الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
برائحة الخمر إذا وجدت من الإِنسان ولو لم يعترف ولم تقم عليه بيّنة، وردَّ بأن الحدود تدرأ بالشبهات والشبهة موجودة، وفيه سؤال العالم عما يشكل وهو أمر معلوم الوجوب. قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} .
قلت: والذي يظهر عندي ترجيح التفرقة بين الشك في الصلاة والشك قبل الدخول لأنه شك في تحقيق الشرط قبل التلبس بالفعل والنص إنما ورد فيه السؤال عنه حال الصلاة والله أعلم.
تنبيه:
ومما يتخرّج على هذه القاعدة أن الشك في الذَّكاة محرم للأكل والشك في الطلاق غير مؤثر في العصمة والشك في العتق غير مؤثر في الرق والشك في طهارة النجس أو المتنجّس لا يؤثر فيه طهارة وفيه: دليل على ما ترجم له المصنف وهو نقض الوضوء بالريح وهو محل اتفاق إذا كان الخروج على الوجه الطبيعي، وفيه: استعمال الكناية عن الشيء المستقذر وقد تقدّم ذلك.
116 - الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ
161 -
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يُفْرِغَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ".
• [رواته: 7]
1 -
إسماعيل بن مسعود الجحدري: تقدّم 47.
2 -
حميد بن مسعدة: تقدّم 5.
3 -
يزيد بن زريع: تقدّم 5.
4 -
معمر بن راشد: تقدّم 10.
5 -
الزهري بن شهاب: تقدّم 1.
6 -
أبو سلمة بن عبد الرحمن: تقدم 1.
7 -
أبو هريرة: تقدّم 1.
• أحكامه وفوائده
تقدّم ما يتعلق بهذا الحديث في شرح حديث أبي هريرة أول حديث في الكتاب، والغرض من ذكره هنا الدلالة على أن النوم ناقض للوضوء، وقد استدل له البخاري رحمه الله بالحديث الذي بعد هذا، وفيه أحاديث أخر ذكرها المجد في المنتقى والبيهقي في السنن، وغيرهما، وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال ذكر منها النووي رحمه الله في شرح مسلم ثمانية الأول: أن النوم لا ينقض الوضوء بحال، وقال إنه محكي عن أبي موسى الأشعري. وسعيد بن المسيب، وأبي مجلز وحميد الأعرج، والشيعة قال الشوكاني يعني الإِمامية، والثاني: أنه ينقض الوضوء بكل حال. وهو مذهب الحسن البصري، والمزني، وأبي عبيد القاسم بن سلام وإسحاق بن راهوية، وقول غريب للشافعي قال ابن المنذر: وبه أقول، وروى معناه عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهم أجمعين- واستدلوا بأشياء منها: حديث علي عند أحمد، وأبي داود، وابن ماجه والدارقطني، ولكنه معلول، ولفظه:"العين وكاء السَّهِ فمن نام فليتوضّأ" الثالث: أن النوم ينقض كثيره؛ دون قليله، وهو مذهب الزهري، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
قلت: ولعل عمدتهم في ذلك أن ما ورد في السنة من ذكر النوم والصلاة بعده من غير وضوء محمول على الخفيف، وما ورد من الوضوء بعد النوم محمول على الكثير وهذا فيه جمع بين الأدلة ويؤيده من جهة النظر أن النوم ليس يحدث ولكنه سبب له ومظنته. الرابع: إذا نام على هيئة من هيآت المصلين كالراكع، والساجد، والقائم، والقاعد لا ينتقض وضوءه، سواء كان في الصلاة، أو في غيرها، وإن نام مضجعًا، أو مستلقيًا على قفاه انتقض، وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وقول للشافعي غريب وفيه حديث ضعيف ذكره البيهقي:"إذا نام العبد في سجوده باهى الله به الملائكة" ومع ضعفه فإنه يعارضه الحديث الصحيح الآتي في: "أن من نعس في الصلاة فليرقد" حتى يذهب عنه النوم السابع: أنه لا ينقض النوم في الصلاة بأي حال، وينقض خارجها. الثامن: أنه إذا نام جالسًا ممكنًا مقعدته لم ينتقض، وإلا انتقض، سواء قلَّ، أو كَثُر كان في الصلاة أو خارجها وهذا مذهب الشافعي وعنده أن النوم ليس حدثًا في نفسه
وإنما هو مظنته وسبيله لأنه يذهب العقل فقد يخرج شيء ولا يدري به الإِنسان كما في الحديث السابق "وكاء السَّه العين" والسّهُ من أسماء الدبر، والمعنى أنه مادام يقظًا لا يخرج منه شيء إلا بعلمه فإذا نام ربما خرج منه الريح أو غيره وهو لا يدري وفي رواية معاوية للحديث "العين وكاء السه فإذا نامت العين استطلق الوكاء" والحديثان رواهما أحمد وروى حديثَ علي أبو داود وابن ماجه والدارقطني وروى حديث معاوية أيضًا الدارقطني والبيهقي وقد ضعّفَ كلا من الحديثين أبو حاتم إلا أن حديث علي قال فيه أحمد: إنه أثبت وأقوى وقد حسّنه المنذري وابن الصلاح والنووي والحديثان كما قدّمنا يدلان على أن النوم مظنة النقضِ لا ناقض، ولهذا قال الشوكاني إن المذهب الثامن أقرب المذاهب عنده ورأى إنما ورد بالنقض بالنوم مطلقًا يحمل على ما ورد مقيدًا وهو وجه حسن لو صح حديث النوم في السجود المتقدّم ولكنه ضعيف كما تقدّم.
قلت: ويمكن أن يقال أن التقييد يؤخذ من حديث ابن عباس وغيره ولكن لا يقتصر على التقييد بالهيئة في الجلوس والتمكّن فيه وغير ذلك بل الأولى تقييده بدرجة النوم لأنها هي المعتبرة في زوال الإِحساس وغيره فإن بلغ به إلى حالة تفقده الإِحساس نقض وإن لم يتبلّغ تلك الدرجة لا ينقض وتكون حالة الجلوس معلّلة بكون الغالب أن الجالس لا يخرج منه شيء إلا شعر به والقول باعتبار درجة النوم هو مشهور مذهب مالك وأصحابه وهو المعبّر عنه بالنوم الكثير وقَدَّروا ذلك بكونه لو سقط منه شيء لا ينتبه له أو سقط لعابه لا يدري به.
قلت: ويستأنس لكون علة النقض في النوم ذهاب الإِحساس بالحديث الصحيح عن عائشة وابن عباس في نومه بعد التهجد وتعليله صلى الله عليه وسلم بكونه تنام عينه ولا ينام قلبه.
تنبيه:
ذكر الشوكاني أن صاحب البدر التمام وصاحب سبل السلام رووا المذهب الخامس بلفظ أنه ينقض واستدلاله بالحديث الذي تقدّمت الإِشارة إليه "إذا نام العبد" إلخ قالا وقاس الركوع على السجود والذي في شرح مسلم بلفظ لا ينقض والله أعلم.