الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
61 - الْوُضُوءِ في الإِنَاءِ
76 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.
• [رجاله أربعة]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدّم 1.
2 -
مالك بن أنس: تقدّم 7.
3 -
إسحاق بن عبد الله: تقدّم 20.
4 -
أنس بن مالك -رضي الله عن الجميع- تقدّم 6.
• التخريج
أخرجه البخاري في التماس الوضوء، وفي علامات النبوة، ومسلم في الفضائل، والترمذي في المناقب، ومالك في الموطأ، ونحوه للإِمام أحمد.
• اللغة والإِعراب والمعنى
قوله: (حانت صلاة العصر) من الحين الذي هو حضور الوقت أو قربه أي قرب وقتها أو حضر وأصله الزمن صادق بالقليل والكثير، وحان الحين حضر الوقت للشيء و (رأى) بصرية بمعنى أبصرت وشاهدت والواو للحال فالجملة حالية على تقدير قد حانت، وفي رواية:"عند الزوراء" وهي دار لمروان بن الحكم كانت بسوق المدينة أي في محلها لأنها وقت القِصَّة لم تكن موجودة وبنيت بعد ذلك و (التمس) بمعنى طلب (الناس) أي الحاضرون (الوضَوء) بفتح الواو الماء الذي يُتوضّأ به كما تقدّم (فلم يجدوه) الفاء عاطفة ويجدوه من وجد الشيء إذا تحصَّل عليه، فلهذا لم تنصب إلَّا مفعولًا واحدًا، وفي رواية للبخاري، فلم يجدوا بحذف الهاء العائدة على الوضوء، قوله:(فأُتى) بالبناء للمجهول والفاء عاطفة وفي رواية "فانطلق رجل فجاء بقدح فيه ماء يسير" وقوله: (بوضوء) أي بماء يتوضأ به في إناء وفي رواية "قدح رحراح" وفي رواية "تورْ" وفي رواية
"من زجاج" وفي رواية "جفنة" وفي رواية "ميضأة" وفي رواية: "مزادة" ولا تعارض لاحتمال اختلاف التعبير عن ذلك. أو تعدد القصة والغرض من ذلك أن الذي أُتيَ به قليل لا يكفي الناس، (فوضع يده في ذلك الإِناء) المراد الذي فيه الماء القليل. وقوله:(فأمر الناس أن يتوضّئوا) -أي بالوضوء من ذلك الماء كما في الرواية الأخرى فقال "حي على الطهور والبركة"- أي بأن يتوضئوا فالمصدر مجرور بالحرف في محل نصب بالفعل. وقوله: (ينبع) أي يخرج من بين أصابعه ونبع الماء ينبع مثلث الباء إذا خرج. (حتى توضّئوا) حتى تكون للغاية والابتداء بمعنى أن الذي بعدها يكون جملة ابتدائية اسمية كقول جرير:
وما زالت القتلى تمور دماؤها
…
بدجلة حتى ماء دجلة أشكلا
أو فعلية فعلها ماض كما في قوله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} وكما هنا حتى توضّئوا، أو مضارع كما في قوله:{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} وقد تقدّم الكلام عليها في الحديث رقم (1).
وقال الكرماني: حتى للتدريج، ومن للبيان أي: توضأ الناس حتى توضأ الذين من عند آخرهم وهو كناية عن جميعهم وتعقبه البدر العيني فقال: إنما تكون للبيان، إذا كان فيما قبلها إبهام ولا إبهام هنا، قال: والظاهر أن من هنا للغاية، والمعنى: توضأ الناس من عند أولهم حتى انتهوا إلى آخرهم، على أن من تأتي على خمسة عشر وجهًا والغالب عليها أن تكون للغاية حتى ادَّعى قوم أن سائر معانيها راجعة إليها، قال ولم أجد في هذه الخمسة عشر مجيء من بمعنى إلى، ثم ذكر أن الكرماني ادَّعى أنها لغة شاذة ولم يبيّن ذلك بمعنى أن الكرماني حكى عن النووي أن من هنا بمعنى إلى وهي لغة، وردَّه بأنه شاذ لا يقع في فصيح الكلام، ثم قال العيني:(إن استعمل بمعنى إلى في كون كل منهما للغاية لأن من لابتداء الغاية وإلى لانتهاء الغاية يجوز ذلك لأن الحروف ينوب بعضها عن بعض) اهـ. قلت: وهذا يدل على صحة الوجه الذي ذكره النووي -رحمه الله تعالى- والله أعلم.
والشخص الأخير داخل، وكذلك أنس لأن الصحيح عند الأصوليين أن الشخص المخاطِب بكسر الطاء يدخل في متعلّق الخطاب نفسه أمرًا كان أو نهيًا وكذا خيرًا.
• الأحكام والفوائد
فيه دليل على وجوب طلب الماء للطهارة عند دخول الوقت، وأنه لا يجب قبل دخول الوقت لكن لا خلاف أنه إن توضأ قبل الوقت أجزاه ذلك، وفي التيمم قبل دخول الوقت خلاف فمنعه أهل الحجاز، وأجازه العراقيون على ما ذكره العيني وسيأتي، وفيه وجوب المواساة عند الضرورة لمن كان عنده فضل ماء، وفيه دليل على بطلان قول منكر المعجزة من الملاحدة وغيرهم لأنه تضمّن معجزة عظيمة له صلى الله عليه وسلم كما يأتي إن شاء الله، وفيه دليل على التبرك بما لابسه النبي صلى الله عليه وسلم وله نظائر كثيرة في السنة وستأتي.
قال القاضي عياض رحمه الله: "هذه القضية رواها الثقات من العدد الكثير عن الجم الغفير عن الكافة متصلًا عمن حدث بها من جملة الصحابة وأخبارهم أن ذلك كان في مواطن اجتماع الكثير من محافل المسلمين ومجمع العساكر ولم يرو واحد من الصحابة مخالفة للراوي فيما رواه فسكوت الساكت منهم كنطق الناطق منهم إذ هم المنزهون عن السكوت على الباطل والمداهنة في الكذب وليس هناك رغبة ولا رهبة تمنعهم فهذا النوع ملحق كله بالقطعي من معجزاته عليه الصلاة والسلام وهو يرد على ابن بطال، حيث قال في شرحه هذا الحديث شهده جماعة كثيرة من الصحابة إلا أنه لم يُروَ إلا من طريق أنس رضي الله عنه وذلك لطول عمره وطلب الناس العلو في السند".
وفيه: إباحة الوضوء من إناء واحد للجماعة يغترفون منه، وفيه: إباحة الوضوء من فضل وضوء الرجل المسلم وهو إجماع في حق الرجال، وتسمية الماء وضوء لأنه يفعل به.
وقصة نبع الماء من بين أصابعه هذه رويت عن أنس من طرق، وذكر ابن حجر أنه ظهر له من طرقها أنها كانت في موضعين لأن بعضها في السفر وبعضها في الحضر. وروي مثل ذلك عن جابر والبراء وابن عباس وابن مسعود، وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في المعجزات من كتابه -البداية- قصة نبع الماء فذكر حديث أنس من عدة طرق وذكر كذلك مثلها من حديث جابر بن عبد الله، ومن حديث عبد الله بن مسعود، ومن حديث ابن عباس، والبراء بن عازب، وأبي قتادة رضي الله عنهم، كلهم ذكر قصة في ذلك وغالبها كان في الأسفار إلا حديث أنس المصرّح بأنها كانت بالمدينة.
قُلت: وحديث جابر اشتمل على عدة معجزات، وهو في آخر صحيح مسلم، وفيه قصة الشجرتين، وقصة القبرين كقصة ابن عباس في المعذبين وهذا كما تقدّم يدفع قول ابن بطال السابق والله أعلم.
وقد ذكر ابن عبد البر رحمه الله رواية جابر الثابتة في الصحيح، ثم قال: إنه الذي أعطى صلى الله عليه وسلم من هذه المعجزة أوضح من معجزة موسى، حيث ضرب الحجر بالعصا فانفجر منه الماء، وخروج الماء من الحجر مألوف وأما خروجه من بين أصابع الإِنسان فلم يشاهد قط إلا له صلى الله عليه وسلم، ونحو هذا لابن كثير رحمة الله علينا وعلى الجميع.
77 -
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَجِدُوا مَاءً فَأُتِيَ بِتَوْرٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَيَقُولُ: حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ وَالْبَرَكَةِ مِنَ اللَّهِ عز وجل قَالَ الأَعْمَشُ: فَحَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ.
• [رجاله: 7]
1 -
إسحاق بن إبراهيم تقدّم 2.
2 -
عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني روى عن أبيه ووهب بن منبه وأيمن بن نابل وعبيد الله بن عمر العمري ومالك والسفيانين وخلائق غيرهم.
وعنه ابن عيينة ومعتمر بن سليمان وهما من شيوخه ووكيع وأبو أسامة وهما من أقرانه وأحمد وإسحاق ويحيى وأبو خيثمة وخلق كثير، قال ابن معين: عبد الرزاق والفريابي، وذكر جماعة قال: كلهم في سفيان قريب بعضهم من بعض وهم دون يحيى بن سعيد وابن مهدي ووكيع وابن المبارك وأبي نعيم. وقيل لأحمد رأيت أحدًا أحسن حديثًا من عبد الرزاق؟ قال: لا. قال أبو زرعة: عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه. وقال معمر: وأما عبد الرزاق إن عاش فخليق أن تضرب إليه أكباد الإِبل.
وروى أحمد وابن معين أنه بعدما عمي كان يلقّن وأن ما سمع منه من
كتبه أصح، وقال أحمد أيضًا من سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع، قلت: لم يختلفوا في حفظه وجلالته إلا أنه رُمِيَ بالتشيع ونقل عنه ما يدلّ على خلاف ذلك والله أعلم.
وقيل: إنه روى أحاديث لم يتابع عليها. ومولده سنة 120 هـ، ومات سنة 211 هـ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان ممن يخطئ إذا حدث من حفظه. ورُوِيَ عن ابن معين أنه سئل عن ترك حديثه فقال: لو ارتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه.
ورُوِيَ عن العباس بن عبد العظيم كلام سيء في حقه وأنكره الذهبي والله تعالى أعلم.
3 -
سفيان بن عيينة: تقدّم 1.
4 -
الأعمش: تقدّم 18.
5 -
إبراهيم بن يزيد النخعي: تقدّم 33.
6 -
علقمة: تقدّم 75.
7 -
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقد تقدّم 39.
8 -
أما سالم بن أبي الجعد الذي ذكره الأعمش أنه حدثه فقال سألت جابر .. إلخ.
فإنه سالم بن أبي الجعد رافع الأشجعي مولاهم الكوفي، روى عن عمر ولم يدركه وكعب بن مرة، وقيل: لم يسمع منه، وعن عائشة، والصحيح أن بينهما أبا المليح، وعن جابان، وقيل بينهما نبيط، وعن ثوبان وزياد بن لبيد وعلي بن أبي طالب وأبي برزة وأبي سعيد وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس وابن عمرو وجابر وأنس وغيرهم، وعنه ابنه الحسن والحكم بن عتيبة وعمرو بن دينار وجماعة كثيرة غيرهم، قال ابن معين وأبو زرعة والنسائي: ثقة وقيل إن أحاديثه عن ثوبان مرسلة، قال مطين مات سنة 100، وقال أبو نعيم سنة 97، أو 98، وهو قول ابن حبان في الثقات. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث مات سنة 100، وقيل 101، وقيل قبل ذلك. قال العجلي: ثقة تابعي، وقال الحربي: مجمع على ثقته والله أعلم.