - بَابٌ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌(35) - (1446) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ فِي ذِمَّةِ اللهِ عز وجل

- ‌(36) - (1447) - بَابُ الْعَصَبِيَّةِ

- ‌(37) - (1448) - بَابُ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ

- ‌(38) - (1449) - بَابُ مَا يَكُونُ مِنَ الْفِتَنِ

- ‌(39) - (1450) - بَابُ التَّثَبُّتِ فِي الْفِتْنَةِ

- ‌(40) - (1451) - بَابُ إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا

الفصل: ‌(23) - (1434) - باب من رأى رؤيا يكرهها

(23) - (1434) - بَابُ مَنْ رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا

(64)

- 3851 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ الْمِصرِيُّ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا .. فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا،

===

(23)

- (1434) - (باب من رأى رؤيا يكرهها)

(64)

- 3851 - (1)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر (المصري) التجيبي، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي البصري عالمها، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الزبير) المكي الأسدي مولاهم، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري الخزرجي رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا رأى أحدكم) أيها المسلمون (الرؤيا) المُشَوِّشَةَ التي (يكرهها) كأن رأى في منامه كأنه قتل أو جلد أو مسخ حيوانًا آخر .. فإنها من الشيطان (فـ) لا يخبرها أحدًا، و (ليبصق عن يساره ثلاثًا) أمره بالبصق؛ طردًا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة وتحقيرًا له واستقذارًا لفعله، وخص اليسار؛ لأنها محل الأقذار والمكروهات ونحوها. انتهى من "المرقاة".

ص: 195

وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ".

(65)

- 3852 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ،

===

(وليستعذ بالله من الشيطان) أي: فلا يلتفت إلى غيره تعالى، وليلتجئ إليه وليستعذ بالله من شره (ثلاثًا) من المرات (وليتحول) أي: وليتقلب (عن جنبه الذي كان عليه) أولًا؛ للتفاؤل بتحول تلك الحال التي كان عليها إلى حال حسن فيها بشرى من الله تعالى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الرؤيا في أوله، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب ما جاء في الرؤيا.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف لحديث جابر بن عبد الله بحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(65)

-3852 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري.

(حدثنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي أبو الحارث المصري، ثقة إمام قرين مالك، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني أبي سعيد القاضي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

ص: 196

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الرُّؤْيَا مِنَ الله، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ؛

===

(عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن بن عوف) الزهري المدني، ثقة ثبت فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي قتادة) الأنصاري الحارث بن ربعي المدني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة أربع وخمسين (54 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا) بشرى (من الله) تعالى (والحلم) تلاعب (من الشيطان).

قال في "النهاية": الرؤيا والحلم: عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلب الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح.

وقال ابن الجزري في "غريبه": واعلم: أن الرؤيا والحلم واحد، غير أن صاحب الشرع خص الخير باسم الرؤيا، والشر باسم الحلم. انتهى "سندي"، وقد يستعمل كل منهما مكان الآخر. انتهى منه.

والمعنى: أن (الرؤيا) الصالحة بشرى (من الله) تعالى يبشر بها لمن رآها أو رؤيت له، أو تحذير وإنذار له عما لا يصلح له.

والحلم - بضم الحاء المهملة وبسكون اللام - هو لغة: مصدر حلم - بفتح الحاء واللام - إذا رأى في منامه رؤيا حسنًا كان أو مكروهًا، وأراد به النبي صلى الله عليه وسلم هنا: ما يكره أو ما لا ينتظم.

أي: والحلم تخويف من الشيطان؛ يعني: هو ما يلقيه الشيطان مما يُهوِّل

ص: 197

فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ .. فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ".

===

أو يُخوِّف أو يحزن به، وهذا النوع هو المأمور بالاستعاذة منه بقوله صلى الله عليه وسلم:(فإذا رأى) أي: حَلَم (أحدكم) أيها المسلمون في نومه (شيئًا يكرهه) أي: منامًا يكرهه ويحزنه ويخوفه .. (فليبصق عن) جهة (يساره ثلاثًا) من المرات (وليستعذ بالله) تعالى (من) وقوع شر (الشيطان) وضرره (الرجيم) أي: المرجوم ذلك الشيطان من الله الملعون عنده تعالى (ثلاثًا) من المرات.

وفي رواية مسلم زيادة: (فإنها) أي: فإن تلك الرؤية (لن تضره) بوقوع ضرره عليه؛ معناه: أنه تعالى جعل هذا سببًا لسلامته من مكروه يترتب؛ كما جعل الصدقة وقايةً للمال وسببًا لدفع البلاء، كذا في "النووي" كما مر.

(وليتحول) أي: ولينتقل (عن جنبه الذي كان) مضطجعًا (عليه) أولًا إلى جنب آخر؛ تفاؤلًا بتغير حاله من خوف إلى بشارة.

وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منها؛ لأنها من تخييلات الشيطان وتشويشاته، فإذا استعاذ الرائي منه صادقًا في التجائه إلى الله تعالى، وبصق عن يساره ثلاثًا، وتحول عن جنبه الذي كان ينام عليه أولًا؛ كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وصلى ركعتين .. أذهب الله عنه ما أصابه وما يخافه من مكروه ذلك، ولم يصبه منه شيء ببركة صدق الالتجاء إلى الله تعالى وامتثال أوامره صلى الله عليه وسلم، وكان فعل هذه الأمور كلها مانعًا من وقوع ذلك المكروه؛ كما يقال: إن الدعاء يدفع البلاء، والصدقة تدفع ميتة السوء، وكل ذلك بقضاء الله تعالى وقدره، ولكن الوسائط والأسباب عاديات - جمع عاديٍّ؛ وهي المعونة - لا موجدات.

ص: 198

(66)

- 3853 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْعُمَرِيِّ،

===

وفائدة أمره بالتحول عن جنبه الذي كان عليه أولًا: ليتكامل استيقاظه، وينقطع عن ذلك المنام المكروه.

وفائدة الأمر بالصلاة: لتكمل الرغبة وتصح الطلبة؛ فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. انتهى من "المفهم" بتصرف.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التعبير، باب الحلم من الشيطان، وفي كتاب الطب، باب النفث في الرقية، ومسلم في باب ما جاء في الرؤيا، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب ما جاء في الرؤيا، والترمذي في كتاب الرؤيا، باب إذا رأى في المنام ما يكره.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث جابر.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث جابر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(66)

- 3853 - (3)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: سنة خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبي عبد الرحمن (العمري) أي: المنسوب إلى عمر بن الخطاب المدني،

ص: 199

عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا .. فَلْيَتَحَوَّلْ وَلْيَتْفِلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْأَلِ اللهَ مِنْ خَيْرِهَا، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا".

===

ضعيف عابد، من السابعة، مات سنة إحدى وسبعين ومئة (171 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن سعيد) بن أبي سعيد كيسان المدني (المقبري) أبي سعد، ثقة، من الثالثة، مات في حدود العشرين ومئة، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عبد الله بن عمر بن حفص العمري، وهو متفق على ضعفه.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم) أيها المسلمون (رؤيا يكرهها) لكونها مسيئة محزنة؛ كأن رأى نفسه مقتولة مصلوبة أو مقطوعة اليد .. (فليتحول) أي: فليتقلب عن جنبه الذي ينام عليه إلى الجنب الآخر؛ تفاؤلًا بتغير حاله (وليتفل) من بابي نصر وضرب؛ أي: فليبزق (عن يساره ثلاثًا) من المرات؛ إهانة للشيطان الذي هو صاحب رؤياه المشوش له بتلك الرؤيا (وليسأل الله) تعالى (من خيرها) أي: من خير تلك الرؤيا بان انقلبت من المسيئة إلى المبشرة (وليتعوذ بالله) تعالى (من شرها) أي: من شر ما يعقب بعدها وضرره من المشوشات والمخاوف؛ فإنها لا تضره، ولن يقع بعدها ما يخافه ببركة الالتجاء إلى الله تعالى.

والمعنى: جعل الله تعالى هذا الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب سلامته من المكاره التي تترتب عليها؛ كما جعل الصدقة دافعة للبلاء.

ص: 200

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه؛ ودرجته: أنه صحيح؛ لأن له شواهد من حديث جابر وحديث أبي قتادة المذكورين قبله، فالحديث: صحيح المتن بما قبله، ضعيف السند؛ لما تقدم آنفًا.

وحاصل ما ورد في الحديث من آداب الرؤيا المكروهة ستة:

الأول: أن يتعوذ بالله تعالى من شرها.

والثاني: أن يتعوذ بالله تعالى من الشيطان.

والثالث: أن يتفل عن يساره ثلاثًا.

والرابع: ألا يذكرها لأحد أصلًا.

والخامس: أن يقوم الرجل فيصلي ركعتين، وقد ورد عن أبي هريرة مرفوعًا:"فإن رأى أحدكم ما يكره .. فليقم فليصل" كما هو مصرح به في رواية مسلم.

والسادس: أن يتحول عن جنبه الذي كان عليه.

وأن هذه الآداب الستة مذكورة في الأحاديث المختلفة.

قال النووي رحمه الله تعالى: فينبغي أن يجمع بين هذه الروايات ويعمل بها كلها، فإذا رأى ما يكره .. نفث عن يساره قائلًا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شرها، وليتحول من جنبه إلى جنبه الآخر، وليصل ركعتين، فيكون قد عمل بجميع الروايات، وإن اقتصر على بعضها .. أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى؛ كما صرحت به الأحاديث.

وأما حكمة النفث على اليسار .. فعلى ما ذكره القاضي عياض: أنه أمر بالنفث ثلاثًا؛ طردًا للشيطان الذين حضر رؤياه المكروهة وتحقيرًا له واستقذارًا به.

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وخصت به اليسار؛ لأنه محل الأقذار والمكروهات ونحوها، واليمين ضدها، وقد ورد في بعض الروايات:(فلينفث) أو (فليبصق) بدل قوله: (وليتفل) ولكن جاءت أكثر الروايات بلفظ: (النفث) وهو نفخ لطيف بلا ريق، ويكون التفل والبصق محمولين عليه مجازًا.

وتعقبه الحافظ في "الفتح"(12/ 371) بأن المقصود هنا: طرد الشيطان وإظهار احتقاره واستقذاره، فالمناسب هنا أن تحمل الأحاديث كلها على التفل الذي هو نفخ معه ريق لطيف، فبالنظر إلى النفخ قيل له: نفث، وبالنظر إلى الريق قيل له: بصق.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 202