المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌103 - باب الإنتفاع بفضل الوضوء - شرح سنن النسائي المسمى شروق أنوار المنن الكبرى الإلهية بكشف أسرار السنن الصغرى النسائية - جـ ٢

[محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌51 - سُؤْرِ الْكَلْبِ

- ‌52 - الأَمْرِ بِإِرَاقَةِ مَا فِي الإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ

- ‌53 - باب تَعْفِيرِ الإِنَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ بِالتُّرَابِ

- ‌54 - باب سُؤْرِ الْهِرَّةِ

- ‌55 - باب سُؤْرِ الْحِمَارِ

- ‌56 - باب سُؤْرِ الْحَائِضِ

- ‌57 - باب وُضُوءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا

- ‌58 - باب فَضْلِ الْجُنُبِ

- ‌59 - باب الْقَدْرِ الَّذِي يَكْتَفِي بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ

- ‌60 - باب النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌61 - الْوُضُوءِ في الإِنَاءِ

- ‌62 - باب التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْوُضُوءِ

- ‌63 - صَبُّ الْخَادِمِ الْمَاءَ عَلَى الرَّجُلِ لِلْوُضُوءِ

- ‌64 - الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌65 - باب الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

- ‌66 - صِفَةِ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ

- ‌67 - كَمْ تُغْسَلَانِ

- ‌68 - الْمَضْمَضَةِ وَالإسْتِنْشَاقِ

- ‌69 - بِأَيِّ الْيَدَيْنِ يَتَمَضْمَضُ

- ‌70 - إيجاد الإسْتِنْشَاقِ

- ‌71 - الْمُبَالَغَةِ فِي الإسْتِنْشَاقِ

- ‌72 - الأَمْرِ بِالإسْتِنْثَارِ

- ‌73 - باب الأَمْرِ بِالإسْتِنْثَارِ عِنْدَ الإسْتِيقَاظِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌74 - بِأَيِّ الْيَدَيْنِ يَسْتَنْثِرُ

- ‌75 - باب غَسْلِ الْوَجْهِ

- ‌76 - عَدَدِ غَسْلِ الْوَجْهِ

- ‌77 - غَسْلِ الْيَدَيْنِ

- ‌78 - باب صِفَةِ الْوُضُوءِ

- ‌79 - عَدَدِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ

- ‌80 - باب حَدِّ الْغَسْلِ

- ‌81 - باب صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ

- ‌82 - عَدَدِ مَسْحِ الرَّأْسِ

- ‌83 - باب مَسْحِ الْمَرْأَةِ رَأْسَهَا

- ‌84 - مَسْحِ الأُذُنَيْنِ

- ‌85 - باب مَسْحِ الأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ

- ‌86 - باب الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ

- ‌87 - باب الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ مَعَ النَّاصِيَةِ

- ‌88 - باب كَيْفَ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ

- ‌89 - باب إِيجَابِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ

- ‌90 - باب بِأَيِّ الرِّجْلَيْنِ يَبْدَأُ بِالْغَسْلِ

- ‌91 - غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِالْيَدَيْنِ

- ‌92 - الأَمْرِ بِتَخْلِيلِ الأَصَابِعِ

- ‌93 - عَدَدِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ

- ‌94 - باب حَدِّ الْغَسْلِ

- ‌95 - باب الْوُضُوءِ فِي النَّعْلِ

- ‌96 - باب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌97 - باب الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ

- ‌98 - باب التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسَافِرِ

- ‌99 - التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُقِيمِ

- ‌100 - صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ

- ‌101 - الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌102 - باب النَّضْحِ

- ‌103 - باب الإنْتِفَاعِ بِفَضْلِ الْوُضُوءِ

- ‌104 - باب فرض الوضوء

- ‌105 - الإعْتَدَاءِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌106 - الأَمْرِ بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌107 - باب الْفَضْلِ فِي ذَلِكَ

- ‌108 - ثَوَابِ مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ

- ‌109 - الْقَوْلِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْوُضُوءِ

- ‌110 - حِلْيَةِ الْوُضُوءِ

- ‌111 - باب ثَوَابِ مَنْ أَحْسَنَ الْوُضُوءَ

- ‌112 - باب مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَمَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِنَ الْمَذْي

- ‌113 - باب الْوُضُوءِ مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌114 - الْوُضُوءِ مِنَ الْغَائِطِ

- ‌115 - الْوُضُوءِ مِنَ الرِّيحِ

- ‌116 - الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌117 - باب النُّعَاسِ

- ‌118 - الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ

- ‌119 - باب تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌120 - تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ

- ‌121 - تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنَ الْقُبْلَةِ

- ‌122 - باب الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

- ‌123 - باب تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ

- ‌124 - الْمَضْمَضَةِ مِنَ السَّوِيقِ

- ‌125 - الْمَضْمَضَةِ مِنَ اللَّبَنِ

الفصل: ‌103 - باب الإنتفاع بفضل الوضوء

‌103 - باب الإنْتِفَاعِ بِفَضْلِ الْوُضُوءِ

136 -

أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي حَيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا - رضى الله عنه - تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَ وَضُوئِهِ وَقَالَ: صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا صَنَعْتُ.

[رواته: 6]

1 -

سليمان بن سيف بن يحيى بن درهم أبو داود الطائي مولاهم الحرَّاني الحافظ، روى عن يزيد بن هارون ويعقوب بن إبراهيم بن سعد ويعلى بن عبيد الطنافسي وعبد الصَّمد بن عبد الوارث وغيرهم، وعنه النسائي كثيرًا وابنه الحسن بن سليمان وحفيده أبو علي أحمد بن محمَّد بن سليمان وأبو عوانة الإسفرائيني ومكحول البيروتي وغيرهم، ذكره ابن حِبَّان في الثقات ووثقه النسائي مات بحرَّان في نصف شعبان سنة 272 - رحمنا الله وإياه-.

2 -

سهل بن حماد العنقري أبو عتاب الدلال البصري، روى عن إبراهيم بن عطاء بن أبي ميمونة وشعبة وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة وعزرة بن ثابت وقرة بن خالد وغيرهم، وعنه علي بن المديني وحجاج بن الشاعر والحسن بن علي الخلال وزياد بن يحيى الحساني وعباس بن عبد العظيم وأبو داود الحراني وغيرهم عن أحمد: لا بأس به وعن ابن معين: لا أعرفه، قال أبو زرعة وأبو حاتم: صالح الحديث شيخ وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه العجلي والبزار ونقل ابن حجر عن عثمان الدارمي كلامًا مقتضاه أن ابن معين جهله وأن ابن عدي وافقه، فقال: ليس بمعروف قال ابن حجر رحمه الله: فأظن هذا غير سهل بن حماد أبي عتاب وإذا تحرر أن سهل بن حماد اثنان فقد تحرر أيضًا أن أبا عتاب اثنان والله أعلم بالصواب قال ابن قانع: مات سنة 208 وقال ابن حبان: سنة 206 - رحمنا الله وإياه-.

3 -

شعبة بن الحجاج: تقدم 26.

4 -

أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي: تقدم 42.

5 -

أبو حية الوادعي: تقدم 96.

6 -

علي رضي الله عنه: تقدم 91.

ص: 435

الحديث تقدم بأطول من هذا، وتقدم أنه يدل على طهارة فضل الوضوء من الماء وتقدم في 95 والذي قبله وأعاده المصنف تحت عنوان المسألة، وأدلتها في السنة كثيرة كحديث جابر وأبي جحيفة وغيرهما وسيأتي ذلك.

137 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَطْحَاءِ وَأَخْرَجَ بِلَالٌ فَضْلَ وَضُوئِهِ فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَنِلْتُ مِنْهُ شَيْئًا ورُكِزَتْ لَهُ الْعَنَزَةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَالْحُمُرُ وَالْكِلَابُ وَالْمَرْأَةُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

[رواته: 5]

1 -

محمَّد بن منصور تقدم أنه الخزاعي المعروف بالجواز المكي: تقدم 21.

2 -

سفيان شيخه ابن عيينه: تقدم 1.

3 -

مالك بن مغول البجلي: تقدم 127.

4 -

عون بن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي الكوفي، روى عن أبيه ومسلم بن رباح الثقفي وله صحبة والمنذر بن جرير البجلي وعبد الرحمن بن سمير ومخنف بن سليم وغيرهم، وعنه شعبة والثوري وقيس بن الربيع ومالك بن مغول وحجاج بن أرطاة وغيرهم، وثقه النسائي وابن معين وأبو حاتم وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة 116 والله أعلم.

5 -

أبوه أبو جحيفة وهب بن عبد الله السوائي ويقال له وهب الخير كان مِنْ صغار الصحابة وكان صاحب شرطة علي رضي الله عنه قيل مات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبلغ الحلم، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابنه عون وسلمة بن كهيل والشعبي والسبيعي مات سنة 74 ويقال إن عليًا سماه وهب الخير. فالله أعلم.

• التخريج

أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وأبو داود مختصرًا وأخرج الطيالسي طرفًا منه.

• اللغة والإعراب والمعنى

قوله: (شهدت) أي حضرت عند النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: (بالبطحاء) البطحاء مسيل الماء فيه دقاق الحصى قال جرير:

ص: 436

لنا البطحاء تَفعَمُهَا السواقى

ولم يك سيل أوديتي شعابا

وجمعه بطاح وبطحاوات، قال المري:

لنا الربع من بيت الحرام وراثة

وربع البطاح عند دار ابن حاتم

وأباطح. قال جرير:

وكائن بالأباطح من صديق

يراني لو أصبت هو المصابا

وقال الآخر:

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا

وسالت بأعناق المطى الأباطح

وقريش البطاح الذين يسكنون داخل مكة وقريش الظواهر يسكنون بظاهرها، وهم دون إخوتهم لأن الذي جمع قريشًا وهو قصى أسكن بني كعب بن لؤى داخل مكة وهم رهطه فكان لهم بذلك الفضل على من كان بظاهرها من قريش وهم بقية بني فهر بن مالك وبطحاء مكة وأبطحها واديها وهو منزله صلى الله عليه وسلم قال الخريت واسمه الحارث المخزومي:

طرقتك بين مسبح ومكبر

بحطيم مكة حيث كان الأبطح

فحسبت مكة والمشاعر كلها

وجبالها باتت بمسك تنفح

وهو أيضًا المحصب ومنى منه لأنها في أعلاه والأباطح بطون الأودية إذا اتسعت وانتشر فيها الماء قال ذو الرمة:

بحيث استفاض القنع غربي واسط

نهاء ومجت في الكثيب الأباطح

ومما ينسب لمعاوية رضي الله عنه:

نجوت وقد بل المرادي سيفه

من ابن أبي شيخ الأباطح طالب

والمحصّب هو منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتح وفي حجة الوداع التي كان فيها حديث أبي جحيفة هذا، وفي حديث أسامة بن زيد أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أين تنزل غدًا؟ فقال: منزلنا غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر وقوله: بالبطحاء أي حضرته ورأيته حال كونه نازلا بالبطحاء، قوله:(وأخرج بلال فضل وضوئه) الظاهر أنه ما زاد من الماء الذي كان يتوضأ منه أي يغترف منه لغسل أعضاء وضوئه ويحتمل أنه المتقاطر من أعضائه عند غسلها يجمعونه للتبرك به صلى الله عليه وسلم لكن حصول الماء من المتقاطر من أعضاء

ص: 437

الوضوء نادِرْ وإن حصل فشيء قليل وظاهر هذه الرواية لا يعطى هذا الاحتمال ولكن قوله: في الرواية الأخرى: "فخرج بلال بوضوئه" هو الذي يحتمله وقوله: (فابتدره) الفاء عاطفة وابتدر بمعنى بادر بعضهم إليه قبل البعض كاختصم واقتتل وقوله: (فَنِلت منه شيئًا) أي حصل لي منه شيء يسير وقوله: (وركزت) بالبناء للمجهول له العنزة وهي عصا في رأسها حديده تقدم أنها كانت تحمل بين يديه وإذا أراد الصلاة استتر بها لأن رأسها الذي فيه الحديده يدخل في الأرض وتبقى قائمة ومحل الشاهد من الحديث أخذ الناس لفضل وضوئه صلى الله عليه وسلم، لأنه دل على طهارة المتبقي بعد الوضوء من الماء وسيأتي الكلام على بقية الحديث في كتاب الصلاة إن شاء الله.

• فوائد الحديث

وفي الحديث حرص الصحابة على التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم بما يلابسه من الأشياء لما خصه الله به من مزيد الفضل والبركة على أمته صلى الله عليه وسلم وطهارة بقية الماء من الوضوء ومثله الغسل وقد تقدم ذلك.

138 -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ يَعُودَانِّي فَوَجَدَانِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَبَّ عَلَيَّ وَضُوءَهُ.

[رواته: 4]

1 -

محمَّد بن منصور الجواز الخزاعي: تقدم 21.

2 -

سفيان بن عيينة: تقدم 1.

3 -

محمَّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن عبد العزى بن عامر بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة التيمي أبو عبد الله ويقال: أبو بكر أحد الأئمة الأعلام، روى عن أبيه وعن عمه ربيعة وله صحبة وعن أبي هريرة وعائشة وأبي أيوب وأبي قتادة وأميمة بنت رقيقه وجماعة من الصحابة والتابعين، وعنه ابناه يوسف والمنكدر وابن أخيه إبراهيم بن أبي بكر بن المنكدر وابن أخيه عبد الرحمن وزيد بن أسلم وعمرو بن دينار وغيرهم كثير قال ابن عيينة: كان من معادن الصدق ويجتمع إليه الصالحون قال الحميدي:

ص: 438

حافظ ووثقه ابن معين وأبو حاتم وذكره ابن حبان في الثقات قال إبراهيم بن المنذر: غاية في الحفظ والإِتقان وقال ابن عيينة: ما رأيت أحدًا أجدر أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يسأل عمن هو من ابن المنكدر يعني لتحريه مات سنة 130 وقيل 131 وأنه كان بلغ من العمر 76 سنة وعلى هذا تكون روايته عن بعض من روى عنه من الصحابة مرسلة كعائشة وأبي هريرة وذكر ابن سعد عن أبي معشر حكايته أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فقال: إنه قد أصابتني جائحة فأعينيني فقالت: ما عندي شيء ولو كانت عندي عشرة آلاف لبعثت بها إليك فلما خرج من عندها جاءتها عشرة آلاف فقالت: ما أوشك ما ابتليت ثم أرسلت في أثره فدفعتها إليه فاشترى جارية بألف درهم فولدت له ثلاثة أولاد فكانوا عباد أهل المدينة محمَّد وأبو بكر وعمر فإن صح هذا فلا يصح ما ذكر في مولده وموته وإن صح ما ذكر في عمره فإنه لم يدرك عائشة كما لا يخفى لأنها ماتت قبل الستين وإن أدركها فهو صغير جدًا لأن غاية ما يقال إنه على مقتضى وفاته سنة 130 أو سنة 131 وعمره 76 أن يكون ولد قبل الستين بست سنين أو خمس سنين فالله أعلم وقد ذكر الترمذي أنه سأل البخاري عنه هل سمع من عائشة فقال: نعم، والله أعلم.

4 -

جابر بن عبد الله: تقدم 35.

• التخريج

أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي.

• اللغة والإِعراب والمعنى

قوله: (سمعت جابرًا يقول) فجملة يقول جملة حالية وجملة (مرضت) وما بعدها مقول القول (والمرض) اختلال البدن عن حالة الاعتدال وقد تقدم في شرح الآية وجملة (يعوداني) في محل نصب لأنها بمعنى عائدين فهي حالية أو بمعنى لأجل عيادتي فهي مفعول لأجله لأنها في تأويل مصدر معلل للفعل وهو أتاني؛ من عاد المريض إذا زاره وأصلها من المعاودة تكرار الشيء وفعله مرة بعد مرة وسيأتي فضل زيارة المريض وهي العيادة والعائد فاعلها والأنثى عائدة والجمع عوائد قال زيد الخيل رضي الله عنه:

ص: 439

أَلا رب يوم لو مرضت لعادني

عوائد من لم يشف منهن يجهد

والاسم العيادة: قال صخر بن عمرو بن الشريد:

أرى أم صخر لا تمل عيادتي

وملت سليمي مضجعي ومكان

قوله: (فوجداني قد أغمى علي) من وجد الشيء بمعنى حصله وأدركه وقوله: (قد أغمى علي) جملة في محل نصب على الحال والإِغماء ذهاب العقل والفاء في قوله: (فتوطأ) يحتمل أنها سببية ويحتمل أنها عاطفة وقوله: (فصب) الفاء عاطفة وقوله: (عليَّ وضوءه) أي الماء الذي توضأ به إما أنه كان يجمع ما تقاطر من الأعضاء أو يكون غسل أعضاء وضوئه في الماء الذي صبه عليه لتناله بركته صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن المراد بقية الماء وفيه بُعدٌ لأنه خلاف الظاهر وهذه الرواية مختصرة وفي الرواية الأخرى أنه أفاق وأنه سأله عن الميراث، فنزلت آية الكلالة أي التي في آخر سورة النساء قوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ، ومحل الشاهد طهارة الماء المتقاطر من أعضاء الوضوء والزائد بعد الوضوء على ما تقدم بيانه وتقدم أن الظاهر أنه الماء الذي غسل به أعضاءه، والله أعلم.

• الأحكام والفوائد

ويؤخذ من الحديث استحباب عيادة المريض وهي حق من حقوق المسلم على أخيه المسلم وسيأتي وفيه: كرم خُلقه صلى الله عليه وسلم وفضل أبي بكر بملازمته له صلى الله عليه وسلم، وفيه: طهارة ماء الوضوء على ما تقدم، وفيه: استعمال العلاج والتداوي وأن ذلك لا ينافي التوكل لأنه فعله سيد المتوكلين صلى الله عليه وسلم ولأن الأسباب المباحة ينبغي استعمالها ولكن على القاعدة من أنه يعلم أنه لا يكون إلا ما أراد الله وأن نجاح السبب وعدمه بيد الله وقد يكون ترك السبب فيه تعطيل لحكمة الله في ربط الأسباب بالمسببات وهو بحث معلوم، وفيه: التبرك بما لابس النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم ذلك وهو معدود من معجزاته كما أن الاستشفاء بماء الوضوء مخصوص به صلى الله عليه وسلم لأنه ليس كغيره من الناس لما جعل الله فيه من الخير والبركة لهذه الأمة ولهذا لم يؤثر هذا الفعل عن أحد من الصحابة ولا من السلف الصالح وهم أحرص الناس على الخير والإتباع، والله أعلم.

ص: 440