الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وَيْحَكُمْ أَوْ وَيْلَكُمْ؛ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ".
===
به في رواية مسلم في خطبة يوم النحر بمنىً سنة عشر: (ويحكم) أي: ألزمكم الله الويح والرحمة؛ لأنكم أشرفتم على الهلاك، واستحق لكم الترحم (أو) قال صلى الله عليه وسلم بدل الويح:(ويلكم) أي: ألزمكم الله الويل والهلاك؛ لأنكم استحق لكم الهلاك، و (أو) للشك من الراوي، فهما مفعولان لفعل محذوف وجوبًا؛ تقديره: استوجبتم الويح والترحم لكم، أو ألزمكم الله الويل والهلاك لكم (لا ترجعوا) ولا ترتدوا (بعدي) أي: بعد وفاتي فتصيروا (كفارًا) أي: أَشْبَاهَ كفارِ غيركم، حالة كونكم (يضرب) ويقطع (بعضكم رقاب بعض) آخر وأعناقه، مستحلين المقاتلة بينكم.
فائدة
في الويح والويل، والويس والويب؛ وهما بمعنى: الويل.
والويح في الأصل: الدعاء بالرحمة، والويل: الدعاء بالهلاك؛ أريد بهما هنا الحث والتحريض على ملازمة الإيمان، والتمسك بشرائع الإسلام والتحذير عن الرجوع إلى الكفر والارتداد على الأعقاب لا حقيقة الرحمة والهلاك.
وانتصابهما: إما على المصدر بفعل ملاق لهما في المعنى دون اللفظ؛ لأنهما من المصادر التي لم تستعمل أفعالها، والتقدير: استوجبتم ويحكم وهلكتم هلاككم، وإما على المفعول؛ والتقدير: أوجب الله ويحكم، وألزم ويلكم.
وعلى كلا التقديرين: فالجملة في محل النصب مقول لـ (قال)، كذا أفاده الجمل على "الجلالين" وقد بسطنا الكلام على (الويل) في تفسيرنا "حدائق الروح والريحان"، فراجعه.
(101)
- 3888 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المغازي، باب حجة الوداع، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ترجعوا بعدي كفارًا
…
" إلى آخره، وأبو داوود في كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصه، والنسائي في كتاب التحريم.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث جرير بحديث الصنابح رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(101)
- 3888 - (3)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).
(ومحمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).
كلاهما (قالا: حدثنا إسماعيل) بن أبي خالد، اسمه سعد، وقيل: هرمز البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وأربعين ومئة (146 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ قَيْسٍ، عَنِ الصُّنَابِحِ الْأَحْمَسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: "أَلَا إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ فَلَا تُقَتِلُن بَعْدِي".
===
(عن قيس) بن أبي حازم البجلي أبي عبد الله الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات بعد التسعين، أو قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن الصنابح) - بضم أوله ثم نون وموحدة ومهملة - ابن الأعسر (الأحمسي) الصحابي الفاضل الكوفي رضي الله تعالى عنه، ومن قال فيه: الصنابحي .. فقد وهم. يروي عنه: (ق).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) الصنابح: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) حرف استفتاح (إني فرطكم) أي: سابق لكم إلى الموت، منتظر لكم (على الحوض، وإني مكاثر بكم) أي: مفاخر بكثرتكم على سائر (الأمم) يوم القيامة (فلا تقتلن) - بضم التاء الأولى وفتح القاف وكسر التاء الثانية المشددة وضم اللام وتشديد النون - مضارع مسند إلي واو الجماعة المحذوف، متصل بنون التوكيد الثقيلة؛ من التقتيل؛ أصله: فلا تُقَتِّلُونَنَّ، حذفت النون الأولى؛ للجازم، والواو لالتقاء الساكنين؛ نظير قوله تعالى:{وَلَا يَصُدُّنَّكَ} (1)؛ أي: لا يقتل بعضكم بعضًا (بعدي) أي: بعد وفاتي.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد في "الصحيحين" وغيرهما من حديث جرير بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عمر السابقين، وليس للصنابح حديث في "ابن ماجه" سوى هذا، وليس له رواية في شيء من "الكتب الخمسة الأصول".
(1) سورة القصص: (87).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم