الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما بين لقمتها الأولى إذا انحدرت
…
وبين أخرى تليها قيس أظفور
وقد تقدم الكلام عليه في خصال الفطرة أول الكتاب.
وقوله: (نافلة له) أي زيادة في الأجر بعد تكفير السيئات.
• الأحكام والفوائد
الحديث دليل على فضل الوضوء وعلى أن الوضوء قربة كما تقدم وعلى وجوب غسل الرجلين وأن المسح لا يكفي في الوضوء إلا مع الخفين كما تقدم، وعلى أن الوضوء وغيره في الأعمال الصالحة تكفر السيئات كما قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ، وفي الحديث:"أتبع السيئة الحسنة تمحها".
لكن يشكل عليه ما جاء في حديث أبي هريرة: "كانت رجل تكتب له حسنات ورجل تمحى عنه سيئات". والرواية الأخرى "فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة" كما في صحيح مسلم ووجه الإِشكال، أن حديث الصنابحي دل على أن الخطايا تخرج مع الماء أو مع آخر قطر الماء وأن المشي إلى الصلاة نافلة. وحديث أبي هريرة دل على أن المشي يكفر السيئات فإذا خرجت الخطايا وهي السيئات وخروجها عبارة عن محوها أو غفرانها فما الذي يكفره المشي وكذلك كون الصلوات مكفرات وكون تأمين المأموم إذا وافق تأمين الملائكة غفر له ما تقدم وما جاء في صوم يوم عرفة أنه كفارة سنتين ويوم عاشوراء سنة. قال النووي:(والجواب ما أجاب به العلماء أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات ورفعت به درجات وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر) اهـ، قلت: إذا لم يوجد ما يكفر فالذي يغلب على الظن إن لم يقطع به أنه ترفع به الدرجات لأن من لم يوجد له ذنب لا صغيرة ولا كبيرة لا شك أن عمله أزكى عند الله وأعظم أجرًا غير أن هذه الأمور المتعلقة بالغفران ورفع الدرجات أمور توقيفية سمعية، والله أعلم.
86 - باب الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ
104 -
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ح وَأَخبرنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنِ
الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ بِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْخِفَّيْنِ وَالْخِمَارِ.
• التخريج
أخرجه مسلم وأبو داود ولكن قال عن أبي عبد الرحمن السلمي وفيه: "على عمامته وموقيْه" بدل "خُفّيه"، وأخرجه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وابن خزيمة في صحيحه، والترمذي، وابن ماجه، وفي مسند أحمد بلفظ:"امسحوا على الخفين والخمار" ورواه البيهقي في السنن.
• اللغة والإِعراب والمعاني
قوله: (رأيت رسول الله يمسح) تقدم نحو هذا وأن الرؤية بصرية والجملة حالية و (الخفَّان) تثنية خف ما يلبس في الرِجْل من جلد ساتر لمحل الفرض الذي يغسل في الوضوء وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله والمراد بقول بلال: (على الخمار) يعني العمامة كما تقدم في حديث المغيرة والخمرة والخمار ما يغطى به الرأس ومنه سمي غطاء رأس المرأة خمارًا قال الشاعر:
قل للمليحة في الخمار الأسود
…
ماذا صنعت براهب متعبد
ويقال: الخمر والخمرة بالكسر الهيئة كاللحفة من اللحاف والجمع خمر بالضم والسكون ومنه قول حسان رضي الله عنه:
تظل جيادنا متمطرات
…
يلطمهن بالخمر النساء
ويجمع على أخمرة. قال جرير:
هن الحرائر لا ربات أخمرة
…
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
والتخمير في الأصل التغطية ومنه تخمير الإِناء كما في الحديث وتخمر الشراب صار خمرًا يغطي العقل والخمر أيضًا الشجر الملتف لأنه يغطى من دخله، قال الشاعر:
ألا يا زيد والضحاك سيرا
…
فقد جاوزتما خمر الطريق
• الأحكام والفوائد
الحديث دليل على جواز المسح على الخفين في الوضوء وليس في هذه الرواية التصريح بأنه كان في الوضوء ولعلها جواب لمن سأل عن ذلك في
الوضوء لأنه لا معنى لذكر هذه الحالة إلا في الوضوء ويبين ذلك ما في حديث أسامة الآتي 119 ففيه التصريح بأن ذلك في الوضوء وقد اتفق علماء السنة على أنه جائز بل سنة بعد خلاف يسير كان في الصدر الأول سببه ما حصل من بعض الصحابة من توهم أن المسح منسوخ بالغسل ثم انعقد إجماعهم بعد ذلك عليه. وعلى أنه غير منسوخ ويأتي الكلام عليه إن شاء الله في بابه، ومحل الشاهد هنا أنه مسح على الخمار وهو العمامة كما تقدم، وفي الحديث دليل على ذلك واختلف العلماء في المسح على العمامة: فذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز المسح عليها بلا ضرورة بدون شيء من الرأس بل لابد من بعض الرأس قدر الواجب عندهم مسحه على اختلافهم في ذلك وهو قول عروة بن الزبير والقاسم بن محمَّد والشعبي والنخعي وحماد بن أبي سليمان وإليه ذهب مالك والشافعي وأهل الرأي واحتجوا بأن الأحاديث في المسح على العمامة محتملة وبعضها ظاهره يدل على أنه مسح بعض الرأس وكمَّل عليها كما في رواية المغيرة الآتية وردوا روايات المسح من غير ذكر بعض الرأس إلى هذه التي فيها ذكر بعضه.
وأيضًا فإن الأحاديث في ذلك الفعل محتملة لأن يكون المسح كان لعلَّةٍ.
قلت: والمشهور من مذهب الجمهور مالك وغيره أن لا يمسح عليها إلا من علَّة كالجبيرة وهو قول أكثر الفقهاء الشافعي وأبي حنيفة وغيرهم، وذهب جماعة آخرون إلى جواز المسح مطلقًا أعني على أي صفة كانت العمامة وهو مروي عن الثوري والأوزاعي. ووافقهم أحمد ولكن بشرط أن تكون خارجة عن هيئة عمائم أهل الذمة وغيرهم من أهل الأديان غير المسلمين وذلك بأن تكون محنّكة أي بعضها تحت الحنك لأن هذه صفة عمائم العرب وهي التي كانت من شعار المسلمين وقد سمَّى عمر التي لم تحنك بالفاسقية وله في المسح عليها شروط أُخر، وإذا لم تكن محنّكة فلا يجوز المسح عليها عنده إلا إذا كانت لها عذبة ففيها روايتان عنه: الجواز، وعدمه.
وقد نسب ابن المنذر الجواز أي جواز المسح إلى أبي بكر وعمر وأنس وأبي الدرداء وأبي أمامه وسعد بن مالك رضي الله عنهم كما نسب للطبري وابن خزيمة وعمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة ومكحول والأوزاعي وأبي ثور.
والظاهر من كلام ابن عبد البر أنه يرى أن الأحاديث فيها كلها معلولة. وقال: قد أخرج البخاري في الصحيح عنده وذكر حديث عمرو بن أمية قال: وقد بيّنا إسناده وعلته في كتابنا "الأجوبة على المسائل المستغربة في البخاري".
قلت: والظاهر والله أعلم أن القول بالجواز لكن مع بعض الرأس هو الأقوى من حيث الدليل، وأما الذي أراه فهو الأخذ بالأحوط في مثل هذا. والله أعلم. وهو أن لا يفعل الإِنسان في وضوئه إلا ما اتفق عليه العلماء أو الأكثرون منهم أنه مجزّء.
105 -
وَأَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْجَرَائِيُّ عَنْ طَلْقِ بْنِ غَنَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنْ بِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
• [رجاله: 8]
1 -
الحسين بن عبد الرحمن الجرجرائي روى عن الوليد بن مسلم وطلق بن غنام وابن نمير وخليفة بن تميم وغيرهم وعنه أبو داود والنسائي وأحمد بن علي الآبار وابن ماجه وجعفر الفريابي وغيرهم ذكره ابن حبان في الثقات وقال: حدثنا عنه أهل واسط قال ابن حجر: قال أبو حاتم: مجهول فكأنه ما أخبر أمره، مات 253 والله أعلم.
2 -
طلق بن غنام بن طلق بن معاوية النخعي أبو محمَّد الكوفي روى عن أبيه وشبيان بن عبد الرحمن وقيس بن الربيع ومالك بن مغول وابن عمه حفص بن غياث وغيرهم وعنه البخاري وروى له الأربعة بواسطة عثمان بن أبي شيبة وأحمد بن إبراهيم الدورقي وأبو كريب وآخرون ذكره ابن حبان في الثقات وقال ابن سعد: كان ثقة صدوقًا ووثقه العجلي وابن نمير والدارقطني وعثمان بن أبي شيبة وقال: صدوق لم يكن بالمتبحّر في العلم، وقال ابن حزم وحده: ضعيف.
قلت: ولا اعتبار بمثل هذا كما لا يخفى والله أعلم.
3 -
زائدة بن قدامة: تقدّم 91.
4 -
حفص بن غياث بن طلق بن معاوية بن مالك بن الحارث بن ثعلبة
النخعي الكوفي قاضيها أبو عمرو قاضي قضاة بغداد أيضًا روى عن جده إسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وعاصم الأحول وغيرهم وعنه أحمد وإسحاق وعلي وابنا أبي شيبة وابن معين وأبو داود الحفري وأبو نعيم وأبو خيثمة وجماعة منهم يحيى القطان وهو من أقرانه وثقة ابن معين والعجلي وقال: مأمون فقيه كان وكيع ربما سئل عن شيء فقال اذهبوا إلى قاضينا فاسألوه وعن ابن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول: أوثق أصحابنا حفص بن غياث، قال يعقوب: ثقة ثبت ووثقه النسائي وابن خراش وبالجملة كان من جلّة أهل الحديث وثناء الناس عليه كثير. مولده سنة 117، ومات سنة 194 أو 195 أو 196 والله أعلم.
5 -
الأعمش سليمان بن مهران: تقدّم 18.
6 -
الحكم بن عتيبة: تقدّم 104.
7 -
عبد الرحمن بن أبي ليلى: تقدّم 104.
8 -
البراء بن عازب بن الحارث بن مجدّعة بن حارثة الأوسي أبو عمارة ويقال أبو عمرو ويقال أبو طفيل المدني الصحابي نزل الكوفة ومات بها زمن مصعب بن الزبير، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي أيوب وبلال وغيرهم، وعنه عبد الله بن يزيد الخطمي وأبو حجيفة ولهما صحبة وأبناء البراء عبيد ولوط والربيع وزيد وابن أبي ليلى وعدي بن ثابت وآخرون قيل إنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم 15 غزوة. وأول غزوة شهدها أحد، وقيل الخندق وهو الصواب لأنه استصغر يوم أحد هو وابن عمر، وشهد الجمل مع علي وصفين والنهروان وفتح الري في زمن عمر ومات سنة 72 هـ والله أعلم.
8 -
بلال بن رباح: تقدّم 104.
هذه إحدى روايات بلال لهذا الحديث وهي مختصرة لم يذكر فيها مسح العمامة.
106 -
أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ بِلَالٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ وَالْخُفَّيْنِ.