الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم المصلي كما جاء في الحديث: "كان في صلاة ما انتظر الصلاة مادامت الصلاة تحبسه".
• الأحكام والفوائد
الحديث فيه دليل على فضل الوضوء وأنه قربة كما تقدّم وعلى فضل وتأكد إسباغ الوضوء لاسيما في الوقت الذي يشق فيه ذلك، وفيه: فضيلة التردد على المسجد لأداء الصلاة فيه وفضل الجلوس فيه لانتظار الصلاة وكذا تعلّق القلب به حتى يحضر وقت الصلاة وعلى أن فعل الحسنات تكفر به السيئات وقد تقدّم، غير أن الأكثرين على أن ذلك خاص بالصغائر دون الكبائر فإنه لابد فيها من التوبة النصوح وعلى أن درجات العباد في القيامة متفاوتة وأن أرفعهم درجة أكثرهم عبادة وعلى أن العالم ينبغي له أن يرغب الناس في فعل الخير ويحثّهم عليه ويذكر لهم ما وعد الله به على العمل من الخير والفضل وفي تنبيههم بالْعَرْضِ الحرص على ما يكون أدعى للقبول وضبطهم لما يقال لهم لأنه الغرض المطلوب وفيه: إعادة الكلام للإهتمام به أو ليكون أدعى لضبط السامعين له وهو مستحسن في مثل هذا.
108 - ثَوَابِ مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ
144 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُمْ غَزَوْا غَزْوَةَ السَّلَاسِلِ فَفَاتَهُمُ الْغَزْوُ فَرَابَطُوا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ أَبُو أَيُّوبَ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ عَاصِمٌ: يَا أَبَا أَيُّوبَ فَاتَنَا الْغَزْوُ الْعَامَ وَقَدْ أُخْبِرْنَا أَنَّهُ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسَاجِدِ الأَرْبَعَةِ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَدُلُّكَ عَلَى أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ وَصَلَّى كَمَا أُمِرَ غُفِرَ لَهُ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ أَكَذَلِكَ يَا عُقْبَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ".
• [رواته: 7]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدّم 1.
2 -
الليث بن سعد: تقدّم 35.
3 -
أبو الزبير محمد مسلم بن تدرس المكي: تقدّم 35.
4 -
سفيان بن عبد الرحمن بن عاصم بن سفيان الثقفي المكي، روى عن جدُّه عاصم بن سفيان بن عبد الله وداود بن أبي عاصم، وعنه عبد الرحمن بن لاحق المكي وأبو الزبير المكي ذكره ابن حبان في الثقات له في النسائي وابن ماجه حديث واحد أي وهو هذا الحديث:"من توضأ كما أمر. ." الحديث. وسمّاه ابن ماجه سفيان بن عبد الله والله أعلم.
5 -
عاصم بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة الثقفي، روى عن أبيه وعمر وأبي ذر وأبي أيوب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر الجهني وعنه ابنه بشر وابن ابنه سفيان بن عبد الرحمن وعمرو بن شعيب ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة وذكره ابن حبان في الثقات وذكر ابن حجر أنه وقع للبغوي في الصحابة حديث من طريق بشر بن عاصم عن أبيه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا قال ابن حجر: فغلب على ظني أنه غير المخرج له في السنن يعني غير هذا الذي روى بعض أصحاب السنن حديثه بل هو شخص آخر إن ثبت الحديث لأن هذا تابعي وليس بصحابي والله أعلم.
6 -
أبو أيوب خالد بن زيد: تقدّم 20.
7 -
عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودعة الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلف في كنيته على أقوال سبعة أو تزيد أبو عبس وأبو أسد وأبو الأسود وأبو حماد وأبو سعاد وأبو عامر وأبو عمرو وغير ذلك، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه أبو أمامة وابن عباس وقيس بن أبي حازم وجبير بن نفير وبعجة بن عبد الله الجهني وغيرهم وليّ إمرة مصر من قبل معاوية سنة 44، ثم عزله قال خليفة: توفي سنة 58، ودفن على قول الواقدي بالمقطم وأثنى عليه ابن سعد وقال: إن مصحفهُ بمصر إلى وقته وأنه بغير التأليف الذي في مصحف عثمان وفي آخره بخطه وكتب عقبة بن عامر بيده ولما أراد معاوية عزله كتب إليه أن يَغْزو رودس وأرسل مسلمة بن مخلد أميرًا فلما خرج عقبة استولى مسلمة على الإِمارة فبلغ ذلك عقبة فقال سبحان الله أعزلًا وغربة وذلك في ربيع الأول سنة 47، ونقل عنه أنه كان يصبغ بالسواد، ويقول:
نسود أعلاها وتأبى أصولها
…
ولا خير في الأعلى إذا فسد الأصل
• التخريج
أخرجه ابن ماجه والدارمي وأحمد وابن حبان في صحيحه.
• اللغة والإعراب والمعنى
قوله: (غزوا غزوة السلاسل) وهو اسم للمحل الذي غزاه المسلمون والمعروف بهذا الإِسم موضع في بلاد جذام مما يلي الحجاز من أطراف الشام سمي بماء هناك والسلاسل بالضم والفتح يطلق على الماء العذب وعلى الرمل المتتابع وهذا الموضع مشهور عند الناس وعلى ألسنة الشعراء، قال جرير:
تحن قلوصي في الركاب وشاقها
…
وميضٌ على ذات السلاسل لامع
فقلت لها حنيِّ رويدًا فإنني
…
إلى أهل نجد من تهامة نازع
وقال حسان رضي الله عنه:
أجدك لم تبهج لرسم المنازل
…
ودار ملوك فوق ذات السلاسل
وهذا المكان قد كانت فيه غزوة مشهورة عند أهل السيرة والمغازي وعند أهل الحديث وهي سرية عمرو بن العاص إلى قضاعة وفيها كانت قصة صلاته بأصحابه وهو جنب بالتيمم وحديثه ثابت في السنن وسيأتي غير أن هذه الغزوة المذكورة في هذا الحديث في زمان معاوية وذات السلاسل إذ ذاك بلد إسلام ولعل في بلاد الروم محل يسمّى بهذا الإِسم وقد سمَّى بعض المسلمين وقعة الكواظم بالعراق وهي أول وقعة بين المسلمين والفرس فتسلسل فيها بعض من الفرس أي قرنوا أنفسهم بالسلاسل، فلذلك سماها بعض المسلمين وقعة السلاسل بدون ذات وهي أيضًا في أول سنة 12، في خلافة الصديق رضي الله عنه فلا يمكن أن تكون المرادة هنا ولذا قال ابن حبان رحمه الله: غزوة ذات السلاسل كانت في أيام معاوية وكانت في أيام النبي صلى الله عليه وسلم فجزم رحمه الله: بأنها كانت في أيام معاوية غزوة تسمى بهذا الإِسم كما دل عليه هذا الحديث ولكن لم يبيّن محلها ولعل معتمده في ذلك على هذا الحديث مع عدم معرفة ذلك في كتب التاريخ التي هي متداولة بين الناس ولا في كتب البلدان، وأبو أيوب مات في غزوة القسطنطينية الأولى وهي أول غزو المسلمين لها وكان القائد يزيد بن معاوية وذلك في سنة 49. وقيل: كان موته بعد الخمسين ومن ولاية معاوية على الشام إلى هذا التاريخ لا تعرف غزوة بهذا الإِسم والله أعلم.
وقوله: (فرابطوا) هكذا في رواية المصنف وعند ابن حبان فأبطئوا أي تأخروا وهو أشبه بالصواب وأما رواية فرابطوا إن صحت فهي محمولة على أنهم جلسوا في بعض الثغور مدة ولكن السياق يقوي رواية أبطئوا لأن البطء وهو التأخير يسبّب الفوات.
وقوله: (في المساجد الأربعة) قال ابن حبان المراد بها المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى ومسجد قباء وهذا كالمتعين لأنه لا يعرف للمساجد الثلاثة رابع له فضل إلا مسجد قباء.
وقوله: (يا بن أخي) هذا من الأدب المستحسن في الخطاب وهو ابن أخيه في الدين.
وقوله: (أدلك) أي أنا أدلك على أيسر، أي: أسهل، وأقل مشقة من ذلك أي: من السفر للصلاة في هذه المساجد وهذا ظاهره أن أبا أيوب لم يرد عليه قوله من صلى في المساجد إلخ، ولا أعرف لذلك أصلًا، فيحتمل أنه أراد إرشاده مع عدم معرفته لصحة ذلك أنه شك في صحة ما قال فأخبره بما هو صحيح لا يشك في صحته وهو لا يحتاج إلى سفر ومشقة وممكن لكل أحد في كل وقت.
وقوله: (توضأ كما أمر) بالبناء للمجهول أي كما أمره الله وبيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (من توضأ) من شرطية والجواب: قوله: (غفر له ما قدَّم).
وقوله: (أكذلك) استفهام من أبي أيوب لعقبة لعلمه أن عقبة قد حضر الحديث وسمعه وذلك ثابت عنه في الصحيح فشهد له عقبة ليؤكد ذلك للسامعين وتقدّم أن إطلاق المغفرة أي للذنوب مقيّد بالصغائر دون الكبائر عند الأكثرين وبشرط اجتنابها فالأحاديث الواردة في ذلك وقول الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} مقيّد لهذا الإِطلاق ونحوه.
• الأحكام والفوائد
دل الحديث على فضل إتقان الوضوء والإتيان به على الوجه الأكمل وعلى حرص الصحابة على إرشاد المسلمين إلى أمور الدين والتنبيه على
الأيسر منها على الناس وعلى سعة فضل الله ورحمته لهذه الأمة وقد قال صلى الله عليه وسلم: "يسّروا ولا تعسّروا وبشروا ولا تنفروا" وقال عليه السلام: "ولا يهلك على الله إلا هالك".
145 -
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَان أَخْبَرَ أَبَا بُرْدَةَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عز وجل فَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ".
• [رواته: 6]
1 -
محمد بن عبد الأعلى: تقدّم 5.
2 -
خالد بن الحارث الهجيمي: تقدّم 47.
3 -
شعبة بن الحجاج: تقدّم 26.
4 -
جامع بن شداد المحاربي أبو صخر الكوفي، روى عن صفوان بن محرز وطارق بن عبد الله المحاربي وعبد الرحمن بن يزيد النخعي وجماعة، وعنه الأعمش ومسعر وشعبة والثوري والمسعودي وأبو العميس وثقه النسائي وأبو حاتم وابن معين ويعقوب بن سفيان وقال: متقن وقال العجلي: شيخ عالي، ثقة من قدماء شيوخ الثوري وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة 118، والله أعلم.
5 -
حمران بن أبان: تقدّم 84.
6 -
عثمان بن عفان رضي الله عنه: تقدّم 84.
• التخريج
أخرجه مسلم والبخاري بلفظ: "لا يتوضأ رجل يحسن وضوءه" وأخرجه أحمد والطيالسي وللدرامي وأحمد نحوه من حديث سلمان الفارسي وتقدّم ما يدل عليه في الحديث قبله. وقوله: (فالصلوات الخمس كفّارات لما بينهن) يعني مكفّرات لذنوب العبد الذي يتم الوضوء على الوجه المطلوب وسيأتي الكلام على ذلك في الصلاة.
146 -
أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّ عُثْمَانَ - رضى الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا مِنِ امْرِئٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يُصَلِّيَهَا".
• [رجاله: 6]
1 -
قتيبة بن سعيد: تقدّم 1.
2 -
مالك بن أنس: تقدّم 7.
3 -
هشام بن عروة: تقدّم 61.
4 -
عروة بن الزبير: تقدّم 44.
5 -
حمران بن أبان: تقدّم 84.
6 -
عثمان رضي الله عنه: تقدّم 84.
• التخريج
أخرجه مسلم ولأحمد نحوه من حديث عثمان وأبي أمامة وأخرجه ابن حبان وفي رواية له: (ما من امرئ تحضره الصلاة المكتوبة فيحسن وضوءها وركوعها وخشوعها إلا كانت كفّارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة وذلك الدهر كله) والحديث، والأحاديث كلها تدل على أن الوضوء قربة ومن أدلها على ذلك الأمر به عند النوم وذلك يقوي قول الجمهور باشتراط النية فيه وقد تقدّم ذلك، وفيه دليل على ما قدّمنا من تخصيص عموم التكفير بالصغائر دون الكبائر وذلك صريح في رواية ابن حبان المشار إليها.
147 -
أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو طَلْحَةَ نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ قَالُوا: سَمِعْنَا أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الْوُضُوءُ؟ قَالَ: أَمَّا الْوُضُوءُ فَإِنَّكَ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَغَسَلْتَ كَفَّيْكَ فَأَنْقَيْتَهُمَا خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ بَيْنِ أَظْفَارِكَ وَأَنَامِلِكَ فَإِذَا مَضْمَضْتَ وَاسْتَنْشَقْتَ مَنْخِرَيْكَ وَغَسَلْتَ وَجْهَكَ وَيَدَيْكَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسَحْتَ رَأْسَكَ وَغَسَلْتَ رِجْلَيْكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ اغْتَسَلْتَ مِنْ عَامَّةِ
خَطَايَاكَ فَإِنْ أَنْتَ وَضَعْتَ وَجْهَكَ لِلَّهِ عز وجل خَرَجْتَ مِنْ خَطَايَاكَ كَيَوْمَ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: فَقُلْتُ: يَا عَمْرُو بْنَ عَبَسَةَ انْظُرْ مَا تَقُولُ أَكُلُّ هَذَا يُعْطَى فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي وَدَنَا أَجَلِي وَمَا بِي مِنْ فَقْرٍ فَأَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَقَدْ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
• [رواته: 9]
1 -
عمرو بن منصور النسائي الحافظ أبو سعيد، روى عن عفان وموسى بن داود الضبي والهيثم بن خارجة وأبي همام الدلال ومسلم بن إبراهيم وعبد الله بن يوسف التنيسي وأحمد بن حنبل وخلق غيرهم، وعنه النسائي فأكثر وعبد الله بن محمَّد بن سيار والقاسم بن زكرياء المطرز قال النسائي: ثقة ثقة مأمون ثبت والله أعلم.
2 -
آدم بن أبي إياس واسمه عبد الرحمن بن محمَّد ويقال ابن ناهية بن شعيب الخراساني أبو الحسن العسقلاني نشأ ببغداد وارتحل لطلب الحديث فاستوطن عسقلان إلى أن مات روى عن ابن أبي ذئب وشعبة وشيبان النحوي وحماد بن سلمة والليث وورقاء وجماعة وعنه البخاري والدارمي وابنه عبيد بن آدم وأبو حاتم وأبو زرعة الدمشقي ويزيد بن محمَّد وآخر من روى عنه إسحاق بن إسماعيل الرملي نزيل أصبهان قال أحمد: كان مكينًا عند شعبة وثقه أبو داود وابن معين. وقال: ربما حدث عن قوم ضعفاء ووثقه أبو حاتم وقال: مأمون وقال النسائي: لا بأس به وقال العجلي: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات مات سنة 220، أو سنة 221، وقيل إنه نيف على التسعين والله أعلم.
3 -
الليث بن سعد: تقدّم 35.
4 -
معاوية بن صالح: تقدّم 62.
5 -
أبو يحيى سليم بن عامر الكلاعي الخبائري نسبة إلى بطن من حمير الحمصي روى عن أبي أمامة وعبد الله بن الزبير وعوف بن مالك والمقداد بن الأسود وجماعة من الصحابة وعنه صفوان بن عمرو وجرير بن عثمان ومعاوية بن صالح الحضرمي ويزيد بن حمير وآخرون وثقه العجلي وقال
أبو حاتم: لا بأس به. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة مشهور ووثقه النسائي وابن سعد وقال: قديم معروف وذكره ابن حبان في الثقات ونبه ابن حجر رحمه الله على أن النسبة للكلاعي لا تجامع النسبة للخبائر لأن كلًا منهما معروف غير الآخر.
قلت: يحتمل أنه منسوب إلى أحدهما بالإِصالة وللآخر بالحلف وله نظائر في النسب ويحتمل أن كلًا منهما يجتمعان في أصل في النسب فينسب أحيانًا لهذا وأحيانًا لذلك والله أعلم. مات سنة 130، -رحمنا الله وإياه-.
6 -
ضمرة بن حبيب بن صهيب الزبيدي أبو عتبة الحمصي، روى عن شداد بن أوس وأبي أمامة الباهلي وعوف بن مالك وعبد الرحمن بن عمرو السلمي وعبد الله بن زغب الإِيادي وغيرهم، وعنه ابنه عتيبة ومعاوية بن صالح الحضرمي وأبو بكر بن أبي مريم وآخرون وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة 130، وكان مؤذّن الجامع بدمشق.
7 -
أبو طلحة نعيم بن زياد الشامي الأنماري، روى عن بلال المؤذن وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وأبي كبشة وأبي أمامة وغيرهم من الصحابة، وعنه مكحول الشامي ومعاوية بن صالح قال علي بن المديني: معروف ووثقه النسائي وذكره ابن حبان في الثقات ووثقه العجلي والله أعلم.
8 -
أبو أمامة صدي بن عجلان بن وهب ويقال ابن عمرو الباهلي الصحابي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة بن الجراح وعبادة بن الصامت وعمرو بن عبسة وغيرهم، وعنه سليمان بن حبيب المحاربي وشداد بن عمار الدمشقي ومحمد بن زياد الألهاني وأبو سلام الأسود وغيرهم سكن الشام وهو آخر من مات من الصحابة بالشام واختلفوا في سنة يوم مات قيل 91، ولكن روى عنه أنه حضر حجة الوداع وهو ابن ثلاثين سنة فعلى هذا يكون قد جاوز المائة لأنه مات سنة 81، وقيل سنة ست وثمانين وهو أبعد من الأول.
9 -
عمرو بن عبسة بن عامر بن خالد بن غاضرة بن عتاب بن امرئ القيس بن بهتة بن سليم السلمي أبو نجيح وقيل أبو شعيب وقيل غير ذلك في نسبه، أسلم قديمًا بمكة وكان أخا أبي ذر لأمه، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابن مسعود وسهل بن سعد وأبو أمامة الباهلي ومعدان بن أبي طلحة اليعمري
وأبو عبد الله الصنابحي وشرحبيل بن السمط وكثير بن مرة وسليم بن عامر وعبد الرحمن بن البيلماني وعبد الرحمن بن عائذ وأبو طلحة الكلاعي وأبو سلام الأسود وعبد الرحمن بن يزيد بن موهب وجبير بن نفير وآخرون، قال الواقدي: أسلم بمكة ثم رجع إلى بلاد قومه، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالمدينة وقال ابن سعد: يقولون إنه رابع أو خامس في الإِسلام.
قلت: وفيه نظر لأن أبا بكر أول من أسلم من الرجال وفي صبيحة إسلامه جاء بجماعة من الصحابة أسلموا على يديه، كما هو معروف في موضعه وقال أبو نعيم: كان قبل أن يسلم يعتزل عبادة الأصنام وقال الحاكم: أبو أحمد نزل الشام وقال غيره: مات بحمص وله عند مسلم حديث إسلامه قال ابن حجر: كانت وفاته في آخر خلافة عثمان فيما أظن فإني ما وجدت له ذكرًا في الفتنة ولا في خلافة معاوية اهـ.
• التخريج
أخرجه مسلم وأخرجه ابن خزيمة بأطول من هذا في باب الدليل على الأمر بالوضوء قبل نزول الآية وأخرجه ابن ماجه مفرّقًا أوله في باب ما جاء في الساعات التي نهى عن الصلاة فيها والباقي منه في باب الطهارة في ثواب الطهور لكن من رواية ابن البيلماني وللدارقطني بلفظ: "ما منكم من رجل" إلخ.
• اللغة والإعراب والمعاني
قوله: (كيف الوضوء) تقدّم الكلام على لفظ كيف في حديث عبد الله بن زيد 20. وأنها اسم استفهام ومبني على الفتح يكون في محل رفع أحيانًا وأحيانًا يكون في محل نصب وهو هنا في محل رفع خبر مقدّم وتقدّم أنه في مثل هذا يجوز فيه أن يكون في محل نصب على الحال فعلى الأول: التقدير الوضوء كيف وعلى الثاني: الوضوء يكون على أي حال أي في الأجر والثواب كما دل عليه الجواب فإنه دل على أن السؤال عن الأجر فيه.
وقوله: (أما الوضوء) أما حرف يدل على الشرط والتفصيل وعند سيبويه أنه يقوم مقام أداة الشرط وفعل الشرط وأنه بمعنى مهما يكن كما قال ابن مالك -رحمه الله تعالى-:
أما كمهما يك من شيء وفا
…
لتلو تلوها وجوبًا ألفا
وحذف ذي الفاء قل في نثر إذا
…
لم يك قول معها قد نبذا
فأخبر أن الفاء تلزم مع جوابها لأنه جواب الشرط وأن حذفها في النثر قليل ولذا خصّصه بعضهم بضرورة الشعر كقول الشاعر:
فأما القتال لا قتال لديكم
…
ولكن سيرًا في عراض المواكب
فحذف الفاء والتقدير فلا قتال لديكم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "أما الوضوء: فإنك" فأدخل الفاء في جوابها على الأصل وعندهم أن حق الفاء أن تكون داخلة على الإِسم بعدها ولكنهم يقولون إنهم كرهوا أن تلي أما فأخّروها إلى الخبر وهذا على ما جرت به عادة النحويين في تعليل مثل هذا تقريبًا للذهن وضبطًا للقواعد التي اصطلحوا عليها لحفظ اللغة وإلا فوضع العرب لكلامها لم يكن فيه مراعاة لشيء والمرفوع بعدها مبتدأ مخبر عنه فالوضوء مبتدأ وخبره الجملة من إن وما دخلت عليه وتقدّم الكلام عليها في حديث عباس 31. وتقدّم الكلام علي إذًا وجواب الشرط بعدها أول الكتاب في الكلام على الآية. وجوابها: أي "إذا" هنا قوله: (خرجت).
وقوله: (فإنك) جواب لأما الوضوء، وهذا الجواب من النبي- صلى الله عليه وسلم على سؤاله وهو يدل على أن سؤاله إنما كان عن الأجر:(إذا توضأت) أي شرعت في الوضوء فعبّر بالماضي والمراد الشروع في الفعل بدليل ما بعده.
(فَغَسَلْتَ): الفاء عاطفة و (كفيك) تثنية كف وهو دليل لما تقدّم من البداءة بهما ولو كان الشخص ليس قريب عهد بالنوم (فأنقيتهما) أي أحكمت وأجدت غسلهما حتى تكونا نقيتين (خرجت) جواب إذا كما تقدّم وهذا توضيح للمراد بقوله: (توضأت) وتقدّم الكلام على الخطايا وخروجها كناية عن غفرانها وقد تقدّم أن المراد الصغائر دون الكبائر.
وقوله: (من بين أظفارك) وتقدّم الكلام على الظفر في حديث خصال الفطرة.
وقوله: (أناملك) الأنامل جمع أنملة وفيها تسع لغات تثليث الهمزة مع تثليث الميم فتضرب حركات الهمزة الثلاث كل واحدة في حركات الميم وفي اللسان أنها بالفتح واقتصر عليه ولكن ذكر فيها القاموس ما ذكرنا من الأوجه
وهي طرف الأصبع الذي فيه الظفر وتجمع أيضًا جمع سلامة على أنملات وباقي الألفاظ تقدّم شرحها.
وقوله: (اغتسلت من عامة خطاياك) اغتسلت منها بمعنى غفرانها كأنها وسخ غسل، والعرب تكنّى عن الذنب والفعل الذي ليس يستحسن بالوسخ كما في قول الراجز:
اللهم إن عامر بن فهم
…
أوذم حجًا في ثيابٍ دُسْم
وتقدّم في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغسل خطاياي الحديث".
وقوله: (عامة) من ألفاظ التوكيد للعموم وأصلها عاممة بوزن فاعلة قال ابن مالك رحمه الله:
واستعملوا أيضًا ككل فاعلة
…
من عم في التوكيد مثل النافلة
وعامة الشيء جميعه والعامة والكافة والعافية والعاقبة ألفاظ لا تثنى ولا تجمع لأنها في الأصل مصادر.
وقوله: (فإن أنت) إن أداة شرط يجب تقدير الفعل بعدها يفسّره المذكور.
وقوله: (وضعت وجهك) يعني صليت فسجدت لله والمراد به الصلاة بعد الوضوء كما تقدّم في حديث عثمان وغيره.
وقوله: (كيوم ولدتك أمك) تشبيه في محو الذنوب كأنها لم تكن وكأن الإِنسان في حال رفع القلم عنه فهي مبالغة في محو الذنوب والسلامة من تبعتها والكاف في محل نصب نعت لمصدر محذوف والتقدير خروجًا مثل خروجك يوم ولدتك وداخلة في الأصل على محذوف وهو خروجك.
وقوله: (يوم ولدتك أمك) الظرف هنا يحتمل أن يكون مجرورًا معربًا ويحتمل أنه مبني في محمل نصب وبناؤه على الفتح كما هو الغالب في مثله من الظروف والمختار فيه هنا البناء لأن بعده فعل مبني على القاعدة المشار لها بقول ابن مالك رحمه الله:
وابن أو أعرب ما كإذ قد أجريا
…
واختر بنا متلو فعل بُنِيَا
والمعنى إذا فعلت ذلك تكون طاهرًا من الذنوب كطهارتك منها حين ولدتك أمك فهو مبالغة في الخروج من الذنوب وقول أبي أمامة (انظر ما تقول)
يحتمل أن ما مصدرية والتقدير انظر في قولك ويحتمل أنها موصولة والتقدير انظر في الذي تقوله والمعنى واحد والجملة في الوجه الأخير صلة الموصول، وإنما أراد التثبت خشية الغلط والنسيان وكأنه استعظم ما ذكر من الثواب على الوضوء والصلاة بعده ولعله لم يكن سمع شيئًا من الأحاديث المتقدّمة في هذا المعنى وهو لعمر الله فضل عظيم وخير جسيم فنسأل ربنا التوفيق ونحمده على نعمة الإِسلام، وهذا من أبي أمامة نظير ما يأتي عن عمر من قوله لعمار في التيمم وكذا قوله لأبي موسى في السلام ثلاثًا وقول عمر بن عبد العزيز لعروة: إعلم ما تحدث به يا عروة. ونحو ذلك مما يراد به التثبّت وإن كان المتكلم يعلم صدق القائل ولهذا لما قال أبيّ لعمر في قصته مع أبي موسى: "يا بن الخطاب لا تكن نقمة على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم غفرًا إنما أردت التثبت".
وقوله: (أكل هذا) أكل يحتمل الرفع على أنه مبتدأ والخبر الجملة بعده والأصح والمختار فيه أن يكون نائب فاعل لفعل مقدّر بعد الهمزة أو منصوبًا به على قاعدة الإِشتغال لأنه إذا كان قبل الإِسم أداة تلي الفعل في الغالب كان النصب أرجح هذا على رأي من يرى أن الأكثر في أداة الإستفهام أن يليها الفعل.
وقوله: (يعطى) أي يعطيه الله في مجلس واحد وقول عمرو أما بالتخفيف وفتح الهمزة حرف استفتاح بمنزلة ألا وهي كثيرًا ما تأتي قبل القسم، كقول الشاعر:
أما والذي أبكي وأضحك والذي
…
أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى
…
أليفين منها لا يروعهما النفر
وذكر ابن هشام أنها قد تبدل همزتها هاء فتقول هما أو عينًا وتكسر همزة إن بعدها كما تكسر بعد ألا الإِستفتاحية وهذا أحد معنييها والثاني: أن تكون بمعنى حقًا أو أحقًا على خلاف في ذلك وتفتح بعدها همزة أن كما تفتح بعد حقًا كما في قول الشاعر:
أحقًا أن جيرتنا استقلوا
…
. . . .
وهي مع حقًا مختلف فيها، فعند بعضهم أنها حرف، وقال جماعة: إنها اسم بمعنى حقًا، والقول الثالث: إنها كلمتان الهمزة للاستفهام، وما اسم بمعنى شيء، وذلك الشيء حق، فالمعنى: أحقًا، هذا الوجه رجحه ابن هشام
فيها، النصب على الظرفية المجازية كأن الحق مكان فأصل الظرف اسم الزمان أو المكان المضمن معنى في وليس هذا واحدًا منهما ولكن جعل ظرفًا مجازًا وقد تكون عند بعضهم أما حرف عرض وهو قول المالقي بمنزلة ألا فَتَخْتَصُّ بالفعل نحو أما تقوم وأما تقعد وقد تحذف هذه الهمزة كقول الشاعر:
ما ترى الدهر قد أباد معدًا
…
وأباد السراة من عدنان
وقوله: (لقد كبرت سني) اللام لام التوكيد بعد القسم وقد للتحقيق وكبرت بكسر الباء يقال كبرت سنه وكبر الإِنسان كلها بالكسر إذا أريد العمر فإن أريد الحجم وزيادته قيل كبر بضم الباء.
وقوله: (دنا) يدنو إذا قرب، والأجل لا يعلمه إلا الله ولكن العادة أن الإِنسان إذا كبرت سنه وتقدّم في العمر أن يكون مظنة نزول الموت به أكثر كما قال الشاعر:
إذا الرجال ولدت أولادها
…
وفنيت من كبر أجسادها
وجعلت أمراضها تعتادها
…
تلك زروع قد دنا حصادها
والأجل الوقت المعينّ للشيء يكون فيه والمراد دنا أجل موتي.
وقوله: (ما بي من فقر) الجار والمجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم ومن زائدة وفقر على أن ما عامله عمل ليس اسمها وعلى أنها مهملة فهو مبتدأ وعلى كل فهو مجرور لفظًا مرفوع محلًا وهذا على القول بجواز تقديم خبر ما المجرور والمعنى إن دواعي الكذب التي تدعو الإِنسان إلى الكذب في الغالب بعيدة عني لا أنّ الكذب يباح للفقير أو لغير الكبير السن فالكذب ولو مع الفقر والشبيبة قبيح شرعًا وطبعًا محرم كتابًا وسنّة، أي: لست فقيرًا فأحدث بالكذب لأنال بذلك شيئًا من الدنيا عند الناس وهذا توكيد منه رضي الله عنه لبعده عن التهمة بالكذب والفاء في قوله: (فأكذب) سببية أي بسبب الفقر.
وقوله: (سمعته أذناي ووعاه قلبي) أي سمعته بلا واسطة ووعيته حفظته فلم أنس، ووعاه يعيه حفظه ومنه قوله تعالى:{وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} .
وقوله صلى الله عليه وسلم: "فيفصم عني وقد وعيت ما قال"، يعني عند نزول الوحي عليه.
وأوعيت المتاع جعلت له وعاء، ومحل الوعي وهو الإِدراك والحفظ